بسم الله الرحمن الرحيم
16/9/2006
لأن المشروع الذي يمثل سلطة مستبدة ، يعتبر إرادة منفردة للسلطة المستبدة ، وتفخيم لذاتها . ولكن ذلك لا يمثل شيئاً بالنسبة للأهالي ، في حالة غياب المجتمع المدني
مقدمه في الطريق نحو الديمقراطية
في الخليج العربي
العنوان أعلاه ، هو عنوان كتابنا الجديد ، إن شاء الله تعالى ، الذي انتهينا من تأليفه ، وركزنا فيه بشكل كبير ، على أهمية المجتمع المدني ، في تحقيق حلم الديمقراطية الحقيقي ، في الخليج العربي .
وقد شاركنا ببعض الأفكار المطروحة في الكتاب ، من خلال المؤتمر المنعقد في ، مملكة البحرين الشقيقة ، حول مخاطر وتداعيات الانتشار النووي ، في يومي 10 ، 11 سبتمبر 2006م ، الذي نظمه مشكورين كل من : وزارة الداخلية ، بالتعاون مع مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية .
ففي الجلسة الخامسة ، التي قمنا بإدارتها ، وهي تحت عنوان : توعية ودور المجتمع في مواجهة سياسات الانتشار النووي ، طرحنا في افتتاح الجلسة بعض التعاريف ، التي توضح مفهوم المجتمع المدني ، وهي :
أولاً : انطلقت هذه الكلمة مع أرسطو ، وراجت عند المنظرين السياسيين الغربيين ، حتى القرن الثامن عشر ، بمعنى مجتمع المواطنين الذين لا تربطهم ، علاقات التزام بمفاهيم عائلية ، أو عشائرية ، أو سياسية. بعدها فصل هيغل ، مفهوم المجتمع المدني عن مفهوم الدولة ، وتبعه في هذه الخطوة الماركسية ، الذين رأوا في المجتمع المدني ، طرفاً مختلفاً عن الدولة ، ومناقضاً لها في توجهاته السياسية . أما اليوم فالمجتمع المدني مناهض ومعارض للدولة ، التي يتهمها بالهرم والتحجر .
ثانياً : التعريف المعاصر للمجتمع المدني : هو مجتمع مستقل إلى حد كبير ، عن إشراف الدولة المباشر ، فهو يتميز بالاستقلالية ، والتنظيم التلقائي ، وروح المبادرة الفردية والجماعية ، والعمل التطوعي ، والحماسة، من أجل خدمة المصلحة العامة ، والدفاع عن حقوق الفئات الضعيفة ، رغم أنه يعلي من شأن الفرد ، إلا أنه ليس مجتمع الفردية ، بل على العكس ، مجتمع التضامن ، عبر شبكة مؤسسات . وتزداد أهمية المجتمع المدني ، وتنضج مؤسساته ، بما يقوم به من دور ، في تنظيم وتفعيل مشاركة الناس ، في تقرير مصائرهم ، ومواجهة السياسات التي تؤثر في معيشتهم ، وتزيد من إفقارهم ، وما يقوم به من دور ، في نشر ثقافة خلق المبادرة الذاتية ، وثقافة بناء المؤسسات ، وثقافة إعلاء شأن المواطن ، والتأكيد على إرادة المواطنين في الفعل التاريخي ، والمساهمة بفعالية في تحقيق التحولات الكبرى ، للمجتمعات حتى لا تترك على سلطة محددة ! .
ثالثاً : مؤسسات المجتمع المدني :
1- الأحزاب السياسية .
2- النقابات العمالية .
3- النقابات المهنية
4- الجمعيات بأشكالها الثقافية والإعلامية .. إلخ .
5- الأندية الرياضية .
حتى التعاريف أعلاه ، هناك خلاف حاد حول تفسيرها ، ولكن الإطار العام ، يدور حول المحاور الخمسة المذكورة ! .
الغاية التي نحاول أن نوصلها للقارئ الكريم ، هي بأن أي مشروع تقوم به السلطة ، سواءً كان سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي أو ثقافي أو أمني ، أو رياضي .. إلخ ، من دون وجود مؤسسات مجتمع مدني قوية ومتعافية ، فهو يعتبر مجهود عديم الفائدة ، أو ربما يحقق لأصحاب المشروع ، الحد الأدنى المطلوب من المشروع ! . أتعلمون لماذا ؟! . وأعيد مرةً ثانية وثالثة وللألف ، أتعلمون لماذا لا ينجح المشروع الذي لا يشارك فيه المجتمع المدني بفعالية ؟! .
لأن المشروع الذي يمثل سلطة مستبدة ، يعتبر إرادة منفردة للسلطة المستبدة ، وتفخيم لذاتها . ولكن ذلك لا يمثل شيئاً بالنسبة للأهالي ، في حالة غياب المجتمع المدني ، لأنه لا يمثل إرادتهم ، ولا تحقيق لذاتهم ، ولا يولد عندهم أية إشباع مادي أو معنوي ، للمشاركة لإنجاح المشاريع العامة !! . إذاً من هنا تأتي أهمية المجتمع المدني ، وسوف نقوم بمناقشة هذا الموضوع ، بشكل أوسع من خلال نشر كتابنا ، على شكل حلقات مقالية ، ومحاوره الرئيسية هي :
أولاً : أراء حول إصلاح السلطة .
ثانياً : مؤسسات المجتمع المدني .
ثالثاً : الممارسة الديمقراطية في الخليج العربي .
رابعاً : الضمان الاجتماعي لحفظ كرامة الإنسان في الخليج العربي .
خامساً: الأحزاب الإسلامية الأكثر شفافية في الحكم .
سادساً: خاتمـــة .
وأخيراً : إن كان خيراً فمن الله ، وإن كان غير ذلك فهو من نفسي ! .
وإلى اللقاء دائماً إن شاء الله