ميزان الأمن الإقليمي الخليجي

بسم الله الرحمن الرحيم

24/6/2004

نذكر في دراسة لنا منشورة في عام 2001 م ، قمنا بظمها ضمن كتابنا للعالم الإسلامي عام 2002 م تحت عنوان ” النظام الإقليمي لغربي آسيا ” .
وقلنا في تلك الدراسة لكي يكون هناك تقارب خليجي خليجي حقيقي لابد من تسوية الخلافات الإستراتيجية القائمة مابين الجانب العربي والفارسي في الخليج العربي من خلال الخطوات التالية :
1 – ايجاد تسوية جذرية لقضية الجزر العربية الإماراتية طنب الكبرى ، وطنب الصغرى ، وأبوموسى .
2 – تنسيق الأمن الإقليمي الخليجي ، مع وجود اتفاقية إقليمية لحفظ توازن التسليح الإستراتيجي في الإقليم .
3 – العمل على ايجاد آلية مناسبة لتسوية النزاعات المزمنة مابين ايران والعراق .

 4– عمل سيناريو إقليمي لأمن الخليج العربي ، تشترك فيه الكتل الثلاث المعنية مباشرة وهي دول مجلس التعاون الخليجي ، وايران ، والعراق .. ومقابل هذا التنسيق يبدأ الإنسحاب التدريجي للقوى العالمية من إقليم الخليج العربي ممثلة بالولايات المتحدة الأمريكية وبقية حلفائها .

ونفس إقتراحنا سالف الذكر لاحظناه في دراسة نشرها ملحق الوسط العدد 599 مؤخراً ، نقلاً عن كينيث بولاك مدير مركز سابان لأبحاث الشرق الأوسط في مؤسسة بروكينغز ، يطرح فيه عى الإدارة الأمريكية ثلاثة سيناريوهات كخيارات :
الأول : سحب القوات الأمريكية إلى قبالة السواحل الخليجية .
الثاني : تشكيل حلف أطلسي محلي .
الثالث : إقامة حكم مشترك ( Condominium ) .

أما بالنسبة للنقد الذي يراه بعض المحللين الأمريكيين بالنسبة للسيناريو الأول فهو كالتالي : 1 – الوجود العسكري الأمريكي الصغير ، قد يشجع ايران النووية على خوض مغامرات في المنطقة ، 2 – ربما يخفض حماس دول المنطقة لإدخال الإصلاحات الإقتصادية والسياسية الضرورية ، 3 – كما أنه يحفز دولاً أخرى كالصين على الإصطياد في المياه العكرة في وقت ما من هذا العقد .

والسيناريو الثاني يُعتقد أنه من الصعب تطبيقه على دول المنطقة ، لأن فكرة الحلف الأطلسي المحلي تستند على إقامة حلف دفاعي رسمي بين الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي ، إضافةً إلى العراق الجديد ! . أما عن هدف الحلف فيمكن إستعارة المثل الشهير الذي أطلقه اللورد اسماي على الحلف الأطلسي ” إبقاء

أمريكا في أوروبا ، وروسيا خارجها ، وألمانيا تحتها ” ،  وتطبيقه على الخليج “إبقاء أمريكا في الخليج ، والإيرانيين خارجها ، والعراق تحتها ” .

نستطيع بطريقة موجزة أن نصف السيناريوهين السابقين ، فالأول منها نرى بأنه إنقاص من سيادة دول الخليج ، أما الثاني فهو الإستعمار الجديد لمنطقة الخليج العربي على الطريقة الأمريكية ! .

ونعتقد بأن أفضل سيناريوهات كينيث بولاك التي نشرها ملحق الوسط ، هو السيناريو الثالث والمتمثل في إقامة حكم مشترك ( Condominium ) . الحكم المشترك الذي طبق في أوروبا خلال الحرب الباردة تحت شعار السيطرة على التسلح . فمنذ بداية السبعينات ، قام حلفاء الأطلسي ووارسو بإعداد جملة من ترتيبات الأمن الهادفة إلى بناء الثقة بين الطرفين وإلى معالجة المسألة الأمنية الأوروبية ككل . المفاوضات على هذه الترتيبات إستغرقت أكثر من عقدين من الزمن ، لكنها أدت في النهاية إلى إستقرار أوروبا .

وهنا يأتي التصور الذي نشره معهد بركينغز في عام 2003 م ، وهو شبيه بالتصور الذي نشرناه في عام 2001 م تقريباً ! ، وينص على إمكانية قيام الحكم المشترك في دول الخليج العربي ، من خلال ترتيبات تقوم بها الولايات المتحدة الأمريكية ، ودول مجلس التعاون الخليجي ، والعراق ، وإيران . وهذه العملية قد تبدأ بإقامة منبر أمني إقليمي يناقش كل المشاكل الأمنية ، ويتم من خلال تبادل المعلومات، وإبرام الإتفاقات . وبعدها يمكن للدول الأعضاء الإنتقال إلى مرحلة بناء الثقة ، مثل الإبلاغ سلفاً عن المناورات العسكرية ، وتبادل المراقبين … الخ .

وإنطلاقاً من هذه الترتيبات يمكن التقدم نحو إتفاقات الحد من التسلح التي ستتضمن إقامة مناطق معزولة السلاح ، وخفض متوازن للقوات من جانب كل الأطراف ، وحظر الأسلحة المثيرة لعدم الإستقرار ، خصوصاً أسلحة الدمار الشامل.

لكن مالم يتطرق له التقرير ، سنضيفه لكم .. وهو من أهم الشروط لكي يُطبق أياً من هذه السيناريوهات المذكورة سلفاً وهو الإعتراف بإسرائيل ، ونحن متأكدين لو عرضت هذه السيناريوهات على إسرائيل لن تأخذ منهم إلا ما يناسبها ،
ولكن دعونا نقول ولو جزافاً لو وافقت دول النظام الإقليمي الخليجي وغربي آسيا على جميع الشروط بما فيها قبول الإعتراف بإسرائيل كدولة في المنطقة ، ولكن الأسئلة التي تطرح نفسها :
1 – هل إسرائيل ستوافق على في النموذج المقترح للحكم المشترك وشروطه ، مثل القضاء على ترسانتها من أسلحة الدمار الشامل ؟
2 – هل إسرائيل ستوافق على قيام دولة فلسطينية موازية لها حسب تقسيمة عام 1948 م ؟
3- هل الولايات المتحدة ستترك دول المنطقة تشارك في وضع خطط التنمية الإقليمية دون ضغوط منها ،ستشاركهم الولايات المتحدة في وضع جزء أو كل برامج خطط التنمية الإقليمية ؟ .

السؤالين الأول والثاني فسوف نتركهما لكي يجيب عليهما القراء الكرام . أما السؤال الأخير ، فلفت نظرنا فقرة في مقالة لجوزيف أس ناي الإبن منشورة في مجلة ” Foreign Policy ” ، وهي في إعتقادنا تمثل إجابة مناسبة على السؤال الثالث ، حيث قال : ” منذ خمسة قرون نصح نيكولا ماكيا فيلي الأمراء في ايطاليا بأن يعملوا على إثارة الشعوب بالخوف لأن هذا الشعور أهم من الشعور بالمحبة . في عالمنا

اليوم من الأفضل التوفيق بين الإثنين على الولايات المتحدة أن تتعلم كيفية دمج القوتين الرخوة والصلبة ( التنمية والخوف ) دمجاً أكثر فعالية لكي تفوز على الإرهاب ” . طبعاً المقصود بالإرهاب العالم العربي والإسلامي .

وإلى اللقاء دائماً إن شاء الله ،،،

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *