بسم الله الرحمن الرحيم
4/10/2009
النظرية الويلسنية، قصدنا بها مبادئ الرئيس الأمريكى ويلسون سنة 1918م حق تقرير المصير (أى بمعنى إن من حق الشعوب أن تحكم نفسها بنفسها).
وهذا المبدأ ركز عليه جميع القيادات الأمريكية وهو العمل على نشر الرأسمالية والديمقراطية على مستوى العالم، وكان من أبرزهم الرئيس بوش الثانى وخاصة بعد أحداث سبتمبر 2001م كان جل إهتمامه:-
(هو إن من مشاكل العالم الإسلامى نقص الديمقراطية، واعتبر التحول الديمقراطى هدفاً رئيسياً للسياسة الخارجية الأمريكية، بناء على أسباب جيدة. فالديمقراطيات أكثر إستقرارا من الديكتوريات. والديمقراطية المستقرة تقلل الظروف التى تؤودي الى الصراع السياسى والراديكالية والعنف والإرهاب).
ولكن المتابع لتاريخ الولايات المتحدة المعاصر والحديث يرى عكس ماذكر أعلاه بشكل يكاد يكون كلى.
يقول الباحث جون سبوريتو:- (إن إستراتيجية بوش الثانى فى الشرق الأوسط هو تدعيم التحالفات التاريخية للولايات المتحدة مع الأنظمة العربية السنية الإستبدادية التى كانت سياستها القمعية مدعاة للوم فى التشجيع على التطرف،أمثال القاعدة، والآن تصف حكام مصر والأردن والإمارات الست الخليجية- وهم من أصحاب الحكم المطلق بأنهم ((زعماء مسئوولون))، لأنهم ينشؤون القوة الدافعة فى التحالف ضد إيران فى المنطقة.
طبعاً بالنسبة لنا نختلف مع السيد سبوريتو فى ما قاله أعلاه فيما يخص الدول الخليجية الست، بأنها أنظمة مطلقة، لأن هذا أصلاً النظام التقليدى القبلى السياسى الأبوي فى دول الخليج، ونحن كأجيال متعلمة جديدة فى القرن الواحد والعشرون لا نختلف مع أنظمتنا أعلاه ولكننا نحاول أن نطور آليات معاصرة للنظام الخليجى ليتواكب مع روح العصر ويساهم فى توسيع دائرة المشاركة للقاعدة الشعبية، وهو فى رأيى سيساهم فى إحياء روح الديمقراطية تدريجياً مابين النخب والقاعدة والعكس صحيح، وذلك أعتقد سيسهل إستيعاب الجميع للديمقراطية بطريقة سلمية إلى أن تصبح عندنا ديمقراطية ناضجة:-
وكنت فى عام 2007م فى برنامج وطنى الحبيب صباح الخير فى إذاعة قطر فى مقابلة مع مذيعتنا القطرية المميزة د.إلهام بدر، قلت آنذاك (إن حلقات الحوار التى تعقد فى المملكة العربية السعودية) مابين خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وكوكبة من أبناء شعبه المتعلم تعتبر من أفضل السبل لإرساء الديمقراطية فى المنطقة، لأن ذلك سيقضى على الحواجز المادية والمعنوية مابين السلطة والقاعدة، وسيساهم فى تبادل الثقة والتفاهم مابين الطرفين وبعد ذلك إن شاء الله سيكون الطريق نحو الديمقراطية فى دول مجلس التعاون الخليجى!. وتمنيت فى تلك المقابلة لو تطبق سياسة الباب المفتوح التى انتهجها الملك السعودى حفظه الله في جميع دول مجلس التعاون الخليجى!.
ولكن دعونا نعود مرة أخرى لمبادئ الويلسنية هو مبدأ تقرير المصير للشعوب فى العالم العربى. هل الولايات المتحدة الأمريكية جادة فى ذلك!؟.
يقول الصحفى اللبنانى ميشيل يونج:- (إن جدول الأعمال الأمريكي قد تغير تماماً، فالذى كان مفروضاً للعراق أن تتحول إليه قد حل محله جدول أعمال جديد كلياً، يحتوى على إيران وحلفاء إيران، لقد إنتهت المناقشة حول الديمقراطية اليوم!!).
الغريب فى الأمر إن حتى الشعوب الإسلامية لا تثق فى الولايات المتحدة الأمريكية بأنها جادة لتطبيق الديمقراطية فى العالم الإسلامى، ففى إستطلاع قام به (غالوب) فى العالم الإسلامى، شكك معظم المستطلع آرائهم (أن الولايات المتحدة جادة فى التشجيع على النظم الديمقراطية للحكومة فى هذه المنطقة).
ونحن هنا نحاول أن نختبر مدى جدية الولايات المتحدة الأمريكية فى تطبيق الديمقراطية فى العالم، من خلال دراسة تعامل الولايات المتحدة مع بعض النظم الديكتاتورية فى العالم، فمثلا بيريز جيمينيز رئيس فنزويلا عام 1954م، قلدته الولايات المتحدة الأمريكية، أرفع وسام مدنى فى الأمة، (وسام الاستحقاق الأمريكى).
ولكن من هو بيريز جيمينيز!؟.
كان ديكتاتوراً متوحشاً وفاسداً، حيث أصبحت الرشى والأفعال الإنتقامية والإغتيالات أمراً مألوفاً فى عهده. كما قام بتحديث أساليب قمعية، مستخدماً التنصت على الهواتف والمراقبة اللاسلكية والصدمات الكهربائية على المساجين من المعارضين السياسيين، كما قام الديكتاتور وبطانته بنهب الثروات العامة وإنفاقها على ملذاتهم. ففى عطلة نهاية الأسبوع، كان الديكتاتور يطير إلى جزيرة كاريبية صغيرة تدعى لا أورتشيلا ليمرح على شواطئها برفقة حسناوات فنزويليات عاريات.(وعندنا أمثلة كثيرة على ذلك حتى من العالم العربى والإسلامى,وتهتم الولايات المتحده بدعمهم!!).
ولكن الأمر المدهش هو عندما تقوم الولايات المتحدة الأمريكية بمحاربة أنظمة منتخبة ديمقراطياً والأمثلة على ذلك كثيرة ومنها:-
أولاً: الجمهورية الإسلامية الإيرانية:-
فى الإنتخابات الإيرانية عام 2005م، حصل الرئيس محمود نجاد 17.248.782 صوتاً أى نسبة 61.69% من أصوات المقترعين مقابل حصول الرئيس رافسجانى على 10.034.489 صوتاً أى نسبة 35.92% من أصوات المقترعين الذين بلغ عددهم 27.959.254 مقترعاً يشكلون بدورهم نسبة 59.7% من عدد الناخبين البالغ عددهم 46.8 مليون ناخب وناخبة.
– إذاً النتائج أعلاه تمثل إرادة شعب، وهذا يمثل جزء من مبدأ تقرير المصير الويلسنية (الأمريكية).
ثانياً: فنزويلا:-
فى عام 1998 فاز هوغو تشافيز فى الإنتخابات على منافسته بفارق كاسح 56% من الأصوات مقابل 40% من الأصوات لمنافسته. وفى سنته الرئاسية الأولى، دعا تشافيز لعقد إجتماع دستورى وساعد بنفسه فى إعادة كتابة الدستور ثم راقب المصوتين وهم يوافقون عليه بنسبة 72% مقابل 28% من الأصوات.
وعند محاولة خلعه، فاز تشافيز بفارق واضح فى إستفتاء 2004م بنسبة تصل إلى 59% من الأصوات مقابل 41% فى تصويت حر ونزيه امتلك فيها المقترعون فرصة غير عادية لخلعه عن منصبه قبل إنتهاء مدة ولايته الدستورية. وأتبع ذلك بنصر كبير آخر فى عام 2006م الذى منحه 6 سنوات أخرى كرئيس لفنزويلا.
– إذا النتائج أعلاه تمثل إرادة شعب، وهذا يمثل جزء من مبدأ تقرير المصير الويلسنية (الأمريكية).
– ومن هنا نحن نستغرب، لماذا الولايات المتحدة الأمريكية تدعم تقرير المصير للشعوب (الديمقراطية)؟. وفى نفس الوقت تتهم بمحاربة أنظمة تمثل إرادة الشعوب!؟. وتدعم أنظمة ديكتاتورية!؟ هل يعقل ذلك!؟.
– الإجابة سأتركها لمشاركتكم الكريمة إذا رغبتم فى ذلك!!.
وإلى اللقاء إن شاءالله