فلسفة النظم

بسم الله الرحمن الرحيم

6/6/2004

النظام هو مجموعة من التشريعات وضعها الإنسان ليضمن التعايش القهري ، ومع التطور سمي بالسلمي ما بين المجموعات البشرية المختلفة 0 والنظام يقوم دائماً على

الترغيب والترهيب ، ويقيس المحللون السياسيون كفاءة النظام من خلال الآلية التي يتحكم فيها في قياس ميزان الترغيب والترهيب ، وطبعاً هذين المفهومين يختلفان عند عالم الجنوب

مقارنةً بعالم الشمال ، وفي الأنظمة الديمقراطية مقارنة بالأنظمة الغير ديمقراطية ، وعند الأنظمة الدينية عنها بالنسبة للأنظمة اللادينية 0 فعلى سبيل المثال أول تنظيم لآدم بعد أن خلقه اللّه

سبحانه وتعالى قال له   وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة ، وكلا منها رغداً حيث شئتما ، ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين  صدق اللّه العظيم 0 ولكن آدم عليه السلام خالف

القاعدة التشريعية التي وضعها له النظام الإلهي ، ونتيجة ذلك صدر عليه حكم بالعقوبة وأنزله المولى عز وجل إلى الأرض ، ورغم العقوبة أعطاه الفرصة لكي يعود إلى الجنة 0 والدليل

على ذلك الآية القرآنية التالية   قلنا اهبطوا منها جميعاً ، فإما يأتينكم مني هدى ، فمن تبع هداي فلا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون  صدق اللّه العظيم 0 إذاً ، إذا كانت المدارس المختلفة قد

رصدت وجود للإنسان قبل مليوني سنة ، وكان يقول روادها بأنه كان يتجول في جماعات كالبهائم ، فإنه بالنسبة لنا كمسلمين فالآيات السالفة الذكر تعطينا معنيين وهما  الأول  بأن الإنسان

منذ خلقه المولى عز وجل أعطاه العقل 0 الثاني  بأنه خضع لتنظيم محلي في الجنة فخالفه ، فأنزله المولى عز وجل إلى الأرض 0 ومن هنا بدأ انطلاق التنظيم البشري وتطور من خلال

محاوره الأربعة المعروفة  (1) نظام محلي ، (2) نظام إقليمي ، (3) نظام دولي ، (4) نظام عالمي 0 ونجد أن هناك عدة مدارس حاولت وضع بعض التعريفات لمصطلح نظام ومنها ، اناتول

رابر بورت ” بأن النظام هو المجموع الذي يعمل ككل ، نتيجة الاعتماد المتبادل بين الأجزاء ” ، ويرى مورتن كابلن بأنه ” مجموعة النماذج والقواعد المترابطة التي تحكم عمل العلاقات بين

الدول وتحدد مظاهر ومصادر الانتظام فيها خلال فترة زمنية معروفة ” 0

ولو حاولنا رصد المراحل التي تطور فيها التنظيم البشري لوجدنا التالي  (1) الجمع والالتقاط (2) الرعي (3) الزراعة (4) التعدين (5) الصناعة (6) ثورة المعلومات 0

ولو توقفنا بدقة وقلنا متى نشأت الدولة لوجدنا أنها نشأت منذ المرحلة الثالثة وهي مرحلة الزراعة وهذا واضح للعيان من خلال الحضارات القديمة في الشرق الأوسط فنجدها تركزت على

المجاري المائية الدائمة مثل بلاد الرافدين التي نشأت فيها حضارة سومر واكاد وبابل والكاشيون والآشوريين والكلدانيين ، ومنطقة سواحل الهلال الخصيب نشأت فيها حضارة الكنعانيين

والفينيقيين ، وحضارة وادي النيل الفرعونية 0 وبعد نشوء هذه الأنظمة المحلية بدأت تتعرض لصراع الفطرة البشرية ما بين الأخضر والأصفر ، ويقصد بالأخضر أهل الزراعة الذين نشأ

فيما بينهم تنظيم ما، وأدى هذا التنظيم إلى نشأة الدولة الأولى في التاريخ ، وما بين الأصفر وهم يمثلون قبائل الرعاة الذين يمثلون الهجوم في هذه الحالة ، وهذا الهجوم يتم لأحد هذين

السببين  (1) أما للتفاخر القبلي وهو من يحقق أكبر غنائم من خلال عمليات الغزو والفتوحات وهو في الحقيقة السطو والهلاك 0 (2) يتم هذا العمل بالنسبة لبعض القبائل الرعوية في

حالات الجدب، فيجدون بأنه لا يوجد عندهم خيار إلا غزو الأخضر 0 والمهم أن ذلك يعطينا بأنه يوجد لعبتين في هذه الحالة الأولى من خلال التنظيم الذي نشأ ما بين أهل الأخضر وأعطاهم

نموذج ابتدائي لنشأة الدولة ، والثاني التنظيم القبلي لقبائل الرعاة 0 ولكي تستمر الحياة لابد من وجود لاعبين ولعبة أو العاب وتوازن 0 وطبعاً في هذه المراحل تمت عدة اجتهادات

لترويض قبائل الرعاة ، واللاعبين في هذه الحالة سلاطين الأخضر وزعماء القبائل ، واللعبة هو توزيع الأدوار ما بين القوى ، والنتيجة هي حدوث تحالف من خلال لعبة التوازن بحيث

تتحالف بعض قبائل الأصفر مع قبائل الأخضر ، وأصبح دور الأخضر الإنتاج ودور الأصفر الحماية ، ولكن لاحظنا بأن الأصفر أصبح يمثل القوة أو أداة القمع مما جعل بعض قبائل الأصفر

يصلون إلى الحكم 0 ومن هنا صرخ ابن خلدون في العصور الوسطى وقال الأخضر صناع حضارة والأصفر يحكمون 0 ولكن بعض حكماء السياسة ابتكروا أسلوباً جديداً للإدارة العملية ،

وهو من خلال نظرية الشيء وضده ، أي التحالف مع قبيلة واحدة يعني اخضاع الأمة لسلطة فريق واحد ، والتحالف مع قبيلتين من الأصفر خلق ثنائية غير مستحبة ويسمى اختلال التوازن

، وأفضلها تعددية التحالف بحيث تكون الوسيلة لكل قبيلة هو الإثبات من هو صاحب الشوكة والأجدر لحماية الأمة ، وذلك يمثل صراع معنوي ضخم تقدم فيه تضحيات تقارن بالمعجزات ولا

تقدر بثمن اطلاقاً ، وفي هذه الحالة تتحقق الغاية المطلوبة وهي حماية الأمة من غزوات الأصفر ، وبدل أن يهلك الأصفر الحرث والنسل أصبح صراعهم فيما بينهم 0 ولكن مع حراك الأجيال

أصبحت شريحة كبرى من أبناء الأصفر ، جزء من الأخضر لأن جميع أهل الأخضر كانوا من الأصفر أصلاً ، فإذاً في هذه الحالة لابد من تنظيم جديد ، ويمثل ذلك مرحلة جديدة من تطور النظام

المحلي ، وبدأت تظهر نظام الطبقات الإجتماعية من ناحية وظيفية ، وعموماً جميعها يدور حول هذا المنوال مع الاختلاف في التوزيع ، وذلك يمثل  (1) الحكام (2) النبلاء (3)

البورجوازيين (4) الفلاحين (5) الأجانب (6) الرعاة (7) العبيد 0 عموماً هذه الطبقات استمرة بحالة استاتيكية وساكنة كأن المولى عز وجل خلق الدنيا هكذا إلى أن أصبح على سبيل المثال

بأن البورجوازي خلق بورجوازي كما خلق اللّه سبحانه وتعالى القرش في البحر ، والراعي خلق راعي كما خلق الذئب ، والعبد خلق عبداً كما خلق الجمل 00 إلخ 0

ولكن هذا الميكانيزم تغير مع مرور الزمن ، وأصبح يتطور بطريقة ديناميكية كأن يوم القيامة سوف يقوم غداً 0 فانتبهت بعض المدارس الفكرية في السلطة لذلك فقامت تصنع

وتبتكر طبقات من ضمن نفس الطبقات ، بحيث أصبح بطريقة أخرى مثلاً درجات النبلاء ودرجات البورجوازيين ، ودرجات الأجانب ، ودرجات العبيد ، أي بمعنى آخر شغلوهم بأنفسهم،

وبدأت السلطة تتحرر من الضغوط السابقة التي شكلها عليها النظام الثوري ، لأن كل شخص أصبح عنده طموح يبحث عن وضعه من ضمن طبقته وهذا خلق ستاتيكية جديدة كأن الزمن خلق

لكي لا يتغير ، بحيث حتى أمبراطور فرنسا قبل الثورة ، عندما كان مجتمعاً مع الفنان ليناردو ديفنشي لكي يطلع الملك على بعض تصاميمه ، فأتى مسئول البروتوكول وقال للامبراطور “

سيدي النبلاء ينتظرون قدومك في قاعة الاجتماعات ” فقال الامبراطور للموظف ” سوف أأتيهم بعد برهة ” ، ولكن الامبراطور تأخر لساعات ، فقدم الموظف مرةً أخرى وذكر الامبراطور

بالاجتماع ولمح الموظف للامبراطور بأن النبلاء وصلوا إلى درجة من الامتعاض ، وذلك أدى إلى غضب الامبراطور وقال لموظفه اغرب عن وجهي فهؤلاء النبلاء أنا الذي صنعتهم ، ولكن

هذا ويقصد ديفنشي صنع لي هذا ويقصد تصميم ديفنشي 0 وهذا يعطينا دليل بأن السلاطين كان ينتابهم شعور بأن الزمن قد توقف وبأن الطبقات قد ثبتت ، وبأن الإنسان انتهى دوره في

التغيير ، بل انتهى دوره ككائن عضوي أيضاً 0 وبدأت تتصور الأنظمة المحلية بأن القوانين التي وضعت ، وتوضع ، والتي سوف توضع كانت وبقيت وستبقى تسير الإنسان ، وهي من خلال

مراحل القوانين المختلفة مثل  الحق الإلهي ، مرحلة القوة ، ومرحلة العرف، مرحلة تدوين القوانين وتمثل  حامورابي ، وبوخريس ، واداركون وصولون وكليستان ، وجوستنيان ،

والأنظمة الدينية مثل الأنظمة الإسلامية ، القانون الإنجليزي ، والقانون الفرنسي 00 إلخ ، من التشريعات 0 وهذه التشريعات من جهة استطاعت أن توفر للإنسان الأمن المحلي والعمل

المتواضع والغذاء 00 إلخ 0 ولكنها أصبحت حجر عثرة أمام الفكر والإبداع والعطاء البشري ، لأن كل خطوة يريد أن يخطوها ابن آدم يجب أن يكون لها تشريع ، وإذا لم يوجد فعليه أن

ينتظر لمدة مائة عام ، أو مائتين عام أو أكثر إلى أن يوجد تشريع لذلك، وطبعاً ذلك ممكن أن يتحقق من خلال تعاقب الأجيال ، وهذا أيضاً مرفوض وضرباً من الخيال لكي يتحقق لأن كما

نعرف جميعاً بأن المكان ثابتاً بشكله متغيراً من خلال الحراك البشري عليه0 ولكن الاستاتيكية القاتلة لم تستمر أيضاً ، بل اعقبتها ثورات اقتصادية وسياسية مثل التطور الاقتصادي من الرق

إلى إقطاعي إلى حرفي ، إلى رأسمالي ، إلى مختلط ، ومن الناحية السياسية قوة الفرد ، إلى الارستقراطية ، إلى الديمقراطية بتقسيماتها المعروفة 0 وهذا أدى إلى وجود تنظيمين ثنائي

القطبية في العالم النظام الاقتصادي الرأسمالي ذو الفكر الليبرالي في الحكم ، والنموذج الاقتصادي الاشتراكي ذو الفكر المركزي الشيوعي 0 وهذا التصور لنماذج النظم من ناحية

اقتصادية وسياسية جعل المفكرين يركزون في تاريخ النظم من النواحي التالية  (1) التيوقراطية ( الحق الإلهي ) 0 (2) الديمقراطية ( المشاركة الشعبية)0 (3) المرحلة الاجتماعية 0 (4)

التطور التاريخي للدولة 0 وبالتالي التطور الحديث بدأ يعطينا تصور آخر للمجتمع بحيث أصبح بعض المنظرين يصورون المجتمع إلى مجتمعين سياسي وغير سياسي ، رغم اتفاق جميع

العلماء بأن السياسة من حق الجميع كالهواء والماء 0 ولكن حتى في العصر الحديث لم يسلم ابن آدم من عملية تلاعب المخططين السياسيين للمجتمع، فنلاحظ الفكر وضع تصور للاعبون

من ناحية شخصية بحيث قسمهم كالتالي  لاعب أصلي ، ولاعب مشارك ، ولاعب فرعي ، وأخيراً الغوغاء 0 ويعتبر الغوغاء هم القطاع الذي يمثل القاعدة الشعبية للاعبين ، إذ ربما يثار

سؤال ( ماذا عن الخارج من أصول اللعبة ) ؟ ، طبعاً الإجابة هي بأنه يعتبر معارضة ، ولكن المعارضة لم تترك على إطلاقها بل أصبح هناك تخطيط لها  أولاً  تتعرض للتعتيم التام 0 ثانياً

تحارب اقتصادياً ووظيفياً 0 ثالثاً  من يخرج من عنق الزجاجة يفتعل له صراع مع عناصر المعارضة الأخرى مثل التيوقراط ضد الليبراليين ، الرأسماليين ضد الاشتراكيين 00 إلخ 0 وهذا

يعطينا تصور بأن المعادلة الصفرية بدأت تستخدم ضد الأفراد أيضاً ، وأستطيع أن أقول لكم بأن المخطط الذي يستخدم المعادلة الصفرية هو نفسه يمر في مرحلة حرجة لأنه لا يوجد عنده إلا

خيارين لا ثالث لهما ، وهم أولاً  استخدام المعادلة الغير صفرية ، وهي تقوم على اضعاف الخصم والاحتفاظ به في الملعب ، ثانياً  المعادلة الصفرية وهي تقوم على سحق الخصم وفي هذه

المرحلة يكون المخطط في اسوأ حالاته لأنه لم يستطع أن يسيس العملية لأن جميع أصول اللعبة أصلاً موجودة في كفه ، ولا يوجد عند الخصم إلا الإرادة فقط 0

ومن هنا انفجر فكر حديث يحلل المدرسة الإسلامية السياسية في العصور الوسطى ، فبعض الآراء ترى بأن الخلافة الإسلامية في عهد الفاروق عمر بن الخطاب رضي اللّه

عنه كان يوجد فيها ابداع سياسي استطاع من خلال المحافظة على ابقائه على أصول اللعبة في قيادة الدولة الإسلامية ، ويعود ذلك إلى عنصرين رئيسيين  (1) في المدينة المنورة ومكة

المكرمة كان يوجد فيها هيبة كبيرة للفاروق رضي اللّه عنه ، (2) في الولايات الإسلامية حرص الفاروق على الاحتفاظ بكبار الصحابة عنده لكي يستنير بآرائهم في إدارة الدولة الإسلامية ،

ولكن المدارس الأخرى ترى أن ابداع الفاروق السياسي ، هو ببقائه كبار الصحابة عنده في المدينة تحت نفوذه وذلك يعود لأمرين حتى لا تغويهم الدينا ، والآخر سياسي ، هو حتى لا تجذبهم

نشوة السلطة بالاستقلال بولاياتهم عن المركز في المدينة المنورة ، وخاصة أن شعور كبار الصحابة بأنهم لا يقلون عن الفاروق رضي اللّه عنه لا من حيث القرب من الرسول ص ولا من

حيث العلم ولا من حيث النسب ، بل بعضهم كان يعتبر نفسه أحق من الفاروق عمر بالخلافة رضي اللّه عنه وعنهم أجمعين 0 وعكس ذلك نجد المخطط السياسي أضاع أصول اللعبة في عهد

عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب رضي اللّه عنهما ، وذلك أدى إلى نشوء نزاع مهلك ما بين الصحابة والتابعين رضي اللّه عنهم أجمعين 0

والمثال الآخر معاصر وتطرقت له منذ فترة قريبة في جريدة الراية القطرية ، بحيث قلت بأن بوش الأبن عندما وجد نفسه ضعيفاً في قيادة الأمة الأمريكية ، ذهب واستعان

بشكل كبير بالمدرسة الكلاسيكية الجمهورية للجمهوريين ممثلة بقادة المرحلة الزمنية للعقود الثلاثة الأخيرة من القرن العشرين وهم السيد تشيني والسيد كولن باول ونجد ذكاء المخطط

السياسي في هذه المرحلة بأن تشيني كبير السن نسبياً ويعاني من مشاكل صحية ولكنه محنك في إدارة دفة النظام السياسي العالمي ، وخاصة التصور الذي وضعه بوش الأب للعالم والذي

اسماه قبل عقد من الزمان بالنظام العالمي الجديد ، وكولن باول كبير السن أيضاً وذو خبرة جيدة في السياسة العالمية وخاصة من خلال مبدأ نظرية القوة 0 فتصوراتي في ذلك بأن بوش

الأبن من خلال المطبخ السياسي لآل بوش ، يوجد عندهم برنامج ، وربما لمدة سنتين لتحقيق تصورهم الجيوبولتيكي العالمي ، وفي السنة الثالثة فعليهم أن يستعدوا لتشكيل فريق آخر من

اللاعبين الشباب للاستعداد لكسب الانتخابات الأمريكية في عام 2004م ، وسوف يكون شعار هذا الفريق هو التركيز على النظام المحلي الأمريكي من خلال دغدغة مشاعر الغوغاء كما

يسميهم خبثاء علم السياسة ونحن نسميهم الناخبين الأمريكان الأبرياء من خلال الوعود الاستهلاكية رغيف لكل جائع ، ومدرسة لكل طفل ، وسرير مستشفى لكل مريض ، ومصحة لكل كبير

في السن 00 إلخ 0 ومن خلال تجديد الوجوه وتغيير أصول اللعبة احتمال كبير أن يبقى آل بوش في البيت الأبيض إلى 2008م ( وهذا التصور الأخير أرجو بأن يسجل للتاريخ ونذكره كل

سنتين من الزمن إذا أمد اللّه لنا وياكم ) 0

ربما يثار سؤال في خاتمة النظام المحلي ، بأن السيطرة على المجتمع منذ فجر التاريخ تمت من خلال التقسيمات الاجتماعية فهل مازال للتقسيمات الاجتماعية وجود الآن ؟

وأقول لكم نعم موجودة وأبع مما كانت عليه سابقاً ، بل أن بعض المحللين قسم التنظيم الاجتماعي المعاصر بمسمى قاعدة القمع والارهاب من خلال

1- التنظيم والقانون  وذلك من خلال القانون الخاص المدني والعام الإداري والجنائي ، فينتابك شعور من خلال هذه القوانين بأنك تملك كل شيء ولكن في الحقيقة فأنت مسجون

ومكبلة يداك من خلال قيود تسمى النظم والقوانين ، رغم أنك تعيش في الفضاء الخارجي 0 وإذا أردت أن تتأكد بأن يداك محكومتان الوثاق انظر إلى الأشخاص المستثنين من القانون

2- الأمن  أصبح هناك تقسيمة حديثة لأجهزة الأمن في كل العالم وذلك لأن الأنظمة لا تثق في هذه الأجهزة ، فنجد لهذه الأجهزة عدة مسميات مثل مخابرات محلية ودولية مثل في

الولايات المتحدة والمملكة المتحدة CIA و FBI و MI5 و MI6 00 إلخ ، ومباحث وأمن دولة واستخبارات والشرطة بمفهومها التقليدي والجيش بفروعه المختلفة ، وللأسف الشديد

بسبب العزل الكبير الذي تعيشه هذه الطبقة من ناحية مادية وأيديولوجية وإجتماعية ، يعطيها زخم بأنهم من أصول اللعبة ، وبأنهم قمة الهرم بالنسبة للمجتمع ، ويبقى هذا الخيال المخملي

يراودهم إلى أن يبلغوا من العمر عتيا فيكتشفوا الحقيقة بأن كل ما كانوا يعتقدوا بأنه من أصول اللعبة كان فقط أدوات تمويه معنوي لدعمهم للاستمرار في خدمة اسيادهم ، وبأنهم لا شيء ،

ويعتبرون صفر من الشمال ، وينطبق عليهم البيت العربي الأصيل القائل

احفظ ادبشك اللي عن الناس مغنيك اللي إلى بان الخلل فيك يرفاك

3- التقسيم الاقتصادي للطبقة الاجتماعية  يبقى المسكين يتعلم إلى أن تبيض عيناه ، وكله طموح بأنه سوف يكافئ بعد التخرج بحياة كريمة ، وسوف يصبح عنصر فعال في

المجتمع، وغاب عن ذهن أخي المكافح بأن هناك تقسيمة اجتماعية ، وسوف يقوم مخطط اللعبة باعطائه الدور الذي يراه مناسباً له وليس الدور الذي يستحقه ، والأسوأ من ذلك بأن حتى

المواطن في العالم الصناعي يعاني من هذه الكارثة من خلال التصور البريطاني الرأسمالي لأصحاب الياقات الزرقاء وأصحاب الياقات البيضاء ، وفي الاتحاد السوفيتي السابق الحكومة

المركزية والبروليتاريا ، وفي عالمنا المتخلف من خلال كبار الموظفين ، والموظفين المتوسطين ، وصغار الموظفين 0 ويبقى الغلابة من سن 15 سنة إلى70 سنة يدورون من ضمن هذه

الحلقة المفرغة وكأنها قدرٌ محتومٌ عليهم ، ويبقون يتهامسون فيما بينهم كالابل التي تعاني من الهلاك وتوجد في المحل، بحيث تهمس كل واحدة منهم إلى الأخرى بأن الغيث سوف يأتي لا

محالة ، وهم في انتظار الغيث أن يأتيهم ، وكل برهة وأخرى إحدى الجمال تقضي نحبها بينهم ، ويتبع ذلك الصمت الرهيب الذي لا يخلو من الأمل  وهو يمثل طبيعة الجمل العربي الأصيل 0

4- ديمقراطية ( مشاركة شعبية ) حياة نيابية ناضجة في دول الشمال وخاصة أوربا الغربية والولايات المتحدة وكندا واليابان ، أما ما تبقى فهي حياة نيابية صورية ، وحتى لو

كانت المجالس منتخبة ، ويمكننا مراقبة ذلك من خلال التشريعات والقرارات التي تتخذها هذه المجالس في العالم النامي ، أما وسائل الإعلام فهي ذات حرية ظاهرية ومعظم قادة الوسائل

الإعلامية معينون من السلطات في العالم النامي ، وذلك مما يجعل قراراتهم حذرة ودورهم هامشي 0

هذا هو تحليل مقتضب لتقسيم الطبقات في الأنظمة المحلية في العالم مع التركيز على دول العالم النامي 0

ولا نقول وداعاً بل إلى اللقاء دائماً إن شاء اللّه تعالى

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *