حوار حول علاقة الأصوليين بالعنف

بسم الله الرحمن الرحيم

6/6/2004

* الاستفسار الأول : ما هي الأسباب التي دفعت الجماعات الأصولية للتحرك في     الأردن والسعودية وسورية مؤخراً وفي هذا التوقيت بالذات؟0

عندما يطرح مثل هذا السؤال ، بالتأكيد لن نستطيع أن نجد له اجابةً واحدة شافية0 ولكن ربما هنالك مجموعة من العوامل المباشرة والغير المباشرة تؤدي في النهاية إلى مثل هذا الانفجار 0 فالمواطن العربي والمسلم يعاني من الفقر والتهميش والجهل والمرض ، وعندما يصل الإنسان إلى هذه الحالة من اليأس فإننا علينا أن لا نستبعد أية ردة فعل سلبية من الإنسان المقهور  0

وقبل أن نخوض في عمق الموضوع يجب علينا أن لا ننسى بأن أجهزة المخابرات أحياناً عندما تعجز عن مواجهة تنظيم معين ، ويُصبح التنظيم ذا أرضية شعبية كبيرة ، في هذه الحالة يشعر جهاز المخابرات بالخطر ، فيقوم بعملية نسميها في السياسة استراتيجية افتعال أزمة 0 أي يقوم جهاز المخابرات ببعض العمليات التخريبية وينسبها مع قرائن قوية للتنظيم ، وطبعاً يفترض أن هذه العمليات موجهة ضد المدنيين وربما بعضهم من المؤيدين للتنظيم ، وطبعاً لو نجحت أجهزة المخابرات في ذلك فإن النتيجة ستكون فقدان التنظيم لشعبيته تدريجياً ، إلى أن يصبح مهمشاً بشكل كامل0

* طبعاً ما ذكر اعلاه يبقى فرضية جدلية  0

ولكن ربما تكون من العوامل المباشرة في الدول أعلاه ، ونضيف لهم تركيا والباكستان ، يعتبر انبثاق للنكبات التي يعانيها المسلمين وتفاقمت للأسف في القرن الأمريكي  القرن الواحد والعشرين  ومنها :

1- بعد الاعتداء والاحتلال الأمريكي الغير مبرر لدولة أفغانستان والعراق ، أصبحت المنطقة في حالة سيولة سياسية وأمنية ، ولا نستغرب أن يكون رد الفعل عنيفاً ، ويجب أن نفرق ما بين ردتي الفعل فإذا كانت ضد العدو المحتل فذلك في القانون الدولي يسمى مقاومة شرعية ، أما إذا كان ضد المدنيين في دول آمنة ، وحتى لو كانوا أجانب ودخل هؤلاء الأجانب بالطرق الشرعية في الدول الآمنة ذات السيادة وتعرّض هؤلاء الأجانب للعنف ، فذلك بالفعل يعتبر ارهاباً ومحرماً في عقيدتنا الإسلامية السمحاء ، وفي الأعراف الدولية بشكل عام 0

2- عدم وجود برامج سياسية واقتصادية واجتماعية واضحة في الدول العربية والإسلامية ، ذلك أدى إلى ضياع أفغانستان والعراق ، ومحاصرة الصهاينة لاخواننا في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، ونتيجة ذلك ولد كثيراً من القهر عند قطاعات شبابية كبيرة في العالم الإسلامي ، وفقدان الثقة في الأنظمة القائمة ، الأدهى والأمّر من ذلك هو عدم توفر الديمقراطية أو المجتمعات المدنية المتعافية والتي تشكل القنوات الصحية لهذه القطاعات الشبابية للتنفيس عن الضغط القهري الذي يقع عليها ، وبالتالي لا نستغرب أن تكون ردة الفعل سلبية ، وأحياناً تكون عنيفة من بعض الشباب الإسلامي  0

* ما الأهداف التي تسعى إليها الجماعات الأصولية ؟ هل هي مرتبطة بالأوضاع في فلسطين والعراق أم لأسباب داخلية في تلك الدول ؟ 0

أنتم قلتم في البداية الجماعات الأصولية ، ونحن أصبحنا في هذه الأيام نستشف من كلمة الأصولية الجماعات الإسلامية ، وإذا كانت أعمال العنف الأخيرة قامت بها جماعات إسلامية بالفعل ، فذلك يعني بأن هذه الجماعات لها أهداف متعددة ، وتؤدي في النهاية إلى استراتيجية واحدة 0 فالأهداف منها مثلاً تغيير الأنظمة المحلية ، وطرد القوات الأجنبية الموجودة في بعض الدول الإسلامية ، وكذلك بسبب ما يحدث لإخواننا في فلسطين والعراق وأفغانستان ، والهجوم الشرس الذي حدث على العقيدة والثقافة الإسلامية في معظم الدول الإسلامية ، وفي النهاية هذه الأهداف تتبلور عند بعض الجماعات بعالمية الإسلام ، أو على أقل تقدير هو إقامة دولة إسلامية في بعض أجزاء العالم الإسلامي في المرحلة الأولى ، وهذه المرحلة ستعقبها مراحل مثل حلم الحزام الأخضر الذي يمتد من أفغانستان إلى دول شمال أفريقيا ماراً ببعض الدول الأوربية 0

* ما مسئولية الاحتلال الأمريكي للعراق ومشاريع الإصلاح عن تزايد العنف لهذه الجماعات ؟

هذا الاستفسار سيساعدنا في تلخيص الموضوع كاملاً 0 فالسبب الرئيسي لكل ما يحدث للمنطقة هو الولايات المتحدة الأمريكية وذلك يعود للتالي :

1- أمريكا لم تقدم خطة فعالة لحل القضية الفلسطينية علماً بأن مفتاح القضية كاملاً موجود في واشنطن  0
2- أمريكا بعد انتهاء الاحتلال السوفيتي لأفغانستان عام 1990م لم تقدم أية مساعدات للثوار الأفغان لكي يعيدوا تنظيم أنفسهم ووطنهم  0
3- أمريكا بعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية عام 1988م لم تقدم أية مساهمات للنظام الإقليمي الخليجي العربي لكي يستطيع اعادة صياغة نفسه بعد انتهاء الحرب ، بل تركت المنطقة في حالة من التوتر الإقليمي انتهى باحتلال العراق للكويت في أغسطس 1990م 0 وهذا الاحتلال كان يعتبر كتفويض شرعي لأمريكا لكي تتدخل في شؤون المنطقة بشكل مباشر بعد أن كانت سابقاً في الخفاء  0 وطبعاً الجميع يعلم ما حدث بعد ذلك إلى أن وصلنا إلى هذا الحال في مايو 2004م ، والبقية تأتي  0

وإلى اللقاء دائماً إن شاء اللّه ،،،

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *