6/6/2004
الذي أثار هذه الفكرة توقف وإيقاف أو مضايقة بعض الكتّاب القطريين ، إلى أن أدى ذلك إلى ابتعاد بعضهم عن الكتابة 0
وهذا الأمر غريب بالفعل ونحن البلد الذي تنطلق منه قناة الجزيرة التي تحمل شعار الرأي والرأي الآخر 0 والأهم من قناة الجزيرة هو المادة رقم (48) في دستورنا الدائم والتي تنص على حرية الصحافة والطباعة والنشر مكفولة ، وفقاً للقانون 0 ودستورنا الدائم أعطانا هامش جيد من الديمقراطية ، والديمقراطية بمعنى آخر هو توسيع قاعدة المشاركة الشعبية ضمن الحدود التي ينص عليها الدستور 0
والمشاركة الشعبية الفعلية لن تأتي إلا من خلال سلطة رابعة قوية ، ولكي يكون عندنا سلطة رابعة قوية لابد من مشاركة الكتّاب المواطنين ، ومن خلال مشاركة الكتّاب المواطنين سيقدمون للمواطن التحاليل التي تتناول أداء السلطات الثلاث من خلال مقالات يومية أو أسبوعية 0
وكلما زادت الأقلام المواطنة كلما زادت الوجبات الفكرية ويُسهل على المواطن أن يختار ما يناسبه من الأفكار 0
وبالنسبة لنا في دولة قطر فإننا نمثل أصغر دولة عربية من الناحية السكانية ، وذلك يعني بأننا من أصغر دول العالم من ناحية سكانية 0 وذلك يعني بأن الإنسان يمثل بالنسبة لنا عملة نادرة ، وإذا كان الإنسان نفسه يمثل عملة نادة 0 إذاً ماذا تمثل المواهب بالنسبة لنا ؟ 0
وأقول لكم كأستاذ جامعي نعم يمكننا أن نخرج سنوياً العشرات من حملة الدكتوراة ، والماجستير ، والمئات من حملة البكالوريوس في جميع التخصصات الأكاديمية 0 ولكن كم عدد الكتّاب الذين نستطيع أن نخرجهم سنوياً ؟
ونحن نؤكد لكم بأن تخريج الكتّاب صعب جداً أو شبه مستحيل 00 لأن ذلك يعتمد على قدرات شخصية وفنية لا تلقن في القاعات الأكاديمية ، وهذه القدرات مثل: أولاً : الموهبة ، ثانياً : الثقافة ، وثالثاً : التفاعل اليومي مع الأحداث 000 إلخ 0
ويمكن أن نطرح جميعنا سؤالاً ونقول فيه : كم العمر الزمني للصحافة القطرية ؟
وسوف نجيب جميعنا بأن عمرها يزيد بشيء بسيط عن ثلاثة عقود من الزمن0
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه كم هم كتّاب المقال اليومي القطريين في الصحافة القطرية ؟
نعتقد بأن الجميع سوف يجيب بأنهم أقل من عدد أصابع الكف الواحدة ، ففي الراية الأستاذ عبد اللّه العمادي ، وفي الشرق الأستاذ جاسم صفر ، وفي الوطن الأستاذ جابر الحرمي 00 إلخ 0
إذاً بالفعل نحن نعاني من مشكلة كتّاب المقال اليومي والأسبوعي من المواطنين القطريين 0 ونعلم كذلك جيداً بأنه من الممكن أن يفضي البعض ويقول نستطيع أن نغطي هذا العجز من خلال استقدام الأخوة العرب لممارسة العمل الصحفي 0 وربما تراودهم هذه الفكرة مثل : استقدام الأساتذة والأطباء والفنيين واللاعبين والأيدي العاملة الأجنبية 0
وتعليقنا على ذلك بأنه بالفعل قد استفدنا بشكل كبير من خلال استقدام الخبرات العربية والأجنبية في التخصصات المختلفة من الخارج 0 ومن هؤلاء الإعلاميين والصحفيين العرب بالفعل استفدنا منهم ، وتعلمنا على أيدي بعضهم ، ومازلنا محتاجين لخبراتهم 0
ولكن نعتقد بأن القضايا الوطنية القُطرية البحتة لا يستطيع أن يثيرها ويناقشها ولا أبناء القُطر أنفسهم لما لها من حساسية عندما يتدخل فيها الضيف 0 وعندما يتدخل الضيف للتحدث عن قضية قُطرية دائماً يلتزم الحياد أو إظهار الوجه الإيجابي من القضية ، وغالباً ما يتجنب الضيف الخوض في قضايا محلية 0
وهذا بالفعل ما سوف نعملهُ نحنُ القطريين لو كتبنا في الصحافة المصرية أو الأردنية أو السورية عن قضية خاصة بهم ، في البداية سنحاول نتجنب الكتابة عن قضاياهم المحلية ، ولو اضطررنا سنلتزم الحياد في المعالجة أو ابراز الوجه الإيجابي من القضية 0 0 0 متبعين في ذلك مبدأ البيت العربي :
ومن لم يجامل في أمورٍ كثيرةٌ يغرس بانيابٍ ويوطأ بمنسم 0
إذاً قضايانا المحلية لن يستطيع أن يكتب عنها بموضوعية وبدون حساسية إلا الكتّاب القطريين ، وكلما شجعنا الكتّاب القطريين على الكتابة ، كلما زاد عددهم ، وكلما زاد عددهم ، كلما تنوع التحليل الفكري والأيديولوجي لمعالجة قضايانا الوطنية0
وهذا التنوع الفكري يمثل التعددية والرأي والرأي الآخر ، ومن هذه القاعدة تنطلق الديمقراطية التي نطالب بها جميعاً 0 لأن الديمقراطية ليست حبر على ورق ، وإنما مشاركة شعبية تعم فائدتها على الجميع في النهاية 0
ومن المآخذ التي يهضم فيها حق الكتّاب القطريين ونذكر بأنه سبق أن كتب عنها بعض الكتّاب القطريين ونضم رأينا لرأيهم بأنه ، إذا نظم مؤتمر في قطر وما أكثر المؤتمرات التي تنظم في قطر ، لا يتم توجيه دعوات رسمية لهم للمشاركة في المؤتمرات وكأن المؤتمر يعقد في كوكب آخر ، علماً بأنه يعقد بمرمى حجر من أماكن تواجدهم ، ولكن كرامتهم تمنعهم من حضور المؤتمرات الغير مدعوين لها رسمياً 0
ونذكر بأننا كنا في إحدى المؤتمرات العالمية طبعاً خارج قطر ، وكانت تلك الدولة قد دعت مجموعة من كتابها المحليين لحضور المؤتمر ، علماً بأن المؤتمر ذو صبغة أكاديمية أكثر 0 وشرح لنا المنظمين للمؤتمر بأنهم يركزون بشكل كبير على تنويع الهوية الفكرية للمدعوين ، وحكمتهم في ذلك بأن كل شريحة فكرية تمثل رأي قطاع لا يستهان به في المجتمع وتنقل أفكار المؤتمر إلى المجتمع ، ومتطلبات المجتمع إلى المؤتمر0 ونعتقد بأن هذه الرسالة الحقيقية للمؤتمرات ، ولكن هل نحن مطبقين لذلك بالفعل ؟ 0
* ملاحظة : ربما يحتج البعض بأن المادة (48) سوف تخضع للتكييف والتفسير القانوني 0 وتعليقنا هو : من واجبات اللجنة التفسيرية للمواد أن تدعم حرية الصحافة والطباعة والنشر ، وتجنب تقييدها ، إلا في الحالات التي تدعمها مواد دستورية صريحة مثل المادة (1) عن الديانة ، والمادة (64) عن الأمير 0
وما يدعم رأيي بالنسبة للمادة (48) هو ما تقوله المادة (146) الأحكام الخاصة بالحقوق والحريات العامة لا يجوز طلب تعديلها إلا في الحدود التي يكون الغرض منها منح مزيد من الحقوق والضمانات لصالح المواطن 0
وإلى اللقاء دائماً إن شاء اللّه ،،،