هل نستوعب الصراع الديموغرافي

بسم الله الرحمن الرحيم

24/6/2004

عندما نلقي نظرة على متوسط النمو السكاني في الدول الغربية ، سنجد بأن متوسط النمو السكاني ما بين 10 إلى 5 في الألف كل سنة ، والعمر الوسيط في الدول المتقدمة أصبح قريباً من الـ 40 سنة ، ( أي أن نصف السكان أكثر من 40 سنة) ، وذلك يعني بأنه بعد ربع قرن سيصبح أكثر من 50% من سكان أوربا من المتقاعدين ، وإذا استمر الوضع على ما هو عليه فستفقد بعض الدول الأوربية في عام 2100م أكثر من 75% من سكانها ، ويتوقع أن تفقد اليابان أكثر من 50% من سكانها 0

 أما بالنسبة للعالم الإسلامي ، فانظروا للإيجابية التي يسجلها ، فمعدل النمو الطبيعي ما بين 25 إلى 20 في الألف سنوياً ، والعمر الوسيط 18 سنة تقريباً ، ويتوقع أن يتضاعف السكان المسلمين كل 36 سنة ، أي لو بقيت الإحصائيتين الغربية والإسلامية على ما هم عليه ، فسيصبح في عام 2100م معظم سكان الكوكب من المسلمين  0 وهذا الأمر ليس بغريب ، فلو ألقينا نظرة مستعجلة في كتابنا للعالم الإسلامي ص 70 ، لوجدنا بأن نسبة المسلمين كانت تشكل 12% من سكان الكوكب عام 1900م ، وكانت نسبة المسيحيين في نفس الفترة ثلاثة أضعافها تقريباً أي 33%، وفي عام 2000م أصبحت نسبة المسلمين تمثل 25% من سكان الكوكب ، وتقلصت نسبة المسيحيين إلى 30%  0

 ولكن من هنا هل سيترك الإسلام على حاله ؟ طبعاً كما يرى الجميع الآن لن يترك لأن النظرية الغربية تعتقد بأن الحل الوحيد الباقي لمعالجة مشكلة العجز السكاني هو استيراد الشباب من العالم الإسلامي ، ولكن لابد من تهجينهم فكرياً قبل استيرادهم إلى أوربا وأمريكا 0 فكانت الاستراتيجية الغربية متعددة الجوانب كالتالي : (أ) زرع حكاماً موالين للغرب (ب) عمل تغيير جذري للمناهج الإسلامية ، وانظر ليس للمناهج العلمية 00 وإنما للمناهج الإسلامية  (ج) التحرير التدريجي للمرأة المسلمة إلى أن تصل – لا سمح اللّه – إلى الحالة الليبرالية التي تعيشها المرأة الغربية ، وذلك سيجعل نسبة خصوبة المرأة المسلمة تنخفض بشكل كبير من 5 أطفال لكل أمرأة تقريباً إلى طفل أو أقل لكل امرأة تقريباً ، وذلك سيؤدي أيضاً إلى تفكيك نظام الأسرة الإسلامية مما سينعكس سلباً على الترابط الاجتماعي والثقافي الإسلامي 00 إلخ 0

 من هنا نرجو أن لا يستغرب القارئ الكريم مما ورد أعلاه ، فأوربا وأمريكا والشرق الأقصى الآسيوي يمر الآن في مرحلة انحسار سكاني فيقول مارتن وولف – المهتم بالدراسات الديموغرافية والاقتصادية والسكانية في مقالة في صحيفة (Financial Times 7th. January,2004) ” قبل 200 سنة كان أمد الحياة ( العمر الذي يتوقع أن يتوفى فيها معظم السكان ) في أوربا (36 سنة ) والآن أصبح 80 سنة ، وكانت وفيات الرضع الأقل من سنة قبل 100 سنة تصل إلى 181 رضيع لكل 1000 شخص ، وانخفضت الآن إلى 4 أطفال لكل 1000 شخص ، ولكن هذا التطور الديموغرافي في أوربا ، أصبحت القارة تدفع سلبياته الآن ، وهو أرتفاع نسبة كبار السن ، وانخفاض نسبة التعويض من القاعدة بسبب تحرير المرأة 0 فخلال العقدين الأخيرين من الزمن يقول وولف : ( ما بين 1980م و 2004م ارتفع امد الحياة بمعدل 20 سنة أي قفز من 60 سنة إلى 80 سنة في أوربا )  0

 وكذلك يقول وولف : ( بسبب ارتفاع معدل كبار السن وتحرير المرأة ، أصبحت نسبة المواليد أقل من الوفيات ، وذلك أدى إلى صعوبة تعويض السكان المفقودين من القاعدة ، ونفس المشكلة التي تعانيها أوربا أصبح يشاركها الصين ، ويعتقد وولف بأن الولايات المتحدة الأمريكية هي أفضل حالاً من خلال التعويض السكاني عن الأقطاب السالفة الذكر ) 0

 ولكن في مقالة للباحث روبرت جيه صامو يلسون في نيوزويك العربية العدد 187 يقول : ( الميزانية الفيدرالية تتجه إلى مستقبل من ارتفاعات غير مسبوقة للضرائب ، وعجوزات هائلة ، أو كلتاهما معاً 0 وليس هذا سراً لأن القوة المحركة الكبرى لهذا التغيير هي التقاعد المرتقب (77 مليون نسمة من مواليد ما بعد الحرب العالمية الثانية) 0 ما قاله صامو يلسون أي يعني بعد ما يقارب عقدين من الزمن سيصبح أكثر من 25% من سكان الولايات المتحدة الأمريكية من العجائز المتقاعدين ، وسينطبق عليها نظرية القارة العجوز التي تعاني منها أوربا ، وكذلك يضيف صامو يلسون : ( أن الرئيس بوش منح فوائد جديدة للمشاركين في برنامج الرعاية الطبية لكبار السن ، وهذا البرنامج الجديد مكلف جداً بحيث يصل إلى 400 بليون دولار على مدى العقد المقبل ، غير أن تقرير مكتب الميزانية يقول أنه حين تقديم هذه الفوائد الطبية بالكامل ، فإن هذا البرنامج سيكلف ما نسبته 1% من إجمالي الناتج المحلي الأمريكي سنوياً بحلول عام 2030م ، وهو ما يساوي 110 بليون بدولارات اليوم  0 ومن هنا يتساءل صامو يلسون : ماذا سيحدث لو افترضنا أن الصين ستقوم بنشر أسلحة في الفضاء ؟ كم ستكون كلفة الرد الأمريكي على ذلك ؟ وماذا سيحدث لو تفشى داء جديد يكون الايدز مرضاً بسيطاً مقارنة به ؟ 00) 0

 وخلاصة القول أن تحول الدول المتقدمة إلى أمماً تعاني الهرم ، له بعض النتائج الاستراتيجية السلبية للدول المتقدمة مثل :

 أولاً اقتصادية : وكما ذكر وولف بأن معدل العائلون ( النشيطون اقتصادياً ما بين 20 إلى 65 سنة ) مقارنة مع معدل المتقاعدون كل 5ر3 يعملون يقابلهم شخص واحد لا يعمل ، ولكن مع انخفاض نسبة النمو في العائلين بمعدل 5ر0% سنوياً وزيادة امد الحياة بالنسبة للمتقاعدون من 15 سنة إلى 20 سنة ، فنتيجة ذلك معدل العائلون سيخفض إلى 6ر2 وبذلك سيصبح معدل الاعالة في العالم المتقدم شبيه بمعدل الاعالة في العالم الإسلامي والنامي ، ولكن الميزة في العالم بأن معظم الأشخاص المعالون (الأشخاص المستهلكين) هم من صغار السن عكس الوضع في أوربا ، حيث أن معظم المعالون هم من كبار السن ، وكذلك بالنسبة للعالم الإسلامي انخفاض معدل العائلون فيه ليس بسبب مشكلة ديموغرافية كما هو في أوربا ، ولكن بسبب مشكلة سوء الإدارة السياسية والاقتصادية في العالم الإسلامي ، مما رفع نسبة البطالة ما بين الشباب في سن الإنتاج ( 20 – 65 سنة ) إلى 50% ، وذلك يمثل بطالة سافرة ومقنعة في العالم الإسلامي  0

 ويتوقع في المستقبل القريب أن يصبح معدل العائلون في أوربا 9ر1 لكل شخص من كبار السن ، وهذا يعني بأن ما يزيد على 50% من الناتج المحلي الأوربي سيخصص لخدمة الأشخاص الذين يوجدون خارج العمل ، وفي هذه المرحلة ستكون أوربا تمر في مرحلة انهيار اقتصادي وديموغرافي 0 ففي تقرير نشر في ( F.P. نوفمبر – ديسمبر 2003م ) يقول بأن عدد سكان ألمانيا سينخفض من 80 مليون نسمة إلى 25 مليون نسمة عام 2100م وذلك يعني بأن ألمانيا ستفقد 75% من سكانها 0 وللحفاظ على موازين اليوم بين صغار وكبار السن فإن ألمانيا بحاجة إلى قبول 4ر3 مليون مهاجر سنوياً على مدى 50 عاماً المقبلة ، وهي تقبل حالياً 200 ألف مهاجر كل عام 0 وكذلك أورد التقرير بأن نظام التقاعد الألماني على وشك الانهيار بفعل ثقل العدد المتزايد من كبار السن 0 ونود أن نوضح لكم تعليقنا على هذا التقرير بأن المخططين الألمان لن يقبلوا الحل الديموغرافي بزيادة عدد المهاجرين إلى ألمانيا ، لأن معظم هؤلاء المهاجرين سيكونون من العالم الإسلامي ، وألمانيا تحاول أن تقلص عدد المسلمين الــ 3 مليون الموجودين أصلاً لديها وخاصة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001م0

 ثانياً : الديموغرافيا : يرى مارتن وولف لمعالجة المشكلة الاقتصادية أعلاه ، فعلى الأوربيين أن يختارو ما بين ثلاثة حلول هي :

أ  – رفع سن التقاعد من سن 65 سنة إلى 73 سنة 0
ب – الحل الثاني محاولة توظيف جميع الشباب الواقعين في سن العمل ما بين 20 –  65 سنة ذكوراً وإناثاً وذلك كحل ديموغرافي لمعالجة مشكلة الاعالة الاقتصادية 0
ج – الهجرة ، ويقصد هنا كما ذكر في تقرير (F.P) أعلاه كحل لألمانيا ، ولكن مارتن وولف عنده بعض التحفظات على هذا الحل : (1) بأن أوربا أصلاً الكثافة السكانية فيها عالية والهجرة ربما تجعل الأمر أكثر سوءً (2) الهجرة سيكون معظمها من المناطق الإسلامية المجاورة التي تعاني من انفجار سكاني  0

 في الخاتمة المولى عز وجل وهبنا في القرن التاسع عشر الممرات الاستراتيجية في العالم ولم نستغلها ، وأدى ذلك إلى تكريس الاستعمار في أرض الإسلام ، وفي القرن العشرين ، وهبنا المولى عز وجل الهايدروكاربون والموارد الطبيعية ، ولم نستغلها وخسر المسلمين وتمزقت أوطانهم ، وفقدنا أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ، وفي القرن الواحد والعشرين ، وهبنا المولى عز وجل موهبة طبيعية فطرية وهي القنبلة الديموغرافية ، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه : هل القائمين على ولاية أمر المسلمين سياسياً واقتصادياً وتخطيطياً يستوعبون أهمية هذه القنبلة ؟ وإذا كانت الإجابة لا : فهل هم على استعداد للانسحاب من الملعب بشرف وإعطاء المؤهلين من أبناء الأمة ليخططوا مستقبل أمتهم ؟ 0

 الإجابة على السؤالين الأخيرين سنتركها للتاريخ 0

 وسبحانك اللّهم وبحمدك ، ونشهد ان لا إله إلا أنت ونستغفرك ونتوب إليك 0

 وإلى اللقاء دائماً إن شاء اللّه ،،،

نموذج الديمقرا طية الأمريكية في العراق

بسم الله الرحمن الرحيم

8/1/2005

لو افترضنا أن الانتخابات أجريت في موعدها ، وقاطعت الأحزاب السنية والعلمانيين الانتخابات ، فذلك يعني أكثر

من 50% قاطعوا الانتخابات ، فهل هذا يعني أن هذه الانتخابات تحمل الشرعية الكاملة ، وتعتبر نواة تأسيس سيادة دولة العراق الجديد ؟


الولايات المتحدة الأمريكية تورطت في العراق ، والدور المطلوب منها هو إعادة إنشاء دولة في العراق ، وليس عمل انتخابات في العراق 0 لأن الوضع الحالي في العراق لا نستطيع أن نضع له أي مسمى عند أصل نشأة الدولة 0 هل العراق دولة بسيطة النشأة ، أم العراق دولة مركبة النشأة، أم العراق كما يسميها أصحاب المدارس الطبيعية دولة متوفاة ويعاد إحياؤها ؟ 0

            نحن طرحنا الأسئلة الثلاثة أعلاه ، وأعتقد ويؤسفني بأن الوضع الذي يمر فيه العراق يعتبر مرحلة وفاة كيان الدولة 00 وهذه القضية الرئيسية التي كنا نحاول أن نوضحها في هذا الشأن بالنسبة للمهتمين في القضية العراقية سواءً كان من العرب أو من الأجانب ! 0

            في عهد الرئيس صدام حسين وقبل غزو العراق ، كنت من أكثر المتشددين ضد الغزو ، وكنت استغرب من بعض الزملاء العرب ومنهم بعض العراقيين يؤيدون غزو أمريكا للعراق ، لأنهم كانوا يعتقدون أن هذا الغزو هو إنقاذ للعراق من نظام الرئيس صدام حسين 0 وكنا نرى بأن غزو العراق سيؤدي إلى تفكيك الدولة العراقية ، ويصعب بعد ذلك إعادة تجميعها0 فشكل الدولة العراقية المعاصرة يعتبر في القانون الدولي دولة أنشأها الاستعمار بطريقة مركبة غريبة جداً ، ومثلها مثل باقي الدول العربية التي أنشأها الاستعمار ! 0 ولكن العراق تختلف عنهم لأنه بعد انهيار الدولة العثمانية التي كان العراق وبلاد الشام وأجزاء من الجزيرة العربية ودول الخليج العربي تابعة لها ، قامت بريطانيا وفرنسا بإعادة تشكيل خارطة المنطقة ، وكان من ضمن هذا التشكيل بزوغ دولة ذات ملكية دستورية في بلاد ما بين النهرين وتشتمل على أجزاء من كردستان العراق والمناطق الممتدة شمال شرق الجزيرة العربية إلى شمال الخليج العربي ، تحت مسمى الدولة العراقية ، وأعطى لصانعي القرار في بغداد الدعم الكافي للمحافظة على جاذبية المركز ( بغداد ) على الأطراف العراقية المتناثرة ، وكان أيضاً للتحالفات القبلية دور كبير للمحافظة على هذا التماسك 0

            وبعد الانقلاب على الملكية الدستورية في العراق في عام 1958م ، ظهر في العراق الأنظمة الشمولية ، وكانت هذه الأنظمة تحافظ على وحدة الكيان العراقي من خلال الترهيب أكثر من الترغيب ! 0 ولكن للأسف الشديد الولايات المتحدة الأمريكية لم تضع لأي الحسابات الاستراتيجية أعلاه أي اهتمام 00 دخلت العراق واحتلته ، وحولت الدولة العراقية إلى شظايا متناثرة ومتنافرة ، وذلك باعتراف الرئيس بوش في 11 أغسطس 2004م ، حيث قال : ” أنه وقع في خطأ في الحسابات لما ستكون عليه الأوضاع في العراق بعد الحرب ” ! 0

            من الممكن هنا أن يثار سؤالاً تقليدياً ، هناك نسبة لا بأس بها من الشعب العراقي يريد التخلص من نظام الرئيس صدام حسين ، ونفس هذه النسبة أو أقل منها بشكل بسيط يريدون العراق كدولة واحدة 00 فكيف كان يمكن أن يحدث ذلك ؟ 0

            أعتقد بأن معظم الدول العربية أنشأها أو ساهم في إنشائها المستعمر ، وطبعاً حتى لا نسترسل في ذلك أكثر مما هو مطلوب في لعبة الكراسي السياسية ، فسوف نركز فقط على النموذج العراقي 0 الحل الحقيقي لأمريكا للتخلص من صدام حسين مع إبقاء العراق ككيان واحد ، هو عمل انقلاباً عسكرياً تدعمه أمريكا ، ويصل إلى السلطة رئيس مدعوم أمريكياً ، وبعد ذلك كان من الممكن لأمريكا أن تعطي شعب العراق ديمقراطية صورية مثلها مثل الديمقراطية التي أعطاها حلفاء أمريكا لشعوبهم في المنطقة 0 وكان على أمريكا مراعاة سياسة صناعة الرموز ، لأن المراقبين السياسيين للمنطقة العربية لاحظوا أن العرب والشرقيين بشكل عام يعشقون صناعة الرموز ، ويستدل هؤلاء المحللين على تقديس العرب للأصنام في الجاهلية، بحيث يقوم العرب بصناعة الأصنام من التمر ( العجوة ) أو الصخور أو الخشب ، وبعد أن يصنعها وتتحول إلى مجسم يعتبروها رمزاً ، ويخر ساجداً للرمز الذي صنعه هو أصلاً ، ويتوسل إليه كأنه إله حقيقي 0 وكان أحد أساتذتنا وهو من أصل شامي بعد أن يتحدث عن صناعة الرموز أعلاه، كان يقول لنا ، هل فهمتم الآن معنى المثل القائل فلان يكذب الكذبة ويصدقها ! 0 وحتى تكون الصورة واضحة أكثر للمهتم بمثال الرموز عليه العودة لمقالة تداول السلطة في موقعنا الالكتروني 0

            وفي الختام القضية الحقيقية بالنسبة لنا هو بقاء الدولة العراقية كما هي ، ولكن هل العراقيين يتفقون معنا على هذا الرأي ، ففي استطلاع للرأي اجري للعراقيين في أواخر عام 2004م ، وكان السؤال الأول : هل ستشارك في الانتخابات ؟ وكانت النتيجة أن 88% من العراقيين يؤكدون بأنهم سيشاركون في الانتخابات ، وهذه الإجابة جيدة إلى حد ما ! 0 ولكن السؤال الثاني : هل العراق يسير في الاتجاه الصحيح أم الخاطئ ؟ 0 فكانت إجابة 73% من السنة بأنه يسير في الطريق الخاطئ ، أما الشيعة فكان 51% منهم يرى أن العراق يسير في الاتجاه الصحيح و 33% منهم يرون أنه يسير في الاتجاه الخاطئ 0 والذي نلاحظه هنا من خلال اختلاف رؤى الشعب العراقي مثل : الأكراد والمناطق السنية الغير كردية تعطي صورة صعوبة قيام دولة حتى فيدرالية في العراق 0

            وفي السؤال الثالث : هل أوضاعهم تحسنت أم ساءت بعد سقوط نظام الرئيس صدام حسين ؟ ، 31% من العينة ترى أن الأوضاع سارت إلى الأسوأ ، و 21% ترى بأن الأوضاع بقيت على حالها ومجموع ذلك 52%، بمعنى آخر يقولون أمريكا لم تقدم شيئاً لهم بعد احتلالها للعراق ، وكان رأي 47% أنها قد سارت إلى الأفضل 0

            وذلك يوضح لنا بأن العراقيين منقسمين إلى شظايا متناثره بعد عزل نظام صدام حسين عن السلطة في العراق ، فثلثهم يعتقد بأن عهد صدام أفضل من الاحتلال الأمريكي ، وخمسهم يرى بأن الأوضاع لم يتغير فيها شيئاً ، وأقل من نصفهم يعتقدون بأن الأوضاع سارت إلى الأفضل ، وهذا يتناقض مع ما اعتقدته أمريكا بأنها خلصت الشعب العراقي من نظام الرئيس صدام حسين !! 0

            والأغرب من ذلك ، صعوبة تشكيل دولة حتى فيدرالية في العراق ، نلاحظ تحالف الأحزاب الشيعية في العراق تطالب بإجراء الانتخابات في موعدها 30 يناير 2005م ، بينما الأحزاب السنية والعلمانيين يطالبون بتأجيل الانتخابات 0

            لو افترضنا أن الانتخابات أجريت في موعدها ، وقاطعت الأحزاب السنية والعلمانيين الانتخابات ، فذلك يعني أكثر من 50% قاطعوا الانتخابات ، فهل هذا يعني أن هذه الانتخابات تحمل الشرعية الكاملة ، وتعتبر نواة تأسيس سيادة دولة العراق الجديد ؟ ! 0 طبعاً إذا قاطع أكثر من نصف الشعب العراقي الانتخابات فذلك سيخلق مشكلة سيادية كبيرة ، وهل بالإمكان بقاء العراق دولة واحدة أم لا ؟ 0

            أما قضية الانفصال عن الدولة الأم العراقية فلاحظناها حالة النزاعات 00 فمثلاً في أغسطس 2004م أعلن سلام المالكي نائب محافظة البصرة انفصال محافظات البصرة والناصرية والعمارة عن العراق ، وطبعاً هذه المشكلة سويت لاحقاً مع السيد الصدر ، ونفس هذه النزعة الانفصالية موجودة عند الأكراد ، ففي يوم 26 ديسمبر 2004م سلم كاروان عبد الله عضو اللجنة العليا المستقلة في حركة الاستفتاء في كردستان إلى مندوبين الأمم المتحدة في العراق عريضة تحمل توقيع أكثر من 7ر1 مليون كردي تطالب بإجراء استفتاء حول استقلال كردستان عن العراق ، علماً بأن مجموع عدد سكان كردستان العراق يبلغون 5 مليون نسمة ، وذوي الأهلية من حيث السن للانتخاب والترشيح تقريباً 50% من الأكراد ، وهذا يعطينا إذا كان المطالبين بالاستفتاء يبلغ عددهم 7ر1 مليون نسمة ، فهم إذاً يمثلون أكثر من 68% من سكان كردستان البالغين !! 0

            وتوجد مجموعة دراسات لنا موجودة في موقعنا عن دور المدارس الاستراتيجية في أمريكا وإسرائيل وميول بعضها لإنشاء عراق فيدرالي يتكون من جنوب شيعي ووسط مثلث سني والشمال كردي ، ولا يوجد عند المدارس المذكورة مانع حتى من نشأة دويلات عراقية مستقلة ، ولكن الجوار الإقليمي للعراق كل منهم له كلمته لأن أية تغييرات في المجال الجيوسياسي العراقي سينعكس عليهم وذلك ممثلاً بكل من الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والمملكة العربية السعودية ، ودولة الكويت ، وتركيا ، والمملكة الأردنية الهاشمية ، والجمهورية العربية السورية 0

            إذاً أعلاه يوضح بأنه على أمريكا استيعاب مجموعة من المعادلات ممثلة بالداخل العراقي والجوار العراقي لكي تخرج من مأزقها في العراق ، ولكي يعيش أشقائنا في العراق بسلام !! 0

            وخلاصة القول هو : أن أمريكا غرقت في المستنقع العراقي ، وخسرت الشارع العراقي أو معظمه ، ولم تستطع أن تحصل على التأييد الشعبي من الأقاليم العربية المجاورة ، فاستطلاعات الرأي في الجزيرة تشير بأن أمريكا تتعرض لمعارضة عربية شديدة ، ففي سؤالاً : هل تؤيد أشرطة بن لادن ، أجاب 81% بنعم ، وسؤالاً آخر : هل تعتقد بأن الانتخابات ستضع حداً لمعاناة العراقيين ؟ أجاب 84% بلا ، هل تثق بنزاهة محاكمة النظام العراقي السابق ؟ أجاب 80% بلا ، هل تؤيد مشاركة العراقيين في الانتخابات العامة ؟ أجاب 61% من المقترعين بلا ، هل تؤيد اتهام المسئولين العراقيين لسوريا بالتدخل في شؤون العراق ، وتقديم الدعم للمقاتلين ؟ أجاب 63% من العينة بلا !! 0

            المهم 00 الله يستر على العراق ، وعلى المنطقة من القادم ، وخاصة أن السيدة رايس اعترفت في مقالة لها بأن الرئيس بوش براغماتي ، أي من أتباع المدرسة الواقعية ، وهذه المدرسة من أخطر المناهج السياسية !! 0

            والى اللقاء دائماً إنشاء اللّه 0

د. فهد بن عبد الرحمن آل ثاني

استاذالجيوبوليتيكس المشارك و باحث قانوني

www.df-althani.com

ماذا بعد خراب البصرة

بسم الله الرحمن الرحيم

27/6/2006

كنت دائماً اسمع هذه المقولة ، ماذا بعد خراب البصرة ؟! . ولاحظنا دائماً استخدامها مترادفاً مع حدوث كارثة ما ، وذلك مما جعلنا نبحث عن أسباب هذا الاستخدام ، وبعد مجهود لا بأس به ، اكتشفنا أن المقصود من استخدام مقولة : ماذا بعد خراب البصرة ؟! ، هو أنه آخر ما يخرب في الأمة هو البصرة ، وللأسف الشديد فالبصرة اليوم لم تخرب فقط ، بل أصبحت أطلالاً ، والمآسي التي يعانيها أهلها فكأنهم في وطناً للأشباح ، (كما سنذكر لاحقاً ) , ولكن لا خطر من ذلك إذا كان آخر ما يخرب في الأمة الإسلامية هو البصرة ، فذلك يعني أن الأمة الإسلامية وصلت إلى القاع من الناحية المؤسسية والبرامجية والتنظيمية والسيادية ، وذلك انعكس على معظم شعوب الأمة من الناحية المادية والمعنوية !! .

كررنا كثيراً قبل الاحتلال الأنجلو أمريكي للعراق ، بأن عملية التخطيط للتحالف الأنجلو أمريكي لتحرير العراق ، كما يحلو لهم تسميته ، من الممكن أن ينتهي إلى كارثة على العراق كدولة من الناحية السيادية ، وعلى الشعب العراقي من الناحية الإنسانية . وتوجد لنا الكثير من الدراسات في هذا الموضوع منشورة في موقعنا ، حيث أن وضعنا كوضع العراق قبل احتلاله ، وبأنه سينتهي إلى ما انتهى إليه العراق الآن . وكان البعض يعتقد أن مشكلة العراق هي نظام صدام حسين ، وكنا نقول بأن مشكلة الشعب العراقي هي مشكلة يعاني منها 99% من الشعوب الإسلامية وليس الشعب العراقي فقط ، ولكن إذا كان هناك تغيير لابد أن يأتي من الداخل ، وعلى أن يكون مبرمج وعلى شكل مؤسسي ، وليست على شكل احتلال عسكري!!.

والنتيجة الآن هي كما يراها الجميع ، ففي تقرير لموقع (BBC) ، تحت عنوان (Iraq body count) : بأن عدد القتلى المدنيين العراقيين وصل 38.353 ، والقتلى من رجال الشرطة والأمن العراقيين وصل 2.145 ، والقتلى من الجيش الأمريكي 2.473 ، ومن الجيش البريطاني 113 ، ومن التحالف 111 قتيل . والخبر الأغرب من ذلك كله هو بأن القوات الأمريكية والبريطانية لا يعرفون بالتحديد عدد القتلى الذين سقطوا على أيديهم ، أما (Lancet medical Journal ) فإحصائياتها  تقول : إلى أكتوبر 2004م وبسبب التخطيط السيئ ، والقصف الجوي بواسطة قوات التحالف، والبيئة العدائية في العراق ، كل ذلك أدى إلى قتل أكثر من 100 ألف نسمة في العراق . أما الحكومتين المحتلتين للعراق ( الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ) فتقولان بسبب الفوضى الموجودة في العراق ، فمن الصعب التحقق من عدد القتلى العراقيين !! .

أما تقرير (The New York Times) فيقول نقلاً عن قائد القوات الأمريكية في العراق ، بأن إيران وحزب الله يجندون الشيعة العراقيين لكي يقوموا بعمليات إرهابية وحرب بالوكالة ضد الولايات المتحدة ، ولكن الولايات المتحدة تقوم بانسحاب تدريجي من العراق ، فيعطي مثالاً ويقول أن الجيش الأمريكي في مارس 2006م كان 138.000 مقاتل ، وصل في يونيو 2006م إلى 126.900 مقاتل ، وكرر القائد الأمريكي أن الانسحاب الأمريكي المباشر من العراق سيكون شبه كارثة على جيشه وعلى الشعب العراقي . خلاصة القول ، نستطيع أن نقول لكم بأن الجيش الأمريكي بدأ مرحلة الانسحاب من العراق ، ولكن كما نعرف جميعاً أن انسحاب القوات من دولة في مرحلة سيولة سيضع الدولة في كوارث أسوأ من مرحلة احتلالها . وهنا سؤال أوجهه للمخططين الاستراتيجيين الأمريكيين ، في حالة انسحابكم من العراق : ما هي خططكم لملء الفراغ الأمني الذي سوف تتركونه خلفكم في العراق ؟ . وخاصةً كما نعرف جميعاً ، هناك فئات معينة ولخدمة مصالحها ، لا يوجد عندها مانع من إشعال فتن قومية في العراق مثل : ما بين العرب والأكراد والتركمان والفرس .. إلخ ، وما بين المسلمين العراقيين أنفسهم طائفتي السنة والشيعة ، وهنا لا نشكك في الشعب العراقي وتماسكه واحترامه لبعضه بعضاً ، ولكن للأسف استراتيجية زراعة الفتنة ما بين ليلة وضحاها سيجد كل إنسان يجب أن يحدد ولائه لكي يحافظ على بقائه ، وذلك من خلال نفس المصطلح الذي استخدمه الرئيس بوش بعد أحداث 11 سبتمبر 2001م ، ( فالذي ليس معنا فهو ضدنا ) !! .

اعتقد اية انسحاب للتحالف من العراق قبل ترسيخ قواعد ومؤسسات الدوله العراقيه سيخلف كارثه , وبالطبع المسؤول عن هذه الكارثه هو التحالف الاجنبي . قرأت في يوم 25\6\2006م مبادرة السيد نوري المالكي رئيس وزراء العراق للمصالحه ونرى ان هذه المبادره  من الممكن ان تكون حجر الزاويه لباية ترتيب البيت العراقي من الداخل. واذا صدقت النوايا عند جميع الفئات العراقيه قبل انسحاب القوات المحتله من العراق لابد من تطبيق الماده 19 في المبادره والتي تنص من الناحيه الامنيه على : جعل القوات المسلحه العراقيه غير خاضعه لنفوذ القوى السياسيه المتنافسه ولاتتدخل في الشأن السياسي وحل موضوع المليشيات والمجاميع المسلحه غير القانونيه (وان كنا نتحفظ على غير القانونيه لانها كلمه مبهمه) ومعالجتع سياسآ وامنيآ واقتصاديآ. وكذلك الماده 23 في المبادره العمل على اعادة المهجرين الى مناطقهم وتتولى الحكومه والاجهزه الامنيه حمايتهم من المخربين والارهابيين وتعويضهم عن الاضرار التي لحقت بهم واعتماد سياسه امنيه حازمه تتضمن حماية الناس .

اما الوضع العراقي الحالي من شدة خطورته حتى وصفه اصبح  صعبآ على المحللين , واقرب وصف نستطيع ان نقول عنه بأنه كاالقنبله المقوته, في اية لحظه ممكن ان تنفجر وخاصه اذا اصبح هناك فراغ امني مفاجئ.

والدليل على ذلك هو الاختراق القومي والطائفي الذي حدث للعمق العراقي : فيقول تقرير (BBC) (Iraqi Viewpoint) بأن أنصار الزرقاوي يسيطرون على بعقوبة ، ويريدون طرد الشيعة من تلك المناطق ، وما يقارب من 25.000 شيعي هربوا من بعقوبة !! .

وصلتنا مجموعه من الرسائل من اهل السنه في العراق ، فمنهم من يقول : إن إيران تخوض حرب بالوكالة في البصرة ، بحيث تقوم المليشيا التابعة لها بتهجير العوائل السنية العربية في البصرة ، من أجل أن تسيطر على أرض البصرة ، وكذلك يتم الكثير من الاعتداءات على مساجد أهل السنة وأئمتهم في البصرة ، وأخيراً وزعت منشورات في البصرة تهدد وتطالب أهل السنة بالرحيل وتعطيهم مهلة أخيرة حتى 1/7/2006م وبعدها سيدخلون إلى البيوت ويقتلوهم .

وتضيف الرسائل الإلكترونية التي تلقيناها بأن أهل السنة كانوا في الثمانينيات من القرن المنصرم يمثلون أكثر من 65% من السكان وخلال الحرب العراقية الإيرانية هاجر الكثير من السنة إلى بغداد ، واليوم نسبتهم 50% وهذا يساوي 750 ألف مسلم سني !! .

أما في كركوك والموصل والشمال العراقي فمنذ احتلال العراق ، وبعض الميليشيات الكردية تستخدم وسائل رعب شتى ضد العرب والتركمان في الشمال العراقي ، حتى يؤدي ذلك إلى هروبهم إلى الوسط العراقي أو الجنوب أو خارج العراق مثل التركمان إلى تركيا ! . وهذه الصورة تعزز السيناريوهات التي سبق أن كتبنا عنها في عام 2003م ، وهو بأن بعض المراكز الاستراتيجية في إسرائيل وأمريكا وضعت تصوراً في حالة صعوبة السيطرة على العراق كدولة واحدة ، فإنه بالإمكان تقسيمه إلى دويلات : في الشمال كردية ، والوسط عربية سنية ، والجنوب شيعية !! .

ما ذكر أعلاه هل يمثل الاستراتيجية الحقيقية لعملية تحرير العراق ، وحرية الشعب العراقي ، وحصوله على جميع حقوقه الوطنية ، مع المحافظة على سيادة وطنه ؟ أم هو شبيه بما حدث عندما انتهت الدولة العثمانية ، وتم التبادل القومي القسري ما بين تركيا ، بحيث تستقبل أتراك اليونان قسراً ، واليونان تستقبل أصحاب القومية اليونانية في تركيا رغماً عن أنوفهم ، أو كما حدث في أواخر أيام الدولة العثمانية ، عندما استطاع الفرنسيين والبريطانيين إشعال حرب في لبنان ما بين مارونيين لبنان وتدعمهم فرنسا ، ودروز لبنان وتدعمهم بريطانيا ، وبعد ذلك اتهمت الدولة العثمانية بعدم قدرتها على المحافظة على تماسك وإدارة دولتها ، أو هل وصلنا إلى مرحلة الحروب الدينية ما بين مسيحي أوربا بحيث يتحالف البروتستانت مع الدول البرتستاتينيه ضد دولهم والعكس صحيح عند الكاثوليك ؟  أم هل هي سياسة هجرة (Transfer) جديدة ، مثل ما حدث للشعب الفلسطيني بعد تشكيل دولة إسرائيل عام 1948م ، وكذلك حدث لهم أسوأ من ذلك بعد هزيمة حرب 1967م ؟ !! . وخلاصة ذلك أنها حقاً لكارثة في العراق . ولكن عندما نقول كارثة ، الجميع يعلم ذلك ، ولكن ما هي الحلول المناسبة لها ؟!.

ونقتبس مما قاله رامي خوري في رسالة للسيدة رايس وزير خارجية الولايات المتحدة (The Daily Star) : معركة الحرية والعدالة في الشرق الأوسط ، لا يستطيع الشخص أن يكون مبشراً بالمبادئ النبيلة مثل لوثر كنج ، في دعواه للمطالبة بحقوق السود في أمريكا ، وفي الوقت نفسه مثل بول كونر قائد شرطة برمنغهام في الستينيات من القرن الماضي ، الذي يكره ويحتقر ويقمع السود ، وهذه هي نفس المنطقة التي تنتمي إليها د. رايس في الولايات المتحدة !! .

نعم ، نظرية الجزرة والعصا فشلت في العالم العربي والإسلامي . فنعتقد أن على الولايات المتحدة إذا كانت جادة ، تريد إعطاء شعوب الشرق الأوسط الحرية والديمقراطية ، فعليها دعم المجتمعات المدنية الشرق أوسطية ، وتسهيل تثقيفهم وتعريفهم بحقوقهم وواجباتهم ، لكي تستطيع هذه المنطقة أن تصنع قيادات جديدة تخرج الشرق الأوسط من الركود والتخلف المزمن !! .

فعلاً وصلنا إلى مرحلة في الشرق الأوسط نريد أن تطبق فيها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ( فالحقوق السياسية ) : هي الحقوق التي تثبت للإنسان باعتباره عضواً في جماعة سياسية معينة ، والتي تسهم في تكوين الإرادة الجماعية للجماعة ، وقد تضمنتها المادة الحادية والعشرون من الإعلان ، فأوضحت لكل شخص الحق في الاشتراك في إدارة الشؤون العامة ، أما مباشرة وأما بصورة غير مباشرة ، عن طريق ممثلين يتم اختيارهم اختياراً حراً ، عن طريق الانتخاب الحر لممثلي الشعب ، واحترام إرادته . وحق كل شخص في تولى الوظائف العامة .

نعم تثقيف الناس وتعريفهم بحقوقهم ، هو السبيل الوحيد لإخراج منطقتنا من الركود القاتل ، الذي يعيش فيه الإقليم الشرق أوسطي ، فنحن كمسلمين شرق أوسطيين ، لا نجد أن هناك اختلافات كبيرة ما بين الإعلان الإسلامي لحقوق الإنسان ، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، وما تبعه من صكوك عالمية أساسية ، فهم يلتقيان في : حق المساواة في أصل الكرامة الإنسانية ، حق الحياة ، والسمعة ، والجنسية ، والتعلم ، والحرية ، والتنقل ، والعمل ، والتملك ، وحق الأمن الشخصي والديني والعائلي والمالي ، وحق الفرد بالمشاركة في الشأن العام وتقلد الوظائف … إلخ . ولكن لكي نحصل على هذه الحقوق لابد من وجود دول مؤسسات ، ولكي توجد دول مؤسسات ، لابد من وجود مجتمع مدني قوي ومستقل استقلال كامل عن سلطة الدولة !! .

والوصفة أعلاه ليست للعراق فقط ، وإنما هي العلاج الحقيقي لجميع منطقتنا الشرق أوسطية ، وهذا هو رأينا ، ومن عنده خيراً منه فليأتي به!!.

                        والله اللقاء إن شاء الله

لا نريدها فتنة في العراق

بسم الله الرحمن الرحيم

6/6/2004

 ما يحدث في العراق يجعلنا نتذكر الآية الكريمة من سورة الأنفال – رقم الآية 25  واتقوا فتنةً لا تصيبنَ الذينَ ظلموا منكم خاصةً واعلموا أن اللّه شديد العقاب   0

 ونقصد هنا بأن إحدى تكتيكات الإستراتيجية الأمريكية للسيطرة على العراق هي الإستفادة من اللعب بالبطاقات الحضارية مثل : تركيب الفيسفاء العراقية من الناحية القومية من العرب والفرس والأكراد والتركمان ، ومن الناحية الدينية من المسلمين والمسيحيين واليهود ، ومن الناحية الطائفية تلعب بثقلي البطاقة السنية والشيعية من المسلمين  0 وهذا لو أرجعتم الساعة للوراء قليلاً ، لوجدتم أن الورقة الطائفية في العراق هي من أهم الأوراق التي تريد أن تستخدمها الإدارة الأمريكية قبل غزو العراق 0

 وربما كانت من أخطر الأوراق التي كادت أن تثير الفتنة الطائفية ، هي العملية التي استشهد فيها أكثر من 80 من المسلمين الشيعة في النجف الأشرف ، وكان من بينهم آية اللّه محمد باقر الحكيم – رئيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق والذي يتبع ميلشيا بدر ، وهذه الميلشيا تعتبر أفضل الميلشيات العراقية تنظيماً ، بعد البشمرغه في الشمال بعد إنهيار الدولة العراقية 0
وبعد العملية المذكورة وجهت الإتهامات لأهل السنة ، وللرئيس العراقي السابق صدام حسين ، وحتى إلى بعض الجماعات الشيوعية ، ويعتقد بأن التحالفات الصهيونية لها اليد الطولى في العملية الآثمة 0 وطبعاً نفت رسمياً الجهات الثلاث الأولى أية صلة لهم بعملية النجف الأشرف 0

 ونعتقد بأننا نتفق مع ما قرأناه في مقالة في الشرق الأوسط العدد 9046 ( أن بريمر وبعض المسئولين الأمريكيين يأملون دائماً بأن يكون أهل السنة وراء العمليات ، لأن هذا يزيد الحدة بين الطرفين الشيعي والسني ، ويمكن بالتالي أن يقوي العلاقات الشيعية مع الولايات المتحدة ) 0

 ويضيف نفس المقال المذكور أعلاه ( بأنه عادت الشكوك تدور حول هدف تقسيم العراق وعادت تطفو إلى السطح الدراسة التي كتبها لوران مورافيك عن مؤسسة راند، وفيها يدعو الأمريكيين إلى السيطرة على آبار النفط السعودية ، وترك بقية المملكة 0 والربط الحالي هو أن يتم تقسيم العراق إلى الجنوب حيث النفط والشمال حيث النفط والأكراد الذين لا خيار لهم سوى التحالف مع الأمريكيين ، وإبقاء الوسط السني محروماً ) 0

 ما يحدث في العراق ، وقد كتبنا كثيراً في هذا المجال ، بأن الهدف ليس تحرير العراق وإنما لتطبيق الاستراتيجية الأمريكوصهيونية في العراق  0 ونحن لا نستغرب ذلك ، ففي مقالة منشورة في القدس العربي العدد 4448 تعزز ما ذكرناه سابقاً وهي تقول : ( لابد أن يوجه سؤال لأمريكا : لماذا حلوا قوى الأمن ، مع أنه كان بإمكانهم تعيين قيادات غير بعثية لها ؟ لماذا حلوا وزارة الداخلية والجيش والقضاء وإدارات الماء والكهرباء والصحة ؟ ) 0 ويضيف نفس الكاتب ( لقد انهار النظام الملكي عام 1958م ، وانهار نظام عبد الكريم قاسم ، ونظام عارف والبعث ، لكن لم يحدث أن إنهارت الدولة في كل مؤسساتها ، فلماذا لم يسأل مجلس الحكم نفسه : ألم يكن بالإمكان الاستغناء عن القيادة السياسية أو اغتيالها أو اعتقالها وإبقاء القوى العاملة وهي بالملايين في أعمالهم ؟  ) 0

 نحن نعتقد بأن هذه الصور توضح لنا بأن الهدف ليس تحرير العراق وشعبه ، وإنما كما ذكرنا سلفاً هو تطبيق الاستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط بعد إطباق السيطرة كاملة على الموقف المحوري الجيواستراتيجي ممثلاً بالعراق طبعاً  0

 والصورة واضحة لتشكيل الدولة العراقية الهزيلة أو المفككة ، وذلك من خلال التشكيل الاثني والطائفي لمجلس الحكم العراقي ، وتبعه أيضاً تشكيل مجلس الوزراء العراقي وهو كما نشرت (The Guardian, 2/9/2003) يتشكل من 52% من الشيعة، و 20% من السنة ، و 20% من الأكراد ، و 4% من التركمان ، و 4% من المسيحيين السريان 0 الغرابة في هذه التقسيمة بأنها تقوم بعملية الخلط ما بين القومية والديانة والطائفة ، نعتقد أنه كان من المفروض تقسيم العراق على أساس قومي وذلك يعطينا التالي للتقسيم القومي لسكان العراق : 62% نسبة العرب ، 23% نسبة الأكراد ، 7% نسبة التركمان ، والفرس 7% ، وآخرون 1% ومجموع السكان 26 مليون نسمة 0 وبعد ذلك كان من الممكن إعطاء الأكراد الحكم الذاتي كما اتفق به تاريخياً مع الأكراد في منطقة كردستان شمال العراق ، وتشكيل دولة فيدرالية عراقية0

 أما بالنسبة لتشكيل السلطات العراقية فكان يفترض أن يترك ذلك إلى لجنة دستورية منتخبة ، ويفترض على هذه اللجنة أن تتحاشى تقسيم العراق طائفياً ، وإنما تساهم في وضع دستور ، والدستور تعرض جميع مواده للاستفتاء العام على أن يكون قبول أية مادة تخضع للأغلبية الموصوفة مثل : موافقة ثلثي المقترعين على المادة ، والمادة التي تفشل يعاد مراجعتها 0 ومن ضمن ذلك يقسم العراق إلى دوائر انتخابية ، وكل دائرة من خلال الاقتراع العام تلقائياً ستحدد من هو المرشح المنتخب ؟0 من دون حاجة إلى خلق حزازيات ما بين المسلمين ، هم في الأصل في غنى عنها 0 فمن الممكن مع تطور الجانب الثقافي للسواد الأعظم من السكان في المستقبل أن يبحثوا عن الأفضل لخدمة دائرتهم دون التطرق إلى قبيلته أو مذهبه ، وبذلك ربما يتشكل في إحدى المرات مجلس وزراء معظمهم من الشيعة ، ومرة أخرى العكس 0

 ولكن ذلك لن يحدث إلا بعد تطور مستوى السكان الثقافي ، أما في بداية تشكيل صناديق الاقتراع ، فنرجو أن لا نستغرب الولاءات العشائرية والطائفية ، ولكن حتى هذه الولاءات لن تشكل أية حزازية إذا تركت للعملية التلقائية دون تدخل أية أيادي أجنبية 0

 ولكن هناك ثوابت لا نعتقد بأننا سنختلف عليها مثل : إعطاء السريان المسيحيين مقاعد محددة في البرلمان العراقي من خلال انتخابات خاصة يخوضها السريان فيما بينهم كأقلية ، وكذلك تخصيص مقاعد للأكراد 0 وفي الوضع العراقي نعتقد بأن أفضل ما يصلح للعراق هو النظام البرلماني ، ونقصد هنا هو أن يجمع السلطتين التنفيذية والتشريعية مجلساً واحداً  0

 والمدهش في التقسيم الاثني والطائفي الذي تجريه أمريكا في العراق أنه يعتبر من المحرمات في الدستور الأمريكي ، وذلك من خلال تحريم إثارة التعصب نحو أية طائفة في الترشيح للوظائف العامة ، وحتى للقطاع المختلط أو الخاص ، وإثارة الجانب العنصري ما بين العرقيات مثل : البيض والسود والهنود والصينيين 00 إلخ 0 والسؤال الذي يطرح نفسه : لماذا المحرم في أمريكا يطبق في العراق ؟ 0

 وكذلك لو افترضنا جدلاً مع أننا نعارض هذه الفكرة ، فكما تقول مجلة البيان في عددها 190 بأن آخر إحصاء عراقي أجرى عام 1997م يوضح التالي : وهو بأن المسلمين السنة في العراق يبلغ عددهم أكثر من 16 مليون نسمة أي يشكلون 65% من جملة السكان ، وعدد المسلمين الشيعة يشكل أكثر من 8 مليون نسمة وذلك يمثل 34% من جملة سكان العراق 0 فإذا كان هذا الإحصاء صحيحاً ، فلماذا تعطي أمريكا الأخوان الشيعة 52% من مقاعد مجلس الحكم والوزراء العراقي ، وهم يشكلون 34% من جملة السكان ، وتعطي 40% من المقاعد لأهل السنة ، وهم يشكلون 65% من جملة سكان العراق 00 أليس هذا مؤشراً لزراعة بذور الفتنة في العراق لا سمح اللّه ؟ 0

 أما بالنسبة متى ستحرر العراق من الاحتلال الأمريكي ؟ فنعتقد بأن نصيحة بيرنارد لويس لأمريكا في (The Wall Street Journal Europe , 1st/9/2003) واضحة لمن يهتم بالشأن العراقي وهي كالتالي : ( لتحقيق الديمقراطية في دول المحور اليابان وألمانيا أخذت من أمريكا سنين وليس أشهراً ، ولكن الديمقراطية تحققت في النهاية ليس بواسطة الأمريكيين وإنما بإرادة الشعوب ورغبتها في ذلك ، ويضاف إلى ذلك التأييد والتشجيع الأمريكي 0 ويضيف السيد لويس ، بأن أحمد جلبي والتجمع الوطني العراقي يستحقون من أمريكا هذه التضحيات ) 0

 خلاصة القول بأن أمريكا باقية في العراق لسنين غير محددة ، أي ما دامت في العراق مشاكل ، والتشكيل الأمريكي الحديث للكيان العراقي حبلى بالمشاكل المستعصية ، التي تحتاج طوال القرن الواحد والعشرون إلى إيجاد سيناريوهات متعددة لمعالجتها 0 ولن يصلح حالنا ، إلا إذا أصلحنا شأننا 0

 وإلى اللقاء دائماً إن شاء اللّه ،،،

قراءة في التهم الموجهة لصدام حسين

بسم الله الرحمن الرحيم

17/7/2004

وهي ماهو نوع محاكمة الرئيس العراقي السابق صدام حسين ، هل هي محاكمة اسير حرب ؟ أم محاكمة جنائية لرئيس محلي مخلوع ؟ أم محكمة عسكرية محلية ؟ أم محكمة دولية للإنتهاكات الإنسانية التي ارتكبها محلياَ ودولياَ وإساءة استخدام السلطة ؟

الإستفسار الأول: ماهو في منظورك العام دلالات اجراء محاكمة صدام حسين بعد انتقال السلطة للحكومة المؤقتة ؟ .

نحن نعتبرعملية انتقال السلطة للحكومة المؤقتة شأن عراقي بحت ، وطبعاَ في هذه المرحلة الحرجة من الزمن لا نريد أن نشكك في هذا الأمر ، والشخصين المعنين وهما الأول الرئيس العراقي والثاني رئيس الوزراء العراقي ينتمون إلى عوائل عراقية عريقة ومحترمة ، ولهم قاعدة شعبية على المستوى المحلي لا بأس بها نسبياَ ، ويمثلون أكبر طائفتين مذهبيتين في العراق وهما المسلمين السنة ، والمسلمين الشيعة .

 ولكن السؤال هل هذه الحكومة شرعية أم غير شرعية ؟ .

هذا السؤال الإجابة عليه صعبة جداَ ، فالذي حدث في العراق هو مجيئ دولة أجنبية ممثلة بالولايات المتحدة الأمريكية وبقيادة المحافظين الجدد ، وضربت بجميع مواد القانون الدولي العام عرض الحائط ، ولم تحصل حتى على تفويض من مجلس الأمن ، أو حتى من حلفائها التقليدين في الإتحاد الأوروبي أو الناتو . وللأسف الشديد هذه الدولة التي نسفت بكل القوانين والأعراف الدولية عرض الحائط ، يفترض أن تكون هي الدولة الأولى والنموذجية بالنسبة للعالم من حيث التزامها بالتشريعات والقوانين ، والمحافظة على الأمن والسلم الدوليين ، فهي الدولة الأولى في العالم خلال القرن الواحد والعشرين على أقل تقدير لأنها تملك من الناحية الإقتصادية 32 % من الناتج المحلي في العالم ، وكما نشرت دراسة اخيراَ في الفينانشال تايمز بأنه إذا استمر نمو الولايات المتحدة 2 % سنوياَ متزامنا مع استمرار نمو أكبر اقتصاد في العالم نمواَ في العقدين الأخيرين ممثلاً بالصين 4 % ، فتحتاج الصين إلى مئة عام لكي تلحق الولايات المتحدة في ما هي عليه الآن من الناحية الإقتصادية ، ونستطيع أن نعتبر ذلك حجة قوية لبقاء اقتصاد الولايات المتحدة الأقوى خلال القرن الواحد والعشرين ، إلا إذا حدثت هزات عالمية غير   متوقعة ، كأن تقوم حرب كونية جديدة لا سمح الله !! .

 ومن الناحية العسكرية ، فميزانية الولايات المتحدة العسكرية تعادل أكثر من 50 % مما ينفقه العالم اجمع على التسليح ، أما من الناحية السياسية فالولايات المتحدة هي المسيطرة على التنظيم الدولي الذي نسفته اعلاه وتعود له عند الحاجة إليه ، وهذا التنظيم الدولي ممثلا بالأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي للإنشاء والتعمير ومنظمة التجارة العالمية … الخ . وكذلك من الناحية الثقافية فهي قائدة العالم من خلال ايدلوجيتها الثقافية الليبرالية وفكرها الديموقراطي وأدبها الذي غزى العالم اجمع من خلال هوليود ، وهي أيضا أكبر مستثمر في التكنولوجيا وإن كان يعاب عليها بأن نصف استثماراتها تذهب إلى الآلة العسكرية !! .

وخلاصة الإجابة على الإستفسار هو أن القوى العظمى المذكورة اعلاه قامت بإحتلال العراق ، وفككت جميع مؤسساته سواء تنفيذية أو تشريعية أو قضائية . وبعد ذلك أحضرت حاكم اداري من امريكا ممثلاَ ببول بريمر بعد أن فشل سلفه غارنر في  العراق ، وقامت حكومة الولايات المتحدة بتشكيل مجلس الحكم العراقي وكان بريمر يمتلك حق الفيتو على المجلس المذكور ، وبعد ذلك قام بريمر بمشاركة مجلس الحكم بتعيين لجنة دستورية عراقية ، وقامت هذه اللجنة باعداد الدستور العراقي ، وعلقنا في حينه على عدم قانونية هذا الدستور ، وتعليقنا هذا بتوفيق من الله سبحانه وتعالى دعمته معظم القطاعات السياسية والثقافية والشعبية في العراق . وبعد أن خسرت الولايات المتحدة مايقارب 4000 جندي امريكي منهم 800 قتيل ، اضطرت صورياَ أن تشكل حكومة عراقية انتقالية وتنهي الدور الظاهري للحاكم الإداري الأمريكي ، بحيث تسلم مقاليد السلطة الإسمية إلى الحكومة المؤقته ، وتنسحب القوات الأمريكية إلى خارج حدود المدن العراقية حتى تستطيع أن توفر الأمن لنفسها والذي لم تستطيع أن توفره للشعب العراقي الذي اتت أصلاَ من أجله كما تتدعي !! .

الإستفسار الثاني : فإذا كان هذا هو وضع العراق من الناحية القانونية ومن الناحية السياسية ، فهل  تعتقد بأن الحكومة المؤقته تمتلك الشرعية الكاملة لتحاكم صدام حسين ؟

قبل أن نجيب عل هذا الإستفسارنود أن نوضح نقطة وهي تمثل مشكلة أخرى من المشاكل القانونية والتي يجب أن تثار ، وهي ماهو نوع محاكمة الرئيس العراقي السابق صدام حسين  ، هل هي محاكمة اسير حرب ؟ أم محاكمة جنائية لرئيس محلي مخلوع ؟ أم محكمة عسكرية محلية ؟ أم محكمة دولية للإنتهاكات الإنسانية التي ارتكبها محلياَ ودولياَ وإساءة استخدام السلطة ؟ . ونود هنا أن نوضح للقارئ الكريم كل محكمة من المحاكم المذكورة اعلاه لها اختصاصاتها وآلياتها التي تختلف عن الاخرى ؟ وأي من هذه المحاكم سيحاكم فيها الرئيس السابق صدام حسين ؟ . وإذا استطعنا أن نعرف أي نوع من المحاكم المذكورة اعلاه سيحاكم فيها الرئيس صدام حسين ، طبعا سنستطيع أن نوضح مدى شرعية لمحاكمة .

أما الإستفسار الذي نعتقد أنه يجب أن يطرح ، لماذا أقدمت الولايات المتحدة الأمريكية على هذه الخطوة ؟

نعتقد بأن الرئيس بوش يمر الآن من خلال أخطر منعطف في فترة رئاسته ، لأنه بعد استلامه السلطه بتسعة أشهر تقريبا تعرضت الولايات المتحدة الأمريكية لهجمات 11 سبتمبر، ووظف الرئيس بوش كل قواه من أجل التركيز على توفير الأمن للشعب الأمريكي ، وطبعاَ الرئيس بوش كان مراهناَ على الملف الأمريكي لكي يكسب انتخابات 2004 م ، ولكن الإحتلال الأمريكي لأفغانستان ، ومن بعدها العراق ، أدى إلى فشل المحافظين الجدد في ادارة السياسة الخارجية الأمريكية .

إذا الفشل الأمني لإدارة المحافظين الجدد ، والفشل في ادارة السياسة الخارجية ، يعتبرآن النقطتان الخطيرتان اللتان تهددان وضع المحافظين الجدد في الإنتخابات الأمريكية القادمة ، بعد أن كانوا يراهنون عليهما كما ذكر اعلاه .

وإثبات فشل الرئيس بوش في ادارة السياسة الخارجية الأمريكية ممكن أن نقيسه من خلال المعايير التالية :

أولاّ : عندما أعلنت 27 شخصية امريكية منهم ديبلوماسيين متقاعديين ، وعسكريين متقاعديين ، بأن ادارة الرئيس بوش قادت الولايات المتحدة إلى حرب مكلفة سيئة الإعداد ومن دون نهاية واضحة . وبررت الحرب ، عن طريق التلاعب بمعلومات استخبارات ملتبسة وممله انتهازية لإقناع الرأي العام بأن صدام حسين كان مرتبطاَ مع القاعدة وبهجمات 11 سبتمبر ، وهو ما لا تدعمه الأدله .

ثانياّ : فضيحة سجن أبو غريب : تضعف من موقف الرئيس بوش في الإنتخابات ، ففي احدى الإستطلاعات الأمريكية ، قال 63 % من المشاركين أن التعذيب مرفوض   مطلقاّ ، فيما اعتبر 52 % أن حتى الضغط الجدي الذي يقل عن التعذيب مرفوض بشكل  مطلق ! . وهولاء الذين يرفضون التعذيب الذي يقوم به جنود بوش ، هم الذين سيحتاج بوش لأصواتهم في أواخر 2004 م ! .

ثالثاّ : ترتيب العراق مابين القضايا : في استطلاع امريكي حول ضمن قائمة 12    قضية ، وأي القضايا الإثنى عشر تعتبر أخطر قضية ، فأجاب المشاركين في استطلاع الرأي بأن العراق يعتبر أخطر القضايا في العالم ، بحيث صوت 21 % من المشاركين على أن قضية العراق تعتبر الأخطر . وهؤلاء المشاركين سيحتاج الرئيس بوش لأصواتهم في أواخر عام 2004 م ! .

رابعاَ : كما سأل استطلاع الرأي الأمريكي ، هل الشعب العراقي يعتبر الرابح أم الخاسر بالنتيجة ؟ فكانت النتيجة أن 48 % اعتبروا الشعب العراقي خاسراَ ، مقابل 39 % فقط اعتبروه رابحاَ . وأكدت هذه النتيجة أن بوش لم يحرز أي نجاح يذكر في تسويق مقولته عن انتفاع العراقيين من الغزو !! .

خامساّ : الصدمة الكبرى للإدارة الأمريكية ، عندما أجرى الأمريكان استطلاعاَ للرأي في العراق وشملت العينة 1300 شخص ، وكان السؤال أي الأيام تعتبر أفضل   للعراقين ؟ فأجاب 37 % منهم بـأن أيام حكم صدام أفضل للعراق من الوقت الحالي ، أي بأنهم يفضلون أيام حكم الرئيس صدام . و22 % من العينة يفضلون حكم مقتدى الصدر على الوجود الأمريكي !! .

وهذه النقاط اعلاه جعلت ادارة بوش تتصرف برعونة في اعلان استقلال العراق ، قبل أن يساعدوا العراقيين في ترتيب بيتهم من الداخل لإستلام ادارة بلادهم ، وإن كان هذا الإستقلال صوري ، ونحن نعتبر رعونة الأمريكان في استقلال العراق أسوأ من رعونتهم عند دخوله !! .

وإلى اللقاء دائماَ إن شاء الله ،،،

                                                              د . فهد بن عبدالرحمن آل ثاني

استاذ الجيوبوليتيكس / جامعة قطر

www.df-altani.com

عودة إلى ملف الطائفية في العراق

بسم الله الرحمن الرحيم

12/6/2005

أولاً : ما هي أبعاد الفرز الطائفي والمذهبي في العراق ؟!

نحن قلنا كثيراً ، ونكرره الآن ، بأن الطيف العراقي هو الأكثر تنوعاً من حيث التوازن فقط ، مقارنة مع باقي دول المنطقة ، ولكن ذلك لا يعني أن الفسيفساء الطائفية والعرقية العراقية تختلف كثيراً عن دول الخليج العربي ، لأننا لو قارنا العراق بالمملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية ، سنجد التالي من الناحية القومية ، ففي العراق : العرب ، والأكراد ، والتركمان ، والفرس ، وفي إيران أيضاً : الفرس ، والعرب ، والأكراد ، والطاجيك ، والبلوش 00 إلخ0 ولكننا نلاحظ بأن الأكراد كأقلية لهم تأثير بالمطالبة بحقوقهم في العراق أكثر منهم في إيران ، ويعود ذلك لأن أكراد العراق يشكلون ثلث سكان العراق ، وذلك يعني بأنه يوجد لهم وزن سياسي واجتماعي كبير في العراق ، وذلك مما يجعل العراق دولة متعددة القوميات ، وأفضل الحلول للعراقيين إذا أرادوا الاستمرار كدولة مراعاة التوازن القومي في عقدهم الاجتماعي الجديد ! 0

            أما بالنسبة لإيران فأغلبية السكان من الفرس ، ونسبة الأكراد قليلة بالنسبة لهم ، وذلك يجعل مطالب الأكراد الانفصالية قليلة التأثير على جسد الدولة المركزية ، حتى لو أعطتهم الدولة حقوقهم السياسية كاملة نسبياً 0

            وكذلك من الناحية الدينية لو قارنا الطيف العراقي مع دول الجوار لوجدنا التالي ، في العراق ، المسلمين ( السنة والشيعة ) والمسيحيين واليهود 00 إلخ ، وفي إيران ، المسلمين ( السنة والشيعة ) والمسيحيين واليهود 00 إلخ ، وفي السعودية ، المسلمين (السنة والشيعة ) ! 0

            ولكن الفرق ما بين العراق وجارتيها : إيران والسعودية ، هو بأنه في العراق يوجد توازن ما بين السنة والشيعة من الناحية العددية، ولذلك على المخططين السياسيين في عقدهم الاجتماعي القادم مراعاة هذا التوازن ما بين الطائفتين ، ومحاولة إيجاد وثيقة وطنية تلتف حولها جميع الفسيفساء العراقية الطائفية والعرقية ، أما بالنسبة لإيران فاختلافها عن العراق أن معظم الشعب الإيراني من المسلمين الشيعة ، وهذه الأغلبية تعطيهم نفوذ قانوني في السيطرة على الدولة من خلال القنوات الرسمية ، وإذاً في هذه الحالة على إيران مراعاة حقوق الأقليات الطائفية والمذهبية والعرقية فقط ، أما بالنسبة للعراق فلابد من توازن في عقدها الاجتماعي !! 0 وكذلك بالنسبة للسعودية ، فمعظم الشعب السعودي من المسلمين العرب السنة ، فهنا عندما يتم تعديلات دستورية في المستقبل القريب في السعودية ، فالسيطرة ستتم حتى من خلال القنوات الشرعية للعرب السنة في السعودية ، والمطلوب منهم مراعاة حقوق الأقليات فقط!!0

            أما بالنسبة للعراق فلابد لها من توازن في عقدها الاجتماعي!!0

            ومن هنا أدعوك للتفكير في الموضوع من منظور آخر ، قرأت قريباً لكاتب عربي اسمه جابر حبيب جابر في جريدة الشرق الأوسط ، رأي ربما كان ماثلاً أمامنا جميعاً ، ولكن الكاتب أعلاه سبقنا مشكوراً إلى الفكرة المميزة وهي : ” لا تشكل الدول المتجانسة قومياً ودينياً وعرقياً أكثر من 5% من مجموع الأسرة الدولية ، أما غالبيتها العظمى فتعيش شكلاً من التنوع ما بين تنوع بسيط وتنوعات كبيرة ، فيما لا يعني هذا أن التنوع وعدم التجانس لابد وأن يكون باعثاً على الاضطراب أو أن نقيضه باعثاً على الاستقرار ، فالصومال التي هي من بين الدول القليلة في العالم التي تحظى بتجانس قومي وديني ولغوي ، إلا أن كل هذا لم يمنعها من أن تشهد تمزقاً واضحاً وحرباً وصراعات قبلية ، في حين أن الهند التي تضم أكثر من أربعمائة جماعة عرقية تعيش استقراراً نسبياً مقبولاً ” 0

            النقطة المحورية والرئيسية التي أريد أن أصل إليها هنا لابد للعراقيين إذا أرادوا بناء عراق حر ومستقل ، لابد من وجود حسن النية والإرادة الجماعية لبناء وطن عراقي مستقل ، يراعي جميع الأطياف العراقية !! 0 وألا سيكون الخيار الثاني ، لا سمح الله ، لهم هو الفتنة ، والفتنة وإن جاءت ستدمر عليهم كل شيء ، وبعدها سيعودوا للبحث عن عقد صفقات جديدة لبناء وطنهم ، وأعتقد أن الأنموذج اللبناني ماثلاً أمامهم بعد حرباً طائفية استمرت أكثر من (15) عاماً ، وبعد أن دمروا كل البنية التحتية لدولتهم من النواحي المختلفة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والخدمية ، عادوا مرة أخرى لعقد الصفقات للعيش بسلام في وطنهم اللبناني ، وربما أفضل المشاهد التي رآها جميع العالم عندما كانت المعارضة اللبنانية للحكومة بعد مقتل رفيق الحريري ، تشكل من مختلف الطوائف والاثنيات اللبنانية ، وكذلك الاقتراب ما بين كمال جنبلاط الدرزي والشيخ حسن نصر الله قائد حزب الله الشيعي ، ومغازلة عون للطوائف المختلفة !! 0

            أعتقد بأن الرسالة اللبنانية واضحة لجميع العالم بأن الوطن من حق الجميع أن يعيش فيه بأمن وسلام ومساواة في الحقوق ، وذلك يأتي بالتفاهم ، وليس بالحديد والنار والفتنة !! 0

            ثانياً : إلى أي مدى تنطوي هذه الحالة من أخطار على منطقة الخليج؟0

      أعتقد وبكل تفاؤل بأن الأخوة في العراق هم الذين سينقذون الموقف ، وبتفاهم فيما بينهم سوف يقومون على إنشاء دولة مؤسسات عراقية مثالية تراعي الحقوق والواجبات لجميع الفسيفساء العراقية 0 ومن يدري بدلاً من أن نكون متخوفين في مناطق الخليج الأخرى من انتقال الفتنة من العراق إلى الجوار العراقي ، تنعكس الآية ، وتنتقل نظرية دولة المؤسسات العراقية الناجحة إن شاء الله إلى باقي الجوار العراقي ، وهذا سيساهم إن شاء الله في القضاء على جميع الفساد البنيوي في منطقة الخليج العربي !! 0

                        وإلى اللقاء دائماً إن شاء الله

حوار في الملف العراقي في 30 يونيو 2004م

بسم الله الرحمن الرحيم

6/6/2004

 الاستفسار الأول : كيف ترى دور الدول العربية في الملف العراقي بعد 30 يونيو 2004م ؟

 نعتقد بأن معظم الدول العربية ، وطبعاً هنا نقصد الأنظمة حيث أنهم قد تعاملوا بطريقة سلبية مع الملف العراقي منذ بدايته 0 ودعنا نعود قليلاً إلى الفترة قبل احتلال أمريكا للعراق  0 فالموقف التنظيمي العربي لم يتبلور آنذاك ، هل هو كان مع العدوان الأمريكي ضد العراق ؟ أم ضد العدوان الأمريكي على العراق ؟ 0 ومن هنا نذكر لكم قبل أن تغزو أمريكا العراق ، عندما سئل رامسفيلد : كيف ستغزون العراق ودول الجوار العربي للعراق جميعها رافضة هذا الغزو ؟ 00 ” فكانت إجابة رامسفيلد بأن جميع الدول العربية الرافضة للغزو ظاهرياً ، قد اعطتنا الضوء الأخضر بيننا وبينهم لكي نغزو العراق ” أي أننا نستطيع أن نفسر ما قاله رامسفيلد بأن بعض الأنظمة العربية في تعاملها مع أزماتها القُطرية الإقليمية لها أسلوبين 00 الأسلوب الأول ظاهري ، والأسلوب الثاني باطني 00 وإذا كانت بعض الأنظمة العربية هذه هي تصرفاتها مع إدارة الأزمات ، فهذا الأسلوب يختلف مع جميع مدارس الإدارة السياسية ، سواءً كانت واقعية ، أم أخلاقية ، وبذلك تفقد الأنظمة السياسية العربية مصداقيتها أمام شعوبها 0 ومن هنا نوجه استفسارنا للقارئ الكريم : إذا فقد النظام مصداقيته القُطرية ، هل تتوقع أن يكون له أي دور إقليمي ؟  0

 الاستفسار الثاني : هل تعتقد أن نقل السلطة للعراقيين سيكون حقيقياً أم شكلياً؟

 الولايات المتحدة الأمريكية عندما ذهبت للعراق كان لها أهداف معلنة ، وأهداف غير معلنة : أولاً : الأهداف المعلنة : (أ) تدمير أسلحة الدمار الشامل (ب) تحويل العراق إلى دولة نموذجية ديمقراطية ، ومن ثم نقل النموذج العراقي للدول الإسلامية الأخرى 0 ثانياً : الأهداف الغير معلنة : (أ) السيطرة الأنجلو أمريكية المطلقة على النفط العراقي (ب) القضاء على العمق المكاني الذي كان العراق يلعب فيه دوراً مركزياً للصراع العربي الإسلامي من جهة ، ومع الأسطورة الصهيونية من جهة أخرى (جـ) ارسال رسالة للدول التي صفتها أمريكا في محور الشر بأن من لم يذعن لهم ، سيكون مصيره مثل مصير العراق ، وهذا الضغط بالفعل أتى اؤكله مع بعض الأنظمة العربية  0

 الآن نستطيع أن نقول لكم بعد مرور أكثر من سنة على الاحتلال الأمريكي للعراق، لم تستطع أن تحقق أمريكا أياً من أهدافها المعلنة ، وذلك أفقد المحافظين الجدد مصداقيتهم أمام الناخبين في أمريكا ، وبالتالي أصبحت الإدارة السياسية للمحافظين الجدد مرفوضة في الإدارة السياسية للشأن الأمريكي الداخلي ، ومرفوضة في إدارة السياسية الخارجية الأمريكية ، وبالتالي هذه الإدارة جعلت الولايات المتحدة الأمريكية في منعطف خطير في تعامله مع العالم ، وكما نعرف جميعاً : أساس الإدارة السياسية الصادقة قائم على المصداقية أي الجوانب المعنوية ، والإدارة الأمريكية الحالية فقدت المصداقية في الداخل والخارج ، كما نتابع ذلك في التقارير الأمريكية ، أي أن إدارة الرئيس بوش وضعت الولايات المتحدة الأمريكية في مأزق0 أما بالنسبة للأهداف الغير معلنة ، فبسبب المقاومة العراقية الباسلة ، لم تستطع الولايات المتحدة إلى الآن السيطرة على قطاع النفط العراقي ، ولم تستطع إلى الآن تغيير مبدأ العراقيين والذي يرتكز على رفض النظرية التوسعية الصهيونية ، وذلك يمثل أكبر صدمة للأمريكيين ، فبعد القضاء الظاهري على حزب البعث العراقي ، وعلى التيار القومي العربي العراقي ، وما زلنا نقول ظاهرياً ، صُدم الأمريكان عندما وجدوا التيارات الإسلامية ( السنة والشيعة ) أكثر تشدداً في تعاملها مع الملف الصهيوني ، ولكن الشيء الذي لا نستطيع أن ننكره ، وأن أمريكا استطاعت أن تحققه مؤقتاً ، وانتبه عندما نقول ( مؤقتاً ) ، هو الاذعان الكامل لبعض الأنظمة التي كانت تعتبرها أمريكا متطرفة سابقاً ، وكذلك جميع الأنظمة التي كانت تعتبر من محور الشر الأمريكي سابقاً ، بعد احتلال أمريكا للعراق ، خفضت اللهجة بشكل كبير في تعاملها مع الملف العراقي ، أو مع الولايات المتحدة الأمريكية  0

 أما خلاصة القول عن الانسحاب الأمريكي من العراق ، فأمريكا فعلاً من الناحية الفنية بين المطرقة والسندان ، لأنها استنفذت جميع أوراق اللعب في العراق 00 فمثلاً: خسرت أمريكا عمقها الأوربي ، وخسرت أمريكا الدول المتحالفة معها في العراق مثل: أسبانيا وهندرواس وبولندا في الطريق والبقية تأتي ، ولم تستطع أمريكا تشكيل قوة بديلة لكي تكون في المقدمة ، ويكون دور القوات الأمريكية رقابي في الخلف فقط، وكان من المفترض أن هذه القوات البديلة من العالم النامي مثل : الهند والباكستان وبنغلاديش وبعض الدول العربية ، كذلك لم تستطع إنشاء قوات عراقية موالية للاحتلال لكي تكون في الواجهة لاخماد أية مقاومة عراقية ، مما جعل القوات الأمريكية في المواجهة ، ونتيجة ذلك جعل القوات الأمريكية تقدر خسائرها بأكثر من ثلاثة آلاف أمريكي منهم 700 قتيل تقريباً إلى 27/4/2004م ، وذلك يعني أن الخسائر الأمريكية في العراق في أول سنة ، أكثر من الخسائر الأمريكية في أول سنتين عندما احتلت الولايات المتحدة الأمريكية فيتنام حسب بعض المصادر الأمريكية  0

 الأوراق الأخرى التي حاولت أن تلعب بها الإدارة الأمريكية في العراق هي : محاولة اللعب بالبطاقات القومية مثل : العرب ضد الأكراد ، والأكراد ضد التركمان ، والعرب ضد الفرس ، والبطاقات الطائفية مثل : الشيعة ضد السنة ، والبطاقات الأيديولوجية السياسية مثل : القوميين والبعثيين ضد الإسلاميين ، بمعنى آخر حاولت أمريكا أن تلعب بسياسة فرق تسد في الشأن العراقي ، ولكن العنصر الإيجابي الذي نستطيع أن نسجله للشعب العراقي الشهم هو بأنه لم يستدرج للوقوع في شراك المحاولات الاستعمارية الخبيثة  0

 وأخيراً السؤال التقليدي الذي دائما يوجه لنا كمتخصصين في الجيوبوليتيك كيف تقرأ المشهد العراقي في 30 يونيو 2004م ؟ 0

 والإجابة هي : نرجو من المختصين في هذا الشأن العودة إلى مقالة لنا نشرت في صحيفة الراية الغراء على ما أذكر في أواخر 2002م أو بداية 2003م تحت عنوان : الجيوبوليتيكا الميتافيزيقية للعراق ، وكذلك نشرت نفس المقالة في مجلة الأهرام العربي الموقرة ، وهذه المقالة نشرت قبل خمسة شهور من الغزو الأمريكي للعراق ؟  ، وقبل سنة ونصف عن المشهد العراقي في 30 يونيو 2004م ، وما يحدث للعراق اليوم ، 90% منه هو ما توقعناه في المقالة ، وذلك بفضل اللّه سبحانه وتعالى أولاً وأخيراً ، لأنه وفقنا بمعرفة العمق الاستراتيجي للعراق ، وأوراق اللعب التي كان متوقعاً أن يلعبها المحافظين الجدد في العراق  0 وقد توقعنا أن العمق الاستراتيجي للعراق ، سيفُشل جميع أوراق اللعب الأمريكية  0

 وإلى اللقاء دائماً إن شاء اللّه ،،،

تفكيك وإعادة تركيب دولة

بسم الله الرحمن الرحيم

6/6/2004

 في دراسة نشرت لنا في أغسطس 2002م تحت عنوان ” سايكس بيكو 2002م ” في الراية العدد 7407 وفي مجلة الأهرام العربي العدد 286 ، وأوضحنا في احدى مواضيع الدراسة أهمية تفكيك وإعادة تشكيل دول العالم النامي بالنسبة للقوى العظمى ، أو بالنسبة للقوى المسيطرة على العالم 0

 وقبل أن نخوض في الموضوع علينا أن ننبه كل قوة عالمية جديدة مسيطرة على العالم ، أو حتى قوة عالمية قديمة سيطرت على العالم ، ما بين كل فترة زمنية وأخرى لابد لها من إعادة تشكيل العالم من خلال ما يسمى بالنظام العالمي الجديد ، والهدف من إعادة التشكيل هو تقييم آليات السيطرة السابقة والاحتفاظ بالمناسب منها ، والبحث عن آليات سيطرة جديدة تتواكب مع روح العصر ، وبالنسبة للدول للأسف إعادة التركيب تعني حل الدولة بشكل كلي أو جزئي وإعادة تشكيلها بما يتناسب لترسيخ السيطرة العالمية للقوى العظمى المعاصرة .. 0

 والقوى العظمى الأحادية المعاصرة الآن ممثلةً بالولايات المتحدة الأمريكية تعاني من مجموعة المشاكل منها أولاً  عدم نجاح أسلوب العولمة الذي ينادي إليه العالم ، ثانياً  عدم نجاح النموذج الليبرالي الأيديولوجي الذي قدمته للعالم النامي ، ثالثاً  بدأت تقترب من الانهيار الاقتصادي ، والدليل على ذلك مقدار العجز في ميزانها التجاري قارب من 500 بليون دولار 0

 ولو عدنا قليلاً للتاريخ قبل الحرب العالمية الثانية سنجد بأنه قبل الحرب العالمية الثانية كان هناك انهيار كلي للاقتصاد الأمريكي ، وبعد نهاية الحرب تحول هذا الانهيار إلى انتعاش اقتصادي أمريكي وانعكس على العالم ويعود ذلك بسبب ارتفاع الطلب على جميع السلع بعد الحرب ، ومن هنا قلنا في دراسة سايكس بيكو 2002م التالي  عندما ينهار نظام اقتصادي معين في العالم ، لابد للقوى المخططة للعالم أن تغير من هيكلة العالم من النواحي التالية  الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والمجال الجيوسياسي ، فمثلاً الأزمة الاقتصادية التي حدثت للعالم في عام 1929م ، كانت بداية هذه الأزمة أن زادت المنتجات الزراعية والصناعية في الولايات المتحدة الأمريكية بدرجة كبيرة  زيادة العرض  ولم تجد توزيعاً ، فوقفت الصناعات وتبع ذلك ضياع الكثير من الأموال في الصناعة على البنوك وتهافت الناس على البنوك يسحبون أموالهم لفقدان الثقة 0 وحدث انهيار اقتصادي في نيويورك في أكتوبر 1929م ، وتبعتها بعض المدن الأمريكية ثم بعض الدول الأخرى 0

 وهبط الانتاج العالمي حتى عام 1932م بمعدل 38% مما كان عليه قبل الأزمة 0 واستمر وضع الاقتصاد العالمي متذبذباً ولم يجد عافيته مرة أخرى إلا بعد الحرب العالمية الثانية ، وهو من خلال الاجتماع الشهير الذي عقد في بريتون اند ودز ما بين هويت الأمريكي وكينز الإنجليزي وآخرين وتم خلاله ظهور صندوق النقد الدولي ، والبنك الدولي للإنشاء والتعمير ، والجات ، وأصبحت السيادة المطلقة للدولار الأمريكي في الأسواق العالمية . 0

 أما بالنسبة لتاريخنا المعاصر فالولايات المتحدة الأمريكية بعد الانهيار الذي أصاب أزون ، وورلد دوت ، وتيكو ، وزيروكس ، وخسائر وول ستريت في شهر يوليو 2002م فقط وصلت إلى 7 مليار دولار ، بسبب الهبوط الحاد في أسعار الأسهم.0

 وللخروج من كارثة الانهيار أعلاه لابد للولايات المتحدة من عمل تفكيك وإعادة تشكيل للعالم ، حتى لو تطلب ذلك إعادة تشكيل الخارطة الجيوسياسية لبعض الإقاليم العالمية بشكل كامل ، ومن فوائد إعادة التشكيل هو صناعة طلب ضخم على السلع الاقتصادية ، والطلب الضخم يساهم في صناعة انتعاش اقتصادي 0

 والذي ذكرناه في دراسة سايكس بيكو 2002م ، عند تشكيل دول جديدة تمر الدولة في مرحلة الفوضى (Anarxchy) وذلك يمثل الحالة التي وضعت أمريكا العراق فيها الآن 2003م وبعد أن يتم إعادة تشكيل الدولة ستمر الدولة في مرحلة الطفولة وبعد ذلك مرحلة الشباب وفي المرحلتين ستبحث الدولة عن التالي  الاستقرار ، وستحتاج الدول الجديدة إلى تأسيس بنية تحتية ، وذلك يمثل الطرق المعبدة ، والسكك الحديدية ، والمطارات ، والموانئ البحرية والبرية ، والتعليم ، والصحة ، والقطاعات المالية ، والقطاعات التجارية ، والصرف الصحي ، والمياه ، والكهرباء ، والمشاريع الزراعية ، والصناعات الاستخراجية ، والصناعات التحويلية 000 إلخ 0 وبمعنى آخر ستحتاج المنطقة العربية إلى ثورة تنموية تشمل جميع القطاعات الأولية والثانوية والثالثة ، وطبعاً سوف نستورد جميع ذلك من أسواق عالم الشمال .. 0

 كل المذكور أعلاه قلناه في عام 2002م وذلك قبل الاحتلال الأمريكي للعراق ، والآن ما قلناه في عام 2002م وصل إلى مرحلة التنفيذ من خلال التالي  في تقرير في صحيفة
(Finacial Times Nov. 18th. 2003)  ” انتعاش التجارة الأردنية بعد أن تحولت الدولة العراقية إلى قطع غيار ” للكاتب Nicolas Pelham

 وهدف الكاتب هو التنبيه للخطر الذي يحيق بالعراق بعد ما تم تفكيك وتصدير البنية التحتية للدولة العراقية إلى الدول المجاورة جغرافياً  الكويت وإيران وتركيا والأردن وبطريقة أصعب ، المملكة العربية السعودية . 0

 ويقول الكاتب بأن بعض السماسرة يقولون بأن البنية التحتية العراقية المهربة تخرج من خلال الحدود العراقية الرسمية التي يسيطر عليها الأمريكان ، وذلك من خلال دفع بعض الرشاوي للأمريكان المشرفين على الحدود العراقية ، وكل شاحنة عراقية تحتوي على مواد مهربة تدفع رشوة بما يقارب 2500 دولار لكي يسمح لها بالخروج من العراق .. 0

 ويقول الكاتب بأن النحاس والألمنيوم والحديد والصلب العراقي ، يهرب إلى مخازن السوق الحرة في مدينة الزرقاء الأردنية 0 وتستقبل المملكة الأردنية الهاشمية يومياً ما يقارب من 25 شاحنة عراقية تحمل ما يقارب 500 طن من المعادن العراقية.0 ويقول التجار أن مصادر هذه المعادن هي  الألمنيوم  مصدره الأبواب والشبابيك العراقية والرادياتيرات  مبرد المياه  ، ومصدر النحاس من  توربينات الماء والأنابيب ، وأسلاك الكهرباء ، والأسلحة والذخائر طبعاً وذلك بعد صهرها .. 0

 ويقول الكاتب في حالة الفوضى التي يعيشها العراق ، وأجور العراقيين لا تتعدى عشرة دولارات 10 دولار للفرد ، ولكن عندما يقوم العراقي بالاستحواذ على ما يقارب من طن من معادن البنية التحتية العراقية ، يستطيع أن يرفع دخله إلى 700 دولار شهرياً ، وخاصةً إذا انعدمت التوعية لأهمية هذه المعادن الاستراتيجية، فما الذي يحمي العراق من السلب ؟  إذا كان قيمة طن النحاس 700 دولار ، ويباع في الأردن بـ 1500 دولار ، وذلك يعفي الشاحنة التي تحمل 25 طن صافي ربح يصل إلى 000ر10 دولار ، وذلك يجعل تجارة تهريب البنية التحتية العراقية أفضل حتى من تجارة المخدرات 0

 ويضيف التقرير بأن الأردن ، أو السوق الحرة الأردنية في الزرقاء لا تعتبر المركز النهائي لتسويق النحاس العراقي ، وذلك لا يبشر بخير لأن لو كانت الأردن هي السوق الوحيدة ، لشكل ذلك اكتفاءً ذاتياً ، وستتوقف عمليات التهريب للأردن ، ولكن الأسوأ من ذلك هو أن الأردن أصبحت مركز إعادة تصدير للبنية التحتية العراقية إلى كل من  المراكز التجارية المشهورة عالمياً مثل  دبي والهند وأوربا 00 إلخ 0

 القضية الحقيقية كاتب التقرير أعلاه استطاع أن يصل لأماكن تجارة تهريب البنية التحتية العراقية ، وكتب تقريره ، ولكن ياريت الأردن هي الوجهة الوحيدة للتهريب ، لأن ذلك سيتم السيطرة عليه بسهولة بالتعاون مع الحكومة الأردنية ، ولكن هناك وجهات أخرى يهرب إليها معادن البنية التحتية العراقية ، والثروة الحيوانية العراقية ، والسلع الاستراتيجية العراقية الأخرى ، وقوات التحالف الجانب القيادي منهم يتظاهر بأنه لا يدرك شيئاً ، أما الجند العاديون فأصبحوا يحققون دخلاً كبيراً من خلال الرشاوي التي يتلقونها من السماسرة مقابل السماح لهم بتهريب الثروات العراقية الاستراتيجية.. 0

 ومن هنا نستطيع أن نقول لكم ما وضعناه في التصور الاستراتيجي للمنطقة في سايكس بيكو 2002م قبل احتلال العراق بسنة تقريباً ، بأن الاستراتيجية وصلت إلى مرحلة التنفيذ وذلك من خلال التالي

 أولا ً احتلال الدولة ، ثانياً  بيع وتحطيم جميع البنية التحتية للدولة ، ثالثاً  إعادة تشكيل دولة أو دويلات من الدولة ، وأخيراً  إدخال الشركات المتعددة الجنسيات العالمية لسلب جميع موارد الدولة ، ولتنفيذ ذلك ستحتاج كل دولة شرق أوسطية لفترة زمنية تصل إلى 50 سنة ، وبعد مرور هذا الزمن سيخلق نظام جديد للمنطقة .. 0

 وإذا لم تتحرك الدول العربية والإسلامية والمنظمات العربية والإسلامية مثل  الجامعة العربية ، ومنظمة المؤتمر الإسلامي ، والمنظمات الإقليمية مثل  مجلس التعاون الخليجي ، فسوف تجد جميع الدول العربية والإسلامية يطبق عليها السيناريو الاستراتيجي أعلاه مثلها مثل  الكارثة التي حدثت لأشقائنا في العراق .. 0

 وإلى اللقاء دائماً إن شاء اللّه ،،،

المبررات لا تصنع شرعية أمريكية في العراق

بسم الله الرحمن الرحيم

6/6/2004

 لا نتعتقد أنه يختلف ما بيننا اثنان ( إلا ماندر ) ، على أننا جميعاً من الناحية المثالية نتمنى تحقق معظم المصطلحات التي يرددها المسؤولين الأمريكان على أرض الواقع ، مثل

الديمقراطية ، والتعددية ، والحرية ، وتكافؤ الفرص من حيث توزيع الوظائف وتوزيع الدخل والمشاركة السياسية وتداول السلطة والأمن الجماعي 00 إلخ 0

 لكن ما يردده المسؤولين الأمريكان شيء ، وما يطبقونه على أرض الواقع شيئاً آخر ، وسوف أسوق لكم مثال بسيط ، عن أحد المسؤولين الفاسدين الذين تستخدم أمريكا منهم

الكثير كحصان طرواده لاستعمار العالم النامي قبل الحرب على العراق ، قال  بأنه ضد الحرب ، وضد أي عمل إصلاحي يتم بالعنف أو استخدام القوة 00 إلخ0 وبعد نهاية الحرب واحتلال

العراق نفس المسؤول قال  نحن مع تحرب تحرير العراق ، وشاركنا فيها ، ونعتبر الحرب عمل إنساني جليل  0 في هذه الحالة ندعو المواطن والقارئ الشريف في العالم النامي والإسلامي

والعربي ، عندما يصرح مسؤول على شاكلة الفاسد أعلاه ، فأي تصريح من هذه التصاريح تريدون هنا كمتخصصين في العالم النامي أن نضع استراتيجية خاصة بنا لكي نقوم على تطوير

العالم الذي ننتمي له  0

 وإذا سمحتم لنا بالإجابة  فاجابتنا هي  لا واحد من هذين التصريحين ، بل سوف نضيف لكم مادام عالمنا الإسلامي يقوده مثل هذا المسؤول ومن على شاكلته ، فمكاننا محجوز

طبعاً في ذيل قائمة الأمم ، كما أوضحت لكم سابقاً في مقالة نشرتها الراية بعنوان  نحو ميكانزم إصلاحي للعالم الإسلامي  0

 أما بالنسبة للفكر الأمريكي والعالمي على عملية احتلال العراق من الممكن أن نقرأه من خلال مناظرات مجموعة من متخذي القرار وقادة الفكر في العالم  فدونالد رامسفيلد

وزير الدفاع الأمريكي يقول في  Herald Tribune March 20-21,2004 عندما سألته الصحفية الكورية الجنوبية ، لماذا أبناء كوريا يموتون في العراق ؟ 0 فأعاد إليها رامسفيلد

السؤال بطريقة أخرى  لماذا أبناء أمريكا يموتون في كوريا ؟0 وبعد ذلك أضاف رامسفيد اجابته بطريقة غير مباشرة ، هو  بأن أمريكا قدمت 23 ألف قتيل أمريكي في سبيل حرية كوريا

الجنوبية ، وكذلك فعلت أمريكا بالنسبة لمشاركتها في حرية باقي القوات الرئيسية في العالم وذلك ألمانيا ، وفرنسا ، وإيطاليا، ومنطقة المحيط الهادي في الحرب العالمية الثانية  0

 وهنا لنا تعليق على ما قاله رامسفيلد ، وذلك بأن مشاركة أمريكا في الحرب العالمية الثانية ، كانت بالنسبة لها حياة أو موت ، أو هل تصبح أمريكا دولة قائدة ام دولة تابعة ؟

0 ونضيف على ذلك بأن خطر الحرب العالمية كان يهدد أمريكا من الجانبين ، في المحيط الأطلسي ، والمحيط الهادي  ، فكان لأمريكا الخيار  إما تشارك ، أو إلى أن ينقل المنتصر الحرب

إلى أرض العالم الجديد ، فمثلاً بالولايات المتحدة الأمريكية ، علماً بأن المشاركة الأمريكية الفعالة لم تأت إلا بعد بيرل هادبر0

 أما بالنسبة للحرب الكورية في الخمسينيات من القرن الماضي ، فكانت بداية الحرب الباردة ما بين الكتلة الغربية بقيادة الولايات المتحدة ، والكتلة الشرقية مع الاتحاد

السوفيتي 0 وكان أكبر استراتيجية أمريكية بالنسبة للشرق الأقصى هو عدم وصول نفوذ المدرسة الشرقية إلى المياه الدافئة من المحيط الهادي ، وذلك يستعمل على نطاق النفوذ الأمريكي

الممتد من اليابان إلى تايوان 0 والمقصود هنا التواجد الغربي المباشر على البوابة الجنوبية الشرقية للاتحاد السوفيتي ، والشرقية للصين من ناحية ، ومن الناحية الأخرى هو

الاستراتيجية أن يبقى المحيط الهادي منطقة نفوذ أمريكية 0

 ويقول رامسفيلد بأن العراق ، دولة راعية للارهاب ، وعندها برامج لأسلحة الدمار الشامل ، وعندما أمرناه بإلغاء برامجه للتسليح ، كما فعلت كلٌ من كازخستان وجنوب

أفريقيا وأوكرانيا ، وفعلت ذلك ليبيا بعد احتلال العراق 0 العراق كان عنيداً ولم يفعل ذلك  0 ولكن سؤالنا هنا للسيد رامسفيلد ، ذهبت إلى العراق ومن دون غطاء دولي ليعطيك شرعية

الحرب ، وكانت بطاقتك الوحيدة لكي تثبت بان اعتدائك على العراق مبرر هو إيجاد برامج أسلحة دمار شامل عراقية تمثل خطراً على أمريكا والشعب الأمريكي ، ولكن لسوء حظ رامسفيلد

بأنه لم يستطع أن يثبت ذلك ، لأن ذلك سيعطيه حجة قوية أمام مجلس الأمن  0

يقول السيد رامسفيلد  بأن الرئيس العراقي السابق صدام حسين ، استخدم الأسلحة الكيماوية ضد إيران ، وضد بعض مواطنيه ، واستخدم الصواريخ البلاستية ضد  إيران وإسرائيل

والسعودية والبحرين ، وجنود صدام اطلقوا الصواريخ ضد الطائرات الأمريكية والبريطانية في النطاق العراقي المحظور على الطائرات العسكرية العراقية الطيران فيه ، قبل عملية احتلال

العراق ، أو حرية العراق كما تسمى  0 ولكن استفسارنا في هذه الحالة  من الذي درب العراقيين في عهد صدام حسين على استخدام الأسلحة الكيماوية ؟  0 أما بالنسبة لاحتجاجه على

الاعتداء على إسرائيل بالصواريخ البلاستية  ماذا عن الشعب الفلسطيني الذي تعتدي عليه إسرائيل يومياً في الضفة الغربية في قطاع غزة ؟  0

 يقول السيد رامسفيلد  إن الحكومة العراقية الانتقالية طبعاً المعينة أمريكياًا ، صادقت بالاجماع على الدستور العراقي 0 والذي يحتوي على  حرية العقيدة ، نقول له بأن ذلك

ضد الدين الإسلامي ، والحق في التجمع وتأسيس الأحزاب ، ونذكر رامسفيلد بأن الأحزاب التي تقوم على أساس ديني محظورة ، ويعطي الدستور الحق في التصويت ، والحق في التقاضي

، ويحرم التفرقة على أساس الجنس ، أو القومية أو الديانة ، وكذلك يحرم الاعتقال  0

 ما تباهى به رامسفيلد أعلاه معظم فئات الشعب العراقي رفضوه الآن سواءً كانوا من الشيعة أو السنة ، وحتى الأكراد عندهم بعض التحفظ عليه  0

 يقول رامسفيلد  بأن أمريكا لم تخوض الحرب في العراق للتسلية ، وإنما لحرية الشعب العراقي ، وبعد هذا النموذج سيكون للشرق الأوسط 0 وهذا المجهود سيكون عدلاً كما

تشاهدونه الآن في كوريا الجنوبية ، واليابان ، وألمانيا ، وإيطاليا  0

 هذه الفقرة الأخيرة سبق وأن أجبنا على أمريكا فيها عدة مرات ، وهو بأن العراق ليست اليابان ولا ألمانيا ، الدولتين الأخيرتين قبل الاحتلال كانتا دولتان تقودان العالم من

حيث برامج التصنيع ، ومستوى البنية التحتية والخدمات 0 أي بمعنى آخر بأن القاعدة الشعبية في ألمانيا واليابان كانت جاهزة للانطلاق ، وكانت تحتاج فقط للآليات السليمة لإعادة

الانطلاق في برامج التنمية التي كانت موجودة عندهم أصلاً 0 وهذا الشيء طبعاً مختلفاً في العراق والشرق الأوسط ، لأن العراق يحتاج أصلاً لبنية تحتية قوية ، وبرامج ضخمة في

القطاعين الثانوي والأول ( الصناعي والزراعي ) ، والتطوير التدريجي لبرامج شعبية لاستلام الإدارات المحلية للدولة ، وننسى هذا النموذج الذي يحتاجه الشرق الأوسط  ، لا أن تزرع

أمريكا بعض الفاسدين والذين يقاتلون للمصالح الأمريكية لقيادة الشرق الأوسط ، وبعد ذلك تقول أمريكا قدمت لكم الحرية ، ونحن شريحة المثقفين الشرق أوسطيين مازلنا نقول لأمريكا أين

الحرية التي قدمتيها لنا؟ هل بالفعل قدمتي لنا عدالة توزيع الوظائف ؟ هل بالفعل قدمتي لنا عدالة توزيع الدخل ؟ هل بالفعل قدمتي لنا حرية الأمن الداخلي والمطالبة بحقوقنا المسلوبة ؟ 0

ام السيد رامسفيلد أصبح متخصصاً في المثل الشعبي العربي الذي يقول  كلام الليل يمحوه النهار  0

 تعليقي الذي ذكرته أعلاه يؤيده حتى بعض المفكرين الغربيين ، فستانلي ديسيس يقول في  Hearld Tribune 27th, 28th, March 2004.  ما عمله الغرب في

القرون ، لا تتوقعوا الآخرين يعملونه في ليلةً وضحاها ، ويستعين بما قاله الشاعر ارشبيل ماكليش  الديمقراطية من المستحيل أن تكون شيء يصنع ، الديمقراطية هي يفترض أن تمارسه

الأمة بأكملها 0

 ويضيف ستانلي بأن الاقتصاد القوي والاستقرار هو الطريق السليم للديمقراطية في المستقبل  0 ويقول ليست عدالة التصويت فقط ، بل البطن الملآن ، الاثنان معاً يقودان

إلى الممارسات الديمقراطية 0

 يقول ستانلي ديسيس  من هتلر ألمانيا ، إلى مولسيفتش صربيا ، إلى اريستيد هاييتي جميعهم وصلوا إلى السلطة بالديمقراطية ، وبعد وصولهم حذفوا الديمقراطية التي

أوصلتهم إلى السلطة في سلة المهملات ، ويضيف بأن جبهة الانقاذ الإسلامي التي فازت بانتخابات الجزائر عام 1991م ، كان اعلانهم واضح وصريح وهو عندما يصلون إلى السلطة لن

يكون هناك انتخابات بعد الانتخاب التي أوصلهم للسلطة ، ويقول ستانلي بأن ذريعتهم في ذلك أن الحكم للّه سبحانه وتعالى 0

 وهنا ينجح ستانلي بما قدمه معهد بيت الحرية للمستقبل ، بحيث يقول المعهد بأن الديمقراطية والحرية يعتبران آليتان مختلفتان 0 فالديمقراطية تمثل القدرة على اختيار من

يمتلك ، أما الحرية فهي الممارسات الشخصية للأفراد لحياتهم السياسية والاقتصادية00 إلخ 0

 وتعليقنا إن كنا نتفق مع ستانلي أدسيس ضد رامسفيلد بأن الديمقراطية لا تقدم مع أفراد الدبابات أو معلقةٍ بالصواريخ والقنابل ، وإنما تقدم من خلال قاعدة بنية تحتية صلبة ،

ينطلق منها الإنسان ، ولكن اختلافنا معهم في عنصر الحرية ، بحيث يكون مدى تطبيق الحرية ما يتناسب مع مفاهيم كل مجتمع من معتقدات ومبادئ وقيم  0 وليس استخدام حجج ستانلي

أدسيس للوصول للديمقراطية الحقيقية هي  يقول عليك أن تضع الاقتصاد في مكانه الصحيح القوي ، وهنا الصورة واضحة على أن تكون هناك تنمية اقتصادية قوية ويصاحبها شفافية

رقابية دقيقة حتى لا يذهب المال العام ولا يهدر، وإذا استطاعت الدولة أن تحقق ذلك ، سوف تؤهل طبقة وسطى كبيرة في المجتمع، وهذه الطبقة الوسطى سيكون عليها تحقيق الديمقراطية ،

وهنا يضيف على العالم النامي أن يتعلم من اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان وهونج كونج وسنغافورة بحيث الطبقة الوسطى تطورت عندهم من خلال استثماراتهم الجبارة في قطاع البنية

التحتية مثل الصحة والتعليم 00 إلخ 0

 وعكس ذلك نلاحظ دولاً غنية بالموارد الطبيعية مثل فنزويلا وانجولا 00 إلخ 0 ولكن هذه الدول فشلت في استثمار ريع مواردها الطبيعية على قطاعات البنية التحتية، وذلك

جعلها متخلفة من حيث الدخل والتعليم والصحة ، مع الدول المذكورة أعلاه في شرق آسيا ذات الموارد الطبيعية الشحيحة  0

– بول كرونجمان في Hearld Tribune , 20-21 March, 2004.  ينتقد مقولة الرئيس بوش الشهيرة في 20/9/2003م ( الذي ليس بمعنا فهو ضدنا ) 0

 ربما تصريح بوش الغريب آنذاك جعل الولايات المتحدة تحصل على دعماً دولياً ضد الأرهاب ولكن كما يقول كرونجمان ، بأن أمريكا بعد أن ذهبت إلى العراق للبحث على

أسلحة الدمار الشامل ، ولم تثبت للعالم وجود هذه الأسلحة أفقدها الكثير من المصداقية 0 والدليل على ذلك المعسكر الفرنسي المعارض للحرب على العراق أصبح يتبعه الكثير من الدول

التي كانت تعتبرها أمريكا أوربا الجديد مثل الحليف الأسباني لأمريكا الذي أعلن سحب جيشه من العراق في شهر يونيه 2003م ، والحليف البولندي لأمريكا الذي أصبح مشككاً في مصداقية

الرواية الأمريكية عن أسلحة الدمار الشامل  0

– أما روبرت كاجان في دورية  Foreign Affairs March, April. 2004. ، فيبدأ مقتبساً ما قاله فيشر وزير خارجية ألمانيا في أمسية الاعتداء الأمريكي على العراق  ما

هو شكل العالم الذي نريد ؟ 0 ويضيف كاجان  بأن هذه الحرب في وقت ما بين العالم الحر والديمقراطي فــ 80% من استطلاعات الرأي الأمريكية كانت مع الحرب ضد الارهاب التي

خاضتها أمريكا في العراق ، وأكثر من 50% في أوربا كانت ضد الحرب الغير شرعية في العراق  0

 وهنا يقتبس كاجان رواية فوكاياما التي أسماها نهاية التاريخ التي يسود فيها العالم الديمقراطي الليبرالي ، ولكن كاجان يرى عكس هذه النظرية ، لأن الحرب على العراق

أدت إلى وجود صراع ما بين العالم الديمقراطي والحر  0 وحجة الأوربيين بأن هذه الحرب غير شرعية لا يدعمها قراراً من مجلس الأمن يفوض أمريكا باستخدام العنف ضد العراق 0

 طبعاً الرد الأمريكي على أوربا ، هو بأنه عندما ذهبتا أمريكا وأوربا إلى كوسوفو كانوا ذاهبين من دون تفويض من مجلس الأمن 0 ويضيف كاجان ، رغم أن إبرز

الاستراتيجيين الأمريكيين كانوا ضد التدخل الأمريكي في كوسوفو فمثلاً كيسنجر أكاديمي ووزير خارجية أمريكي سابق يقول  في حالة كوسوفو اختراق لسيادة الدولة ، لأنها تمثل قضية

السلطان الداخلي للدول ، وهذا التدخل يمثل سابقة خطيرة في القانون الدولي 0

 وتعليقنا هو لماذا لم يقول هنري كيسنجر أعلاه في عشية الاعتداء على العراق ؟0

 ويضيف كاجان بأن توني بلير يقول  من قام بأعمال وحشية ( المقصود زعماء الدول ) سيحضر للعدالة 0 ويعلق كاجان على مقولة بلير ، إذا كان هذا هو النظام العالمي

الجديد فذلك يعني أن القانون الدولي قد توفى ودفن  0

 خلاصة فكر كاجان ، بأن على أمريكا أن تراجع أجندتها العالمية بعد انتهاء الحرب الباردة ، لأن التفويض الأوربي الموجود لأمريكا أيام الحرب الباردة ، لا يعني بالضرورة

بقائه بعد الحرب الباردة 0 والصورة الواضحة لأوربا الآن تريد حليفاً يستمع لها 0

 وخلاصة القول بأن شرعية الاعتداء الأمريكي على العراق من المتوقع أن تبقى اللعنة التي تطارد إدارة بوش إلى أن يثبتوا بأن العراق كان لديه برامج أسلحة دمار شامل

جاهزة ، وأن النظام العراقي كان داعماً للارهاب الدولي في 11/9/2001م ، وأن مشكلة هذه الإدارة معقدة محلياً لعدم مصداقيتها ، وعالمياً لعدم مصداقيتها 0

 وإلى اللقاء دائماً إن شاء اللّه ،،،

الجيوبوليتيكا الميتافيزيقية بعد ضرب العراق

بسم الله الرحمن الرحيم

6/6/2004

 إن أي اعتداء أمريكي على العراق ، لا سمح اللّه ، سيؤدي إلى انهيار النظام العراقي ، ولكن انهيار النظام العراقي لا يعني أن العراق سيستسلم ، ومن ثم أمريكا تستطيع أن تُنصب من تريد ، وتصبح لها السلطة المطلقة في العراق 0 ولكن هذا الانهيار سيفرز ما يجعل أمريكا تضطر إلى وضع حكومة عراقية صورية بديلة لنظام صدام ، وهذه الحكومة ستكون مرفوضة من معظم فئات الشعب العراقي ، وسيصبح المجال المكاني لهذه الحكومة قصور ومباني الإدارة في بغداد فقط ، ولن تستطع هذه الحكومة الثقة في أية مجموعة عراقية على حراستها ، وبالتالي ستضطر إلى الاعتماد المباشر على الحماية الأمريكية ، بالضبط كما ذكرنا سابقاً ونكرر دائماً بأن ما هو مخطط لبغداد نظام كرزاي جديد  0

 وأقوى الاحتمالات في هذه الحالة أن تنشئ حرب أهلية ما بين الطوائف العراقية المختلفة وهم من ناحية مذهبية  المسلمين  السنة والشيعة ، وسيتأثر من هذه الحرب الأقليات أصحاب الديانات الأخرى مثل : اليهود والمسيحيين 0 أما من ناحية عرقية العرب والفرس والأكراد والآشوريين والتركمان ، وكل هذه الطوائف والمذاهب سوف تحصل على دعم فوق قطري ، كلٌ حسب مذهبه وقوميته أو عرقيته ، بمعنى آخر نموذج شرق أوسطي جديد في الاختلال الأمني ، نستطيع أن نسميه مزيج من لبننة وأفغنة العراق  0

 إذا حدث ما أعلاه لا سمح اللّه ، فسيضطر الأمريكان أن يضعوا قائد عسكري على العراق 0 لا تستغربوا ذلك ، لأن انهيار البنية التحتية للهيكل السياسي للدولة سوف يؤدي ذلك إلى فوضى (Anarchy) 0

 وأنتم تعلمون جيداً ماذا يعني عندما تصل الدولة إلى مرحلة الفوضى  0 وهذا سيسهل على أمريكا أن تلجأ إلى الأمم المتحدة ، لاصدار قرار لكي تصبح العراق تحت الوصاية ، وهذا سيعطي أمريكا شرعية مباشرة للسيطرة ، ووضع حاكم عسكري يسير أمور الدولة ، ويشرف على الحكومة الصورية فيها  0

 لا سمح اللّه إذا تم التصور المذكور ، فلن تضع أمريكا أية برامج جديدة لإعادة تأهيل المنطقة ، بل ستحافظ على الوضع مجمد على شكله الراهن (Stand Still) 0 إلى أن ينضب النفط من المنطقة  0 علماً بأن السيطرة الأمريكية المباشرة على العراق، والتواجد الأمريكي الموجود أصلاً بعد تحرير الكويت عام 1991م في دول مجلس التعاون الخليجي ، سيعطي أمريكا بطريقة مباشرة السيطرة على ما يقارب 55% من احتياطيات النفط في العالم ، و 20% من احتياطيات الغاز الطبيعي في العالم 0 وهنا نعود ونقول المقولة المشهورة عربياً  إذا عرف السبب بطل العجب  0

 أما من الناحية الجيواستراتيجية :

1- ستصبح إيران محاصرة بواسطة أمريكا جغرافياً من أربع جهات : من الغرب دول مجلس التعاون والعراق وتركيا ، ومن الشمال دول آسيا الوسطى ، ومن الشرق أفغانستان ، ومن الجنوب الأسطول الخامس الأمريكي في المحيط الهندي  0

2- العدو الصهيوني : هناك من يقول بأن إسرائيل 00 إذا استطاعت أمريكا تنفيذ تصورها الجيوبوليتيكي في المنطقة ، وصياغة واقع جيوسياسي جديد 0 فالاستراتيجية الإسرائيلية ستكون قائمة على صناعة حكومة فلسطينية صورية في الضفة وغزة وعقد اتفاقية سلام معها لكي تحتفظ بهذه الحكومة كحاجز أمني لإسرائيل (Buffer State) ضد عمليات المقاومة  0

 ولكن لنا رأي آخر يخالف الرأي أعلاه ، فإسرائيل تريد أعلاه نعم ، إذاً الوضع الأمني للمنطقة مختل أو غير متزن كما نشاهد الآن 0 ولكن لو تحقق الحلم الأمريكي في غرب آسيا كما ذكرنا سلفاً ، سيصبح الطمع والجشع الأمريكي بدون حدود ، وسيعود الإسرائيليون لحلمهم الجيوبوليتيكي القديم ، وكما سمعت بأنه معلق على بوابة الكينسيت الإسرائيلي 00 حدودك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل لا سمح اللّه  0

 وانهيار الدولة العراقية سيكون لها تأثيراً خطيراً على الدول العربية والإسلامية الاستراتيجية مثل : مصر والسعودية وإيران وتركيا والمغرب وباكستان 00 إلخ ، ورغم اختلاف هذه الدول أيديولوجياً ، إلا أن انعكاسات ذلك سوف يؤثر عليها جميعاً من الناحية السياسية والاقتصادية والأمنية والجيوسياسية  0 وعندما تتأثر هذه الدول سينعكس ذلك تلقائياً على الدول الصغيرة والصغيرة جداً 0

 إذاً لابد للدول العربية والإسلامية الاستراتيجية أن يكون لها موقف موحد وواقعي من الاعتداء على العراق  0

 وفي الختام نحن نستغرب من الدول الكبرى في العالم مثل : روسيا ، والاتحاد الأوربي وخاصة فرنسا وألمانيا ، والصين ، والهند ، واليابان ، بعدم تحركهم دبلوماسياً بأسلوب الرفض القطعي للمخطط الأمريكي للشرق الأوسط ، لأن لو استطاع الأمريكان تنفيذ مخططهم المذكور في الشرق ، سيصبح الأمريكان يتحكمون في جميع مصالح الدول الكبرى في منطقة الشرق الأوسط مثل : أولاً : وهي من ناحية جغرافية الممرات الاستراتيجية المائية والبرية والجوية التي تربط الشرق الأقصى بالغرب ، والشمال بالجنوب 0 ثانياً : السيطرة على مصادر الطاقة الهايدروكاربونية والمواد الأولية 0 ثالثاً : السيطرة على الأسواق 0 رابعاً : السيطرة على مصادر الأيدي العاملة00إلخ0

 وفي رأينا إذا لم تتحرك الدول الكبرى المذكورة فسيأتي عليها الدور كما يحدث الآن في الشرق الأوسط 0

 وإلى اللقاء دائماً إن شاء اللّه ،،،