بسم الله الرحمن الرحيم
5/4/2006
* ما هي الحكمة من إجراء حوار أمريكي إيراني حول العراق في بغداد ؟ لا أعتقد بأننا نحتاج لمجهود كبير لكي نبحث عن الحكمة حول هذه المفاوضات
* ما هي الحكمة من إجراء حوار أمريكي إيراني حول العراق في بغداد ؟
لا أعتقد بأننا نحتاج لمجهود كبير لكي نبحث عن الحكمة حول هذه المفاوضات ، فمعظم الشخصيات السياسية من الطائفة الشيعية والتي لها دور بارز في العراق ، يوجد لها علاقة ممتازة مع النقيضين : الولايات المتحدة الأمريكية والجمهورية الإسلامية الإيرانية ، فمثلاً السيد عبدالعزيز الحكيم رئيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية ، عاش في طهران 20 سنة قبل العودة إلى العراق بعد سقوط نظام صدام حسين ، بواسطة الولايات المتحدة ؛ والسيد أحمد جلبي ، عاش فترة طويلة في الولايات المتحدة ، وفي نفس الوقت يحتفظ بعلاقة ممتازة مع طهران .
ومن هنا نحن نرى بأنه يوجد بعض القيادات العراقية من الممكن أن تشكل قواسم مشتركة للتفاوض الأمريكي الإيراني حول ملف العراق ، ولكن ما يثير الدهشة فعلاً ، أين الجوار الإقليمي للعراق من هذه المفاوضات ، مثل : المملكة العربية السعودية ، ودول مجلس التعاون الخليجي ، وتركيا ، وسوريا ، والأردن ؟ ! .
* ألا تعتقد أن التفاوض الأمريكي الإيراني عن الملف العراقي في بغداد يعزز الدور الإيراني في العراق ؟
لا أعتقد ، لأن ذلك سيفتح لنا باب نظرية المؤامرة ، ولن نستطيع أن نوقف التوقعات على إطلاقها بالنسبة لإيران ، فذلك سوف يساهم في قيام دولة صفوية أو حزام شيعي ليمتد من طهران إلى البحر المتوسط ، وبالنسبة للولايات المتحدة مثلاً ، فذلك سيوظف لخدمة المشروع الصهيوني، ولو كان هذا الحوار أمريكي سعودي حول العراق ، لقيل أيضاً أن هذا امتداد وهابي ( سلفي ) في العراق . على الرغم من أنه توجد لنا تحاليل للأيديولوجيات المذكورة ، ولكن المهم الآن أمامنا دولة عربية إسلامية تقف على حافة الهاوية ، وتهددها حرب أهلية ، لا سمح الله ، وفي هذه الحالة لابد من مشاركة جميع الأطراف الإقليمية والدولية لتدارك هذا الوضع ، وللبحث عن سيناريو معين لتسهيل عملية التفاهم العراقي ، حتى لو وصل الأمر لابتكار اتفاقية طائف عراقي ( على غرار اتفاقية الطائف لحل الأزمة اللبنانية ) !! .
* ألا تعتقد قبول إيران الحوار مع واشنطن يأتي في محاولة لتخفيف الضغوط الأمريكية عليها فيما يتعلق بملفها النووي ؟
أعتقد بأن العلاقات الدولية تقوم على مجموعة من الملفات ، ومن الممكن أن يتفق على بعضها ويختلف على البعض الآخر ، هذا من ناحية ، أما من ناحية أخرى ، فالسياسة تنقسم إلى مدرستين : أحداهما المدرسة الأخلاقية ، والأخرى المدرسة الواقعية ، وما يقارب من 95% من دول العالم الآن تستخدم المدرسة الواقعية البراغماتية ! . ومن هنا نحن مقتنعين ظاهرياً من الاستراتيجية الإيرانية ، لأن التفاوض في ملفات أخرى تمثل كابوساً للولايات المتحدة الأمريكية ، مثل تورطها في العراق ، ومساعدتها لإيجاد بعض الحلول لهذه الأزمة ، من الممكن أن تساهم في إقناع الولايات المتحدة إلى تخفيف الأسلوب الضاغط فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني ، أو إيجاد تسوية ما قبل صدور أية عقوبات من مجلس الأمن ضد إيران !! .
* هل أفهم من ذلك أن الورقة الخليجية في الملف العراقي باتت هامشية بعد أن أقرت واشنطن بالحوار مع طهران بشأنه ؟
للأسف الشديد ، نعم وصلت إلى مرحلة متقدمة من الضعف والهشاشة ، ولا شك أن ذلك لا يعكس خطأ الولايات المتحدة أو حتى إيران، ولكنه خطأ دول مجلس التعاون الخليجي بالأساس .. فالملعب أمامها مهيأ بيد أنها غير راغبة في ممارسة اللعب ، ولا شك أن الوضعية الجيوستراتيجية لدول مجلس التعاون الخليجي قد لا تدفع واشنطن إلى التفاوض معها بخصوص العراق ، وهو ما يستدعي لتجاوز ذلك ، المزيد من التنسيق الفعال بين أعضاء منظومة المجلس حتى يكون بوسعها أن تمارس دوراً بات مطلوباً بحكم الرغبة ، في تحقيق الاستقرار في هذا البلد المشتعل ، والذي سينعكس بدوره على استقرارها .. وأقترح في هذا السياق، أن تقوم دول المجلس بتقديم تصورها لواشنطن حول آليات احتواء الأزمة العراقية ، ومن الممكن أن تتم معالجة الملف العراقي مثل ما ذكرنا سلفاً ، من خلال تنسيق يمثل ثلاثة أطراف ، محلياً : التنسيق ما بين جميع القوى العراقية ، وإقليمياً : جميع دول الجوار ، وعالمياً : الولايات المتحدة وبريطانيا والأمم المتحدة ، وبهذه الطريقة من الممكن أن نصل إلى النتائج التالية :
أولاً : إنقاذ العراق من الكارثة المحدقة به لا سمح الله .
ثانياً : عدم إعطاء الفرصة لطرف إقليمي واحد لاحتكار الملف العراقي لصالحه !! .
وإلى اللقاء دائماً إن شاء الله