بسم الله الرحمن الرحيم
30/1/2006
الكويتية لأنه في اختبار الثقة يمر في ثلاثة مراحل : أ – الأمير . ب – مجلس العائلة . ج – الشعب الكويتي ( مجلس الأمة ) .
بعد وفاة المغفور له إن شاء الله حضرة صاحب السمو الوالد الشيخ جابر الأحمد الصباح – أمير دولة الكويت ، تلقينا مجموعة من الدعوات للمشاركة في تأبين المرحوم الشيخ جابر . وللحديث عن مرحلته ، ولتحليل الأوضاع الكويتية السياسية والدستورية بعد انتقال الشيخ جابر إلى الرفيق الأعلى . وكان أهم هذه المحطات التي أقدرها وأكن لها هي والقائمين عليها كل احترام ، ويعود ذلك لحيادتها التامة في طرح القضايا مقارنة مع الفضائيات العربية الأخرى CNBC . ولكن في بداية الحدث الجليل أثرت أن لا أعلق على الشأن الكويتي لأن الوضع كان حساس جداً ، وهناك مجموعة من الاستفسارات الدستورية تحتاج إلى مجموعة من الأجوبة ، وخاصة للظروف الصحية لحضرة صاحب السمو الوالد الشيخ سعد العبد الله – أمير دولة الكويت المتنازل عافاه الله (واختلف مع من يقول بانه مخلوع)، كانت تحول دونه ودون أداء بعض الشكليات الدستورية !! ، وكنا نتحاشى أن نحلل إمكانية : هل يستطيع حضرة صاحب السمو الشيخ سعد العبد الله أمير الكويت المتنازل أن يقوم بمهام الإجراءات الشكلية للتنصيب ؟ .
ولكن كرجل سياسة وقانون كنت معجب جداً بالشفافية والموضوعية التي كانت تجري في مفاوضات أفراد العائلة الحاكمة الكويتية ، مثل في حالة استمرار الشيخ سعد كأمير للكويت ، وتنصيب حضرة صاحب السمو الوالد الشيخ صباح الأحمد الصباح ولياً للعهد ؛ هل تظل رئاسة الوزراء عند ولي العهد أم يفصل منصب رئيس الوزراء عن ولي العهد ؟ ويبقى الوضع كما حدث في السنوات الأخيرة للشيخ جابر من حيث الفصل ما بين الوظائف القيادية الثلاث : الأمير ، ولي العهد ، رئيس الوزراء ! . وكذلك توصل أفراد العائلة الحاكمة بالموافقة على انتقال الإمارة من حضرة صاحب السمو الشيخ سعد العبد الله إلى حضرة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد أمير دولة الكويت الحالي . وكذلك هذا الاتفاق يحتاج إلى مصادقة مجلس الأمة . وبعد ذلك يعود سمو الأمير ويناقش العائلة في الاتفاق على ولي عهد ويتم عليه التصويت من مجلس الأمة ، وإذا حصل المرشح لولاية العهد على ثلثي الأصوات الكافية في مجلس الأمة ، ثبت نفسه في منصبه ، وإذا لم يحصل أصبح كأن الترشيح لم يكن ، وعلى سمو الأمير أن يعود مرة أخرى إلى مجلس العائلة ويتفقوا على ترشيح ثلاثة من العائلة لولاية العهد، وفي هذه المرحلة يصبح مجلس الأمة ملزماً باختيار أحدهم ! .
والسؤال الذي يطرح نفسه : هل الأمير يفرض مجلس العائلة ؟ ومن هم مجلس العائلة ؟ . طبعاً الأمير في الكويت لا يختار مجلس العائلة ، لأنه لو اختار مجلس العائلة لأصبح الأمر صوري فقط ، لأن الشخص المعين دائماً يعتمد على أوامر الشخص الذي عينه بطريقة إجرائية وموضوعية ، وأن تطلب الأمر بعض الشكليات ! . أما من هم مجلس العائلة ؟ فهم مجموعة من الشيوخ الذين يحق لكل منهم أن يترشح لإحدى أعلى المناصب القيادية الثلاثة في الإمارة وهي : منصب الأمير ، وولي العهد ، ورئيس الوزراء . وذلك يمثل بالتحديد سلالة الشيخ مبارك الصباح ( السالم والجابروالحمد ) ! . والمجلس يمثل أبرز رجال العائلة من حيث الخبرة والعلم والخلق والدور الاجتماعي والثقافي والسياسي !! .
ونتائج ذلك :
أولاً : الجانب السياسي :
حضرة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الصباح أمير دولة الكويت لا يختلف عليه اثنين ، إنه إحدى أبرز فحول السياسة العربية ، ويمثل المثلث السياسي ( لكل من سمو المغفور له إن شاء الله الشيخ جابر الأمير الراحل ، وسمو الشيخ سعد الأمير المتنازل ) الذين قادوا الكويت في أحلك ظروفها في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي ، وبداية القرن الحالي ، وكذلك يعتبر الشيخ صباح الأمير الغير متوج منذ عام 1996م .
على سبيل المثال لا الحصر المثلث السياسي الكويتي الذي قاد الكويت في أحلك الظروف إلى بر الأمان (1) أسوأ أزمة اقتصادية مفاجئة تقصف بدولة عربية ، وهي كارثة سوق الأوراق الكويتي ، من خلال انهيار سوق المناخ ، وخرجت منها الكويت كأن لم يكن قد حدث شيئاً (2) الأزمات التي حدثت في الثمانينيات من القرن الماضي بين الحكومة ومجلس الأمة الكويتي وأدت إلى تكرار حل مجلس الأمة الكويتي ، وانتهت بتشكيل مجلس وطني مؤقت (3) محاولة اغتيال الشيخ جابر أمير الكويت الراحل في منتصف ثمانينيات القرن الماضي (4) الحرب العراقية الإيرانية ( 1980 – 1988م ) وتداعياتها على الكويت (5) الاحتلال العراقي للكويت ( 2 أغسطس 1990م ) (6) تحرير الكويت من الاحتلال العراقي في فبراير 1991م (7) حدوث أكبر كارثة بيئية في العالم وذلك عندما قام الجيش العراقي المنسحب من الكويت بتفجير 600 بئر نفطي تقريباً (8) وأهم المراحل التي واجهت القيادة الكويتية هو إعادة الثقة للمواطن الكويتي بعد تحرير الكويت من الاحتلال (9) الحرب الباردة ما بين الكويت والعراق (1991 – 2003م ) (10) أزمة الحدود بين الكويت والسعودية (11) أزمة الحدود الكويتية الإيرانية (12) انهيار أسعار النفط في بداية ثمانينيات القرن الماضي ، وانهيار أسعار النفط في أواخر تسعينيات القرن الماضي (13) استخدام أرض الكويت كمركز لوجستي لانطلاق القوات الأمريكية لاحتلال العراق عام 2003م ، أو كما يسمى تحرير العراق !! (14) والصراع ما بين الحكومة ومجلس الأمة لإعطاء المرأة حقها في الترشيح والانتخاب في المجلس .
طبعاً كل نقطة أعلاه تحتاج إلى مقالة كاملة . ولكن المقصود من أعلاه هو تقديم كشف يوضح بعض أهم الأدوار التي قام بها حضرة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد من ضمن المثلث السياسي الذي قاد الكويت في المرحلة السابقة . وبعد كل هذه المقدمة نعتقد بأن الشيخ صباح لا يحتاج شهادة أو تزكية من أحد لكي يكون أميراً على الكويت ، وإنما نقول : من يكون أمير الكويت إذا لم يكن الرجل المذكور أعلاه ؟ ! .
ولكن الموضوع المميز في الكويت ويفترض الأخوان المهتمين في السياسة والقوانين الدستورية أن يعطوه الكثير من التحليل والدراسة هو منصب ولاية العهد .
هل ولاية العهد بيعة للحكم ؟
طبعاً يكاد أن يكون هناك إجماع ما بين فقهاء السياسة والقانون على أن ولاية العهد ليست بيعة للحكم . وإنما لابد أن يكون هناك نائب للإمام للأزمات الطارئة التي تحل بالإمام سواءً كانت مؤقتة مثل المرض ، أو دائمة مثل الوفاة ! . وحتى يتسنى للأمة أن تنظم نفسها ، وعدم سيادة الفوضى في الأمة بعد أن يخلوا مكان الإمام ( فراغ سياسي قيادي ) ! .
وهنا أعجبنا المخطط السياسي الكويتي بآليات تدقيق الكشف الذي يمر من خلاله ولي العهد قبل أن يؤول له الأمر ، أولاً : لا يتم تعيينه مباشرة ، وإنما يقوم الأمير ومجلس العائلة ( الذي يمثل أفضل كفاءات العائلة الحاكمة ) باختيار ولي العهد ، وبعد ذلك يصادق عليه الأمير ، ويعرضه على مجلس الأمة ، ويخضع لنظام تصويت ، وإذا حصل على ثلثي الأصوات المطلوبة ثبت ولي العهد ، وإذا لم يحصل على الأصوات بات الأمر كأن لم يكن ! . ويعود الأمير لمجلس العائلة الحاكمة مرة أخرى ، ويتم ترشيح ثلاثة لولاية العهد ، وبعد ذلك يتم التصويت عليهم والذي يحصل على أكثر الأصوات يصبح ولياً للعهد ، وهنا أعتقد من يحصل على ولاية العهد في الكويت يكون من أفضل الكفاءات في العائلة الحاكمة الكويتية لأنه في اختبار الثقة يمر في ثلاثة مراحل :
أ – الأمير .
ب – مجلس العائلة .
ج – الشعب الكويتي ( مجلس الأمة ) .
ألم أقول لكم أنها الكويت !! .
ثانياً : الكويت رمانة محور الحركة لدول الخليج العربي الأدنى إلى 2 أغسطس 1990م : عندما تتقدم الرياضة الكويتية تتقدم الرياضة الخليجية ويحدث ثورة خليجية في بناء الملاعب وإعداد الفرق ، وعندما تتقدم البنية التحتية والخدمية الكويتية تتقدم البنية التحتية والخدمية الخليجية ، عندما يتم توزيع الريع النفطي بطريقة غير مباشرة في الكويت على المواطنين ، نفس الأمر يحدث في دول الخليج العربي الأدنى من حيث إعادة توزيع الريع بطريقة غير مباشرة ، عندما تتقدم الأسواق المالية الكويتية يليها حراك وتقدم الأسواق المالية الخليجية ، عندما تتحرك التجارة الكويتية ، يليها تحرك التجارة الخليجية ، عندما تقوم الكويت بإنشاء محافظ مالية واستثمارات خارجية ، تتبعها دول الخليج الأدنى بعمل محافظ مالية واستثمارات خارجية . وللأسف ذلك سمي بطريقة مباشرة وغير مباشرة صناديق للأجيال القادمة ، ومن هنا نطالب جميع الحكومات الخليجية الاهتمام بالأجيال الحالية وإعطائهم فرصهم وهم سيساهمون بطريقة تلقائية في بناء أوطانهم للأجيال القادمة !! .
وإذا أصاب الكويت كارثة استراتيجية ودستورية وسياسية ومكانية مثل ما حدث في عام 1990م ، أصاب الرعب والفزع جميع دول الخليج الأدنى ، والأغرب من ذلك الطريقة التي تعيد الكويت ترتيب نفسها من ناحية أمنية بسبب الكارثة التي مرت بها ، تعيد دول الخليج الأدنى ترتيب نفسها من الناحية الأمنية بنفس الطريقة الكويتية إن لم يكن أكثر من ذلك !!.
إذاً بالفعل في إمارات الخليج الصغيرة من الناحية الاستراتيجية تحتاج إلى دور الدولة أو الإمارة الرائدة ، وأفضل من لعب هذا الدور الكويت إلى 2 أغسطس 1990م ، لذا نأمل إن شاء الله الأخوان الكويتيين يعيدوا ترتيب البيت من الداخل ويعودوا لنفس دورهم القيادي في الخليج مع تنسيق الكويت مع شقيقاتها الأخريات ، إلى أن نصل إن شاء الله إلى دول الإمارات اوالمشايخ الخليجية العربية المتحدة ، وبالإمكان بعد ذلك عمل نوع من الاتحاد الاتفاقي مع المملكة العربية السعودية ، وسلطنة عمان ، وعلاقات ممتازة ومميزة مع الأشقاء في العراق واليمن والجمهورية الإسلامية الإيرانية !! .
ثالثاً وأخيراً : المطلوب دور الكويت الإنساني :
عادةً ، ومن الناحية القبلية ، وفي جميع دول مجلس التعاون الخليجي، عندما يتقلد الحاكم السلطة ، يذهب الجميع للسلام ولتهنئة الحاكم بمناسبة توليه دفة الحكم في بلاده ، وغالباً يكون الحاكم الخليجي بالنسبة لضيوفه مبشراً وغير منفر من خلال الديبلوماسية الناعمة ، وذلك من خلال توزيعه الهبات المباشرة والغير مباشرة على أبناء الأسرة الحاكمة وشيوخ القبائل وأهل الحل والعقد والرموز وكبار السن المعروفين في دول الخليج , وزيادة رواتب اوعلاوات مواطنيه. ولكننا نحن لن نلتمس من سموكم الكريم هباتً مالية ، علماً بأنك أهلاً لها ، ولكننا بفضل الله سبحانه وتعالى من أغنى دول العالم بالغاز الطبيعي مقارنةً بعدد سكاننا وإن يكن استفادتنا من ريعه ستكون بعد تسديد ديون الاستثمار كما يقول القائمين على تسويقه ، فأنتم أيضاً أغنى دولة نفطية في العالم مقارنة مع سكانكم !! .
ولكن التماسنا كخليجيين من سموكم الكريم هو كالتالي : فالدولة أو الإمارة تتكون من الناحية القانونية من أرض وشعب ونظام واقتصاد ، وأهم عنصر في العناصر المذكورة جميعها هو الشعب أي الإنسان !! .
لذلك ، نلتمس من سموكم الكريم أن تجدوا حل دائم ومطلق وأبدي لمشاكل البدون في الكويت ، وعلاج هذا الملف في الكويت ، ستفرج هموم جميع البدون في دول مجلس التعاون الخليجي العربي ، ونقول ذلك ونحن متفائلين بأن حضرة صاحب السمو الوالد الشيخ صباح الأحمد أمير الكويت حفظه الله بأنه أهلاً لحل هذه القضية الكويتية الخليجية المعقدة ! . ونحن متفائلين مرةً أخرى لأن سمو الشيخ صباح أحد أبرز سياسي وقيادي العالم العربي ، ويقود الكويت رمانة المحور الخليج العربي للأمام هي وشقيقاتها الاخريات إن شاء الله !! .
وإلى اللقاء دائماً إن شاء الله