القطريون لن يقبلوا نسخة السيسي
نختلف ونتصالح فيما بيننا وهذا الأمر الطبيعي للبشر، أما نظرية الدمية وتشكيل من خلاله حكومة صورية فهذا أمراً مرفوضاً عندنا.
فمثلاً عندما فازت قطر بإستضافة كأس العالم 2022م، وطبعاً هذه الإستضافة تعتبر من المشاريع الحكومية الكبرى التي يخطط موازاةً إلى المشروع برامج تنمية!.
حينها اختلفت مع القائمين على مشروع كأس العالم في أهمية تنظيم كأس العالم، ونشرت موضوع في حينها “موقع د.فهد آل ثاني، البعد الإستراتيجي لتنظيم كأس العالم في قطر”. وقلنا “إذا كأس العالم سوف يعجل من إنجاز البنية التحتية لخطة 2030م فهذا الأمر طيب” وبالفعل هذا ما حدث فعلاً، ومازلت “أحذر من الركود الذي سوف يحدث بعد كأس العالم في 2023م”. ولكن من خلال متابعتي للمؤشرات أصبحت الصورة واضحة عندي، بأن دولتنا قطر بقيادة أبوحمد وفريقه جاهزين لهذه التداعيات!.
ولكن الشئ المذهل والغريب حصوله هو وجود بعض دول الجوار أقامت الدنيا ولم تقعدها محاولةً لإفشال كأس العالم 2022 في قطر، وبالنسبة لنا كقطريين نرى كأس العالم شئ ثانوي ولا يعد من أولوياتنا في التنمية، ويعتبر من صغائر الأمور وهذا يذكرنا ببيت للمتنبي “وتعظم في عين الصغير صغارها- وتصغر في عين العظيم العظائم”.
ونود أن نرسل رسالة لدول الجوار بأن نظرية نسخة الرئيس السيسي في قطر الحبيبة مرفوضة عندنا بنسبة 100%!.
ونظرية السيسي، هو قيام أبوظبي والرياض، “بعملية تحريض جميع قوى المعارضة للرئيس المصري المنتخب مرسي، ودعم الرئيس السيسي للقيام بإنقلاب عسكري على الرئيس المصري المنتخب مرسي”.
وقام الرئيس السيسي بالإنقلاب، ولكن ماذا بعد الإنقلاب!؟.
الرئيس السيسي الآن تنطبق عليه نظرية الديك الرومي، وحلفاؤه الذين حرضوه تنطبق عليهم نظرية طهاة الديك الرومي!. “الديك يتلقى الدلال ولكن لا يعلم ما هو المصير الذي ينتظره بعد الدلال، والطاهي يتربص اللحظة المناسبة لجز عنقه”. “فالديك من اليوم الأول إلى يوم الألف يتم إطعامه يومياً، فكل وجبة طعام يتلقاها هذا الطائر، من شأنها أن تؤكد إعتقاده أن هذا الأمر ليس سوى قاعدة عمومية من قواعد الحياة، قاعدة تجعل من حقه ونصيبه أن ينال غذائه يومياً من أيدي أبناء الجنس البشري الكرام الذين سيكرسون جهودهم لرعاية مصالحه على أفضل وجه، ولكن لم يفقه بأن هذا الغذاء هو حصان طروادة، لجز عنقه في عيد الشكر في اليوم الأول بعد الألف!”.
وهذا ما يحدث للسيسي مع حلفاؤه سهلوا له الأمر للإنقلاب على أول رئيس منتخب ديمقراطياً في مصر العظيمة. مصر تمثل الثقل العربي الأول، ولها مكانة في المقدمة في العالم الإسلامي، ولها وزن عالمي خرافي، وذلك يعود للفسيفساء السحرية التي نضجت على أرض الكنانة منذ آلاف السنين، ما بين مختلف الحضارات، الفرعونية والقبطية والعربية والسامية والإسلامية، مما أعطاها نموذج ثقافي إجتماعي قومي ديني اثني ناضج وخاص ولا يوجد في كوكب الأرض إلا أرض الكنانة!.
وكانت مصر بعد الإنتخابات، وبعد تولي الرئيس مرسي زمام الأمور، تخطط لعمل أكبر ميناء في العالم على البحر الأحمر بالقرب من قناة السويس!.
قف وانتبه هنا، هل تعلم ماذا يعني ذلك!؟. كانت مصر ستصبح مركز لكل الحركة المائية في العالم، وهي تمثل 90% من النقل في العالم، وعندما تقوم مصر بتشييد مطار عالمي، وجسور للطرق المعبدة وسكك الحديد ستصبح مصر، مركز حركة العالم مائياً وبرياً وجوياً!. بحيث ستربط ما بين جميع قارات العالم القديم أوربا وأفريقيا وآسيا وقارات العالم الجديد الأمريكيتين!.
ولكن بقدرة قادر بلع الديك الطعم وجز الطاهي عنقه، ونتائج اصطياد الديك هي “اقتطع من مصر جزر صنافير وتيران، ويوجد تصور جيوسياسي لإقتطاع أرض من سيناء لتهجير أهل غزة فيها وعمل لهم دولة ذات إستقلال ذاتي تحت الإدارة المصرية، وضم غزة لإسرائيل، وستفقد مصر شريان الحياة الخاص بها وهو بسبب المشاريع الكبرى التي تقوم بها أثيوبيا ومعها بعض حلفاء الرئيس السيسي كمستثمرين في أثيوبيا على منابع نهر النيل، وذلك سيجعل مصر تفقد أكثر من 50% من مياه نهر النيل”.
نعود ونذكر الرئيس السيسي، هل تعلم لو تم إنشاء الميناء المصري الضخم في البحر الأحمر، ما هي فوائده على مصر!؟.
“أقل شئ ستصبح مصر واحدة من أفضل عشر دول إقتصادياً في العالم!”. ونذكر الرئيس الذي حطم الحلم المصري، هذا ما حاولت دول عمله مع باكستان الشقيقة، وهو عندما عقدت العزم باكستان لبناء ميناء جوادر في جنوب باكستان على بحر العرب، وذلك لربط الصين بطرق معبدة وسكك حديد من شمال باكستان إلى ميناء جوادر بحيث يصبح الميناء مركز عالمي تستفيد منه الصين وباكستان ويخدم كامل المنطقة!. وحاولت بعض الدول تعرقل وتعبث في هذا المشروع العظيم، ولكن رد الجيش الباكستاني كان حاسم “ووضح أن هذا يعتبر خط أحمر يمس الأمن القومي الباكستاني”.
وكنا نتمنى لو عمل الرئيس السيسي ما عمله الجيش الباكستاني!.
أما بالنسبة لنا في قطر فالنسخة السيساوية مرفوضة محلياً وإقليمياً وعالمياً!.
وعندما يتم تحريضنا بأن ولي الأمر يتلقى النصح والمشورة من الحمدين، ووالدته، فهذه شهادة مدح وليست بذم، لأن الحمدين، ووالدة الأمير، خلقت جيناتهم من الطين القطري بنسبة 100%، ومعنوياتهم وإنتمائهم قطري 100%، ومهما اتفقنا أواختلفنا معهم، إلا أننا نتفق جميعاً على شئ واحد وهو حب قطر، وأرضها وكل ما يسير على أرضها، وما تحت أرضها، ومجالها المائي، ومجالها الجوي، ومجالها الفضائي، إذاً نحن القطريين نشكر تميم المجد إذا كان يستمع، ويتناقش مع الحمدين ووالدته، ونتمنى أن تتسع دائرة المشورة إلى أن تشمل القطريين المؤهلين كلاً في مجاله، والقرار الأخير له، وله منا السمع والطاعة!.
وطبعاً جميعنا نرفض قراراتنا المصيرية لوطننا الغالي أن يتم فيها إستشارة أبوظبي، أو الرياض، أو تل أبيب!.
أما بالنسبة للكمال القيادي فهو لوجه الله سبحانه وتعالى، إخواننا في السعودية وتحديداً في الرياض ألستم أنتم القائلين، من خلال إحدى علمائنا، علماء السلف الصالح “أهل الحديث” وهو عندما سأل أحد علماء في الرياض “لماذا ولي أمرنا ليس بعادل مثل عمر بن الخطاب!؟”، فكانت إجابة العالم “كونوا مثل الصحابة والتابعين في عهد عمر، وسوف يكون الإمام مثل عمر!”.
إذاً هذا إقرار من الرياض بأن نموذج سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه غير موجود في عصرنا هذا، ومن يرى منكم: يا أمير محمد بن سلمان، أو يا شيخ محمد بن زايد مثل عدالة سيدنا عمر رضي الله عنه، فليقف موقف سيدنا عمر ويقول مقولة عمر رضي الله عنه “أيها الناس من رأى منكم في إعوجاجاً فليقومه”، فقام رجل وقال “والله لو رأينا فيك إعوجاجاً لقومناه بسيوفنا”، فقال عمر “الحمد لله الذي جعل في هذه الأمة من يقوم إعوجاج عمر بسيفه!”.
وإذا كان الشيخين المذكورين هكذا، نحن القطريين سوف نشد الرحال لكي نتعلم منكم وننقل عدالتكم لولي أمرنا ونناصحه بها!. ولكن نرى عكس ذلك، والبوادر لا تقول ذلك عندكم، وظاهر الأمر شعوبكم مغلوب على أمرها، ومحظور عليهم حتى إبداء آرائهم والدليل على ذلك هو التالي:-
أولاً: الإمارات، أصدر النائب العام أمر طوارئ، “حظر التعاطف مع قطر أثناء الحصار بأي طريقة كانت”.
وعقوبة هذا الأمر والذي يعتبر (Martial Law) “قانون حرب” “تعرض صاحبها لسجن من 3 إلى 15 سنة، وغرامة لا تقل عن 500 ألف درهم”.
ثانياً: السعودية، أصدرت أمر “قانون حرب” “التعاطف مع قطر أثناء الحصار يعرض صاحبه للسجن خمس سنوات وغرامة 3 ملايين ريال!”.
وأخيراً إذا كانت هذه العدالة عندكم، فدعوننا نحن وشأننا، واذهبوا أنتم وشأنكم، ونقول لإخواننا المغرر بهم بأن يعودوا إلى رشدهم “وليس بهكذا تورد الإبل!”.
وإلى اللقاء دائماً إن شاء الله.
د.فهد بن عبد الرحمن آل ثاني
أستاذ الجيوبوليتيكس المشارك والمحامي.
www.df-althani.com