بسم الله الرحمن الرحيم
6/9/2004
بعد أن تم تشكيل اتحاد عربي شامل تحت مسمى – الولايات العربية المتحدة – ، عقد اجتماعه الأول في مبنى الجامعة العربية في قاهرة المعز ، وعند قيام منسق الاتحاد بتدقيق قائمة الحضور ، وجد بأن جميع زعماء الأمة العربية متواجدين ، باستثناء العراق 0 فقام بإبلاغ الحضور عن أسفه لعدم تواجد العراق ضمن الاتحاد ، وقال – ” إنني مطمئن لأن إتحادنا والعراق يشكلان توأمة ، وخاصةً أن العراق يملك الإمكانيات التالية التي لا تقل عنا وهي – عدد السكان 25 مليون نسمة تقريباً ، ومتوسط نصيب الفرد من الدخل القومي لا يقل عن 100ر2 دولار سنوياً ، وهذا ليس المؤشر الحقيقي بالنسبة للعراق ، لأن الاقتصاد العراقي أقرب إلى الاقتصاد الاشتراكي المركزي 0
فحتى نعرف ما هو مستوى الحياة بالنسبة للعراقي ، فعلينا أن نستخدم معيار نوعية الحياة المادية ، ومن مؤشراته أمد الحياة ” Life Spen” ، ( ونقصد هنا العمر المتوقع عند الولادة ) ، ونسبة الوفيات بين الأطفال ، ونسبة الأمية ، 000 إلخ 0 وإذا قمنا بقياس هذه المؤشرات لوجدنا أن العراق من الدول التي يعتبر متوسط نصيب الفرد فيها من الدخل القومي مرتفعاً ، ويصل من ناحية فعلية إلى أكثر من 9000 دولار 0 وحصة الفرد من الماء تصل إلى 000ر36م3 سنوياً ، ولو قارنا ذلك مع الدول العربية في الخليج والجزيرة ، لوجدنا أن نصيب الفرد من الماء الطبيعي لا يصل حتى إلى 25% مما يحصل عليه شقيقه في العراق 0 ووجود المجاري المائية الضخمة ممثلة بدجلة والفرات ، والتقائهما عند شط العرب ، هذه المجاري اعطت للعراق أراضي ودلتات خصبة ممتدة من غرب وشمال غرب العراق إلى شرق وجنوب شرق العراق0 ومن هنا نستطيع أن نطلق على العراق ( هبة الطبيعة ) ، وخاصةً إذا عرفنا بأنه يقع من ضمن الأقليم القاري الشبه جاف بين خطي عرض 30 ْ / 40 ْ شمالاً 0
واحتياطيات العراق من الطاقة تصل إلى أكثر من 50 بليون برميل من النفط ، وأكثر من 800 بليون م3 من الغاز الطبيعي 0 ويبلغ احتياطيه من العملات الصعبة 36 بليون دولار0 ويدعم كل ذلك ، أهم محورين للتنمية – أولاً – قاعدة علمية – أكاديمية وفنية صلبة -0 ثانياً – قاعدة أمنية ضخمة ، توفر له الحماية في جميع مراحل التنمية ، وممثلةً بالتالي في – عدد الجيش 2 مليون مقاتل ، 5000 دبابة ، وما يزيد على 5000 قطع مدفعية ، وما يزيد على 700 طائرة مقاتلة ، وأقل منها بشيء بسيط عدد المروحيات ، وصواريخ بلاستية قدر مداها ما بين 500 إلى 1500 كم ، وفوق ذلك كله قطع مراحل متقدمة في تطوير الأسلحة الغير تقليدية 0
وبعد أن انتهى منسق الاتحاد من المقدمة المذكورة ، وإذا بصبي شاحب الوجه ، وضعيف البنية ، ومرتجف الأطراف ، وبائس من كل شيء في الحياة ، يخترق قاعة الاجتماعات ، يمتطي جواداً ، ومتشحاً بعلم العراق ، وربما هذا العلم هو الذي ساعده على اختراق قاعة الاجتماعات المدججة بسواتر أمنية ( ولو استثمرت الأموال المخصصة لهذه السواتر الاستثمار السليم من ناحية أمنية لأدت إلى تحرير فلسطين والجولان وجنوب لبنان ، أو على أقل تقدير لجعلتنا نتفاوض مع إسرائيل الند للند ) 0
وعموماً حتى لا نترك للقلم تمرده في موضوع آخر ، نعود إلى موضوعنا الرئيسي وهو دخول الصبي إلى القاعة الفيدرالية العظمى ، بعد أن اخترق الصبي السواتر المذكورة ، حاصرة طاولة الاجتماعات المستديرة ، الصبي العراقي وجواده ، مما أدى إلى توقفهما ، وبدأت علامات الأرتباك والرهبة والروع بشكل جلي على الصبي ، مما جعل الزعماء جميعاً يهبون قفزة الرجل الواحد ، وأنزلوا الصبي العراقي من فوق جواده ، واحنوا عليه ، وهدأو من روعه ، كما يفعلون مع جميع مواطني الأمة العربية والإسلامية 0 وأخذوا الراية العراقية ورفوعها خفاقةً عاليةً مع رايات الفيدرالية العربية 0
وقام منسق الاجتماع يسأل الصبي ، من أين أتيت ؟ قال الصبي – من العراق 0 فقال المنسق للطفل كذبت ، فالمقدمة التي شرحتها للحضور عن العراق ، دليل على أنه لا يوجد عراقياً شاحباً ، أو مرتجفاً ، أو ضعيفاً 0 فأجاب الصبي صدقت ، ولكن ذلك كان قبل عام 1980م ، كما ذكر لي والدي ، ويبدو لي بأنكم لم تسألوا عن العراق وشعبها ، وماذا جرى لها منذ عشرون عاماً ؟ فأجاب منسق الاتحاد كنا نعتقد أن العراق وصلت إلى مرحلة عظمى من الاكتفاء الذاتي ، فأغلقت أبوابها ولا تريد أن يزعجها أحد 0
فقام الصبي بشرح وضع العراق للحضور ، وقال – انعزالنا عنكم هو الحصار اللعين الذي فرض علينا منذ عشرين عاماً 0 وبدأ الصبي ينطلق ببلاغة كبيرة معهودة عن أسلافه أصحاب حضارة الرافدين ، فقال أن الشحوب الذي ترونه على وجهي بسبب المرض ، والضعف بسبب الجوع ، كل ذلك مادي ونستطيع أن نتحمله 0 أما الارتجاف فهو بسبب الهزيمة المعنوية الكبرى التي تعرضنا لها من أمتنا العربية ، التي طالما صرخنا ونادينا بقضاياها ، وتغنينا بأفراحها 0
فعاد منسق الجامعة متهمكما يسأل الصبي – إذاً كيف وصلت إلى قاهرة المعز ؟ 0 فقال الصبي – كلمة حق لابد من ذكرها ، عندما عقدت العزم على الخروج من العراق ، وجدت نفسي محاصراً بأسوار الاستعمار التي تحيط بنا من كل جانب 0 وقال لي والدي بأنك لن تستطيع خرق السور الأول ، وإن اخترقته فسوف ترتطم بسور آخر من حديد ، وإذا كان السور الأول سيسبب لك هزيمة مادية ، فالسور الثاني سوف يسبب لك هزيمة مادية ومعنوية ، والأخيرة هي الأبشع 0 ” ومازال الحديث للصبي ” وعندما اخترقت سور الاستعمار الخبيث ، بدأت تنتابني رهبة من السور الحديدي الذي أمامي ممثلاً بالحدود العربيــــــة ، ولكنني تركت جــــوادي ينطلــــق
ويعربد كيفما شاء ، منتظراً متى سوف أصل إلى الحدود العربية 0 وبعد عدة أيام واجهتني قافلة ، فتبادلت التحية مع أهلها ، ورحبوا بي ، وبعد التحية سألتهم أين أنا الآن ؟ فأجابوني أنك في السعودية 0 فقلت لهم معنى ذلك أنني اخترقت الحدود السعودية بطريقة غير شرعية؟ فأجابوني بسؤال – من أين أنت قادم ؟ من روسيا ( الصبي ) من العراق 0 ( أهل القافلة ) العراق 00 إنها عربية مثل شقيقاتها العربيات في الفيدرالية العربية ، ولكي تنتقل داخل دولتك ( العربية المتحدة ) ليس هناك داعي لاثبات شخصية أو المرور بمراكز أو جمارك حدودية ووجودك هنا شرعي ، لأنك في جزء من وطنك 0
سكت الصبي وهمهم غاضباً من والده الذي زرع في ذهنه فكرة مسمومة عن القومية العربية ( ذكرت سلفاً ) ، وقال الصبي في صدره أن والدي يريد أن يزرع في قلبي مرضه الدفين على الأجزاء الأخرى من الوطن 0 ومن هنا قرر الصبي الإتجاه إلى مصر ، وبعد أن وصل الصبي إلى البحر الأحمر ، مازال يراوده الشك حول قرار الغاء الحدود بين الدول العربية، فقرر الإتجاه شمالاً لكي يختبر الحدود الأردنية ، وبعد ذلك يعبر البحر إلى السواحل المصرية عن طريق العقبة الأردنية ، وحدث ذلك بالفعل 0 وعند وصول الصبي إلى العقبة الأردنية قال له اشقائنا هناك ، بأنه لديك أحد خيارين ، فإما أن تعبر بحراً من العقبة إلى ميناء نويبع ، أو تتجه شمالاً ، ومن ثم تعبر جنوب فلسطين إلى سيناء المصرية ممتطياً جوادك ، ومن ثم إلى قبة الجامعة العربية في القاهرة 0
فصعق الصبي وسأل – ماذا عن إسرائيل ؟ فأجابوه تقصد فلسطين ( الصبي ) ماذا فعلتم باليهود ؟ أجابوه إننا كلنا ساميين وحاميين واريين ، مرجع التطور الحضاري لهذه المنطقة، شكلنا خليط سلالي كبير من المذكور ، أما من الناحية الدينية ، فنحن أبناء هذا المكان ، ننقسم حضارياص ما بين ثلاث ديانات سماوية وهي – اليهودية ، والمسيحية ، والإسلام ، وكلنا مشتركين في هذه الأرض من حيث الحقوق والواجبات ، تحت ظل أولاً اللّه سبحانه وتعالى ، ومن ثم قيادة ممثلنا الشرعي الوحيد – الجامعة العربية – ، ولا نقول لك بأننا شركاء مع اليهود فقط ، بل من أراد أن يشاركنا العيش من كل العالم مع احترامه لمبادئنا المذكورة ، فأهلاً وسهلاً به 0
فهمهم الصبي في صدره غضباً على والده ، وقال أنني اكتشف في كل خطوة كذبة من أكاذيبه 0 واسترسل الصبي في مرحلة من الخيال ، واسترجع شريط ذكرياته 00 فتذكر الصور الخبيثة التي طبعها والده في ذهنه ، والأقاويل التي كان يسردها عليه – (1) إن سيناريو حرب أفغانستان تم بواسطة قوى الاستعمار لخلق صراع حضاري ما بين الإسلام والشيوعية (الإيمان والالحاد ) ، وتلاه تنازع طائفي ما بين المسلمين تحت مبدأ كل واحداً منكم أحق بالسلطة0 (2) حرب الخليج الأولى لإحداث خلل استراتيجي في المنطقة ، ولامتصاص الاحتقان الثوري الذي وصل عند طرفي الخليج ( العربي والفارسي ) إلى درجة الانفجار ، وكل منهم ينظر إلى نفسه بأنه صلاح الدين القرن العشرين ، ويسجل في التاريخ بأنه حرر المسجد الأقصى من براثن الصهيونية 0 (3) حرب الخليج الثانية ، سببه دول الخليج الملكية لأنها خلقت فجوة كبيرة ، وخلل في التوازن الاستراتيجي في المنطقة ، مما أدى لحدوث الكارثة، وهذا أمر طبيعي نظرياً ، وتطبيقياً ، وحسابياً ، ومنطقياً لأي شخص عادي ، ولا يحتاج لمتخصص في الدراسات الاستراتيجية 0
وما زال الصبي في مرحلة الخيال ، ويتذكر الصورة الذهنية الخبيثة التي زرعها والده في ذهنه ، حيث قال له والده كل ذلك لتثبيت قبضة الصهيونية والصليبية وما بينهما ، على فلسطين بطريقة مباشرة ، والسيطرة الغير مباشرة على جميع الموارد الاقتصادية والبشرية للأمتين العربية والإسلامية 0
عموماً ، في النهاية ، فإن الصبي بعد مرحلة الخيال والشرود الذهني الذي ذكر أعلاه ، قرر تجنب البحر والانطلاق براً عبر جنوب فلسطين ، وسيناء ، إلى أن وصل قاهرة المعز ، ودخل الجامعة العربية كما ذكر سلفاً 0 وبعد أن شرح الصبي خط سيره المذكور ، سأله منسق الاتحاد وماذا عن العراق الآن ؟
فأجابه الصبي – (1) إن العراقي لم يعد يحصل حتى على نصف السعرات الحرارية التي يحتاجها يومياً 0 (2) إن الأمراض الفتاكة حلت بأهل العراق والقوى العظمى تمنع دخول الدواء 0 (3) التعليم لن أقول لكم أن الغير متوفر هو الأساتذة ، والكتب ، والمراجع ، والتقنيات الحديثة فقط ، بل حتى المقاعد لم تعد متوفرة 0 (4) الثروة الحيوانية ، نفق أكثر من نصفها بسبب الأمراض الفتاكة ، وعدم توفر التطعيم والدواء لها ، ويدعم الأمراض نقص الغذاء والتصحر والجفاف 0 وما تبقى منها بعافيته فيهرب ليلاً إلى دول الجوار ، بسبب التضخم الهائل الذي أصاب الاقتصاد العراقي 0 (5) الماء والزراعة – بسبب الحصار والمشاريع التركية الضخمة على الفرات ، تقلصت حصة العراق من الماء ، ويدعم ذلك الجفاف والقحط الذي أصاب المنطقة في السنين الأخيرة 0 وما تبقى من المياه تعرض نسبة كبيرة منه للتلوث ، وخاصة مياه الشرب ، بسبب عدم توفر إمكانات في معالجة المياه 0 (6) الكهرباء والآلات – بسبب عدم وجود قطع الغيار والحظر على استيراد الآلات الجديدة ، سواء استهلاكية أو إنتاجية ، ويقابله النمو السكاني الضخم ، انخفض نصيب الفرد من الطاقة بشكل حتى أقل من أكثر الدول فقراً في العالم 0 وانخفض نصيب الفرد من المرافق والآلات الضرورية أيضاً ، ولا مجال للتحدث عن الكماليات هنا 0 (7) الديون وصلت إلى ما بين 120 بليون و 200 بليون دولار ، وهذا يعني بعد الجدولة وإن حدثت ، ستبقى العراق تدفع فوائدها مدى الحياة 0 (8) الدخل ، إذا ذهبنا إلى المعيار العالمي لقياس الدخل ، وقلنا أن أشد دول العالم فقراً الآن هي الدول التي يصل فيها متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي إلى أقل من 500 دولار سنوياً ( 360 دولار سابقاً ) ، فليس التضخم الذي أصاب العراق والذي يصل إلى 3000% الآن ، أصبح متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي أقل من 30 دولار سنوياً ، إذاً نستطيع أن نعتبر العراق الآن ، جميع الأيدي العاملة فيه تعاني من بطالة مقنعة 0 (9) بدأ الطابور الخامس في العراق الآن اللعب بالأوراق الحضارية من أجل إشعار الفتن الطائفية ممثلةً بالتالي – الشيعة والسنة ، العرب والأكراد ، القبائل وغير القبائل 00 إلخ 0 (10) بدأت تظهر في العراق بعض الأمراض الغريبية التي تصيب الأطفال ، وهي شبيهة أحياناً بالأمراض التي إصيب بها أطفال الفيتنام ، ورغم أنهم لم يشهدوا الحرب ، إلا أن ذلك يرجع إلى المركبات المستخدمة في الحرب ، والتي أدت إلى انتقالها كأمراض وراثية من السلف إلى الخلف 0
ويكرر الصبي العراقي ، ويقول ما سردته لكم الآن 00 هو فيض من غيض ، ولكنني الآن مطمئن لأنكم ستهبون كرياح الرحمة لأنقاذ أهلكم في العراق 0 ويقول الطفل أنا متأكد بأنكم أفضل من روسيا الاتحادية مشكورة 0 وأقول مشكورة لأنها احتجت في مجلس الأمن عندما رفض كل من الولايات المتحدة ، وبريطانيا ، السماح للعراق من ضمن برنامج النفط مقابل الغذاء بشراء ما قيمته واحد بليون دولار بضائع تتكون من أغذية وأدوية ، وبعض الآلات الضرورية ، وأحتجت روسيا على رفض أمريكا وبريطانيا المذكور 0 ويقول الصبي – هناك من يتهم روسيا بأن احتجاجها يرجع إلى أن 28% من الصفقة يتكون من صادرات روسية، ولكننا نقول للمغرضين لا وإنما احتجاج روسيا بسبب حسها القومي والديني العظيم0
وعماماً كما أبلغ الصبي وعرفنا نحن أيضاً بأن الجامعة العربية قررت مساعدة العراق من خلال محورين رئيسيين –
الأول – طوارئ وإغاثة –
بحيث سيوفر الاتحاد العربي للعراق كل ما تحتاج إليه في المرحلة القادمة 0
ثانياً – الخطة التنموية –
فسوف ترسم للعراق خطة تنموية قصيرة المدى ، غير متجددة ، وهي عبارة عن برنامج شامل للتنمية في العراق ، حتى تستطيع أن تقف على قدميها مرة أخرى ، وبعد ذلك أضم صوتي مع أعضاء الاتحاد العربي بأن العراق لا تحتاج إلا لمن يساعدها للخروج من عنق الزجاجة ، وما تبقى يستطيع الشعب العراقي العظيم القيام به 0
ولكن لابد أن ننبه اشقائنا في الاتحاد العربي بأنه نعم هناك بعض المشاريع مثل الصناعة الاستخراجية ، والتحويلية ، والمرافق العامة ، تحتاج إلى شركات عالمية من الولايات المتحدة ، والاتحاد الأوربي ، واليابان ، والهند ، والصين 0 ولكن الذي يهمنا هنا هو ابتعاد أبناء الولايات العربية الأخرى من أخذ توكيلات لهذه الشركات وإدخالها العراق والسعي وراء مصالحهم الخاصة ، بل من كان يريد خيراً بالعراق وأهله ، عليه أن يساهم حتى ولو فكرياً من خلال إنشاء شركات عراقية مساهمة خاصة وعامة ، وإعطاء السواد الأعظم من الشعب العراقي فرصة أن يكون لهم حصص في هذه الشركات ، والأولوية في التوظيف أيضاً 0
ومن خلال هذه الشركات ( العراقية ) ، يمكن عقد اتفاقيات مشاركة “Consortium” مع الشركات الأجنبية كل حسب تخصصه 0 وتعمل هذه الشركات في العراق تحت أشراف عراقي 100% 0 وبعد أن تحقق هذه الشركات الأهداف المرجوة منها ، يمكن للعراق أن ينتقل إلى خطوات أخرى ، وهو من خلال فتح بورصة عراقية وتحرير التداول للأسهم العراقية تدريجياً أولاً على المستوى الإقليمي ، وبعد ذلك على المستوى العالمي 0 وبهذه الطريقة نستطيع أن نحفظ العراق من النهب عندما تفتح أبوابها مباشرةً بعد الحصار 0
ونحن نتمنى من اشقائنا في الاتحاد العربي بعدم تأخير برنامج مساعدة العراق الناتج عن المناقشات الحادة ، والناجمة عن شدة الحرص على انقاذ العراق ، وذلك بجعلهم يدققون في برامج التنمية ، مما يؤخر تطبيق البرامج في العراق 0 ونكرر ونقول أبدأوا بأي برنامج عالمي ، سواء كان برنامج مراحل التنمية الاقتصادية لروسو ، أو الدفعة القوية ” Big Push” ، أو النمو المتوازن ، أو النمو الغير متوازن ، أو النموذج الروسي 00 إلخ 0 لأن العراق يملك إمكانات كبيرة ، فقط أسعوا لتطبيق أي برنامج تنمية في العراق لانقاذه ، وإذا وجدتم بأنه عديم الجدوى ، أو فيه بعض السلبيات ، فسوف تقومون بتعديله أو تغييره 0
وربما يثار سؤال هنا ويقول 00 وماذا عن السياسة ؟
فمن وجهة نظري ، يجب أن نقر لجميع زعماؤنا في الولايات المتحدة العربية بأنهم هم القياديون ، أما نحن خلقنا منقادون 0 ويجب أن نقول لجميع زعماء الأمة ، إذا أردتموها بيعة فنبايعكم ، وإذا أردتموها انتخاب فسوف ننتخبكم باجماع 100% ، ونقول لهم بأن الجيش لكم، والاقتصاد لكم ، والتعليم لكم ، والإعلام لكم ، والبرلمانات لكم 00 إلخ 0 دعونا فقط نخطط لمستقبلنا ولأجيالنا كيف نشاء ، ونحصنهم بالبناء المعنوي القوي 0 ونعترف لكم بأننا كما تقولون شركاء لا أجراء ، وهذا المصطلح الأخير أيقظ سقراط من قبره ، وقال للقلم المتمرد، دع عنك هذه الشعارات السوفسطائية ، فأنتم لا شركاء ، ولا أجراء ، ومعظم أبناء الأمة متوسط نصيبهم من الناتج المحلي أقل من 360 دولار ، أي تحت خط الفقر ، بل أنتم بطالة مقنعة 0
وأنتبه القلم للرأي المغرض لسقراط ورد عليه فقال – بأن القومية العربية خلقت من ضمن مزيج حضاري ضخم ومتراكم ، منذ آلاف السنين ، وحفظت ، وطورت ، ورسخت ، من خلال مركزية ذات جاذبية قوية وخالدة ، صنعها المولى عز وجل من خلال ” القرآن الكريم ” 0
المثقفين العرب –
شكلت لجنة عليا منبثقة عن اتحاد الولايات العربية ، وتعتبر هذه اللجنة الممثل الشرعي والوحيد لجميع الولايات 0 وعين لهذه اللجنة أميناً عاماً ، وطلب من الأمين العام إعداد كشف عن جميع المؤهلين العرب في جميع المجالات 0 فقام الأمين العام بإعداد الكشف الذي يحمل اسماء حملة الشهادات وهو المقياس الثقافي ، وكشف يحمل اسماء الرياضيين المسجلين في الاتحادات الدولية ، وكشف يحمل اسماء الفنانين المسجلين في الجهات المختصة ، 00 إلخ 0
وعموماً جهز الأمين العام الكشف ، وقدمه لرؤسائه ، ففوجئ الأمين العام عندما قيل له أن المطلوب المواهب الفعلية ، لا الكشوف المتوفرة لدينا 0 فصعق الأمين العام وقال – أتريدون أن تفعلوا بهم مثل ما فعلوا بي فقالوا له وماذا فعلوا بك ؟ ( الأمين العام ) طلب مني إثبات موهبتي ، وعندما أثبتها قفلت في وجهي كل الأبواب ، وتعاونوا صائغي الحبر الأسود بالتفنن في تأليف التقارير ضدي ، إلى أن وصلت إلى درجة الوهن 0 وعندما وصلت إلى هذه الدرجة ، كان لي الشرف بأن أرسلكم اللّه سبحانه وتعالى لي ، وانتشلتموني من الضياع ، وعينتوني أميناً عاماً لمجلسكم هذا ، ولكم مني عهداً بأنني لا أرى ولا أسمع ولا أتكلم ، وعليكم أن توفروا لي الأجر الذي ساقتات منه أنا ومن أعيل 0
فأصر عليه رؤسائه مرة أخرى بإعداد قائمة الموهوبين ، فقال لهم الأمين العام لماذا ؟ فأجابوه رؤسائه ، حتى نعرف كيف توصلوا إلى هذه المرحلة 00 ومن خلالها سوف نضع برامج لأطفالنا لكي يمروا من خلال مراحل الموهبين ، إلى أن نستطيع أن نفجر الطاقات المكنونة لدى أطفالنا 0
فأجابهم الأمين العام – أخشى أن أحصر لكم من تبقى فتقضوا عليهم جميعاً 0 لذلك سوف أسرد لكم بنفسي كيف تفجرت الموهبة لديهم 0 ولدوا في القهر ، ونشأوا في القهر ، وعاشوا في القهر ، وبعد ذلك انقسموا إلى قسمين – 50% تفجرت الموهبة التي لديهم ، والــ 50% الآخرين انتهى بهم الطريق بالانتحار ، أو الادمان ، أو السجون ، أو المصحات العقلية، وربما أفضلهم حالاً هو خادمكم الذي بين أيديكم – الأمين العام – ، حيث رضيت بالرغيف الذي تقدمونه لي ، وأطعت أوامر أسيادي ، وخّرست ولم أتكلم 0
ولكن الرؤساء كرروا طلبهم مرة أخرى للأمين العام ، وهذه المرة بصيغة الأمر ، كي يقوم بحصر المواهب العربية 0 وكأن روح القتال عادت مرةً أخرى إلى الأمين العام ، وكما نقول دائماً، بأن العملاق يبقى عملاقاً ، مهما حاولنا أن نضغط عليه ، أو نحجمه حتى ولو ظاهرياً، ونعتقد بأنه انتهى ، ولكن عند الحاجة نجده أفضل مما كان عليه قبل التحجيم ، والدليل على ذلك المثال الذي ساقه إلينا الأمين العام بعد أن ضغط عليه رؤسائه ، فقال لهم – اتركوا المواهب المذكورة عنكم ، وأنا سأخبركم كيف تستطيعون الحصول على المواهب الحقيقية –
(1) رفع المستوى الصحي والتعليمي والدخل بالنسبة لمواطني الولايات العربية المتحدة، مع مراعاة تحسين ظروفهم وتسوية أجورهم مع التضخم السنوي الذي يبلغ ما يقارب 5% واستمرار هذا التضخم يفقد أجورهم القيمة الفعلية لدخلهم 0 (2) وضع برامج تنمية اقتصادية ذات خطط حلقية متوسطة لها أهداف هولامية ، وليس بالضرورة أن تكون شاملة ، ولكن يمكن أن تكون قطاعية وممرحلة ، مع مراعاة التغيرات والتجديد محلياً وإقليمياً وعالمياً 0 (3) يجب أن نضع في اعتبارنا بأن جميع أطفالنا صفوة ” Elite ” وهم فعلاً ، وبالتالي بدلاً من عزل البعض منهم في مدارس صفوة ، وغالباً يكون للمعزولين نتائج سلبية 0 والبديل هو أن نضع خطة أفقية شاملة لقطاع التعليم ، وتدعمها خطة رأسية شاملة 0 ونراقب مع ذلك مدى أهمية البرامج النظرية والتطبيقية ، ونقل التقنيات الحديثة لأطفالنا ، وإدخالها تدريجياً لهم مع المحافظة على القيم والمبادئ والعادات والتقاليد الإسلامية والعربية السليمة 0 أما فكرة الصفوة ، فيمكن أن تطبق وذلك بتخصيص فصول من نفس المدرسة لذلك ، بدلاً من أن تكون مدارس مستقلة ، وخاصةً في الولايات الصغيرة ، نجد أن مجموع طلاب المدارس لايزيدون عن ثلاثين ألف طالب ، إذاً هؤلاء جميعهم صفوة ، أما الصين إن أرادت تخصيص مدارس للصفوة، فلديها ما يزيد على 450 مليون طالب ، ولو أخذنا نسبة 10% منهم أي 45 مليون طالب واعتبرناهم الصفوة ، فهم بذلك يعادلون عدد سكان مجلس التعاون الخليجي ، مضافاً إليها العراق من الناحية الفعلية 0
والحل البديل في هذه الحالة ممكن أن أكرر ما ذكرته سابقاً وهو أن تنتقل فكرة الصفوة إلى فصول في نفس المدرسة ، بدلاً من أن تكون مدارس مستقلة ، وأن يكون الطلاب المتميزين في فصول الصفوة ، وتقدم لهم مكافآت تشجيعية ، مع اشعار الطلاب الآخرين بأن زملائهم ليسوا أفضل منكم في شيء باستثناء أنهم كافحوا واجتهدوا إلى أن وصلوا إلى هذه المرحلة ، ومن يجتهد ويكافح منكم فسوف ينقل لنفس الفصول ، وعلينا طوال الطريق مراقبة التنافس الغير شريف الذي قد ينشأ ما بين الفصول العادية وفصول الصفوة ، وما يهمنا هنا هو عدم خلق فجوة معنوية ما بين الطرفين 00 أعلم هنا بأنه سوف يقفز البعض ويقول بأن فصول الصفوة أثبتت فشلها أحياناً ، وسأرد عليهم وأقول لهم بأن مدارس الصفوة أثبتت فشلها غالباً 0
من خلال الخطط المذكورة ، وفي مراحل متقدمة ، ممكن أن نعرض بعض المعاهد الفنية المتخصصة في (1) الزراعة (2) الصناعة (3) الخدمات بشكل عام 000 إلخ 0 ومن يريد من أبناءنا الالتحاق بهذه المعاهد يمكنه ذلك من مرحلة مبكرة جداً ، بعد انتهائه من المدرسة المتوسطة مثلاً 0 ولكن يشترط أن لا ينظر لهذه المعاهد بنظرة دونية ، بل يجب أن يعطي الحاصل على الدبلوم منها نفس امتيازات خريج الجامعة 0 ويعود الأمين العام ويشدد (Emphasis) إذا اعطيت هذه المعاهد حقها فهي ذات مردود إيجابي وأفضل من الجامعات ، وهذه النوعية من المعاهد لا تخرج صغار الموظفين فقط ، وإنما تخرج منها الكثير ممن وصلوا إلى مناصب مرموقة مثل رئيس بنك أو حتى رئيس حكومة 0 أما التلاميذ الذين ينهون المرحلة المتوسطة ، فيجب أن تكون شخصيتهم قد نضجت ، وأصبحوا يعلمون جيداً ماذا يريدون ؟ ، وإذا كانوا غير ذلك ، فأنا لا ألومهم ، بل اللوم يقع على البرامج التعليمية ، ومن وضعوها 0
وربما يثار سؤال هنا ، ماذا عن الجامعات ؟ فيجيبهم الأمين العام – إن الجامعات قضيتها مسألة خلافية كبرى ، ما بين المدارس الغربية والشرقية ، وحتى أبناء المدارس الغربية تمردوا على أنفسهم ، ومثلهم أبناء المدارس الشرقية 0 وبالتالي خوفاً من أن يجف حبر القلم المتمرد ، فسوف أترك موضوع الجامعات ، وسوف أقدمه لكم في تمرد قلم آخر خاص بالجامعات فقط ، إن شاء اللّه تعالى 0
السلعة الوحيدة الموجهة الهايدروكاربون –
سوف نركز على النفط الذي يمثل تاريخ وحاضر ومستقبل الأمة ، فيجب أن نحافظ عليه، وعلى أسعاره ، وعلى كمية تسويقه ، وعلى إمكانية تصنيع الجزء الأعظم منه ، واستثمار عائداته في صناعات ذات ترابطات أمامية وخلفية ، حتى نستطيع أن نخلق قاعدة صناعية ضخمة كبديل للثروة الناضبة ممثلة بالنفط 0 ويجب أن نشد الانتباه في هذه العجالة على قرارات أوبك الصاعقة التي سجلها التاريخ في مارس 2000م من خلال الاجتماع الذي تم ما بين دول أوبك ( تمثل ثلث السوق النفطية في العالم ) لزيادة كمية الانتاج في الأسواق العالمية ، بكمية إضافية تصل إلى 7ر1 مليون برميل يومياً من النفط ، وذلك حتى تنخفض الأسعار للمستهلكين في الدول الصناعية ، إلى أقل من 25 دولار 0 وكمية الانتاج الإضافي هي نفس الكمية التي اقتطعتها دول أوبك في العام الماضي بعد صراع مرير ما بين دول الأوبك نفسها من أجل توزيع حصص تخفيض الانتاج 0
ولإقناع المصدرين خارج أوبك وهم يمثلون ثلثي المصدرين في العالم ، لتخفيض كمية صادراتهم النفطية إلى الأسواق العالمية 0 وبعد صراعات واتهامات متبادلة بعدم المصداقية ما بين دول الأوبك أنفسهم ، وما بين دول أوبك والمنتجين الآخرين في العالم ، مما اضطر بعض دول الأوبك على ممارسة الحرب التجارية من خلال سياسة الأغراق ، مما أدى إلى انخفاض أسعار النفط إلى أقل من 9 دولارات ، وجعل الدول التي كانت تعارض تخفيض كمية الانتاج سواءً من داخل أوبك أو خارجه تذعن لعملية تخفيض الانتاج ، وذلك من أجل سحب الفائض النفطي في السوق الدولية 0 وأتفقت الأوبك على تخفيض 7ر1 مليون برميل يومياً ، مقابل أن يخفضوا المنتجين خارج أوبك ما يقارب 8ر0 مليون برميل يومياً 0
وبعد أن تعافت الصادرات النفطية ، وعاد سعر النفط يرتفع تدريجياً ، ووصل إلى أكثر من 30 دولار ( رغم التسريب المفضوح في السوق السوداء للنفط ) ، وإذا بأوبك وقد جن جنونها مرة أخرى ، وقامت بزيادة الانتاج ، وذلك لكي ينخفض سعر النفط ، والحجج هي كالتالي –
أولاً – بأنه يوجد بدائل للطاقة ، فإذا لم نخفض سعر النفط ، فسوف تتجه الدول الصناعية لهذه البدائل 0 وأجيب أوبك – نعم حاولت الدول الصناعية إيجاد بدائل للنفط ، وذلك بتطوير برامج الطاقة النووية ، والطاقة الشمسية ، والطاقة الكهرومائية ، وطاقة الرياح، والتوليد الحراري المضغوط ، والعودة إلى حقول الفحم الحجري وتطويرها ، والتوسع في التنقيب عن الهايدروكاربون في كل العالم ، بما فيها قيعان المحيطات ، والقطب الشمالي “Arctic” والقطب الجنوبي “Antarctic” 0 ولكن كل المذكور أعلاه إلى الآن لم تثبت جدوى إمكانية احلاله مكان الطاقة الهايدروكربونية ( النفط والغاز الطبيعي ) ، وفوق ذلك كله فإن إنتاج برميل واحد في حقل غوار السعودي يكلف دولار واحد ، في حين انتاج البرميل في الحقول الأمريكية يصل إلى أكثر من 15 دولار 0
وهذا يذكرنا بالاجتماع الذي تم بين شركات انتاج النفط في الحقول الأمريكية ، والبيت الأبيض والكونجرس ، لكي يأمروا الدول النفطية النامية على تخفض انتاجها لكي يرتفع سعر النفط إلى أكثر من 20 دولار حتى يتحقق لهم هامش ربحي بسيط لتسويق انتاجهم ، وطلبوا من حكومتهم أيضاً الضغط على الدول النامية لكي تدفع لمنتجي النفط في أمريكا تعويضات عن الخسائر التي اصابتهم 0
ومن محاسن الصدف أن حدث تزامن ما بين هذه التحركات المثيرة “Dramatic” لمنتجي النفط الأمريكان ، واجتماع دول أوبك ، وموافقتهم على تخفيض إنتاج نفطهم لسحب الفائض من السوق الدولية 0 وفي هذه المرة ، وبمجرد تصريح الحكومة الأمريكية بأن عجلة الاقتصاد العالمي ستمر في مرحلة خطرة ، إذا لم تقوم الدول بزيادة انتاج النفط ، نلاحظ أن الاجتماع تم بسرعة ، وقرار رفع الانتاج أتخذ بطريقة مستعجلة 0
أما بالنسبة للاحلال ، فعندما تجد الدول الصناعية البديل ، فلن تنتظرنا اطلاقاً ، ومن الآن وحتى 2050 م سوف يبقى النفط هو الطاقة الأولى في العالم ، لأن عملية الإحلال وإن تمت فتحتاج إلى عملية تغيير وصيانة وتكييف معظم وسائل الانتاج العالمية للتحول من الهايدروكربون إلى الطاقة الجديدة ، وهذا التحول يحتاج إلى انفاق ترليونات من الدولارات ، والعالم الصناعي يوجد فيه رأي عام قوي لا يستطيع أن يخوض هذه المغامرة بطريقة متطرفة “Drastic” 0
وأسوق لكم مثال أصغر من ذلك بأن دولة عالمية حاولت تغيير نظام السير عندها من اليسار إلى اليمين بالنسبة لجميع وسائل النقل ، حتى يتسنى لها خلق توافق “Harmony” للانضمام إلى إحدى الاتحادات العالمية ، وعندما اجروا دراسة الجدوى ، وجدوا بأن ذلك سوف يكلفهم مبالغ خيالية من مليارات الدولارات ، فسربوا معلومات بأنهم دولة كلاسيكية ، ويجب أن تحافظ على طابعها الحضاري 0 وعليكم أن تقارنوا بين المثال أعلاه ، والتغيير الشبه كامل لوسائل الإنتاج العالمية ، وأيهم أصعب ؟ 0 وأعتقد بأن الأجابة لديكم 0 وعلينا أن نتذكر أيضاً عملية احلال النفط بدلاً من الفحم الحجري ، فهذه العملية بدأت منذ أواخر القرن التاسع عشر ، واستمرت إلى منتصف القرن العشرين ، وتم احلال جزئي ، أي خلال 80 سنة تم إحلال جزئي ، وذلك بسبب التغيير التدريجي لوسائل الانتاج 0 رغم القرار الشهير للورد كرزون 0
ثانياً – سعر البرميل 30 دولار هو أقل سعر ممكن ، والسبب في ذلك ، لو عدنا للوراء إلى بداية عام 1990م ، كان سعر النفط 25 دولار للبرميل ، ولو ثبتنا على ذلك السعر ، وحسبنا نصف التضخم العالمي السنوي 5ر2% سنوياً ، وهذا مستحيل ، ولكن مواطنو العالم النامي تعودوا على القمة المنقوصة ، لوجدنا سعر نفطنا مع التضخم وصل إلى ما يقارب 35 دولار للبرميل 0
إذاً بما أننا نتعاون مع السوق الدولية من خلال التعاون التجاري مع التهميش الجزئي للسياسة ، ونضع تصور ولو جزافي بأن ممثليننا جادين في التفاوض على توازن التجارة العالمية من خلال ثبات نسبي للعرض والطلب ، والموازين التجارية العالمية ، وتقليص التضخم العالمي لتدارك نتائجه السلبية 0 إذاً على ممثلينا أن يبقوا على سعر النفط في حيز 35 دولار ، وذلك سعر منخفض لنفطنا ، لأننا قبلنا جميع بضائعهم الاستهلاكية والانتاجية مع معدلات تضخمها السنوية ما بين 3% ، 5% ، وأحياناً يضاف إليها بعض الضرائب التصديرية 0 والطرح هذا بديهي ، ويفترض بأن جماعة أوبك يعلمون به ، وإذا كان غير ذلك فهذه مصيبة 0 وأنا في هذا الموضوع أحذر بأن بعد فترة قريبة سوف ينخفض النفط ، وسوف تلجأ دول أوبك لتشكيل تكتل “Lobby” جديد لكي تضغط على دول أوبك الأخرى والمنتجين خارج أوبك لتخفيض انتاجهم من أجل رفع أسعار النفط مرة أخرى 0
وما لنا إلا أن نختم هنا شاكرين إيران على موقفها الشجاع ، وأضيف أيضاً قائلاً اللّه يرحم الملك فيصل بن عبد العزيز 0
التقشف “Austerity” –
هذا الأسلوب هو أحد الأساليب التي يلجأ إليها أحياناً في عملية التنمية الاقتصادية 0 وتختلف طرق تطبيقه سواء من وجهة النظر الرأسمالية الكلاسيكية ، مثل آدم سميث ، أو النظريات الاقتصادية الاشتراكية 0 أما أكثر استخداماته وضوحاً هو في النظام الكينزي أو النظام الاقتصادي المختلط 0 بحيث تقوم الدول بالأشراف والمراقبة على العملية الاقتصادية بطريقة مباشرة ، بواسطة البنك المركزي أو وزارة المالية ، وذلك بمراقبة عدة مؤشرات اقتصادية وهي العرض والطلب ، والعمالة ، ومستوى الأداء الاقتصادي ، والتضخم ، والناتج المحلي ، والناتج القومي ، ومستوى الدخل ، والميزان التجاري ، والمراقبة العامة للايرادات والنفقات00إلخ 0
ولكن لتطبيق التقشف يجب أن نعمل دراسة جدوى قطاعية ، وقومية ، وقياس الآثار الإيجابية والسلبية على مستوى الأداء العام ، وحتى نسهل العملية علينا أن نضع المثال الكلاسيكي التالي –
أولاً – لو قلنا قيمة عقاراً ما 100 ألف دولار ، وسوف يحقق ريع قدره 20% سنوياً ، وذلك يعني بعد خمسة سنوات ، سوف تصبح مجموع قيمة الريع 100 ألف دولار ، وطبعاً مع مراعاة عامل التضخم السنوي ، فسوف تصبح قيمة العقار 000ر116 دولار 0 فالمستثمر في هذه الحالة استثمر رأس مال كبير ، وحقق ريعاً أكثر من ممتاز ، ومع مراعاة سعر التكلفة من حيث الصيانة والخدمات والمفروض أن تكون منخفضة لأن العقار من النوعية الممتازة 0
ثانياً – فلنفترض أن مستثمراً آخر اشترى عقاراً بقيمة 50 ألف دولار ، وذلك يمثل 50% من قيمة العقار أعلاه ، وإذا كنت أطلب من العقار الجديد أن يعطي نفس الأداء للعقار الأول ، فبالتالي من المؤكد بأن تكلفة الصيانة سوف ترتفع وتقتطع جزء كبير من المبلغ الذي وفرته 0 ويقابل ذلك عندما يكون العقار ذو نوعية رديئة ، فأيضاً الريع سوف ينخفض 0 وفي النهاية سوف أجد نفسي خسرت ما يقارب ضعفي أو أكثر من المبلغ الذي وفرته ، واللّه يستر بأن هذا الشخص لا يكون مرتبطاً بفوائد بنكية ، فسوف يتحول إلى معسر “Insolvent” أو مفلس “Bank rupt” 0
ومن خلال المثالين السابقين ، نلاحظ بأن الأغلى ثمناً ، هو الأكثر ربحاً ، وأقل تكلفة ، إلا إذا وقع الموظف الأول في غبن ، فبالتالي سوف يتسبب بخسائر كبيرة ، وهو غالباً ما يحدث للموظفين العموميين في العالم النامي 0
ثالثاً – إذا وجد عقار ذو نوعية ممتازة مثل الأول ، وسعره منخفض مثل الثاني ، فمن البديهي سوف نتجه إلى هذه النوعية من العقار0 -من المستحيل أن يوجد مثل هذا العقار -0
وفي الختام ممكن أن يطبق المثالين الأول والثاني في العالم المتخلف على مختلف القطاعات مثل التعليم ، والصحة ، والتوظيف ، والأمن ، وبعض برامج التنمية للأسف00إلخ0
امبراطورية الامبراطوريات –
تعودنا في العالم المتخلف أن تكون اسماء الدول طويلة ، عكس اسماء الدول المتقدمة ، بحيث نجد دولة مثل الولايات المتحدة الأمريكية ، يرمز لها ” U.S.A” ، أما الدول النامية فتعشق الاسماء الطويلة ( امبراطورية جمهورية اشتراكية دولة ) ، الأفضل لنا نحن أبناء الجنوب أن نسمي دولنا بامبراطورية الامبراطوريات ، لأن هذا هو الوضع بالفعل 0 وسأوضح ذلك في التالي –
يقصد بالامبراطور الرئيس ، أي رئيس الدولة ، ويجب أن نحترمه لأنه أحد أركان مثلث الدولة 0 أما المقصود بالامبراطوريات فهي الامبراطوريات التي يرأسها أباطرة صغار ، وهي تمثل جميع المؤسسات في الدولة سواءً كانت قطاع عام أو خاص ، مثل – قطاع الصحة ، والتعليم ، والخدمات ، والإعلام بتشعباته المختلفة ، 00 إلخ 0 ونجد أن كل رئيس مؤسسة من هذه المؤسسات هو امبراطوراً فيها ، فهو حسب رغبته ، يرقي من يشاء ، وينزع من يشاء ، ويأكل الأخضر واليابس 0 إن كنتم تريدون الصراحة 00 التعامل مع الامبراطور الرئيس أرحم بمليون مرة من المعاملة مع الأباطرة الصغار 0 وكما قال الشاعر – وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم 0
ل إلى اللقاء دائماً إن شاء اللّه تعالى