بسم الله الرحمن الرحيم
16/8/2009
(هل الدول النفطية تمتلك بالفعل كامل الإرادة فى إنتاج النفط سواء بالزيادة أو النقصان؟).
ما أدهشنى! وجذب إنتباهى بعنف! هو عندما قال د.عبد الحى زلوم بأن هناك شركاء منسيين لإحتياطيات النفط الخليجية!.
يقول د.زلوم أن سايكس بيكو قد قسمتنا إلى منطقتين الأولى ضئيلة السكان غنية الموارد، والثانية غنية السكان فقيرة الموارد، وعلى أن يقوم الغرب بحماية الفئة الأولى لعجزها عن حماية نفسها، وإقراض الفئة الثانية بشرط تقديم سيادتها كرهينة لسداد ديونها التى لا تنتهى!.
وبعد هذه الفقرة يشدد د.زلوم قائلا:-( أليست تلك الأموال من فوائض بترودولاراتنا قد رد بعضها إلينا!؟).
ومن هنا أختلف مع د.زلوم من خلال النقاط التالية:
أولا: عوائد الهايدروكاربون(النفط والغاز) ليست من فوائض بترودولاراتكم ردت إليكم، وإنما هى من حق أهل الأقاليم النفطية الأصليين، والدليل بأن الخليج العربى (مجلس التعاون) ليست له حق فى مياه دجلة والفرات وشط العرب التى تجرى فى العراق، وليست له حق فى الموارد الطبيعية الهايدروكاربونية الموجودة فى العراق وسوريا ومصر وليبيا والجزائر، وليست له حق فى المناطق التراثية والتاريخية التى لو أستثمرت الإستثمار الحقيقى لحققت المليارات من الدولارات وهذه فى العراق وسوريا والأردن ولبنان ومصر…..إلخ، ودول المجلس ليست لهم حق فى مياه النيل التى تخترق الأراضى السودانية والمصرية من الجنوب إلى الشمال ويعتبر ثانى أكبر نهر فى العالم، وهذا فيض من غيض، لأن الثروات أعلاها تعتبر ثروات إقليمية، وشعوب الأقاليم المتواجدين فيها هم أحق البشر بخيرات أراضيهم!. والدليل على ذلك إنه حتى الولايات المتحدة بعد ضم ألاسكا إلى الولايات المتحدة الأمريكية، تقوم الحكومة الأمريكية بعد حسم الضرائب وتكاليف خدمات الولاية، بتوزيع نسبة من ريع النفط على الأهالى (ممكن مراجعة ذلك فى موقعنا). والدليل على أن نفط (دول المجلس) ليست نفطكم إتفاقية سايكس بيكو لم يذكر فيها بأن المنطقة العربية كانت دولة عربية ذات سيادة واحدة!.
ثانيا: إتفاقية سايكس بيكو:- تفاهم سرى إستعمارى بين بريطانيا وفرنسا وروسيا لتقسيم السلطنة العثمانية والإستيلاء على المشرق العربى، فى أعقاب دخول الأتراك الحرب إلى جانب ألمانيا.
– هنا نريد أن يلاحظ القارئ الكريم بأن الإتفاقية كانت لتقسيم المشرق العربى وليست دولة عربية ذات سيادة واحدة!.
وكان التقسيم كالتالى، الإعتراف بإستقلال شبه الجزيرة العربية، وتقسيم العراق وسوريا بإستثناء فلسطين إلى أربع مناطق….إلخ.
ثالثا: منطقة الخليج العربى فى فترة الإتفاقية لم تكن منطقة هامشية خالية من السكان بل كانت منطقة جيوسياسية موجودة على أرض الواقع ولها سيادة على أقل تقدير فى الحكم الذاتى وكانت لها سلطة تمثلها مثلاً حكم عائلة آل ثانىفي مشيخة قطر وأن يكن بدأ من أواخر القرن الثامن عشر ميلادى، ولكن فى عام 1868م كان معترف به رسمياً آنذاك، وهذا ينطبق على المشايخ الخليجية الأخرى مثل الصباح فى الكويت، والخليفة فى البحرين، ومشيخات الساحل المتصالح….إلخ.
– إلى هنا ولكن ربما أتفق مع د.زلوم على نقاط إستراتيجية هامة، وهو سوء التصرف فى الثروة، وسوء إستغلال الثروة، وسوء إعادة توزيع الثروة.
فأعجبتنى مقولة مشهورة قالها د.زلوم فى كتابه:-
لماذا على دول النفط أن تنتج من النفط أكثر من إحتياجاتها للتنمية، فتحول هذه المادة الثمينة من كنز ترتفع أسعاره مع الأيام باقياً آمناً تحت أراضيها. إلى أوراق مالية أو سندات خزنية فى أمريكا أو كإستثمارات عند مادوف ومن على شاكلته؟ ولماذا لا تستثمر هذه الفوائض فى بلدانها أو بلدان أشقائها لتصبح ثروة حقيقية منتجة لأوراق مالية تتآكل لألف سبب وسبب!؟ ويضرب مثلاً قائلاً:- رجل واحد فقط على شاكلة مادوف من خلال تلاعبه بالأسواق المالية عام 2008 وصلت الخسائر بسببه إلى 50 مليار دولار، نعم 50 مليار دولار أمريكى!!.
وما أعجبنى هنا بأن د.زلوم يدعم ما قلته فى دراسة خاصة بنا تحت عنوان( دول مجلس التعاون الخليجى ما بين المرض الهولندى والصناديق السيادية منشورة فى الموقع) ويأتى د.زلوم ويذكر فى كتابه الكارثة التى حصلت للدول النفطية من خلال التالى:-
المحزن أن خسائر الدول العربية وخصوصاً الصناديق السيادية لدول النفط العربية قدرت بحوالى 2.600 مليار دولار من جامعة الدول العربية، وهو مبلغ يزيد مرة ونصف عن جميع موجودات البنوك العربية مجتمعة من المحيط إلى الخليج، بما فى ذلك الموارد من النفط والغاز. أما ما قدرته الأمم المتحدة من الخسائر العربية حتى منتصف ديسمبر 2008م كان 650 مليار دولار، 5% من هذه الخسائر لو تم إستثمارها فى السودان، لأصبح سلة غذاء للعالم العربى بأجمعه (طبعاً لو كان السودان مستقراً أصلاً)، أو 10% من هذه الخسارة كان ممكن أن يقيم قاعدة صناعية حقيقية فى هذا البلد العربى أو ذاك. بل كان يمكن بأقل من 20% من هذه الخسائر أن تقوم بسداد كافة الديون عن الدول العربية. ويضيف د.زلوم قائلاً:- هذه الخسائر فى وقت تعانى شعوب منطقتنا من الجهل والفقر وفى وقت سيدخل سوق العمل العربى 80 مليون طالب عمل جديد خلال العشر سنوات القادمة.نعم!.نعم.! أتفق مع ما ذكره د.زلوم أعلاه بأن لو إستثمرت الأموال المسلوبة من ثرواتنا الهايدروكاربونية فى الغرب، الإستثمار الحقيقى لعالجت الكثير من المشاكل القومية العربية والإسلامية!.
ولكن ما يصعق الدكتور زلوم عندما يعلم إن ثروتنا المذكورة أعلاه، فاضت، وذهبت بالترليونات من الدولارات إلى الأسواق المالية الغربية، وقام الغرب سواء بقصد أو بغير قصد سلبها منا، والكارثة الحقيقية بأن هذه الفوائض الخليجية ذهبت إلى الغرب وسلبت وما زال مابين ظهرانينا من الخليجيين إلى الآن لم يحصل لا على المسكن المناسب، ولا التعليم المناسب، ولا العلاج المناسب!. وسيقول القارئ، هل تقصد أن هناك من الخليجيين لم يحصلوا على أساسيات الحياة:-
أجيب بنعم!،نعم!،نعم!. هناك خليجيين إلى هذه اللحظة لم يحصلوا على أساسيات الحياة!!.
إذاً ما هو الحل لهذه المعضلة!؟.
الحل سأتركه للقراء للمشاركة
بآرائهم فى موقعنا، أو فى أية مكان آخر!!.
نقطة مهمة يجب أن نتوقف عندها، ونرجوا ممن له الرغبة فى التعقيب أن يعقب عليها (هل الدول النفطية تمتلك بالفعل كامل الإرادة فى إنتاج النفط سواء بالزيادة أو النقصان؟).
أو أتركونا نطرح السؤال بطريقة أخرى (هل لو أرادت دولة نفطية أن لا تصدر نفط على الإطلاق إلى الأسواق العالمية لأن عندها مصادر للدخل أخرى تستطيع فعل ذلك!؟).