حوار حول العنف

بسم الله الرحمن الرحيم

24/6/2004

س : هل تعتقد أن تفاقم العنف في الجزيرة العربية يمثل انعكاساً لإحتلال الولايات المتحدة الأمريكية لأفغانستان و من بعدها العراق ، وللتنازل الامريكي بالنسبة للقضية الفلسطينية ؟ .

ج : بكل تأكيد ، نذكر في مقالة لنا نشرت بعد احتلال العراق في عام 2003 م قلنا فيها أن الإحتلال الأمريكي للعراق جعل المنطقة في حالة سيولة ، وعندما تصبح المنطقة في حالة سيولة سيكون ذلك له انعكاسات سلبية على الدول المجاورة ، لأن الفوضى ستنتقل إليها من الأراضي المحتلة .
ومن هنا نحن حريصين على أن الولايات المتحدة بالتعاون مع الأمم المتحدة والإتحاد الأوربي يفترض أن يساهموا في الضغط على الأنظمة الكلاسيكية في المنطقة مثل الأنظمة الأبوية ، والشمولية ، والدكتاتورية لكي تنتقل تدريجياً من الدولة المركزية الفردية إلى نموذج الدولة الحديثة التي يكون فيها الشعب هو مصدر السلطات ، وليس العكس كما هو حادث الآن .
وميزة الانتقال التدريجي مثل النموذج الاسباني عندما سلم الفرانكو السلطة للشعب ، أو مثل النموذج الروسي عندما تنازل الحزب المركزي للتعددية الحزبية ، أن هذه النماذج تؤدي إلى سلاسة انتقال السلطة من دون انهيار النظام ، وكذلك تؤدي إلى امكانية المحافظة على بعض المؤسسات والانجازات الصحيحة للدولة ، مثل الجيش والأمن الداخلي ، وكذلك البنية التحتية والخدمات والصناعات التي انشأتها الأنظمة السابقة ، فلإحتفاظ بهذه المنشآت سيسهل على السلطات الجديدة انشاء دولة مؤسسات حديثة ! .

وذلك عكس ما حدث للعراق بحيث اعيدت الدولة إلى مرتبة الصفر ! من الناحية البنيوية !! .
وكذلك ساعد كشف امريكا لهشاشة النظام العربي السياسي إلى زيادة عمليات العنف في المنطقة . و هذا المؤشر ساهم في تحريض بعض الجماعات مما أدى إلى رغبتها في تغيير الأنظمة العربية .
واخيراً اذا العرب ارادوا أن يحتفظوا بكرامتهم وتحرير مقدساتهم ، وعدالة توزيع الوظائف ، وعدالة توزيع الدخل ، ليس لهم إلا أن يعودوا إلى المخططين الإستراتيجيين للأمة لإخراجها من الكارثة التي وقعت فيها الأنظمة العربية !! .

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *