زمن أبو رغال العربي

بسم الله الرحمن الرحيم

6/6/2004

 قلنا قبل عدة سنوات في صحافتنا المحلية بأن خطر أبو رغال سيؤدي إلى سقوط جميع دول المنطقة سلماً أو حرباً في أيدي الغزاة ، والآن سقطت أفغانستان والعراق ، وفي القائمة مجموعة كبيرة من الدول العربية والإسلامية 0

 ولكن السؤال الذي يطرح نفسه من هو أبو رغال ؟

 أبو رغال هو صورة للخير والشر في كل زمان ومكان 0 وعلماء الأمم غالباً ما يحاولون زرع بذور الخير والحب والكفاح خاصة بالنسبة للشباب الصغار ذكوراً وإناثاً لأنهم هم الذين سيحملون الشعلة للمستقبل لإضاءة الطريق للأجيال التي تليهم وإكمال الإنجازات والآمال التي سعى أسلافهم لتحقيقها 0

 وعموماً نحن لن نبلغ الكمال لأننا في النهاية بشر والكمال للّه سبحانه وتعالى ، ولكن هدفنا الحقيقي هو محاولة زرع الخير في كل مكان تصل أيدينا إليه وإذا لم نستطع ذلك فعلى أقل تقدير علينا تقليص الشر 0 ولكن ماذا فعل أبو رغال بالمفكرين العرب ؟ 0

 أصبحنا من المحيط إلى الخليج عندما ننصح طفلاً نقول له : تعلم فسوف تصبح عالما 0 فيجيبنا قائلا : ها أنتم علماء لكنكم في آخر الركب 0 وعندما ننصحه ونقول له تعلم لكي تحصل على وظيفة يجيبنا علمكم احفظوه عندكم وأعطوني الرخصة التي سوف تؤهلني للوظيفة إذا وافق أبو رغال  وهذا كله غيض من فيض 00 إذن من هو أبو رغال ؟

 هو أخطر عميل عربي في التاريخ 0 فبعد أن احتل الأحباش اليمن ، اتجهت انظارهم إلى وسط شبه الجزيرة العربية ( مكة المكرمة ) ، وكانوا يجهلون الطريق ، فأستعانوا بالدليل العربي العميل أبو رغال ، الذي سهل على الأحباش المهمة إلى أن وصلوا مكة المكرمة ، وكاد هذا العميل أن يصيب العرب بأكبر هزيمة في التاريخ ولانتهى كل ما هو عربي منذ آلاف السنين لولا تدخل السماء بقدرة اللّه سبحانه وتعالى فحمى بيته وهزم جند أبرهة وعملاءه ( مذكورة في سورة الفيل بالقرآن الكريم)0

 عندما نعود إلى آلاف السنين ونستنطق التاريخ العربي ونقول له : هل سمعت عن أبو رغال فإنه يقول : نعم “أبو رغال” العرب كثيرون 0 وأنهم ساهموا في إرساء قواعد أكبر أمبراطوريتين قبل الإسلام 0 وذلك تم عندما وصلت الأمبراطورية الفارسية (الأكاسرة) والأمبراطورية الرومانية (القياصرة) إلى قمتهما ، أي أصبح مركز القوى العالمي مقسما ما بين قوتين هما الفرس في الشرق والروم في الغرب ، وأي اصطدام مباشر ما بين المعسكرين سيعني انهيار الأمبراطوريتين 0 وبالتالي لابد للقوتين من البحث عن دول العالم المتخلف وزرع أبو رغال فيما بينهم حتى يقع صراع ما بين دولتين متخلفتين ، ومن ينتصر منهما يكون انتصاره لصالح الأمبراطورية التي يمثلها ، وهذا حدث بالفعل عندما استطاع البيزنطيون في الشام تجهيز جيش عربي كاسر من الغساسنة في الشام واستطاع الفرس من تجهيز جيش عربي كاسر من المناذرة وأصبح عرب الغساسنة وعرب المنذارة يحارب بعضهم بعضا لحساب الغير وقودا لذلك الصراع التاريخي ما بين الأكاسرة الفرس والقياصرة الروم والبركة في أبو رغال العرب  0

 ربما المتابع للأحداث المذكورة يقول : هل التاريخ يعيد نفسه ؟ يقولون : نعم ، التاريخ يعيد نفسه ، ولا داعي لهذا السؤال الذي أكل عليه الدهر وشرب أبو رغال موجود في كل مكان وزمان 0 فما يحدث في الأراضي العربية الإسلامية الآن هو ما حدث لأسلافنا المناذرة في العراق والغساسنة في الشام 0

 والآن يتصارع العرب والمسلمون والغير بحسب مدى ما حققه من مكاسب وهو ينظر إلى دماء ومصائر الأبرياء من خلال شاشات التلفاز ونقل حي على الهواء مباشرة وهو يمارس الدعارة والمجون والفسق بشتى أنواعه وعندما يواجه بالحقيقة التي هو معايشها يواجه العالم بدمعة كاذبة من دموع التماسيح ، ويبقى على قمته والغير يذرف دما ولا يحصل حتى على فتات الخبز 0

  ونتائج أبو رغال هو ما يحدث لترابنا وأهلنا في الأقصى الشريف ولبنان وفي السودان وليبيا والجزائر والعراق والبوسنة والهرسك وألبانيا وأحفاد صلاح الدين والشيشان والقنبلة الموقوتة التي على حدود إيران الإسلامية وأفغانستان الإسلامية 0

 وقلنا في حالة التوتر آنذاك نلتمس من قيادتي البلدين أن يحلوا مشكلتهم بأي طريقة كانت ولكن دون إراقة الدماء الطاهرة والغالية علينا جميعا سواء كانت من الطرف الإيراني أو الأفغاني 0

 لنحافظ على أبنائنا للحرب الكبرى التي كانت في السر سابقاً والآن أصبحت الكتابة عنها مباحة وتتناولها أجهزة الإعلام الغربية ، وهي كما تسمى الحرب العالمية الثالثة التي سوف تكون ما بين الحضارتين الإسلام ( ويقصد بالإسلام كل من قال أشهد أن لا إله إلا اللّه وأن محمداً رسول اللهّ وبغض النظر عن المذهب أو الطائفة أو الحزب السياسي أو العرق ، وإنما ذلك كله يستخدمونه بواسطة أبو رغال لكي نضر بعضنا بعضا ) والرأسمالية العالمية 0 وكما ذكر سلفا فإنه عندما يصرح لوسائل الإعلام بذكر الحرب الكبرى فمعنى ذلك أن سيناريو الحرب انتهى وانتقلنا إلى مرحلة الحرب الباردة وهي أخطر المراحل التي تمر بها الأمم إذا لم تستطع التعامل معها والدليل حي وماثل أمام الجميع وهو التخطيط الذي تعيشه روسيا الآن 0

 ومن السيناريوهات الخطيرة المعدة للسيطرة على خبرات أواسط آسيا الإسلامية خاصة نفطها ولن يفشل هذا السيناريو إلا بتعاون جاد ما بين الدول الإسلامية المحيطة بهذه الدول حتى لا يستطيع الآخرون من خلال أبو رغال أن يخترقوا ويحتكروا نفط وثروات آسيا الوسطى 0

 عندما كتبنا هذه المقالة كانت معظم هذه النقاط مجرد سيناريوهات ، ولكن معظمها اليوم وصل إلى مرحلة التطبيق ، فأمريكا متواجدة في أفغانستان وآسيا الوسطى ودول الخليج العربي والعراق وتركيا 0

 والدول الإسلامية الموجودة على القائمة الأمريكية إيران والسودان وليبيا بمعنى آخر لن تترك أمريكا المنطقة إلى أن تنشأ فيها منظومة إقليمية شرق أوسطية أمريكية، كما صرح بذلك الرئيس بوش في مايو 2003م  0

 إذن انعكاسات أبو رغال على الأمة الإسلامية هي الفقر والمرض والجوع والجهل والقهر والاستعمار  0

 وربما يتساءل البعض ويقول : ما هي مكاسب أبو رغال ؟ مكاسب أبو رغال هي السلطة والمال والجاه وتطبيل وسائل الإعلام 0 ونفس الوسائل التي تقوم بحرق كل شريف يقف ضده إذا كان ضعيفا أما بالنسبة لصفات أبو رغال فهي الكآبة وإن مثل أمام الناس والخوف الشديد وإن تظاهر بالشجاعة والحذر الشديد على مصلحته ، وغالباً يكون ميت الضمير ولا يشعر بالآم الآخرين ، وأن تظاهر أحياناً بغير ذلك لكي يحافظ على مكاسبه وجشعه وأنانيته 0

 أما كيف يوجد أبو رغال ، فهو يبدأ بشجرة واحدة يزرعها العدو ، ثم تنخر في صلب مؤسسات المجتمع من خلال جذورها وعزوفها وشروشها إلى أن يصبح لها وجود في جميع المؤسسات السياسية والاقتصادية والإعلامية والثقافية والعلمية والخدمية والاجتماعية 00 إلخ 0

 وبعد ذلك تقوم بإنتاج فسايل ، والفسايل تقوم بنفس الدور الذي قامت به جميع دول العالم النامي وذلك يمثل 90% من سكان كوكب الأرض 0 والخوف كل الخوف من استشراء شجرة أبو رغال الخبيثة فأنها إذا استشرت فلن ينجح ولن يتطور أي شخص إلا إذا كان من نفسه النبتة أو متعاونا معها أو لكي يضرب بها أبو رغال أطرافاً أخرى ، ومن ثم يقضي عليها 0

 ربما ينظر البعض ويقول هذا تشاؤم كامل ولكن في الحقيقة نحن متفائلون كما قال أشرف البشر سيدنا محمد ص رسول اللّه : ” الخير في وفي أمتي إلى يوم القيامة ” ولماذا لا نتفاءل ، ونحن – كما قال اللّه تعالى ” خير أمة أخرجت للناس ” بل يجب أن نتفاءل ونعمل ونكون هاماتنا فوق النجوم لأننا موعودون بإحدى الحسنيين ، النصر أم الشهادة 0

 وإلى اللقاء دائماً إن شاء اللّه ،،،

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *