امكانية التعايش الإسلامي الغربي

بسم الله الرحمن الرحيم

6/6/2004

 بعد أحداث سبتمبر 2001م في الولايات المتحدة الأمريكية التي هزت العالم كله، وكان من نتاجها اعتداء أمريكا على أفغانستان والعراق واحتلالهما ، ووضع برامج محددة وواضحة لجميع دول العالم الإسلامي ، وهي إما اتباع المخطط الأمريكي في المنطقة ، أو تتعرض دولهم للاحتلال  0

 وأكثر من عانى من هذا الاضطهاد هم شعوب العالم الإسلامي ، ولكن الذي قاسى شراسة هذا الاضطهاد بطريقة أشرس ، هم المسلمين الموجودين في بلاد الغرب 0 ففي تقرير نشرته الـ (The Daily Star December 13th.2003) يوضح الاعتداءات على المسلمين في الغرب ” بأن مسلمي الولايات المتحدة البالغ عددهم 7 مليون مسلم من خلال استفتاء نشر إن 75% شعروا بكثير من التفرقة والعنصرية بعد احداث 11 سبتمبر ، وفي بريطانيا من خلال دراسة مسحية على المسلمين البالغ عددهم 2 مليون في بريطانيا ، وكانت نتيجة المسح بأن 69% من مسلمي بريطانيا عانوا من الاضطهاد والتفرقة ، وفي ألمانيا البالغ عدد المسلمين لديهم 3 مليون مسلم أصبحوا يشعرون بأنهم عرضة للشك المستمر والشبهة الأمنية ، بعد أن اعلنت المصادر الاستخبارية بأن مجموعة من المعتقد بأنهم شاركوا في أحداث 11 سبتمبر 2001م كانوا يقطنون في ألمانيا لعدة سنوات ”  0

 ونفس المعاناة أعلاه ، أصبح يعانيها مادياً لا شعورياً فحسب ، مسلمي فرنسا البالغ عددهم 55 مليون مسلم ، ومسلمي بلجيكا ، وهولندا وباقي الدول الغربية 00

 ومن هذا المنطلق ، لابد من عقد ندوات ما بين المفكرين الجادين في الغرب والشرق ، لتوضيح أهمية التقارب ما بين الشعوب ، وعلى كل شعب أن يحترم ثقافة الشعوب والأمم الأخرى ، والأهم من ذلك يفترض أن يقوم بهذا الدور التثقيفي المتخصصين من كل أمة لأبناء شعوبهم 0

 ففي ندوة لكوفي عنان أمين عام الأمم المتحدة لجامعة (Tuebingen University) في جنوب ألمانيا يوم 12 ديسمبر 2003م قال : من الخطأ الاعتقاد بأن الثقافة الإسلامية والثقافة الغربية مستحيلة التعايش ، والدليل على إمكانية التعايش ما بين الثقافتين هو وجود ملايين المسلمين في الغرب ، المسلمين الموجودين في الغرب يعانون الآن من التفرقة والعنصرية ، وفي نفس الوقت في بعض الأجزاء من العالم الإسلامي ينظر إلى المسلمين الموجودين في الغرب بأنهم متنازلين عن قيمهم وثقافتهم الإسلامية 0 يعتقد عنان بأن أكبر محرض لهذه الكراهية هو الاعلان الأحادي للرئيس الأمريكي بوش الحرب على الارهاب ضد بعض الميليشيات الإسلامية ، ويعتقد عنان أن الحرب على الارهاب يفترض أن يكون المشارك فيها تحت الشرعية الدولية  0

 نحن نريد الحلول لتجسيد العلاقة ما بين العالم الإسلامي والعالم الغربي ، فالمسؤولين الأمريكيين إلى الآن لم يقدموا الحلول المناسبة لتجسيد العلاقة وخاصةً عندما يقول بعضهم أن هذه الحرب صليبية ولكنه اعتذر بعد ذلك ، ويقول الآخر بأن ديننا المسيحي خير من دينهم 00 إلخ 0 هل تعتقدون أن ذلك سيقضي على الكراهية ما بين المسلمين والغرب ؟  0

 في الحقيقة المتعصبين هم موجودين في جميع الديانات ، وبعد أحداث سبتمبر ، استغل المتطرفين من الحركات الصهيونية والأصوليون الجدد من الانجيليين هذه الأحداث كحصان طرواده لتنفيذ مخططاتهم في العالم الإسلامي ، وساعد على تنفيذ هذه المخططات وجود الفساد السياسي في العالم الإسلامي ، ونتاج هذا الفساد تفشي ظاهرة الفقر والجهل ما بين المسلمين ، فأصبح المسلمين لقمةً سهلة للالتهام بواسطة المتطرفين الغربيين ، وكذلك استخدم المتطرفين الغربيين البروباجندا الإعلامية بإمكانيات ضخمة لزرع روح الكراهية ما بين الشعوب الإسلامية والشعوب الغربية  0

 والآن نحن نمر في مفترق طرق خطير جداً بالنسبة للشرق الإسلامي والغرب المسيحي ، ونعتقد بأن المهمة الحقيقية تقع على عاتق المثقفين والعلماء في الغرب والشرق الإسلامي على أهمية التعاون والتقارب ما بين الشعوب 0 ولو قمنا بعمل التقريب ما بين الشعوب الإسلامية والشعوب الغربية ، فسوف يساعدنا ذلك على اغلاق أبواب الابتزاز الذهني الذي تقوم به بعض الحركات المتطرفة في الغرب لزرع الكراهية وتوسيع فجوة الفرقة ما بين الشرق والغرب  0

 يفترض منا كمسلمين ابلاغ الشعوب الغربية بأن الإسلام من الديانات التي تحترم الثقافات والديانات الأخرى ، على أن تقوم الثقافات الأخرى مقابل ذلك باحترام الإسلام وعدم التدخل في شؤونه  0 وأكبر دليل على ذلك سيدنا محمد ص وخلفاءه الراشدين ومعاملته مع أصحاب الثقافات الأخرى ، وبإمكان المهتم بذلك مراجعة كتابنا للعالم الإسلامي  0

 وكذلك يفترض علينا في ندواتنا أن نوضح للشعوب الغربية بأننا لا يوجد لنا أية خلافات استراتيجية معهم ، وإن وجدت فهي توجد بيننا وبين صانعي بعض السياسات الغربية ، أما بالنسبة للشعوب الغربية فيوجد لنا فيما بينهم مجموعة من الأساتذة والزملاء والأصدقاء الذين نكن لهم كل احترام وتقدير ، وكذلك نحن نحترم الحضارة الأوربية ، والتكنولوجيا والثورة الصناعية الغربية ، ونتمنى أن يكون فيما بيننا وبينهم تعاون في شتى المجالات التقنية والفنية والاقتصادية والعلمية شريطة أن يبقى الاحترام المتبادل لثقافة كل أمة  0

 وإلى اللقاء دائماً إن شاء اللّه ،،،

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *