الشرق الأوسط الكبير

بسم الله الرحمن الرحيم

24/6/2004

 موضوعنا هذا نستطيع أن نطلق عليه الموضوع القديم المتجدد ، وربما يرجع بقدمه إلى الأسكندر الأكبر ، وسبق أن تناولناه في مجموعة من الدراسات والندوات ، حتى قبل مبادرة بوش الابن الأخيرة في مارس 2004م 0 ومن الدراسات التي تناولنا فيها الشرق الأوسط على سبيل المثال لا الحصر : سايكس بيكو 2002م ، وهي توضح أن لكل قوة عالمية جديدة ، لها استراتيجية خاصة في إعادة تشكيل المجال الجيوسياسي لمناطق النفوذ ، وهذا التشكيل لكي يخدمها لأقصى حداً ممكن  ، وفي كتابنا للجغرافيا السياسية تطرقنا لنفس هذا الموضوع في فصلي الشرق أوسطية وتركيا على مفترق طرق ، وفي كتابنا للعالم الإسلامي تطرقنا لسيناريو معاكس لهذا الموضوع في فصل مخصص للنظام الإقليمي لغرب آسيا 0 وكذلك قدمنا في عام 2003م ورقة في مركز الدراسات الاستراتيجية في طهران تتكلم عن إمكانية إقامة نظام إقليمي شرق أوسطي إسلامياً تكون خططه نابعة من الدول الشرق أوسطية نفسها ، وليس مستورداً على الدبابات والصواريخ والقاذفات الأمريكية  0

 ولكن كل ما قدمناه نحن وزملاءنا مادام الحال على ما هو عليه سنبقى كمن يصرخ ما بين طرشان ، أو يسكب الماء في أرض عديمة الخصوبة  0

 وخلاصة نظرية بوش الابن للشرق الأوسط الكبير هي كالتالي : بأن حركة طالبان كمثال للتغير السياسي الذي يعتقد أنه يمكن تحقيقه في مناطق أخرى ، من خلال تطبيق مؤسسات ديمقراطية 0 وخلاصة أهداف النظرية الجديدة هي : الحرية والديمقراطية والكرامة الإنسانية وسيادة القانون والفرص الاقتصادية والأمن في الشرق الأوسط الكبير 0 وسوف نضيف لكم ملاحظتين هامتين على هذه الأهداف ، الأولى : عدم ذكر الصراع العربي الفلسطيني من جهة ، والصهيوني الإسرائيلي من جهة أخرى ، وهذا الصراع يشكل لب المشكلة التي تولدت منها جميع سلبيات الشرق الأوسط ، ثانياً : النظرية البوشية تمثل خلاصة أهداف الماسونية لإنشاء الدولة العالمية  0

 أما الأطروحة الأوربية للشرق الأوسط الكبير ، فهي أكثر عقلانية ، بحيث يقول دي فيلبان وزير خارجية فرنسا : لا يمكن التعامل بنفس الأسلوب مع بلاد المغرب والشرق الأدنى والخليج 0 كما ويقتضي أيضاً عدم التركيز بالكامل على المسائل الأمنية 0 لكي تتكلل مبادراتنا بالنجاح ، يجب أن تتصف بالشمولية ، وتأخذ بعين الاعتبار الأبعاد السياسية ، والاقتصادية ، والثقافية ، والتربوية 0

 والا سيكون من شأن هذه المبادرة أن تبدوا وكأنها مأخوذة فقط بدوافع أمنية بدلاً من أن تظهر حرصنا على تنمية المنطقة ، وأخيراً ، أن أردنا أن نبين مصداقيتنا ، لا يمكننا تجاهل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني ، إن اعادة ديناميكية السلام هو شرط لابد من السير بمبادرة أيا كانت في المنطقة ( الشرق العدد 7963) 0

 ولذلك نجد المشروع الفرنسي الألماني للشرق الأوسط الكبير ، الذي تريد الدولتان أن يتبنى كمشروع أوربي يتناقض مع المشروع الأمريكي ، فالمشروع الأوربي يؤكد على: أن تسوية النزاع العربي الإسرائيلي تشكل أولوية استراتيجية لأوربا ، وفي غياب مثل هذا الحل لن تكون هناك أي فرصة لتسوية المشاكل الأخرى في الشرق الأوسط 0 أما النقاط الأخرى في المشروع الأوربي فهي تقريباً نفسها التي بدأت منذ عام 1970م وهي المقصود منها الشراكة الأوربية المتوسطية ، أو كما تسمى الآن بنهج برشلونة الذي يركز على ارساء الديمقراطية وحقوق الإنسان والحرية الإعلامية وإقامة دولة القانون ، وتنفيذ إصلاحات هيكلية في المجال الاقتصادي ، وتطوير التعليم وتحقيق المساواة بين الرجل والمرأة ، ودعم انبثاق مجتمعات مدنية ( جريدة البيان ، العدد 8668) 0 وهذه النقاط الأخيرة شبيهة تقريباً بالمشروع الأمريكي  0

 أما بالنسبة لردة الفعل على نظرية الشرق الأوسط الكبير في منطقة الشرق الأوسط كان سلبياً ، وخاصةً من الدول المحورية في الشرق لكي تكون المركزية لتطبيق النظرية ، فتركيا مثلاً كانت أمريكا تأمل أن تؤدي الدور المحوري في الشرق الأوسط لتطبيق النظرية التي تقوم على التالى ( الأهرام العربي العدد 361 ) :

 أولاً من الناحية الجيوسياسية : من الضروري تكبير الشرق الأوسط ليشمل مساحة جغرافية هائلة تمتد من المغرب مروراً بالدول العربية كلها وإسرائيل حتى أندونيسيا وجنوب آسيا على أن تكون آسيا الوسطى والقوقاز ضمن المنطقة 0

 ثانياً : من الناحية الدستورية : ترسيخ الديمقراطية في هذه الدول باجراء إصلاحات تتيح تداول السلطة على أن تتم هذه العملية بدعم وتشجيع أمريكي مما يضمن ولاء الأنظمة الجديدة للولايات المتحدة الأمريكية ، بدعوى تعاون القوى الديمقراطية في العالم 0

 ثالثاً : من ناحية العولمة الأمريكية :  تحويل اقتصاد دول الشرق الأوسط الكبير بالكامل إلى السوق الحرة وإلغاء دور الحكومات في هذا الاقتصاد بما يتيح للقطاع الخاص ورجال الأعمال المرتبطين بالولايات المتحدة السيطرة الكاملة عليه 0 وهذا ما حدث بالفعل عندما طبق العالم النامي نموذج العولمة من حيث الخصخصة ، تحول للأسف الشديد معظم موارد الأمة الاقتصادية من ملكية القطاع العام ، إلى ملكية بعض الموظفين العموميين الفاسدين تحت مصطلح الخصخصة  0

 رابعاً : ثورة أيديولوجية أمريكية في الشرق الأوسط : التصدي سياسياً واقتصادياً للثقافة الإسلامية واحتواءها ابتداء من تغيير مناهج التعليم وانتهاء بالحلول الأمنية واستخدام القوة للقضاء عليها  0

 وذكرت الأهرام العربي أنها نقلت عن وسائل الإعلام التركية : بأن الإدارة الأمريكية عرضت على الإدارة التركية ، أن تكون تركيا الدولة المحورية لتطبيق نظرية الشرق الأوسط الكبير ، وعلى تركيا أن تقوم بدور تطبيق نظامها العلماني في الشرق الأوسط بمساعدة أمريكية ، والسماح للولايات المتحدة باستخدام قاعدة الخير ليك في جنوب تركيا وقونية في وسطها  0

 ولكن الأتراك متحفظين على هذه العروض الجديدة ، لأن كما ذكرنا في كتابنا للجغرافيا السياسية ص 139 ، بأن الأتراك قدموا الغالي والنفيس وذلك منذ أواخر أيام رجل أوربا المريض ، وتعرضها عالمياً لارضاء الغرب بالدولة العثمانية ، أو من بعد قيام الدولة العلمانية لأتا تورك ، وذلك في المرحلة الأولى لكي يعيدوا بعض أمجاد رجل أوربا المريض ، أما في المرحلة الثانية لكي يثبتوا لأوربا بأنهم دولة علمانية ، ولا يوجد لها علاقة بتراث وثقافة الشرق الأوسط 0 ومن هذه المحاولات على سبيل المثال :

أولاً : المشاركة الاستراتيجية التركية في خط سكة حديد برلين عام 1907م ، ولكن فشل الحلم التركي لعدة عوامل ومن أهمها البلقان الملتهب والمعادي للأتراك والألمان دائماً 0

 ثانياً : دخول تركيا في حلف بغداد وفشل هذا الحلف وذلك بسبب ضراوة العداء العربي لتركيا 0

 ثالثاً : دخول تركيا في الحلف المركزي ، ففشل هذا الحلف بسبب انقسام باكستان إلى دولتين ، وضعف عمقه العربي من الجنوب 0

 رابعاً : انضمام تركيا للناتو ، وكان لها أهمية استراتيجية في الحرب الباردة لتطبيق سياسة الاحتواء على الاتحاد السوفيتي ، وبعد انتهاء الحرب الباردة تقلصت أهمية تركيا 0

 خامساً : محاولة تركيا ، أن يكون لها دور في محور تركيا إسرائيل ، وذلك لتطبيق شرق أوسطية بيريز في التسعينيات من القرن الماضي ، وفشل هذا المشروع بتوفيق من اللّه سبحانه وتعالى أولاً ، ومن ثم بفضل معارضة معظم شعوب المنطقة لنظرية بيريز بما فيهم الشعب التركي المسلم 0

 سادساً : محاولة تركيا أن تكون من ضمن دول السوق الأوربية المشتركة ، ومازالت تحاول ، وإن تكن المهمة شبه مستحيلة لقبولها من ضمن دول الاتحاد الأوربي القائم أصلاً على ثقافته المسيحية وليس العلمانية كما تدعي أوربا  0

 سابعاً : العرض الجديد على تركيا لكي تكون الدولة المحورية في الشرق الأوسط الكبير ، وطبعاً الأتراك متخوفين هذه المرة من أن تستخدمهم أمريكا كأداة لإدارة اللعبة ، وبعد أن تنتهي المسرحية يخرجون خاليين الوفاض من الستة محاولات المذكورة سلفاً 0

 وذلك ما صرحت به الآراء لبعض المحللين السياسيين الأتراك وهي :

 أولاً : إن إسرائيل تقوم على المنهج الديني اليهودي الصهيوني ، والأساطير الدينية اليهودية تقول ، بأن دولة إسرائيل من النيل إلى الفرات الذي ينبع من تركيا ، وبالتالي قد تكون تركيا هدفاً مباشراً للهيمنة ، وربما الاحتلال الإسرائيلي 0 ثانياً : إن إقامة دولة للأكراد فكرة محورية قد تظهر في الاستراتيجية الصهيونية ، لأنها تقود إلى إضعاف ثلاثة من كبار أعداء إسرائيل في المنطقة وهم : إيران وسوريا والعراق ، (الأهرام العربي 361 ) 0

 وطبعاً إذا لم تنجح أمريكا في اجبار تركيا بالقيام بهذا الدور فالاحتمال كبير أنه ستضغط أمريكا على مصر للقيام به ، وذلك من خلال مساومة المصريين ( أكثر من 70 مليون نسمة ) على شريان المياه الدائم بالنسبة لهم ، وذلك يتمثل بتقليص حصة المصريين بشكل كبير من مياه النيل ، وذلك من التكتيك الأمريكي في منابع النيل وهو بتحريض دوله على التفاوض مع مصر على إعادة توزيع حصص مياه النيل ، وذلك بعد أن ينقسم السودان إلى سودانيين بطريقة مباشرة أو أخرى ، وكذلك بالنسبة لأثيوبيا وأوغندا وكينيا وتنزانيا وبروندي ، بحيث توجد بالفعل الرغبة لجميع دول حوض النيل في إعادة التفاوض على حصص المياه ، علماً بأن مصر الآن تعاني من مشكلة المياه ، والدليل على ذلك ما يقارب من 96% من شعبها يقطن 4% من أرضها فقط  0 (رواجع دراسة خاصة بنا نشرت في الراية في أغسطس 2002م ، ونشرت في مجلة الأهرام العربي في سبتمبر 2002م تحت عنوان سايكس بيكو 2002م ) 0

 الغريب في الأمر ، رغم الطبخة الخطيرة التي تجهز في المطبخ الأمريكي للشرق الأوسط ، ولكننا لا نرى لا من دول جامعة العرب ، ولا من دول منظمة المؤتمر الإسلامي ، أي دور يذكر سواءً بالمشاركة لتنقيح نظرية الشرق الأوسط الكبير بما يخدم المنطقة حتى لو على أدنى حد من الفائدة ، أو بالمعارضة للنظرية الأمريكية ، أو أن تقوم إدارات العالم الإسلامي بعرض سيناريوهات بديلة 0 أما صمتهم فذلك يدل كالذي يقول عليك أن تفصل وعليّ أن ألبس  0

 وربما بعض العرب يراهن على أوربا ، وبالتحديد فرنسا وألمانيا لمعارضة نظرية الشرق الأوسط الكبير 0

 فأوربا لا تستطيع أن تفعل شيئاً بدون مشاركة إسلامية معها ، ويتذكر الجميع المعارضة الفرنسية الألمانية الروسية للعدوان الأمريكي على العراق في 2003م قبل حلوله ، وكذلك معارضة الأمم المتحدة ومجلس أمنها لهذا العدوان ، ولكن بعد أن حدث العدوان ، واحتلت أمريكا العراق ، قامت الدول المعارضة ، ومجلس الأمن بإصدار القرار الذي يعطي الاحتلال صفة الشرعية ، وذلك يمثل سياسة الأمر الواقع 0

 وقد حذرنا قبل الاعتداء على العراق بأنه إذا لم تكن للإدارات الإسلامية موقفاً صلباً ضد احتلال أمريكا للعراق ، فالدول الكبرى المعارضة للاحتلال سوف تلجأ بعد الاحتلال لسياسة الأمر الواقع ، أو كما نسميه نحو أهون الضررين  0 فهل من موقف هذه المرة للإدارات الإسلامية أمام نظرية الشرق الأوسط الكبير ؟  0

 فيرى المحلل السياسي في الوسط ( العدد 632 ) بأن الأمريكان والأوربيين سيتفقون في النهاية على الشرق الأوسط ؛ لأن كلا الطرفين يحتاج إلى الآخر في هذه المنطقة الحيوية ، التي يواجهان فيها التحديات نفسها تقريباً ؛ كما يسمونه الارهاب أو التطرف الإسلامي ، وأسلحة الدمار الشامل ، وامدادات النفط ، ومخاطر اللااستقرار، وتدفق اللاجئين من الشرق الأوسط 0

 وتضيف الوسط : إن الولايات المتحدة وأوربا تكتشفان الآن أن خلافاتهما في الشرق الأوسط ، عبء لن يستطيع أحد تحمله 0 ونقطة الانطلاق في ترجمة هذا الاكتشاف على أرض الواقع ، ستكون في الدور الجديد الذي يمنح الآن لحلف الناتو في أفغانستان،  والذي سيمنح له في العراق ، وربما حتى في فلسطين 0 وإذا ما تم هذا الأمر والأرجح أن يتم في قمة استنبول في صيف 2004م ، وذلك سيبعث روح جديدة في التحالف الأطلسي في الشرق الأوسط على الأقل 0

 ويرى البعض أن ما يميز الشرق الأوسط الكبير ، كما ذكرنا ( البيان في عددها 8667 ) : هو أن المبادرة الجديدة ستأتي في إطار تنسيقي مع روسيا والمجموعة الأوربية التي كانت تعمل في السابق من أجل مشروع ( المتوسطين ) القائم فقط على تعاون أوربي مع دول البحر المتوسط التي تشمل إسرائيل والعديد من الدول العربية 0

 أما من ناحية التمويل فكما يقول الكاتب اللبناني السيد الجردي في ( الخليج الإماراتية العدد 9060) : سيأتي من بنك تنمية الشرق الأوسط الكبير الذي يصفه المشروع أيضاً بشبيه للبنك الأوربي للاعمار والتنمية ، فسيكون أيضاً محولاً من دول المنطقة مع مساهمات للدول الثماني 0 وهنا سيكون عبء تنمية باكستان وأفغانستان على المال العربي 0

 ونضيف هنا على هذه الفقرة بأنه لا يوجد عندنا مانع من تمويل أشقائنا من المال العربي ، ولكن الخطير في هذا الأمر هو أن المال العربي يمول والاستراتيجية الصهيوأمريكية تنفذ في المنطقة  0

 وفي الختام ما سيحدث للمنطقة يذكرنا بمقالة سابقة لنا نشرت في الراية بتاريخ 22/2/2004م تحت عنوان نموذج السياسة الميكافيللية  0 فبعض الحكومات تطبقها على شعوبها ، وأمريكا تطبقها على الشرق الأوسط الكبير  0

 وحتى لا يفقد الموضوع موضوعيته فلابد لنا من قراءة تحليلية للمشروع الأوربي للشرق الأوسط الكبير 0

 فالمشروع الأوربي للشرق الأوسط يعتبر أكثر مرونةً من المشروع الأمريكي ، حيث أن المشروع الأوربي ركز على محاور استراتيجية لم تكن واضحة المعالم ومحددة الشخصية في المشروع الأمريكي ، وذلك :

أولاً : المشروع الأوربي يرى أن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يعتبر قضية جوهرية   للشرق الأوسط 0
ثانياً  : النظرية البوشية كانت تمثل خلاصة الفكر الماسوني ، ولكن النظرية الأوربية   أكثر قبولاً للآخر 0
ثالثاً : أوربا لم تعين دولة محورية للقيام بهذا الدور ، وإنما تركت المجال للنظام   الإقليمي الشرق الأوسطي 0
رابعاً : أوربا لم تحدد المجال الجيوسياسي للشرق الأوسط وإنما تركت ذلك لدول   الإقليم0
أخيراً : أوربا لم تركز كثيراً على الجوانب الثقافية والأيديولوجية ، وتركت ذلك لكي   تحدده دول الإقليم الشرق الأوسطي ، ضمن قيود معينة ، كقواسم مشتركة   تربط ما بين الشرق الأوسط وأوربا  0

 ومن خلال المشروع الأوربي المرحلي الذي نشرته كاملاً ( جريدة الشرق الأوسط العدد 9259) نستطيع أن نسقط نظرة تحليلية على المشروع الأوربي وذلك من خلال التالي :

أولاً : خلاصة الاستراتيجية المقترحة للاتحاد الأوربي :

1- المجال الجيوسياسي الأوربي للشرق الأوسط كان مرناً ، وذلك من خلال ذكر الإقليم باسم شمال أفريقيا والشرق الأوسط ، وتطور هذا النظام ، نرى بأن أوربا سوف تستطيع اغلاق الباب أمام المطالب التركية للانضمام للسوق الأوربية المشتركة ، لأن هذا النظام نعتقد بأن أوربا سوف تستغله كبديل للطموح التركي للانضمام للاتحاد الأوربي  0

2- ينبغي أن تهدف الاستراتيجية إلى الاعتماد على البنى الموجودة حالياً ، الشراكة الأوربية المتوسطية والتعاون مع الكتل أو الدول مثل : دول مجلس التعاون الخليجي ، ودول شمال أفريقيا ، أو التعاون الأوربي أحياناً مع كل حالة على حده مثل : تعاون أوربا وليبيا ، أو أوربا وإيران ، وأوربا والعراق ، وأوربا وموريتانيا 00 إلخ 0

  الملاحظ هنا استفراد التكتل الأوربي الضخم مع الدول القطرية ، أو الكتل ذات الكثافات السكانية والفقيرة والموارد الطبيعية الضخمة مثل : دول مجلس التعاون الخليجي ، وذلك مما يسهل على أوربا التهام هذه الكتل أو الأقطار كوجبة (Snack) خفيفة 0 ونحن نرى في هذه الحالة لابد للدول المتوسطية من إعادة تشكيل من خلال إرادة شعبية ، لأن أي تكتل ، أو تنظيم دولي ، قوته الحقيقية تتم بقوة إرادة الدولة القطرية ، فإذا كانت إرادة الدولة القطرية قوية كان التنظيم قوياً ، وإذا كانت إرادة الدولة القطرية ضعيفة ، كان التنظيم ضعيفاً ، فمثلاً ضعف الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي لا يعد ضعفهم بسبب شكل الهيئات الدولية العربية والإسلامية ، بل لأن الدولة القطرية العربية والإسلامية ضعيفة ومعظمها مستشرياً فيه الفساد ، وأصبح يدار لصالح أفراد محددين في نفس الوقت مقرفين  0

3- هناك مخاوف أمنية مشتركة يجب أن نعالجها على أساس روح الشراكة ، ويجب أن نتبنى مفهوماً واسعاً للأمن خلاله نعالج المخاوف المحلية في المنطقة مثل البطذالة والتخلف الاقتصادي 0

  نقول لأوربا نعم : لن يتحقق الأمن الجماعي في عالم الشمال وعالم الجنوب، إلا بعد وجود تنمية حقيقية تعالج مشكلة البطالة والتخلف الاقتصادي في عالم الجنوب 0 والتخلف الاقتصادي لن يحل بوجود شفافية كاملة يدار من خلالها المال العام في عالم الجنوب ، وعلى أن تخضع هذه الإدارة لأجهزة محاسبية دقيقة ، وتقدم تقاريراً تفصيلية لسلطات تشريعية منتخبة شعبياً 0 وعلى أن تكون السلطة التنفيذية سلطة منتخبة شعبياً ولفترة زمنية محددة ، وشريطة أن يكون لها برامج تنموية وإدارية محددة ، ومعيار تطور هذه البرامج ممكن أن نقيسه من خلال التطور الذي يحدث للناتج المحلي (GDP) والدخل القومي ، ومدى مساهمة هذه البرامج في تطوير القطاعات الاقتصادية الثلاثة البنية التحتية والخدمات ، وقطاع النشاط القانوني ، وقطاع الأنشطة الأولية  0 وطبعاً من الممكن أن يتم ذلك في منطقة الشرق الأوسط من خلال القاء النظرية القديمة الويستغالية لسيادة الدول ، واتباع النظرية المعاصرة الأمريكية والتي يؤمن بها كوفي عنان نظرياً أمين عام الأمم المتحدة ، والقائلة : بأن في العصر القديم كان الناس يضحون من أجل دولهم ، النظام العالمي المعاصر قائم على أن تضحي الدول من أجل شعوبها  0

4- يجب أن تشجع استراتيجية التقدم صوب الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان 0

  نريد من الدول الغربية في أوربا وأمريكا أن يوضحوا لنا ، هل هم بالفعل جادين في مساعدتنا على تطبيق الديمقراطية ؟ 0

  فالديمقراطية التي تعلمناها في الغرب قائمة على التعددية ، وتداول السلطة، وحرية تكوين الأحزاب السياسية ، وعدم خلود الأفراد في الوظائف العامة العليا ، بحيث يحق للشخص أن يشارك في دورتين وظيفيتين وأقصى حد ثلاثة ومدة كل واحدة منهم تتراوح ما بين أربع إلى خمس سنوات ، وأيضاً لا ديمقراطية بدون شفافية كاملة ، ودقة مراقبة المال العام 0 هذا إذا كان الغرب يريدون ديمقراطية عندنا 0 أما غير ذلك فنسميه طبول الديمقراطية التي تروج له أجهزة أعلام الأنظمة الفاسدة المرئية والمسموعة والمقروءة  0 وللأسف بتخاذل أمريكي وأوربي مادامت مصالحهم ميسرة  0

5- يقول الأوربيين ، بأنه يعيش عندهم أعداد كبيرة من السكان التي تنحدر أصولهم من دول منطقة المتوسط والشرق الأوسط 0

  ونقول لأوربا هؤلاء مواطنين أوربيين ويجب على أوربا أن تصون حقوقهم كاملةٍ في المواطنة  0 ويفترض من دول الشرق الأوسط أن تنسق مع أوربا لهؤلاء السكان للسماح لهم بازدواجية الجنسية  0

* أما النقاط التالية استطيع أن اعتبرها بأنها تصور دستوري أوربي للمنطقة وليست أهدافاً أوربية وهي :

أولاً: سيعمل الاتحاد الأوربي بالمشاركة لدعم اصلاحات داخلية في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية عبر التعامل مع الدول والنشطاء المدنيين واضعاً في الحساب إطار تقارير برنامج الإنماء التابع للأمم المتحدة في التنمية البشرية فيما يتعلق بزيادة المعلومات عن التعليم والصحة ومشاركة المرأة 0

  نقترح على أوربا قبل هذه الخطوة الجيدة ظاهرياً أن تتفق مع الولايات المتحدة وروسيا الاتحادية والأمم المتحدة على عمل استطلاع للرأي لجميع شعوب أقطار الشرق الأوسط بواسطة بعض المعاهد الدولية المتخصصة مثل بيو وغالوب وغيرهم استطلاعات الرأي ، وتقديم أسئلة لهذه الشعوب : ما هي نوعية الإصلاحات التي يريدونها ؟ 0

  أما كما هو الآن الحكومات تريد شيئاً لتثبيت وضعها على السلطة لفترات ديناصورية ، والشعوب لديها أحلام أن يصبحوا شعوباً يملكون إرادتهم مثل : شعوب أوربا وأمريكا والهند وروسيا وجنوب شرق آسيا واليابان وكوريا الجنوبية00 إلخ 0

ثانياً: حل النزاع العربي الإسرائيلي له أولوية استراتيجية ، ولا يجب أن يكون التقدم في عملية السلام في الشرق الأوسط ولا الإصلاحات في المنطقة شرطاً مسبقاً للآخر 0 إن الأمرين مطلوبين في حد ذاتهما ، ويجب متابعتهما بتصميم متساو 0

  ويرى الأوربيين لاعتماد مشروعهم لابد من أن يمر بعدة مراحل وهي : عرض المشروع على دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للمناقشة ، وكذلك مناقشته من خلال المنتديات التالية مثل : مؤتمر الناتو ، ومؤتمر قمة الدول الصناعية الثمان (8 و 10 يونيو 2004م ) ، ومؤتمر قمة الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة ( 26 يونيو 2004م ) ، ومؤتمر الناتو اسطنبول (28 و 29 يونيو 2004م ) 0

 العالم مشكوراً اجتمع لإصلاحنا في الشرق الأوسط الكبير ، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه : هل تعتقدون أن العالم يستطيع إصلاحنا إذا كنا نحن لا نصلح أنفسنا بأنفسنا 0

 وإلى اللقاء دائماً إن شاء اللّه ،،،

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *