نظام البيعه فى مجلس التعاون الخليجى

بسم الله الرحمن الرحيم

2/8/2008

 بحمد من الله سبحانه وتعالى فى السنوات الأخيرة بدأ يتبلور عندنا فى مجلس التعاون الخليجى شكل السلطة وهذا العنصر سيكون أيجابى بشكل كبير لتطور نظرية مجلس التعاون الخليجى


قبل نقاش موضوع البيعة لابد لنا من تعريف أركان الدولة , وأركان الدولة تتشكل من شعب ,و أقليم , وسلطة , وموضوعنا هنا السلطة .

 لأن السلطة هى التى تقوم بممارسة الوظائف السيادية للدولة , ولوصول مجموعة من الأشخاص لممارسة وظيفة السلطة لابد من آليه ما لوصول هؤلاء الأشخاص لممارسة أعمال السياده للشخصية المعنوية للدوله . وفى أقليم مجلس التعاون الخليجى الأسلوب المتعارف عليه للوصول إلى الدور الوظيفى لممارسة السلطة هو من خلال نظام البيعة .

أولاً : مفهوم السياده

هى السلطة العليا التى لاتعلوها سلطة وميزة الدولة الأساسية الملازمة لها والتى تتميز بها عن كل ماعداها من تنظيمات داخل المجتمع السياسي المنظم , ومركز إأصدار القوانين والتشريعات والجهة الوحيدة المخولة بمهمة حفظ النظام والأمن وبالتالى المحتكرة الشرعية الوحيدة لوسائل القوة ولحق إستخدامها لتطبيق القانون وتتصف السياده الداخلية بخصائص :-

1- القطعية : بمعنى أنها الشرعية العليا التى لاتوجد أية حدود قانونية لسلطتها فى سن قوانين الدولة .

2-  العمومية الشاملة لجميع الأفراد والمنظمات داخل حدود الدولة .

3- الدائمية : بحيث يستمر مفعول السياده طالما أن الدولة قائمة بصرف النظر عن تغير الأشخاص الذين يمارسون هذه السلطة أو تغير شكل المؤسسات الدستورية التى تتم عبرها ممارسة السياده .

4- واللاتجزئية : لأن السيادة تتضمن  عدم المشاركة والتقسيم فلا يمكن أن يكون هناك أكثر من سيادة واحدة فى دولة واحدة دون قيام صراع يحسم , ونتيجة الأمر واحدانية السيادة.

( موسوعة السياسة الجزء الثالث ص356 ).

المذكور سلفاً هو المفهوم العام لمصطلح السياده , وقد يكون موضع السيادة الملك أو الخليفة أو الشعب أو البرمان والمؤسسات التمثيلية والقضائية .

ويعتبر القانون بمثابة تجسيد للسياده , ودليل وجودها أما بالنسبة لأنواع السياده  فيري الفقهاء فى السياسة والقانون بأن هناك عدة أشكال من أنواع السيادة  مثل سيادة الشعب , وسيادة الأعمال , والسيادة المحدودة , والسيادة المشتركه .

والذى نراه من أنواع السياده فى دول مجلس التعاون الخليجى هو سيادة القانون والمستمدة أصلاً من السلطة العليا للدول الخليجية من خلال دساتير المنحه الخليجية أو العرف الخليجى والأخير يعتبر أساس نشأة الدساتير الخليجية .

ثانياً : مفهوم البيعه :ـ

 البيعه فى عرف الفقهاء وعلماء الكلام وكتاب الفكر السياسي فى تراث العرب والمسلمين , تعنى البيعه ذلك الأتفاق التعاقدى القائم على ركنين أساسيين :-

1- رسمية الإيجاب ويتمثل فى أهل الأختيار أو أهل الحل والعقد الذين ينوبون عن الأمة فى مبايعة المرشح للخلافه والإمامه ثم يصبح بهذه البيعه خليفه أو إماماً .

2- ركن القبول : ويتمثل فى ذلك المرشح للخلافه (بعد قبوله) والذى يصبح أميراً للمؤمنين , ومن هنا تتضح الصورة بأن البيعة تتم على مرحلتين , الأولى بيعة الخاصة وهم الذين عرفوا أهل الحل والعقد , وهى بمثابة الترشيح والتزكية والتمييز لشخص الإمام والخليفة من بين الأقران الذين يرشحهم للمنصب توافر شروطه فيهم, اويتنافسون عليه . ثانياً  بيعة عامه وهم جمهور الأمة وتأتى بيعتهم عقب بيعة الترشيح التى يقوم بها ممثلوهم ( أهل الحل والعقد )ودائرة العامة هؤلاء تتسع أو تضيق وفق العصر والظروف والملابسات والامتداد والانكماش الاقليمي

( موسوعة السياسة الجزء الأول ص 648) .

وعندما كنت طالباً للدكتوارة فى المملكة المتحدة فى الفترة (1988-1992 م) طورت النموذج غير منشور لأفضل نظام للبيعه ممكن أن يطبق فى دول مجلس التعاون الخليجى ويشهد على ذلك مجموعه من الزملاء الخليجيين الذين أطلعوا على هذا النموذج أنذاك ومنهم زملاء من المملكة العربية السعودية ومن دولة قطر أيضاً , وبفضل الله سبحانه وتعالى فوجئت بأن المملكة العربية السعودية فى عام 2006م , أعلنت تطبيق نموذج مشابه للنموذج (الذي طورته في بحث غير منشور عام 1988\1992م ) وانا وأنامتأكد أن ذلك من باب الصدفه فقط, بحيث أن بحثنا غير منشور ولكن عندى شهود على نموذج البيعه الذى طورته من أكثر من 16 سنة ).

أ : نظام هيئة البيعة فى المملكة العربية السعودية :ـ

ملخص الدور الرئيسي الذى يقوم عليه نظام هيئة البيعه فى المملكة العربية السعودية , 1- الدعوه لمبايعة ولى العهد ملكاً على البلاد فى حالة وفاة الملك .

2 – دور الهيئة وفى أختيار ولى العهد .

أ – بعد مبايعة الملك يقوم الملك بالتشاور مع أعضاء الهيئة واحداً أو أثنين أو ثلاثة ممن يراه  لولاية العهد ويعرض هذا الأختيار على الهيئة وعلى الهيئة بذل الجهد فى الوصول إلى ترشيح واحد من هؤلاء بالتوافق لتتم تسميتة ولياً للعهد وفى حالة عدم ترشيح الهيئة لأى من هؤلاء فعليها ترشيح من تراه ولياً للعهد وفى حالة عدم موافقة الملك على من رشحته الهئية فعلى الهيئة التصويت على من رشحته , وواحد يختاره الملك وتتم تسمية الحاصل من بينهما على أكثر الأصوات ولياً للعهد ( الخليج فى عام 2006 -2007 ص 40) .

ونموذج البيعه الذى طورته فى فترة دراستى للدكتوراه 1988م -1992م ,والنموذج الذي طبق فى المملكة العربية السعودية  يوجد فيه شبه كبير بينهما, وهاذين النموذجين , قريبين نوعاً ما من نموذج الأستفتاء الذى أختاره الخليفه عمر بن الخطاب رضى الله عنه قبل أستشهاده عندما أختار السبعه وأمرهم أن يختاروا الخليفه فيما بينهم وقال ( أن أجتمع خمسة ورضوا رجلاً وأبى واحد فاشدخ رأسه بالسيف , وأن أتفق أربعة فرضوا رجلاً وأبى ثلاثة فأضرب رؤسهما , فأن رضى ثلاثة رجلاً منهم وثلاثة رجلاً, فحكموا عبد الله بن عمر فأن أبى الفريقين اواحداهما حكم عبد الله بن عمر . فكونوا مع الذين قبلهم عبد الرحمن بن عوف , وأقتلوا الباقين أن رغبوا عما أجتمع عليه الناس ) .

ب : نظام تعيين ولى العهد فى دولة الكويت :ـ

يقوم الأمير ومجلس العائلة الحاكمه بأختيار ولى العهد وبعد ذلك يصادق عليه الأمير ويعرضه على مجلس الأمه ويخضع لنظام التصويت وأذا حصل على ثلثى الأصوات المطلوبة ثبت ولياً للعهد وأذا لم يحصل بات الأمر كأن لم يكن . ويعود الأمر لمجلس العائلة الحاكمه مره أخرى ويتم ترشيح ثلاثة لولاية العهد وبعد ذلك يتم التصويت عليهم والذي يحصل على أكثر الأصوات يصبح ولياً للعهد ( راجع موقعنا) .

ج : سلطة عمان :ـ

يقوم مجلس العائلة الحاكمه خلال ثلاثة أيام من شغور منصب السلطان بتحديد من تنتقل إليه ولاية الحكم فإذا لم يتفق مجلس العائلة الحاكمه على إختيار سلطان للبلاد قام مجلس الدفاع بتثبيت من أشار السلطان فى رسالته إلى مجلس العائلة .

وتحليلنا هنا هو ميزة مشاركة مجلس العائلة فى إختيار ولى العهد , والملك, والأمير , والسلطان , ونستطيع أن نعتبر مجلس العائلة فى الثلاث نماذج أعلاه بأنهم هم أصحاب الحل والعقد فى البلاد , وأن كان النموذج الكويتى توجد به ميزة إضافية وذلك من خلال تصويت الشعب ( مجلس النواب ) على من يتم تعينه ولياً للعهد .

أما ماتبقى من الأنظمة الخليجية مملكة البحرين ودولة قطر والإمارات السبع في حكمها المحلي التى تمثل ( دولة الإمارات  العربية المتحدة ) فجميعها مازالت تتبع نفس الأسلوب التقليدى منذ تأسيسها فى تداول السلطة وعادةً دساتيرها تنص كالتالى ( الحكم وراثى فى عائلة كذا والرئيس يختار من يراه مناسباً لولاية العهد من الذكور ….. …… إلخ وغالباً يتم أختيار الأبناء أو أكبر الأبناء لولاية العهد ) .

وهذا التداول الأخير أكثر عرضه للنزاعات والفتنه خاصة بعد وفاة الرئيس , لانه يختلف مع عنصرين رئيسيين من عناصر البيعه وهما :ـ

أ – يختلف مع أركان البيعه كما ذكرنا سلفاً .

ب –  هناك خلاف فقهى على وصية الخلافه ( وهى ماتسمى ولايه العهد الأن ) فهذه الوصية لايمكن أن تعتبر إلزاماً للمسلمين وأنها نصحية فقط يقدمها المسؤول الأول لأخوانه المؤمنين . وأنها نصحية لها وزنها ولاشك ولكنها لاتستطيع إلزام أحد وبعض الوصايا بالخلافه أدت إلى التمرد والثورة وأنتخاب خليفة جديد        ( تاريخ نظم ص 344) .

ثالثاً : النموذج الفيدرالي فى مجلس التعاون الخليجى :ـ

هذا النموذج يمثل دولة الإمارات العربية المتحدة ( الإمارات السبع الحكم المحلى فيها وراثى )ودستور الإمارات الباب الرابع , الفصل الأول ( مادة 46) المجلس الأعلى للأتحاد هو السلطة العليا فيه , ويشكل من حكام جميع الإمارات المكونة للأتحاد ومن يقوم مقامهم فى إماراتهم فى حال غيابهم أو تعذر حضورهم , ولكل إمارة صوت واحد في مداولات المجلس .

مادة( 51 ) ( ينتخب المجلس الأعلى للأتحاد من بين أعضائه رئيساً للأتحاد , و نائباً للرئيس , ويمارس نائب الرئيس جميع أختصاصات الرئيس فى غيابه لأى سبب من الأسباب ).

مادة (52) ( مدة الرئيس ونائبه خمس سنوات ميلادية ويجوز إعادة أنتخابه لذات المنصب ).

لذلك واضح عرفاً أن الرئيس من إمارة أبو ظبى ونائب الرئيس من إمارة دبى .

والدليل على ذلك فى التصويت على القرارات الموضوعية هناك مراعاة لتواجد إماراتى أبوظبى ودبى مابين المصوتين حتى ولو كانوا أغلبيه .

فمادة (9) (تصدر قرارات المجلس الأعلى فى المسائل الموضوعية بأغلبية خمسة أعضاء من أعضائه على أن تشمل هذه الأغلبية صوت إماراتي أبو ظبى ودبى ) .

وكذلك مادة (68) ( يشكل المجلس الوطنى الأتحادى من 34 عضواً ويوزع عدد مقاعد المجلس على الإمارات الأعضاء 8 مقاعد لأبوظبى , و8 مقاعد لدبى , و للشارقة 6 مقاعد , ولباقى الأمارت كل إمارة 4 مقاعد أى لإمارة أبو ظبى ودبى لكل واحدة منها لها أكثر من 23.5% من مقاعد المجلس, وامارة الشارقه 18% من مقاعد المجلس, وباقى الإمارات لكل واحدة منهما لها أكثر من 11% من مقاعد المجلس الأتحادى ).

والواضح هنا تميز إمارتى أبوظبى ودبى لكبر حجمهما السكانى نسبياً للإمارات الأخرى أولاً , وثانياً وضعهم الأقتصادى افضل عن باقى الإمارات ويضاف على ذلك كما هو معروف بين أهل الإمارات بأن المغفور له أنشاء الله الشيخ زايد ( حاكم أبوظبى ) يعتبر أكثر الحكام حماساً وجهداً لتشكيل الأتحاد الفيدرالى مابين دول الخليج بما فيهم قطر والبحرين ولكن أنتهى المطاف بما يسمى الأن دولة الإمارات العربية المتحدة .

الخاتمة :ـ

بحمد من الله سبحانه وتعالى فى السنوات الأخيرة بدأ يتبلور عندنا فى مجلس التعاون الخليجى شكل السلطة وهذا العنصر سيكون أيجابى بشكل كبير لتطور نظرية مجلس التعاون الخليجى , لأن كما أوصيت فى دراسات كثيرة ( بأن المنظمات الأقليمية لاتتطور إلا إذا تطورت دول الأقليم , لأن القوة التى تستمدها المنظمات الأقليمية تستمدها أصلاً من الأراده المشتركة لدول الأقليم).

 ولكن لابد أن نقول من باب الأمانة التاريخية بأن الطريق مازال طويلاً أمامنا فى دول مجلس التعاون ,  وبأن المطبلين بسوء نيه , والقائلين بحسن نيه , بالأنجازات والأصلاحات , يفترض أن لاينظرون إلى الصورة من جهه واحده, فالحقيقه نحن دول أقتصاد  ريعى  موجه لسلعه واحده وهى الهايدركربون  ( النفط والغاز الطبيعى ) موجه إلى الأسواق العالمية فأرجوا على من يقولون بأننا حققنا أنجازات أن يرجئون تغنيهم بالأنجازات وأن يركزوا مطالبهم على الدول الخليجية لوضع برامج أقتصادية , لكي نتحدث عن الانجازات الحقيقيه, وليست الانجازات الشبيهه بمفرقعات المهرجانات , تحدث دويآ وبعد ذلك تذهب مع الريح كما يذهب دخان الالعاب الناريه, ورأيي أن الانجازات الحقيقيه هو أن نضع برامج للتنميه لكي ترقى باالتالي :-

1-  لأنتاج السلع الأنتاجية .

2-  لأنتاج السلع الأستهلاكية .

3-  لأنتاج الغذاء .

4- السيطره على التركيبيه السكانيه من ناحيه حضاريه قبل أن تفقد الدول هويتها ( وهذا ليس بغريب توجد نماذج عالمية كثيره تأثرت باعلاه).

5-  التحرك الجدى للمحافظة على البيئة من جميع عناصر التلوث …. الخ .

(البرامج اعلاه كخطوه اولى)

وإذا أستطعنا أن نحقق ذلك فعلينا أن نعمل دعوة عامة نحتفل جميعنا بالأنجازات التى تحققت في الخطوه الاولى , ونحدث دويآ بأية طريقه مشروعه.

 أما بالنسبة للأصلاح السياسي , فنحن قطعنا خطوة ومتبقي خطوات كثيرة هى أهم من الخطوة الأولى وللنظر مايقوله الأخرين عن أصلاحاتنا السياسية:ـ

أولاً : ويسيلي 2005 : توجه عملية الأصلاح السياسية أن تذهب فى الأتجاه الخاطىء من حيث وجود التشريعات الخاطئة مثل قانون أنتخاب غير جيد , لذا فإن القضايا الدستورية غاية فى الأهمية قبل الأنطلاق أو الأستمرار فى عملية الأصلاح السياسي . كما أن عملية الأصلاح السياسي فى الوطن العربى هى عملية تتم عن طريق النخبه , وعملية الأصلاح هى عملية مفتوحة النهاية ويجب أن لاتكون كذلك . هل نهتم فعلاً بالعمليات من دون النهايات أو الأهداف الحقيقية لهذا الأصلاح ؟

عمليات الأصلاح مستمرة من دون نتيجة لآن العمليات السيئة تقود بالتأكيد إلى نتائج سيئة ( المجله العربيه للعلوم السياسية العدد 15 ص 40 , 41).

ثانياً : مارينا أوتاواى : أن عملية الأصلاح السياسي فى الخليج العربى فى مرحلة مبكرة ,وعندما نتكلم عن الأصلاح السياسي فنحن نتحدث عن تغيير العلاقات بين الشعوب والحكومات وفى إذا كانت هذه العلاقات فى حاجة إلى التغيير ؟ فإذا كانت الأجابة نعم فنحن فى حاجة إلى إصلاح هذه العلاقات السياسيه والتى تستدعى إصلاحاً سياسياً من أجل تصحيح وتعديل وأبتكار إليات جديدة فى العلاقات بين الحكام وشعوبهم أوبين الشعوب وحكامهم . وإذا نظرنا إلى دول الخليج وإلى العلاقة بين الشعوب والحكام , هل هى علاقة من طرف واحد وتبعية من الشعوب ؟  من الذى يؤثر فى العلاقة ؟ وهل الشعوب وافقت على هذه العلاقة بمحض إرادتها ؟ أسئلة غاية فى الأهمية ( المجلة العربية للعلوم السياسية العدد 15 ص 45 ).

–   طبعآ ماذكر اعلاه ليست بقاعده ملزمه لدول مجلس التعاون الخليجي,ولكن من باب حرية الفكر وقبول الرأي والرأي الأخر,لابد لنا من مراجعة انفسنا بشأنه.

ونحن من طرفنا سنترك الأجابة للقارئ للمشاركة بها فى موقعنا القسم السياسي !!.

وإلى اللقاء أن شاء الله

د . فهد عبد الرحمن آل ثانى

أستاذ الجيوبوليتكس

المشارك والمحامي

www.df-althni.com

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *