جدلية سيادة الدولة في العالم الإسلامي

بسم الله الرحمن الرحيم

6/6/2004

 في الحادي عشر من سبتمبر 2001م حدث في العالم فاجعة لم تكن متوقعة حتى من أشد المتشائمين ، والمتمثلة بالنكبة التي تعرضت لها الولايات المتحدة في نيويورك وواشنطن ، اللتان يفترض أن تكونا من أكثر بقاع الأرض أمناً 0 وهذه النكبة جعلت حوار الحضارات على مفترق طرق ، بل أن هذه النكبة قد وضحت لنا أمراً خطير جداً ، كان في السنوات الماضية يثير الكثير من التساؤلات دون أن نجد له الإجابة الشافية.0 وهو هل دول عالم الجنوب ، وبالتحديد الدول الإسلامية دولاً ذات سيادة أم لا ؟. 0

 وللإجابة على هذا السؤال قمنا بإختبار فرضيتين هما

الفرضية الأولى  هل نحن دولة دينية ؟
الفرضية الثانية  هل نحن نمثل دولة علمانية ؟

 الفرضية الأولى من الناحية التطبيقية غير موجودة في العالم الإسلامي ، وإن ورد عليها بعض الاستثناءات ، حيث تدَّعي بعض الدول الإسلامية بأن دستورها الإسلام ، وربما أوضحهم في ذلك الجمهورية الإسلامية الإيرانية ، وجمهورية الباكستان ، وإمارة أفغانستان الإسلامية ، والمملكة العربية السعودية 0

 الفرضية الثانية الدولة العلمانية  نلاحظ بأن معظم عالم الجنوب بما فيه العالم الإسلامي ، يحاول إستنساخ نظريات الدول العلمانية ، وذلك من خلال ما يتناسب مع النخب الحاكمة في العالم الإسلامي 0 أي بمعنى آخر المنهج الإجتماعي أو المنهج الاشتراكي أو حتى الفردي غير واضح في وظائف الدول الإسلامية ، وهذا ما يجعلنا نقول بأن لا المنهج الديني ولا المنهج العلماني لسيادة الدولة مستخدم في العالم الإسلامي 0

 والبون الشاسع من الناحية الحضارية ، ومن ناحية ممارسة أعمال السيادة للدولة ، ما بين عالم الشمال وعالم الجنوب ، نستطيع أن نختبره من خلال تفسير وظائف الدولة ، وذلك يمثل  1 الدفاع الخارجي 2 الأمن الداخلي 3 العدالة الإجتماعية 0 وهذا شبيه إلى حد ما بتعريف وظيفة الدولة في الإسلام ، ولكن النظريات الإجتماعية تسترسل في هذا المنوال مما يجعلها تشذ عن مفهوم التطبيق السياسي للدولة الإسلامية0

 وحجر الزاوية في هذه المقدمة هو معرفة مصطلح سيادة الدولة ، ولايضاح ذلك لابد لنا من معرفة العناصر الرئيسية التي تقوم عليها الدولة  1 أرض 2 السكان المقيمين 3 نظام حكم  السلطة  4 قاعدة اقتصادية 5 شبكة اتصالات داخل الدولة 0

 ونستطيع أيضاً أن نختزل عناصر الدولة إلى ثلاثة فقط وتتمثل في الأرض والشعب والسلطة 0

 ومن هنا تثار قضية السيادة 0 فوجود السلطة السياسية  النظام  مع العناصر المذكورة يبرز لنا مفهوم الكيان المعنوي للدولة 0 وهذا الكيان المعنوي يرتبط ارتباط شبه كلي مع مصطلح السيادة التي تمثل الصفة للسلطة السياسية ، والسلطة السياسية أساسها الدولة ، وما صفة الحكام إلا الأشخاص الذين لهم حق ممارستها دون أن يكون لأي منهم حق ذاتي أو أساسي في هذه السلطة ، وذلك يجعل السلطة دائمة وليست عرضية 0

 ومفهوم سيادة الدولة ، يجب أن يشكل قدسية معنوية بالنسبة للحكام والمحكومين، ويجب أن لا تخترق هذه السيادة من أي شخص أجنبي ، وعندما يتم الإختراق حتى ولو كان جزئياً ، تصبح أهلية الدولة مشكوكاً فيها من ضمن شقيقاتها الأخريات في الأسرة الدولية . 0

 ونجد عالم الشمال دقيق جداً في استخدام مصطلح سيادة الدولة ، فمؤسسات الدول في عالم الشمال تقوم برقابة دقيقة على السلطة السياسية التي تمارس وظيفة سيادة الدولة 0 وهذه الرقابة ليست على أفراد فقط ، بل على جميع الأحزاب السياسية المسجلة في الدولة ، وذلك بديهياً لأن هذه الأحزاب هي التي تقدم المرشحين المتنافسين على الحكم ، والمنتصرين من ضمن هذه الأحزاب يصبحون الممارسين الشرعيين لإدارة دفة الأمة ، بمعنى آخر السلطة السياسية التي تمارس وظيفة سيادة الدولة . 0

 وبالتالي لا نستغرب عندما نجد الدول الغربية تراقب الأحزاب مراقبة دقيقة ضد أي اختراق غير حميد يضعف أو يشكك في كيان الدولة المعنوي ، فمثلاً من حيث تمويل الأحزاب في فرنسا تعتمد على  1 اشتراكات الأعضاء 2 تبرعات الأفراد والمشاريع ، وهذه التبرعات لها سقف ، فاقصى حد لتبرع الشخص الطبيعي 50 ألف فرنك فرنسي ، أما بالنسبة للشخص المعنوي فاقصى حد للتبرع يصل إلى 500 ألف فرنك فرنسي 0

 3 التمويلات الخفية ، وإن كانت تتجه التشريعات الحديثة لحصرها ، ولكن أجهزة أمن الدولة تغض الطرف عنها أحياناً خاصةً عندما تكون هناك مصلحة عليا تتحقق لكيان الدولة الاقتصادي ، مثلاً عندما تقوم بعض الوجوه الكازماتية في الحزب بعقد صفقة تصدير ضخمة لبعض الصناعات مثل الطائرات والأسلحة ، ففي هذه الحالة يغض الطرف عن هذه الصفقة على أن تتجه العائدات إلى طريقين رئيسيين هما  خزانة الدولة ، وبتمويل الحزب بطريقة غير مباشرة ، ويمكن للعضو الحزبي أن يحصل على بعض العمولات من وراء هذه الصفقة 0 ولكن يتم حفظ ملف للصفقة ، يعتبر كسيف مسلط على رقبة العضو الذي قام بهذه اللعبة ، ومتى ما أرادت مؤسسات الدولة اخراجه من الملعب أو ثنيه عن بعض القرارات ، أُشهرَ لهُ هذا السيف .0 وهذا ما يسمى بالألعاب القذرة بالنسبة للدولة إذاً الحرب القذرة موجودة قبل أن يصرح بوش الابن لأجهزة أمن الدولة بإستخدام الحرب القذرة في سبتمبر 2001م 0

 4 المساعدات العامة 0

 وكما ذكرنا سابقاً بأن حجر الزاوية في هذا الموضوع هو سيادة الدولة ، الذي تمارسه السلطة السياسية 0 ففي الدول الديمقراطية استطاعوا من خلال التنسيق فيما بينهم ايصال ممارسي السيادة إلى دفة الحكم 0

 أما في الدول النامية معظم الذين يصلون إلى السلطة يصلون بأسلوب القهر الذي يلاقي إذعان من العامة 0 ولذلك تميل معظم السلطات في العالم النامي بعد وصولها إلى دفة الحكم ، إلى احياء ما يسمى بوظيفة الدولة المذكورة سلفاً ولو اسمياً ، وعمليات وتنازلات أخرى لا مجال لذكرها الآن ، وبهذه الطرق يستطيع النظام الجديد اكتساب الشرعية الدولية أو جزء منها . 0

 ولكن رغم الانتقادات التي نوجهها إلى النموذج القهري وطريقة استلامه للسلطة، إلا أنه يبقى أفضل بكثير من زرع حكومة صورية مباشرة بواسطة قوى أجنبية ، وتساؤلنا هنا إذا كانت هذه الحكومة صورية ومزروعة من الخارج ، فكيف سيكون دورها لأداء وظائف الدولة من خلال مواجهة الخارج والعلاقات الدولية ، والأمن الداخلي ، والعدالة الإجتماعية ؟ . 0

 طبعاً يجب أن نقف هنا لبرهة ونعترف بأن الحكومتين الأخيرتين القهرية والصورية لا يوجد لهما مكان في عالم الشمال ، أما في عالم الجنوب فحدث ولا حرج 0 وكانت دول الشمال أيام الحرب الباردة تناور للتدخل في شئون السلطة السياسية لعالم الجنوب، أما الآن فحدث ولا حرج وبطريقة رسمية ، والأمثلة على ذلك كثيرة ومنها

1- العراق  اجتمعت السلطات الأمريكية في عام 1998م مع مجموعة من تشكيلات المعارضة العراقية ، ووقعت لهم على مبالغ مادية كبيرة ومنها الدفعة الأولى التي وصلت إلى 97 مليون دولار وذلك للاطاحة بالنظام العراقي ، وباءت هذه المحاولات بالفشل 0

2- هناك عدة سيناريوهات أمريكية للاطاحة بأنظمة الحكم في سوريا وإيران وليبيا والسودان ، قديمة ومتجددة ، بحيث المطالبات الآن ، بعد الاطاحة بنظام طالبان كما ينون ، لابد لأمريكا من الاطاحة بجميع الأنظمة المارقة المذكورة كما ترى أمريكا . 0

3- نفس القصور لتغيير نظام الحكم بواسطة دول الشمال بقيادة الولايات المتحدة مخطط لأفغانستان ، أو كما يحلو للبعض تسميتها قاهرة العظماء بدايةً من الاسكندر الأكبر في القرن الرابع قبل الميلاد وبريطانيا العظمى ، ونفس المغامرة خاضها السوفيت وبعد هزيمتهم أدى ذلك إلى تفكك أمبراطوريتهم ، ونفس المغامرة تريد الولايات المتحدة خوضها في أفغانستان الآن ولكن بحذر . 0

 ويجب أن نتذكر جميعاً بأن السيناريو الاستراتيجي لزرع سلطة سياسية في أفغانستان تمارس وظيفة سيادة الدولة معد من قبل عقدين من الزمان مع اختلاف الظروف والتحديات آنذاك 0 ففي عام 1980م تقريباً ، وبعد أن أدرك السوفيت استحالة سيطرتهم على ممر الموت  ممر خيبر  تنازلوا عن كبريائهم لكي ينسقوا مع السلطة الموازية لهم آنذاك  الولايات المتحدة  بإنشاء حكومة أفغانية معتدلة توافق أهواء المعسكر الشرقي والغربي 0 ووافقت الولايات المتحدة الأمريكية على أن تبحث عن بديل بعد انسحاب السوفيت 0 والشرط السوفيتي على أمريكا أن لا يكون البديل إسلامياً ، وكأن المعسكرين رغم خلافهم الأيديولوجي متخوفين من بروز أية دولة إسلامية . 0 فأرسلت أمريكا فريق ليتفاوض مع الملك المخلوع ظاهر شاه ، الذي يعيش في ايطاليا آنذاك 0 وكان بين هؤلاء صبغة اللّه مجددي 0 فعقد الملك مؤتمراً صحفياً قال فيه  إن المجاهدين يدعونني لاستلام السلطة في أفغانسان . 0

 فرد سياف رئيس الاتحاد الإسلامي لتحرير أفغانستان ” نرحب بالملك لنقتله في المطار ” 0

 وكأن التاريخ يعيد نفسه ، فبعد الضربة المؤسفة التي تعرضت لها نيويورك وواشنطن في سبتمبر 2001م ، والمسلمون في براءة منها أصلاً ، عادت إلى الساحة فكرة تشغيل تحالف بقيادة الملك لاستلام السلطة في كابول بعد اسقاط سلطة طالبان 0

 وتعتقد الدوائر الغربية بقيادة الولايات المتحدة بأنه بعد استشهاد أحمد شاه مسعود أبرز زعيم مناوئ لطالبان ، لابد من تشكيل تحالف جديد بقيادة الملك المخلوع ، ويعتقد أن ذلك سوف يكون مقبولاً في الأوساط الأفغانية . 0

 ولكن المفاجأة الغير سارة بالنسبة للغرب هو بأن الرئيس المخلوع برهان الدين رباني يرفض تشكيل حكومة وحدة وطنية بقيادة الملك 0 وكذلك قلب حكمت يار برفض عودة الملك إلى أفغانستان ويقول بأن الأمريكان يبحثون عن نظام ألعوبة بين أيديهم 0

 وأمريكا عاقدة العزم على تحالف الشمال المناوئ لحركة طالبان ، لكي يشكلون حكومة ائتلاف مع الملك ، ولكن أمريكا تدرك جيداً بأن حتى وعود هذا التحالف غير مضمونة ، وإن الأفغانيين وخاصة لوردات الحرب كما يسميهم الغرب أصبح عندهم حاسية سياسية غريبة في ابرام المعاهدات ، وتجديد التحالفات ، والكر والفر 0 ولكن السؤال المحير حقاً 00 ما هو الحل ؟

 يعتقد بأن الحل بالنسبة لأمريكا هو خلق قيادات جديدة من الشخصيات المغمورة السابقة والتي تطمح في السلطة ، وتشكيل تحالف هش ما بين هذه القيادات المصنوعة، ويبقى الدور الرئيسي في إدارتهم للولايات المتحدة 0

 وخلاصة القول بأن 27 مليون مواطن أفغاني ورطوا في حرباً – لا ناقةً لهم فيها ولا جمل – إلا أن هذا القطر الصغير نسبياً ذو الطبوغرافية المعقدة ، يعتبر قاهر العظماء ، ويعتقد بأن انطلاق الدولة الإسلامية العالمية الحديثة سوف تكون نواتها أفغانستان ، وذلك واضح وصريح من خلال أقوال الإعلام الغربي في منتصف الثمانينيات  بان الإسلام سينتصر وأنه سيدخل روسيا وتسقط روسيا ، ثم يجتاح أوربا  0 ومن ثم لابد من تحالف ما بين أمريكا وأوربا وروسيا ، لإنزال هزيمة شنعاء بالإسلام والمسلمين 0

 ومن هنا وقبل وقوع الكارثة التي تدق طبول الحرب لها بواسطة الإعلام الغربي لإعداد العالم لتقبلها ، لابد من دوراً لمنظمة المؤتمر الإسلامي ، وللأمم المتحدة لايقاف هذه المصيبة المتوقع أن تحل بالشعب الأفغاني 0 وأعتقد بأنه الآن أصبح واضحاً وجلياً للجميع الاستخفاف بعقول عالم الجنوب الذين يمثلون 90% من سكان العالم ، وخاصة العرب والمسلمين منهم 0 فقبل 11 سبتمبر 2001م كانت نظرة الولايات المتحدة والدول الغربية لباكستان على أنها دولة مارقة وخارجة على القانون الدولي وكان مفروضاً عليها عقوبات بسبب 1 عدم شرعية الرئيس 2 خطر السلاح النووي الخبيث الذي تملكه 3 تعيش في مأزق الديون 4 توقف المساعدات والاستثمارات الأجنبية عنها.0

 والتناقض نجده قد تم بعد 24 ساعة من احداث 11 سبتمبر المؤسفة ، وخاصة عندما أعلن الباكستان تعاونه مع الولايات المتحدة في عمليات العدالة المطلقة حينها أصبحت الباكستان دولةً معتدلة و  1 رئيسها ذو شرعية 2 سلاحها النووي حميد 3 سوف تعالج مشكلة الديون لديها 4 سوف يقدم لها مساعدات وتسهيلات استثمارية .0

 وإذا كان هذا هو وضع العالم الإسلامي فالأسئلة الحقيقية التي نوجهها لجميع القيادات الإسلامية  أين سيادة الأمة ؟ هل نحن فعلاً أمة بالمسميات فقط ؟ وإلى متى سوف نستمر على هذا الحال ؟

واختم لكم بدعاء سيد البشرية جمعاء سيدنا محمد ص بعد خروجه من الطائف  ” اللهم إليك أشكو ضعف قوتي ، وقلة حيلتي ، وهواني على الناس يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين ، وأنت ربي 00 ” إلخ 0

 وإلى اللقاء دائماً إن شاء اللّه ،،،

جدلية تنفيذ الاستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط

بسم الله الرحمن الرحيم

6/6/2004

مقدمــة

 نرى بأن الحرص الأمريكي لإجراء تغييرات في الشرق الأوسط يندرج تحت سببين رئيسيين هما ؛ الأول  الأمن ؛ وذلك لكي تبقى أمريكا قوة عالمية فلابد أن يطرح سؤال استراتيجي للتعبئة العامة للقوات الامبريالية الأمريكية ، وهذا السؤال من هو العدو ؟  الإجابة ؛ لكي تقوم بتجهيز أقوى جيش في العالم ، فعليك أن تختار أقوى شخصية طبيعية ومعنوية واعتبارية وتعتبرها العدو 0 وبعد تحديد العدو ذلك يعطي الشرعية للقوة العالمية لكي تجهز أكبر جيش في العالم لمجابهة هذا العدو الذي يهدد الإنسانية حسب وجهة نظر القوة العالمية . 0 فقبل عام 1990م ، وفي فترة الحرب الباردة كان أكبر عدو للولايات المتحدة الأمريكية هو الشخصية الاعتبارية المتمثلة بالاتحاد السوفيتي وحلف وارسو ، والشخصية الطبيعية كانت الشعوب الموالية والتابعة للمعسكر الشرقي ، والشخصية المعنوية المذهب الشيوعي ، ولكن بعد إنهيار المعسكر الشرقي وأنتهاء الحرب الباردة . 0 أصبح على الإستراتيجية الأمريكية البحث عن عدو جديد وذلك لكي يعطيها الشرعية لتحافظ على تفوقها العسكري في العالم 0 فمن تتصورون أكبر شخصية اعتبارية وطبيعية ومعنوية بعد إنهيار المعسكر الشرقي ، لكي يعطي للولايات المتحدة الشرعية في المحافظة على تفوقها العسكري على جميع قوى الشر في العالم . 0 يؤسفني أن أقول لكم بأن العدو الذي اختارته أمريكا بعد الحرب الباردة ، شخصيته الاعتبارية العالم الإسلامي ، وشخصيته الطبيعية المسلمين ، وشخصيته المعنوية الثقافة الإسلامية .. 0

 السبب الثاني  السيطرة الأمريكية المطلقة على الشرق الأوسط والعالم الإسلامي، يعطيها أبعاداً متعددة لكي تسيطر على جميع القوى العالمية بطرق مباشرة وغير مباشرة ، فمن هذه الأبعاد

أ  – البعد الاقتصادي  فالشرق الأوسط والعالم الإسلامي يوجد به ما يقارب 72% من احتياطيات النفط في العالم ، و 35% من احتياطيات الغاز الطبيعي في العالم ، وعندما تسيطر أمريكا على هذه المصادر نتيجة ذلك ستذعن لها جميع القوى العالمية 0
ب – البعد الاستراتيجي المكاني  الشرق الأوسط والعالم الإسلامي يسيطر على قلب العالم ، فمن يسيطر عليه ، يسيطر على معظم أماكن الحركة في العالم سواءً كانت القارية أو المائية أو الجوية ، ويكفي أن نقول لكم بأن العالم الإسلامي يسيطر على خطوط العرض الواقعة ما بين 517 جنوب خط الاستواء إلى 555 شمال خط الاستواء ، وخطوط الطول الواقعة ما بين 518 غرب غرينتش وخطوط الطول الواقعة عند 5142 شرق غرينتش 0

 إذاً العالم الإسلامي يمثل منطقة مركزية ، ومن يسيطر عليه يسيطر سيطرة مطلقة على القوى العالمية بشكل خاص في الشمال الأوراسي ، وبشكل عام على أوراسيا ، وحسب رأينا العلمي هذا ما تسعى له الولايات المتحدة الأمريكية 0
خلال هذه الدراسة سنركز على ثلاثة محاور هي
المحور الأول   تصورات الباحثين العرب ، والسيناريو الأمريكي للشرق الأوسط 0
المحور الثاني  خلاف الناتو ،لا يمنع حرباً 0
المحور الثالث  خلاف الناتو ، وتوزيع الأدوار 0

 وتحاشينا وضع خاتمة دقيقة وشاملة لهذا الموضوع ، وعوضاً عنها ، خاتمة مقتضبة لكل محور 0 ويعود ذلك لهدفين ؛ الهدف الأول  جعل الخاتمة مفتوحة نوعاً ما ، وذلك لكي يعطينا الفرصة ويعطي زملائنا المتخصصين والمهتمين بهذا المجال مناقشته في المؤتمرات والندوات العلمية المتخصصة ، والهدف الثاني  مهما قلنا فهذا الموضوع يبقى دراسة استشرافية ، ولابد لنا من اعطاءها المرونة الكافية . 0

المحور الأول   تصورات الباحثين العرب ، والسيناريو الأمريكي للشرق    الأوسط

 من خلال متابعتنا للتصورات الأمريكية على مستوى مراكز الأبحاث في أمريكا، وعلى مستوى الإدارات الأمريكية المختلفة ، وجدنا أن هناك اجتهادات من الطيف السياسي الأمريكي سواءً كانوا صقور أو حمائم أو معتدلين ، لوضع سيناريوهات للإدارة الأمريكية ، لكي يصبح من السهل على الولايات المتحدة الأمريكية المحافظة على أحاديتها القطبية في هذا الكوكب لأقصى حد ممكن من الزمن بعد انتهاء الحرب الباردة . 0

 فكانت الخطوة الأولى للولايات المتحدة للمحافظة على هيمنتها العالمية ، هي عولمة العالم اقتصادياً وسياسياً وأمنياً وثقافياً تحت ظل القيادة الأمريكية ، وآليات العولمة التي كانت تريد أمريكا استخدامها هي منظمة التجارة العالمية ، وهيئة الأمم المتحدة ، وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي للإنشاء والتعمير . 0

ولكن بحلول عام 2000م أي بعد مرور عقداً كاملاً من الزمن ثبت للأمريكان صعوبة عولمة العالم ، قبل إعادة خلط أوراق العالم مرةً أخرى ، أو إعادة تنظيم العالم 0 والأمر الذي يريد أن يفعلهُ الأمريكان ليس بجديد ، فالأمثلة كثيرة على ذلك ، والمنتصرين أو المنتصر سواءً كان حلف متعدد القطبية ، أو قطباً واحداً ، غالباً ما يعيد تشكيل العالم على طريقته لكي يسهل عليه الأمر في إطالة سيطرته العالمية وإدارة العالم ، ومن الأمثلة على سبيل الذكر لا الحصر  روسيا وبريطانيا والنمسا وفرنسا في منتصف القرن التاسع عشر بعد هزيمة الدولة العثمانية في حرب القرم ، حاولوا تشكيل العالم بالطريقة التي تخدم مصالحهم ، وكذلك ألمانيا بسمارك في النصف الأخير من القرن التاسع عشر، كان لديها تصور للسيطرة العالمية ، وتشكيل عالم ذو قطبية أحادية تحت قيادة ألمانيا 0 والمهم في هذا الأمر بأن هذه السيناريوهات السلفاوية المرنة والمتكررة هي السبب في قيادة العالم إلى الحرب العالمية الأولى 0

 وبعد الحرب العالمية الأولى استطاع الحلفاء المنتصرون بريطانيا وفرنسا من إعادة تشكيل العالم من خلال التصديق على وعد بلفور المشؤوم ، وإعادة تقسيم العالم في اتفاقية سايكس بيكو 1919م . 0

 الذي أمامنا نبذة مختصرة توضح لنا تاريخ التغيرات في السياسة الدولة ضمن حقبة زمنية محددة 0 إذاً مثل ما أشرنا سابقاً أن ما تقوم به الولايات المتحدة ليس بجديد ، وكل الإدارات العالمية وضعت سيناريوهات متعددة لمواجهة أو للتطبيع والتأقلم مع السيناريوهات الأمريكية ، بما يتوافق مع مصالحهم . ، ويؤسفنا أن نقول لكم بإستثناء الإدارات العربية ، كما سنوضح لاحقاً ، والموضوع الذي نتطرق له اليوم ليس بجديد ، فقد تناولناه في مجموعة من الدراسات والمقالات المنشورة ، نذكر منها  جيوبوليتيكية الاقتصاد العالمي ، استراتيجية الهايدروكاربون الإسلامي ، السيناريو الاستراتيجي لدولة الأمة الحديثة ، الوزن الاستراتيجي للعالم العربي ، نحو استراتيجية جديدة للأمة العربية ، هل نستوعب نظاماً إقليمياً جديداً ؟ ، حوار في السلطة الميتافيزيقية ، سايكس بيكو 2002 ، والجيوبوليتيكا الميتافيزيقية 00 إلخ 0

 وكل هذه الدراسات تركز على محور واحد ، ما هو السيناريو أو السيناريوهات التي تعدها أو تقوم على إعدادها الإدارات العربية والإسلامية ، لكي يكون لها دور في هذا الكوكب بعد انتهاء الحرب الباردة ، وبروز القطبية الأحادية الأمريكية 0

 وطبعاً لا نستطيع أن نغفل الدور الذي قام به مجموعة من الباحثين العرب ، ونذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر

 أولاً  المفكر العربي د0 تركي الحمد في ندوة مهرجان الأيام الثقافي  العراق ، الخليج – السيناريوهات المحتملة  في نوفمبر 2002م 0 يقول للسيطرة على العراق هناك أربع سيناريوهات محتملة

 السيناريو الأول  أن تحكم الولايات المتحدة العراق حكماً مباشراً 0

 السيناريو الثاني  عودة الملكية السابقة لحكم العراق 0

 السيناريو الثالث  اتحاد هاشمي أردني عراقي ، ويستند هذا السيناريو على أنه يساعد الأردن في حل مشكلته الاقتصادية والديموغرافية ، باعتبار أن القرار الأردني يتأثر بالأغلبية الفلسطينية على أرضه ، وسوف تؤدي الوحدة مع العراق إلى غياب هذه الأغلبية ، وبالتالي غياب تأثيرها على القرار الأردني 0 ولكن هذا السيناريو يصطدم بخوف أمريكا من قيام كيان قوي قد يبدأ موالياً لها ، ولكنه يمكن أن ينقلب فيكون مصدر قلق لأمريكا لاسيما أمن إسرائيل 0

 السيناريو الرابع  مملكة أردنية مع وسط العراق 0

 ويرى د0 الحمد إنه إذا استطاعت أمريكا أن تسيطر على العراق فستبدأ بالضغط على إيران وسوريا والسعودية لأنهم جميعاً مرتبطين بالأسباب الثلاثة للتدخل أعلاه وهي  النفط وأمن إسرائيل واستراتيجية المنطقة 0

 ثانياً  وفي ندوة عقدت في مركز الخليج للأبحاث في دولة الإمارات العربية المتحدة في فبراير 2002م تصور المشاركون أربع سيناريوها محتملة جاءت على النحو التالي

 السيناريو الأول  للعراق انقلاب عسكري مبكر بعد انطلاق الحملة الجوية وأثناء دخول القوات الأمريكية الأراضي العراقية 0

 السيناريو الثاني  انقلاب عسكري متأخر عندما تصل القوات الأمريكية إلى بغداد 0

 السيناريو الثالث  استمرار أمد الصراع لنحو 12 شهراً ، وفشل أمريكا في إيجاد حكومة قوية في العراق 0

 السيناريو الرابع  حكومة مفروضة بعد الانتصار الأمريكي 0

 وفي ندوة الأهرام في فبراير 2003م تحت عنوان قمة عربية طارئة في ظروف عالمية ضاغطة 0 وكان تركيز الباحثين في هذه الندوة ما هي الطريقة الممكنة لمنع أو تقليص مخاطر السيناريوهات الأمريكية للمنطقة . 0 فيقول د0 مصطفى الفقي  أما عن اجتماع القمة العربية الطارئ – الذي دعا إليه الرئيس حسني مبارك – فإنه ضروري ، ذلك لأنه إذا لم يجتمع العرب الآن فمتى يجتمعون ؟ أنه لا يوجد وضع عربي أسوأ مما هو الآن . 0

 خلاصة ما نرى بأن العلماء العرب والشعوب العربية ومعظم شعوب العالم متضامنين مع الشعب العراقي ويخشون أن يصيبه أي مكروه من السيناريوهات الأمريكية ذات الثورة الجامحة ، وعكس ذلك نجد بأن معظم الحكومات العربية غير مكترثة بما سوف يحدث للعراق وللمنطقة من الطموح الأمريكي الجامح للهيمنة العالمية0

 أما بالنسبة للإدارة الأمريكية فعلى ما يبدو بأنها حسمت الأمر بالنسبة للعراق وللشرق الأوسط والعالم ، ففي مقابلة نشرتها صحيفة الشرق الأوسط العدد 8853 مع ريتشارد بيرل المستشار في وزارة الدفاع الأمريكية ، فيقول إذا لم نستطع استصدار قرار من مجلس الأمن يدعم توجهنا لضرب العراق ، فسنمضي لضرب العراق غير عابئين لا بمجلس الأمن ولا بأي تنظيم دولي آخر ، والذي نفهمه من قصد بيرل هنا لتحقيق مصلحة أمريكا ، والمحافظة على هيمنتها العالمية ، لا يوجد عندنا مانع من نسف وإعادة التنظيم الدولي كاملاً ، وليست العراق أو الشرق الأوسط فقط . 0

 وخلاصة ما قاله بيرل  إذا لم نستطع استصدار قرار من مجلس الأمن لضرب العراق ،  عندها سنهاجم العراق من دون قرار من الأمم المتحدة  ، وقال بصريح العبارة بعد احتلال العراق  الجنرال فرانكس سيكون هناك حتى يضمن أن العراق صار مستعداً لتطوير مؤسسات سياسية حرة  بمعنى آخر أي حاكماً على العراق 0

 وكذلك هدد بيرل جميع دول الشرق الأوسط التي تقف عائقاً أمام الاستراتيجية الأمريكية فيقول  آمل أن ينظر الرئيس السوري في إصلاحات سورية أو قد يكون الهدف الثاني ، هناك عليه الكثير عمله ، وخصوصاً أغلاق مكاتب المنظمات الإرهابية، وأن يعيد لبنان للبنانيين  0

 أما بالنسبة للمقاومة المشروعة فيقول بيرل  الإيرانيون قادرون على القيام بعمليات إرهابية ضد الأمريكيين الآن ، أنهم يفعلون ذلك ، أنهم أول داعمين لحماس ، ولحزب اللّه ، والجهاد الإسلامي ، ولا أعتقد أن سياستهم في هذا المجال تعتمد على تحريرنا للعراق أم لا ؟  0

 في الخاتمة نترك القول للإدارة العربية لأن صناعة القرار التاريخي بالنسبة لهذه الأمة بأيديهم ، وإذا كانت معظم الإدارات العربية عاجزة عن إتخاذ قرار في هذا الشأن فعليها أن تعطي شعوبها ديمقراطية حقيقية وليست صورية ، لكي يتسنى لهذه الشعوب أن تختار من يمثلها في الإدارات العربية ، وعندما يحدث أي شيء بعد ذلك بالايجاب أو بالسلب يكون الجميع مشارك في تحمل مسؤوليته 0

 ولكن بعض الحكومات العربية للأسف مازالت ترى أن الشعوب العربية إلى الآن غير مؤهلة للديمقراطية الحقيقية . 0 ونقول لهؤلاء المسؤولين متى تعتقدون بأن الشعوب ستصبح كاملة الأهلية لممارسة الديمقراطية ، وهنا استوقفتنا طرفة من إحدى مقالات الكاتب اياد أبو شقرا ، مع اختلاف الموضوع ، فالطرفة هي كالتالي  طبيب أمراض عصبية ذهب ذات يوم إلى المستشفى لإجراء معاينة 0 لكنه لدى مغادرته اكتشف لصاً سرق إحدى عجلات سيارته التي كان قد أوقفها بجوار حديقة المستشفى ، فاحتار الطبيب وأخذ يتفكر بكيفية التصرف ، إلى أن قطع حبل تفكيره كلام أحد المجانين عبر السياج . 0 لماذا كل هذه الحيرة يا دكتور ؟ اخرج العجلة الاحتياطية من صندوق السيارة وخذ برغياً من كل عجلة وركب بها العجلة وتوكل على اللّه 0

 فصعق الدكتور والتفت على المجنون مخاطباً إياه  هل أنت مجنون يا رجل ؟ .. لا واللّه أنك أعقل العقلاء 0 فرد المجنون  لا سيدي أنا مجنون حقاً لكنني لست غبياً.؟

المحور الثاني  خلاف الناتو ، لا يمنع حرباً

 الصراع الذي يوجد الآن ما بين دول الناتو ، وكذلك ما بين الدول الأوربية ، من الناحية الظاهرية هو في صالح القضية العراقية ، والقضية الفلسطينية ، وإعادة التشكيل الجيوسياسي للشرق الأوسط ، ولكنه في الحقيقة صراع ذو ثلاثة محاور
المحور الأول  جيوبوليتيكي ، وله تركيز على الاستراتيجية الجغرافية للمنطقة ، وبلغةٍ أسهل نقصد بأنه صراع على الكعكة الشرق أوسطية ، وحتى لا تنفرد الولايات المتحدة لوحدها بإلتهامها .  يشرح لاحقاً في الجزء الثاني  0

 المحور الثاني  يوجد صراع مبطن ما بين القوى الأوربية ، أو كما تسميها أمريكا الآن أوربا القديمة ، بقيادة فرنسا وألمانيا ، ويساندهم معظم الشعوب الأوربية على نزع أسلحة الدمار الشامل العراقية بطرق سلمية ، ولكن الولايات المتحدة تحاول أن تقفز من فوق الفصلين السادس والسابع في ميثاق الأمم المتحدة ، وهو الذي يقول عدم جواز استخدام القوة من خلال الأمم المتحدة وتحت رايتها إلا بقرار من مجلس الأمن   الخليج العدد 8679  ولو تجاهلت الولايات المتحدة الفصلين المذكورين ، فذلك يشكل من ناحية قانونية ، لا من ناحية سياسية كما تدعي الإدارة الأمريكية ، خرق واضح وصريح للتنظيم الدولي ، والقانون الدولي العام ، ويمثل ذلك من ناحية نظرية انهيار الأمم المتحدة ، مثل عندما خالف هتلر قرارات عصبة الأمم قبل الحرب العالمية الثانية ونتج عن ذلك الحرب العالمية الثانية . 0

 المحور الثالث  النزاعات التي نشأت في الناتو في فبراير 2003م   لمنع التكرار ، راجع آل ثاني ، فهد ، في كلا من  الراية العدد 7546 ، ومجلة الإنسانيات ، جامعة قطر ، العدد 24  0

 من أقوى النزاعات التي شهدها الناتو بعد الحرب الباردة الفيتو الذي استخدمه محور باريس – برلين ، ويساندهم في ذلك بلجيكا ، عندما تقدمت تركيا طالبةً من دول الحلف وفق المادة الرابعة التأسيسية للناتو التي تنص على إجراء مشاورات بين الحلفاء إذا ما اعتبر أحدهم أن سلامة أراضيه ، أو أمنه مهدد . 0  الراية العدد 7585  ، وكانت تركيا مستندةً على هذه المادة لتوفر لها قوة دفاعية من دول الناتو في حالة حدوث هجوم على العراق .. 0 وكانت نتيجة ذلك الاحتجاج الفرنسي الألماني البلجيكي ضد هذا الطلب ، وكان يساند طلب تركيا دول الناتو الستة عشر المتبقية متزعمتها الولايات المتحدة 0 وهذا الطلب التركي أكثر الاحتمالات بأنه سياسي وليس قانوني ، وربما بإيحاء من الولايات المتحدة الأمريكية . 0 ونقصد هنا إلزام فرنسا وألمانيا بقرارات الناتو ، حتى عندما تقدم واشنطن مشروع قرار جديد في مجلس الأمن يكون سبق السيف العذل بالنسبة للقوى الأوربية لأنهم لا يستطيعون مناقضة أنفسهم بعد موافقتهم على القرار الرابع للدفاع عن تركيا في حالة قيام الحرب 0 ومن خلال هذه اللعبة للولايات المتحدة استطاعت مع تحالفها الأنجلو أمريكي عمل شرخ في جدار دول الاتحاد الأوربي ، بحيث بواسطة بريطانيا استطاعت أمريكا أن تجر وراء قراراتها العدوانية كلٌ من ايطاليا وأسبانيا والبرتغال وأربعة دول أوربية أخرى ، وذلك جعل محور باريس – برلين وحيداً في أوربا ، وفي الناتو ، ولكنه قوياً في مجلس الأمن بحيث تدعمهُ كلٌ من روسيا والصين ومعظم الدول ذات العضوية الغير دائمة في مجلس الأمن . 0

 ولكن هذه المعارضة القوية الفرنسية الألمانية في الناتو وأوربا ومجلس الأمن من الناحية السياسية لا تعني بأن هذه الدول إذا روعت مصالحها ستمانع قيام الحرب ، والأمثلة على ذلك كثيرة ومنها حرب القرم في القرن التاسع عشر ميلادي . 0

 أما بالنسبة للمدرسة الأتاتوركية التركية كانت تلعب لعبة استدرار مصالح الحرب ودرء سلبياتها بالأساليب التالية  فاللعبة التركية بدأت بإثارة المادة الرابعة التأسيسية للناتو المذكورة أعلاه ، ونشأ بسبب المادة الرابعة نزاعات في الناتو كادت تعصف به 0 وبعد فترة وجيزة استطاعت تركيا أن تحقق مطالبها الدفاعية من الناتو ، وقال جورج دو برتسون أمين عام حلف الناتو  ” استناداً للمادة الخامسة سنرسل طائرات مراقبة من طراز اواكس وبطاريات صواريخ لتركيا وهي حليف مهدد ” ويضيف ” لهذه الغاية يستخدم حلف الناتو بين الدول الديمقراطية ” . 0  الوطن العدد 2728  والمرحلة الأخيرة من المطالب التركية من المنظمة الدولية والناتو هو ما قاله الرئيس التركي أحمد نجدت سيزر ” يجب صدور قرار عن الأمم المتحدة يجيز استخدام القوة قبل أن تدرس تركيا فتح أراضيها للجنود الأمريكيين ” ، أما بالنسبة لشروط تركيا لتقديم التسهيلات اللوجستية للناتو هي  أن يدفع لتركيا 25 مليار دولار ، وشطب ديونها العسكرية ، وكذلك الموافقة على رفع نسبة حصة الصادرات من المنسوجات التركية ، وتسهيلات لدخول الحديد والصلب التركي للسوق الأمريكية   الخليج العدد 8676 0

 ومن الناحية الجيواستراتيجية تمانع تركيا قيام دولة كردية مستقلة عند حدودها الجنوبية الشرقية  الخليج العدد 8676 0 وبعد كل هذه الشروط ، ربطت الحكومة التركية موافقتها على هذه الشروط بقرار تصويت البرلمان التركي ، وهنا تعطي الحكومة التركية نفسها المرونة الكافية لتحقيق هذه الشروط أو أقصى حد منها ، وحتى تبرهن للأمريكان في حالة الضغط عليهم بأنهم دولة ديمقراطية والأمور الاستراتيجية يحسمها البرلمان ، علماً بأن الحكومة التركية ، والبرلمان ، وأمريكا ، يعلمون جيداً من هي الجهة ذات القرار الأخير في تركيا ؟ . 0

 وعندما واجهت أمريكا معارضة ضخمة من محور باريس – برلين في الناتو وأوربا ومعظم الشعوب الأوربية معهم ، ومن محور باريس – برلين – روسيا – الصين، في مجلس الأمن ، مما شكل تحالف أوراسي في مجلس الأمن ، هذا جعل الولايات المتحدة تلعب لعبةً خطيرة بالنسبة لهيمنتها العالمية وهي ما قاله الرئيس بوش  “الولايات المتحدة مستعدة لخوض الحرب من خلال تحالف من الدول التي تتخذ موقفاً مماثلاً سواءً أيدت الأمم المتحدة ذلك أم لا ”  الخليج العدد 8665  0 نعتقد بأن هذه مناورة من بوش لأن التنظيم الدولي الحالي ممثلاً بالأمم المتحدة ، ومنظمة التجارة العالمية ، وصندوق النقد الدولي ، والبنك الدولي للإنشاء والتعمير ، يمثل أفضل الآليات لتسهيل الهيمنة الأمريكية على هذا الكوكب إلى فترة زمنية غير قصيرة . 0

 من هنا نرى النقد المبطن والخلافات الفكرية بين الجيوبوليتيكيين الأمريكان على التهور الذي تقوم عليه استراتيجية بوش الابن 0

 أولاً  نبيغنيو بريجنسكي  الطريقة التي تعاملت بها الولايات المتحدة مع التحفظات بشأن العراق ، خلقت انطباعاً بأن بعض زعماء أمريكا خلطوا بين حلف الناتو ومعاهدة وارسو 0 والأسوأ من ذلك ، أن ابتهاج واشنطن لانقسامات الأوربيين تجاه موقفها ، عزز موقف الأوربيين الذين يؤمنون بنظرية المؤامرة 0 فالولايات المتحدة ، يعتقد الأوربيين بأنها باتت تخطط لوضع استراتيجيات كبرى بشأن التحالفات ، مثلاً كالهند ، وروسيا ، وإسرائيل ، بدلاً من الناتو ، وكل هذه الدول يكن عداء ما لبعض بلدان العالم الإسلامي 0

 ويرى كذلك بريجنسكي أن على أمريكا أن تمنح عمليات التفتيش والتدقيق الدولية شهور عدة ، مطلوبة للتأكد بشكل أوضح ، مما إذا كان العراق قد أذعن مرغماً أم أنه يواصل التحايل المتعمد 0

 ويرى بريجنسكي بأن الرأي الذي يقول إن نشر القوات الأمريكية في المنطقة يستلزم إشعال الحرب عاجلاً ليس بالضرورة رأياً موثوقاً به  فالقوات الأمريكية الجاهزة للحرب ، والتي تجاوز عددها مئات الآلآف ظلت منتشرة في أوربا لعقود طويلة ، وقدرة أمريكا على نشر قواتها اليوم باتت أعظم من أي وقت مضى 0

 ويختم قائلاً إذعان العراق المتواصل سيتطلب قبول الولايات المتحدة أن يكون نزع الأسلحة كمحصلة ، والتحدي خلال أية مرحلة قد يعني حرباً تدعمها الأمم المتحدة ، ويترتب عليها تغيير النظام  الشرق الأوسط العدد 8850  0

 ثانياً  نرى التناقض لتصورات بريجنسكي ، من خلال ما قاله هنري كيسنجر  إذا انتهت الأزمة من دون تغيير النظام في بغداد ، وإذا أرسلت الولايات المتحدة مائتي ألف من قواتها إلى المنطقة  الشرق الأوسط  لتعيدهم من دون تحقيق أكثر من احتواء ضبابي لنظام أخل بقرارات الأمم المتحدة لأكثر من عشر سنوات ، فإن مصداقية القوة الأمريكية في الحرب ضد الأرهاب ، وفي الشؤون الدولية عموماً ، سوف تتضرر بشدة، وربما بلا إمكانية لإصلاح الضرر 0

 أما بالنسبة للناتو فيرى كيسنجر بأنه لن ينتعش هذا التحالف إلا عبر تفعيل المشاعر والروح المعنوية بعيداً عن قيود القانون والمواثيق 0 إن الحلفاء الذين يشعر شركاؤهم أن بوسعهم الاستفادة من فشلهم على المدى الطويل ليسوا حلفاء 0 وإذا أريد لحلف الناتو أن يبقى مؤثراً في مواجهة تحديات المرحلة الجديدة ، فإن على قادته أن يعثروا على تعريف جديد لتطلعاتهم  الشرق الأوسط العدد 8839  0

 الملاحظة هنا بأن الرأي الأول لبريجنسكي يميل أكثر لتطبيق القانون الدولي العام واحترام الميثاق الدولي ، أما الرأي الثاني لكيسنجر فهو رأي سياسي ويحمل في طياته حلم إقامة إسرائيل الكبرى .. 0

المحور الثالث  خلاف الناتو ، وتوزيع الأدوار

 السؤال الذي يطرح نفسه إذا لم يستطع الأمريكان تنفيذ الاستراتيجية الشرق أوسطية  هل ستقوم أمريكا بحل المنظمات الدولية ؟. 0

 كل ما ذكرنا في الجزء الأول مجرد مناورات ، فالمنظمات الدولية المعاصرة هي أفضل من يخدم الاستراتيجية الأمريكية الكونية 0 ولكن ذلك لا يمنع أن تقيم أمريكا تحالفات توازن مع أقطاب أوراسية متنافسة فيما بينها ، وكل منهم له مشاكل مزمنة مع المسلمين ، مثل روسيا ، والهند ، وإسرائيل ، وخاصةً بعد إعادة تشكيل الشرق الأوسط تحت القيادة الإسرائيلية ، وذلك لا يمنع أن تبقي أمريكا تحالفها مع أوربا من ضمن الناتو ، ولكن تحقيق ذلك كله يعتمد على التكتيك الذي سوف تستخدمه أمريكا، وتوزيع الأدوار على القوى المتناحرة بعد الحرب الباردة . 0

 ولكثرة النزاعات على توزيع الأدوار ما بين الدول العظمى ، أصبحت كل من روسيا وفرنسا وألمانيا والصين ، تبدي استيائها من الأحادية القطبية الأمريكية وتبحث عن عالم متعدد الأقطاب  الوطن العدد 2734  0

 فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين يقول  ” الحقيقة المطلقة أن روسيا بلد أوروبي من الناحية الجغرافية والفكرية والثقافية 0 وموسكو ترحب بطرق التكامل في أوربا ولا يتخيل تطوير روسيا من دون تطوير أوربا الخالية من الخطوط التقسيمية ”  الخليج العدد 8679  0

 وهذا مؤشر خطير بالنسبة لأمريكا فعندما تتم إعادة تشكيل العالم الأوراسي ، سواءً تشكلت الكتل المذكورة أعلاه ككتلة واحدة ، أو مجموعة من الكتل المتحالفة ، فذلك سيشكل عالم التوازن خارج الإشراف الأمريكي . ، وفي هذه الحالة ، ربما تتمكن أوراسيا من منافسة القطبية الأحادية لأمريكا 0

 ونجد حتى الاستراتيجيين الروس مثل الكسي كيينا يقول  ” إذا بدأت أمريكا بالعراق ، فستذهب بعدها للسعودية ، وبعد ذلك إيران ، وبعد السيطرة على هذه الدول الغنية بالنفط ، ستذعن تلقائياً منظمة الأوبك للمطالب الأمريكية ، وذلك سيؤدي إلى تخفيض حاد في أسعار النفط ” 0

 ويقول كيينا  ” ولنفترض أن أسعار النفط انخفضت تحت 10 دولار للبرميل الواحد فإن روسيا ستعود إلى وضع 1998م ولن يكون الوقت كافياً لديها للشراكة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة وستجري عملية السباق النووي ، وعلى الأرجح فإن الاستراتيجيين الأمريكان لا يفكرون بذلك ”  الخليج 8629  0

 إذاً الاستراتيجية الضاغطة من الممكن أن تولد عالم توازن خارج السيطرة الأمريكية ، أو من الممكن أن تعيد الحرب الباردة ما بين أمريكا وروسيا ، أو ربما أمريكا واوراسيا 0

 أما بالنسبة للولايات المتحدة فقاتلت ما يقارب عقداً من الزمن ، منذ انتهاء الحرب الباردة ، لكي تطبق استراتيجية عولمة العالم بالطريقة الأمريكية ، ولكن هذه الاستراتيجية فشلت فشلاً ذريعاً في العالم وخاصةً الشرق الأوسط  راجع آل ثاني ، فهد ، كتاب العالم الإسلامي ، ودراسات في الجغرافيا السياسية  0

 وبسبب فشل أمريكا في استراتيجية العولمة قفز العجز في الميزان التجاري الأمريكي من 100 مليار دولار عام 1990م ، إلى 450 مليار دولار عام 2000م ، والأخطر في العجز التجاري في عام 2000م هو بأن الواردات النفطية لا تشكل إلا 18% من الواردات الأمريكية ، أما 82% الباقية فهي سلع صناعية مستوردة . 0

 ومن الأدلة على الفشل الأمريكي في إدارة عولمة العالم بأن أمريكا أصبحت في موقع التبعية لا موقع الحكم ، والدليل على ذلك بأن العجز التبادلي مع الصين في عام 2001م 83 مليار دولار  الشرق العدد 5364  0

 ويقول الكاتب الفرنسي ايمانويل تود  أن الأمبراطورية الأمريكية ، شبيهة بالأمبراطورية الرومانية التي كانت تعتمد على الاستيراد الخارجي ، منها إلى الأمبراطورية السوفيتية التي كانت تعتمد على الاكتفاء الذاتي 0 فأمريكا امبراطورية للإستهلاك لا للإنتاج ، وحاجتها إلى العالم في استهلاكها أشد من حاجة العالم إليها في إنتاجه 0 ولكن الوقت الذي بات فيه العالم ضرورياً لها لتحافظ على مستوى استهلاكها الأمبراطوري ، فإن هذا العالم نفسه لا يقع تحت سيطرتها الاستراتيجية ، فالقطبان الندان لها في مجال الإنتاج الصناعي وهما الاتحاد الأوربي واليابان العجز التجاري الأمريكي يبلغ مقابلهم 60 مليار دولار ، و 68 مليار دولار على التوالي 0 فبالتالي لا تجمعهم مع أمريكا علاقة تبعية ، كما يقضي المنطق الأمبراطوري 0 كذلك فإن القطبين الكبيرين الآخرين في العالم ، وهم الصين وروسيا يقفان خارج مجال سيطرة واشنطن الاستراتيجية ، لاسيما أن روسيا تتمتع باستقلالية نووية تامة  الشرق العدد 05364

 وكما ذكرنا سابقاً بأن أمريكا عندما شعرت بعجزها التجاري الكبير مع الصين ، وكذلك مخافةً من أن تطور الصين تكنولوجية الأسلحة الذكية ، أصبحت الولايات المتحدة تحارب تصدير التقنية إلى الصين ففي عام 2001م مثلاً تسلمت وزارة التجارة الأمريكية 1294 طلباً فيما يتعلق بتصدير التكنولوجيا إلى الصين ، 72% من الطلبات حصلت على موافقة ، بينما رفضت وزارة التجارة الأمريكية تصدير 28% من الطلبات  الخليج العدد 8679  إذاً أين العولمة التي تطالب بها أمريكا من ذلك ؟. 0

 أمريكا ستحاول تطبيق سيطرتها العالمية من خلال محاولة المحافظة على تفوقها في عالم الجنوب ، وخاصةً الشرق الأوسط لأن ذلك سيعطي أمريكا سيطرة مباشرة على 72% من احتياطيات النفط في العالم ، و 35% من احتياطيات الغاز الطبيعي        آل ثاني، فهد ، عالم إسلامي ، ص 101 0

 ولكن إذا فشلت ، لن تغامر أمريكا مغامرةً غبية في إلغاء المنظمات الدولية أو بعضها ، أو إجراء مواجهة مباشرة مع القوى الموجودة في العالم الأوراسي ، ولكن أكثر المخاوف في ذلك هو على توزيع الأدوار في الشرق الأوسط ، من خلال إتفاقية سرية تعقدها أمريكا والدول الأوراسية المنافسة لها لتوزيع الأدوار في الشرق من تحت الطاولة 0 والأمثلة على ذلك كثيرة ومنها الاتفاقية الثلاثية السرية التي جرت في 22 أكتوبر 1956م ما بين بريطانيا وفرنسا وإسرائيل ، وكانت تنص هذه الاتفاقية على محورين  الأول  الاستفادة من محاولة الرئيس عبد الناصر عندما أمم قناة السويس كذريعة لضرب مصر ، وإعادة قناة السويس إلى الشركة الفرنسية  الأهرام العدد 18 فبراير 2003م  ، علماً بأن مجموعة من الاستراتيجيين ومنهم أمين هويدي قالوا سواءً قناة السويس كانت عند الشركة الفرنسية أو عند مصر صاحبتها الأصلية ، فلا يوجد وسيلة عند المصريين للاستفادة من القناة إلا عندما تؤدي وظيفتها لعبور السفن ، وخاصةً السفن الأجنبية والطرف المصري يحقق ريعاً كبيراً من وراء ذلك 0 فبالتالي العدوان الثلاثي على مصر كان الهدف منه تجريد مصر من السلاح الذي استوردته من أوربا الشرقية ، وإسقاط عبد الناصر من السلطة ، وأخيراً إعادة قناة السويس إلى السلطة الفرنسية .  الأهرام 18،2،2003م  0

 المحور الثاني  الاتفاقية السرية أعلاه ألغت البيان الثلاثي لعام 1950م الذي فرضت بواسطته كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا توازن قوى إقليمياً لمصلحة إسرائيل 0 بمعنى آخر التفاف من القوى الاستعمارية  فرنسا وبريطانيا  لإخراج القوة الامبريالية الحديثة  الولايات المتحدة  من الشرق الأوسط  الأهرام 18،2،2003م  0

 ولكن أمريكا قابلت هذه الدول بغضب شديد ، فالسرية وحجم العدوان لم يغضبان أمريكا ، وإنما أغضبتها محاولات فرنسا وبريطانيا العودة إلى المنطقة ، وهذا يعني فشل سياسة ملء الفراغ وإفشال حلف بغداد ودفع العرب نحو الأتحاد السوفيتي  الخليج العدد 8679  0

 فكما ذكرنا أعلاه فأمريكا سوف تضغط لإبتلاع الكعكة كاملةً لوحدها ، ولكنها إذا فشلت ، ستضطر لعقد اتفاق من تحت الطاولة مع القوى المنافسة لها لإعادة توزيع الكعكة الشرق أوسطية 0 وذلك ليس بجديد على القوى الاستعمارية ، فعندما تصارع الحلفاء المنتصرين في الحرب العالمية الأولى على الكعكة  الامتيازات النفطية ، الشرق أوسطية اضطروا في النهاية لتقسيم الكعكة فيما بينهم ، فانشأت ما يسمى شركة نفط العراق وأعطيت امتياز الشرق الأوسط بأكمله ، تحت اتفاقية تسمى اتفاقية الخط الأحمر ، وكان تقسيم الحصص في شركة نفط العراق كالتالي  75ر23% لكل شركة من شركات الدول التالية أسماؤها  بريطانيا ، وهولندا ، وفرنسا ، والولايات المتحدة الأمريكية ، وأرمني يدعى سركيس جو لبيكان اعطى 5% لدوره في التأسيس وتنسيق إدارة الشركة ( Al-Thani.F.Phd. PP. 41 – 46) 0

 والآن لا نستغرب أن تعيد أمريكا توزيع الحصص في الشرق الأوسط حتى لو كان لفترة مؤقتة ، ونعتقد ربما يكون توزيع امتيازات الهايدروكاربون الشرق أوسطي كالتالي  40% للشركات الأمريكية ، و 10% للبريطانية ، و 10% للفرنسية ، و 5% لكل من  روسيا وإيطاليا وألمانيا وكندا والصين ، وما تبقى يقسم بالطريقة الأمريكية قسمة غرماء ما بين الشركات العالمية . 0

 أما بالنسبة للعرب فكالعادة سيخرجون من جميع السيناريوهات خاليي الوفاض ، وأكبر دليل على ذلك المعارضة العراقية ، منذ ثمانية سنوات وأمريكا تعدهم بأنها ستحرر العراق من قبضة الرئيس صدام ، وستسلمهم السلطة في بلدهم ، وعندما اقتربت ساعة الصفر لكي تقوم أمريكا بتنفيذ عدوانها على العراق قالت للمعارضة بعد خلع صدام سيكون دوركم استشاري فقط في إدارة العراق ، أما حاكم العراق سيعين بالطريقة الأمريكية . 0

 ويقول أحمد جلبي أشهر زعماء المؤتمر الوطني العراقي  يجب أن لا تكون هناك فجوة في سيادة العراقيين على العراق   الوطن العدد 2728  0

 وفي اجتماع أنقرة الذي عقدته المعارضة العراقية في فبراير 2003م  قالت امريكا بصريح العبارة أن على زعماء المعارضة ألا يتوقعوا دوراً أكثر من تقديم المشورة إذا احتاجها الأمريكيون في معالجتهم للقضية العراقية   الخليج العدد 8676  0

 وما يحدث للمعارضة العراقية الآن هو ما حدث لزعامات عربية في القرن التاسع عشر والعشرين عندما عقدوا تحالفات مع المستعمرين ، على أنه بعد أن يسيطر المستعمر على الموقف ، يسلمهم السلطة ، ولكن بعد أن ينتصر المستعمر يغرر بهذه الزعامات ، أو ينفيها ، أو يصفيها جسدياً ، أو يسلمها سلطة لا تزيد على كومةً من صخر ، بعد أن كان يواعدها بأن يسلمها سلطةً تعلو على قمة ايفرست في جبال الهمالايا 0

 وفي الختام هل نستوعب الدرس ونضع استراتيجية شرق أوسطية لهذه الأمة ..؟0

ونتمنى من اللّه التوفيق لنا ولكم ولجميع المسلمين ،،،

  قائمة المراجع

1- آل ثاني ، فهد ، جغرافيا سياسية ، عمان ، دار وائل ، والدوحة ، مكتبة الثقافة ، 2000م 0
2- آل ثاني ، فهد ، استراتيجية التنمية ، الدوحة ، مكتبة الثقافة ، 2001م 0
3- آل ثاني ، فهد ، البلقان مفتاح السيطرة العالمية ، مجلة كلية الإنسانيات والعلوم الاجتماعية ، جامعة قطر ، العدد الرابع والعشرون ، الدوحة ، خريف 2001م 0
4- ال ثاني ، فهد ، قوى الجنوب الآسيوي والصراع على كشمير ، مجلة دراسات ، الجامعة الأردنية ، عمان ، كانون الأول ، 2001م 0
5- آل ثاني ، فهد ، النظام الإقليمي لدول مجلس التعاون الخليجي ، مجلة مركز الوثائق والدراسات الإنسانية ، جامعة قطر ، العدد الثالث عشر ، الدوحة ، 2001م 0
6- آل ثاني ، فهد ، العالم الإسلامي ، الدوحة ، مكتبة الثقافة ، 2002م 0
7- سليم ، محمد ، تطور السياسة الدولية ، القاهرة ، دار الأمين ، 2002م 0
8- صحيفة الأهرام ، 18،2،2003م 0
9- صحيفة الخليج ، الأعداد  8629 ، 8665 ، 8676 ، 8679 0
10- صحيفة الراية ، الأعداد  7546 ، 7585 0
11-  صحيفة الشرق ، العدد 05364

12 صحيفة الشرق الأوسط ، الأعداد  8839 ، 8850 ، 8853 0
13- صحيفة الوطن ، الأعداد  2728 ، 2734 0
14- AL – Thani,Fahd, The Spatial Impact of The Hydrocarbon Industry On Land and Sea Use of Qatar, Ph,d Thesis Durham University, U.K. 1992.

تمرد قلم-الجامعة العربية والعراق

بسم الله الرحمن الرحيم

6/9/2004

بعد أن تم تشكيل اتحاد عربي شامل تحت مسمى – الولايات العربية المتحدة – ، عقد اجتماعه الأول في مبنى الجامعة العربية في قاهرة المعز ، وعند قيام منسق الاتحاد بتدقيق قائمة الحضور ، وجد بأن جميع زعماء الأمة العربية متواجدين ، باستثناء العراق 0 فقام بإبلاغ الحضور عن أسفه لعدم تواجد العراق ضمن الاتحاد ، وقال – ” إنني مطمئن لأن إتحادنا والعراق يشكلان توأمة ، وخاصةً أن العراق يملك الإمكانيات التالية التي لا تقل عنا وهي – عدد السكان 25 مليون نسمة تقريباً ، ومتوسط نصيب الفرد من الدخل القومي لا يقل عن 100ر2 دولار سنوياً ، وهذا ليس المؤشر الحقيقي بالنسبة للعراق ، لأن الاقتصاد العراقي أقرب إلى الاقتصاد الاشتراكي المركزي 0

فحتى نعرف ما هو مستوى الحياة بالنسبة للعراقي ، فعلينا أن نستخدم معيار نوعية الحياة المادية ، ومن مؤشراته أمد الحياة ” Life Spen” ، ( ونقصد هنا العمر المتوقع عند الولادة ) ، ونسبة الوفيات بين الأطفال ، ونسبة الأمية ، 000 إلخ 0 وإذا قمنا بقياس هذه المؤشرات لوجدنا أن العراق من الدول التي يعتبر متوسط نصيب الفرد فيها من الدخل القومي مرتفعاً ، ويصل من ناحية فعلية إلى أكثر من 9000 دولار 0 وحصة الفرد من الماء تصل إلى 000ر36م3 سنوياً ، ولو قارنا ذلك مع الدول العربية في الخليج والجزيرة ، لوجدنا أن نصيب الفرد من الماء الطبيعي لا يصل حتى إلى 25% مما يحصل عليه شقيقه في العراق 0 ووجود المجاري المائية الضخمة ممثلة بدجلة والفرات ، والتقائهما عند شط العرب ، هذه المجاري اعطت للعراق أراضي ودلتات خصبة ممتدة من غرب وشمال غرب العراق إلى شرق وجنوب شرق العراق0 ومن هنا نستطيع أن نطلق على العراق ( هبة الطبيعة ) ، وخاصةً إذا عرفنا بأنه يقع من ضمن الأقليم القاري الشبه جاف بين خطي عرض 30 ْ / 40 ْ شمالاً 0

واحتياطيات العراق من الطاقة تصل إلى أكثر من 50 بليون برميل من النفط ، وأكثر من 800 بليون م3 من الغاز الطبيعي 0 ويبلغ احتياطيه من العملات الصعبة 36 بليون دولار0 ويدعم كل ذلك ، أهم محورين للتنمية – أولاً – قاعدة علمية – أكاديمية وفنية صلبة -0 ثانياً – قاعدة أمنية ضخمة ، توفر له الحماية في جميع مراحل التنمية ، وممثلةً بالتالي في – عدد الجيش 2 مليون مقاتل ، 5000 دبابة ، وما يزيد على 5000 قطع مدفعية ، وما يزيد على 700 طائرة مقاتلة ، وأقل منها بشيء بسيط عدد المروحيات ، وصواريخ بلاستية قدر مداها ما بين 500 إلى 1500 كم ، وفوق ذلك كله قطع مراحل متقدمة في تطوير الأسلحة الغير تقليدية 0

وبعد أن انتهى منسق الاتحاد من المقدمة المذكورة ، وإذا بصبي شاحب الوجه ، وضعيف البنية ، ومرتجف الأطراف ، وبائس من كل شيء في الحياة ، يخترق قاعة الاجتماعات ، يمتطي جواداً ، ومتشحاً بعلم العراق ، وربما هذا العلم هو الذي ساعده على اختراق قاعة الاجتماعات المدججة بسواتر أمنية ( ولو استثمرت الأموال المخصصة لهذه السواتر الاستثمار السليم من ناحية أمنية لأدت إلى تحرير فلسطين والجولان وجنوب لبنان ، أو على أقل تقدير لجعلتنا نتفاوض مع إسرائيل الند للند ) 0

وعموماً حتى لا نترك للقلم تمرده في موضوع آخر ، نعود إلى موضوعنا الرئيسي وهو دخول الصبي إلى القاعة الفيدرالية العظمى ، بعد أن اخترق الصبي السواتر المذكورة ، حاصرة طاولة الاجتماعات المستديرة ، الصبي العراقي وجواده ، مما أدى إلى توقفهما ، وبدأت علامات الأرتباك والرهبة والروع بشكل جلي على الصبي ، مما جعل الزعماء جميعاً يهبون قفزة الرجل الواحد ، وأنزلوا الصبي العراقي من فوق جواده ، واحنوا عليه ، وهدأو من روعه ، كما يفعلون مع جميع مواطني الأمة العربية والإسلامية 0 وأخذوا الراية العراقية ورفوعها خفاقةً عاليةً مع رايات الفيدرالية العربية 0

وقام منسق الاجتماع يسأل الصبي ، من أين أتيت ؟ قال الصبي – من العراق 0 فقال المنسق للطفل كذبت ، فالمقدمة التي شرحتها للحضور عن العراق ، دليل على أنه لا يوجد عراقياً شاحباً ، أو مرتجفاً ، أو ضعيفاً 0 فأجاب الصبي صدقت ، ولكن ذلك كان قبل عام 1980م ، كما ذكر لي والدي ، ويبدو لي بأنكم لم تسألوا عن العراق وشعبها ، وماذا جرى لها منذ عشرون عاماً ؟ فأجاب منسق الاتحاد كنا نعتقد أن العراق وصلت إلى مرحلة عظمى من الاكتفاء الذاتي ، فأغلقت أبوابها ولا تريد أن يزعجها أحد 0

فقام الصبي بشرح وضع العراق للحضور ، وقال – انعزالنا عنكم هو الحصار اللعين الذي فرض علينا منذ عشرين عاماً 0 وبدأ الصبي ينطلق ببلاغة كبيرة معهودة عن أسلافه أصحاب حضارة الرافدين ، فقال أن الشحوب الذي ترونه على وجهي بسبب المرض ، والضعف بسبب الجوع ، كل ذلك مادي ونستطيع أن نتحمله 0 أما الارتجاف فهو بسبب الهزيمة المعنوية الكبرى التي تعرضنا لها من أمتنا العربية ، التي طالما صرخنا ونادينا بقضاياها ، وتغنينا بأفراحها 0

فعاد منسق الجامعة متهمكما يسأل الصبي – إذاً كيف وصلت إلى قاهرة المعز ؟ 0 فقال الصبي – كلمة حق لابد من ذكرها ، عندما عقدت العزم على الخروج من العراق ، وجدت نفسي محاصراً بأسوار الاستعمار التي تحيط بنا من كل جانب 0 وقال لي والدي بأنك لن تستطيع خرق السور الأول ، وإن اخترقته فسوف ترتطم بسور آخر من حديد ، وإذا كان السور الأول سيسبب لك هزيمة مادية ، فالسور الثاني سوف يسبب لك هزيمة مادية ومعنوية ، والأخيرة هي الأبشع 0 ” ومازال الحديث للصبي ” وعندما اخترقت سور الاستعمار الخبيث ، بدأت تنتابني رهبة من السور الحديدي الذي أمامي ممثلاً بالحدود العربيــــــة ، ولكنني تركت جــــوادي  ينطلــــق

ويعربد كيفما شاء ، منتظراً متى سوف أصل إلى الحدود العربية 0 وبعد عدة أيام واجهتني قافلة ، فتبادلت التحية مع أهلها ، ورحبوا بي ، وبعد التحية سألتهم أين أنا الآن ؟ فأجابوني أنك في السعودية 0 فقلت لهم معنى ذلك أنني اخترقت الحدود السعودية بطريقة غير شرعية؟ فأجابوني بسؤال – من أين أنت قادم ؟ من روسيا  ( الصبي ) من العراق 0 ( أهل القافلة ) العراق 00 إنها عربية مثل شقيقاتها العربيات في الفيدرالية العربية ، ولكي تنتقل داخل دولتك ( العربية المتحدة ) ليس هناك داعي لاثبات شخصية أو المرور بمراكز أو جمارك حدودية ووجودك هنا شرعي ، لأنك في جزء من وطنك 0

سكت الصبي وهمهم غاضباً من والده الذي زرع في ذهنه فكرة مسمومة عن القومية العربية ( ذكرت سلفاً ) ، وقال الصبي في صدره أن والدي يريد أن يزرع في قلبي مرضه الدفين على الأجزاء الأخرى من الوطن 0 ومن هنا قرر الصبي الإتجاه إلى مصر ، وبعد أن وصل الصبي إلى البحر الأحمر ، مازال يراوده الشك حول قرار الغاء الحدود بين الدول العربية، فقرر الإتجاه شمالاً لكي يختبر الحدود الأردنية ، وبعد ذلك يعبر البحر إلى السواحل المصرية عن طريق العقبة الأردنية ، وحدث ذلك بالفعل 0 وعند وصول الصبي إلى العقبة الأردنية قال له اشقائنا هناك ، بأنه لديك أحد خيارين ، فإما أن تعبر بحراً من العقبة إلى ميناء نويبع ، أو تتجه شمالاً ، ومن ثم تعبر جنوب فلسطين إلى سيناء المصرية ممتطياً جوادك ، ومن ثم إلى قبة الجامعة العربية في القاهرة 0

فصعق الصبي وسأل – ماذا عن إسرائيل ؟ فأجابوه تقصد فلسطين  ( الصبي ) ماذا فعلتم باليهود ؟ أجابوه إننا كلنا ساميين وحاميين واريين ، مرجع التطور الحضاري لهذه المنطقة، شكلنا خليط سلالي كبير من المذكور ، أما من الناحية الدينية ، فنحن أبناء هذا المكان ، ننقسم حضارياص ما بين ثلاث ديانات سماوية وهي – اليهودية ، والمسيحية ، والإسلام ، وكلنا مشتركين في هذه الأرض من حيث الحقوق والواجبات ، تحت ظل أولاً اللّه سبحانه وتعالى ، ومن ثم قيادة ممثلنا الشرعي الوحيد – الجامعة العربية – ، ولا نقول لك بأننا شركاء مع اليهود فقط ، بل من أراد أن يشاركنا العيش من كل العالم مع احترامه لمبادئنا المذكورة ، فأهلاً وسهلاً به 0

فهمهم الصبي في صدره غضباً على والده ، وقال أنني اكتشف في كل خطوة كذبة من أكاذيبه 0 واسترسل الصبي في مرحلة من الخيال ، واسترجع شريط ذكرياته 00 فتذكر الصور الخبيثة التي طبعها والده في ذهنه ، والأقاويل التي كان يسردها عليه – (1) إن سيناريو حرب أفغانستان تم بواسطة قوى الاستعمار لخلق صراع حضاري ما بين الإسلام والشيوعية (الإيمان والالحاد ) ، وتلاه تنازع طائفي ما بين المسلمين تحت مبدأ كل واحداً منكم أحق بالسلطة0 (2) حرب الخليج الأولى لإحداث خلل استراتيجي في المنطقة ، ولامتصاص الاحتقان الثوري الذي وصل عند طرفي الخليج ( العربي والفارسي ) إلى درجة الانفجار ، وكل منهم ينظر إلى نفسه بأنه صلاح الدين القرن العشرين ، ويسجل في التاريخ بأنه حرر المسجد الأقصى من براثن الصهيونية 0 (3) حرب الخليج الثانية ، سببه دول الخليج الملكية لأنها خلقت فجوة كبيرة ، وخلل في التوازن الاستراتيجي في المنطقة ، مما أدى لحدوث الكارثة، وهذا أمر طبيعي نظرياً ، وتطبيقياً ، وحسابياً ، ومنطقياً لأي شخص عادي ، ولا يحتاج لمتخصص في الدراسات الاستراتيجية 0

وما زال الصبي في مرحلة الخيال ، ويتذكر الصورة الذهنية الخبيثة التي زرعها والده في ذهنه ، حيث قال له والده كل ذلك لتثبيت قبضة الصهيونية والصليبية وما بينهما ، على فلسطين بطريقة مباشرة ، والسيطرة الغير مباشرة على جميع الموارد الاقتصادية والبشرية للأمتين العربية والإسلامية 0

عموماً ، في النهاية ، فإن الصبي بعد مرحلة الخيال والشرود الذهني الذي ذكر أعلاه ، قرر تجنب البحر والانطلاق براً عبر جنوب فلسطين ، وسيناء ، إلى أن وصل قاهرة المعز ، ودخل الجامعة العربية كما ذكر سلفاً 0 وبعد أن شرح الصبي خط سيره المذكور ، سأله منسق الاتحاد وماذا عن العراق الآن ؟

فأجابه الصبي – (1) إن العراقي لم يعد يحصل حتى على نصف السعرات الحرارية التي يحتاجها يومياً 0 (2) إن الأمراض الفتاكة حلت بأهل العراق والقوى العظمى تمنع دخول الدواء 0 (3) التعليم لن أقول لكم أن الغير متوفر هو الأساتذة ، والكتب ، والمراجع ، والتقنيات الحديثة فقط ، بل حتى المقاعد لم تعد متوفرة 0 (4) الثروة الحيوانية ، نفق أكثر من نصفها بسبب الأمراض الفتاكة ، وعدم توفر التطعيم والدواء لها ، ويدعم الأمراض نقص الغذاء والتصحر والجفاف 0 وما تبقى منها بعافيته فيهرب ليلاً إلى دول الجوار ، بسبب التضخم الهائل الذي أصاب الاقتصاد العراقي 0 (5) الماء والزراعة – بسبب الحصار والمشاريع التركية الضخمة على الفرات ، تقلصت حصة العراق من الماء ، ويدعم ذلك الجفاف والقحط الذي أصاب المنطقة في السنين الأخيرة 0 وما تبقى من المياه تعرض نسبة كبيرة منه للتلوث ، وخاصة مياه الشرب ، بسبب عدم توفر إمكانات في معالجة المياه 0 (6) الكهرباء والآلات – بسبب عدم وجود قطع الغيار والحظر على استيراد الآلات الجديدة ، سواء استهلاكية أو إنتاجية ، ويقابله النمو السكاني الضخم ، انخفض نصيب الفرد من الطاقة بشكل حتى أقل من أكثر الدول فقراً في العالم 0 وانخفض نصيب الفرد من المرافق والآلات الضرورية أيضاً ، ولا مجال للتحدث عن الكماليات هنا 0 (7) الديون وصلت إلى ما بين 120 بليون و 200 بليون دولار ، وهذا يعني بعد الجدولة وإن حدثت ، ستبقى العراق تدفع فوائدها مدى الحياة 0 (8) الدخل ، إذا ذهبنا إلى المعيار العالمي لقياس الدخل ، وقلنا أن أشد دول العالم فقراً الآن هي الدول التي يصل فيها متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي إلى أقل من 500 دولار سنوياً ( 360 دولار سابقاً ) ، فليس التضخم الذي أصاب العراق والذي يصل إلى 3000% الآن ، أصبح متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي أقل من 30 دولار سنوياً ، إذاً نستطيع أن نعتبر العراق الآن ، جميع الأيدي العاملة فيه تعاني من بطالة مقنعة 0 (9) بدأ الطابور الخامس في العراق الآن اللعب بالأوراق الحضارية من أجل إشعار الفتن الطائفية ممثلةً بالتالي – الشيعة والسنة ، العرب والأكراد ، القبائل وغير القبائل 00 إلخ 0 (10) بدأت تظهر في العراق بعض الأمراض الغريبية التي تصيب الأطفال ، وهي شبيهة أحياناً بالأمراض التي إصيب بها أطفال الفيتنام ، ورغم أنهم لم يشهدوا الحرب ، إلا أن ذلك يرجع إلى المركبات المستخدمة في الحرب ، والتي أدت إلى انتقالها كأمراض وراثية من السلف إلى الخلف 0

ويكرر الصبي العراقي ، ويقول ما سردته لكم الآن 00 هو فيض من غيض ، ولكنني الآن مطمئن لأنكم ستهبون كرياح الرحمة لأنقاذ أهلكم في العراق 0 ويقول الطفل أنا متأكد بأنكم أفضل من روسيا الاتحادية مشكورة 0 وأقول مشكورة لأنها احتجت في مجلس الأمن عندما رفض كل من الولايات المتحدة ، وبريطانيا ، السماح للعراق من ضمن برنامج النفط مقابل الغذاء بشراء ما قيمته واحد بليون دولار بضائع تتكون من أغذية وأدوية ، وبعض الآلات الضرورية ، وأحتجت روسيا على رفض أمريكا وبريطانيا المذكور 0  ويقول الصبي – هناك من يتهم روسيا بأن احتجاجها يرجع إلى أن 28% من الصفقة يتكون من صادرات روسية، ولكننا نقول للمغرضين لا  وإنما احتجاج روسيا بسبب حسها القومي والديني العظيم0

وعماماً كما أبلغ الصبي وعرفنا نحن أيضاً بأن الجامعة العربية قررت مساعدة العراق من خلال محورين رئيسيين –

الأول – طوارئ وإغاثة –
بحيث سيوفر الاتحاد العربي للعراق كل ما تحتاج إليه في المرحلة القادمة 0
ثانياً – الخطة التنموية –
فسوف ترسم للعراق خطة تنموية قصيرة المدى ، غير متجددة ، وهي عبارة عن برنامج شامل للتنمية في العراق ، حتى تستطيع أن تقف على قدميها مرة أخرى ، وبعد ذلك أضم صوتي مع أعضاء الاتحاد العربي بأن العراق لا تحتاج إلا لمن يساعدها للخروج من عنق الزجاجة ، وما تبقى يستطيع الشعب العراقي العظيم القيام به 0

ولكن لابد أن ننبه اشقائنا في الاتحاد العربي بأنه نعم هناك بعض المشاريع مثل الصناعة الاستخراجية ، والتحويلية ، والمرافق العامة ، تحتاج إلى شركات عالمية من الولايات المتحدة ، والاتحاد الأوربي ، واليابان ، والهند ، والصين 0 ولكن الذي يهمنا هنا هو ابتعاد أبناء الولايات العربية الأخرى من أخذ توكيلات لهذه الشركات وإدخالها العراق والسعي وراء مصالحهم الخاصة ، بل من كان يريد خيراً بالعراق وأهله ، عليه أن يساهم حتى ولو فكرياً من خلال إنشاء شركات عراقية مساهمة خاصة وعامة ، وإعطاء السواد الأعظم من الشعب العراقي فرصة أن يكون لهم حصص في هذه الشركات ، والأولوية في التوظيف أيضاً 0

ومن خلال هذه الشركات ( العراقية ) ، يمكن عقد اتفاقيات مشاركة “Consortium”  مع الشركات الأجنبية كل حسب تخصصه 0 وتعمل هذه الشركات في العراق تحت أشراف عراقي 100% 0 وبعد أن تحقق هذه الشركات الأهداف المرجوة منها ، يمكن للعراق أن ينتقل إلى خطوات أخرى ، وهو من خلال فتح بورصة عراقية وتحرير التداول للأسهم العراقية تدريجياً أولاً على المستوى الإقليمي ، وبعد ذلك على المستوى العالمي 0 وبهذه الطريقة نستطيع أن نحفظ العراق من النهب عندما تفتح أبوابها مباشرةً بعد الحصار 0

ونحن نتمنى من اشقائنا في الاتحاد العربي بعدم تأخير برنامج مساعدة العراق الناتج عن المناقشات الحادة ، والناجمة عن شدة الحرص على انقاذ العراق ، وذلك بجعلهم يدققون في برامج التنمية ، مما يؤخر تطبيق البرامج في العراق 0 ونكرر ونقول أبدأوا بأي برنامج عالمي ، سواء كان برنامج مراحل التنمية الاقتصادية لروسو ، أو الدفعة القوية ” Big Push” ، أو النمو المتوازن ، أو النمو الغير متوازن ، أو النموذج الروسي 00 إلخ 0 لأن العراق يملك إمكانات كبيرة ، فقط أسعوا لتطبيق أي برنامج تنمية في العراق لانقاذه ، وإذا وجدتم بأنه عديم الجدوى ، أو فيه بعض السلبيات ، فسوف تقومون بتعديله أو تغييره 0

وربما يثار سؤال هنا ويقول 00 وماذا عن السياسة ؟

فمن وجهة نظري ، يجب أن نقر لجميع زعماؤنا في الولايات المتحدة العربية بأنهم هم القياديون ، أما نحن خلقنا منقادون 0 ويجب أن نقول لجميع زعماء الأمة ، إذا أردتموها بيعة فنبايعكم ، وإذا أردتموها انتخاب فسوف ننتخبكم باجماع 100% ، ونقول لهم بأن الجيش لكم، والاقتصاد لكم ، والتعليم لكم ، والإعلام لكم ، والبرلمانات لكم 00 إلخ 0 دعونا فقط نخطط لمستقبلنا ولأجيالنا كيف نشاء ، ونحصنهم بالبناء المعنوي القوي 0 ونعترف لكم بأننا كما تقولون شركاء لا أجراء ، وهذا المصطلح الأخير أيقظ سقراط من قبره ، وقال للقلم المتمرد، دع عنك هذه الشعارات السوفسطائية ، فأنتم لا شركاء ، ولا أجراء ، ومعظم أبناء الأمة متوسط نصيبهم من الناتج المحلي أقل من 360 دولار ، أي تحت خط الفقر ، بل أنتم بطالة مقنعة 0

وأنتبه القلم للرأي المغرض لسقراط ورد عليه فقال – بأن القومية العربية خلقت من ضمن مزيج حضاري ضخم ومتراكم ، منذ آلاف السنين ، وحفظت ، وطورت ، ورسخت ، من خلال مركزية ذات جاذبية قوية وخالدة ، صنعها المولى عز وجل من خلال ” القرآن الكريم ” 0

المثقفين العرب –

شكلت لجنة عليا منبثقة عن اتحاد الولايات العربية ، وتعتبر هذه اللجنة الممثل الشرعي والوحيد لجميع الولايات 0 وعين لهذه اللجنة أميناً عاماً ، وطلب من الأمين العام إعداد كشف عن جميع المؤهلين العرب في جميع المجالات 0 فقام الأمين العام بإعداد الكشف الذي يحمل اسماء حملة الشهادات وهو المقياس الثقافي ، وكشف يحمل اسماء الرياضيين المسجلين في الاتحادات الدولية ، وكشف يحمل اسماء الفنانين المسجلين في الجهات المختصة ، 00 إلخ 0

وعموماً جهز الأمين العام الكشف ، وقدمه لرؤسائه ، ففوجئ الأمين العام عندما قيل له أن المطلوب المواهب الفعلية ، لا الكشوف المتوفرة لدينا 0 فصعق الأمين العام وقال – أتريدون أن تفعلوا بهم مثل ما فعلوا بي  فقالوا له وماذا فعلوا بك ؟ ( الأمين العام ) طلب مني إثبات موهبتي ، وعندما أثبتها قفلت في وجهي كل الأبواب ، وتعاونوا صائغي الحبر الأسود بالتفنن في تأليف التقارير ضدي ، إلى أن وصلت إلى درجة الوهن 0 وعندما وصلت إلى هذه الدرجة ، كان لي الشرف بأن أرسلكم اللّه سبحانه وتعالى لي ، وانتشلتموني من الضياع ، وعينتوني أميناً عاماً لمجلسكم هذا ، ولكم مني عهداً بأنني لا أرى ولا أسمع ولا أتكلم ، وعليكم أن توفروا لي الأجر الذي ساقتات منه أنا ومن أعيل 0

فأصر عليه رؤسائه مرة أخرى بإعداد قائمة الموهوبين ، فقال لهم الأمين العام لماذا ؟ فأجابوه رؤسائه ، حتى نعرف كيف توصلوا إلى هذه المرحلة 00 ومن خلالها سوف نضع برامج لأطفالنا لكي يمروا من خلال مراحل الموهبين ، إلى أن نستطيع أن نفجر الطاقات المكنونة لدى أطفالنا 0

فأجابهم الأمين العام – أخشى أن أحصر لكم من تبقى فتقضوا عليهم جميعاً 0 لذلك سوف أسرد لكم بنفسي كيف تفجرت الموهبة لديهم 0 ولدوا في القهر ، ونشأوا في القهر ، وعاشوا في القهر ، وبعد ذلك انقسموا إلى قسمين – 50% تفجرت الموهبة التي لديهم ، والــ 50% الآخرين انتهى بهم الطريق بالانتحار ، أو الادمان ، أو السجون ، أو المصحات العقلية، وربما أفضلهم حالاً هو خادمكم الذي بين أيديكم – الأمين العام – ، حيث رضيت بالرغيف الذي تقدمونه لي ، وأطعت أوامر أسيادي ، وخّرست ولم أتكلم 0

ولكن الرؤساء كرروا طلبهم مرة أخرى للأمين العام ، وهذه المرة بصيغة الأمر ، كي يقوم بحصر المواهب العربية 0 وكأن روح القتال عادت مرةً أخرى إلى الأمين العام ، وكما نقول دائماً، بأن العملاق يبقى عملاقاً ، مهما حاولنا أن نضغط عليه ، أو نحجمه حتى ولو ظاهرياً، ونعتقد بأنه انتهى ، ولكن عند الحاجة نجده أفضل مما كان عليه قبل التحجيم ، والدليل على ذلك المثال الذي ساقه إلينا الأمين العام بعد أن ضغط عليه رؤسائه ، فقال لهم – اتركوا المواهب المذكورة عنكم ، وأنا سأخبركم كيف تستطيعون الحصول على المواهب الحقيقية –

(1) رفع المستوى الصحي والتعليمي والدخل بالنسبة لمواطني الولايات العربية المتحدة، مع مراعاة تحسين ظروفهم وتسوية أجورهم مع التضخم السنوي الذي يبلغ ما يقارب 5% واستمرار هذا التضخم يفقد أجورهم القيمة الفعلية لدخلهم 0 (2) وضع برامج تنمية اقتصادية ذات خطط حلقية متوسطة لها أهداف هولامية ، وليس بالضرورة أن تكون شاملة ، ولكن يمكن أن تكون قطاعية وممرحلة ، مع مراعاة التغيرات والتجديد محلياً وإقليمياً وعالمياً 0 (3) يجب أن نضع في اعتبارنا بأن جميع أطفالنا صفوة  ” Elite ” وهم فعلاً ، وبالتالي بدلاً من عزل البعض منهم في مدارس صفوة ، وغالباً يكون للمعزولين نتائج سلبية 0 والبديل هو أن نضع خطة أفقية شاملة لقطاع التعليم ، وتدعمها خطة رأسية شاملة 0 ونراقب مع ذلك مدى أهمية البرامج النظرية والتطبيقية ، ونقل التقنيات الحديثة لأطفالنا ، وإدخالها تدريجياً لهم مع المحافظة على القيم والمبادئ والعادات والتقاليد الإسلامية والعربية السليمة 0 أما فكرة الصفوة ، فيمكن أن تطبق وذلك بتخصيص فصول من نفس المدرسة لذلك ، بدلاً من أن تكون مدارس مستقلة ، وخاصةً في الولايات الصغيرة ، نجد أن مجموع طلاب المدارس لايزيدون عن ثلاثين ألف طالب ، إذاً هؤلاء جميعهم صفوة ، أما الصين إن أرادت تخصيص مدارس للصفوة، فلديها ما يزيد على 450 مليون طالب ، ولو أخذنا نسبة 10% منهم أي 45 مليون طالب واعتبرناهم الصفوة ، فهم بذلك يعادلون عدد سكان مجلس التعاون الخليجي ، مضافاً إليها العراق من الناحية الفعلية  0

والحل البديل في هذه الحالة ممكن أن أكرر ما ذكرته سابقاً وهو أن تنتقل فكرة الصفوة إلى فصول في نفس المدرسة ، بدلاً من أن تكون مدارس مستقلة ، وأن يكون الطلاب المتميزين في فصول الصفوة ، وتقدم لهم مكافآت تشجيعية ، مع اشعار الطلاب الآخرين بأن زملائهم ليسوا أفضل منكم في شيء باستثناء أنهم كافحوا واجتهدوا إلى أن وصلوا إلى هذه المرحلة ، ومن يجتهد ويكافح منكم فسوف ينقل لنفس الفصول ، وعلينا طوال الطريق مراقبة التنافس الغير شريف الذي قد ينشأ ما بين الفصول العادية وفصول الصفوة ، وما يهمنا هنا هو عدم خلق فجوة معنوية ما بين الطرفين 00 أعلم هنا بأنه سوف يقفز البعض ويقول بأن فصول الصفوة أثبتت فشلها أحياناً ، وسأرد عليهم وأقول لهم بأن مدارس الصفوة أثبتت فشلها غالباً 0

من خلال الخطط المذكورة ، وفي مراحل متقدمة ، ممكن أن نعرض بعض المعاهد الفنية المتخصصة في (1) الزراعة (2) الصناعة (3) الخدمات بشكل عام 000 إلخ 0 ومن يريد من أبناءنا الالتحاق بهذه المعاهد يمكنه ذلك من مرحلة مبكرة جداً ، بعد انتهائه من المدرسة المتوسطة مثلاً 0 ولكن يشترط أن لا ينظر لهذه المعاهد بنظرة دونية ، بل يجب أن يعطي الحاصل على الدبلوم منها نفس امتيازات خريج الجامعة 0 ويعود الأمين العام ويشدد (Emphasis) إذا اعطيت هذه المعاهد حقها فهي ذات مردود إيجابي وأفضل من الجامعات ، وهذه النوعية من المعاهد لا تخرج صغار الموظفين فقط ، وإنما تخرج منها الكثير ممن وصلوا إلى مناصب مرموقة مثل رئيس بنك أو حتى رئيس حكومة 0 أما التلاميذ الذين ينهون المرحلة المتوسطة ، فيجب أن تكون شخصيتهم قد نضجت ، وأصبحوا يعلمون جيداً ماذا يريدون ؟ ، وإذا كانوا غير ذلك ، فأنا لا ألومهم ، بل اللوم يقع على البرامج التعليمية ، ومن وضعوها 0

وربما يثار سؤال هنا ، ماذا عن الجامعات ؟ فيجيبهم الأمين العام  – إن الجامعات قضيتها مسألة خلافية كبرى ، ما بين المدارس الغربية والشرقية ، وحتى أبناء المدارس الغربية تمردوا على أنفسهم ، ومثلهم أبناء المدارس الشرقية 0 وبالتالي خوفاً من أن يجف حبر القلم المتمرد ، فسوف أترك موضوع الجامعات ، وسوف أقدمه لكم في تمرد قلم آخر خاص بالجامعات فقط ، إن شاء اللّه تعالى 0

السلعة الوحيدة الموجهة الهايدروكاربون –

سوف نركز على النفط الذي يمثل تاريخ وحاضر ومستقبل الأمة ، فيجب أن نحافظ عليه، وعلى أسعاره ، وعلى كمية تسويقه ، وعلى إمكانية تصنيع الجزء الأعظم منه ، واستثمار عائداته في صناعات ذات ترابطات أمامية وخلفية ، حتى نستطيع أن نخلق قاعدة صناعية ضخمة كبديل للثروة الناضبة ممثلة بالنفط 0 ويجب أن نشد الانتباه في هذه العجالة على قرارات أوبك الصاعقة التي سجلها التاريخ في مارس 2000م من خلال الاجتماع الذي تم ما بين دول أوبك ( تمثل ثلث السوق النفطية في العالم ) لزيادة كمية الانتاج في الأسواق العالمية ، بكمية إضافية تصل إلى 7ر1 مليون برميل يومياً من النفط ، وذلك حتى تنخفض الأسعار للمستهلكين في الدول الصناعية ، إلى أقل من 25 دولار 0 وكمية الانتاج الإضافي هي نفس الكمية التي اقتطعتها دول أوبك في العام الماضي بعد صراع مرير ما بين دول الأوبك نفسها من أجل توزيع حصص تخفيض الانتاج 0

ولإقناع المصدرين خارج أوبك وهم يمثلون ثلثي المصدرين في العالم ، لتخفيض كمية صادراتهم النفطية إلى الأسواق العالمية 0 وبعد صراعات واتهامات متبادلة بعدم المصداقية ما بين دول الأوبك أنفسهم ، وما بين دول أوبك والمنتجين الآخرين في العالم ، مما اضطر بعض دول الأوبك على ممارسة الحرب التجارية من خلال سياسة الأغراق ، مما أدى إلى انخفاض أسعار النفط إلى أقل من 9 دولارات ، وجعل الدول التي كانت تعارض تخفيض كمية الانتاج سواءً من داخل أوبك أو خارجه تذعن لعملية تخفيض الانتاج ، وذلك من أجل سحب الفائض النفطي في السوق الدولية 0 وأتفقت الأوبك على تخفيض 7ر1 مليون برميل يومياً ، مقابل أن يخفضوا المنتجين خارج أوبك ما يقارب 8ر0 مليون برميل يومياً 0

وبعد أن تعافت الصادرات النفطية ، وعاد سعر النفط يرتفع تدريجياً ، ووصل إلى أكثر من 30 دولار ( رغم التسريب المفضوح في السوق السوداء للنفط ) ، وإذا بأوبك وقد جن جنونها مرة أخرى ، وقامت بزيادة الانتاج ، وذلك لكي ينخفض سعر النفط ، والحجج هي كالتالي –

أولاً – بأنه يوجد بدائل للطاقة ، فإذا لم نخفض سعر النفط ، فسوف تتجه الدول الصناعية لهذه البدائل 0 وأجيب أوبك – نعم حاولت الدول الصناعية إيجاد بدائل للنفط ، وذلك بتطوير برامج الطاقة النووية ، والطاقة الشمسية ، والطاقة الكهرومائية ، وطاقة الرياح، والتوليد الحراري المضغوط ، والعودة إلى حقول الفحم الحجري وتطويرها ، والتوسع في التنقيب عن الهايدروكاربون في كل العالم ، بما فيها قيعان المحيطات ، والقطب الشمالي “Arctic” والقطب الجنوبي “Antarctic” 0 ولكن كل المذكور أعلاه إلى الآن لم تثبت جدوى إمكانية احلاله مكان الطاقة الهايدروكربونية ( النفط والغاز الطبيعي ) ، وفوق ذلك كله فإن إنتاج برميل واحد في حقل غوار السعودي يكلف دولار واحد ، في حين انتاج البرميل في الحقول الأمريكية يصل إلى أكثر من 15 دولار 0

وهذا يذكرنا بالاجتماع الذي تم بين شركات انتاج النفط في الحقول الأمريكية ، والبيت الأبيض والكونجرس ، لكي يأمروا الدول النفطية النامية على تخفض انتاجها لكي يرتفع سعر النفط إلى أكثر من 20 دولار حتى يتحقق لهم هامش ربحي بسيط لتسويق انتاجهم ، وطلبوا من حكومتهم أيضاً الضغط على الدول النامية لكي تدفع لمنتجي النفط في أمريكا تعويضات عن الخسائر التي اصابتهم 0

ومن محاسن الصدف أن حدث تزامن ما بين هذه التحركات المثيرة “Dramatic” لمنتجي النفط الأمريكان ، واجتماع دول أوبك ، وموافقتهم على تخفيض إنتاج نفطهم لسحب الفائض من السوق الدولية 0 وفي هذه المرة ، وبمجرد تصريح الحكومة الأمريكية بأن عجلة الاقتصاد العالمي ستمر في مرحلة خطرة ، إذا لم تقوم الدول بزيادة انتاج النفط ، نلاحظ أن الاجتماع تم بسرعة ، وقرار رفع الانتاج أتخذ بطريقة مستعجلة  0

أما بالنسبة للاحلال ، فعندما تجد الدول الصناعية البديل ، فلن تنتظرنا اطلاقاً ، ومن الآن وحتى 2050 م سوف يبقى النفط هو الطاقة الأولى في العالم ، لأن عملية الإحلال وإن تمت فتحتاج إلى عملية تغيير وصيانة وتكييف معظم وسائل الانتاج العالمية للتحول من الهايدروكربون إلى الطاقة الجديدة ، وهذا التحول يحتاج إلى انفاق ترليونات من الدولارات ، والعالم الصناعي يوجد فيه رأي عام قوي لا يستطيع أن يخوض هذه المغامرة بطريقة متطرفة “Drastic” 0

وأسوق لكم مثال أصغر من ذلك بأن دولة عالمية حاولت تغيير نظام السير عندها من اليسار إلى اليمين بالنسبة لجميع وسائل النقل ، حتى يتسنى لها خلق توافق “Harmony” للانضمام إلى إحدى الاتحادات العالمية ، وعندما اجروا دراسة الجدوى ، وجدوا بأن ذلك سوف يكلفهم مبالغ خيالية من مليارات الدولارات ، فسربوا معلومات بأنهم دولة كلاسيكية ، ويجب أن تحافظ على طابعها الحضاري 0 وعليكم أن تقارنوا بين المثال أعلاه ، والتغيير الشبه كامل لوسائل الإنتاج العالمية ، وأيهم أصعب ؟ 0 وأعتقد بأن الأجابة لديكم 0  وعلينا أن نتذكر أيضاً عملية احلال النفط بدلاً من الفحم الحجري ، فهذه العملية بدأت منذ أواخر القرن التاسع عشر ، واستمرت إلى منتصف القرن العشرين ، وتم احلال جزئي ، أي خلال 80 سنة تم إحلال جزئي ، وذلك بسبب التغيير التدريجي لوسائل الانتاج 0 رغم القرار الشهير للورد كرزون 0

ثانياً – سعر البرميل 30 دولار هو أقل سعر ممكن ، والسبب في ذلك ، لو عدنا للوراء إلى بداية عام 1990م ، كان سعر النفط 25 دولار للبرميل ، ولو ثبتنا على ذلك السعر ، وحسبنا نصف التضخم العالمي السنوي 5ر2% سنوياً ، وهذا مستحيل ، ولكن مواطنو العالم النامي تعودوا على القمة المنقوصة ، لوجدنا سعر نفطنا مع التضخم وصل إلى ما يقارب 35 دولار للبرميل 0

إذاً بما أننا نتعاون مع السوق الدولية من خلال التعاون التجاري مع التهميش الجزئي للسياسة ، ونضع تصور ولو جزافي بأن ممثليننا جادين في التفاوض على توازن التجارة العالمية من خلال ثبات نسبي للعرض والطلب ، والموازين التجارية العالمية ، وتقليص التضخم العالمي لتدارك نتائجه السلبية 0 إذاً على ممثلينا أن يبقوا على سعر النفط في حيز 35 دولار ، وذلك سعر منخفض لنفطنا ، لأننا قبلنا جميع بضائعهم الاستهلاكية والانتاجية مع معدلات تضخمها السنوية ما بين 3% ، 5% ، وأحياناً يضاف إليها بعض الضرائب التصديرية 0 والطرح هذا بديهي ، ويفترض بأن جماعة أوبك يعلمون به ، وإذا كان غير ذلك فهذه مصيبة  0 وأنا في هذا الموضوع أحذر بأن بعد فترة قريبة سوف ينخفض النفط ، وسوف تلجأ دول أوبك لتشكيل تكتل “Lobby”   جديد لكي تضغط على دول أوبك الأخرى والمنتجين خارج أوبك لتخفيض انتاجهم من أجل رفع أسعار النفط مرة أخرى 0

وما لنا إلا أن نختم هنا شاكرين إيران على موقفها الشجاع ، وأضيف أيضاً قائلاً اللّه يرحم الملك فيصل بن عبد العزيز 0

التقشف “Austerity”  –

هذا الأسلوب هو أحد الأساليب التي يلجأ إليها أحياناً في عملية التنمية الاقتصادية 0 وتختلف طرق تطبيقه سواء من وجهة النظر الرأسمالية الكلاسيكية ، مثل آدم سميث ، أو النظريات الاقتصادية الاشتراكية 0 أما أكثر استخداماته وضوحاً هو في النظام الكينزي أو النظام الاقتصادي المختلط 0 بحيث تقوم الدول بالأشراف والمراقبة على العملية الاقتصادية بطريقة مباشرة ، بواسطة البنك المركزي أو وزارة المالية ، وذلك بمراقبة عدة مؤشرات اقتصادية وهي العرض والطلب ، والعمالة ، ومستوى الأداء الاقتصادي ، والتضخم ، والناتج المحلي ، والناتج القومي ، ومستوى الدخل ، والميزان التجاري ، والمراقبة العامة للايرادات والنفقات00إلخ 0

ولكن لتطبيق التقشف يجب أن نعمل دراسة جدوى قطاعية ، وقومية ، وقياس الآثار الإيجابية والسلبية على مستوى الأداء العام ، وحتى نسهل العملية علينا أن نضع المثال الكلاسيكي التالي –

أولاً – لو قلنا قيمة عقاراً ما 100 ألف دولار ، وسوف يحقق ريع قدره 20% سنوياً ، وذلك يعني بعد خمسة سنوات ، سوف تصبح مجموع قيمة الريع 100 ألف دولار ، وطبعاً مع مراعاة عامل التضخم السنوي ، فسوف تصبح قيمة العقار 000ر116 دولار 0 فالمستثمر في هذه الحالة استثمر رأس مال كبير ، وحقق ريعاً أكثر من ممتاز ، ومع مراعاة سعر التكلفة من حيث الصيانة والخدمات والمفروض أن تكون منخفضة لأن العقار من النوعية الممتازة 0

ثانياً – فلنفترض أن مستثمراً آخر اشترى عقاراً بقيمة 50 ألف دولار ، وذلك يمثل 50% من قيمة العقار أعلاه ، وإذا كنت أطلب من العقار الجديد أن يعطي نفس الأداء للعقار الأول ، فبالتالي من المؤكد بأن تكلفة الصيانة سوف ترتفع وتقتطع جزء كبير من المبلغ الذي وفرته 0 ويقابل ذلك عندما يكون العقار ذو نوعية رديئة ، فأيضاً الريع سوف ينخفض 0 وفي النهاية سوف أجد نفسي خسرت ما يقارب ضعفي أو أكثر من المبلغ الذي وفرته ، واللّه يستر بأن هذا الشخص لا يكون مرتبطاً بفوائد بنكية ، فسوف يتحول إلى معسر “Insolvent” أو مفلس “Bank rupt” 0

ومن خلال المثالين السابقين ، نلاحظ بأن الأغلى ثمناً ، هو الأكثر ربحاً ، وأقل تكلفة ، إلا إذا وقع الموظف الأول في غبن ، فبالتالي سوف يتسبب بخسائر كبيرة ، وهو غالباً ما يحدث للموظفين العموميين في العالم النامي 0

ثالثاً – إذا وجد عقار ذو نوعية ممتازة مثل الأول ، وسعره منخفض مثل الثاني ، فمن البديهي سوف نتجه إلى هذه النوعية من العقار0 -من المستحيل أن يوجد مثل هذا العقار -0

وفي الختام ممكن أن يطبق المثالين الأول والثاني في العالم المتخلف على مختلف القطاعات مثل التعليم ، والصحة ، والتوظيف ، والأمن ، وبعض برامج التنمية للأسف00إلخ0

امبراطورية الامبراطوريات –

تعودنا في العالم المتخلف أن تكون اسماء الدول طويلة ، عكس اسماء الدول المتقدمة ، بحيث نجد دولة مثل الولايات المتحدة الأمريكية ، يرمز لها ” U.S.A” ، أما الدول النامية فتعشق الاسماء الطويلة ( امبراطورية جمهورية اشتراكية دولة ) ، الأفضل لنا نحن أبناء الجنوب أن نسمي دولنا بامبراطورية الامبراطوريات ، لأن هذا هو الوضع بالفعل 0 وسأوضح ذلك في التالي –

يقصد بالامبراطور الرئيس ، أي رئيس الدولة ، ويجب أن نحترمه لأنه أحد أركان مثلث الدولة 0 أما المقصود بالامبراطوريات فهي الامبراطوريات التي يرأسها أباطرة صغار ، وهي تمثل جميع المؤسسات في الدولة سواءً كانت قطاع عام أو خاص ، مثل – قطاع الصحة ، والتعليم ، والخدمات ، والإعلام بتشعباته المختلفة ، 00 إلخ 0 ونجد أن كل رئيس مؤسسة من هذه المؤسسات هو امبراطوراً فيها ، فهو حسب رغبته ، يرقي من يشاء ، وينزع من يشاء ، ويأكل الأخضر واليابس 0 إن كنتم تريدون الصراحة 00 التعامل مع الامبراطور الرئيس أرحم بمليون مرة من المعاملة مع الأباطرة الصغار 0 وكما قال الشاعر – وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم 0

ل إلى اللقاء دائماً إن شاء اللّه تعالى

تعليقنا على ورقة د.تركي الحمد في مؤتمر الشارقه

بسم الله الرحمن الرحيم

12/5/2005

 ألا تتفق معي بأن العولمة ليست أمريكية ، وإنما العولمة هي حلم كل قوة عالمية تبحث عن جيوبوليتيكية خاصة بها

تعليقنا على ورقة المفكر العربي د0 تركي الحمد في مؤتمر دار الخليج الخامس في الشارقة :

       تركي الحمد كان يقول أنه لابد للعرب من التعامل مع أمريكا ، ولكن عليهم عدم ضياع هويتهم 0

       د0 فهد آل ثاني : قلنا للدكتور تركي : ما هي الآلية التي تعتقد أنه يفترض على العرب استخدامها للتعامل مع أمريكا مع عدم ضياع هويتهم ؟! 0

       تركي الحمد قال أن العولمة تعتبر آخر ما وصلت له البشرية من تطور ، ويقول بأن العولمة أمريكية !! ويقول أن الإنسان تطور من بدائي ، إلى النظام الزراعي ، وإلى النظام الصناعي ، وأخيراً تطور إلى العولمة !! 0

       د0 فهد آل ثاني : كان تعليقنا على د0 تركي الحمد ، بأن العولمة ليست جديدة ، وإنما تعود جذورها إلى بداية انطلاق الدولة بعد النووية ، بحيث حضارة بلاد الرافدين كانت ذات جيوبوليتيكيا توسعية ، وهذا يعني أن بلاد الرافدين توسعت على حساب العالم المعروف لهم آنذاك ، وكانت أهم مناطقه ساحل المتوسط الشرقي، وهذا اعتبره جزء من العولمة . أما في عهد الإغريق فكانت عندهم نظرية العالم القديم ، وبالفعل وضع هيباركوس وأفلاطون تقسيمة للعالم ، وكان يمثل عالم ذو مناخ معتدل ، وهو بلاد الإغريق ، ويفترض أن يكون عاصمة العالم ، وعالم بارد في شمال الإغريق ويفترض أن يكون من ضمن النطاق الحيوي لبلاد الإغريق ، وعالم في الجنوب دافئ وحار ، وذلك يمثل أفريقيا وآسيا ، وهو يعتبر المجال الحيوي لبلاد الإغريق بحيث يوجد فيه الإنتاج الزراعي ، والأيدي العاملة ، والأسواق التجارية0 وبعد الإغريق جاء الرومان وورثوا نفس نظرية العولمة التي كانت لدى الإغريق ! 0 وكانت المنافسة العالمية الأخرى في الدول الشرقية هو تصور العولمة لدى الفرس وذلك من خلال اتساعهم المكاني في إتجاه الشرق والغرب !! 0

وعندما جاء الإسلام انطلق من نواة المدينة المنورة إلى العالم القديم بثلاثة طرق : الدعوة ، والتجارة ، والفتوحات 00 إلى أن أصبح العالم القديم دوله تحت النفوذ الإسلامي بطريقة مباشرة وغير مباشرة 0

وبعد عصر الكشوفات انطلقت الحضارة العالمية بآليات أخرى ، وبرزت مجموعة دول أوربية ، ولكن كان أبرزهم فرنسا وبريطانيا في القرن التاسع عشر ، إلى أن وصفت بريطانيا بالأمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس !! 0

وهنا أعيد السؤال مرةً أخرى لأستاذي الكبير د0 تركي الحمد ، ألا تتفق معي بأن العولمة ليست أمريكية ، وإنما العولمة هي حلم كل قوة عالمية تبحث عن جيوبوليتيكية خاصة بها !! ؟ 0

                      وإلى اللقاء إن شاء الله ،،،

تعليق على ما قاله الأستاذ فهمي هويدي, في مؤتمر الشارقه

بسم الله الرحمن الرحيم

12/5/2005

عندما بدأت بقراءة ورقة الأستاذ فهمي ، إلى أن وصلت إلى الصفحة 10 ، كنت أجهز نفسي لتقديم ورقة مغايرة لما تقدم به أستاذنا الكبير 00 ولكن عندما أستند على ما قاله أشرف البشر محمد (ص) : ليست العروبة منكم بأب وأم ، ولكنها لسان 0

            فهنا أدركت إيمان الأستاذ الفاضل بالتعددية الأثنية والدينية  ، وهذا هو المحور الحقيقي الذي تستدر جنا من خلاله أمريكا وإسرائيل بما يسمى بسياسة شد الأطراف ، وذلك من خلال إحياء النزاعات العرقية الأثنية والدينية و الطائفية ، وهذا سيسهل عملية تغيير جيوسياسية المنطقة بصناعة دويلات عرقية طائفية جديدة على غرار ما فعلته بريطانيا في المنطقة في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين ميلادي 0

واقتبس هنا بعض نقاط الاستاذ فهمي واعلق عليها:

أ  –        إغلاق التمايز ما بين العروبة والإسلام ، وهنا أقول بالفعل ، لأنه لا عزة للعرب إلا بالإسلام ، والإسلام الحقيقي يقوم على احترام جميع القوميات والثقافات ، وهذا ما نلمسه في المؤتمرات الإسلامية في الهند وباكستان 00 إلخ 0 وكذلك للعرب المسلمين في جميع الدول الإسلامية الأخرى مكانة خاصة ، ولكن دائماً نجدهم يتركون فراغاً كبيراً مما يجعل الآخرين يستغلون هذا الفراغ ويوظف ضد العرب والمسلمين ! 0 وهذه أصل اللعبة السياسية عليك بالتشكيك بالغير ومن ثم تقديم البديل !! 0

ب –       حرية الناس وكرامتهم : وهنا بالفعل دائماً نقول لجميع حكوماتنا العربية ، إذا لم يشعر الإنسان بحقه بالمواطنة الكاملة كما هو مفهوم حق المواطنة الذي يكفله القانون في معظم الدول الصناعية ، فلا تتوقعوا أن تتطور هذه الأمة وستتحول إلى فريقين : الأول براغماتيين مستفيدين من امتصاصثروات الامه ( تحت مبدأ أنا ومن بعدي الطوفان ) ، وفريق ثاني سلبت إرادته وأصبح متفرجاً ، وأصاب بعضهم السلبية وفقدان حتى الشعور بالمواطنة 00 وهناك أعتقد مثالاً حياً أمام الجميع في 9/4/2003م عندما دخلت القوات الأمريكية في العراق وبغداد دون مقاومةً تذكر ، وعندما دخلت هذه القوات الأمريكية وحلفاءها لم يقتل منهم إلا عشرات ومعظمهم بواسطة Friendly Fire ( نيران صديقة ) 0

وبعد الاحتلال انطلقت شرارة المقاومة ، والآن ما قتل من الأمريكان وحلفاءهم يفوق 2000 قتيل ، و 8000 جريح 0

وهناك مخاوف من بعض الخبراء الأمريكان بحيث يقولون : بأن أمريكا جرت نفسها إلى منطقة أسوأ من فيتنام ، ومنهم من يقول ربما أن الحضارة الأمريكية ضربت بنفسها, المسمار الأخير في نعشها !! 0

إذاً ما هو الحل ، الحل أعتقد :

هل يوجد برنامج عمل عربي إسلامي متفق عليه ؟ من حيث :

أ  –        المشاركة الشعبية0

ب –       المالية العامة0

ج  –       استغلال الموارد الاقتصادية0

د  –        التعليم والخدمات بشكل عام 0

طبعاً أعلاه لن يحدث إلا بوجود مؤسسات صحية ومتعافية : تنفيذية وتشريعية وقضائية وسلطة رابعة قوية تشكل مراقبة دقيقة عليهم وتمثل جميع القطاعات الشعبية بمختلف قومياتهم ودياناتهم وطوائفهم 00 إلخ 0 ويجمع ما بينهم شعار مشترك هو الوطن 0 أعتقد بأننا كعرب ومسلمين مشكلاتنا الحقيقية تكمن في عدم وجود مؤسسات متعافية قطرية ، وذلك أنعكس على المؤسسات الإقليمية ، ونتيجة ذلك أصبحنا من أضعف الأمم من حيث برامجها وأمنها وترابطها ، وإن كنا من أغناها من حيث الموارد الطبيعية ، والموقع الاستراتيجي ، وعراقة من الناحية التاريخية 0

وإلى اللقاء إن شاء الله ،،

تصورات الباحثين العرب ، والسيناريو الأمريكي للشرق الأوسط ..

بسم الله الرحمن الرحيم

6/6/2004

 من خلال متابعتنا للتصورات الأمريكية على مستوى مراكز الأبحاث في أمريكا، وعلى مستوى الإدارات الأمريكية المختلفة ، وجدنا أن هناك اجتهادات من الطيف السياسي الأمريكي سواءً كانوا صقور أو حمائم أو معتدلين ، لوضع سيناريوهات للإدارة الأمريكية ، لكي يصبح من السهل على الولايات المتحدة الأمريكية المحافظة على أحاديتها القطبية في هذا الكوكب لأقصى حد ممكن من الزمن بعد انتهاء الحرب الباردة . 0

 فكانت الخطوة الأولى للولايات المتحدة للمحافظة على هيمنتها العالمية ، هي عولمة العالم اقتصادياً وسياسياً وأمنياً وثقافياً تحت ظل القيادة الأمريكية ، وآليات العولمة التي كانت تريد أمريكا استخدامها هي منظمة التجارة العالمية ، وهيئة الأمم المتحدة ، وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي للإنشاء والتعمير . 0

ولكن بحلول عام 2000م أي بعد مرور عقداً كاملاً من الزمن ثبت للأمريكان صعوبة عولمة العالم ، قبل إعادة خلط أوراق العالم مرةً أخرى ، أو إعادة تنظيم العالم 0 والأمر الذي يريد أن يفعلهُ الأمريكان ليس بجديد ، فالأمثلة كثيرة على ذلك ، والمنتصرين أو المنتصر سواءً كان حلف متعدد القطبية ، أو قطباً واحداً ، غالباً ما يعيد تشكيل العالم على طريقته لكي يسهل عليه الأمر في إطالة سيطرته العالمية وإدارة العالم ، ومن الأمثلة على سبيل الذكر لا الحصر  روسيا وبريطانيا والنمسا وفرنسا في منتصف القرن التاسع عشر بعد هزيمة الدولة العثمانية في حرب القرم ، حاولوا تشكيل العالم بالطريقة التي تخدم مصالحهم ، وكذلك ألمانيا بسمارك في النصف الأخير من القرن التاسع عشر، كان لديها تصور للسيطرة العالمية ، وتشكيل عالم ذو قطبية أحادية تحت قيادة ألمانيا 0 والمهم في هذا الأمر بأن هذه السيناريوهات السلفاوية المرنة والمتكررة هي السبب في قيادة العالم إلى الحرب العالمية الأولى 0

 وبعد الحرب العالمية الأولى استطاع الحلفاء المنتصرون بريطانيا وفرنسا من إعادة تشكيل العالم من خلال التصديق على وعد بلفور المشؤوم ، وإعادة تقسيم العالم في اتفاقية سايكس بيكو 1919م . 0

 الذي أمامنا نبذة مختصرة توضح لنا تاريخ التغيرات في السياسة الدولة ضمن حقبة زمنية محددة 0 إذاً مثل ما أشرنا سابقاً أن ما تقوم به الولايات المتحدة ليس بجديد ، وكل الإدارات العالمية وضعت سيناريوهات متعددة لمواجهة أو للتطبيع والتأقلم مع السيناريوهات الأمريكية ، بما يتوافق مع مصالحهم . ، ويؤسفنا أن نقول لكم بإستثناء الإدارات العربية ، كما سنوضح لاحقاً ، والموضوع الذي نتطرق له اليوم ليس بجديد ، فقد تناولناه في مجموعة من الدراسات والمقالات المنشورة ، نذكر منها  جيوبوليتيكية الاقتصاد العالمي ، استراتيجية الهايدروكاربون الإسلامي ، السيناريو الاستراتيجي لدولة الأمة الحديثة ، الوزن الاستراتيجي للعالم العربي ، نحو استراتيجية جديدة للأمة العربية ، هل نستوعب نظاماً إقليمياً جديداً ؟ ، حوار في السلطة الميتافيزيقية ، سايكس بيكو 2002 ، والجيوبوليتيكا الميتافيزيقية 00 إلخ 0

 وكل هذه الدراسات تركز على محور واحد ، ما هو السيناريو أو السيناريوهات التي تعدها أو تقوم على إعدادها الإدارات العربية والإسلامية ، لكي يكون لها دور في هذا الكوكب بعد انتهاء الحرب الباردة ، وبروز القطبية الأحادية الأمريكية 0

 وطبعاً لا نستطيع أن نغفل الدور الذي قام به مجموعة من الباحثين العرب ، ونذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر

 أولاً  المفكر العربي د0 تركي الحمد في ندوة مهرجان الأيام الثقافي  العراق ، الخليج – السيناريوهات المحتملة  في نوفمبر 2002م 0 يقول للسيطرة على العراق هناك أربع سيناريوهات محتملة

 السيناريو الأول  أن تحكم الولايات المتحدة العراق حكماً مباشراً 0

 السيناريو الثاني  عودة الملكية السابقة لحكم العراق 0

 السيناريو الثالث  اتحاد هاشمي أردني عراقي ، ويستند هذا السيناريو على أنه يساعد الأردن في حل مشكلته الاقتصادية والديموغرافية ، باعتبار أن القرار الأردني يتأثر بالأغلبية الفلسطينية على أرضه ، وسوف تؤدي الوحدة مع العراق إلى غياب هذه الأغلبية ، وبالتالي غياب تأثيرها على القرار الأردني 0 ولكن هذا السيناريو يصطدم بخوف أمريكا من قيام كيان قوي قد يبدأ موالياً لها ، ولكنه يمكن أن ينقلب فيكون مصدر قلق لأمريكا لاسيما أمن إسرائيل 0

 السيناريو الرابع  مملكة أردنية مع وسط العراق 0

 ويرى د0 الحمد إنه إذا استطاعت أمريكا أن تسيطر على العراق فستبدأ بالضغط على إيران وسوريا والسعودية لأنهم جميعاً مرتبطين بالأسباب الثلاثة للتدخل أعلاه وهي  النفط وأمن إسرائيل واستراتيجية المنطقة 0

 ثانياً  وفي ندوة عقدت في مركز الخليج للأبحاث في دولة الإمارات العربية المتحدة في فبراير 2002م تصور المشاركون أربع سيناريوها محتملة جاءت على النحو التالي

 السيناريو الأول  للعراق انقلاب عسكري مبكر بعد انطلاق الحملة الجوية وأثناء دخول القوات الأمريكية الأراضي العراقية 0

 السيناريو الثاني  انقلاب عسكري متأخر عندما تصل القوات الأمريكية إلى بغداد 0

 السيناريو الثالث  استمرار أمد الصراع لنحو 12 شهراً ، وفشل أمريكا في إيجاد حكومة قوية في العراق 0

 السيناريو الرابع  حكومة مفروضة بعد الانتصار الأمريكي 0

 وفي ندوة الأهرام في فبراير 2003م تحت عنوان قمة عربية طارئة في ظروف عالمية ضاغطة 0 وكان تركيز الباحثين في هذه الندوة ما هي الطريقة الممكنة لمنع أو تقليص مخاطر السيناريوهات الأمريكية للمنطقة . 0 فيقول د0 مصطفى الفقي  أما عن اجتماع القمة العربية الطارئ – الذي دعا إليه الرئيس حسني مبارك – فإنه ضروري ، ذلك لأنه إذا لم يجتمع العرب الآن فمتى يجتمعون ؟ أنه لا يوجد وضع عربي أسوأ مما هو الآن . 0

 خلاصة ما نرى بأن العلماء العرب والشعوب العربية ومعظم شعوب العالم متضامنين مع الشعب العراقي ويخشون أن يصيبه أي مكروه من السيناريوهات الأمريكية ذات الثورة الجامحة ، وعكس ذلك نجد بأن معظم الحكومات العربية غير مكترثة بما سوف يحدث للعراق وللمنطقة من الطموح الأمريكي الجامح للهيمنة العالمية0

 أما بالنسبة للإدارة الأمريكية فعلى ما يبدو بأنها حسمت الأمر بالنسبة للعراق وللشرق الأوسط والعالم ، ففي مقابلة نشرتها صحيفة الشرق الأوسط العدد 8853 مع ريتشارد بيرل المستشار في وزارة الدفاع الأمريكية ، فيقول إذا لم نستطع استصدار قرار من مجلس الأمن يدعم توجهنا لضرب العراق ، فسنمضي لضرب العراق غير عابئين لا بمجلس الأمن ولا بأي تنظيم دولي آخر ، والذي نفهمه من قصد بيرل هنا لتحقيق مصلحة أمريكا ، والمحافظة على هيمنتها العالمية ، لا يوجد عندنا مانع من نسف وإعادة التنظيم الدولي كاملاً ، وليست العراق أو الشرق الأوسط فقط . 0

 وخلاصة ما قاله بيرل  إذا لم نستطع استصدار قرار من مجلس الأمن لضرب العراق ،  عندها سنهاجم العراق من دون قرار من الأمم المتحدة  ، وقال بصريح العبارة بعد احتلال العراق  الجنرال فرانكس سيكون هناك حتى يضمن أن العراق صار مستعداً لتطوير مؤسسات سياسية حرة  بمعنى آخر أي حاكماً على العراق 0

 وكذلك هدد بيرل جميع دول الشرق الأوسط التي تقف عائقاً أمام الاستراتيجية الأمريكية فيقول  آمل أن ينظر الرئيس السوري في إصلاحات سورية أو قد يكون الهدف الثاني ، هناك عليه الكثير عمله ، وخصوصاً أغلاق مكاتب المنظمات الإرهابية، وأن يعيد لبنان للبنانيين  0

 أما بالنسبة للمقاومة المشروعة فيقول بيرل  الإيرانيون قادرون على القيام بعمليات إرهابية ضد الأمريكيين الآن ، أنهم يفعلون ذلك ، أنهم أول داعمين لحماس ، ولحزب اللّه ، والجهاد الإسلامي ، ولا أعتقد أن سياستهم في هذا المجال تعتمد على تحريرنا للعراق أم لا ؟  0

في الخاتمة نترك القول للإدارة العربية لأن صناعة القرار التاريخي بالنسبة لهذه الأمة بأيديهم ، وإذا كانت معظم الإدارات العربية عاجزة عن إتخاذ قرار في هذا الشأن فعليها أن تعطي شعوبها ديمقراطية حقيقية وليست صورية ، لكي يتسنى لهذه الشعوب أن تختار من يمثلها في الإدارات العربية ، وعندما يحدث أي شيء بعد ذلك بالايجاب أو بالسلب يكون الجميع مشارك في تحمل مسؤوليته 0

 ولكن بعض الحكومات العربية للأسف مازالت ترى أن الشعوب العربية إلى الآن غير مؤهلة للديمقراطية الحقيقية . 0 ونقول لهؤلاء المسؤولين متى تعتقدون بأن الشعوب ستصبح كاملة الأهلية لممارسة الديمقراطية ، وهنا استوقفتنا طرفة من إحدى مقالات الكاتب اياد أبو شقرا ، مع اختلاف الموضوع ، فالطرفة هي كالتالي  طبيب أمراض عصبية ذهب ذات يوم إلى المستشفى لإجراء معاينة 0 لكنه لدى مغادرته اكتشف لصاً سرق إحدى عجلات سيارته التي كان قد أوقفها بجوار حديقة المستشفى ، فاحتار الطبيب وأخذ يتفكر بكيفية التصرف ، إلى أن قطع حبل تفكيره كلام أحد المجانين عبر السياج . 0 لماذا كل هذه الحيرة يا دكتور ؟ اخرج العجلة الاحتياطية من صندوق السيارة وخذ برغياً من كل عجلة وركب بها العجلة وتوكل على اللّه 0

 فصعق الدكتور والتفت على المجنون مخاطباً إياه  هل أنت مجنون يا رجل ؟ .. لا واللّه أنك أعقل العقلاء 0 فرد المجنون  لا سيدي أنا مجنون حقاً لكنني لست غبياً.؟

وإلى اللقاء دائماً إن شاء اللّه ،،،

إيران ما بين الدبلوماسية الرخوة والصلبة

بسم الله الرحمن الرحيم

9/5/2006

 · ولكن ما هو المتوقع لو خاضت إيران حرب باردة من أجل ملفها النووي ؟

بغض النظر عما قيل عن النظام الإيراني من آراء ، من خلال وكالات الأنباء العالمية ، فإنه لابد لنا أن نقر بأن إيران يوجد بها تداول للسلطة ، والدليل على ذلك خلال فترة ربع قرن من الزمن ، شهدت إيران سبعة رؤساء منتخبين ، أقصى حد لولاية كل رئيس دورتين انتخابيتين فترة كل واحدة منهما 4 سنوات فقط ، ويكفي هنا أن نقول للجميع ، بأن باب الاستبداد الفردي بالسلطة شبه مقفول تقريباً في إيران الإسلامية ، وبذلك إيران تشارك دولتين في الشرق الأوسط من حيث سلاسة تداول السلطة ، هما : تركيا وإسرائيل ،  ومن الممكن أن نضيف لهم الهند بما أنها تقع على حدود ما يسمى بالشرق الأوسط الكبير ! .

إذاً الفرصة التي حصل عليها زميلنا الأكاديمي محمود نجاد بانتخابه رئيساً للجمهورية الإسلامية الإيرانية ، يمثل حلماً مستحيلاً بالنسبة للسياسيين الآخرين في الشرق الأوسط بإستثناء الدول المذكورة أعلاه !! . ولكن هل يستغل السيد نجاد هذه الفرصة ؟ ! .

فإيران الآن تمر في أخطر مراحل التنمية الاقتصادية وهي مرحلة الانطلاق (Take off) حسب تصنيف روسو ، وهذه المرحلة في التنمية تعتبر مرحلة حرجة ، فإما أن تصعد الأمة إلى أعلى وتصبح من ضمن الدول المتقدمة ، أو تعود الأمة إلى الخلف وتصبح في مرحلة ما قبل الانطلاق (Pre Take off) . وفي الاقتصاد السياسي ، بأن الدول المتقدمة غالباً لا تسمح للدول النامية أن تتعدى مرحلة الانطلاق ، بمعنى آخر ، فن اللعبة السياسية بالنسبة للدول المتقدمة هو أن تترك الدول النامية تدور في حلقة مفرغة ؛ ما بين قبل الانطلاق والانطلاق ، ولكن يحظر على الدول النامية أن تتعدى هاتين المرحلتين ، لأنها بعدها ستصبح متقدمة ، وعندما تكون كذلك تصبح أصول اللعبة الإقليمية والدولية بالنسبة لها تغيرت ! .

وهناك أمثلة كثيرة على ذلك ، مثلاً عندما وصل كلا من إيران والعراق في ثمانينيات القرن الماضي إلى مرحلة الانطلاق ، حدثت الحرب العراقية الإيرانية لمدة ثمان سنوات ، أكلت الأخضر واليابس وأعادتهم إلى مرحلة ما قبل الانطلاق . وعندما وصلت دولة الكويت في بداية تسعينيات القرن الماضي إلى مرحلة الانطلاق ، كدولة خدمات ، وأصبحت تملك رؤوس أموال ضخمة على مستوى العالم ، حدث لها أزمة أدت إلى انتهائها كدولة من خارطة العالم ، ما بين 2 أغسطس 1990م إلى 25 فبراير 1991م ، ودفعت معظم أرصدتها من أجل تحريرها من الاحتلال العراقي أولاً ، وثانياً لإعادة بنائها ، حيث أن الدمار الذي أصابها أعادها إلى مرحلة ما بين التأسيس وقبل الانطلاق !! . الأغرب من ذلك المملكة العربية السعودية من خلالها خطط التنمية الخمسية المطبقة لديها منذ أكثر من ثلاثة عقود من الزمن ، وصلت إلى مرحلة الانطلاق ، ولكنها تمر الآن في عنق زجاجة ، وإذا لم تستطع أن تجتاز هذه المرحلة ، وتوسعت دائرة الصراع الداخلي ، لا سمح الله ، ذلك سيعيدها مرةً أخرى إلى مرحلة ما بين التأسيس وقبل الانطلاق . وسأسوق لكم مثال آخر حي ، ويمكن للجميع أن يتابعه على مستوى العالم . الصين الآن تعتبر من أكثر الدول نمواً في العالم ، حيث ينمو ناتجها المحلي بمعدل 10% سنوياً ، ووصلت إلى مرحلة ما بين الانطلاق والتقدم ، واستدرجت أكثر من مرة لكي تخوض سباق تسلح مع الولايات المتحدة الأمريكية ، ولكن بدهاء الصينيين دائماً يحاولون تجنب الاستفزاز ، وهضم أية أساليب تحريضية ، والسير في برامجهم التنموية ، والآن أصبحت الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة الأمريكية تزيد على 200 مليار دولار سنوياً ، ويتوقع في الفترة ما بين العقد الثاني والثالث من هذا القرن ، أن يصبح الناتج المحلي الصيني يعادل الناتج المحلي الأمريكي . ولكن السؤال الذي يطرح نفسه : هل نستوعب الدرس نحن كشرق أوسطيين ؟ ! .

·                 هل الاستراتيجية الإيرانية تقوم على الدبلوماسية الناعمة أم الصلبة؟ .

أعتقد من خلال متابعتي للداخل الإيراني ، أن إيران تعتمد على الدبلوماسية الناعمة ، فإيران كدولة لم تعتدي على دولة جارة منذ فترة تزيد على 250 عام كما يقول بعض المحللين ، وهذا أعطاها الكثير من الفوائد، حيث أن جميع الظروف الإقليمية دائماً تقوم على خدمتها ؛ ففي عقد الشاه الإيراني بعد الحرب العالمية الثانية ، وفي بداية الحرب الباردة ساندت الولايات المتحدة الأمريكية استقلال إيران ضد السوفيت الذي حاول أن يقتطع إقليمين إيرانيين ، وكذلك في عهد إيران الإسلامية ساهمت الولايات المتحدة في الفترة ما بين 2001م – 2003م بتقديم أكبر خدمة أمنية للجمهورية الإسلامية الإيرانية وهو بالقضاء على أشرس أعداء إيران المعاصرين في الشرق طالبان أفغانستان ، وفي الغرب البعث العراقي (امين طاهري ) ، وهنا نعتبر أن الاستراتيجي الإيراني أدرك فن لعبة التوازنات الدولية واستوعب مفهوم الحرب بالوكالة ، وإن كنت أرى بعض المفكرين سيقولون ذلك مجرد صدف ، ولكن لابد أن نذكرهم بأن أصول اللعبة السياسية لابد أن يحالفها هامش من الحظ أو الصدف كما يقولون !!.

ولكن إدراك إيران لأصول اللعبة السياسية نستطيع أن نفسره من خلال رأي المحافظين بعد احتلال العراق في عام 2003م ، فآية الله كاشاني أحد أبرز علماء الدين المقربين من آية الله خامنئي قال من خلال تفسيره لشعار الموت لأمريكا ، الذي يتصدر شعارات الثورة ، إذ قال : هذا الشعار لا يعني الموت للشعب الأمريكي ، أو الموت للصناعة المدنية وللعلم وللأشياء الطيبة في أمريكا ، وإنما الثورة تقصد الموت للأعمال الظالمة التي يمارسها المسؤولون الأمريكيون ، وللسياسة الخادعة والتوجهات الخاطئة للإدارة الأمريكية ! .

أما بالنسبة للتهديدات التكتيكية التي يستخدمها الأمن الإيراني ، وهي نوع من آليات اختبار ردة الفعل عند الأطراف الأخرى ، والدليل على ذلك، الجيش الإيراني تراجع عن تهديده الذي قال فيه أن إسرائيل ستكون أول هدف لإيران إذا تعرضت لهجوم من القوات الأمريكية ، بشأن خططها النووية .

والأهم من ذلك كله زعيم الثورة الإيرانية الإمام آية الله خميني حرّم استخدام الأسلحة النووية ! . ومن هذا المنطلق نكاد نجزم لكم بأن إيران الإسلامية تريد استخدام برامج الطاقة النووية لأغراض سلمية ، ولكن عدم تعاونها مع وكالة الطاقة الدولية يعرضها إلى تفسير سوء النية ، وهذا التفسير يساهم في استفزاز إيران ، واستفزازها يؤدي إلى رد فعل سلبي ، من حيث التعاون مع وكالة الطاقة ، وعدم تعاونها مع وكالة الطاقة يؤدي إلى تكريس الضغوط عليها ، إلى أن تصل إلى مرحلة العقوبات الدولية ، لاسمح الله  ! . ولو وصلت إيران لمرحلة العقوبات الدولية ، فإن ذلك سيؤدي إلى عودة إيران إلى مرحلة التأسيس التي بدأتها منذ عقدين من الزمن تقريباً بعد نهاية الحرب العراقية الإيرانية عام 1988م ! .

فإيران الآن حققت التالي :

أولاً : بدأت بخصخصة بعض القطاعات الخدمية والصناعية بنسبة تصل إلى 15% في المرحلة الأولى .

ثانياً :      استطاعت الحكومة الإيرانية تخفيض البطالة من 16% إلى 10% الآن . وطبقاً للخطة الخمسية الإيرانية الثالثة هو خلق 765 ألف فرصة عمل سنوياً .

ثالثاً :      سهولة تسويق الصادرات الهايدروكاربونية إلى كثير من الدول وعلى رأس القائمة صفقات ضخمة مع الصين والهند ، وكذلك دول الجوار الخليجي العربي مثل : سلطنة عمان ودولة الكويت ، وبعض الدول الأوربية مثل ايطاليا .

رابعاً:     كذلك استطاعت إيران رفع الصادرات الغير النفطية بنسبة تصل إلى 14.2% .

خامساً: استطاعت أن تحقق إيران اكتفاءً ذاتياً بالنسبة للقمح ، واستطاعت أن تنتج ما يقرب من 80% من حاجتها من الأرز .

وأخيراً: نمو ناتجها المحلي بنسبة تصل 4.8% !! . ولو استطاعت أن تتحاشى مع العقوبات التي تستدرجها ؛ ومع الارتفاع الضخم لأسعار الهايدروكاربون سيساهم ذلك إلى ارتفاع الناتج المحلي الإيراني إلى الضعف تقريباً ، بمعدل يصل إلى 9% وذلك سيساهم في خفض نصف معدل البطالة ، أي احتمال كبير أن تصبح البطالة في إيران عند حدود 5% ، وهذا هو المعدل المقبول دولياً وأفضل من كثير من الدول المتقدمة في أوربا وأمريكا !! .

·                 ولكن ما هو المتوقع لو خاضت إيران حرب باردة من أجل ملفها النووي ؟

في البداية من الناحية الإقليمية ستكون إيران ودول المنطقة هم الخاسر الأكبر ، لأن المنطقة ستدخل في مرحلة سباق تسلح ، وسيؤدي ذلك إلى امتصاص جميع الحديد الخردة الموجود في الشرق والغرب ، والذي انتهت صلاحيته أصلاً . أما من الناحية العالمية .. هل سيغير ذلك شيئاً ؟. طبعاً لا ، وحتى لو امتلكت إيران سلاحاً نووياً ، وليس طاقة نووية ، لن يغير ذلك شيئاً من حيث القوى العالمية ، والدليل على ذلك هو الباكستان ، تمتلك الآن السلاح النووي والرؤوس والصواريخ التي تحمل سلاحها النووي إلى أكثر من 2000كم ، وراهنت الكثير من الدول العربية والإسلامية على سلاح الباكستان النووي ، علماً بأن عدد سكان الباكستان ضعف عدد سكان إيران ، ولكن ما الذي تغير من حيث المعادلة العالمية ؟ بل أرجو من المهتمين بالشأن العربي والإسلامي ، الإجابة على السؤال ، في أي المراحل وضع الأمة الإسلامية أفضل .. قبل امتلاك باكستان للسلاح النووي أم بعده ؟ .

الصورة الواضحة أمامنا الآن بأن الرئيس الإيراني السيد نجاد ، يملك إمكانيات طبيعية وبشرية كبيرة ، لنقل جمهورية إيران الإسلامية من مرحلة الانطلاق إلى التقدم ، وخاصةً أنه يملك صلاحيات رئاسية لا بأس بها ومنها :

أولاً :      اختيار وزراء حكومته وتقديمهم لمجلس الشورى لإجراء تصويت الثقة على تعيينهم .

ثانياً:       المصادقة على القوانين وتطبيقاتها بعد المصادقة عليها من مجلس الشورى .

ثالثاً:       رئاسة اجتماعات مجلس الأمن القومي .

رابعاً:     إدارة ميزانية الدولة ، وتنفيذ خطط التنمية بعد مصادقة مجلس الشورى عليها .

الخلاصة أن السيد نجاد كرئيس منتخب حاصل على 60% من أصوات الناخبين الإيرانيين 22 مليون الذين سجلوا أسمائهم في قائمة الانتخابات ، وبالإضافة إلى ذلك يملك صلاحيات تنفيذية لا بأس بها كما هو مذكور أعلاه ، ويرأس دولة تملك موارد طبيعية وبشرية ضخمة ، وعنده مواصفات كرزماتية جعلته مؤثراً على الشارع الإيراني ، ومنها على سبيل المثال لا الحصر ، ماتبعناه وسمعناه  من الشارع الإيراني ، بأن يديه نظيفتان من الفساد بشكل عام ، كل ذلك يعطيه الفرصة مع الارتفاع الكبير لأسعار النفط على أن يضع برامج اقتصادية سياسية لإيران تركز على إنعاش قطاعات التنمية الثلاثة في إيران ، الأولي والصناعي والبنية التحتية، والابتعاد عن لعبة الاستفزاز السياسي ، والذي يقود لحرب باردة ونتيجته ستجعل إيران توجه مواردها جميعها لصناعة الحديد والنار ، وهذا الحديد لن يفيد شيئاً في المعادلة الدولية إلا تهميش إيران الإسلامية ، ووضعها في زاوية وسيدفع هذه الفاتورة للأسف ، ما يقارب 75 مليون مواطن إيراني ! .

الاتهام الموجه لإيران الآن بأنها غير مهتمة بالشأن الإسلامي ، وإنما أحلامها الكبرى هو إحياء العصبية الفارسية ، والمثال الذي يضرب على ذلك بأن حكومة السيد نجاد أصدرت طابعاً بريدياً يحمل شعار الطاقة النووية ، والطابع يبرز برسيبولس عاصمة الفرس القديمة ، وقد فسر ذلك بعض المحللين أن الأمبراطور الفارسي كان يتسلم الهدايا والعطايا من شخصين ، أحدهما هندي حافي القدمين ، وآخر أرمني ، واليوم صار الهندي يمتلك قنبلة نووية ، وصار لدى الأرمني مفاعل للطاقة النووية لإنتاج الكهرباء ، ويوضح المحللين أن الرسالة هي أن هويتنا العريقة راسخة وأن الدول الفقيرة التي كانت تقدم لنا الهدايا ، أصبحت الآن متقدمة علينا .

ونحن نرى هنا بأن إيران الإسلامية تفتخر بهويتها الإسلامية ، والدليل على ذلك هو تسمية الدولة الإيرانية بعد الثورة عام 1979م بالجمهورية الإسلامية الإيرانية ، وكذلك بإمكان إيران أن تمتلك الطاقة النووية للأغراض السلمية من خلال الترويكا الأوربية ومنظمة الطاقة الدولية .

أما من حيث أن تصبح إيران في مصاف الدول المتقدمة ، ومن الدول العظمى كما يحلوا للبعض تسميتها ، فالطريق إلى ذلك شاق ، ولكنه من خلال الإمكانيات الإيرانية إذا وظفت التوظيف السليم بالامكان الوصول إليه ، فإيران ما زالت تعتمد اعتماد شبه كلي في دخلها القومي على المواد الأولية ، وما يقارب 90% من العائدات الإيرانية من النفط ، ولكي تصبح إيران دولة متقدمة ، لابد لها من تقليص اعتمادها على المواد الأولية بنسبة تصل إلى أكثر من 50% .

·                 السؤال الذي يطرح نفسه : هل إيران لديها هامش للتفاوض ؟ .

نعم ، كل الأبواب مفتوحة لإيران من أجل التفاوض ، ففي باريس أعلن رئيس الوزراء الفرنسي في 4/5/2006م ( أن العملية العسكرية ضد إيران ليست حلاً ، بل تزيد الأخطار مثل تلك الموجودة في العراق ) .

وقال السيد انان الأمين العام للأمم المتحدة في مقابلة مع محطة تلفزيون  PBS  الامريكيه أنه يرى لابد من حوار مباشر ما بين واشنطن وطهران . وأكد المندوب الأمريكي لدى الأمم المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا ، السيد شولتي في 4/5/2006م في لندن ( يريد أن يواصل العمل من خلال مجلس الأمن للوصول إلى حل دبلوماسي ) .

هنا نرى بأن جميع الخيارات الدبلوماسية الرخوة والصلبة مطروحة أمام السيد نجاد ، أما أن يأخذ بالأولى ، أو لا سمح الله ، الوصول إلى الخيارات الصلبة ، وبداية هذه الخيارات هو المشاورات التي عقدتها الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن ، لبحث مشروع القرار الذي يتصرف تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة ، ليلزم إيران من الناحية القانونية ، وقف برنامج تخصيب اليورانيوم . ونلاحظ بأن هناك شبه إجماع من الدول التي من ضمن حلف الناتو ، ولها مقاعد دائمة في مجلس الأمن ، وهي : الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا على تطبيق الفصل السابع على إيران ، ويواجه هذا الإجماع معارضة روسية وصينية، ولكن يكاد يجمع المحللين في حالة التصويت على مشروع قرار ضد إيران في مجلس الأمن ، بأن روسيا والصين لن يستخدما حق الفيتو ، وإنما سيلتزمان بالامتناع عن التصويت على القرار ، وهذا مما يسهل مرور مشروع القرار ، أما الدول الأخرى فأرجو من إيران ألا تراهن عليهم كثيراً، لأن عند الحسم لا حول لهم ولا قوة ، إلا بالموافقة أو الامتناع عن التصويت !! .

ومن الممكن هنا أن يتساءل بعض القراء الكرام ، ما هي خطورة مشروع القرار الذي يتصرف تحت الفصل السابع ؟ .

فالمادة 41 : تنص على أن لمجلس الأمن أن يقرر ما يجب إتخاذه من التدابير التي لا تتطلب استخدام القوات المسلحة لتنفيذ قراراته ، وله أن يطلب من أعضاء الأمم المتحدة تطبيق هذه التدابير . ويجوز أن يكون من بينها وقف العلاقات الاقتصادية والمواصلات الحديدية والبحرية والجوية والبريدية والبرقية والسلكية واللاسلكية وغيرها من وسائل المواصلات وقفاً جزئياً أو كلياً ؛ وكذلك قطع العلاقات الدبلوماسية . وبعد ذلك تتدرج العقوبات إلى أن تصل إلى العمل العسكري !! .

ولكن من خلال ملاحظتنا الاستراتيجية أن المادة 41 تعتبر أخطر من العمل العسكري ، وخاصةً إذا عرفنا أن ما يقارب 90% من العائدات الإيرانية تعتمد على العملة الصعبة المستوردة من المواد الأولية ، وبالتحديد النفط ، أما الرهانات الإيرانية الأخرى بالنسبة لروسيا ، فمصالح روسيا الاستراتيجية مع أوربا وأمريكا واليابان ، أهم ليست من إيران فقط ، ولكن كامل الشرق الأوسط ، وسنضرب لكم مثال واحد فقط . فتعطيل تصدير الغاز الطبيعي الإيراني من خلال شبكة الأنابيب الجدلية التي مقترح أنها ستمتد من إيران إلى باكستان والهند ، ومن ثم من الممكن أن تواصل طريقها إلى الشرق الأقصى المتعطش للطاقة ، فهذا التعطيل سيصب لصالح روسيا الاتحادية لأنها بالإمكان من خلال امتدادها القاري الهائل ، وامتلاكها لأكبر احتياطي للغاز في العالم أن تغزو الشرق الآسيوي والغرب الأوربي بأنابيبها الاخطبوطيه الحاملة للغاز الطبيعي ، وهذا الخيار يعتبر إيجابياً لروسيا في حالة عزل إيران سياسياً ، أما الصين فإذا كانت وقعت بالفعل بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية مع الصين  ( مجموعة سنوبيك الصينية ) اتفاقاً تبلغ قيمته 70 مليار دولار للحصول على 250 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال على 30 عاماً ، فنود هنا أن نذكر الأخوة الإيرانيين إذا كان هذا الاتفاق يمثل 70 مليار دولار على مدى 30 عاماً ، فالصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة سنوياً تبلغ أكثر من 200 مليار دولار ، أي أن أهمية إيران الاقتصادية بالنسبة للصين لا تعادل 2% من أهمية سوق الولايات المتحدة .

أما بالنسبة لمراهنة الأخوة الإيرانيين على جيرانهم العرب والمسلمين الآن ، للأسف ، الوضع العربي والإسلامي على المستوي السياسي الأمني لا يبشر بخير الآن . وهنا نرى لابد لإيران من استخدام الدبلوماسية الناعمة ، وألا سينتهي بها الأمر إلى وضعها محاصرة في زاوية مما سيؤدي بها لكثير من الكوارث الاقتصادية والبشرية والسياسية والأمنية ( للمهتمين مراجعة كتابنا جيواستراتيجية العالم الإسلامي ) لمعرفة التركيب الإيراني من الداخل . وفي حالة الحصار ، لا سمح الله ، سيبقى لإيران خيار واحد فقط ، وهو الاعتداء على بعض دول الجوار اوإسرائيل ، وهنا ستكون إيران بالفعل استجابت لجميع المراحل التي استدرجت إليها ، وخلاصة هذا الاستدراج هو إثبات للعالم بأن إيران دولة عدوانية ، وتمثل خطر للبشرية أجمع !! . والحل لابد لجميع محبي السلام في الأرض من الاتحاد والرد على الاعتداء الإيراني !! .

الخلاصة : نرى بأنه لابد للزميل الأكاديمي السيد الدكتور نجاد من البحث عن الطرق السلمية لتدارك هذه الأزمة وذلك سيعتبر إنجاز للشعب الإيراني أولاً ، ولشعوب المنطقة ثانياً ، وللعالم أجمع . وأيضاً هناك عنصر مهم لابد من الانتباه له إذا فشلت التجربة الإسلامية في إيران ، بسبب ميلها للعدوانية والتطرف ، فذلك سيشكل لنا كارثة كمسلمين ، لأننا سنحتاج لعقود وربما قرون لكي نثبت للعالم بأن الإسلام ممكن أن يشكل دين ودولة ، وخاصةً للأسف الشديد معظم التجارب الإسلامية الحديثة والمعاصرة فشلت أو أُفشلتْ ، فمثلاً دولة الباكستان استقلت من الهند لأنها تريد تشكيل دولة إسلامية ، ومازال الباكستانيون يبحثون عن حل لدولتهم ؛ والمملكة العربية السعودية قامت كدولة إسلامية ومازال هناك صراع ما بين المعتدلين والمتشددين ؛ والجزائر عندما فاز الإسلاميين بالأغلبية في السلطة التشريعية ألغيت الانتخابات ومازال الجزائريون يعيشون هذه الكارثة , وثورة الإنقاذ في السودان انتهت إلى احتمال تفتيت السودان إلى دويلات ، وطالبان في أفغانستان انتهت باحتلال أفغانستان ؛ وحماس في فلسطين معلقة الآن وتنتظر المساعده من عمقها الإسلامي فإذا نجحت التجارب الإسلامية الأخرى سيكون لحماس إمكانية إثبات الوجود ، ولو فشلت التجارب الأخرى ، فوضع حماس لاسمح الله سيكون سيئاً بشكل كبير !! .

نحن نرى أن الفرص ما زالت سانحة للنظام الإيراني لاستخدام الدبلوماسية الناعمة ، والاستفادة من تجارب الآخرين مثل حزب العدالة والتنمية الإسلامي في تركيا ، وتجربة مهاتير محمد في ماليزيا ، ومن خلال إمكانية تطوير أنموذج إيراني خاص بالثورة الإيرانية ، أما غير ذلك فلن يتغير في الواقع شيئاً ، وللتذكير فالباكستان تمتلك سلاح نووي وعدد سكانها أكثر من 150 مليون نسمة ، ولم تغير في المعادلة الدولية شيئاً ، والهند عدد سكانها أكثر من 1.1 مليار نسمة ، وتمتلك أسلحة نووية ولها اكثر من خمسة عقود من الزمن وهي تخوض حرب بارده مع الباكستان, والصين عدد سكانها 1,3 مليار نسمه وتملك اسلحه نوويه ولم تستطيع  أن تعيد هونغ كونغ إلا بعد انتهاء المعاهدة البريطانية الصينية على هونغ كونغ مع احتفاظ هونغ كونغ بحكمها الذاتي ، وكذلك لا تستطيع أن تحرك ساكناً بالنسبة لتايوان وذلك لم يغير في المعادلة الدولية شيئاً ، والأهم من ذلك الاتحاد السوفيتي كان يملك أكبر ترسانة أسلحة في العالم ، واكتشف الخبراء والعقلاء السوفيت بأنهم استدرجوا أسوأ استدراج في التاريخ حيث ركزوا كل مواردهم لبناء ترسانة الأسلحة لكي يحافظوا على التوازن الاستراتيجي ، وبعد ذلك على توازن الرعب مع الغرب ، أما الغرب فاعتمد بشكل كبير على تطوير تكنولوجيا خاصة للتسليح ووظفوا هامش كبير من مواردهم في التنمية الاقتصادية ، وفي النهاية انهار النظام الحديدي السوفيتي وتفتت 17 جمهورية سوفيتية ، وتفتت كتلة الكوميكون الاقتصادية ، وتفتت حلف وارسو ، وعادت روسيا الاتحادية لكي تبحث لها عن دور جديد على كوكب الأرض ، وتقدم جميع التنازلات المطلوبة منها بما فيها التخلي التدريجي عن جانب من ترسانتها النووية ، والنتيجة ضمت روسيا إلى مجموعة السبعة الاقتصادية ، والآن تبحث لها عن دور في منظمة التجارة العالمية ، وإن كانت لا تزال عندها طموح في أن تستعيد عافيتها من خلال مغازلة وسط آسيا والصين والهند ، ولكنها في الوقت نفسه تبحث عن ثنائية مع حلف الناتو !! .

السيد نجاد ، أعلاه يثبت بأننا نحن الشعوب الاوراسية لن تنجح معنا نظرية دارون لأصل الأنواع ، بحيث بررت الدارونيه عملياً هلاك أنواع المخلوقات الضعيفة لاستمرار بقاء الأنواع القوية ، فإن الشعوب الضعيفة يجب أن تزول لمصلحة الأجناس القوية وتقدم الحضارة ، واحتمال إن هذه النظرية نجحت في العالم الجديد ، ولكنها لم يثبت لها نجاحاً بأم القارات اوراسيا في التاريخ الحديث, وذلك يعود لان اوراسيا تمثل اصل كوكب الارض من الناحيه الحضاريه وكل ثقافه في اوراسيا تعتقد هي التي يجب ان تبقى والاخرون اما تابعين اوالى الفناء ونعتقد هنا الحل الوحيد هو تعايش الحضارات .  والأمثلة على ذلك كثيرة صعوبة حضاره واحده القضاء على باقي الحضارات في اوراسيا, فمثلآ  خسارة ألمانيا في الحرب العالمية الأولى ، وانهيار حلم ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية ، خسارة الاتحاد السوفيتي في الحرب الباردة ، وانتهاء الحلم الاستعماري لليابان في الحرب العالمية الثانية ، عدم استطاعة الهند وباكستان الوصول إلى حل جذري وحاسم على كشمير ، عدم استطاعة العرب وإسرائيل الوصول إلى حل حاسم على القضية الفلسطينية .

ومن هنا أعتقد بأن الحل لابد للعرب والمسلمين من التركيز على تأسيس البنية التحتية الأولية والصناعية والخدمية للإنسان العربي والمسلم ، وهذا سيساهم في بناء أجيال عربية ومسلمة تستطيع أن تقرر مصيرها بنفسها وبطرق سلمية ! . وإن يكن الإنسان العادي ما زال عنده حلم القوة واستشف ذلك من خلال استطلاعات الرأي في الجزيرة . الاستطلاع الأول هل تعتقد أن المشروع النووي الإيراني يخدم قضايا المنطقة ؟ فأجاب 68% من 21133 بنعم ، والاستطلاع الثاني : هل يشكل البرنامج النووي الإيراني تهديداً لدول الجوار فأجاب 72.1 % بلا من 14428 مستطلع رأيهم ، ونحن نوافقهم الرأي بأنه لا يشكل خطر على المنطقة ، باستثناء إيران نفسها ! .

السيد نجاد ما حصلت عليه في إيران هو أمنية آلاف الشباب السياسي في عالمنا العربي، ولكن نحن متأكدين أن هذه الأمنية لن تحقق عندنا ، فنرجو منك أن تهتم بالشعب الإيراني الشقيق والذي يستحق منكم ومنا الكثير !! .

السيد نجاد في آخر فرضيات للمستشرق برنارد لويس في فوربس العربية ، وضع ثلاث فرضيات ، نرفض منهم فرضيتين ، ونقبل واحدة وهي : بأن هناك جماعة من المسلمين ملتزمة بدينها الإسلامي ، وتدرك أخطاء وانحرافات المجتمع الغربي ، لكنها في الوقت نفسه تدرك أيضاً نجاح وانجازات هذا المجتمع في مجالات العلم والتكنولوجيا ، وتعترف بهمومه بمسائل الحرية والديمقراطية ، وما حققته من إنجازات على هذا الصعيد . ويقول برنارد : إن هذه الجماعة ( يقصد المسلمين ) تريد مشاركتنا في الوصول إلى عالم أفضل وأكثر حرية ً ! .

وإلى اللقاء دائماً إن شاء الله

إنه الإسلام يا غبي ..

بسم الله الرحمن الرحيم

6/6/2004

 هذا المصطلح قالته الصحافة الأمريكية لبوش الأب غداة خسارته أمام كلينتون في الانتخابات الأمريكية عام 2002م عندما ركز بوش الأب في حملته الانتخابية على السياسية الخارجية ، مهملاً بذلك الاقتصاد الأمريكي ، وكان العكس صحيح بالنسبة لكلينتون الذي كان مركزاً في حملته على الاقتصاد الأمريكي 0 فاستطاع كلينتون أن يحقق فوزاً ساحقاً على بوش الأب ، وقالت الصحافة الأمريكية بعد نصر كلينتون لبوش ” إنه الاقتصاد يا غبي .. ” 0

 وهذه المرة نقول لرامسفيلد ” إنه الإسلام يا غبي ” ، وذلك بعد أن اعترف رامسفيلد في اعتدائه على العالم الإسلامي حيث قال  ” كلما عملنا بجهد أكبر ، تراجعنا أكثر فأكثر ؟ . ” 0

 الفرق بيننا وبين الاستراتيجية الأمريكية ، بأننا استطعنا أن نفهم الاستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط ، وبسهولة فهمنا ماذا تريد المراكز الاستراتيجية الأمريكية الأمريكية مثل روكفلر وراند وكارنيجي والشرق الأدنى ومركز واشنطن للدراسات الاستراتيجية 00 إلخ ، ومن دراسات هذه المدارس ما نتفق معه وما نختلف معه ، ولكن الشيء الذي لا تريد الإدارة الأمريكية استيعابه بأنه لابد لهم من دراسة الطريقة التي انتشر بها الإسلام . 0 فالإسلام دين كلما تضغط عليه وتحاصره وتحاول أن تهمشه ينفجر ويغطي اشعاعه المبارك جميع أركان كوكب الأرض ، وهذا ما تفعله أمريكا الآن ، تريد أن تهمش الإسلام ، وبطريقة طردية ، الإسلام يزداد اتساعاً ، وسوف نذكر رامسفيلد بالطريقة الأولى التي استطاع المسلمين بها تحقيق دولتهم العالمية

 أولاً في عهد الرسول ص  استمر يدعو في السر في مكة المكرمة لمدة عشرة سنوات ، وفي هذه الفترة استمرت الدعوة تنتشر بهدوء ، وأمجاد المشركين مستمرة كما هي ، وكان المشركين يميلون للتفاوض مع اليتيم محمد ص بالدبلوماسية ، ومن الأمثلة على ذلك عرض عتبة بن ربيعة على الرسول ص  ” يا أبن أخي ، إنك منا حيث علمت من خيارنا حسباً ونسباً ، وإنك أتيت قومك بأمر عظيم فرقت به جماعتهم ، وسفهنت أحلامهم وعبت آلهتهم ودينهم ، وكفرت من مضى من آبائهم ، فاسمع مني أعرض عليك أموراً تنظر فيها لعلك تقبل بعضها ، فقال ص  قل يا أبا الوليد  فقال يا أبن أخي ، إن كنت تريد مالاً جمعنا أموالنا حتى تكون أكثرنا مالاً ، وإن كنت تريد شرفاً سودناك علينا حتى لا نقطع أمراً دونك ، وإن كنت تريد ملكاً ملكناك علينا ، وإن كان الذي يأتيك رؤيا من الجن لا تستطيع رده عن نفسك ، طلبنا لك الطب ، وبذلنا من أموالنا حتى نبرئك منه ” . 0 فرفض الرسول ص عرض المشركين ، ولكن استمرت الدبلوماسية ما بينه وبين المشركين . 0

 ولكن عندما تسلط الشيطان على أذهان المشركين وخططوا لاغتيال محمد ص ، وانقذه اللّه سبحانه وتعالى من مخططهم الآثم ، وحوصر الرسول ص في غار ثور في طريق هجرته إلى المدينة المنورة ، وكان ذلك أكبر تهميش وحصار وتضييق تعرض له الإسلام في تاريخه منذ نزول جبريل على الرسول ص في غار حراء وكما يقول اللّه سبحانه وتعالى في محكم كتابه    إلا تنصروه فقد نصره اللّه إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن اللّه معنا فأنزل اللّه سكينته عليه وأيده بجنودٍ لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة اللّه هي العليا واللّه عزيز حكيم    التوبة آية 40  0

 وبعد هذا الحصار ، وصل الرسول ص وصاحبه إلى يثرب ، وبعد سنوات قصيرة لا تتجاوز 13 سنة ، قضى الإسلام على أمبراطورية الشرك في الجزيرة العربية ، وتحول من دعوة سرية في نويات مكة وجوارها ، إلى دولة عالمية آلت لها سيادة الكوكب آنذاك . 0

 ومن هذا المنطلق على رامسفيلد أن يعرف بأن الإسلام ، هو دين السلام في العالم، وعندما تتعامل معه باحترام متبادل ، جميع سكان الكوكب سيعيشون في أمن وسلام ، وعندما تتعامل معه بعنف ، في النهاية ينقلب العنف على الأيدي الآثمة التي أتت به وينتصر الإسلام عليها .. 0

 ثانياً  صاحب الغار التاني  عبد اللّه بن أبي قحافة  أبو بكر الصديق رضي اللّه عنه   يجب على رامسفيلد أن يدرك بأن الإسلام لا يقبل من القيادات إلا خيار القوم وليس أراذلهم ، والدليل على ذلك واضح 0 فعندما ضيق المشركين على المسلمين في صدر الدعوة في مكة ، أمر الرسول ص أصحابه بالهجرة إلى الحبشة ، فعلم بذلك ابن دغنه ، وكان يعلم عن أبي بكر الصديق رضي اللّه عنه بصفاتٍ قبل إسلامه لا تتوفر إلا في قليل من الرجال ، فذهب ابن دغنه إلى أبي بكر وقال له  ” أن مثلك يا أبا بكر لا يخرج ولا يخرج ، أنك تكسب المعدوم ، وتصل الرحم ، وتحمل الكل ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق ، فأنا لك جار ، وأرجع وأعبد ربك ببلدك “0

 أعلاه رسالة إلى رامسفيلد بأن ينظر إلى شهامة أبي بكر حتى قبل إسلامه ، وبعد أن دخل الإسلام تصارع المشركين على عدم إخراجه من مكة المكرمة لشهامته . 0

 وبعد أن صقل الإسلام الصديق رضي اللّه عنه ، وضع الدستور الاستراتيجي للحرب الذي أصله جاء من عند المسلمين ، واقتبس نصوصه القانون الدولي العام ، وذلك عندما قال أبي بكر رضي اللّه عنه لجند أسامة  ” لا تخونوا ولا تغلوا ، ولا تغدروا ، ولا تمثلوا ، ولا تقتلوا طفلاً صغيراً ، ولا شيخاً كبيراً ، ولا أمرأة ، ولا تعقروا نخلاً ولا تحرقوه ، ولا تقطعوا شجرة مثمرة ، ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيراً إلا لمأكله 0 وسوف تمرون بأقوام قد فرغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له ، وسوف تقدمون على قوم يأتونكم بآنية فيها ألوان الطعام فإذا أكلتم منها شيئاً بعد شيء فأذكروا اسم اللّه عليها ، وتلقون أقواماً قد فحصوا أوساط رؤوسهم وتركوا حولها مثل العصائب فأخفقوهم بالسيف خفقاً 0 اندفعوا بأسم اللّه ” 0

 السؤال الذي يطرح نفسه  هل وزير الحربية الأمريكية طبق قانون الحرب في الشريعة الإسلامية أو قانون الحرب في القانون الدولي العام ؟ 0

* فقط للتذكير نذكركم بمجزرة قلعة مزار شريف ، وأسرى غوانتمالا ، واستعمار أفغانستان والعراق ، مع ملاحظة الفرق ما بين القيادات الإسلامية الذين ينبعثون بتفاعل ما بين البشر وبيئتهم الطبيعية أمثال الصديق رضي اللّه عنه ، والقيادات التي يعينها رامسفيلد في العالم الإسلامي .. 0 أما الإجابة فنتركها للقارئ الكريم .. 0

 ثالثاً  نريد أن نوضح لرامسفيلد الكيفية التي يحترم فيها الإسلام ، ثقافة الآخر.0

 عند فتح فلسطين ودخول المسلمين بيت المقدس قال عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه للنصارى  ” أماناً على أنفسهم وأولادهم ونسائهم وأموالهم وجميع كنائسهم لا تهدم ولا تسكن ، وعندما حان وقت الصلاة وكان عمراً جالساً في صحن كنيسة القيامة ، فخرج رضي اللّه عنه وصلى خارج الكنيسية على الدرج التي على بابها بمفرده 0 وقال للبطريك لو صليت داخل الكنيسة لأخذها المسلمون من بعدي وقالوا  هنا صلى عمر”.0

 والأمثلة كثيرة على احترام الإسلام لثقافة الآخرين ، ومنها ، علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه عندما اختلف مع النصراني على الدرع ، ونسرد القصة على القارئ الكريم ونذكر لرامسفيلد بأنها كالتالي  ” وجد علي رضي اللّه عنه درعه عند رجل نصراني ، فطلب علي الدرع من النصراني ، فقال النصراني أنه درعه 0 واضطر علي كرم اللّه وجهه اللجوء إلى القضاء لكي يحتكم هو والنصراني عند القاضي ، وللعلم بأن القاضي عينه أمير المؤمنين علي أصلاً . 0 وكان القاضي يدعي شريح ، وعندما ذهب الخصمان إلى القاضي ، قال علي رضي اللّه عنه للقاضي  لم أبع وأهب ، فسأل شريح النصراني ما تقول فيما يقول أمير المؤمنين ؟ 00 قال النصراني  ما الدرع إلا درعي وما أمير المؤمنين عندي بكاذب . 0 فسأل القاضي علي رضي اللّه عنه يا أمير المؤمنين هل من بينة ؟ 00 فقال علي كرم اللّه وجهه لا يوجد عندي بينة ، فحكم القاضي شريح بالدرع للنصراني ، وأخذ النصراني الدرع وذهب به . 0

 وبعد ذلك عاد النصراني إلى علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه وقال له ، يا أمير المؤمنين إن هذا الدرع درعك ، وبعد ذلك نطق النصراني الشهادتين ودخل الإسلام ، وذلك لأن الإسلام ديناً يحترم الأخر ، ودين عدالة .. 0

* ولكن هل يقبل رامسفيد بثقافة الآخر .. 0

 مشكلة الضعف الحقيقية التي جعلت الأمم تتكالب على الإسلام والمسلمين ليست فقط بسبب الاعتداءات الأجنبية علينا ، ولكن ذلك أيضاً يساهم فيه اخفاقاتنا في استيعاب ثقافتنا الإسلامية ، مما يجعل الأمر سهلاً على الآخرين في عملية اختراق الأمة ويعلو بها كيفما يشاؤوا ، ومن الأمثلة على ذلك ما تقوله د0 أماني الطويل في الأهرام العرب عن أصل نواة الفتنة في السودان بين الشمال والجنوب هو  ” أن الحاكم العسكري في السودان إبراهيم عبود قام بتصعيد القمع العسكري على الجنوبيين في محاولة توحيد السودان بالقوة والقضاء على الفروقات الثقافية والدينية ، فقامت الحكومة في الفترة 1959 – 1964م بممارسة جهود تعريب والأسلمة في الجنوب على جسر من القمع العنيف 0

 وذلك في وقت كانت الهوية الجنوبية تشكلت على طلاق نهائي مع وعود الشمال لحل فيدرالي ، وبدأ الجنوبيون في تشكيل منظماتهم وأحزابهم السياسية التي طالب قطاع منها بانفصال الجنوب ، وبالطبع وجدت هذه المطالب ظهيراً مسانداً من الكنائس والمبشرين ، كما كانت اليد الثقيلة لعبود على الجنوبيين سبباً مباشراً في هرب قيادتهم إلى الجوار الأفريقي ، وإعلان تمرد جديد على الحكومة تحت عنوان الأنانية وهي المنظمة التي مارست ضغطاً عسكرياً قوياً على الحكومة المركزية في مطلع عام 1964م ” ..0

 المثال أعلاه يوضح لنا بأن العنف لا يقدم حلاً نهائياً للقضايا السياسية ، ولا ننكر بأنه يمكن أن يؤجلها ، ولكن في النهاية كما هو حادث في السودان ، بحيث الدولة المركزية في مرحلة الاحتضار ، وهناك إمكانية كبيرة لقيام دولتين أو أكثر ، وذلك سوف يلخبط جميع الأوراق الجيوسياسية لدول حوض النيل ، وهذا ما هو مخططاً له بالفعل ، وسيكون الحل لهذه القضية عند إسرائيل كما يقول بيريز في كتابه ” الشرق الأوسط الجديد ” . 0

 فبيريز رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق يرى في كتابه بأنه بعد تفكيك الشرق الأوسط وإعادة تركيبه من الممكن أن تصبح إيلات الإسرائيلية عاصمة الشرق الأوسط وتبريره لذلك كالتالي  يقع خليج إيلات عند تقاطع إسرائيل والأردن ومصر ولا يبعد كثيراً عن حدود السعودية وهذا موقع مثالي من أجل إقامة مطار دولي رئيسي يخدم البلدان الأربع وسيحول المطار الحدود إلى جسور ويوحد الثقافات والمؤسسات والأنظمة الاقتصادية والتجارية ، والأهم من ذلك  في رأي بيريز  الناس دون اعتبار للأصل ، للدين ، للجنسية أو الجنس .. 0

 وطبعاً لا نعتقد أن رامسفيلد يختلف كثيراً مع بيريز ، بل بيريز صاحب النظريات، ورامسفيلد يقوم بدور التطبيق من حيث تفكيك الجغرافيا السياسية الشرق أوسطية ، وعلى بيريز إعادة تشكيلها ، ولكن هل يعتقد رامسفيلد بأنه سينجح في ذلك ؟

 الإجابة على ذلك سنتشفها من بيت شعر لرامسفيلد يقول فيه

كما نعرف
فهناك أشياء لا نعرفها
بعضها نعرف أننا لا نعرفه
وبعضها الآخر لا نعرف أننا لا نعرفه
الأشياء التي لا نعرفها ، لا نعرفها
والأشياء التي نعرفها قد لا نعرفها . 0
وقبل أن نرد على بيت الشعر أعلاه فقد
علق عليه كولن باول في قصاصة أرسلها
إلى كوندليز رايس  مقتبس من
أ0 محمد حسنين هيكل  ويقول باول
” إذا كنا لا نعرف ما يجري في رؤوسنا ،
فكيف لنا أن نزعم معرفة ما يجري في العالم ” . 0

 وإلى اللقاء دائماً إن شاء اللّه ،،،

انذار للفساد في العالم النامي

بسم الله الرحمن الرحيم

6/6/2004

 كتبنا قبل فترة في الراية القطرية عما يسمى في الغرب ” بالذمة المالية ” ، وذلك يعني عندما يتسلم شخصاً ما منصباً عاماً فيتوجب عليه قبل أن يباشر مهام الوظيفة العامة

أن يقدم كشفاً يوضح جميع أملاكه الخاصة من عقار ومنقول ونقود وأوراق مالية0 والهدف من ذلك المحافظة على الفصل التام ما بين أملاك الموظف العام الخاصة والمال العام الذي

سيتولى إدارته 0

 ما ذكر أعلاه وهو مطبق في الغرب الآن ، وكان قبل ( 14 ) قرناً من الزمن مطبقاً في الدولة الإسلامية ، في عهد الرسول ص وخلفاؤه الراشدين بحيث كان هناك فصل تام ما

بين الأموال الخاصة ، والأموال العامة  0

 ولكن منذ القرن السابع عشر ميلادي ، بعد أن أصبحت مناطق العالم الإسلامي كقطع الكعك موزعة ما بين القوى الاستعمارية 0 ابتكرت القوى الاستعمارية أسلوباً جديداً لإدارة

المناطق العربية ، وهذا الأسلوب يشتمل على استراتيجية تشتمل على عاملين رئيسيين هما  الأول  وهو فرق تسد ، والثاني  هو تقسيم الكيانات الإسلامية إلى دويلات وصناعة بعض النخب

المحلية لقيادة هذه الكيانات المصنوعة الجديدة آنذاك ، ونتيجة العامل الثاني أفرزت حكاماً لمعظم المنطقة الإسلامية أسوداً على شعوبهم ، ونعاماً أمام المستعمرين  0

 هذا الأسلوب تقريباً انتهى بعد أن تم استقلال معظم الكيانات الإسلامية بعد الحرب العالمية الثانية ، ولكنه لم يختفي كلية  0

 إذاً الاستراتيجية الاستعمارية لإدارة الكيانات الإسلامية ، هي بعد السيطرة على الكيان ، يقوم المستعمرون بزراعة عميل محلي لإدارة الكيان ، واشتهر معظم هؤلاء العملاء

بالفساد ، أو بمعنى آخر لا يختار المستعمر إلا فاسداً ، لأنه من الطبيعي  أولاً  بأنك لن تجد إلا فاسداً يعمل ضد أهله ، وثانياً  لن تجد إلا فاسداً يؤمن بمبدأ الغاية تبرر الوسيلة ، وثالثاً

المستعمر يعرف بأنه لن يخدم مصالحه إلا فاسداً ، ويكون لدى المستعمر بطاقات ضغط ضده تشتمل على فضائح وانتهاكات لحقوق الإنسان واعتداءات على الثروات الوطنية 0

 ويحتفظ المستعمر بهذه البطاقات ضد الزعيم الفاسد في كشف سري يسمى السجل الأسود ، إلى أن يصاب هذا الزعيم بالغرور والكبرياء أو جنون العظمة ، ويشعر المستعمر

أنه من الصعب إدارته ، وفي حالات أخرى عندما يشعر المستعمر أن هذا الزعيم المصنوع أصبح بطاقة محروقة ، وعموماً عندما تنتهي صلاحية الزعيم العميل يقوم المستعمر بحملة ذات

بروباجندا عاطفية ملتهبة للاقتراب من الشعب ، ولكي يخلص الشعوب من الفاسدين ، وجزء من البروباجندا السياسية هو بأن المستعمر اكتشف عن طريق الصدفة السجل الأسود للزعيم

المذكور أعلاه ، والخاصة ، لابد من خلعه ومصادرة أمواله ، التي هي أصلاً أموال الأمة ، وذلك أهون الضررين ، أو تصفيته جسدياً وهذا ما تلجأ إليه أمريكا الآن ، مخافةً من هؤلاء

الزعماء بعد خلعهم وبقاؤهم أحياء ، من كشف السجل الأسود للمستعمرين أيضاً  0

 إذاً الزعيم المنتهي الصلاحية من أفضل أوراق خلعه هو إبراز سجله الأسود ، وذلك لكي يشكك في مصداقيته كزعيم ، ونعتقد أن الجميع يذكر في تاريخنا المعاصر عندما دارت

الرحى على ظهر المجن على بعض حلفاء أمريكا المقربين جداً منها ، فتنكرت لهم أمريكا بشكل كلي ، ومنهم  شاه إيران وذلك بعد الانقلاب الإسلامي في إيران ، والأغرب من ذلك بأن أمريكا

لم تستقبله حتى في أراضيها ، وبعد ذلك قام الأمريكان بتجميد جميع الأصول الإيرانية في أمريكا 0 وكذلك نفس العملية ضد ماركوس الفلبين ، والعقيد القذافي في ليبيا ، وأخيراً صدام حسين

في العراق ، وبعد أن غزا الأمريكان العراق ، واختفى الرئيس العراقي ، وانهارت الدولة العراقية ، أصدر الأمريكان كشفاً يوضح جميع الأصول المملوكة للحكومة العراقية والموجودة في

الخارج وذلك كما وضح في صحيفة  (Herald Tribune October,20th,2003)

1- ثلاثة بليون دولار موجودة في البنوك السويسرية 0
2- واحد بليون وسبعمائة مليون دولار موجودة في البنوك الأمريكية ، مجمدة منذ عام 1991م بعد أن غزا العراق الكويت 0
3- خمسمائة وخمسة وثمانون مليون دولار في البنوك السويسرية 0
4- خمسمائة مليون دولار في البنوك الأردنية 0
5- خمسمائة مليون دولار تقريباً في البنوك التركية 0
6- أربعمائة وخمسة وتسعين مليون دولار في البنوك اللبنانية التي تسيطر عليها سوريا 0
7- مائة وخمسون مليون دولار مجمدة في البنوك اليابانية 0

 كل هذه الأموال المطلوب إعادتها الآن إلى ما يسمى بصندوق التنمية العراقي تحت السيطرة الأمريكية  0

 ( ونود أن نذكر المهتمين بهذا الشأن بأن الآن توجد نشرات أدق من النشرة العراقية ، توضح جميع الأموال التي صادرها المسيطرين على الأموال العامة ، في دول العالم

الإسلامي ، وحولوها إلى الغرب منذ خمسون سنة إلى الآن ، وهذه النشرة وزعت بعد أحداث 11 سبتمبر 2003م وذلك لإعادة تشكيل خارطة العالم الإسلامي ، وللأسف بالطريقة التي تناسب

الغرب )  0

 السؤال الذي يطرح نفسه  هل نحن بالفعل نتعلم من أخطاؤنا ؟

 الزعماء الذين يحرمون أهلهم وشعوبهم من مواردهم الطبيعية والتقنية والخدمية ، وتحويل كل هذه السلع إلى نقود وتهريبها إلى البنوك الأجنبية في الخارج ، والاعتقاد

السائد عند هؤلاء الزعماء بأن هذه النقود أو ما استثمر منها في البلاد الأجنبية ، أداة مالية لحفظ السلام وقت الأزمات ، ولكن عندما يحدث انقلاب أو شغب ضد هؤلاء الزعماء في دولهم

ويهربون إلى الدول الأجنبية لكي يتمتعوا بأمبراطورياتهم المالية في الغرب ، ينصدمون بأن هذه الأموال تخضع لقيود ومعظمها مجمد أو مصادر ، وكما يقول المثل  ( وكأنك يا أبو زيد ما

غازيت ) 00 في بلدك خسرت ناسك 00 وفي الخارك خسرت أموالك  0

 والنتيجة الأموال المهربة للخارج لا الزعماء المخلوعين استفادوا منها ، ولا دولهم استطاعت أن تعيدها ، ولكنها تبقى تستثمر لصالح الدول الأجنبية ، حتى لو لم تصادر

رسمياً ، تبقى إسمياً باسم المالكين الأساسيين ، ولكن المنتفعين الدول المستقبلة لهذه الأموال 00 ( ولكن هل نتعلم ؟ )  0

 القضية المعاصرة التي أثيرت الآن في القانون الدولي العام وفي العلاقات الدولية من ناحية اقتصادية واجتماعية هو إنشاء منظمات دولية للإشراف على ريع وعوائد دول

العالم النامي ، ونفقاتهم وذلك لمنع الفساد السياسي في هذه الدول  0

 نرجو أن لا يستغرب أحداً لأن الأمر أعلاه وصل إلى مرحلة التطبيق الآن ، فمثلاً في دولة تشاد لتحاشي الفساد السياسي في التعامل مع ريع البترول التشادي ، أصدر البنك

الدولي التالي  ريع البترول يذهب إلى بنك في لندن ، وللسحب من هذا الحساب، لابد أن يكون من خلال لجنة تشادية تضم بعض أعضاء الحكومة التشادية ، وبعض الشخصيات التشادية

الغير عاملة في الحكومة ، ويشهد  لهم المجتمع بالنزاهة والأمانة ، وإذا وافقت هذه اللجنة يتم سحب المبلغ المطلوب ، ومن الشروط أن يوظف 8% من ربيع البترول التشادي في التعليم

والصحة والبنية التحتية بشكل عام  0 أليس هذا مؤشراً خطيراً بالنسبة للعالم النامي  0

 نحن الآن وصلنا إلى هذه المرحلة وتسمى في القانون الدولي العام عندما تكون الدولة في هذه المرحلة ، تكون تعاني من قصور في هيكلها الإداري ، ولابد من وضعها تحت

إشراف منظمات دولية لكي تديرها ، أو وضعها بطريقة مباشرة تحت الانتداب لصيانة الدولة وكرامة شعبها ، بمعنى آخر أصبحت دول العالم النامي وخاصةً الإسلامي دول ناقصة الأهلية  0

 السؤال الحقيقي الذي يطرح نفسه  هل نمتلك الشجاعة الكافية لإعطاء الفرصة للمؤهلين من أبناء أوطاننا لكي يخططوا مستقبلنا ، ونحاسبهم بدقة على كل ذلك ؟0

 وإلى اللقاء دائماً إن شاء اللّه ،،،

امكانية التعايش الإسلامي الغربي

بسم الله الرحمن الرحيم

6/6/2004

 بعد أحداث سبتمبر 2001م في الولايات المتحدة الأمريكية التي هزت العالم كله، وكان من نتاجها اعتداء أمريكا على أفغانستان والعراق واحتلالهما ، ووضع برامج محددة وواضحة لجميع دول العالم الإسلامي ، وهي إما اتباع المخطط الأمريكي في المنطقة ، أو تتعرض دولهم للاحتلال  0

 وأكثر من عانى من هذا الاضطهاد هم شعوب العالم الإسلامي ، ولكن الذي قاسى شراسة هذا الاضطهاد بطريقة أشرس ، هم المسلمين الموجودين في بلاد الغرب 0 ففي تقرير نشرته الـ (The Daily Star December 13th.2003) يوضح الاعتداءات على المسلمين في الغرب ” بأن مسلمي الولايات المتحدة البالغ عددهم 7 مليون مسلم من خلال استفتاء نشر إن 75% شعروا بكثير من التفرقة والعنصرية بعد احداث 11 سبتمبر ، وفي بريطانيا من خلال دراسة مسحية على المسلمين البالغ عددهم 2 مليون في بريطانيا ، وكانت نتيجة المسح بأن 69% من مسلمي بريطانيا عانوا من الاضطهاد والتفرقة ، وفي ألمانيا البالغ عدد المسلمين لديهم 3 مليون مسلم أصبحوا يشعرون بأنهم عرضة للشك المستمر والشبهة الأمنية ، بعد أن اعلنت المصادر الاستخبارية بأن مجموعة من المعتقد بأنهم شاركوا في أحداث 11 سبتمبر 2001م كانوا يقطنون في ألمانيا لعدة سنوات ”  0

 ونفس المعاناة أعلاه ، أصبح يعانيها مادياً لا شعورياً فحسب ، مسلمي فرنسا البالغ عددهم 55 مليون مسلم ، ومسلمي بلجيكا ، وهولندا وباقي الدول الغربية 00

 ومن هذا المنطلق ، لابد من عقد ندوات ما بين المفكرين الجادين في الغرب والشرق ، لتوضيح أهمية التقارب ما بين الشعوب ، وعلى كل شعب أن يحترم ثقافة الشعوب والأمم الأخرى ، والأهم من ذلك يفترض أن يقوم بهذا الدور التثقيفي المتخصصين من كل أمة لأبناء شعوبهم 0

 ففي ندوة لكوفي عنان أمين عام الأمم المتحدة لجامعة (Tuebingen University) في جنوب ألمانيا يوم 12 ديسمبر 2003م قال : من الخطأ الاعتقاد بأن الثقافة الإسلامية والثقافة الغربية مستحيلة التعايش ، والدليل على إمكانية التعايش ما بين الثقافتين هو وجود ملايين المسلمين في الغرب ، المسلمين الموجودين في الغرب يعانون الآن من التفرقة والعنصرية ، وفي نفس الوقت في بعض الأجزاء من العالم الإسلامي ينظر إلى المسلمين الموجودين في الغرب بأنهم متنازلين عن قيمهم وثقافتهم الإسلامية 0 يعتقد عنان بأن أكبر محرض لهذه الكراهية هو الاعلان الأحادي للرئيس الأمريكي بوش الحرب على الارهاب ضد بعض الميليشيات الإسلامية ، ويعتقد عنان أن الحرب على الارهاب يفترض أن يكون المشارك فيها تحت الشرعية الدولية  0

 نحن نريد الحلول لتجسيد العلاقة ما بين العالم الإسلامي والعالم الغربي ، فالمسؤولين الأمريكيين إلى الآن لم يقدموا الحلول المناسبة لتجسيد العلاقة وخاصةً عندما يقول بعضهم أن هذه الحرب صليبية ولكنه اعتذر بعد ذلك ، ويقول الآخر بأن ديننا المسيحي خير من دينهم 00 إلخ 0 هل تعتقدون أن ذلك سيقضي على الكراهية ما بين المسلمين والغرب ؟  0

 في الحقيقة المتعصبين هم موجودين في جميع الديانات ، وبعد أحداث سبتمبر ، استغل المتطرفين من الحركات الصهيونية والأصوليون الجدد من الانجيليين هذه الأحداث كحصان طرواده لتنفيذ مخططاتهم في العالم الإسلامي ، وساعد على تنفيذ هذه المخططات وجود الفساد السياسي في العالم الإسلامي ، ونتاج هذا الفساد تفشي ظاهرة الفقر والجهل ما بين المسلمين ، فأصبح المسلمين لقمةً سهلة للالتهام بواسطة المتطرفين الغربيين ، وكذلك استخدم المتطرفين الغربيين البروباجندا الإعلامية بإمكانيات ضخمة لزرع روح الكراهية ما بين الشعوب الإسلامية والشعوب الغربية  0

 والآن نحن نمر في مفترق طرق خطير جداً بالنسبة للشرق الإسلامي والغرب المسيحي ، ونعتقد بأن المهمة الحقيقية تقع على عاتق المثقفين والعلماء في الغرب والشرق الإسلامي على أهمية التعاون والتقارب ما بين الشعوب 0 ولو قمنا بعمل التقريب ما بين الشعوب الإسلامية والشعوب الغربية ، فسوف يساعدنا ذلك على اغلاق أبواب الابتزاز الذهني الذي تقوم به بعض الحركات المتطرفة في الغرب لزرع الكراهية وتوسيع فجوة الفرقة ما بين الشرق والغرب  0

 يفترض منا كمسلمين ابلاغ الشعوب الغربية بأن الإسلام من الديانات التي تحترم الثقافات والديانات الأخرى ، على أن تقوم الثقافات الأخرى مقابل ذلك باحترام الإسلام وعدم التدخل في شؤونه  0 وأكبر دليل على ذلك سيدنا محمد ص وخلفاءه الراشدين ومعاملته مع أصحاب الثقافات الأخرى ، وبإمكان المهتم بذلك مراجعة كتابنا للعالم الإسلامي  0

 وكذلك يفترض علينا في ندواتنا أن نوضح للشعوب الغربية بأننا لا يوجد لنا أية خلافات استراتيجية معهم ، وإن وجدت فهي توجد بيننا وبين صانعي بعض السياسات الغربية ، أما بالنسبة للشعوب الغربية فيوجد لنا فيما بينهم مجموعة من الأساتذة والزملاء والأصدقاء الذين نكن لهم كل احترام وتقدير ، وكذلك نحن نحترم الحضارة الأوربية ، والتكنولوجيا والثورة الصناعية الغربية ، ونتمنى أن يكون فيما بيننا وبينهم تعاون في شتى المجالات التقنية والفنية والاقتصادية والعلمية شريطة أن يبقى الاحترام المتبادل لثقافة كل أمة  0

 وإلى اللقاء دائماً إن شاء اللّه ،،،