قطر والمشي في المنام

قطر والمشي في المنام
 ذهب ابن قطر البار وأميرها تميم المجد “أحنف بني تميم” إلى الرياض عاصمة الحرمين الشريفين السياسية لحضور الإجتماع الذي يعقده أشقائة قادة العالم الإسلامي مع الرئيس الأمريكي ترامب في مايو 2017م.
وكان قلب ابن قطر مثل قلوب أهله القطريين في المؤتمر كله صفاء وطهارة وإبتسامة وحباً وعشقاً لأي إنجاز ممكن يحقق الخير والسلام لشعوب العالم الإسلامي من خلال المؤتمر!.
 ولكن اكتشفنا للأسف أن جزء رئيسي من المؤتمر ومن أقرب القادة لنا في بلاد الحرمين وإمارة أبوظبي بأنهم كانوا يحيكون مؤامرة ضد قطر، فصفاء إبتسامتنا كان يقابله أنياباً صفراء ينفث منها السم الزعاف، وحبنا وعشقنا لنجاح الأمة كان يقابله بغضاء وحقد وكراهية وحقداً دفين مزمن موغر في صدورهم!!.
 والدليل على ذلك بمجرد عودة ابن قطر البار “أحنف ابن تميم” إلى وطنه تم فبركة وتفجير أزمة إلى هذه اللحظة لم نفهم ما هو السبب من وراء الفرقعة الكبيرة اللازمة وتلاها الحصار الجائر على قطر حفظها الله، إلى أن بدأت وسائل إعلامهم تتفاخر أن أطفال قطر أصبحوا بدون الألبان في شهر رمضان المعظم، ومع هذا التفاخر قذفت وسائل إعلامهم السموم الدفينة التي في أنفسهم على قطر من خلال كيل السباب والشتائم التي لا معنى لها، إلا أنها تصدر من أنفس مريضة حاقدة احتقن الخراج في قلوبها ربما لعشرات السنين ومع افتعال الأزمة أصيبت بحالة إستفراغ مقزز للنفس الآدمية!. وهذا يعطينا جوهر المشكلة ، لولا إنفجار بركان الحقد والكراهية في قلوب بعض قادة الجوار ، لا ظللنا ربما لمئات السنين لا نصدق حتى في رؤويا المنام بأن هناك حقد دفين في قلوب الجوار ، ومن هنا نعود للمقولة التاريخيه الأحداث العظيمة لا تكتشف إلا بالصدفة لكنها تغير مجرى التاريخ كما سنذكر لاحقاً!.
 ومقابل كل ذلك كنا ومازلنا وسنبقى نكن كل الحب والإحترام لأشقائنا وأهلنا في بلاد الحرمين، والإمارات العربية وباقي دول الحصار، ونحمد الله الذي كشف لنا أشياء لن نستطيع كشفها حتى لو أجرينا جميع التجارب النفسية والإجتماعية لمدة ألف سنة وهي خبايا الأنفس البشرية المريضة!.
 الهدية الكبرى التي قدمتها دول الحصار لقطر هو ما كنا ندعو له منذ أكثر من 25 سنة من خلال عمل قاعدة إنتاج غذاء إستراتيجي محلية تغطي على أقل تقدير 50% من إحتياجات السوق المحلية، ولكن في تصورنا التراخي هو بسبب إرتفاع مستوى الدخل أولاً فكان بإمكاننا أن نستورد جميع متطلباتنا من أي سوق تجاري في العالم وربما بقيمة أرخص حتى من إنتاجه محلياً، ثانياً تشجيع الصناعة الغذائية البينية ما بين دول مجلس التعاون الخليجي وتجنب التنافس والتركيز على التكامل، ولكن عندما استفاق القطريون على الخبر الصاعق من دول الجوار وبشكل خاص من بلاد الحرمين ومشيخة أبوظبي، وهو فرض حصار مطبق على قطر والتركيز من خلال الحصار على حرمان أطفال قطر من شرب اللبن في الصباح الباكر لأول يوم للحصار، وهذا القرار وقع كالصاعقة على القطريين وليس بسبب الطعام ولكن بسبب وقوعه من بلاد الحرمين التي من المفترض أن تكون المغيث للعالم الإسلامي وليست قطر فقط، ولكن الفاجعة وقعت، ولو سأل القطريون هل ممكن يحدث هذا القرار، لقالوا لن يحدث حتى لو بعد 100 مليون عام، يعني مستحيل حدوثه!.
 ومن هنا سندخل في لب الموضوع “قطر تمشي في المنام” قطر كان جل هدفها هو التكامل الغذائي مع دول الجوار وبقية دول العالم، ولولا كارثة الحصار، لما فكر القطريون في الإنتاج الإستراتيجي المحلي، وأكرر كان هدفنا هو على أن يكون 50% من الحاجة المحلية، فقد كان الإنتاج الغذائي المحلي قبل كارثة الحصار أقل من 15%!. وبدأ التخطيط الإستراتيجي بعد ذلك لكي يصبح إنتاج الغذاء المحلي الإستراتيجي إلى أكثر من 70% وهو أكثر من طموحنا الذي ننادي به منذ 25 عام! إذاً لولا بركة الحصار لما فكرنا أن يكون مخزوننا الإستراتيجي من الغذاء يصل إلى 70%!.
 ومن هنا انطلق بعض الفلاسفة من تصورهم حياتنا هي مجرد صدف فأحياناً نبحث عن شئ ربما يكون تافه ونرتطم بإكتشاف عظيم ربما يكون له الدور الأكبر بتغيير حياة البشرية بأكملها!. إذاً الحصار قادنا إلى إمكانية إيجاد إنتاج محلي إستراتيجي يصل إلى 70% من متطلبات السوق المحلي الأساسية، فيرى الكاتب نسيم أبو طالب أن الأحداث الكبرى التي غيرت مسار البشرية معظمها إذا لم يكن كلها حدثت عن طريق الصدفة، فمثلاً إتجاه الرحالة إلى الغرب عبر المحيط الأطلسي للوصول إلى الهند فإذا بهم يجدون شيئاً آخر لم يكونون يدرون بوجوده من قبل وهو أميركا، وأميركا غيرت مركز العالم من العالم القديم، إلى القارة المفقودة التي تخيلها الفلاسفة قبل التاريخ ولكن اخطأوا في تفسير حقيقتها!!. والكيميائي الكسندر فلمنغ كان يقوم بتنظيف مختبره عندما وجد أن عفونة البنسيلينيوم قد لونت إحدى تجاربه القديمة، وهكذا فإنه وقع على خواص البنسيلين وإكتشاف البنسيلين الطبي غير مسار التاريخ الطبي وأنقذ حياة الملايين من البشر!.
 إذاً نحن أمام ثلاثة أمثلة، الرحالة مشوا في المنام فاكتشفوا أميركا بالصدفة، والكيميائي مشى في المنام واكتشف البنسلين بالصدفة الذي أنقذ بها حياة الملايين من البشر، وقطر مشت في المنام ففجعها الحصار وشماتة جيرانها في بلاد الحرمين ومشيخة أبوظبي بأن أطفال قطر أصبحوا بدون لبن، ولكن بعد أن استفاقت من المنام وجدت نفسها قوة إستراتيجية في الطريق إن شاء الله تأكل ما تزرع، وتلبس ما تصنع!.
 وعندي لكم سؤوال والثاني إلتماس:-
أولاً: هل الحصار من ناحية الإنتاج الإستراتيجي مفيد أم ضار!؟ في رأيي نافع!!.
ثانياً: نلتمس من رئيس الوزراء الإيعاز لجهات الإختصاص للقضاء على البيروقراطية القاتلة وعدم التنسيق ما بين الإدارات المختلفة التي تجمد مشاريع إنتاجية ضخمة على مستوى قطر بدون سبب واضح!؟.
 وأخيراً رسالة من بلاد ” أحنف بني تميم” قبل 14 قرن من الزمان عندما طلب معاوية البيعة من الأحنف، فقال الأحنف في البيعة “أسمع يا معاوية أن القلوب التي بغضناك بها لفي صدورنا وأن السيوف التي قاتلناك بها ما تزال في إغمادها، وأن تقبل للحرب شبراً أقبلنا لها ذرعاً!”.
 فلما سمعت زوجة معاوية هذا الكلام “تعجبت واستغربت أن معاوية لم يقتله” وبعد خروج الأحنف “طلبت منه ذلك!؟” فرد عليها معاوية “أنه الأحنف ابن قيس التميمي الذي إذا غضب ، غضب معه مائة ألف سيف لا يسألونه لماذا غضب”، والأحنف التميمي المعاصر “إذا غضب يغضب معه عشرات الملايين من السيوف ولا يسألونه لماذا غضب!؟”.

وإلى اللقاء دائماً إن شاء الله.

القطريون لن يقبلوا نسخة السيسي

القطريون لن يقبلوا نسخة السيسي
 نختلف ونتصالح فيما بيننا وهذا الأمر الطبيعي للبشر، أما نظرية الدمية وتشكيل من خلاله حكومة صورية فهذا أمراً مرفوضاً عندنا.
 فمثلاً عندما فازت قطر بإستضافة كأس العالم 2022م، وطبعاً هذه الإستضافة تعتبر من المشاريع الحكومية الكبرى التي يخطط موازاةً إلى المشروع برامج تنمية!.
 حينها اختلفت مع القائمين على مشروع كأس العالم في أهمية تنظيم كأس العالم، ونشرت موضوع في حينها “موقع د.فهد آل ثاني، البعد الإستراتيجي لتنظيم كأس العالم في قطر”. وقلنا “إذا كأس العالم سوف يعجل من إنجاز البنية التحتية لخطة 2030م فهذا الأمر طيب” وبالفعل هذا ما حدث فعلاً، ومازلت “أحذر من الركود الذي سوف يحدث بعد كأس العالم في 2023م”. ولكن من خلال متابعتي للمؤشرات أصبحت الصورة واضحة عندي، بأن دولتنا قطر بقيادة أبوحمد وفريقه جاهزين لهذه التداعيات!.
 ولكن الشئ المذهل والغريب حصوله هو وجود بعض دول الجوار أقامت الدنيا ولم تقعدها محاولةً لإفشال كأس العالم 2022 في قطر، وبالنسبة لنا كقطريين نرى كأس العالم شئ ثانوي ولا يعد من أولوياتنا في التنمية، ويعتبر من صغائر الأمور وهذا يذكرنا ببيت للمتنبي “وتعظم في عين الصغير صغارها- وتصغر في عين العظيم العظائم”.
 ونود أن نرسل رسالة لدول الجوار بأن نظرية نسخة الرئيس السيسي في قطر الحبيبة مرفوضة عندنا بنسبة 100%!.
 ونظرية السيسي، هو قيام أبوظبي والرياض، “بعملية تحريض جميع قوى المعارضة للرئيس المصري المنتخب مرسي، ودعم الرئيس السيسي للقيام بإنقلاب عسكري على الرئيس المصري المنتخب مرسي”.
 وقام الرئيس السيسي بالإنقلاب، ولكن ماذا بعد الإنقلاب!؟.
 الرئيس السيسي الآن تنطبق عليه نظرية الديك الرومي، وحلفاؤه الذين حرضوه تنطبق عليهم نظرية طهاة الديك الرومي!. “الديك يتلقى الدلال ولكن لا يعلم ما هو المصير الذي ينتظره بعد الدلال، والطاهي يتربص اللحظة المناسبة لجز عنقه”. “فالديك من اليوم الأول إلى يوم الألف يتم إطعامه يومياً، فكل وجبة طعام يتلقاها هذا الطائر، من شأنها أن تؤكد إعتقاده أن هذا الأمر ليس سوى قاعدة عمومية من قواعد الحياة، قاعدة تجعل من حقه ونصيبه أن ينال غذائه يومياً من أيدي أبناء الجنس البشري الكرام الذين سيكرسون جهودهم لرعاية مصالحه على أفضل وجه، ولكن لم يفقه بأن هذا الغذاء هو حصان طروادة، لجز عنقه في عيد الشكر في اليوم الأول بعد الألف!”.
 وهذا ما يحدث للسيسي مع حلفاؤه سهلوا له الأمر للإنقلاب على أول رئيس منتخب ديمقراطياً في مصر العظيمة. مصر تمثل الثقل العربي الأول، ولها مكانة في المقدمة في العالم الإسلامي، ولها وزن عالمي خرافي، وذلك يعود للفسيفساء السحرية التي نضجت على أرض الكنانة منذ آلاف السنين، ما بين مختلف الحضارات، الفرعونية والقبطية والعربية والسامية والإسلامية، مما أعطاها نموذج ثقافي إجتماعي قومي ديني اثني ناضج وخاص ولا يوجد في كوكب الأرض إلا أرض الكنانة!.
 وكانت مصر بعد الإنتخابات، وبعد تولي الرئيس مرسي زمام الأمور، تخطط لعمل أكبر ميناء في العالم على البحر الأحمر بالقرب من قناة السويس!.
 قف وانتبه هنا، هل تعلم ماذا يعني ذلك!؟. كانت مصر ستصبح مركز لكل الحركة المائية في العالم، وهي تمثل 90% من النقل في العالم، وعندما تقوم مصر بتشييد مطار عالمي، وجسور للطرق المعبدة وسكك الحديد ستصبح مصر، مركز حركة العالم مائياً وبرياً وجوياً!. بحيث ستربط ما بين جميع قارات العالم القديم أوربا وأفريقيا وآسيا وقارات العالم الجديد الأمريكيتين!.
 ولكن بقدرة قادر بلع الديك الطعم وجز الطاهي عنقه، ونتائج اصطياد الديك هي “اقتطع من مصر جزر صنافير وتيران، ويوجد تصور جيوسياسي لإقتطاع أرض من سيناء لتهجير أهل غزة فيها وعمل لهم دولة ذات إستقلال ذاتي تحت الإدارة المصرية، وضم غزة لإسرائيل، وستفقد مصر شريان الحياة الخاص بها وهو بسبب المشاريع الكبرى التي تقوم بها أثيوبيا ومعها بعض حلفاء الرئيس السيسي كمستثمرين في أثيوبيا على منابع نهر النيل، وذلك سيجعل مصر تفقد أكثر من 50% من مياه نهر النيل”.
 نعود ونذكر الرئيس السيسي، هل تعلم لو تم إنشاء الميناء المصري الضخم في البحر الأحمر، ما هي فوائده على مصر!؟.
 “أقل شئ ستصبح مصر واحدة من أفضل عشر دول إقتصادياً في العالم!”. ونذكر الرئيس الذي حطم الحلم المصري، هذا ما حاولت دول عمله مع باكستان الشقيقة، وهو عندما عقدت العزم باكستان لبناء ميناء جوادر في جنوب باكستان على بحر العرب، وذلك لربط الصين بطرق معبدة وسكك حديد من شمال باكستان إلى ميناء جوادر بحيث يصبح الميناء مركز عالمي تستفيد منه الصين وباكستان ويخدم كامل المنطقة!. وحاولت بعض الدول تعرقل وتعبث في هذا المشروع العظيم، ولكن رد الجيش الباكستاني كان حاسم “ووضح أن هذا يعتبر خط أحمر يمس الأمن القومي الباكستاني”.
 وكنا نتمنى لو عمل الرئيس السيسي ما عمله الجيش الباكستاني!.
 أما بالنسبة لنا في قطر فالنسخة السيساوية مرفوضة محلياً وإقليمياً وعالمياً!.
 وعندما يتم تحريضنا بأن ولي الأمر يتلقى النصح والمشورة من الحمدين، ووالدته، فهذه شهادة مدح وليست بذم، لأن الحمدين، ووالدة الأمير، خلقت جيناتهم من الطين القطري بنسبة 100%، ومعنوياتهم وإنتمائهم قطري 100%، ومهما اتفقنا أواختلفنا معهم، إلا أننا نتفق جميعاً على شئ واحد وهو حب قطر، وأرضها وكل ما يسير على أرضها، وما تحت أرضها، ومجالها المائي، ومجالها الجوي، ومجالها الفضائي، إذاً نحن القطريين نشكر تميم المجد إذا كان يستمع، ويتناقش مع الحمدين ووالدته، ونتمنى أن تتسع دائرة المشورة إلى أن تشمل القطريين المؤهلين كلاً في مجاله، والقرار الأخير له، وله منا السمع والطاعة!.
 وطبعاً جميعنا نرفض قراراتنا المصيرية لوطننا الغالي أن يتم فيها إستشارة أبوظبي، أو الرياض، أو تل أبيب!.
 أما بالنسبة للكمال القيادي فهو لوجه الله سبحانه وتعالى، إخواننا في السعودية وتحديداً في الرياض ألستم أنتم القائلين، من خلال إحدى علمائنا، علماء السلف الصالح “أهل الحديث” وهو عندما سأل أحد علماء في الرياض “لماذا ولي أمرنا ليس بعادل مثل عمر بن الخطاب!؟”، فكانت إجابة العالم “كونوا مثل الصحابة والتابعين في عهد عمر، وسوف يكون الإمام مثل عمر!”.
 إذاً هذا إقرار من الرياض بأن نموذج سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه غير موجود في عصرنا هذا، ومن يرى منكم: يا أمير محمد بن سلمان، أو يا شيخ محمد بن زايد مثل عدالة سيدنا عمر رضي الله عنه، فليقف موقف سيدنا عمر ويقول مقولة عمر رضي الله عنه “أيها الناس من رأى منكم في إعوجاجاً فليقومه”، فقام رجل وقال “والله لو رأينا فيك إعوجاجاً لقومناه بسيوفنا”، فقال عمر “الحمد لله الذي جعل في هذه الأمة من يقوم إعوجاج عمر بسيفه!”.
 وإذا كان الشيخين المذكورين هكذا، نحن القطريين سوف نشد الرحال لكي نتعلم منكم وننقل عدالتكم لولي أمرنا ونناصحه بها!. ولكن نرى عكس ذلك، والبوادر لا تقول ذلك عندكم، وظاهر الأمر شعوبكم مغلوب على أمرها، ومحظور عليهم حتى إبداء آرائهم والدليل على ذلك هو التالي:-
 أولاً: الإمارات، أصدر النائب العام أمر طوارئ، “حظر التعاطف مع قطر أثناء الحصار بأي طريقة كانت”.
وعقوبة هذا الأمر والذي يعتبر (Martial Law) “قانون حرب” “تعرض صاحبها لسجن من 3 إلى 15 سنة، وغرامة لا تقل عن 500 ألف درهم”.
 ثانياً: السعودية، أصدرت أمر “قانون حرب” “التعاطف مع قطر أثناء الحصار يعرض صاحبه للسجن خمس سنوات وغرامة 3 ملايين ريال!”.
 وأخيراً إذا كانت هذه العدالة عندكم، فدعوننا نحن وشأننا، واذهبوا أنتم وشأنكم، ونقول لإخواننا المغرر بهم بأن يعودوا إلى رشدهم “وليس بهكذا تورد الإبل!”.

وإلى اللقاء دائماً إن شاء الله.
د.فهد بن عبد الرحمن آل ثاني
أستاذ الجيوبوليتيكس المشارك والمحامي.
www.df-althani.com

إبن عزيزي حرر العرب من المحيط إلى الخليج

بسم الله الرحمن الرحيم

10/4/2011

أولاً: حلم طلبة العرب إلى المجهول:

*  عندما كنا طلبة في المملكة المتحدة في الفترة 1988م : 1992م تقريباً، وكنا في أحدى السيمنارات التي تعقد أسبوعياً وكان الموضوع في ذلك السمينار عن (Willpower) قوة الإرادة، وكان المحاضر يقول قوة الإرادة ممكن تنشأ مع الإنسان من الناحية المعنوية والنفسية منذ نعومة أظافره، إما بسبب عقيدة دينية ينتمي لها، أو بسبب مذهب ما تنتمي له أسرته إلخ.

*  ولكن لتحقيق قوة الإرادة لابد من هدف ممكن الوصول إليه ويسعى له الإنسان، وبعد ذلك المحاضر استخدمنا نحن الطلبة الموجودين في المحاضرة آنذاك كنماذج لمحاضرته قائلاً ] مثلاً أنتم الطلبة موجودين هنا الآن لكل منكم هدف في المكان الذي أتى منه[ولتحقيق هذا الهدف لابد من ميكانزم “الآلية” لإيصالكم له، وهذا الميكانزم هو الدراسة ولتحقيق الدراسة لابد من إرادة، ولكن مع عدم وجود الهدف إستحالة وجود الإرادة القوية لترفع معنوياتكم لإنهاء الدراسة، وبعد ذلك بدأ يسألنا بعض الأسئلة لكي يربطها بموضوع السمينار!!، مثلاً:-

فهد، ما هو الهدف الذي تتعلم من أجل أن تحققه في وطنك؟.

الإجابة، أريد أن أخدم وطني في أي مجال ولا يوجد هدف محدد!.

محمد، ما هو الهدف الذي تتعلم من أجل أن تحققه في وطنك؟.

الإجابة، لا يوجد هدف محدد، ولكن أريد أن أأمن مستقبلي المادي فقط!!.

سعد، ما هو الهدف الذي تتعلم من أجل أن تحققه في وطنك؟.

الإجابة، لا أدري، عايز أعيش فقط داخل أو خارج وطني!.

*     بعد ذلك طرح نفس السؤال على بعض الطلبة الأجانب:-

جون، ما هو الهدف الذي تتعلم من أجل أن تحققه في وطنك؟.

الإجابة، أعمل في أحدث المراكز الإستراتيجية، ومنتمي لحزب العمال ويوجد لي دور فعال في المرحلة السنية.

ديفيد، ما هو الهدف الذي تتعلم من أجل أن تحققه في وطنك؟.

الإجابة، مرشح للعمل في أحدث القطاعات الحكومية، ومنتمي لحزب المحافظين.

كريستين، ما هو الهدف الذي تتعلم من أجل أن تحققه في وطنك؟.

الإجابة، سؤال جيد، ولكن أنا أكاديمية أصلاً وعندي تصور أكاديمي أريد أن أحققه في فترة زمنية محددة، وإذا لم يتحقق أرى أن مؤسسات المجتمع المدني التي تمثلني وتمثل طموحات كثيرة، وسأنتقل لإحدى هذه المؤسسات عندما أجد الفرصة المناسبة.

*  ومن هنا تعقيب عن المحاضر، بحيث قال:- بالنسبة للثلاثة الأخيرين “الطلبة الأجانب” أرى أن عندهم بعض الأهداف وذلك سيقوي عامل الإرادة لديهم للوصول إلى أهدافهم.

*  ولكن بالنسبة للطلبة الثلاثة الأوائل في العينة “الطلبة العرب” أعتقد بأنهم يملكون إرادة خارقة، بحيث يستخدمون الآليات كاملة وبنجاح، والهدف هو الوصول للمجهول!!.

*  فأجبناه نحن الطلبة الثلاثة العرب بأن إرادتنا نستمدها من الله سبحانه وتعالى، ومن يتوكل على الله فهو حسبه!!.

ثانياً: إبن عزيزي طيب الله ثراه أجاب على المجهول:-

*     هل تعلمون أين وجدنا هذا المجهول بعد عقدين من الزمان!؟

الإجابة:- وجدناها عند الشهيد إنشاء الله إبن عزيزي التونسي، بعد عقدين من الزمان، بعد أن حصل إبن عزيزي على الشهادة الأكاديمية، ذهب ليطرق جميع الأبواب باحثاً عن عمل، فصدت جميع الأبواب في وجهه!. فكان عنده أحدث الخيارين:- إما يشحت في الشوارع! أو أن يعمل في أية حرفة شريفة تأمن له قوت يومه!.

*   فكان الخيار الثاني أفضل بالنسبة له كعربي شهم وكريم، فاختار أن يعمل على عربة خضار ليأمن لقمة العيش اليومية، ومن هنا ثارت غيرة المنافسين، فوشوا عليه عند السلطات!!.

*  وجاءتة الشرطة، فسألوه، هل يوجد عندك ترخيص؟. قال إبن عزيزي لا يوجد عندي، وتمت مصادرة العربة، وضرب إبن عزيزي!!. ومن هنا ما كان من إبن عزيزي إلا أن ذهب وأحضر لتر من الجاز، وسكبه على جسده الكريم، وسحب عود ثقاب وأشعله في جسده الكريم، والنار التي اشتعلت في جسد إبن عزيزي، أصبحت كعود الثقاب الذي أشعل العالم العربي من المحيط إلى الخليج العربي!!.

*  طبعاً من هنا الأنظمة ستتهم إبن عزيزي بأنه تنظيم كامل ومدسوس بين الجماهير العربية، فإذا كان النظام حليف للإشتراكية سوف يتهم إبن عزيزي بأنه إمبريالي رأس مالي، وإذا كان النظام حليف للرأسمالية، فسيتهم إبن عزيزي بأنه مدسوس من النظام الشيوعي الإشتراكي!.

*  طيب، طيب، طيب، ولنتوقف لبرهة فالنظام الإشتراكي سقط وتلاشى,والنظام الرأسمالي أصبح الجميع إما حليفاً معه أو يتملق عنده، ولكن القرن الواحد والعشرين له فزاعة أخرى، وهو القاعدة، إذاً ربما يتهم إبن عزيزي هو تنظيم القاعدة كاملاً، ولكن يمثل فرقة القاعدة التحت أرضية المتمثلة بالجن، وتنظيم إبن عزيزي يشمل فريق من الجن مكون من الزجاجة التي فيها لتر من الجاز، والجني الثاني عود الثقاب الذي أشعل الوقود، والثالث جسد إبن عزيزي الطاهر الذي أشعلت فيه النار، وهؤلاء الثلاثة الجن القاعديين وسوسوا لشعوب الأمة العربية المغلوب على أمرها أن تنقلب على الأنظمة الديناصورية وتطالب بحقوقها!!.

ثالثاً: إلى أين يا ديناصورات السلطة العربية:-

*  كانت الأمة سابقاً تبتلى بواحد ويبقى جاثماً على أنفاسها إلى أن يتوفاه الله، أو يخلع، أو يصاب بالجنون ويفقد الأهلية!. ولكن كارثة القرن الواحد وعشرين، أصبح الواحد نظام  جيني يشتق منه ألف واحد، فالواحد هذا أصبح ديناصور ذو حمض نووي متجدد وذلك يمثل أبنائه وبناته وزوجاته، وقام هذا النظام الجيني الديناصوري بخطف كل شئ وتحويله إلى إنجاز عالمي، وذلك على سبيل المثال لا الحصر:-

*  من أحسن سياسي؟ (النظام)، من أحسن إقتصادي؟ (النظام)، من أحسن أكاديمي؟ (النظام)، من أحسن باحث إجتماعي؟ (النظام)، من أحسن باحث بيئي؟ (النظام)، ومن أحسن باحث زراعي؟ (النظام)، من أحسن باحث في الآثار والفنون والموضة والأزياء؟ (النظام)، من أحسن من يقوم بالأعمال التطوعية والإنسانية؟ (النظام)، من أحسن ديمقراطي؟ (النظام)، من أحسن منظم لمنظمات المجتمع المدني المستقلة عن الحكومات إستقلالية كاملة؟ (النظام!!)، من أحسن من يدير أموال الأمة في الداخل والخارج ممثلة بصناديق الأجيال القادمة (علماً بأن الأجيال المعاصرة هلكت من الجوع وتفتقد لأدنى أساسيات الحياة، ولكن نظرة النظام الثاقبة كانت حريصة على المستقبل)؟ (النظام)، من أحسن من يقوم بالأدوار التجارية؟ (النظام)، من أحسن من يشتري من معارض المجوهرات بعشرات وأحياناً بمئات الملايين؟ (النظام)، من أحسن شاعر وأديب؟ (النظام)، من أحسن سائق خفيف وثقيل وشاحنة؟ (النظام)، من أحسن سائق سيكل (عجل)؟ (النظام)، من أحسن من تكلم لغات؟ (النظام)، من أحسن من يحمل الجوائز العالمية بما فيها نوبل يفترض لجميع المجالات؟ (النظام)، من أحسن من ركب الدواب؟ (النظام)، من أحسن من عمل كل شئ علمنا عنه, أم لم نعلم عنه؟ (النظام).

*  طيب السؤال الذي يطرح نفسه ما دامت هذه الأنظمة اختطفت جميع الأدوار لنفسها:- نحن الشعوب العربية لماذا متواجدين؟.

*     الحل هو المجهول، والمجهول عند القاعدي الجني إبن عزيزي!!.

*  من سخرية القدر، قال رجل محترم طاعن في السن من البادية كنا دائماً نسمع عن السلطة المحيطة (الرجل الذي يستطيع أن ينفذ كل شئ بنفسه)، ولكن لم نراها في الواقع ولا نعتقد بأنها موجودة، والسبب في القبيلة الواحدة أو الأفخاذ القبيلة يشتهر كل خمسين سنة أو مائة سنة رجل بإنجاز واحد، ويتناقل هذا الإنجاز إلى آلاف السنين وربما إلى يوم يبعثون، فمثلاً عندما يسألك شخص عن فخيذة ما ويطلب منك أن تميزها، تقول له هذه الفخيذة ينتمي لها الشاعر الفلاني مثلاً، فيقول لك السائل نعم عرفت هذه القبيلة الآن.وفي بلاد الشام رجل آخر قال لكي نعرف المناطق الجغرافية المختلفة في الشام، كنا نقول هذه القرية الفلانية التي استشهد فيها الفارس فلان، وهاذي القرية الفلانية التي ولد فيها الأديب فلان، وهلمجرا…….. إلخ. ولكن الآن في القرن الواحد والعشرين نجد رجل ديناصوري واحد يخطف جميع الإنجازات، (هل ذلك يعقل) !؟.

رابعاً: توزيع الأدوار:-

أولاً: العبد لله كاتب هذه المقالة الهواية الأولى عنده الصيد بالصقور، وقمت بإستئجار شخصاً وصف لي بأنه مدرب صقور ممتاز، لكي يقوم على تدريب الصقور الخاصة بي شخصياً، وذهبنا في رحلة صيد، ولكن لسوء الحظ الأجير الغلبان لم يوفق في تدريب الصقور، والنتيجة لم تكن صقورنا في بداية الرحلة جيدة في الإنقضاض على الفرائس، فعرفت أن عند الصقار مشكلة ما، فقمت شخصياً بمساعدته في تدريب الصقور إلى أن أبلت صقورنا بلاءاً حسناً في الصيد، فصدم الصقار الأجير لأنه كان يعتقد بأنني لا أجيد تدريب الصقور؟ فقال لي أنت مدرب صقور جيد، إذاً لماذا لا تدرب صقورك بنفسك؟. فأجبت الأجير، إذا خطفت عنكم جميع الأدوار، إنتهى الهدف الأسمى من رحلة الصيد، أهم ما في هذه المرحلة كل واحد منا يقوم بدور ما، مثل إحدانا دورة تدريب الصقور، والثاني دورة قيادة العربة (السيارة) وصيانتها، والثالث دورة الإشراف على التموين وتحضير الطعام، والرابع دورة الإشراف على المخيم وإدارته، والخامس دورة القيام بعملية الإمداد والتجهيز… إلخ.

*  ومن هنا كلاً منا له دور فعال ومهم لإنجاح الرحلة، وهذه المتعة الحقيقية من تنظيم هذه الرحلة، علماً بأنه بإمكان واحد منا خطف جميع الأدوار وتهميش الجميع مثل ما تفعل بنا الأنظمة الجينية الديناصورية!!.

ثانياً: سيدنا محمد (ص) نبي ورسول قبل أن ينزل عليه الوحي:-

*  ومن هنا أضرب لكم مثلاً عن العرب في الجاهلية وقبل نزول الإسلام، وإيمانهم بتوزيع الأدوار، لأن وظائف السلطات معظمها- وفلسفاتها المعاصرة، والحديثة، والقديمة، تناولتها في موقعي الإلكتروني وبإمكانكم قرائتها!.

*  والموضوع هنا بناء الكعبة قبل أن ينزل الوحي على محمد (ص) بخمس سنوات تقريباً، قامت القبائل العربية بإعادة بناء الكعبة وترميمها، ولما بلغ البنيان موضع الحجر الأسود اختلفوا فيمن يمتاز بشرف وضعه في مكانه، واستمر النزاع أربع ليال أو خمساً، واشتد حتى كاد يتحول إلى حرب ضروس في أرض الحرم، إلا أن أبا أمية بن المغيرة المخزومي عرض عليهم أن يحكموا فيما شجر بينهم أول داخل عليهم من باب المسجد فارتضوه، وشاء الله أن يكون ذلك رسول الله (ص)، فلما رأوه هتفوا: هذا الأمين، رضيناه، هذا محمد. فلما انتهى إليهم، وأخبروه الخبر طلب رداء، فوضع الحجر وسطه، وطلب من رؤساء القبائل المتنازعين أن يمسكوا جميعاً بأطراف الرداء، وأمرهم أن يرفعوه، حتى إذا وصلوه إلى موضعه أخذه بيده فوضعه في مكانه، وهذا حل حصيف رضي به القوم!!.

*     الحكمة هنا في فن القيادة وتوزيع الأدوار عند محمد (ص):-

أولاً: وضع الآلية لتحقيق الإستراتيجية.

ثانياً: وزع الأدوار.

ثالثاً: أشرف على نهاية العمل وتحقيق النتيجة.

*  وهنا الحكمة من رسولنا وحبيبنا محمد (ص) في توزيع الأدوار ولم يخطف كل الأدوار له لوحده وإمتداده الجيني والباقي إلى الجحيم إلى أن يأتيهم إبن عزيزي!!.

خامساً: سنعرض بعض الحلول:-

*  ربما تتفقون معنا فيها أو لا تتفقون ولكن أرجو أن من يشارك في الرأي أو يختلف معنا، أن يرسل رأيه في موقعي، أو موقع الصحيفة إذا قامت بنشر المقالة بالفعل، وكالعادة أكن كل إحترام لمن يتفق معنا في الرأي، ومع من يختلف معنا في الرأي:-

أولاً: يفترض أن لا يبقى موظف في المناصب العليا في السلطة التنفيذية وخاصةً منصب رئيس وزراء، أو وزير أكثر من دورتين، وكل دورة 4 سنوات، ومجموع الدورتين 8 سنوات.

ثانياً: تداول السلطة.

ثالثاً: عدالة توزيع الوظائف.

رابعاً: الشفافية في إدارة المال العام والثروات الطبيعية.

خامساً: المشاركة الشعبية في صنع القرار من خلال مؤسسات شعبية منتخبة.

سادساً: الفصل التام بين السلطات، وإعطاء دور رقابي وتشريعي لسلطة تشريعية منتخبة شعبياً، لمراقبة جميع السلطات من خلال قنوات قانونية محكمة.

سابعاً: تقديم كشف ذمة مالية لجميع موظفي السلطات، على أن يتجدد سنوياً، بشرط أن يطبق ذلك بشكل رجعي على أي موظف موجود في السلطة قبل تطبيق كشف الذمة المالية، وللعلم لإجراء الفحص بشكل رجعي سهل جداً، وبإمكان أية مكتب قانوني مع مكتب محاسبي إجراء كشف بالذمة المالية بأثر رجعي حتى لو أصبح الشخص ديناصور في السلطة، بمعنى آخر منذ 30، 40، 50 أو حتى 100 سنة، بالإمكان إجراء هذا الفحص بأثر رجعي(فقط للذكرى ولكي نطمئن قدامى الموظفين بذلك)!!.

ثامناً: عدم تولي المناصب القيادية الأجانب حتى لو تم تجنيسهم، لأننا كعرب أصبحت منتخباتنا الرياضية مجنسة، ولا نريد أن ينتقل ذلك إلى قياداتنا!!.

وإلى اللقاء دائماً إنشاء الله.

 

هل هي أزمة قيادات أم مكارثية جديدة ؟

بسم الله الرحمن الرحيم

24/10/2004

كعادة المثقفين العرب ، وخاصة الخليجيين عندما يأتي فصل الصيف ، يهرب بعضهم إلى دول الغرب ، ولهم مراكز محددة للالتقاء فيها ، ويتبادلون الحديث عن ذكرياتهم عندما كانوا طلبة ، وخاصة الطلبة الذين تلقوا العلم في الغرب ، وكم كان حجم أحلامهم عندما كانوا طلبة ؟ وما هي الأحلام التي تحققت والتي لم تتحقق منها ؟ وما هي الأسباب التي تعوق تحقيق أحلامهم ؟ وهل هم مبالغين في الأمل ؟ أو ممن صادها عشاها عياله والذين يخدمون مصالحه وعياله والباقين ينالهم التهميش ؟ 0

            وقفز أحد الزملاء وناقش ظاهرة جديدة تحدث في الغرب ، وصداها السلبي أتى أكله في الشرق من خلال بعض المعاهد الغربية كما يدعون المتخصصة 0 وسألناه ولنرمز له بحرف السين : ما هي القضية بالتحديد ؟

            فقال الزميل س : هل تتذكرون المعاهد الغربية التي كنا نتحاشى الاقتراب منها عندما كنا طلبة لسوء سمعتها وضعف علمها 0 فقلنا له نعم 0 فأضاف س : هذه المعاهد أصبحت تخطط جميع الجوانب التعليمية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية لكثير من دول الشرق الأوسط !! 0 ويضيف س : أن هناك خطر على الشرق الأوسط من هذه المعاهد ، لأنها لن تأتي لتقديم تقنيات معينة لرفع مستوى الأداء للدول الشرق الأوسطية ، بل قدمت لتحقيق استراتيجية أيديولوجية محددة كخطوة أولى لتحقيق نظرية الشرق الأوسط الكبير !! 0

            فضحكنا جميعنا وقلنا للزميل ، لن يستطيعوا تحقيق ذلك في منطقتنا الشرق أوسطية ، لأننا نحن جميعنا خريجو الغرب ونجيد اللعب لجميع أوراقهم ، فما يناسبنا سوف نأخذه وما لا يعجبنا سنرميه عليهم ، أي على الغربيين !! 0

            فضحك الزميل س وقال : أنتم جميعكم الذين تستوعبون ورق اللعبة ستحرمون من أي أدوار قيادية ، ومن أي إبداء للرأي ، وسيبقى دوركم كأشخاص أقل من عاديين ومهمشين !! 0

            قلنا للزميل س : من إذاً سيقوم بأعمال الإدارة ؟ قال : ستقوم هذه المعاهد الأجنبية باختيار مجموعة لم تتأثر بالفكر ما قبل الماكارثي ، وما بعد المكارثي ، لكي تقوم بدور تنفيذ أوامر المعاهد الأجنبية المشبوهة 0

            وأضاف الزميل س قائلاً : بأن هذه المعاهد ستقوم باختيار أغلب الإداريين من الخريجين القدماء من الدول الغير عربية ، وستطلب هذه المعاهد لإضفاء الصورة الجدية على دورها بإعطاء هؤلاء الخريجين دورات في الكمبيوتر وفي اللغة الإنجليزية وفي بعض التقنيات ، لكي يبدون ظاهرياً بأنهم مؤهلين لكي يقوموا بدورهم القيادي على أكمل وجه ، ولكن الأوامر الباطنية هي أوامر المعاهد الأجنبية وما على هؤلاء الإداريين المدربين إلا تنفيذ الأوامر !! 0

            وأضاف الزميل س بأنه في صيف 2004م التقى بمجموعة من قدماء الأساتذة العرب بعثتهم مدارسهم لتعلم اللغة الإنجليزية في بريطانيا وفي أمريكا لمدة شهر ، وهؤلاء من خريجي الخمسينيات والستينيات والسبعينيات وبعضهم الثمانينيات من القرن الماضي ، والمطلوب منهم أخذ دورة لتعلم اللغة الإنجليزية وفن التعامل مع الحاسوب في فترة زمنية لا تتعدى شهراً واحداً 0 وقلنا له شهراً واحداً !! 0 وقال نعم شهراً واحداً 0 وأضاف الزميل س بأن السنة القادمة أي صيف 2005م ستقوم هذه المعاهد بإرسال هؤلاء الأساتذة والقيادات الظاهرية لمدة شهر إلى الغرب لكي يتعلموا اللغة الإنجليزية والتي يفترض أنهم اكتسبوها في صيف 2004م ، وبالإضافة إلى ذلك تعلم اللغة الفرنسية والألمانية والإيطالية وفن إدارة  الحاسوب ، وقلنا له أيضاً في شهر واحد !!؟ 0 رد علينا الزميل س : نعم في شهر واحد أي ستة أيام لكل لغة من اللغات الأربع ، والستة الباقية لفن إدارة الحاسوب !! 0

            ثم تساءلنا جميعنا لماذا هذا المجهود الخرافي كله ، علماً بأن القيادة لا تصنع ، وإنما تولد فطرياً ، فقط تحتاج الفرصة والعقل لكي تصبح قيادة 0 والدليل على ذلك سيد البشر جميعاً سيدنا محمد ( ص)  كان راعياً للغنم في طفولته ، ولم يذهب لكورس لغة إنجليزية لمدة أسبوع في الغرب ، وهو مازال القائد الأول في العالم إلى أن تقوم الساعة إنشاء الله !! 0

            وكذلك تساءلنا جميعنا عندما كنا أطفالاً كان يشار إلى بعضنا بأنه شخصية قيادية ، وبعض الذين كان يعتقد بأنهم شخصيات قيادية عندما استلموا الأدوار القيادية اثبتوا فعلاً بأنهم من أفضل القيادات ، والبعض الأخر كان يشار إليه في طفولته بأنه ليس بشخصية قيادية ، وفعلاً عندما استلم القيادة جلب الكوارث على الموقع الذي استلمه أو على أمته ! 0

            فقلنا إذاً ولنتفق جميعاً بأن القيادة هي هبة من الله سبحانه وتعالى يهبها للشخص ، ونستطيع أن نعتبرها أحياناً بأنها حاسة سادسة يهبها المولى عز وجل الإنسان ولا يوجد لها أية علاقة بالدراسة أو الثقافة 0 وأن أكثر مصائبنا هو عدم اختيار القياديين المناسبين في الأماكن المناسبة ، وسألنا الزميل س : لماذا من يشعر منا بأنه عنده بعض الامكانات القيادية التي من الممكن أن يساهم بها لرفعة أمته بأن يقوم بعرض الفكرة على رئيسه المباشر لكي يعطيه الفرصة حتى ولو لفترة مؤقتة ، وإما أن يثبت وجوده ويساهم في بناء الأمة ، أو أن ينسحب من الملعب معطياً الفرصة لغيره 0

            فقفز الزميل س : لا أرجوكم 00 لا تفعلوا ذلك !! 0

            فقلنا له : ما هي الأسباب ؟ 0

هل هي أزمة قيادات أم مكارثية جديدة ؟ (2)

د. فهد بن عبد الرحمن آل ثاني

باحث قطري

www.df.althani.com

            فقال الزميل س : أنه عندما أنهى الدراسة من الغرب ، كان مقرباً من رئيسه في العمل ، وكان رئيسه في العمل يعطيه الوعود بأنه سيفوضه ليقوم ببعض الأدوار القيادية ، وبعد ذلك سيضعه رئيساً لأحد الأقسام 0 فقال س : بأنه خرج بذلك ، وذهب إلى الجامعة الغربية التي تخرج منها وطلب توصية من أساتذة الزميل 00 هم من البروتستانت المتعصبين أي من جماعة المحافظين الجدد في أمريكا ، والذين يخططون لاحتلال العالم الإسلامي بطريقة مباشرة وغير مباشرة ، والزميل س من المسلمين الملتزمين دينياً ، أي بمعنى آخر عند المحافظين الجدد يعتبر أصولي ، وأحياناً يسمى إرهابي 0 ولكنهم كأساتذة أعطوا الزميل س شهادتهم بكل أمانة فقالوا عنه : من الناحية الشخصية كريم النفس ، وشهم الطباع ، وصادق في التعامل ، وذو علاقات اجتماعية قوية ، ويستطيع أن يكسب الأصدقاء بسهولة 0 ومن الناحية العلمية ، سريع التطور والتجدد ، ومحاور فذ ، وجرئ ومؤدب في إبداء رأيه ، ويحترم الرأي الآخر ، وقالوا أساتذته بأن أي طالب يمتلك هذه المواصفات بأنه مؤهل أن يستلم أي منصب قيادي أياً كان نوعه 0

            فقلنا جميعاً لزميلنا س : ما تقوله غير معقول ولا يصدق 00 فأساتذتك من المسيحيين المحافظين الجدد ، وقاموا بإعطاءك هذه الشهادة !! 0

            فقال الزميل س : من حقكم أن لا تصدقوني ، ولكنني في يوم الغد سأحضر صورة للتوصية لكل واحد منكم ، ومن أراد أن يتأكد بصدق الصورة ، فعليه الاتصال بالجامعة !! 0  وبالفعل احضر الزميل س صورة لكل واحد مننا ، وأبدى عدم ممانعته لعرضها على أياً كان

وبعد التأكد من الصورة سألنا الزميل س : ماذا فعل بك رئيسك في العمل بعد أن أحضرت له الشهادة ؟  فقال الزميل س : بدلاً من ترقيتي قام بنقلي إلى قسم آخر ، فقلنا له ما علينا مادمت تستلم نفس الأجر 0 فقال الزميل س : طبعاً لا ، فأنا استلم الآن أجراً أقل من السابق 0

            وفي الختام ، ربما يثار سؤال هنا ، ولماذا الغرب أبعد حلفاء المكارثية من الملعب ؟ 0

            طبعاً كنا كطلبة في الغرب ، وخاصة الطلبة الملتزمين دينياً متحالفين مع الغرب ضد المعسكر الآخر والذي يتمثل بالمعسكر الشرقي ذو الأيديولوجية الشيوعية ، فالشيوعيون جميعهم يقولون بأنه لا يوجد إله ، ونحن والغرب نؤمن بأنه يوجد إله ، والشيوعيون كانوا يعتمدون على الاقتصاد الاشتراكي والذي كان يدحض الملكية الفردية إلى أدنى حد ، أما نحن والمدارس الغربية كنا نؤمن باحترام الملكية الفردية ، والغرب كان يعدنا بعد انتهاء الشيوعية بأنه سيعطينا في دولنا التعددية والديمقراطية ، ونصبح في أوطاننا شركاء لا أجراء 0

            ولكن للأسف الشديد بعد انتهاء المعسكر الشرقي انتهت المكارثية وأنكرت حلفاءها الذين يستوعبون أصول اللعبة ، وأصبحت النظرية الغربية المعاصرة للدول التابعة لها تبحث عن قيادات تابعة ، وليست قيادات مشاركة ، وأصبحت النظرية الغربية بعد المكارثية تبحث عن موظفين إداريين ينفذون الأوامر وليست قيادات تصنع القرار ، وأصبحت أمريكا بعد المكارثية تبحث عن موظفين مأجورين ، وليس شركاء في صناعة أقدار أوطانهم وتاريخها !! 0

            وفي الختام نتقدم بطلب لزميلنا مدير مركز دراسات الخليج أن يخصص مؤتمراً لهذا الغرض لكي نناقش قضية أزمة قيادات أم نهاية المكارثية ، ونختار نخب عربية وإسلامية ، ونخب أمريكية وغربية لمناقشة هذه القضية في جلسات مفتوحة أمام الجمهور ، لكي نثبت للجمهور ما قلناه أعلاه 0

            ولابد أن يقوم مركز الخليج بهذا الدور ، وخاصة أن دولتنا الحبيبة أصبح اسمها في الخليج : قطر ، دولة الانفتاح والمؤتمرات 0 فلذلك أكرر على الزميل أعلاه للتفكير في اقتراحنا 0

            ونكرر قائلين لجميع مواطني العالم الإسلامي ، بأنكم إذا أردتم أن يكون لكم دوراً في أوطانكم ورفعة شأنها فلابد أن تكونوا شركاء لا أجراء 0

            والى اللقاء دائماً إنشاء اللّه

هل الشعوب تقبل التغيير ؟

بسم الله الرحمن الرحيم

6/9/2005

إن قضية تغيير الزعامات العربية التاريخية أصبحت عملية معقدة وذلك لأن الشعوب أصبحت معنوياً مذعنة ان هذه الزعامات التاريخية أصبحت من المسلمات التي لا جدوى لا من الناحية الإيجابية ، ولا من الناحية السلبية مناقشتها ، وكان هذا الموضوع هو الموضوع الساخن في الصحافة الأجنبية في صيف 2005م ، وأكثر الأمور التي لفتت نظري في مواضيع صيف 2005م في أوربا0 هو  بداية تحاشيها استخدام مصطلح الإصلاح كمصطلح هولامي وتركيزها في موضوع الإصلاح من خلال محاور محددة ، كما أشرنا مراراً وتكراراً بأن الإصلاح الحقيقي هو : (أ) تداول السلطة ، (ب) عدالة توزيع الوظائف ، (ج) عدالة توزيع الدخل ، (د) الشفافية في إدارة المال العام 00 الخ 0

إذاً نحن وأوربا بدأنا نتقارب كثيراً من حيث مفهوم الإصلاح 0 وطبعاً كان تركيز الصحافة الأوربية من حيث الإصلاح على مصر حيث أن مصر تشكل أكثر من ثلث سكان العالم العربي ، وإصلاحها يعتبر حجر الزاوية لإصلاح العالم العربي 0 وكان موضوع الإصلاح في مصر مركزاً على تداول السلطة في مصر من خلال صناديق الاقتراع لاختيار الرئيس ولكن المفاجأة الكبرى لجميع المحللين هو ترشيح الرئيس مبارك نفسه مع المرشحين الآخرين ، ويعود ذلك إلى أن السيد مبارك يعتبر رمزاً لمصر أكثر من رئيس سلطة تنفيذية في مصر ، فالسيد مبارك حزبه محتكر رئاسة مصر منذ أكثر من نصف قرن ، ويبلغ من العمر أكثر من 77 عاماً 00 فهل يعقل أن الشعب المصري الشقيق سيدلي بصوته لغير الرئيس مبارك في حالة ترشيح الرئيس مبارك لنفسه ؟ ومن هنا قدمت جريدة (The Independent) البريطانية استطلاعات للرأي في مصر في أغسطس 2005م ، ومن الآراء التي اقتبسناها من الجريدة أعلاه الطالبة نادية وعمرها 18 سنة تقول ( الوجه الذي تعرفه خيراً من الوجه الذي لا تعرفه ، وبالتالي ستختار الرئيس مبارك لأنها تعودت عليه كرئيس ) 0 ومواطن آخر يدعى محمد يبلغ من العمر 25 سنة ، ( لا أعرف أي شيء عن المرشحين الآخرين ، ونحن متعودين على مبارك ، فبالتالي سأختار الرئيس مبارك ) 00 الخ 0

وهنا تقول الجريدة البريطانية ، هل سيحصل باقي المرشحين على نفس الفرصة التي سيحصل عليها مبارك من خلال إيضاح برامجهم للناخبين من خلال وسائل الإعلام الرسمية المختلفة : التلفزيون ، الإذاعة ، الصحافة المقروءة أم ستكون وسائل الإعلام الرسمية مسيطر عليها بطريقة مطلقة بواسطة السيد مبارك ؟ 0

طبعاً نحن عندما تسألنا كمحللين ما هي برامج الرئيس مبارك فجميعنا يعرفها  وبكل وضوح : (1) إصلاحات اقتصادية (2) حرية سياسية (3) ديمقراطية فعلية (4) توفير الوظائف للشباب (5) تطوير الخدمات العامة (6) رفع سقف الأجور وزيادة أجور التقاعد (7) توفير السلام والاستقرار لمصر والمنطقة (8) تكريس دور مصر القيادي للمنطقة!! 0

ولكننا لم نرى برامج المرشحين الآخرين مثل : أيمن نور مرشح حزب الغد ، ولا نعمان جمعة مرشح حزب الوفد ، وكذلك الغريب في هذا هو منع الأخوان المسلمين من المشاركة في الانتخابات وهم يشكلون أقوى تكتل للمعارضة في مصر العربية !! 0

وبالتالي تلقائياً إذا بقي الوضع على ما هو عليه من يوم كتابتنا لهذه المقالة 18/8/2005م إلى يوم 7/9/2005م يوم الانتخابات في مصر فتلقائياً سيكون رمز مصر الرئيس مبارك هو الفائز بهذه الانتخابات من دون منازع !! 0

وتعليقنا هنا ليس لمصر فقط ، ولكن لجميع المنطقة العربية سواءً كانت أنظمة شمولية أو ملكية 00 الخ 0 لماذا لا نجرب النظام البرلماني ؟ ففي النظام البرلماني يبقى الرئيس أو الملك رمز الوطن ، ويبقى تداول السلطة من خلال رؤساء الحكومات لفترات زمنية محددة ، ونضع شرطاً على رئيس الحكومة بأن لا يبقى في السلطة أكثر من دورة أو دورتين وأقصى حد ثلاث دورات ! 0

والميزة في النموذج البرلماني كل مرشح سيقدمه برنامجه الأيديولوجي والمادي الذي يقتنع به حزبه أو جمعيته أو طائفته ، وعلى السواد الأعظم من الشعب أن يختار البرنامج الذي يناسبه لفترة زمنية محددة وبعد انتهاء الفترة 00 يجدد الشعب لصاحب البرنامج أو يختار برامج أخرى ووجوه جديدة 0 وهذا الأسلوب سيكون له الكثير من الايجابيات على الرموز ومنها :

1-     عدم تلونهم كالحرباء في برامجهم لمجاراة التيار ، فيوم يلون الرمز برامجه محافظة ، والدورة التالية برامج ليبرالية ، والتي تليها رأسمالية ، والأخرى اشتراكية 00 الخ ، إلى أن يصبح الرمز العربي بلا هوية ، لأنه أصلاً لا يوجد له برنامج يعرف به سواءً كان إيجابياً أو سلبياً !! 0

2-     سهولة تداول السلطة ، وإعادة الثقة للشعوب ومرشحيها ، لانتخاب الأشخاص المناسبين في المكان المناسب كما يرونه ، وكذلك المرشح المنتخب يسهل على الشعوب مراقبته ومحاسبته من خلال البرلمان ، ومن خلال الاستفتاء العام في القضايا المصيرية ، وهنا يكمن الفرق ما بين الرموز والمرشحين المنتخبين 0

ما قلناه اعلاه ، لمسناه في آراء المرشحين المصريين الآخرين ، وبعض

سياسي الرعيل الأول وليست على مستوى مصر فحسب ، بل على مستوى

العالم العربي 0

أولاً : السيدة جميلة إسماعيل رئيس لجنة الإعلام لحزب الغد تقول : إن الوقت غير كافي للمرشح لعرض برنامجه ، فمثلاً مرشح مجلس الشعب يستغرق ما لا يقل عن ثمانية شهور لكي يتعرف عليه أهل دائرته الذين لا يتجاوزون مليون مواطن ، فما بالك بانتخابات رئاسة الجمهورية ، كنا نتمنى أن نتعامل بشكل شخصي مع الناخبين ونتصل بهم كما فعلنا في انتخابات البرلمان ، ولكننا حرمنا من هذه الميزة لضيق الوقت ، وبدلاً من جدول مزدحم بنحو 32 جولة و 17 مؤتمراً انتخابياً يقتصر الجدول حالياً على الثلث لضيق الوقت والتمويل أيضاً 0( وسنعرض عليكم لاحقاً مسئولية الحملة الإعلامية للحزب الوطني عن الزمن !) 0

ثانياً : السيد محمد مصطفى شردي المسئول عن الحملة الإعلامية لحزب الوفد يقول : الوقت لدينا قصير للغاية وقد أجريت بحثاً عن الانتخابات في الهند وجنوب أفريقيا ، وأنا متخصص أصلاً في الانتخابات الأمريكية وكنت مراقباً فيها 0 نحن لا نمتلك الحرية والآلة الديمقراطية المتاحة لهؤلاء ، كل المعطيات لدينا لا تمكننا من انتخابات نزيهة ! 0

ثالثاً : الدكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع المقاطع يقول : يوم 8 سبتمبر التاريخ سيكتب قيمة هذه المقاطعة ، عندما يرى الناس ما جرى يوم الانتخابات في السابع من سبتمبر هل هو انتخاب حقيقي أم إشراف موظفين ؟ هل دبرت النتائج وفصلت ، أم أنها نتائج حقيقية ؟ ! 0

رابعاً : السيدة لميس الحديدي مسئولة حملة الحزب الوطني الديمقراطي تقول الوقت كاف جداً ، وثلاثة أسابيع كافية بالفعل لأي مرشح رئاسي ، لأنه لا يمكن أن يكون هناك مرشح لرئاسة بلد كمصر ولا يعرفه الناس على الأقل يجب أن يكون المرشح معروفاً لدى الغالبية العظمى ، وألا فما معنى مد الحملة الانتخابية لأوقات أطول قد تكلف البلد الكثير ، ويمكن أن تشل فيها كل المصالح ! 0 ( التعليق على ما قالته الحديدي سأتركه لكم واستقبله على موقعي الإلكتروني ) !! 0

خامساً : الدكتور بطرس غالي رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان قال : ذهب إلى لبنان خلال فترة الانتخابات البرلمانية الأخيرة ، بتكليف من المنظمة الدولية الفرانكفونية ، بعد أن أعلنت حكومة لبنان عن ترحيبها بأي منظمات دولية ترغب في رصد ومتابعة هذه الانتخابات 0 وكان قصده هذه المرة في لبنان أن يتعلم على أرض الواقع ، كيف يمكن مراقبة عملية انتخابية برلمانية ؟ 0 وقد وجد أن هذه العملية ليست سهلة ، لأنها تتضمن في البداية الكشف عن جداول الناخبين ، ثم تحتاج إلى ما لا يقل عن مائتي خبير مدرب يلبسون زياً خاصاً بهم ليكونوا معروفين لدى السلطات الرسمية لتسهيل مهمتهم 0 وفي انتخابات لبنان كان هناك تنسيق بين المنظمات الدولية التي تتابع الانتخابات حيث كانت هناك بعثة الأمم المتحدة، وبعثة من كندا وأخرى من سويسرا ، وتأكد لديه أن المراقبة الصحيحة لأي عملية انتخابات عامة تحتاج إلى التحضير والاستعداد قبلها بما لا يقل عن شهرين ، ثم استمرار الرقابة والمراقبين في ساحة الانتخابات بعد انتهائها بما لا يقل عن شهر آخر 0 وعملية الرقابة الصحيحة والجادة تتكلف أموالاً طائلة ، فمثلاً انتخابات جنوب أفريقيا والتي أتت بالزعيم نيلسون مانديلا رئيساً للجمهورية ، كلفت الأمم المتحدة مائتي مليون دولار وقتها ، وبدأ التحضير للعملية الانتخابية قبلها بسنة كاملة ! 0

عرضت عليكم رأي الأحزاب المصرية من حيث التمويل والزمن فقط ، وعرضت عليكم رأي محايد للدكتور غالي 00 ( والحكم لكم على ذلك ) ! 0

في الختام الرئيس مبارك رمز نظام مصري عمره أكثر من نصف قرن ، واعتقد بأنني سأكرر ما قلته في المقدمة ، بأن مبارك يفترض أن يبقى رمزاً ولا يدخل الانتخابات ويعطي السلطة لأصحاب البرامج المتحمسين ، وخاصة الشباب منهم ، وبعد عمر طويل لا سمح الله وحدث شيء للرئيس مبارك ، من الممكن أن يتم الاستفتاء على رمز مصري آخرمن خلال المجالس التشريعية المصرية ، أو استفتاء شعبي على شخص أو شخصين ترشحهم السلطات التشريعية المصرية لاختياره أو اختيار أحدهم رمزاً لمصر باسم رئيس الجمهورية ، أما رئيس الحكومة يبقى منتخباً ولفترة زمنية محددة ، ذلك لضمان المشاركة في السلطة وسلاسة تداول السلطة 0 ولو حدث ذلك لضمنا دولة مؤسسات ذات شخصية اعتبارية عامة مستقلة في مصر ، ولو حدث ذلك في مصر سيكون بشائر خير لكل العرب والمسلمين 0

ونحن كمحللين للشأن العربي مهتمين بذلك بشكل كبير لأن صلاح مصر يعني صلاح جميع العرب ، وعكس ذلك سيبقى العرب يتخبطون كما هم الآن بدون برامج قطرية أو إقليمية أو عالمية !! 0

ملاحظة : كتبت هذه المقالة على جزأين الاول في منتصف اغسطس 2005،الثاني يوم 2 سبتمبر 2005م، وربما يتذكر هذا الرأي أعلاه الذي قلته بطريقة مقتضبة عميد الصحافة القطرية الأستاذ ناصر العثمان ، والأستاذ بابكرعيسى يوم 1/9/2005م ، وكنا مجتمعين في مناسبة مباركة إن شاء الله !0

وإلى اللقاء دائماً إن شاء الله

هل الانثروبولوجي ستنتصر للجنوب على الشمال ؟

بسم الله الرحمن الرحيم

6/6/2004

 منذ القرن السادس ميلادي إلى القرن التاسع ميلادي ، وهي خير القرون كما وصفها رسولنا الكريم محمد ص ، وفي هذه المرحلة تحقق المجال الجيوسياسي الإسلامي بأحد

طرقه الثلاثة  الفتح ، أو الدعوة ، أو التجارة 0

 وبعد هذه المرحلة بدأ الانحدار التدريجي للكيان الجيوسياسي الإسلامي إلى أن وصلنا إلى أواخر القرن التاسع عشر الميلادي كالكعكة المقسمة إلى قطع ما بين القوى الغربية

وبالتحديد الأوربية 0 ونجد أوربا في الخمسة قرون الأخيرة من الزمن بنوا قوتهم من خلال برامج استراتيجية عالمية ، برز من خلالها الثورة الصناعية والتقدم التكنولوجي والاستثمارات

الضخمة في الأنشطة الأولية ، واستثمارات أكبر اتجهت للبنية التحتية الخدمية مثل  التعليم والتجارة والنقل والمواصلات وتوفير المرافق المختلفة من كهرباء ومياه ونظافة 00 إلخ ،

ووجهوا هامش ضخم جداً من دخلهم لدعم البحث العلمي ومازالوا ، حيث بلغ الانفاق العام على التعليم من الناتج القومي كمتوسط أكثر من 10% في دول أوربا ، وما بين 10% إلى 3%

في دول علام الجنوب0

 والأهم من ذلك في أوربا ، أنشأوا دولة المؤسسات التي تنبع عن إرادة شعبية ناضجة ، وبالتالي استطاعوا أن يصلوا إلى درجة عالية من السمو والرقي ، ومن ناحية عملية

فإن الشعب هو مصدر السلطات ، وليس من ناحية صورية كما هو في عالم الجنوب 0 وهذه السلطات الناضجة استطاعت أن تراقب وبدقة انحرافات مؤشر التنمية المذكور أعلاه في أوربا

0

 ولكن رغم التخطيط الضخم في أوربا ، إلا أن إرادة اللّه سبحانه وتعالى ستبقى فوق كل شيء 0 فمع الثورات التنموية والسياسية الضخمة التي حدثت في عالم الشمال ، إلا

أن اللّه سبحانه وتعالى أوجد عند عالم الجنوب ( العالم الإسلامي ) الهبة الجيولوجية وهي ممثلة بالهايدروكاربون ( النفط والغاز الطبيعي ) وذلك يمثل 90% من الطاقة التي توفر

الديناميكية والحركة لكل آلات التكنولوجيا التي صنعها عالم الشمال، وطبعاً لم يستفد عالم الجنوب من هذه الإمكانات الضخمة  ، بل تحول الهايدروكاربون إلى وبال على عالم الجنوب ،

وأدى ذلك إلى فقدان عالم الجنوب لسيادته التي اكتسبها بعد الحرب العالمية الثانية ، وذلك إما من خلال الاحتلال المباشر كما في فلسطين وأفغانستان والعراق ، أو من خلال الحصار ، كما

هو مطبق على إيران الإسلامية وغيرها ، أو التنازل وتقديم التسهيلات للقوى الأمبريالية العالمية 0 ولكن أبت الطبيعة إلا أن تنتصر لعالم الجنوب حتى ولو من خلال التكاثر الفطري (

الديموغرافي )  0

 فالمشكلة الديموغرافية الغربية تعود جذورها إلى التقدم الضخم الذي حدث مع الثورة الصناعية مما أدى إلى تقليص معدل الوفيات ، وزيادة عدد المواليد ، وأرتفاع معدل

العمر عند الولادة ( أمد الحياة ) ، ونتيجة لذلك أصبح النمو السكاني وتضاعفه يتطور بشكل سريع في الغرب ، مما جعل بعض العلماء الغربيين مع بزوغ فجر الثورة الصناعية يحذرون

دولهم من النمو السكاني الضخم ، فلنأخذ رأيين مثلاً

 الأول  القسيس الإنجليزي توماس مالتوس 1978م قال  السكان يتزايدون وفق متوالين هندسيين 0 بمعنى أن (1) يؤدي إلى (2) ، وهذه إلى (4) وهذه إلى (8) وهكذا 0

 بينما الموارد الزراعية في عهده تزداد بمعدل حسابي 1 ، 2 ، 3 ، 4 ، 5 وهكذا0 الأمر الذي يؤدي إلى اتساع الفجوة بين عدد السكان والموارد 0 ولذلك نصح مالتوس أمته

بإتخاذ عوائق مانعة مثل تأخير سن الزواج وإطالة العزوبية لإحداث التوازن بين العدد والموارد 0 وإلا قامت الطبيعة بهذا قسراً واجبارياً عن طريق الأمراض والأوبئة والزلازل والكوارث (

رضوان ص 546 ) 0

 الثاني  ايموند بيرل من خلال نظرية الاسفنجة 0 قال  أن الاسفنج يظل يمتص الماء إلى أن يصل إلى حد التشبع ، ثم لا يحمل بعد ذلك شيئاً ، ويبدأ الماء في التساقط 0 وعلى

هذا فأي مجتمع سيظل يتقبل أعداداً كثيرة من السكان حتى يصل إلى التشبع ، ثم يبدأ بلفظ الزيادات إلى الخارج لتبحث لنفسها عن الغذاء  والمأوى ، وفي رأيه أنه من هنا تبدأ الكارثة 00

أي بداية الانهيار ( رضوان ص 546 ) 0

 والذي عزز الجانب النظري أعلاه ، لإمكانية حدوث كارثة ديموغرافية في العالم ، هو السرعة التي تضاعف بها عدد سكان كوكب الأرض ، ففي سنة 1650م كان سكان

الكوكب 500 مليون نسمة تضاعف بعد 200 سنة ليصبح 1000 مليون نسمة ، وبعد ذلك تضاعف خلال 80 سنة ليصبح 2000 مليون عام 1930م ، أما التضاعف الرابع فتم خلال 45 سنة

فقط 0 ففي عام 1975م وصل سكان العالم إلى 4000 مليون نسمة ( الخياط ص 165 ) 0

 هذا التضاعف الكبير دق ناقوس الخطر بالنسبة لإمكانية الكوكب الاستيعابية لسكانه وخاصة إذا علمنا أن 9% من كوكب الأرض فقط هو الذي يجذب معظم السكان إلى

الاستقرار به والتجمع فيه والانتفاع بخيراته ( رضوان ص 505 ) ، وذلك مهدد بشكل كبير بالتصحر والتلوث البيئي  0

 ولكن شعوب الشمال ( أوربا ) انتبهوا لهذا الخطر الديموغرافي وقاموا بوضع البرامج التي تشجع على الإباحية الجنسية ، وتأخير سن الزواج أو عدم الحاجة للزواج ،

وتقليص حجم الأسرة النووية ، وكان نتيجة ذلك في البداية إيجابية ، حيث نجد أن معدل صغار السن أقل من 15 سنة انخفض إلى أقل من 20% ( تقرير عام 2002م ص 165)، وأصبح

معظم السكان 16 – 65 سنة ، ولكن المشكلة التي تنتظر أوربا مع عدم تغذية القاعدة من خلال المواليد الجدد ، هو عندما ينتقل الشباب إلى سن الشيخوخة ، وهذا ما حدث بالفعل لأوربا الآن

، فالشباب الأقل من 15 سنة يتوقع أن يصلوا عام 2015م إلى 3ر16% من جملة السكان ، والشيوخ كبار السن يتوقع أن تصل نسبتهم إلى 3ر17% من جملة السكان عام 15/2م ، أي ما

يقارب خمس السكان الأوربيين من كبار السن ، وهذه النسبة يتوقع أن تصل إلى 25% من سكان أوربا عام 2025م0

 فأوربا أصبحت القارة العجوز في كوكبنا هذا ، وبدأت بالفعل بالانقراض السكاني ، فالنمو السكاني مثلاً في كلا من  ايطاليا 3ر0% ، السويد 2ر0% ، سويسرا 2ر0% ،

النمسا 2ر0% ، وأسبانيا 2ر0% ، وألمانيا 1ر0% 0

 ومن هنا بدأ ذلك يثير الكثير من التساؤل في أوربا ، ومن ناحية سلالية هل يعني ذلك بداية الإنحسار لسكان أوربا ، ومن ناحية سلالية وانثروبولوجية هل يعني ذلك بداية

إنقراض السلالة ( الأوربية ) الألبية والنوردية أو الجنس الأري الأوربي بشكل عام 0 ويعتقد الأوربيون الأغنياء في غرب ووسط أوربا أنه بضم دول شرق أوربا العشر إلى الاتحاد عام

204م ، ستحل جزء من المشكلة ، فيرى أستاذ الاقتصاد في جامعة كنيت دوجي فيكرمان ” بأنه لن يغادر أكثر من 150 ألف شخص أوطانهم سنوياً من شرق أوربا إلى غرب أوربا ، وفي

اتحاد يضم 500 مليون نسمة ، لا يمكن اعتبار ذلك تدفقاً ” ( نيوزويك العدد 165 ص 22 ) 0 وبالفعل إحصائية الهجرة المذكورة سلفاً لا تعني شيئاً بالنسبة لأوربا ، فمثلاً ألمانيا لوحدها

ستحتاج إلى 300 ألف مهاجر سنوياً بحلول عام 2010م للحفاظ على تعدادها السكاني إلى ضعف المذكور أعلاه ، وبالنسبة للأوربيين يفضلون مهاجرين من داخل أوربا على وجود أفريقيين

وآسيويين الذين يشكلون نسبة متزايدة من مستوطني أوربا الجدد ( نيوزويك العدد 165 ص 23 ) 0 وخلاصة القول حتى لو انفتحت أسواق العمالة الأوربية عام 2004م على بعضها فذلك

لن يساهم في حل مشكلة الشيخوخة الأوربية ، ويتوقع أن تفقد أوربا خلال الخمسين سنة القادمة 40 مليون نسمة من سكانها ( نيوزويك العدد 159 ص 20 ) ، ويضاف إلى ذلك إذا استمر

الوضع أكثر من 200 مليون نسمة من سكان أوربا من كبار السن ( 65 سنة فما فوق ) 0

 ذلك يعني بأن أوربا ستحتاج خلال الخمسين سنة القادمة إلى ما يقارب من 200 مليون مهاجر سكاني في سن العمل ، ونحن نرى بأنه أفضل أماكن لتغطية هذا النقص الأوربي

، هو الدول التي تعاني انفجاراً سكانياً ، حيث نجد أن نسبة التضاعف السكاني عندها كمتوسط كل 25 سنة ، مثل دول العالم العربي والتي تبلغ نسبة النمو السكاني عندها ما يقارب من 3%

سنوياً ، ويتوقع أن تصل نسبة الشباب في سن العمل 16 – 65 سنة في عام 2015 إلى 2ر63% من سكان العالم العربي وذلك يعادل 210 مليون عامل ، بما أن العالم العربي الآن 50%

من القوى العاملة فيه تعاني من البطالة السافرة والمقنعة ، ولا توجد برامج تنمية تذكر الآن ، فيتوقع بعد أكثر من عقد من الزمان أن نسبة البطالة ستكون أكثر من الآن 0 بمعنى آخر ،

سيكون العالم العربي في عام 2015م على استعداد لتغذية أوربا بما يقارب من 100 مليون عامل على أقل تقدير 0 وكذلك أفريقيا جنوب الصحراء سيكون لديها في عام 2015م ما يقارب من

330 مليون شخص في سن العمل ، ولا توجد لديهم برامج تنمية تذكر ، لاستيعاب هذا الانفجار السكاني الضخم ، ووضعهم الاقتصادي الآن أسوأ من العالم العربي ، ويتوقع أن يصبح أكثر

سوءً في عام 2015م ، إذاً من الحلول لأفريقيا الزنجية وللاتحاد الأوربي العجوز ، أن يستقبل هذا الأخير ما يقارب من ثلث العمالة الأفريقية أي ما يعادل 110 مليون عامل 0 ولو حدث ذلك

لأصبح العجز الأوربي الديموغرافي في الأيدي العاملة كما هو متوقع في عام 2050م أكثر من 200 مليون شخص ، مغطى بهجرة ما يعادل 210 مليون نسمة من العالم العربي وجنوب

الصحراء الأفريقية0

 السؤال الذي يطرح نفسه أولاً  هل ستسمح أوربا لسلالة غير السلالات الأوربية السائدة لتشكل ما يقارب ثلث سكان أوربا ؟ 0

 ثانياً  هل ستسمح أوربا لكي يكون أكثر من ربع سكان أوربا من المسلمين ؟ 0

 الإجابة كالعادة نتركها للقارئ الكريم  0

 ولو لم تسمح أوربا هنالك حل ثاني أيضاً لأوربا ؛ وهو بأن تنقل التكنولوجيا والاستثمارات الأوربية إلى دول عالم الجنوب وذلك بسبب وفرة الأيدي العاملة ، وإذا وجهت

الاستثمارات إليهم ستصبح مناطق الجنوب تشكل قوة شرائية وأسواق رائجة للبضائع الأوربية  0

 المعضلة الديموغرافية التي يعاني منها السكان البيض انتقلت من الجزء الشرقي للأطلسي إلى الجزء الغربي للأطلسي 0 فكما ذكرنا سابقاً عن أوربا بأنه يتوقع أن يصل ما

يقارب 25% من سكانها إلى فئة كبار السن سنة 2025م ، كما يتوقع أن تفقد أوربا خلال الخمسين سنة القادمة ما يقارب (40) مليون نسمة 0 والحل الذي قدمناه لأوربا ، هو بأنها تستطيع

أن تغطي عجزها السكاني باستقدام ما يقارب (210) مليون نسمة إلى عام 2050م من العالم العربي وأفريقيا 0 وبالتالي سيصبح أكثر من ثلثي سكان أوربا من غير البيض 0

 ولكن مخاوف ذلك بالنسبة للأوربيين هو انتماء الجنس الأبيض على حساب العناصر الأخرى ، ولكن الأوربيين لم يصرحوا بذلك 0 أما الحركات الصهيونية فنبهت إلى خطورة

انتماء الجنس بالنسبة لليهود ، ففي دراسة منشورة لنا في عام 2002م قلنا بأن نسبة اليهود في العالم لا تزيد على 4ر0% ( آل ثاني ، عالم إسلامي ص 71) ؛ وذكرت الأهرام العربي في

عددها (369) بأنه يوجد قلق إسرائيلي من انخفاض عدد اليهود في العالم بحيث وصلت نسبتهم الآن بأقل بعشر عن النسبة السابقة ، أي أن نسبتهم تعادل 3ر0% من سكان العالم  0

وبمعنى آخر بأن اليهود بدأوا يعانون من انتماء الجنس اليهودي  0

 أما على الجزء الآخر للمحيط الأطلسي فقد فجر صامويل هنتنغتون قنبلته التقليدية ، التي دائماً تتسم بالمخاوف ، فقنبلته الأولى كان في عقد التسعينيات من القرن الماضي

تحت مظلة صراع الحضارات ، وفيها حدد أن الإسلام يعتبر العدو الأول للعالم الليبرالي بعد انتهاء الحرب الباردة 0 أما الانفجار الفكري لهنتنغتون في القرن الواحد والعشرين هو مخاوفه

من انحسار الجنس الأنغلو بروتستانتي والذي يعتبر نواة نشأة الولايات المتحدة الأمريكية ، وانحسار هذا الجنس الأبيض يعني انهاء حلم الأسطورة الأمريكية  0
فيقول هنتنغتون في (FP) أن الأمة الأمريكية تكونت على يد مستوطني القرن 17 ، 18 الذين كان غالبيتهم من البيض البريطانيين واتباع المذهب البروتستنتي ، ووفرت

قيمهم ومؤسساتهم وثقافتهم الأساس للولايات المتحدة 0 إلا أنه بحلول أواخر القرن التاسع عشر تم توسيع الكون الاثني ليشمل الألمان والايرلنديين والسكندنافيين ، كما تمت إعادة تعريف

الهوية الدينية للولايات المتحدة الأمريكية بصور أوسع من الديانة البروتستانتينية إلى الديانة المسيحية 0

 غالبية الأمريكيين ينظرون إلى العقيدة ، على أنها العنصر الحاسم في هويتهم القومية 0 ولكن العقيدة كانت نتاج الثقافة الأنجلو بروتستانتينية المميزة للمستوطنين المؤسسين

0 وتتضمن العناصر الرئيسية لتلك الثقافة  اللغة الإنجليزية ، والمسيحية ، والالتزام الديني ، والمفاهيم الإنجليزية لحكم القانون ، ومسؤولية الحكام وحقوق الأفراد، والقيم البروتستانتينية

المعارضة المتعلقة بالفردية وأخلاقيات العمل ، والإيمان أن لدى البشر القدرة وواجب محاولة إقامة الجنة على الأرض ( المدينة المرتفعة ) 0 ومن هنا نعلق على الجملة الأخيرة لهنتنغتون

عندما حاول الجهاد بأن أمريكا تمثل اتلانتس الذي يمثل قمة الخيال الذي وصل إليه الأغريق في فلسفة أفلاطون ، وكان من شروط أفلاطون لاتلانتس هو سيادة الفضيلة  والتعليق على ذلك

نتركه للقارئ الكريم0

 مخاوف هنتنغتون من الانحسار السكاني للسكان البيض تعتمد على دراسة اصدرتها وكالة الإحصاءات الأمريكية الرسمية توضح مستقبل السكان في أمريكا (الوسط العدد

638)  وتوضح الدراسة بأن مستقبل السكان في الولايات المتحدة الأمريكية سيصل إلى 420 مليون نسمة عام 2050م ، بزيادة تصل إلى 33% عن عام 2000م، فيما ستهبط نسبة الغالبية

السكانية من ذوي البشرة البيضاء والبالغة حالياً 70% من جملة سكان الولايات المتحدة إلى ما دون 50% بحلول عام 2050م 0
وإن الجالية الهسبانية ( اللاتينيين الناطقين بالاسبانية ) ستنمو بنسبة 88% ، وستبلغ نسبتهم 25% من جملة سكان الولايات المتحدة الأمريكية ، وذلك يمثل ناقوس الخطر

بالنسبة للأنجلو بروتستانت في أمريكا  0

 وستصبح الجالية الهسبانية في المرتبة الثانية ، وذلك لأن السود سينتقلون إلى المرتبة الثالثة ، بدلاً من الثانية التي يسيطرون عليها الآن في الأمريكا ، ستبلغ نسبة السود

5ر14% في عام 2050م ، والآسيويين تبلغ نسبتهم 8% 0

 ويشير الإحصاء إلى أن نسبة كبار السن ستبلغ 21% من جملة سكان الولايات المتحدة في عام 2050م ، وذلك شبيه بالمؤشر الأوربي الذي ذكرناه سابقاً والذي يشير إلى أن

المجتمع الأوربي في عام 2025م ستكون نسبة كبار السن فيه تبلغ 25% من جملة السكان الأوربيين ، ولقد أسمينا ذلك بالمجتمع الذي يمر في مرحلة الشيخوخة ، وسيشاركه ذلك كما ذكر

أعلاه المجتمع الأمريكي في عام 2050م 0

 مخاوف هنتنغتون هنا لأن معدل الزيادة الطبيعية بالنسبة للبيض الغير لاثينيين تصل 8ر1% سنوياً وذلك يعني معدل التضاعف كل 39 سنة مرة واحدة ، أما معدل التضاعف

بالنسبة كل 33 سنة مرة واحدة ، أما بالنسبة للاثنيين سيكون معدل التضاعف كل 23 سنة (FP) 0 وذلك يعني ما بين 2050 و 2000م مرحلة التلاشي التدريجي للسكان البيض الغير

اللاثينيين في أمريكا ، ويعود ذلك بسبب طول فترة التضاعف الديموغرافي مقارنةً مع الهسبانك ، وبالتالي سيصبح معظم البيض من كبار السن ، وتدعمهم قاعدة صغيرة من صغار السن

مقارنة مع الهسبانك ، وذلك يعني بأن الولايات المتحدة ستصبح لاثينية بحلول عام 2100م 0

 ومن هنا يصرح هنتنغتون قائلاً ( الوسط العدد 638) في فترة عام 2050م ( بحلول ذلك العام ستنشأ بلاد مختلفة عما نعرفه الآن ، إذ ستكون ولايات متحدة متنوعة بتركيباتها

العرقية والديموغرافية وأكثر دولية في أسسها وطريقة تفكيرها ) 0

 انظروا إلى الابداع في التخطيط الاستراتيجي الصهيوني للمحافظة على مكانتهم العالمية 0 فبعد صدور نتائج وكالة الإحصاءات الأمريكية عن الدور المتوقع للجالية

الهيسبانية في الولايات المتحدة حذر ما يكل فرويند ( نقلاً عن الوسط العدد 638 ) المساعد السابق لوزير المالية الإسرائيلي قائلاً  إذا أراد اليهود الأمريكيون أن تبقى الولايات المتحدة على

تأييدها الأعمى لإسرائيل عليهم تقوية صلات الصداقة مع الجالية اللاثينية0 فالمجتمع الهسباني اللاثيني هو أكبر المجتمعات العرقية في أمريكا تطوراً، فلديه قوة اقتصادية وإعلام ولغة

أسبانية خاصة بهما ، وتأثيرهم السياسي يتنامى بصورة سريعة مع مرور الوقت 0

 مخاوف هنتنغتون ليس سيادة الجالية اللاثينية في أمريكا فقط ، ولكن مخاوفه أيضاً من تفكك الولايات المتحدة الأمريكية على غرار الاتحاد السوفيتي السابق ، فيقول هنتنغتون

 لم تقم أية مجموعة مهاجرة أخرى في الولايات المتحدة بتأكيد ادعاء تاريخي بملكية أراضي أمريكية 0

 ولكن المكسيكيين والمكسيك الأمريكيين قادرون على ذلك ويقومون بذلك 0 فقد كانت غالبية أراضي ولايات تكساس ، ونيومكسيكو ، واريزونا ، وكاليفورنيا ، ونيفادا ، ويوتاه

جزءا من المكسيك ، إلى أن خسرتها نتيجة حرب الاستقلال المكسيكية في عام 1835/1836م ، والحرب المكسيكية الأمريكية 1846/1848 (FP) 0

 أما بالنسبة لجنوب شرق أمريكا فنموذج ميامي اللاتيني ، يمثل رعباً للوحدة في الولايات المتحدة ، فيقول هنتنغتون  إن النمو الاقتصادي لميامي ، الذي قاده المهاجرون

الكوبيون الأوائل ، جعل المدينة منطقة جذب للمهاجرين من دول لاتينية وكاريبية أخرى 0 فبحلول عام 2000م كان ثلثا المدينة لاثينيين ، نصف هؤلاء كوبيون أو منحدرون من أصول كوبية

(FP) 0

 السيطرة اللاتينية على المكسيك جعل الانجلو ساكسونيين والسود ترك مدينة ميامي ، ومن غادر المدينة منهم ما بين عامي 1983 – 1993م ، وصل عددهم إلى 1400 ألف

نسمة ، وقد تم التعبير عن هذا الرحيل الهائل في ملصقات السيارات يقول  هل لآخر الأمريكيين الذين يتركون ميامي أن يحضر معه العلم ؟ (FP) 0

 طبعاً نحن لا نستغرب أن تتحول الولايات المتحدة إلى دولة لاتينية ، وخاصةً الجنوب الغربي ، والجنوب الشرقي الأمريكي يعتبر إقليمان ذوي غالبية لاثينية (هسبانية) ، فالأمة

اللاثينية في الجنوب تشكلت بالفعل ، ولكن الأمر المنتظر هو وصولها إلى مرحلة النضج 0 إذاً بالنسبة للاثينية الأمة موجودة والباقي الدولة ، وذلك على عكس ما حدث لأوربا 0 فالدولة

تنشأ أولاً ( كما في فرنسا وإيطاليا وألمانيا ) ثم يليها نشوء الأمة 0

 والمثل الحي أمامنا هو نشأة ايطاليا ، فنسبة 4% من الطليان كانوا يتحدثون اللغة الإيطالية حين وحد غاريبالري البلاد ، وأن الفرنسيين لم يشعروا بانتمائهم إلى أمة واحدة

سوى في القرن التاسع عشر ، أي بعد قرون طويلة من التطور الرأسمالي والفكري ( الوسط 636 ) 0

 إذاً بالنسبة للهاسبانك الذين يشكلون أكثر من 70% من سكان الجنوب الأمريكي الأمة موجودة ، والمتبقي هو الدولة ، ونستطيع أن نستشف من مطالبة اللاثينيين بذلك

فأوزفالدو سرتر رئيس الرابطة الأمريكية الاسبانية لمناهضة التمييز بأنه ليس لدينا مجتمع متجانس ، يقول ديوك أرييل دورفمان أستاذ الأدب في جامعة ديوك دورفمان، هل ستتحدث البلاد

لغتين أم واحدة ؟ وجوابه بالطبع هو أن عليها أن تتحدث اثنتين  (FP) 0

 واستخدم هنتنغتون نموذج كوبيك الكندي ، فقال هل يصبح الجنوب كوبيك الولايات المتحدة ؟ 0 فالمنطقتان يعيش بهما كاثوليك ثم غزوهم واحتلالهم من قبل شعوب انجلو

بروتستانتينية ، ولكن القليل سوى ذلك يجمع بين هاتين المنطقتين 0 فكوبيك تبعد 3000 ميل عن فرنسا ، ولا يحاول عدة مئات الآلاف من الفرنسيين الدخول إلى كيوبيك قانونياً أو بصورة

غير قانونية كل عام كما يفعل المكسيكيون 0 وهنا نود أن ننبه بأن الهجرة المكسيكية السنوية بالإضافة إلى الهيسبانك الموجودين أصلاً في جنوب غرب أمريكا ، كل ذلك تلميح كبير من

هنتنغتون إمكانية انفصال الجنوب الغربي للولايات المتحدة  0

 وفي الختام اذكر نفسي واذكركم بأننا في القرن العشرين وهبنا اللّه سبحانه وتعالى مكرمة الهايدروكاربون الجيولوجية ولم نستغلها ، وفي القرن الواحد والعشرين مكرمة

النمو الديموغرافي الهائل ، ولم يبق لنا إلا الإصلاحات في الإدارات الإسلامية لكي يكون لنا دوراً في هذا الكوكب 0

 وإلى اللقاء دائماً إن شاء اللّه ،،،

نقطة التلاشي لجامعة العرب

بسم الله الرحمن الرحيم

6/6/2004

 بداية سنتجنب التطرق للمرحلة التأسيسية للجامعة العربية بإسهاب لأن ذلك سبق وأن شرحناه في كتابينا الجغرافية السياسية ، والعالم الإسلامي  0

 لقد لفتت أنظارنا أخيراً ظاهرة الانسحابات من جامعة الدول العربية ، وذلك جعلنا نتذكر مقولة قديمة مشهورة للدكتور مجذوب وهي : ” لقد تعرضت الجامعة لانتقادات شديدة تتعلق بميثاقها ونشاطها وأسلوب عملها ، وشلت حركتها في أحيان كثيرة بسبب الخلافات السياسية بين الحكومات العربية 0 ومع ذلك لم تنسحب أية دولة من عضويتها ، ولم تطالب أية دولة بإلغائها 0 لقد بقيت الجامعة رغم الأعاصير البيت الوحيد الذي تجتمع فيه الدول العربية مرتين في السنة ” 0  مجذوب ، ص 271  0

 والظاهر هنا بأن د0 مجذوب يعزي نفسه حتى بالحد الأدنى من التعاون العربي تحت مظلة الجامعة العربية ، ولكن هذا الحد الأدنى الذي رضي به المفكرين العرب ، أبت الحكومات العربية إلا القضاء عليه ، ففي أكتوبر 2002م تقدمت ليبيا بطلب للانسحاب من الجامعة العربية ، وفي قانون الجامعة كما نعرف بأن الدولة تملك الإرادة كاملة للانسحاب من الجامعة متى شاءت وإن وجد بعض الشكليات للانسحاب  0 وفي خبر مماثل ورد بأن قطر مثل ليبيا تسعى إلى طلاق الجامعة العربية مع نهاية رئاستها لمنظمة المؤتمر الإسلامي ، ولاقى هذا الخبر نفياً قاطعاً من مندوب قطر لدى الجامعة العربية ، وصرح بأن قطر لا تعقد النية للانسحاب من الجامعة  0 وهناك دول عربية تنتظر الفرصة لكي يتم إنشاء سوق شرق أوسطية ، وفي رأيهم بأن هذا هو البديل للجامعة العربية  0 والأهم من ذلك كله بأن معظم الشعوب العربية لم تعد تنظر للجامعة بكثير من التفاؤل لأنها لم تقدم حلولاً لمشاكلهم القطرية أو العربية عربية ، أو العربية أجنبية 00 إلخ ، وسنشرح ذلك لاحقاً :

 في رأيي قبل أن نخوض في عمق هذا الموضوع لابد لنا من معرفة الغرض من وراء إنشاء الجامعة العربية :

1- صيانة إستقلال الدول العربية 0
2- المحافظة على الأمن القومي العربي 0
3- تحقيق التعاون السياسي العربي 0
4- تحقيق التعاون في المجالات المختلفة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية   والقانونية00 إلخ 0

 وحتى نكون منصفين في تحليلنا النقدي للجامعة العربية ، لابد لنا من ذكر إيجابياتها قبل سلبياتها ، وهذه الإيجابيات من خلال ما توفر لنا في بحثنا العلمي ، كان معظمها قبل حرب أكتوبر 1973م  العربية الإسرائيلية  وهي :

أ – عندما رفعت الجامعة العربية قضية اليمن  عدن  في صيف 1964م إلى هيئة الأمم المتحدة ، مطالبة باستقلال عدن من بريطانيا ، وفي 5/11/1965م أصدرت الجمعية العامة ، بأغلبية 90 صوتاً ضد 11 صوتاً ، قراراً يناشد جميع الدول مد يد المساعدة إلى شعب عدن للحصول على استقلاله ويطلب من بريطانيا بإلغاء قواعدها العسكرية هناك بأسرع وقت ممكن 0

ب – دور الجامعة العربية في إقامة اتحادات فيدرالية عام 1958م ما بين مصر وسوريا وكان الطموح إلى ضم اليمن ، والوحدة ما بين العراق والأردن 0

 ولكن هذه الاتحادات باءت بالفشل ، مما أضعف أحلام الوحدة التدريجية العربية0 وحتى نكون صريحين في هذا الموضوع بعد اتفاقية كامب ديفيد الأولى عام 1977م اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية أصبحت الجامعة العربية عديمة الجدوى ، وخاصةً بعد عزل مصر عن الجامعة العربية وهي تمثل ما يقارب 25% من إجمالي سكان العالم العربي 0 والأدلة على ذلك كثيرة وسنطرحها على شكل أسئلة : ما هو دور الجامعة العربية في التالي : 1 الحرب العراقية الإيرانية 2 احتلال العراق للكويت 3 حصار العراق وتهديده المستمر 4 حصار ليبيا 5 مشكلة الجنوب والشمال في السودان 6 مشكلة الصومال 7 الحرب الأهلية في الجزائر 8 الصحراء الغربية 9 سبته ومليله 10 لواء الاسكندرون السوري 11 مشكلة الأكراد في العراق 12 النزاعات الحدودية ما بين الدول العربية الكامنة والنشطة والمتفجرة  13 أم القضايا القضية الفلسطينية 0

 أعتقد بأن القارئ الكريم ينتظر منا إجابة عن ما هو السبب الرئيسي لضعف الجامعة العربية ، أو الأسباب التي أدت إلى اضمحلال دورها ؟ 0

 والإجابة على ذلك كما نرى بأن قوة المنظمات الدولية تعتمد على تنازل الدولة الديمقراطية عن جزء من سيادتها بطريقة هيراكية تبدأ من القاعدة إلى القمة ، وذلك من خلال مؤسسات وآليات اتخاذ القرار القطرية ، وتتدرج إلى أن تصل إلى مؤسسات وآليات اتخاذ القرار على المستوى التنظيمي الإقليمي أو الدولي  0 وهذا الشيء طبعاً معدوم بالنسبة للدول العربية ، لأن السلطة في جميع الدول العربية مازالت فردية، أما على شكل نظام أبدي أو نظام شمولي 0 وفي السلطة الفردية كما يعلم الجميع بأن إرادة اتخاذ القرار تعتمد على الفرد نفسه ، وفي هذه الحالة الفرد عند حالة اتخاذ أية قرار سوف يعتمد على مصلحته الشخصية المباشرة على المستوى القطري والإقليمي والدولي  0 ولسوء حظ مواطني العالم العربي بأن جميع حكام العالم العربي مختلفين مع بعضهم نسبياً ، ونتيجة ذلك ستنعكس تلقائياً على المنظمات الإقليمية ، وأعتقد الجميع مدرك لذلك في تاريخنا المعاصر وهو انهيار الاتحاد الإقليمي العربي الذي يضم الأردن والعراق ومصر واليمن ، والتجميد الذي يشبه الانهيار الذي أصاب الاتحاد المغاربي العربي ، والتطور البطئ الممل لمنظمة مجلس التعاون الخليجي علماً بأنها دخلت الآن عقدها الثالث من الزمن 0

 ومن الطبيعي النتائج السلبية التي حققتها المنظمات الإقليمية الصغرى ، ستنعكس على المنظمة الإقليمية الكبرى  الجامعة العربية  0

 ونرى في الختام كما يعتقد الكثيرون بأن الجامعة العربية كمنظمة قومية دورها انتهى تقريباً ، خاصة بأنها تعتبر أكبر منظمة دولية في العالم من حيث السن ، ولم تحقق أي تقدم يذكر ، فشخصيتها الاعتبارية المادية تعتبر انتهت من ناحية قانونية ، ولم يبقى منها إلا الجانب المعنوي وهو المقر والموظفين ومندوبين الدول الموجودين فيها 0 وبالتالي لابد من دمج الجامعة العربية مع منظمة المؤتمر الإسلامي ، على أن تقوم الدول الإسلامية بإنشاء منظمات إقليمية صغرى مثلاً : النظام الإقليمي للخليج والجزيرة العربية ، النظام الإقليمي للهلال الخصيب ، والنظام الإقليمي لدول آسيا الوسطى ، والنظام الإقليمي لوادي النيل ، والنظام الإقليمي للمغرب العربي ، والنظام الإقليمي لدول جنوب الصحراء الكبرى ، والنظام الإقليمي لشبه القارة الهندية ، والنظام الإقليمي لجنوب شرق آسيا ، وتلتقي جميع هذه المنظمات الإقليمية الصغرى في منظمة كبرى تحت مسمى منظمة المؤتمر الإسلامي   آل ثاني ، عالم إسلامي ، ص 227  0

 ونقترح كذلك في المرحلة الأولى أن يقفل الباب أمام أية تهاون في أية مسائل سياسية ، لأنها ستعجل انهيار المنظمات الجديدة ، ويتم التركيز على التعاون في الشؤون الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمالية والمواصلات والشؤون القانونية 00 إلخ 0 فهذه العناصر ستعود في المستقبل إنشاء اللّه إلى التنسيق السياسي  0

 وإلى اللقاء دائماً إن شاء اللّه ،،،

نعم نطالب بإيجاد آلية إقليمية جديدة

بسم الله الرحمن الرحيم

6/6/2004

 طبعاً توجد لنا مجموعة من الكتابات حول هذا الموضوع ، ومنها الشرق أوسطية آخر سيناريوهات القرن العشرين ، نشرت كفصل في كتابنا للجغرافيا السياسية ، ونحو نظاماً إقليمياً جديداً ، والنظام الإقليمي الخليجي 00 إلخ 0

 ولكن الذي أثار هذا الموضوع حديثاً ، هو رسالة قرأتها في مساحة للحوار في الأهرام العربي العدد 321 ، ويقول الكاتب : أن آية اللّه الخميني كان يراوده حلم توسيع أمبراطوريته الدينية الشيعية التي استلمها على طبق من ذهب حيث تبدأ الأمبراطورية من إيران وتمتد إلى العراق ثم إلى لبنان وسورية وفلسطين وبعض الدول الخليجية وإلى أفريقيا 0 فوجد في اندلاع الحرب بين العراق وإيران الفرصة الذهبية لتحقيق الحلم 0 واليوم سقط صدام ، وماذا بعد ؟  0

 طبعاً صاحب هذا المقال لا نستطيع أن نعزز مدى قوة المراجع التي استند عليها ، ولكننا لنا رأياً بأنه لابد من وجود تصور استراتيجي للتنسيق الإقليمي ، ويبتعد عن التعصب لأية مذهب أو ديانة أو ولاية اثنيه ، لأننا لو فتحنا هذا الباب لوجدنا التالي: الفرق الإسلامية تتكون من 94% من أهل السنة ، والشيعة الجعفرية 5% ، وما تبقى يمثل الريدية ، والخوارج والبنجان ، واليزيدون ، والإسماعيلية والنصيرية ، والدروز والبهائية والقديانية 000 إلخ 0

 وأصحاب الديانات الأخرى في العالم الإسلامي النصارى واليهود والإبراهيميون والوثنيون والكونفشيون والبوذيون 000 إلخ 0

 وأما بالنسبة للقوميات فيوجد التالي : العربية والأندونيسية والمالاوية والبنغالية، والفارسية ، والبنجابية والسندية والباشتوية والبلوتشية والتركية والكردية ، والسواحلية 000 إلخ 0 ( راجع آل ثاني ، فهد ، عالم إسلامي ، ص 88 ، 89 ) 0

 بمعنى آخر لو فتحنا هذا الباب لن تقوم لنا قائمة ما بين الأمم  0

 ولكن نستطيع أن نؤكد لكم بأن إيران الحالية لا تنظر لهذا التعصب ، استناداً إلى الرئيس محمد خاتمي مهندس حوار الحضارات في القرن الواحد والعشرين ، نذكر بأننا قلنا بأن السيد خاتمي : استوعب فكرة توظيف فلسفة السياسة لخدمة المجتمع المدني الإيراني ، من خلال استراتيجية حوار الحضارات ، واحترام التعددية الثقافية  0 (راجع آل ثاني ، فهد ، عالم إسلامي ، ص 192 ) 0

 وبالتالي أعتقد بأن هذا الطرح الإيراني المعاصر الذي يؤمن بالتعددية الدينية والاثنية والثقافية ، هو الرد القوي على اتهام إيران بالتعصب  0

 ولكننا كدول شرق أوسطية إسلامية فعلاً نمر الآن في منعطف تاريخي خطير ، فإما أن نتحرك ونخطط لأنفسنا ونحدد مستقبلنا من ضمن تصوراتنا وأحلامنا الإقليمية الغير متطرفة ، أو أن ننتظر ما سيقدمه الآخرون لنا ، ونعتقد أن معظمكم قرأ ما قاله الرئيس بوش عن النظام الإقليمي للشرق الأوسط بعد الاحتلال الأمريكي للعراق ، وهو يشمل 23 دولة ، والدولة الرائدة فيها إسرائيل ، ونقصد بالدولة الرائدة الدولة المحورية أو الرئيسة للنظام ، وما قاله بوش الابن 2003م هو ما كتبناه في الراية عام 1997م تحت عنوان الشرق الأوسطية آخر سيناريوهات القرن العشرين 0

 ويعزز حديثنا هذا ما قاله السفير المصري جمال بيومي على هامش مؤتمر اتحاد المصارف العربية ، قال : ” إن اتفاق التجارة الحرة الأمريكية الشرق أوسطية يتضمن شرطاً لم يعلن ، ويقضي بأن تكون إسرائيل طرفاً أساسياً في أي تبادل تجاري بين دول المنطقة والولايات المتحدة 0 وفيما يتعلق بمكونات السلع التي يسمح بدخولها إلى السوق الأمريكية هو ضرورة اشتمال هذه السلع على مكونات إسرائيلية المنشأ بنسبة 13% وإلا تم حظر دخولها  ( الأهرام العربي ، العدد 322 ) 0

 إذاً التصور الاستراتيجي الذي سوف يضعه الآخرون لنا هو بطريقة ايجاد الآليات المناسبة لخدمة مصالحهم ، ونذكر بأننا قدمنا ورقة في مؤتمر معهد الدراسات الاستراتيجية والدولية في طهران في مارس 2003م ، وكان تصورنا لايجاد آلية للشرق الأوسط هو التالي :

1- عمل استثمارات ضخمة في الطاقة الهايدروكاربونية ، وذلك من خلال إنشاء أنابيب للغاز الطبيعي والنفط تنطلق من دول مجلس التعاون الخليجي والعراق وإيران إلى الباكستان والهند 0 ومن الهند تنطلق إلى الأقاليم الآسيوية المتعطشة للطاقة في جنوب شرق والشرق الأقصى الآسيوي 0
2- الدول الهايدروكاربونية الغنية تستطيع أن تنقل بعض استثماراتها إلى الدول الفقيرة ذات الكثافات السكانية العالية مثل : الباكستان وبنغلاديش 00 إلخ 0

3- الدول الغنية يفترض أن تستثمر في البنى التحتية والخدمات في الدول الفقيرة ذات الكثافات السكانية العالية 0 وفي المرحلة الثانية يفترض أن ينتقل الاستثمار إلى الربط ما بين دول جنوب آسيا وغرب آسيا من خلال السكك الحديدية ، والطرق وشبكة الاتصالات السلكية واللاسلكية  0
4- توجيه الاستثمارات إلى مصادر إنتاج الغذاء ( الحرف الأولية ) وذلك يمثل الزراعة ، وصيد الأسماك ، والثورة الحيوانية ، وصناعة الألبان ، والدواجن ، وانتاج الغابات 00 إلخ 0
5- وضع خطة تدريجية للتكامل الاقتصادي ما بين جنوب وغرب آسيا 0
6- توجيه الاستثمارات إلى التعليم موضحين من خلاله للأطفال والشباب الصغار أهمية التعاون الإقليمي 0
7- احترام جميع الأقليات الدينية والعرقية والقومية في جميع دول الإقليم 0 ولو استطعنا أن نحافظ على المذكور لأصبح من الصعب على القوى الأجنبية إمكانية الاختراق الشعبي 0
8- البحث عن حل سلمي للقضية التي عمرها أكثر من نصف قرن من الزمن ، وذلك يمثل القضية الكشميرية 0 وهناك عدة حلول سلمية يمكن أن تنهي هذا النزاع وهي: (أ) الاستفتاء الشعبي (ب) تقسيم كشمير ما بين الهند والباكستان على أن تكون الأولوية لقبول أو رفض ذلك للشعب الكشميري (جـ) اللجوء إلى التحكيم الدولي تحت مظلة الأمم المتحدة 0

  ونعتقد بأن المذكور هو أفضل الحلول للقضية الشائكة ، وخاصة بأن الطرفين خاضوا أكثر من ثلاثة معارك فاشلة في عام 1948م ، 1960م ، وآخرها 1971م ، والحرب الباردة مازالت مستمرة  0
وهذه الحرب الباردة امتصت معظم ايرادات الدولتين الهندية والباكستانية للمحافظة على التوازن العسكري ، إلى درجة أنهما دخلا إلى مرحلة التوازن الاستراتيجي النووي ، وذلك يجعل مسألة الحسم العسكري مستحيلاً ، ولم يبق إلا اللجوء إلى حلول سلمية  0

  لو استطاعا الطرفين الهندي والباكستاني الوصول إلى حل سلمي في كشمير؛ تستطيع الدول الإسلامية والعربية من توظيف ثقل الدولتين ونفوذهما للمساهمة في إيجاد حل سلمي لأم القضايا العالمية ، وذلك يمثل القضية الفلسطينية ، وكذلك القضايا الأخرى في العالم النامي  0

9- الأمن : دول غرب وجنوب آسيا ممكن أن يصلوا إلى معاهدة أمنية إقليمية تحتوي ( بأن تحترم جميع الدول استقلال كل دولة في الإقليم ، والقضايا المؤسساتية الداخلية في كل دولة  ) 0

في الختام :

1- لو استطعنا أن نحقق المذكور ، سوف نشهد السعي الحثيث للدول المجاورة للمشاركة في التعاون الإقليمي ، وذلك يمثل الدول الإسلامية في وسط آسيا ، وتركيا خاصةً بعد أن أغلق الأوربيين كل البوابات في وجهها لمنعها من المشاركة في الاتحاد الأوربي  0

2- ربما يلاحظ القارئ الكريم بأن الذي ذكرناه يمثل اخراطاً في التفاؤل ، ونحن نقول نعم 00 ذلك يمثل تفاؤلاً مبالغ فيه  إذا لم يكن هناك إصلاحات دستورية حقيقية وليست صورة ، وإصلاح جميع مؤسسات السلطة في دول جنوب وغرب آسيا 0 وطرد جميع المسؤولين الفاسدين من جميع مؤسسات الدولة  0

 نود أن نذكر الجميع بأن الغرب قبل أن يصل إلى هذا المستوى من التنمية والتطور والديمقراطية ، مر عبر التاريخ في معضلات ومآسي متنوعة الأشكال مثل : الحرب الأوربية التي استمرت منذ القرن السابع عشر ميلادي إلى أن انتهت بحربين عالميتين مدمرتين في القرن العشرين ودفعت أوربا مقابل ذلك ما يزيد على 50% من سكانها ، وفي النهاية بعد أن استمعوا إلى صوت العقل وصلوا الآن إلى ما سوف يسمى قريباً الولايات المتحدة الأوربية 0

 ومثلها الولايات المتحدة الأمريكية بعد أن خاضوا الحرب الأمريكية في القرن الثامن عشر ، وقدموا آلاف الضحايا  0 قاموا بتحكيم العقل ووصلوا إلى ما يسمى بالدولة الفيدرالية ( الولايات المتحدة الأمريكية ) والآن أصبحوا يحكمون العالم  0

 في الحالة الآسيوية علينا أن نجد بعض الحلول لكي تسهل علينا نشأة إصلاحات إقليمية 0 أو أن لم يكن ذلك يؤسفنا أن نقول لكم بأنه علينا أن نكون جاهزين إقليمياً لاستمرار الفقر ، والمرض ، والجوع ، والجهل ، والكراهية 0

 وفي الختام كما هو متوقع عالمياً بأن تكون شعلة الحرب العالمية الثالثة وميدانها سوف يكون لا سمح اللّه في غرب وجنوب آسيا ، كما هو مخطط عالمياً  ؟ 0

 وإلى اللقاء دائماً إن شاء اللّه ،،

نعم لشراكة عربية أمريكية أوربية عالمية

بسم الله الرحمن الرحيم

23/3/2006

من خلال احتكاكنا بالمختصين في الشأن العربي والإسلامي ، في منطقتنا العربية والإسلامية ، وكذلك الدول الغربية ، وجدنا أن معظمهم يكادون يتفقون على مفهوماً واحداً ، وهو إمكانية تعايش الحضارات ، وفي نفس الوقت احتفاظ كل ثقافة بخصوصيتها !! .

            ومن هنا نكاد أن نتفق على أن تنمية القواسم المشتركة لبنى آدم في كوكب الأرض من النواحي السياسية والاقتصادية والتكنولوجية والقانونية ،ولوتوصلنا لاتفاق في هذا الشأن  من الممكن أن ننقذ كوكب الأرض من جميع الكوارث سواءً أكانت بشرية أو طبيعية !! .

            نحن دائماً نسمع عن مبادرة الشراكة الأمريكية الشرق أوسطية ، وفي الحقيقة كنا دائماً نحاول الابتعاد عن هذه المبادرة ، وسبب ابتعادنا هو تبني بعض الحكومات الشرق أوسطية لهذه المبادرة والتي تقوم على :

أ  –        الحكم والمشاركة السياسية .

ب –       إزالة القيود الاقتصادية وتوفير الفرص .

ج  –       نوعية التعليم وتيسير الوصول إلى المؤسسات التربوية .

د   –       تمكين النساء .

            ولكننا كمفكرين شرق أوسطيين كنا ننصدم عندما نرى المروجين لهذه المبادرة ، وهم الحكومات الشرق أوسطية نفسها ، والتي هي أصلاً تمارس لعبة المركزية السياسية مع المحافظة التامة على إقصاء الآخر ، والتي امتصت جميع ثروات الشرق الأوسط ، وحولته إلى أملاك خاصة ، والتي فلترت التعليم الشرق أوسطي إلى أن أصبح الخريج لا يفكر إلا في قطعة الخبز والمأوى المناسب للسكنى ، وكذلك نفس هذه الحكومات قامت بتهميش المرأة تهميش كامل ، والتعامل معها كأنها جنس ينتمي إلى كوكب آخر !! .

            ولكن بمجرد انطلاق القرن الأمريكي الجديد ، وبروز الصورة بشكل صريح للقطبية الأحادية ، بدأت نفس الحكومات أعلاه ، قامت تصدح ليلاً نهاراً ،  بالديمقراطية مع بقاء نفس السلطان في كل العصور ، وبالإصلاح الاقتصادي .. وفي الوقت نفسه ،  بقاء الاقتصاد متمركز بنسبة 100% في كف الحكومات الشرق الأوسطية ، وبالإصلاحات التعليمية ، وفي نفس الوقت نحن الذين من الله علينا سبحانه وتعالى بالاحتكاك بكبار علماء الشرق الأوسط والغرب ، لم نستطع أن نفهم ما هو المقصود من برامج حكومات الشرق الأوسط بالنسبة لمصطلح إصلاح التعليم ، أما بالنسبة لتمكين النساء ، إلى الآن لم نرى البرامج السليمة والواضحة لإمكانية ممارسة المرأة دورها كاملاً كنصف المجتمع ، وفي الوقت نفسه احتفاظها بخصوصيتها !! .

وإذا كانت الولايات المتحدة ، ودول الاتحاد الأوربي ، جادين في الإصلاح في دول الشرق الأوسط ، فلابد لهم : أولاً : الضغط الكامل على الحكومات الشرق أوسطية لممارسة الشفافية الكاملة في الإدارة والإنفاق والاستثمار وتداول السلطة .. ثانياً : لابد من بروز مجتمعات مدنية أهلية مستقلة استقلالاً كاملاً عن نفوذ السلطات المركزية ، ثالثاً : لابد من تمكين النشيطين سياسياً من إيصال رسائلهم ، وبكل شفافية لشعوبهم في الشرق الأوسط .. رابعاً : لابد من وجود برنامج واضح لمراحل تحقيق الإصلاحات الديمقراطية والاقتصادية والتعليمية ومشاركة المرأة ، على شرط أن لا تكون هذه البرامج مجرد بروباجندا ، تستخدمها السلطات المركزية الشرق الأوسطية ، للتخلص من الضغوط الأمريكية ! .

وأخيراً نود أن نوصل رسالة للحكومات الشرق الأوسطية التي دائماً ما تستخدم مصطلحات غريبة ، بطريقة غير مباشرة ، وتشير هذه المصطلحات إلى أن الشعوب الشرق الأوسطية مازالت ناقصة الأهلية لإدارة شؤون نفسها !! .

وهنا أكاد أجزم بأن معظم الشعوب الشرق أوسطية ، تمتلك الكفاءات التي لا تقل عن أقرانهم في جميع الكتل العالمية ، إن لم تكن أفضل إن أعطيت الفرص الحقيقية ، أما السواد الأعظم من الشعوب الشرق أوسطية فهم مؤهلين للمشاركة في الاختيار السليم لتقرير مصيرهم ، ولا يحتاجون إلا القليل من التدريب ، لاستخدام الآليات التي توصلهم لأفضل طرق الانتخاب !! .

أما المسئولين المركزيين الذين يتهمون شعوبنا الشرق أوسطية بأنها ناقصة الأهلية فسأتركهم لقرائنا الكرام !! .

وأختتم قائلاً ، نعم لعالم أفضل يسوده الحب والسلام والتعاون بين سكان كوكب الأرض ، مع احتفاظ كلا بقيمه وثقافته والسليم من العادات والتقاليد !! .

                        وإلى اللقاء دائماً إن شاء الله

نعم أتركوا إيران وشأنها

بسم الله الرحمن الرحيم

24/6/2004

الذي جعلنا نكتب في هذا الموضوع هو الرسالة الإلكترونية التي وصلتنا من الزميل الأكاديمي والمفكر والكاتب د . لاكادري ، وكانت رسالته تحتوي على مقالة أرسلها إلى الصحيفة الكندية التي ينشر فيها مقالاتة عادةً وتسمى  ” أوتاوا سيتيزن
(ottawa citizen) ” .
ولكن المقالة التي أرسلها لنا قال بأن الصحيفة المذكورة لم تنشرها له ، وذلك لأن المقالة تحتج على تدخل كندا في الشؤون الداخلية لإيران . وخلاصة مقالة الزميل هي الآتي: السيدة زهرة الكاظمي رحمها الله مواطنة إيرانية وظيفتها مصورة صحفية وأهلها في إيران ، دخلت كندا بجنسيتها الإيرانية ، ويرى الزميل هنا بأنها تخضع للقوانين الايرانية .  ومشكلتها كما نعرف جميعاً بأنها كانت تلتقط صوراً في منطقة محضورة بالقرب من سجن طهران ، وألقي القبض عليها وتم توقيفها بواسطة الأمن الإيراني ، وللأسف توفيت أثناء التوقيف في السجن ، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه ؟ هل توفيت وفاةً طبيعية أم بسبب التعذيب في السجن ؟ . وقدمت الحكومة الكندية إحتجاجاً زاعمتاً بأن السيدة كاظمي كندية الجنسية ، وبالتالي من حق

السلطات الكندية التحقيق في الحادثة المذكورة ! .  ولكن قام الدكتور لاكادري بالرد على السلطات الكندية عبر مقالته مستغرباً من تصرفهم كالتالي : الحكومة الإيرانية ( ونعتقد بأنه يقصد هنا النائب العام عين قاضياً ليجمع الأدلة في القضية ويستمع لشهادة الشهود ) ، وتعليق الكاتب المذكور أعلاه هو :  “هل كندا ستعمل غير ذلك؟!” ويجيب نفسه ” لا أعتقد ! ” .
ويثير الكاتب د . الأكداري قضية ثانية حدثت منذ فترة قريبة بشأن الشاب الإيراني كيفان دابيش الذي لم يتجاوز عمره الثمانية عشر  ربيعاً وقام بقتله شرطي كندي في منطقة يورث مودي في مقاطعة بتريش كولومبيا . وقال الشرطي بأنه قتل الصبي دفاعاً عن النفس ! . وحسبما قرأنا في مقالة د . لاكادري  بأن قضية الصبي الإيراني حولت إلى المحكمة المحلية فقالت أن هذه القضية ليست من مجال إختصاصاتها ، فحولت إلى المحكمة الفيدرالية فقالت أيضاً بأن هذه القضية ليست من مجال إختصاصها ، وأعيدت للمحكمة المحلية ، وبقي الشرطي المجرم القاتل طليقاً كما عرفت . وقدمت الحكومة الإيرانيه إحتجاجاً على ذلك ، وعلى ما أعتقد لم ينظر في احتجاجها ! و يقول الكاتب : ” أي الحكومتين أكثر عدالةً ؟ الإيرانية التي تحقق في قضية السيدة كاظمي ؟ أام الكندية التي كل محكمة ترفض قبول القضية و تقول بأنها ليست من مجال اختصاصها ؟ ” .
وقبل أن ننشر هذا المضوع قمنا بالإتصال بالزميل د. لاكاداري وقلنا له هل توافق على نشر مقتطفات من مقالتك ؟ قال نعم ، قلنا له عندما ينشر كلام كهذا عند نا في العالم المتخلف توجد عليه الكثير من العقوبات مثل سحب الجنسية ، أو قطع الإمتيازات، أو الطرد من العمل ، أوعدم الترقية ، أو إفتعال قضية إستخباريه بدهاء وتلفيقها … الخ .
فقال هذا عندكم في العالم المتخلف ولكن ليس في كندا !!.

أما تعليقنا على أعلاه  فهو: نعلم جيداً بأن السيدة كاظمي ليست القضية الأساسية في الموضوع ، ولكن كندا العضو في الناتو ، وإحدى أعضاءه  السبعة الكبار المسيطرين على ثلثي اقتصاد العالم تقريبا ، تريد ذريعة للتدخل من خلالها في
الشأن الإيراني ، وذلك يذكرنا بقضية الجزائر عندما بحثت فرنسا على ذريعة لكي تحتل الجزائر ، فوجدت أحسن الفرص هو عندما ضرب الداي حسين عام 1830م قنصل فرنسا بالمروحة ، فكانت تلك فرصة مواتية لفرنسا للتدخل في جميع الشؤون الجزائريه ،  ويدل ذلك على أن فرنسا كانت مطالبها تعسفية من الجزائر فهي لم تكتف بتقديم الإعتذار فقط ، ولكن طالبت الجزائر بإسقاط جميع الديون المتراكمة على فرنسا … الخ .
والآن الولايات المتحده ربما من خلال شريكتها في الناتو ، وفي السبعة الكبار، وفي الجوار الجغرافي تريد أن تأخذ وفاة الصحفية الإيرانية الكندية رحمها الله  ذريعة  للتدخل في الشؤون الإيرانية الداخلية وعلى أقل تقدير مصادرة الأموال الإيرانية المجمدة في الولايات المتحدة منذ قيام الثورة الاسلامية في ايران عام 1979م ! . ومن خلال هذه القضية تستطيع الولايات المتحدة وكندا توظيف جميع المنظمات الدولية من خلال القوة الاعلامية الضخمة للدولتين وذلك مثل صحفيين بلا حدود ، ومنظمات حقوق الإنسان ، و منظمة العفو الدولية ، ويضاف إلى ذلك إتهام إيران بالإرهاب وإيواء الإرهابين وعدم وجود الديمقراطيه وإمتلاك أسلحة الدمار الشامل … الخ . وفي النهايه إذا إستطاعوا التسلط على عقول البشر من خلال هذه الأجهزة الرهيبة ستتجه الولايات المتحدة وحلفائها وطبعا معهم الدولة الصهيونية لإستصدار قرار من مجلس الأمن لتبرير الإعتداء على ايران وذلك لحفظ الأمن والسلم الدوليين لاسمح الله !! .
نحن هنا عندما نذكر ذلك لانبرر اعتداء الأجهزة الأمنية في العالم النامي على المواطن والمقيم الأعزل الذي يفترض وجود هذه الأجهزة  الخدمية أصلاً

لخدمته ! . وذلك من خلال توفير الأمن العام والسكينة العامة والآداب العامة . ويكون دور هذه الأجهزة الأمنية هو فقط الضبط والرقابة والتوقيف والتحقيق ومن ثمة تحويل المتهم الى جهة الإختصاص ، ويفترض من هذه الأجهزه عدم تهويل
مستوى الجريمة وعدم رد الفعل المبالغ فيه وخاصة عندما يكون الموضوع مجرد مخالفة أو جنحة بسيطة ، وحتى لو كانت جريمة كبيرة يفترض ردها الى جهة الإختصاص وأن لايكون التصرف من السلطات الأمنية التي لايتعدى دورها الدور التنفيذي ، ولا يحق لها استخدام العنف إلا في حالة الدفاع عن النفس المبرر ، وإلقاء القبض عندما تصدر الأوامر من جهات الإختصاص ! . ولكن هل ذلك يطبق بالفعل في عالمنا النامي ؟ حتى نكون موضوعيين كثير من الأشخاص المثقفين الموجودين في هذه الأجهزة يلتزمون بهذه الحدود ، ولكن يجب على السلطات في العالم النامي إصلاح مستغلين قوة الأجهزة الأمنية لترهيب المجتمع أو لمآربهم الشخصية ، وللأسف يشارك في  هذا المنوال جميع الأجهزة الأمنية في عالمنا المتخلف تبدأ من الأمن العام والمباحث وأمن الدولة والمخابرات والاستخبارات … الخ . بحيث يتحولون من خدام للشعب الى طواغيت على المواطنين ، وهذه النقطة إذا لم تعالج فلن تتطور أوطاننا إطلاقاً !! .
وفي الختام نضيف صوتنا الى صوت د . الاكادري ونقول بأن ايران مهما وجه إليها من انتقادات ، فهي أفضل ديمقراطيه في منطقتنا الإقليمية العربية والإسلامية . ونزيد على ماقاله الزميل ، بأن ايران على أقل تقدير يوجد بها تداول للسلطة فمنذ الثورة الإيرانية عام 1979م على مانذكر وصل الى رئاسة الجمهورية الايرانية مايقارب من خمسة رؤوساء منتخبين ، وجميعهم يتسلم السلطه بطريقة ديمقراطية ويتركها بطريقة دستورية ديمقراطية دون إثارة اية عنف ، أما دول العالم  الإسلامي مازالت تعيش في نظرية الزعيم الخالد والأدهى والأمر من ذالك أصبح كل

زعيم يجهز أبنائه لتولي السلطة من بعده وهو مايطابق المثل القطري القائل (من صادها عشاها عياله ) … الخ .
ولكن أيضا يجب أن نضيف الى رأينا بأن النظام الايراني هو الأفضل في العالم الإسلامي تقريبا ، ولكننا ننتظر أن تعطى المؤسسات الإيرانية السلطة التنفيذية
المزيد من الصلاحيات وكذالك إعطاء السلطة التشريعية المزيد من الصلاحيات ، وإذا نجحت التجربة الإيرانية بعد زيادة صلاحيات السلطات المذكورة اعلاه فندعو أنفسنا وندعو إخواننا في العالم النامي لمطالبة دولنا الإقتباس من النموذج الديمقراطي الايراني لأنه أقرب لنا من الناحية الثقافية والدينية والإجتماعية .

وإلى اللقاء دائماً إن شاء الله ،،،