حوار الأهرام في ربيع 2005م

بسم الله الرحمن الرحيم

9/4/2005

            في حوار مع دار الأهرام العربي ، أكبر دار نشر في العالم العربي ، قلنا عن الطائفية في الخليج والجزيرة العربية ، التالي :

1-             هل ترى أن هناك خطراً حقيقياً على منطقة الخليج من تصاعد الخطاب الطائفي في العراق ؟

*           في حقيقة الأمر نحن نعتقد بأن الدولة الحديثة ، وأقصد هنا مفهوم الدولة بين النظام الويستفالي ، يفترض أن تكون الكيان الذي يجمع جميع المواطنين 0 ليس باختلاف طوائفهم فحسب ، بل باختلاف أديانهم وقومياتهم وسلالاتهم وأيديولوجياتهم 0 أي بمعنى آخر جميع المواطنين لهم حقوق وعليهم واجبات سواء مادية ومعنوية للمشاركة في بناء الوطن ! 0

                        وما يحدث في العراق الآن ليس دولة طائفية فقط ، إنما هناك دولة طائفية ، مثل فكرة قيام دولة شيعية في الجنوب ، ودولة سنية في الوسط ، وهناك أيضاً مطالب قومية وهو نشأة دولة كردية في كردستان 0 وإذا تحقق ذلك ، ستطالب بقية القوميات في العراق بكيانات مستقلة ، مثل الفرس والتركمان 0 إلخ 0

2-             هل ترى تفتيت العراق يشكل خطراً على منطقة الخليج العربي ؟

*           هذا بكل تأكيد لأن تأجيج الجانب الطائفي في العراق ليس هو النهاية فقط ، وإنما ذلك سيتبعه الكثير من المعضلات 0 فمثلاً لو نشأت دولتين في العراق : شيعية في الجنوب ، وسنية في الوسط ، ذلك سيثير الكثير من التساؤلات : (1) ما هو الحيز المكاني لكل دولة ؟ ، (2) ما هو مصير الأقليات السنية في الجنوب ؟ وما هو مصير الأقليات الشيعية في الوسط ؟ ، (3) ما هي الآلية التي ستقسم بها الثروة ؟ ، (4) ما هو مصير القوميات الأخرى ، وأصحاب الديانات الموجودين في الإقليمين ؟ ، (5) نفس هذه الأسئلة تنبطق على كردستان العراق عند استقلاله ! 0

                        والتساؤلات أعلاه ستكون لا سمح الله هي الشرارة التي ستشعل الحرب الأهلية في العراق ، ولو اشتعلت هذه الحرب سيكون لها عمق قومي وطائفي ، فمن الناحية القومية ستدعم الأقاليم العربية عرب العراق ، وستدعم إيران فرس العراق ، وستدعم باقي الأقاليم الكردية في إيران وتركيا وسوريا أكراد العراق 0

                        ومن الناحية الطائفية سيستنجد شيعة العراق بعمقهم الشيعي في إيران ودول الخليج العربي ، وسيستنجد السنة بعمقهم السني في الجزيرة العربية ، وسيؤدي ذلك كله إلى حرب إقليمية تتضرر منها جميع منطقة الشرق الأوسط ، وسيكون المستفيد الوحيد من الكارثة إسرائيل ، لأن ذلك ، أولاً : سيمتص الصراع والضغوط التي تمارس على إسرائيل إقليمياً ودولياً ، ثانياً : ستلجأ معظم الدول المتحاربة للحصول على الدعم الإسرائيلي من الأسلحة والتكنولوجيا وهذا ما يعزز الاقتصاد والسيطرة الاستراتيجية الإسرائيلية على المنطقة ، ثالثاً : سيسهل على إسرائيل إعادة تشكيل خارطة الشرق الأوسط بالمساعدة الأمريكية طبعاً ، رابعاً : ستتفاقم الفجوة الحضارية ما بين العرب وإسرائيل بدلاً من عقود من الزمن كما هي الآن للأسف ، إلى قرون من الزمن 0 ولو تحقق ذلك سيكون بداية تحقيق الأسطورة الإسرائيلية حدودك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل 0

3-             ما هو دور دول المنطقة في الحيلولة دون هذه المخاطر الطائفية ؟

*           سيدي الفاضل سؤالك هو مربط ا لفرس ، وهذه الإجابة تحتاج إلى بحوث وكتب محكمة علمياً ، ولكننا سنختصرها في عدة سطور 0 الحل الحقيقي هو الإصلاح 0 والإصلاح المطلوب هو الإصلاح الحقيقي لا كما يقول المثل العربي ( اسمع جعجعةً ولا أرى طحيناً)0 ومن أكبر مشاكل عدم وجود الإصلاح في المنطقة العربية ، هي الفجوة السلبية التي نشأت ما بين المواطنين وحكوماتهم ، وهذا يؤثر على انتماء المواطن إلى دولته ، وهنا انتبه ، نحن لا نعتقد بأن ابن الخليج والجزيرة العربية لا ينتمي إلى الخليج والجزيرة العربية ، ولكن ما أستطيع أن أؤكده أن مفهوم الدولة المركزية في الخليج والجزيرة بدأ يثير كثير من الشكوك : هل هذه الدول تمثل مجموعة من الأفراد يعتقدون أنفسهم الصفوة وما تبقى يرمى في سلة المهملات ؟ ! 0 أو ما هو المفهوم الحقيقي لهذه الدول ؟ ! 0

                        إذا كان أهل الخليج والجزيرة يريدون الانتماء الحقيقي من المواطنين لدولهم ، فلابد من الإصلاحات التالية :

            أ   –       التداول السليم للسلطة 0

            ب –       المشاركة في السلطة 0

            ج  –       عدالة توزيع الدخل 0

            د   –       الشفافية الكاملة في الإدارة السياسية والمالية والتقنية للدول 0

            هـ  –      عدالة توزيع الوظائف 0

            وبكل رحابة صدر مستعد لسماع أي تعليق على موقعنا الإلكتروني www.df-althani.com عن الموضوع الذي أثرناه أعلاه !! 0

                        والله اللقاء إن شاء الله 0

                                                                             د0 فهد بن عبد الرحمن آل ثاني

                                                                              أستاذ مشارك في الجيوبولتيك

                                                                                                وباحث قانوني

www.df-althani.com

df_althani5@hotmail.com

حوار الأهرام ربيع 2006م

بسم الله الرحمن الرحيم

5/4/2006

 * ما هي الحكمة من إجراء حوار أمريكي إيراني حول العراق في بغداد ؟ لا أعتقد بأننا نحتاج لمجهود كبير لكي نبحث عن الحكمة حول هذه المفاوضات


*           ما هي الحكمة من إجراء حوار أمريكي إيراني حول العراق في بغداد ؟

            لا أعتقد بأننا نحتاج لمجهود كبير لكي نبحث عن الحكمة حول هذه المفاوضات ، فمعظم الشخصيات السياسية من الطائفة الشيعية والتي لها دور بارز في العراق ، يوجد لها علاقة ممتازة مع النقيضين : الولايات المتحدة الأمريكية  والجمهورية الإسلامية الإيرانية ، فمثلاً السيد عبدالعزيز الحكيم رئيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية ، عاش في طهران 20 سنة قبل العودة إلى العراق بعد سقوط نظام صدام حسين ، بواسطة الولايات المتحدة ؛ والسيد أحمد جلبي ، عاش فترة طويلة في الولايات المتحدة ، وفي نفس الوقت يحتفظ بعلاقة ممتازة مع طهران .

ومن هنا نحن نرى بأنه يوجد بعض القيادات العراقية من الممكن أن تشكل قواسم مشتركة للتفاوض الأمريكي الإيراني حول ملف العراق ، ولكن ما يثير الدهشة فعلاً ، أين الجوار الإقليمي للعراق من هذه المفاوضات ، مثل : المملكة العربية السعودية ، ودول مجلس التعاون الخليجي ، وتركيا ، وسوريا ، والأردن ؟ ! .

*           ألا تعتقد أن التفاوض الأمريكي الإيراني عن الملف العراقي في بغداد يعزز الدور الإيراني في العراق ؟

لا أعتقد ، لأن ذلك سيفتح لنا باب نظرية المؤامرة ، ولن نستطيع أن نوقف التوقعات على إطلاقها بالنسبة لإيران ، فذلك سوف يساهم في قيام دولة صفوية أو حزام شيعي ليمتد من طهران إلى البحر المتوسط ، وبالنسبة للولايات المتحدة مثلاً ، فذلك سيوظف لخدمة المشروع الصهيوني، ولو كان هذا الحوار أمريكي سعودي حول العراق ، لقيل أيضاً أن هذا امتداد وهابي ( سلفي ) في العراق . على الرغم من أنه توجد لنا تحاليل للأيديولوجيات المذكورة ، ولكن المهم الآن أمامنا دولة عربية إسلامية تقف على حافة الهاوية ، وتهددها حرب أهلية ، لا سمح الله ، وفي هذه الحالة لابد من مشاركة جميع الأطراف الإقليمية والدولية لتدارك هذا الوضع ، وللبحث عن سيناريو معين لتسهيل عملية التفاهم العراقي ، حتى لو وصل الأمر لابتكار اتفاقية طائف عراقي ( على غرار اتفاقية الطائف لحل الأزمة اللبنانية ) !! .

*           ألا تعتقد قبول إيران الحوار مع واشنطن يأتي في محاولة لتخفيف الضغوط الأمريكية عليها فيما يتعلق بملفها النووي ؟

أعتقد بأن العلاقات الدولية تقوم على مجموعة من الملفات ، ومن الممكن أن يتفق على بعضها ويختلف على البعض الآخر ، هذا من ناحية ، أما من ناحية أخرى ، فالسياسة تنقسم إلى مدرستين : أحداهما المدرسة الأخلاقية ، والأخرى المدرسة الواقعية ، وما يقارب من 95% من دول العالم الآن تستخدم المدرسة الواقعية البراغماتية ! . ومن هنا نحن مقتنعين ظاهرياً من الاستراتيجية الإيرانية ، لأن التفاوض في ملفات أخرى تمثل كابوساً للولايات المتحدة الأمريكية ، مثل تورطها في العراق ، ومساعدتها لإيجاد بعض الحلول لهذه الأزمة ، من الممكن أن تساهم في إقناع الولايات المتحدة إلى تخفيف الأسلوب الضاغط فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني ، أو إيجاد تسوية ما قبل صدور أية عقوبات من مجلس الأمن ضد إيران !! .

*           هل أفهم من ذلك أن الورقة الخليجية في الملف العراقي باتت هامشية بعد أن أقرت واشنطن بالحوار مع طهران بشأنه ؟

للأسف الشديد ، نعم وصلت إلى مرحلة متقدمة من الضعف والهشاشة ، ولا شك أن ذلك لا يعكس خطأ الولايات المتحدة أو حتى إيران، ولكنه خطأ دول مجلس التعاون الخليجي بالأساس .. فالملعب أمامها مهيأ بيد أنها غير راغبة في ممارسة اللعب ، ولا شك أن الوضعية الجيوستراتيجية لدول مجلس التعاون الخليجي قد لا تدفع واشنطن إلى التفاوض معها بخصوص العراق ، وهو ما يستدعي لتجاوز ذلك ، المزيد من التنسيق الفعال بين أعضاء منظومة المجلس حتى يكون بوسعها أن تمارس دوراً بات مطلوباً بحكم الرغبة ، في تحقيق الاستقرار في هذا البلد المشتعل ، والذي سينعكس بدوره على استقرارها ..  وأقترح في هذا السياق، أن تقوم دول المجلس بتقديم تصورها لواشنطن حول آليات احتواء الأزمة العراقية ، ومن الممكن أن تتم معالجة الملف العراقي مثل ما ذكرنا سلفاً ، من خلال تنسيق يمثل ثلاثة أطراف ، محلياً : التنسيق ما بين جميع القوى العراقية ، وإقليمياً : جميع دول الجوار ، وعالمياً : الولايات المتحدة وبريطانيا والأمم المتحدة ، وبهذه الطريقة من الممكن أن نصل إلى النتائج التالية :

أولاً  :     إنقاذ العراق من الكارثة المحدقة به لا سمح الله .

ثانياً :      عدم إعطاء الفرصة لطرف إقليمي واحد لاحتكار الملف العراقي لصالحه !! .

                        وإلى اللقاء دائماً إن شاء الله

جيوبوليتيكية مجلس التعاون الخليجي

بسم الله الرحمن الرحيم

6/6/2004

 إن التاريخ العالمي على مدى أكثر من خمسمائة ألف سنة ، شهد أكثر من مائة وخمسين ألف حرب ، بمعدل حرباً واحدة كل ثلاث سنوات ، وشهد العالم في القرن العشرين ، حربين كونيتين ، وكان ضحايا الأخيرة منها ما يزيد على أربعين مليون نسمة ، وفي النصف الأخير من القرن العشرين ، شهد العالم ما يزيد على مائة وثمانين حرباً ، بلغت ضحاياها أكثر من ثلاثين مليون نسمة 0 ومعظم هذه الحروب نتجت من خلال طمع الكبار في ضم الصغار ، أو سلب مواردهم 0

 فمن خلال هذه الدراسة ، سوف أسلط الضوء على أهمية وضع تصور بالنسبة لمجلس التعاون الخليجي ، من ناحية استراتيجية ومؤسسية 0 وسوف تلاحظون هنا بأننا سوف نقوم بتجنب الخوض في بعض المواضيع عن دول مجلس التعاون الخليجي ، كالجوانب السكانية والحضارية والاقتصادية ، حيث تناولناها بشكل مفصل في كتابنا ” دراسات في الجغرافيا السياسية والجيوبوليتيكا ” 0

 ولقد حاولت أن يكون جل اهتمامي هو الكيفية التي نشأ بها مجلس التعاون الخليجي 0 ولمعرفة ذلك لابد من التركيز على البعد المحلي ، والإقليمي ، والقومي ، والعالمي بالنسبة لدول الخليج العربية 0

 فمنذ انطلاق مرحلة الكشوف الجغرافية الأوربية في القرن الخامس عشر الميلادي ، أصبحت منطقة الخليج من المناطق المهمة في مسرح السياسة العالمية ، فنلاحظ الصراع بين القوات المختلفة في الخليج ، مثل : البرتغاليين ، والهولنديين ، والفرنسيين ، والبريطانيين في الفترة الأخيرة ، أي منذ بداية القرن التاسع عشر الميلادي ، أصبحت بريطانيا القوة الرئيسية المسيطرة في الخليج 0 وتعود أهمية ذلك إلى أن الخليج يعتبر الحلقة الرابطة ما بين المستعمرات البريطانية في الغرب الآسيوي ، والشرق الآسيوي 0

 ومع أن الأمم تتقلص وتتفاقم همومها ، إلا أن الخليج مشكلته المزمنة والتي نلاحظها في الأزمنة المختلفة ، هي مشكلة المحافظة على أمن واستقرار المشايخ الخليجية ، وإيجاد سيناريو لخلق ذلك 0 ففي اتفاقية الهدنة بين إمارات الساحل الغربي للخليج وبريطانيا عام 1853م تعهد الحكام فيها ألا يشنوا حرباً بحرية فيما بينهم ، وأعطت هذه الاتفاقية بريطانيا في أن تتولى أعمال الشرطة على طول السواحل الخليجية 0 وتولت بريطانيا أيضاً الشئون الخارجية للإمارات الخليجية ، وكانت حينئذ عشراً هي : الكويت والبحرين وقطر والإمارات السبع  المشكّلة لدولة الإمارات العربية المتحدة حالياً  0 وعموماً تلى أتفاقية الهدنة البريطانية توقيع اتفاقية الحماية البريطانية ومنها على سبيل المثال لا الحصر ، الاتفاق الأنجلو تركي ، وفي المادة الحادية عشرة للميثاق تنص على أن تتنازل تركيا عن قطر ، ويبقى حكمها عند الشيخ جاسم بن محمد  رحمه اللّه  وخلفاؤه من بعده في 28 يوليو 1913م ، وكما ستتعهد بريطانيا بحماية قطر ضد أي أعتداء خارجي 0 ثم تلتها اتفاقية الحماية 1916م الموقعة ما بين الشيخ عبد اللّه ابن جاسم  رحمه اللّه  والحكومة البريطانية ، وكانت اتفاقية الحماية لإمارات الساحل المتهادن تسبق قطر بقرن تقريباً عام 1820م 0

 وبعد هذه الاتفاقيات الأمنية ، بقي الوضع الأمني في الخليج هادئاً على أقل تقدير من غزو القوات الإقليمية الكبرى نسبياً ، وإن بقي نوع من الصراع الداخلي ما بين الإمارات الخليجية ، ولكن غالباً يكون تحت السيطرة بالنسبة لبريطانيا ، وإن كان البعض يتهمها بإشعاله تارة واخماده تارة أخرى 0 واستمر هذا الوضع السياسي والأمني إلى الستينيات من هذا القرن، ولكن بعد ذلك أعلنت بريطانيا عن رغبتها في الانسحاب من الخليج ، وذلك شكل هزة بالنسبة للقوة الحليفة الأخرى في الناتو ، والتي تعتمد على التوازن الاستراتيجي في المنطقة من خلال تواجد المملكة المتحدة 0 ومنذ اعلان حكومة هارولد ويلسون العمالية الانسحاب من الخليج ، بدأ الحديث عن فراغ سياسي في الخليج ، تزامن معه العديد من الدعوات بضرورة ملء الفراغ المحتمل من خلال ايجاد ترتيبات أمنية في المنطقة تهدف إلى :

1- الدفاع عن المصالح الغربية في المنطقة 0
2- المحافظة على الوضع السياسي القائم 0
3- ضمان وصول امدادات النفط 0
4- صد أي هجوم محتمل على المنطقة 0
5- محاربة انتشار الايديولوجيات المضادة للمصالح الغربية في المنطقة 0

 ومن هنا كان على المملكة المتحدة تسوية الأوضاع قبل انسحابها من الخليج ، فكان من السيناريوهات لأمن الخليج العربي أنه لابد من تشكيل اتحاد كونفيدرالي أو فيدرالي ما بين الإمارات الخليجية ، حتى تستطيع حماية نفسها ، ويقوم هذا التصور على أن يكون هناك ما بين المشايخ الخليجية التسع ممثلين بقطر والبحرين والإمارات السبع  المشكلين لدولة الإمارات الحالية  0 وقد تم التقارب وتوقيع الاتفاقية ما بين هذه المشايخ بالفعل في 27 فبراير 1968م 0 ولكن لم تنجح هذه الفكرة كاملة ، ويعود ذلك لعدة أسباب منها : 1 احتجاج بعض القوى الخليجية الكبرى نسبياً على قيام هذا الاتحاد 0 2 مشكلة الزعامة الاتحادية 0 3 منهم من يؤيد تشكيل مجالس تشريعية منتخبة ، ومنهم من يرفضها 0 4 الاختلاف على موقع العاصمة الاتحادية 0 5 ما هو موقف الاتحاد إذا احتلت دولة أو جزء من دولة ؟ 6 بالإضافة إلى الخلافات القائمة ما بين هذه الدول على الحدود وغيرها 0 7 ما هي الطريقة التي سوف تعتمد بها ميزانية الاتحاد ؟ 8 البعد المكاني بالنسبة لبعض إمارات الاتحاد نسبياً 0

كل هذا أدى إلى عدم نجاح فكرة قيام فيدرالية ما بين الإمارات التسع 0 وبعد ذلك في 3/9/1971م أعلنت دولة قطر استقلالها ، وأعلنت دولة البحرين استقلالها ، وتشكل اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة من الإمارات السبع  أبو ظبي ، دبي ، الشارقة ، رأس الخيمة، عجمان ، الفجيرة ، وأم القوين  0 وهذا يعطينا مثال بأن فكرة الاتحاد والتحالف ما بين دول الخليج ، سواء كان بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ، عن الطريق القوى الأجنبية موجودة من القرن التاسع عشر ، وتطورت الفكرة ووصلت إلى قمة نضجها ، في العقد السادس من القرن العشرين ميلادي ، من خلال بريطانيا ، ولكن للأسف لم ينتج عنه إلا اتحاد الإمارات العربية 0

 أما بالنسبة لبريطانيا في المنطقة ، رغم محاولتها لوضع سيناريو استراتيجي لأمن منطقة الخليج العربي ، إلا أنها أثبتت فشلها في احتواء الكثير من الأزمات الإقليمية والقومية قبل تفاقمها ، والأمثلة على ذلك كثيرة منها : 1 الشعور العربي الإسلامي الدائم بأن المتسبب الأول في ضياع فلسطين هو بريطانيا 0 2 بروز المد القومي العربي 0 3 فشل العدوان الثلاثي على مصر 0 4 انهيار حلف بغداد 0 5 أحداث اليمن 0 6 الثورة الظفارية في عمان 0

 أما أسباب خروج بريطانيا من المنطقة من ناحية عالمية يعود إلى : 1 من الناحية الجيوبوليتيكية أنتهى دور الدول النووية  مثل بريطانيا  بسبب نضج القوميات في المستعمرات كما ذكرنا سلفاً ، وبدأ بروز دور الدول القارية مثل الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي السابق 0 2 ضغوط حزب العمال البريطاني على حكومته بالانسحاب 0 3 التدهور الاقتصادي الذي أصاب بريطانيا وشروط صندوق النقد الدولي بتخفيض العملة 0 4 ميزانية التقشف الحادة في بريطانيا أواخر الستينيات 0

 وطبعاً هنا لاستيعاب الانسحاب البريطاني من الخليج كان لابد من وجود قوة عالمية حليفة لملء الفراغ الذي سوف تتركه بريطانيا في المنطقة ، والمرشح الوحيد لهذا الدور هو الولايات المتحدة الأمريكية لما لها من مصالح اقتصادية واستراتيجية في منطقة الخليج العربي، ولكن الولايات المتحدة في هذه الفترة لا تريد الدخول المباشر في شئون الدول الأخرى ، وذلك بسبب الضغوط التي تتعرض لها الحكومة الأمريكية من الكونغرس بسبب الفشل الأمريكي الذريع في فيتنام ، وتبنى الكونغرس قرار الحد من صلاحيات الرئيس في أرسال قوات أمريكية للقتال خارج الأرض الأمريكية دون الموافقة المسبقة الكونغرس 0 وبالتالي لجأت الولايات المتحدة في سياستها مع الخليج على إنشاء قاعدة خليجية محلية تستطيع أن تحمي نفسها بنفسها ، وذلك من خلال مبدأ العمودين المتساندين ، وذلك بقيام تنسيق ما بين الحليفين الاستراتيجين للولايات المتحدة والمتمثلتين في المملكة العربية السعودية من ناحية وإيران من ناحية أخرى 0 والمقصود هنا هو صد أي هجوم شيوعي من دول الشمال المركزي 0

 وفي عام 1976م كان هناك مشروع امريكي لقيام منظومة خليجية تضم جميع الدول المطلة على الخليج بما فيها إيران والعراق ، تكون مسئولة عن أمن واستقرار المنطقة 0 ولكن جميع التصورات الأمريكية للمنطقة تأثرت بشكل متطرف بعد قيام الثورة الإسلامية الإيرانية في أواخر السبعينيات ، وأصبح الخليج منقسم إلى ثلاث إيديولوجيات متناحرة ممثلة بالثورة الراديكالية في إيران ونظام البعث العربي في العراق والأنظمة الملكية في دول الخليج العربية، ولوجود هذا التطرف أصبح من الصعب وجود أي تنسيق استراتيجي ما بين هذه الدول لمواجهة الخطر الشيوعي من الاتحاد السوفيتي السابق ، بل الاسوأ من ذلك أصبحت كل دولة تحاول أن تحافظ على توازن معين حتى لا تلتهمها دول الجوار ، وبعد ذلك قامت الحرب العراقية الإيرانية التي استمرت فترة ثمانية سنوات ، وانتهت عام 1988م ، وشكلت هذه الحرب هزة إقليمية كاملة لجميع دول المنطقة من الناحية الاستراتيجية السياسية ، ومن الناحية الاقتصادية00 إلخ 0 وهذا يبرز لنا فشل مبدأ نيكسون في المنطقة ، ولم يبقى لها إلا مبدأ كارتر الذي ينص على قوات التدخل السريع ، وتعدد الخيارات ، أي انضمام باكستان للنظام الإقليمي الخليجي من الناحية الأمنية ، وإنشاء قواعد عسكرية في المنطقة ، وبالفعل نجحت بعض تصورات هذا المبدأ كما سنذكر لاحقاً 0

 وبالطبع ، لم تبق القوة المضادة للغرب مكتوفة الأيدي بالنسبة للتصورات الأمنية لمنطقة الخليج والمحيط الهندي بشكل عام ، فهناك بعض التصورات للمدرسة الشرقية المضادة للغرب ولكنها فشلت تقريباً بفشل النظام الشيوعي الاشتراكي بشكل عام منذ عام 1990م 0 ولكن التصور الأمريكي الحقيقي ربما نستطيع أن نستشفه من تصور المستشار الأمريكي الأسبق للأمن القومي بريجنسكي من قوله : ” إن منطقة الخليج تواجه تهديداً متصاعداً ناتجاً عن عدم قدرة أنظمتها المحلية الصمود أمام ضغوط التحديث من جهة ، ومواجهة تهديد الانبعاث الإسلامي من جهة أخرى ، وأضاف بأن على الولايات المتحدة خلق سيناريو كامل للاستقرار المطلوب ، وحماية مصالحها في المنطقة ” 0

 أما بالنسبة لأهم المبادرات التي قام بها زعماء الدول الخليجية ، إنشاء مجلس التعاون الخليجي ، وإن كان الكثير من النقاد يعلقون قيام المجلس بسبب وجود الهزات الأمنية في المنطقة وخاصة بروزها بشكل واضح في عام 1981م ، وهي نفس السنة التي انشئ فيها المجلس ، ومن هذه الأحداث : 1 الثورة الإيرانية وسياسة تصدير الثورة 0 2 الغزو السوفيتي لأفغانستان 0 3 الحرب العراقية الإيرانية 0

 وعموماً كما ذكرت في دراسة سابقة بأن المنظمات الإقليمية والدولية لابد من وجود محور أساسي لنشأتها ، ومن ثم نفس المنظمات تقوم بأدواراً أخرى ، وهو ما لم نلمسه من مجلس التعاون لا من ناحية المحور الأساسي ، ولا المحاور الأخرى كما سنذكر لاحقاً 0 وعموماً جرى العرف على تقسيم الدول من ناحية سكانية ومساحية إلى دول عملاقة ، ودول كبيرة ، ودول متوسطة ، ودول صغيرة ، ودول صغيرة جداً 0 ولو قمنا بتقسيم دول المجلس على هذا الأساس لوجدنا أن معظمها يتمرجح ما بين صغير وصغيرة جداً 0 إذاً الدراسة التي عرضها مركز الدراسات الاستراتيجية في النرويج بالنسبة للدول الصغيرة ممكن أن تكون من الخيارات الأمنية الممكنة لاستمرارها كمؤسسات سياسية : 1 أن تنأى بنفسها عن الصراعات القائمة مع الاعتماد على قوتها الذاتية ، وهذا مستحيل بالنسبة لدول الخليج لأنها تمثل مطمعاً لعدة أسباب منها قلة عدد السكان وخاصة عندما تعتمد كلاً منها على إمكاناتها البشرية والذاتية ، وجود الاحتياطي الهايدروكاربوني الكبير ، والموقع الاستراتيجي ، وعدم استيعاب جميع شرائحها الاجتماعية للمساهمة في التنمية وخاصة المؤهلين منهم 0 2 أن تتحد الدول الصغيرة اتحاداً فيدرالياً أو كونفدرالياً ، وهذا يمكن أن نلحظه من خلال تشكيل اتحاد الإمارات العربية عام 1968م ، ولكنه فشل نوعاً ما لضم جميع الدول العشر الصغيرة في منظومة واحدة كما كان متصوراً لها منذ عام 1853م بأنها لا تستطيع أن تعتمد على قدراتها الذاتية منفردة  ، كما ذكرنا سلفاً 0 3 أن تنسق الدول الصغيرة مع دول إقليمية كبيرة قوية ، وهذا أثبت فشله من خلال محاولة التنسيق ما بين دول الخليج الصغيرة والدول الخليجية الكبيرة ، وربما اسوأها احتلال العراق للكويت عام 1990م 0 4 أن تغذي الصراع بين القوى الإقليمية لكي تنشغل عنها ، وهذه الاتهامات وجهت بعنف لدول المجلس خلال الحرب العراقية الإيرانية، ولكن في الحقيقة الصراع الإيراني العراقي هو صراع أيديولوجي وتاريخي أيضاً ، وموجود حتى قبل أن يكون لدول المجلس كيانات سياسية مستقلة 0 6 أن تتحالف مع دولة قوية من خارج المنطقة التي تنتمي إليها ، وهذا ما يحدث بالفعل لجميع دول المنطقة ، وإن كان قبل احتلال الكويت ، كان هناك كتمان كبير على هذا الأمر ، أما الآن فأصبح هذا التحالف علني ، ووصل إلى تقديم التسهيلات والسماح بإنشاء قواعد عسكرية للدول الأجنبية، وعلى رأسها الولايات المتحدة وروسيا والمملكة المتحدة وفرنسا 0 7 أن تتحالف الدول الصغيرة مع دول قوية داخل الإقليم ودول قوية خارج الإقليم ، وهذا ما نستطيع تطبيقه على دول المجلس الصغيرة بحيث تحاول بعضها بالمحافظة على علاقة قوية مع المملكة العربية السعودية التي تعتبر دولة قوية داخل الإقليم بالنسبة للدول الخليجية الصغيرة الأخرى ، وفي نفس الوقت تلجأ الدول الصغيرة إلى تحالفات خارج الخليج كما ذكرنا أعلاه 0

 وأحياناً تلعب الدول الصغيرة لعبة التوازن السياسي ، وهذا الدور رأى البعض بأن الكويت هي أفضل من لعبته من خلال العلاقة الإقليمية مع القوى الإقليمية الثلاث الكبرى ، ممثلة في المملكة العربية السعودية ، والعراق ، وإيران ، وهو يتم من خلال المحافظة على علاقة ممتازة مع الثلاث قوى ، وإن حاولت إحدى القوى فرض عليها نفوذها أو الضغط عليها مالت أكثر للقوتين المتبقيتين للاحتفاظ بالتوازن ، ونفس سياسة التوازن هذه اتهمت بها الكويت أيضاً من خلال علاقاتها العالمية من خلال محافظتها على توازن معين في علاقتها ما بين المعسكرين الغربي وعلى قمته الولايات المتحدة ، والشرقي وعلى قمته الاتحاد السوفيتي السابق 0

 وأيضاً للكويت دور ثالث في معادلة التوازن من خلال تقوية علاقاتها مع الدول الصغيرة في الإقليم وحثهم على تشكيل فرع من الاتحاد الفيدرالي أو الكونفيدرالي أو التحالف في مواجهة القوى الإقليمية الأخرى ، وعموماً لعبة التوازن هي من الألعاب التي تعطي الدول الصغيرة دور بارز في إقليميها السياسي ، ويمتد ذلك إلى أن يكون لها دور في مسرح السياسة العالمية ، ولكن هذه اللعبة كالخلطة السحرية التي متى ما اختل إحدى مركباتها ، تدفع الدولة ثمن ذلك غالياً 0 وفي الوقت الحاضر يتهم بعض المحللين قطر بأنها تحاول لعب نفس اللعبة 0

 وعموماً من خلال لعبة الشد والجذب في إقليم الخليج على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي لم يستطع المجلس الخليجي أن يقدم حلولاً مرضية لحل مشاكل دول المجلس الآتية : 1 مشكلة الحدود 0 2 المشاركة السياسية 0 3 العمالة الوافدة 0 4 عدم التنسيق فيما بينها في المنظمات الدولية 0 5 عدم وضوح صورة التنسيق الاقتصادي 0 6 تخوف البعض من إنشاء جيش موحد 0 7 عدم إعطاء ضمانات مرضية وكافية للمواطن الخليجي من حيث العمل والاستثمار والتنقل 0 8 وأخيراً لم نستطع أن نستشف من هذا المجلس بعد مرور ما يقارب عقدين من الزمن أي محاولة للتوجه نحو الفيدرالية أو الكونفيدرالية 00

 وحتى التنسيق الأمني ما بين دول المجلس لا توجد له صورة واضحة ، رغم كبر الانفاق العسكري في دول المجلس الذي يصل معدله إلى 24 مليار دولار ، كما هو في عام 1996م وتقابله ديون تصل إلى ما يزيد على 102 مليار دولار ، وعجز في موازنة دول المجلس يصل متوسطه إلى 25% ، ورغم هذا كله نلاحظ بأن دول المجلس معتمدة من الناحية الأمنية بشكل شبه كلي على الدول الأجنبية ، مع عدم مراعاة أي هزة في السياسة العالمية ، وفي عام 2000م وبسبب ارتفاع أسعار النفط يتوقع أن يصل الفائض في ميزانية دول مجلس التعاون إلى أكثر من 22% ، ولكن جل مخاوفنا تتركز على أن لا تصنع الدول المستهلكة للنفط سيناريو مضاد للدول المنتجة لكي تسحب فائض الميزانية ، وخاصةً إذا علمنا بأن أكثر من 25% من الطاقة النفطية تستهلكه الولايات المتحدة الأمريكية التي تعتبر الخليج بحيرة خاصة لبوارجها العسكرية 0 ودائماً يقال بأن مشكلة دول الخليج مشكلة سكانية وهي التي لا تعطي هذه الدول إمكانية لحماية نفسها ، وأنا اختلف اختلافاً كلياً مع من يقول ذلك ، وإنما مشكلة دول الخليج مشكلة تنظيمية وتخطيطية ، أما من الناحية السكانية فهي تبلغ 26 مليون نسمة، وحتى لو قلنا بأن سكان الخليج يبلغون 50% من إجمالي هذا العدد فسوف نجدهم بأنهم يصلون إلى 13 مليون نسمة ، وأكثر من نصفهم من الشباب  ذكور وإناث  أي مجموع الشباب لا يقلون 5ر6 مليون نسمة ، وهل يعقل بأننا لا نستطيع أن نجند ما يقارب 15% من هذا العدد وسوف يكون لدينا واحد مليون جندي حاملين للسلاح ، والباقين ممكن أن يخضعون لتجنيد اجباري لفترة زمنية محددة ، أي في النهاية يوجد عندنا ما يقارب من 5ر6 مليون نسمة جاهزين لحمل السلاح والدفاع عن أوطانهم 0

 وبالمقارنة مع إسرائيل سوف نجد عدد سكانها لا يزيد عن 6 مليون نسمة ، وتعتبر القوة الأولى في الشرق الأوسط 0 وربما يقفز هنا مجموعة من المفكرين ويقولون لا وجه للمقارنة ما بين مجلس التعاون وإسرائيل ، وسوف أقول لهم احترم رأيكم ، ولكن ماذا لو أجرينا مقارنة ما بين العراق عندما دخل الكويت في أغسطس 1990م ، وكان يومها عدد سكانه أقل من 18 مليون نسمة ، ويقابله عدد سكان دول المجلس الآن ما يزيد على 26 مليون نسمة ، وكان العراق يعتبر يوم دخوله الكويت رابع أكبر قوة في العالم ، ولكي يخرج من الكويت تم تحالف ما بين 40 دولة لإخراجه 0 وربما يقول البعض بأن هذا التحالف مظلة أمريكية لتعبئة الرأي العام العالمي ضد العراق ، ولكنني سوف أختلف معهم هذه المرة لأنه لاخراج العراق من الكويت في عام 1990م لم يكن أمام أمريكا إلا واحد من خيارين ، إما استخدام أسلحة غير تقليدية وهذا مرفوض تماماً على جميع المستويات ، أو إنشاء تحالف دولي ضد العراق ، أو أن يخوض الأمريكان حرباً لوحدهم وحتى لو حققوا فيها النصر ، ولكن سوف تكبدهم خسائر كبيرة0 إذاً النموذج العراقي ممكن أن يطبق على دول المجلس من الناحية العسكرية مع مراعاة ظروف كل إقليم ، ولماذا لا نكون صريحين مع أنفسنا ، فالعراق سخر شريحة كبيرة من موارده لقوته العسكرية وأخرج جيشاً قوياً قبل كارثة 1990م ، ونحن سخرنا معظم مواردنا وعائداتنا للتمويل العسكري ، وازداد ارتباطنا بالقوى الأجنبية للدفاع عنا 0

 وممكن أن اجتهد وأقول بأن المشكلة التنظيمية والتخطيطية التي تعاني منها دول المجلس هي عدم احترام العقول المؤهلة الموجودة لديها والتي انفقت عليها الدول الخليجية مليارات الدولارات ، فدائماً هذه الكفاءات تكون الحكومات تنظر إليها بعين من الشك والريبة ، أو تكون هناك فئة من الصفوة (Elite) تخاف على نفوذها من التقلص فتحاول أن تقفل جميع الأبواب أمام مفكرين الأمة بكل ما أوتيت من سلطان ، ولكن عزاؤنا الوحيد هو إتجاه بعض القيادات الخليجية في محاولة اعطاء الفرصة للمشاركة الشعبية ، وتشكيل مجالس منتخبة ، وهذا كله سوف يدعم خطط التنمية والأمن في المنطقة 0 وعموماً نرى من أفضل الدول الخليجية في المشاركة الشعبية هي الكويت بحيث بدأ منذ عام 1921م ، وشكل أول مجلس للأمة الكويتي عام 1963م وربما يهاجم البعض الكويت سابقاً ويقول بأن مجلس الأمة الكويتي لم يعط الحق للمرأة لا في الانتخاب ولا الترشيح ، ونرد عليهم بالسؤال هل اعطيتم الرجل حقه حتى تفكروا في حق المرأة ؟ وعموماً صدر أخيراً مرسوم من سمو أمير دولة الكويت سمح بمشاركة المرأة الكويتية في الانتخابات البرلمانية وأعضاء البرلمان الكويتي المنتخب شعبياً هم أنفسهم رفضوا ترشيح المرأة للبرلمان  0 ويوجد في سلطنة عمان مجلس شورى منتخب ، وفي الإمارات المجلس الوطني بالتعيين ، وفي السعودية أخيراً بعد حرب الخليج الثانية أسس مجلس شورى بالتعيين ، وفي البحرين المجلس الوطني نصفه بالانتخاب والنصف الآخر بالتعيين0 وعطل بمرسوم أميري منذ عام 1975م ، وفي سبتمبر 2000م ، أصدر سمو أمير دولة البحرين مرسوماً بتشكيل مجلس شوري بحريني بالتعيين ، ولكنه يحمل في طيه ظاهرة غريبة ولأول مرة تحدث في دول مجلس التعاون الخليجي بحيث من بين أعضاء المجلس عضوين أحدهما  مسيحي والآخر يهودي ، وسؤالنا هنا ، هل لو حدثت انتخابات حرة ونزيهة في دولة البحرين أن يصل أي مسيحي أو يهودي إلى مجلس شورى البحرين ؟ والإجابة سوف أتركها لكم 0 ومجلس الشورى القطري بالتعيين 0 وفي رأيي من الأعمدة الأساسية للتنمية في دول المجلس هو إنشاء مجالس تشريعية منتخبة على أن تكون هناك فرصة لجميع المواطنين للمشاركة فيها من ذكور وإناث ، مدنيين وعسكريين ، وجميع الفئات الاجتماعية بما فيهم أبناء الأسر الحاكمة في دول المجلس 0 ومن نفس المجلس المنتخب في كل دولة يقوم أعضاء هذا المجلس بترشيح خمسة أعضاء من مجلسهم للمشاركة في البرلمان الخليجي على شرط أن يتم التجديد لهم سنوياً أو استبدالهم من مجالسهم الأصلية ، ومن خلال هذا التوجه ممكن أن ننشئ نواة لمؤسسة خليجية واحدة 0

 وأخيراً مستقبل المنطقة مربوط بالسلام مع إسرائيل ، فإذا نجح السلام هناك خيار ، وإذا لم ينجح فهناك تصورات أخرى 0 عموماً بالنسبة للتصور الأول وهو نجاح السلام مع إسرائيل فسوف يلغي كل ما هو قومي أو ديني من ناحية تنظيمية وسوف يستبدل بمظلة الشرق أوسطية وسوف يفرض على جميع الدول في نظام الشرق أوسطية تطبيق الديمقراطية وإنشاء مجالس تشريعية منتخبة ومن يرفض ذلك سوف تجمد عضويته مثل ما يحدث بالنسبة لدول الكمنولث Commonwealth 0 ولكن هناك خوف من التلاعب بالعملية الانتخابية من خلال دعم بعض الفئات معنوياً ومادياً من بعض الجهات المتنفذة ، أو العمل على إحياء التناحر الفكري ما بين الناخبين الذين غالباً يمثلون المدارس الفكرية المختلفة 0 وفي النهاية سوف يكون ذلك ضياع الهدف الأساسي من العملية الانتخابية وهو تحقيق التنمية الشاملة ورفاهية وأمن المجتمع 0

 أما السيناريو التالي لو فشلت عملية السلام والدول لم تعد سيناريو بديل لفشل هذه العملية فذلك سوف يعيد الكرة مرة أخرى في ملعب المدارس القومية والدينية وخاصة الرايديكالية ، وسوف يخلق نوع من المواجهة الغير مستحبة ما بين الحكومات والمدارس الرايديكالية وهي في الخليج وصلت الآن إلى أكثر من ستة مدارس وجميعها تنتظر الفرصة السانحة لكي يكون لها دور في المشاركة بشكل عام ، وربما يطالب بعضها بالتغيير 0

 ولكن يجب أن نضع في اعتبارنا بأن مؤسسات دول مجلس التعاون يمكن أن يكون لديها في مطبخها السياسي السيناريوهات البديلة لكل مرحلة 0 وإن لم نشاهد على أرض الواقع أياً من السيناريوهات البديلة في مواجهة الأزمات السابقة 0

 ولا نقول وداعاً بل إلى اللقاء دائماً إن شاء اللّه تعالى 0

  قائمة المراجع

1-  د0 فهد بن عبد الرحمن آل ثاني ، دراسات في الجغرافيا السياسية والجيوبوليتيكا ، عمان ، دار وائل للنشر ، 2000م 0
2- Al-Thani, F., The Spatial Impact of the Hydro Carbon Industry on Land and Sea Use in Qatar. Ph.D Thesis, Durham University, 1992.
3- د0 محمد متولي ، حوض الخليج العربي ، الجزء الأول ، مكتبة الأنجلو المصرية ، القاهرة 0
4- د0 محمد متولي ، معرض الخليج العربي ، الجزء الثاني ، مكتبة الأنجلو المصرية ، القاهرة ، 1981م 0
5- محمد حسن محمد الجابر، الجغرافية البشرية لقطر ، ماجستير، جامعة القاهرة،1977م0
6- د0 محمد حسن العيدروس ، الأمن السياسي لدول مجلس التعاون ، دار المتنبي للطباعة والنشر ، جامعة الإمارات العربية المتحدة ، الطبعة الأولى 0
7- د0 عبد الخالق عبد اللّه ، النظام الإقليمي الخليجي ، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ، بيروت ، 1998م 0
8- د0 أحمد زكريا الشلق ، تطور العلاقات السياسية بين قطر وبريطانيا 1916 – 1935م، جامعة عين شمس ، مركز بحوث الشرق الأوسط 0
9- د0 حسن حمدان العلكيم ، الأمن والاستقرار في منطقة الخليج – دراسة استشرافية ، المركز العربي للدراسات الاستراتيجية ، رأس الخيمة ، العدد 3 ، يناير 1999م 0
10- عبد العزيز محمد المنصور ، التطور السياسي لقطر ، 1868 – 1916م  رسالة ماجستير  0
11- عبد العزيز محمد المنصور ، التطور السياسي لقطر 1916م – 1949م ،  رسالة دكتوراه  ، منشورات ذات السلاسل ، الطبعة الأولى ، 1979م.

جدلية الملف النووي الإيراني

بسم الله الرحمن الرحيم

19/3/2006

 إيران لم تبدأ برامجها النووية في عهد الثورة الإسلامية


لحساسية الموضوع على منطقة الشرق الأوسط بشكل خاص ، وكوكب الأرض بشكل عام ، سنقوم بطريقة حوارية بعرض بعض الاستفسارات الجدلية الاستراتيجية على قراءنا الكرام ، ونرجو من المهتمين بهذا الشأن أدناه مشاركتنا في هذه النقاط ، إما من خلال موقعنا الإلكتروني ، أو مراسلة جريدة الراية الغراء .

            أولاً : إيران لم تبدأ برامجها النووية في عهد الثورة الإسلامية ، وإنما بدأت برامجها النووية منذ عهد شاه إيران ، وكان ذلك بمساندة أمريكية وأوربية ، وكانت أهداف الشاه من هذه البرامج النووية ليست سلمية ، وإنما لتحويل إيران إلى قوة نووية في المنطقة ، وذلك لكي تمارس دورها كشرطي للمنطقة بالوكالة عن الولايات المتحدة الأمريكية ! . ولكن الفرق ما بين إيران الشاه ، وإيران الإسلامية ، بأن الأولى كانت حليفة لإسرائيل ، أما الثانية فعدو لإسرائيل !! .

– الاتتفقوا اياها الكرام ؟!.

            ثانياً : (أ) : أمريكا تتهم إيران الإسلامية على أنها عدو وتهدد مصالحها ، ويعود ذلك إلى : قيام إيران ببناء ترسانة صاروخية ، وتشجيع الحركات الأصولية المسلحة في كل الدول الإسلامية ، ودعم المعارضة الفلسطينية ، وإفشال مشروع محاربة الإرهاب .

            (ب) : عكس ذلك تقول المصادر الرسمية الإيرانية ، أنها متعاونة مع أمريكا لأبعد الحدود ، فهم قدموا لأمريكا التالي : إيران قدمت الكثير من التسهيلات لأمريكا للتخلص من نظام طالبان في أفغانستان ، وفي عهد ريغان عقدت إيران صفقة أسلحة ضخمة سرية مع أمريكا ، وفي عهد بوش الأب عقدت إيران صفقة مع القوى اللبنانية لإطلاق سراح محتجزين غربيين في لبنان عام 1991م ، وفي عهد كلينتون كانت إيران تصدر الأسلحة للبوسنة كعملية التفافية عام 1995م ، وفي التجارة بقيت أمريكا الرابعة من حيث السجل التجاري السري مع إيران من حيث النفط المصدر إلى أمريكا عن طريق وسطاء ، وهذه إضافة من عندنا ، وفي حرب الخليج الأولى ما بين التحالف والعراق لتحرير الكويت يناير 1991م ، حافظت إيران على الحياد التام ، وفي حرب الخليج الثانية ما بين الأنجلو أمريكان والعراق مارس 2003م ، حافظت إيران على الحياد وقدمت تسهيلات لوجستية للمعارضة العراقية المتواجدة في إيران للذهاب إلى العراق للمشاركة في مصير وطنهم ، وبمباركة أمريكية !! .

            ثالثاً : المعادلة الحالية تشهد بروز قوى جديدة ، وجميعها لها مصالح جيوبوليتيكية في الشرق الأوسط ، وهم : روسيا الهايدروكاربونية وأحلام القطبية الثنائية مازالت ماثلة أمام عينيها ، والصين الصناعية ، والهند الإلكترونية ، والقوتين الأخيرتين تبحثان إلى نظام عالمي متعدد الأقطاب .

            رابعاً : إقليم غرب آسيا : الآن يشهد مرحلة سيولة سياسية تمتد من أفغانستان إلى البحر المتوسط ، والدولة الوحيدة المتكاملة سيادياً في هذه اللحظة مارس 2006م هي الجمهورية الإسلامية الإيرانية . وفي حالة تصور السيناريو الأسوأ ، وهو اعتداء دول الناتو على إيران ، فهذا السيناريو لوحده كارثة إقليمية ، ولكننا ولنضع التصور بأن الحلفاء انتصروا في الحرب ضد إيران ، فلابد للحلفاء من توفير ما يعادل 2% من سكان إيران مشاه من الحلفاء على الأرض الإيرانية لمدة قد تصل إلى عشر سنوات ، وهذه النسبة تعني ما يقارب من 2 مليون جندي أمريكي على الأراضي الإيرانية !! .

            إذاً الأسئلة التي تطرح نفسها :

1-     هل الولايات المتحدة مستعدة لتوفير ما يقارب من 2 مليون جندي أمريكي في الأراضي الإيرانية لمدة قد تصل إلى عشر سنوات ؟ .

2-              ما هو مصير 130 ألف جندي أمريكي في العراق ؟ .

3-     هل فكر المخطط الاستراتيجي الأمريكي في حالة خسارة إيران للحرب : بأن المنطقة ستصبح في حالة سيولة كاملة تمتد من أفغانستان إلى البحر المتوسط ؟ .

4-     هل العالم يتحمل توقف صادرات النفط والغاز الطبيعي بشكل شبه كلي من منطقة الخليج العربي ؟ .

5-     منطقة غرب آسيا يوجد بها من ثقافات قديمة يعود عمقها على كوكب الأرض منذ هبوط آدم عليه السلام إلى هذا الكوكب ، وفي حالة أن تصبح المنطقة في حالة سيولة من يستطيع أن يوقف الكوارث البشرية التالية : الانتقامات الدينية ، والأيديولوجية ، والأثنية ، والطائفية ، والقومية .. ! . نرجو من دول الناتو أن تفكر جلياً بأننا لا نريد أن نعيد كوارث أوربا وحروبها منذ 1700م إلى نهاية الحرب العالمية الثانية 1945م وراح ضحية هذه الحروب ما يقارب 50% من سكان أوربا ، وكان أخطرها المجازر التي قام بها المسيحيين ضد بعضهم وبالتحديد الكاثوليك ضد البروتستانت !! .

خامساً : من الناحية الإقليمية ، على المخطط الاستراتيجي أن يدرك جيداً في حالة السيولة ، بأن هناك خط أيديولوجي جهادي يمتد من أفغانستان ويشارك فيه جزء من باكستان إلى إيران والعراق وسوريا ولبنان وفلسطين والأردن ، وإن يكن في الأخيرة ما يزال يزأر تحت الغطاء!! .

سادساً :  هل المنطقة على قنبلة موقوتة ؟ :

–                   نعم المنطقة على قنبلة موقوتة !! .

–                   ما هو رأي القانون الدولي في حالة الحياد في الحرب ؟

أ  –        واجبات تقضي بمنع أي من المحاربين من القيام بأي أعمال من أعمال الحرب فوق إقليمها ، وتسمى واجبات منع .

ب –       واجبات امتناع تفرض على الدول المحايدة أن تمتنع عن تقديم أية مساعدة لأحد أطراف الحرب ، وتسمى واجبات الامتناع .

وفي حالة مخالفة الدول المحايدة لهذه الواجبات ، فالنتائج تكون على نوعين :

1-         إمكانية مطالبتها بعد الحرب بالتعويض عن الأضرار التي سببتها المخالفات .

2-         إمكانية إعلان الحرب عليها من جانب الدول المحاربة .

–                   إذاً ما هو موقف الدول التي توجد بها قواعد للحلفاء ؟

–       أخيراً نقول للولايات المتحدة ، اجعلوا مناطق حلفاءكم في منطقة الشرق الأوسط مناطق مثالية من النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأمنية ، وسنذهب نحو وسندعو إخواننا في إيران وفي كل الشرق الأوسط لمشاركتنا في الازدهار والرخاء الموجود في المنطقة ، أما غير ذلك فلا يبقى إلا كارثة ويعقبها كوارث لا سمح الله !! .

وأخيراً ، أرجو المشاركة بآرائكم السديدة في موقعنا الإلكتروني في هذا الموضوع الحساس الذي يهم جميع سكان الشرق الأوسط !! .

                        وإلى اللقاء دائماً إن شاء الله

اوقفوا هذا الهراء عن قطر

بسم الله الرحمن الرحيم

6/6/2004

 هذا الموضوع نتاج الاشاعات التي تدور حول قطر في هذه الأيام ، والتي أصبحت موضوع الساعة 0

 فلا يكاد اثنان في قطر يثقون في بعضهم البعض ، إلا وتداولا هذا الموضوع ، وفي الختام يقول كلا منهم للآخر ، أرجو أن لا يدري أحداً بما قلت لك  وإذا كنت مصراً على نقله

فأرجو أن لا تذكر المصدر  0 والموضوع يدور في ثلاثة محاور هي

الأول  الدبلوماسية القطرية 0
الثاني  القاعدة الأمريكية في قطر 0
الثالث  السلطة في قطر 0

 ولتوضيح المذكور لا يعني بأنني أتفق مع هذه المحاور الثلاثة أو لا أتفق ، ولكن ما أستطيع أن اؤكده لكم كمتخصص بأن هذه المحاور هي نتيجة طبيعية للنظام العالمي الجديد

والذي لم يتبلور إلى الآن

فبعد أن أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية القطب العالمي الأوحد بعد الحرب الباردة ، أصبح التوازن في العالم مفقوداً ، لأن أية دولة ستحاول أن تقوم بعمل جديد يختلف مع

التوجه الذي تريده الولايات المتحدة ستخضع تلقائياً لمجموعة من العقوبات ربما تبدأ بعقوبات وضغوط دبلوماسية ، وبعد ذلك اقتصادية ، وفي النهاية العصى لمن عصا  0

 افرازات ذلك انعكست على جميع الدول بأحجامها الجغرافية والسكانية والسياسية ، وهو ما نسميه في الجيوبوليتيكس ( عظمى ، وكبرى ، ومتوسطة ، وصغيرة ، وصغيرة

جداً ) 0 ويؤسفني أن أقول لكم بإن الجميع أصبح يتصارع في اللعبة الدبلوماسية ، وهذا ليس خطأ دولة صغيرة جداً مثل قطر ، عندما تشاركها دولة عظمى أو متوسطة نفس الدور  0

والأغرب من ذلك بأن الذي نعرفه في العلاقات الدولية ، والقانون الدولي العام ، والجيوبوليتيكا ، بأن القوى العظمى متعمدةً ترك اللعبة الدبلوماسية للمنظمات الدولية ، أو للدول الصغيرة

جداً ، والأدلة على ذلك كثيرة، وربما كشرق أوسطيين نتذكرها ، فاتفاقية السلام المنهارة ما بين الفلسطينيين وإسرائيل كان اللاعب فيها النرويج وهي اتفاقية أوسلو  0 وأؤكد لكم لو أن

اتفاقية أوسلو كانت اتفاقية تمت في باريس تحت المظلة الفرنسية ، أو في موسكو تحت المظلة الروسية لألغتها الولايات المتحدة وأماتتها في مهدها لأن هذه الدول عندها طموح عالمي ،

وبالتالي من ناحية معنوية لابد أن يسحب منها البساط عندما تريد أن تلعب دوراً عالمياً  0

 والمثال الثاني مقر الأتحاد الأوربي في بلجيكا ، وقد قاربت الدول الأوربية من تكوين دولة متحدة ، ولكن ما استطيع أن أؤكده لكم بأنه لو كان مقر الأتحاد الأوربي في باريس

أو لندن أو برلين لما كان هذا التسارع لتوحيد أوربا  0

 والمثال الأخير أكثر الصفقات العالمية حساسية لم تعقد في واشنطن أو موسكو أو لندن أو باريس أو بكين ، بل عقدت في جنيف أو زيورخ

 وأعتقد بأن الثلاث أمثلة المذكورة كافية لكي توضح للقارئ الكريم بأن اللعبة الدبلوماسية ، وخاصةً المواضيع الحساسة في مرحلة المفاوضات ، أو المساعي الحميدة أو

الوساطة ، دائماً يصفى فيها الدور للدول الصغيرة أو الدول الصغيرة جداً  0

 ثانياً  القاعدة الأمريكية في قطر  سواءً اتفقنا أم لم نتفق مع تواجد القاعدة الأمريكية في قطر ، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه ، هل الأوضاع الإقليمية في المنطقة متوازنة ؟

 هذه الإجابة اعتقد بأن جميع المتابعين سوف يشاركونني هذا الرأي بأنه لا يوجد توازن إقليمي وأمني في المنطقة 0 وإذا أردنا أن نتكلم عن الخليج بالتحديد بعد الحرب الباردة

، وبعد تحرير الكويت بواسطة القوات الأمريكية من الاحتلال العراقي  0 النتائج

1- زال الحرج بالنسبة للدول العربية والخليجية من استضافة قوى امبريالية استعمارية في أراضيها وحجة الكثيرون على ذلك ، بأن العراق الجار العربي الشقيق اعتدى على

الكويت ، وأمريكا الدولة الأجنبية حررت الكويت ، وهذه الحجة علماً بأنها ذريعة للأنظمة وأصحاب المصالح ، ولكن لا نستطيع أن ننكر بأنها قوية  0

2- بعد انهيار العراق عسكرياً عام 1991م ، وهنا مربط الفرس أصبح هناك خلل استراتيجي واضح في المنطقة ، لأن أساس التوازن الاستراتيجي الإقليمي في المنطقة كان قائماً

على ثلاثة مراكز هي  العراق وإيران والسعودية ، والدول الصغيرة تلعب الدور الوسيط  0 وذلك جعل أبواب دول مجلس التعاون الخليجي مشرعةً لعقد الاتفاقيات الأمنية مع جميع الدول

الأجنبية مثل  فرنسا وبريطانيا وروسيا ، ولكن الذي فاز بنصيب الأسد هو الولايات المتحدة الأمريكية  0

 فرغم التواجد الأمريكي في المنطقة منذ ستون سنة بطريقة غير مباشرة ، إلا أن تواجدها الآن أصبح علنياً وواضح للعيان مكاناً ، فهي متواجدة بالفعل في المملكة العربية

السعودية والكويت والبحرين وقطر 00 إلخ 0 ولكن الغريب مهاجمة قطر لوحدها بسبب تواجد القوات الأمريكية فيها ، علماً بأن الأجهزة الإعلامية التي تهاجم قطر دولها تستضيف القوات

الأمريكية أيضاً 0

 في رأيي كان بالأحرى على الدول العظمى والكبرى والمتوسطة في المنطقة عمل استراتيجية سياسية ، أمنية ، اجتماعية ، ثقافية 00 إلخ للمنطقة ، واعطاء الدول الصغرى

والصغيرة جداً الفرصة لكي تقوم بالدور الوسيط والدبلوماسي لهذه الاستراتيجية  لا أن تتقاتل الدول العظمى والكبرى ، مع الدولة الصغيرة جداً إلى لعب نفس الدور الدبلوماسي ، وهو

أساس المشكلة الكارثية التي تعاني منها المنطقة0

 أخيراً ، السلطة في قطر  ربما أغرب ما قرأت في خدمة ( يواس أي توديه ) ونشرته بعض الصحف العربية بأن ( ثلاثة دبلوماسيين عرب مطلعين على اللقاء بين أحد الوزراء

القطريين ، وصدام حسين رئيس العراق ، أن الوزير القطري ناقش بطريقة غير مباشرة الطرق التي يمكن فيها تجنب وقوع تصادم مع أمريكا 0 وحث الرئيس العراقي على الالتزام بالعقوبات

الدولية ، وحذر من الحشد العسكري الذي تقوم به أمريكا في قطر ، ثم طرح فكرة أن يتخلى صدام عن الحكم كطريقة لتجنب الحرب ) 0

 يمكننا أن نلاحظ في إعداد هذا التقرير من خلال مجموعة من النقاط الغريبة

1- من الناحية الدستورية ، فالوزير القطري يتبع للحكومة القطرية ، والحكومة القطرية يوجد لها رئيس وزراء ، ورئيس الوزراء وحكومته يحصلون على الثقة الوظيفية من

حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير قطر المفدى فهذه النقطة توحي لنا بأن الوزير يتصرف بأوامر أمريكية من دون ضوء أخضر من الجهة الوظيفية التي ينتمي لها  0

وهذا تلميح بوجود فراغ في السلطة في دولة قطر  0

2- ما يقال بأن موظف الإدارة القطرية قام بعرضه على الرئيس صدام حسين هو ما تردده وكالات الأنباء العالمية بطريقة شبه يومية منذ الثاني من أغسطس 1990م، وما تردده

الإدارات الأمريكية يومياً منذ التاريخ المذكور  0 ولكن السؤال الذي يطرح نفسه مرة أخرى ، بعد تحرير الكويت وانهيار الجيش العراقي، وكانت المسافة الفاصلة ما بين قوات المشاة

الأمريكية وبغداد لا تزيد على 200 كلم ، والأجواء العراقية كانت ومازالت بطريقة مطلقة تحت السيطرة الأمريكية ، لماذا لم تذهب أمريكا لبغداد آنذاك وازاحة الرئيس العراقي من السلطة ؟

0

3- نجد بأن تقرير ( يواس أي توديه ) وبعض الصحف والمجلات العربية ، تركيزها على التشكيك في السلطة القطرية وذلك بوجود فراغ ، وطريقة التشكيك مصاغ بأسلوب ساذج

، وبالتالي فالذي سوف يستجيب له غبي  0 وهنا أنا شخصياً اقبط موظف الإدارة القطرية لأن أسلوب التشكيك الذي لجأ له خصومه ، يعزز موقعه الوظيفي ، حتى لو كانت قيادته تريد أن

تغيره في هذه الفترة ، فالمفروض أن تبقيه إلى أن تنقشع غمامة التشكيك الإعلامية الإقليمية ، لأن هذه الاستجابة ستحسب من ناحية إقليمية استجابة ساذجة ، ومن ناحية محلية ستحسب

ربما فعلاً هناك بعض المصداقية في التشكيك في السلطة القطرية ، وهذا ما يسمى سياسياً ضرب عصفورين بحجر واحد  0

 وفي الختام نحن نعلم جيداً وخاصة في دول مجلس التعاون الخليجي بأن هناك طقوس خاصة لتولي السلطة العليا في أي قطر من أقطار مجلس التعاون الخليجي ، وهذه

الطقوس تبدأ بالعرف العائلي ، والبيعة الخاصة والعامة ، والسيطرة التامة على القطاعات الأمنية ، القوات المسلحة ، وجهاز المخابرات العامة ، والسيطرة على القطاعات الاقتصادية

الاستراتيجية ، والقبول الإقليمي والدولي 00 إلخ 0

 وفي الختام ادعوا نفسي أولاً ، وأدعوا الجميع على المستوى الإقليمي بأن نترك هذه الحملات الغير واضحة المعالم ، ونضع أيدينا في أيدي بعضنا البعض للانتباه للكارثة

التي تتجه لها المنطقة في فلسطين والعراق وأفغانستان 00 إلخ 0

 وإلى اللقاء دائماً إن شاء اللّه ،،،

أنها الكويت

بسم الله الرحمن الرحيم

30/1/2006

الكويتية لأنه في اختبار الثقة يمر في ثلاثة مراحل : أ – الأمير . ب – مجلس العائلة . ج – الشعب الكويتي ( مجلس الأمة ) .


بعد وفاة المغفور له إن شاء الله حضرة صاحب السمو الوالد الشيخ جابر الأحمد الصباح – أمير دولة الكويت ، تلقينا مجموعة من الدعوات للمشاركة في تأبين المرحوم الشيخ جابر . وللحديث عن مرحلته ، ولتحليل الأوضاع الكويتية السياسية والدستورية بعد انتقال الشيخ جابر إلى الرفيق الأعلى . وكان أهم هذه المحطات التي أقدرها وأكن لها هي والقائمين عليها كل احترام ، ويعود ذلك لحيادتها التامة في طرح القضايا مقارنة مع الفضائيات العربية الأخرى CNBC  . ولكن في بداية الحدث الجليل أثرت أن لا أعلق على الشأن الكويتي لأن الوضع كان حساس جداً ، وهناك مجموعة من الاستفسارات الدستورية تحتاج إلى مجموعة من الأجوبة ، وخاصة للظروف الصحية لحضرة صاحب السمو الوالد الشيخ سعد العبد الله – أمير دولة الكويت المتنازل عافاه الله (واختلف مع من يقول بانه مخلوع)، كانت تحول دونه ودون أداء بعض الشكليات الدستورية !! ، وكنا نتحاشى أن نحلل إمكانية : هل يستطيع حضرة صاحب السمو الشيخ سعد العبد الله أمير الكويت المتنازل أن يقوم بمهام الإجراءات الشكلية للتنصيب ؟ .

ولكن كرجل سياسة وقانون كنت معجب جداً بالشفافية والموضوعية التي كانت تجري في مفاوضات أفراد العائلة الحاكمة الكويتية ، مثل في حالة استمرار الشيخ سعد كأمير للكويت ، وتنصيب حضرة صاحب السمو الوالد الشيخ صباح الأحمد الصباح ولياً للعهد ؛ هل تظل رئاسة الوزراء عند ولي العهد أم يفصل منصب رئيس الوزراء عن ولي العهد ؟ ويبقى الوضع كما حدث في السنوات الأخيرة للشيخ جابر من حيث الفصل ما بين الوظائف القيادية الثلاث : الأمير ، ولي العهد ، رئيس الوزراء ! . وكذلك توصل أفراد العائلة الحاكمة بالموافقة على انتقال الإمارة من حضرة صاحب السمو الشيخ سعد العبد الله إلى حضرة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد أمير دولة الكويت الحالي . وكذلك هذا الاتفاق يحتاج إلى مصادقة مجلس الأمة . وبعد ذلك يعود سمو الأمير ويناقش العائلة في الاتفاق على ولي عهد ويتم عليه التصويت من مجلس الأمة ، وإذا حصل المرشح لولاية العهد على ثلثي الأصوات الكافية في مجلس الأمة ، ثبت نفسه في منصبه ، وإذا لم يحصل أصبح كأن الترشيح لم يكن ، وعلى سمو الأمير أن يعود مرة أخرى إلى مجلس العائلة ويتفقوا على ترشيح ثلاثة من العائلة لولاية العهد، وفي هذه المرحلة يصبح مجلس الأمة ملزماً باختيار أحدهم ! .

            والسؤال الذي يطرح نفسه : هل الأمير يفرض مجلس العائلة ؟ ومن هم مجلس العائلة ؟ . طبعاً الأمير في الكويت لا يختار مجلس العائلة ، لأنه لو اختار مجلس العائلة لأصبح الأمر صوري فقط ، لأن الشخص المعين دائماً يعتمد على أوامر الشخص الذي عينه بطريقة إجرائية وموضوعية ، وأن تطلب الأمر بعض الشكليات ! . أما من هم مجلس العائلة ؟ فهم مجموعة من الشيوخ الذين يحق لكل منهم أن يترشح لإحدى أعلى المناصب القيادية الثلاثة في الإمارة وهي : منصب الأمير ، وولي العهد ، ورئيس الوزراء . وذلك يمثل بالتحديد سلالة الشيخ مبارك الصباح ( السالم والجابروالحمد ) ! . والمجلس يمثل أبرز رجال العائلة من حيث الخبرة والعلم والخلق والدور الاجتماعي والثقافي والسياسي !! .

ونتائج ذلك :

أولاً : الجانب السياسي :

            حضرة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الصباح أمير دولة الكويت لا يختلف عليه اثنين ، إنه إحدى أبرز فحول السياسة العربية ، ويمثل المثلث السياسي ( لكل من سمو المغفور له إن شاء الله الشيخ جابر الأمير الراحل ، وسمو الشيخ سعد الأمير المتنازل ) الذين قادوا الكويت في أحلك ظروفها في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي ، وبداية القرن الحالي ، وكذلك يعتبر الشيخ صباح الأمير الغير متوج منذ عام 1996م .

            على سبيل المثال لا الحصر المثلث السياسي الكويتي الذي قاد الكويت في أحلك الظروف إلى بر الأمان (1) أسوأ أزمة اقتصادية مفاجئة تقصف بدولة عربية ، وهي كارثة سوق الأوراق الكويتي ، من خلال انهيار سوق المناخ ، وخرجت منها الكويت كأن لم يكن قد حدث شيئاً (2) الأزمات التي حدثت في الثمانينيات من القرن الماضي بين الحكومة ومجلس الأمة الكويتي وأدت إلى تكرار حل مجلس الأمة الكويتي ، وانتهت بتشكيل مجلس وطني مؤقت (3) محاولة اغتيال الشيخ جابر أمير الكويت الراحل في منتصف ثمانينيات القرن الماضي (4) الحرب العراقية الإيرانية ( 1980 – 1988م ) وتداعياتها على الكويت (5) الاحتلال العراقي للكويت ( 2 أغسطس 1990م ) (6) تحرير الكويت من الاحتلال العراقي في فبراير 1991م (7) حدوث أكبر كارثة بيئية في العالم وذلك عندما قام الجيش العراقي المنسحب من الكويت بتفجير 600 بئر نفطي تقريباً (8) وأهم المراحل التي واجهت القيادة الكويتية هو إعادة الثقة للمواطن الكويتي بعد تحرير الكويت من الاحتلال (9) الحرب الباردة ما بين الكويت والعراق (1991 – 2003م ) (10) أزمة الحدود بين الكويت والسعودية (11) أزمة الحدود الكويتية الإيرانية (12) انهيار أسعار النفط في بداية ثمانينيات القرن الماضي ، وانهيار أسعار النفط في أواخر تسعينيات القرن الماضي (13) استخدام أرض الكويت كمركز لوجستي لانطلاق القوات الأمريكية لاحتلال العراق عام 2003م ، أو كما يسمى تحرير العراق !! (14) والصراع ما بين الحكومة ومجلس الأمة لإعطاء المرأة حقها في الترشيح والانتخاب في المجلس .

            طبعاً كل نقطة أعلاه تحتاج إلى مقالة كاملة . ولكن المقصود من أعلاه هو تقديم كشف يوضح بعض أهم الأدوار التي قام بها حضرة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد من ضمن المثلث السياسي الذي قاد الكويت في المرحلة السابقة . وبعد كل هذه المقدمة نعتقد بأن الشيخ صباح لا يحتاج شهادة أو تزكية من أحد لكي يكون أميراً على الكويت ، وإنما نقول : من يكون أمير الكويت إذا لم يكن الرجل المذكور أعلاه ؟ ! .

            ولكن الموضوع المميز في الكويت ويفترض الأخوان المهتمين في السياسة والقوانين الدستورية أن يعطوه الكثير من التحليل والدراسة هو منصب ولاية العهد .

                  هل ولاية العهد بيعة للحكم ؟

طبعاً يكاد أن يكون هناك إجماع ما بين فقهاء السياسة والقانون على أن ولاية العهد ليست بيعة للحكم . وإنما لابد أن يكون هناك نائب للإمام للأزمات الطارئة التي تحل بالإمام سواءً كانت مؤقتة مثل المرض ، أو دائمة مثل الوفاة ! . وحتى يتسنى للأمة أن تنظم نفسها ، وعدم سيادة الفوضى في الأمة بعد أن يخلوا مكان الإمام ( فراغ سياسي قيادي ) ! .

وهنا أعجبنا المخطط السياسي الكويتي بآليات تدقيق الكشف الذي يمر من خلاله ولي العهد قبل أن يؤول له الأمر ، أولاً : لا يتم تعيينه مباشرة ، وإنما يقوم الأمير ومجلس العائلة ( الذي يمثل أفضل كفاءات العائلة الحاكمة ) باختيار ولي العهد ، وبعد ذلك يصادق عليه الأمير ، ويعرضه على مجلس الأمة ، ويخضع لنظام تصويت ، وإذا حصل على ثلثي الأصوات المطلوبة ثبت ولي العهد ، وإذا لم يحصل على الأصوات بات الأمر كأن لم يكن ! . ويعود الأمير لمجلس العائلة الحاكمة مرة أخرى ، ويتم ترشيح ثلاثة لولاية العهد ، وبعد ذلك يتم التصويت عليهم والذي يحصل على أكثر الأصوات يصبح ولياً للعهد ، وهنا أعتقد من يحصل على ولاية العهد في الكويت يكون من أفضل الكفاءات في العائلة الحاكمة الكويتية لأنه في اختبار الثقة يمر في ثلاثة مراحل :

أ  –        الأمير .

ب –       مجلس العائلة .

ج  –       الشعب الكويتي ( مجلس الأمة ) .

ألم أقول لكم أنها الكويت !! .

            ثانياً : الكويت رمانة محور الحركة لدول الخليج العربي الأدنى إلى 2 أغسطس 1990م : عندما تتقدم الرياضة الكويتية تتقدم الرياضة الخليجية ويحدث ثورة خليجية في بناء الملاعب وإعداد الفرق ، وعندما تتقدم البنية التحتية والخدمية الكويتية تتقدم البنية التحتية والخدمية الخليجية ، عندما يتم توزيع الريع النفطي بطريقة غير مباشرة في الكويت على المواطنين ، نفس الأمر يحدث في دول الخليج العربي الأدنى من حيث إعادة توزيع الريع بطريقة غير مباشرة ، عندما تتقدم الأسواق المالية الكويتية يليها حراك وتقدم الأسواق المالية الخليجية ، عندما تتحرك التجارة الكويتية ، يليها تحرك التجارة الخليجية ، عندما تقوم الكويت بإنشاء محافظ مالية واستثمارات خارجية ، تتبعها دول الخليج الأدنى بعمل محافظ مالية واستثمارات خارجية . وللأسف ذلك سمي بطريقة مباشرة وغير مباشرة صناديق للأجيال القادمة ، ومن هنا نطالب جميع الحكومات الخليجية الاهتمام بالأجيال الحالية وإعطائهم فرصهم وهم سيساهمون بطريقة تلقائية في بناء أوطانهم للأجيال القادمة !! .

            وإذا أصاب الكويت كارثة استراتيجية ودستورية وسياسية ومكانية مثل ما حدث في عام 1990م ، أصاب الرعب والفزع جميع دول الخليج الأدنى ، والأغرب من ذلك الطريقة التي تعيد الكويت ترتيب نفسها من ناحية أمنية بسبب الكارثة التي مرت بها ، تعيد دول الخليج الأدنى ترتيب نفسها من الناحية الأمنية بنفس الطريقة الكويتية إن لم يكن أكثر من ذلك !!.

            إذاً بالفعل في إمارات الخليج الصغيرة من الناحية الاستراتيجية تحتاج إلى دور الدولة أو الإمارة الرائدة ، وأفضل من لعب هذا الدور الكويت إلى 2 أغسطس 1990م ، لذا نأمل إن شاء الله الأخوان الكويتيين يعيدوا ترتيب البيت من الداخل ويعودوا لنفس دورهم القيادي في الخليج مع تنسيق الكويت مع شقيقاتها الأخريات ، إلى أن نصل إن شاء الله إلى دول الإمارات اوالمشايخ الخليجية العربية المتحدة ، وبالإمكان بعد ذلك عمل نوع من الاتحاد الاتفاقي مع المملكة العربية السعودية ، وسلطنة عمان ، وعلاقات ممتازة ومميزة مع الأشقاء في العراق واليمن والجمهورية الإسلامية الإيرانية !! .

            ثالثاً وأخيراً : المطلوب دور الكويت الإنساني :

            عادةً ، ومن الناحية القبلية ، وفي جميع دول مجلس التعاون الخليجي، عندما يتقلد الحاكم السلطة ، يذهب الجميع للسلام ولتهنئة الحاكم بمناسبة توليه دفة الحكم في بلاده ، وغالباً يكون الحاكم الخليجي بالنسبة لضيوفه مبشراً وغير منفر من خلال الديبلوماسية الناعمة ، وذلك من خلال توزيعه الهبات المباشرة والغير مباشرة على أبناء الأسرة الحاكمة وشيوخ القبائل وأهل الحل والعقد والرموز وكبار السن المعروفين في دول الخليج , وزيادة رواتب اوعلاوات مواطنيه. ولكننا نحن لن نلتمس من سموكم الكريم هباتً مالية ، علماً بأنك أهلاً لها ، ولكننا بفضل الله سبحانه وتعالى من أغنى دول العالم بالغاز الطبيعي مقارنةً بعدد سكاننا وإن يكن استفادتنا من ريعه ستكون بعد تسديد ديون الاستثمار كما يقول القائمين على تسويقه ، فأنتم أيضاً أغنى دولة نفطية في العالم مقارنة مع سكانكم !! .

            ولكن التماسنا كخليجيين من سموكم الكريم هو كالتالي : فالدولة أو الإمارة تتكون من الناحية القانونية من أرض وشعب ونظام واقتصاد ، وأهم عنصر في العناصر المذكورة جميعها هو الشعب أي الإنسان !! .

            لذلك ، نلتمس من سموكم الكريم أن تجدوا حل دائم ومطلق وأبدي لمشاكل البدون في الكويت ، وعلاج هذا الملف في الكويت ، ستفرج هموم جميع البدون في دول مجلس التعاون الخليجي العربي ، ونقول ذلك ونحن متفائلين بأن حضرة صاحب السمو الوالد الشيخ صباح الأحمد أمير الكويت حفظه الله بأنه أهلاً لحل هذه القضية الكويتية الخليجية المعقدة ! . ونحن متفائلين مرةً أخرى لأن سمو الشيخ صباح أحد أبرز سياسي وقيادي العالم العربي ، ويقود الكويت رمانة المحور الخليج العربي للأمام هي وشقيقاتها الاخريات إن شاء الله !! .

                        وإلى اللقاء دائماً إن شاء الله

 

إنه الأمن يا حكماء

بسم الله الرحمن الرحيم

8/11/2004

كعادتنا السنوية منذ أكثر من ربع قرن في أواخر عام 2004م سيجتمع أصحاب الجلالة والسمو حكام دول مجلس التعاون الخليجي ، وستوضح القائمة التقليدية التي مازال المجلس يناقشها منذ أكثر من ربع قرن وهي ملف السوق الخليجية المشتركة ، وملف تبادل بعض الخدمات ، وملف مراجعة مدى تقدم مشروع الوحدة ما بين دول المجلس ، والملف الأمني !! 0

نستطيع أن نقول بأن أهم أسباب عدم تقدم العمل في الملفات السابقة هو بأن جميع هذه الدول متشابهة اقتصادياً ، فجميعها دول اقتصاد ريعي ، وتعتمد بشكل شبه كلي على الهايدروكاربون ( النفط والغاز الطبيعي ) ، فعندما تحدث مشكلة اقتصاديه عند أية دولة تلجأ لاحتياطها الطبيعي القابل للنضوب وتستعين لعلاج مشاكلها مستغنيةً عن شقيقاتها الأخريات 0

            ومن  هنا سنطرح مجموعة من الأسئلة ونأمل أن تساعدنا للإجابة عليها :

            أولاً : ما هي الآليات التي يستخدمها مجلس التعاون الخليجي العربي للتعامل مع المشاكل الاقتصادية ؟ 0

الإجابة طبعاً كما ذكرنا أعلاه ، فالحل يتم بالهايدروكاربون ، فالهايدروكاربون هو الحل لإخراجنا من مأزقنا السياسي ، والهايدروكاربون هو الحل لقضايانا الاقتصادية ، والتمويل الهايدروكاربوني هو الحل لمعالجة قضايانا الاجتماعية ، والهايدروكاربون هو الحل لمعالجة أخطاءنا وتجاربنا التعليمية ، والهايدروكاربون هو الحل لمعالجة كبواتنا الرياضية ، والهايدروكاربون هو الحل لمعالجة معاضلنا البنيوية ( البنية التحتية ) 0 ومن الكوارث الخليجية فإن أجهزة الدولة لا تخضع إلى رقابة إدارية أو تشريعية أو قضائية ، فعندما يحدث خطأ فادح من إحدى أجهزة الدول ، فلعلاج ذلك الخطأ تتجه الدول إلى التمويل الهايدروكاربوني لعلاج الخطأ الفادح ، وخاصةً أن الثروات الطبيعية في دول مجلس التعاون الخليجي العربي ملك للدول بشكل مطلق ! 0

ثانياً : هل قدم مجلس التعاون الخليجي العربي العلاج الناجح لقضايانا الأمنية؟ 0

مشكلة الكيانات الخليجية الصغيرة منذ نشأتها هو الأمن ، ففي منتصف القرن التاسع عشر ، وقعت بعض مشيخات المجلس اتفاقيات حماية مع بريطانيا ، ومنذ بداية القرن العشرين إلى عام 1971م كانت جميع مشيخات المجلس بما فيهم سلطنة عمان موقعين اتفاقيات حماية مع بريطانيا ، وكان هناك تنسيق أمني ما بين بريطانيا والمملكة العربية السعودية في النصف الأول من القرن العشرين ، وعندما أرادت المملكة المتحدة الانسحاب من الكيانات الخليجية كانت المشكلة التي أثيرت : هل تستطيع هذه الكيانات الاستمرار كدول مستقلة 0 ولكن بطريقة غير مباشرة انسحاب بريطانيا كان يعني دخول الولايات المتحدة الأمريكية كوريث لبريطانيا في منطقة الخليج بشكل خاص ، وفي معظم المستعمرات البريطانية بشكل عام 0 وكان الأسلوب الأمني الأمريكي للمنطقة من خلال قواعدها في بعض دول المنطقة ، أو أساطيلها البحرية في بحر العرب وعلى مدخل الخليج العربي ! 0

وكذلك قدمت الولايات المتحدة عدة سيناريوهات لأمن المنطقة منهم مبدأ نيكسون ، ومبدأ كارتر ، ونظرية ريغان وهو تقوية العراق من جهة ، ومن الجهة الأخرى بيع الأسلحة على إيران ( قضية الكونترا افير ) وذلك لكي يمتص طاقة الدولتين بشكل عام ، وإخضاعهم للأمر الواقع ، ودفعت جميع دول الخليج كارثة حرب العراق وإيران ، وبعد ذلك مبدأ بوش الأب النظام العالمي الجديد ، ونظرية بوش الابن محاور الشر ( للمزيد راجع موقعنا ،السيناريوهات الاستراجيه لامن الخليج العربي) 0

ثالثاً : هل تعلمون لماذا هذه السيناريوهات والمبادئ منذ 15 سنة ؟ :

أ  –        السيطرة التامة على منطقة غرب آسيا ( إيران ، ودول المجلس ، والعراق، وبلاد الشام ) لأن هذه المنطقة تعتبر أهم للحركة في العالم براً وبحراً وجواً ، والقوة المسيطرة عليها تدين لها شبكات الاتصال العالمية 0

ب –       السيطرة على أهم موارد الطاقة في العالم ( النفط والغاز الطبيعي ) 0

ج  –       المحافظة على حلم الصهيونية العالمية ، عندما دعى هيرتزل في أواخر القرن التاسع عشر بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين 0

            رابعاً : هل استوعبنا في دول المجلس تقنية فن إدارة اللعبة الأمنية ؟

            فن إدارة اللعبة دائماً تقوم على عدة حلقات ، مثلاً الحلقة الأضعف دائماً تكون باحثة عن الحماية ، والنتيجة تكون أن الحلقة الأضعف هي التي تقوم بدعوة القوى الأجنبية للحماية ، وكذلك الحلقة المتوسطة عندما تشعر بتهديد ما تبحث عن التحالف مع القوى الأجنبية ، وهذا كل ما تريده القوى العالمية بأن تكون دائمة التواجد في أهم منطقة في العالم لتوفير الطاقة ، وخاصةً أن هذه الدول سبق لها وأن بادرت باستخدام الطاقة كسلاح في حرب أكتوبر 1973م 0 أما الحلقة الأقوى في حالة السيطرة عليها تقوم بلعب دور شرطي المنطقة ، وفي حالة التمرد على القوى الأجنبية ، تتهمها القوى الأجنبية بالكيان المهدد لأمن المنطقة ، وأحياناً تستدرج للقيام بعمل عدواني ضد إحدى الكيانات الصغيرة في المنطقة 0 وفي كلتا الحالتين ذلك يصنع المبرر لكي تبقى القوى الأجنبية في المنطقة لأقصى مدة ممكنة 0 ففي الحالة الأولى الحلقات جميعها حلفاء للأجنبي ، وفي هذه الحالة لابد من ابتكار خطر يهدد المنطقة ، كان سابقاً من الاتحاد السوفيتي ، والآن لا نستبعد أن يتهم أي كيان آخر مثل الصين أو الهند أو الباكستان 000إلخ 0 وفي الحالة الثانية حلقة الصقور محاولة التمرد على القوى الأجنبية في المنطقة عندها سيتم اتهامها تلقائياً بأنها تهدد حلقة الحمائم ، وبالتالي لابد من وجود الأجنبي في المنطقة لكي يقدم الحماية الكافية لحلقة الحمائم 0

إنه الأمن يا حكماء (2)

            والنتيجة أن دول المجلس تعاني من عملية فراغ أمني يصل إلى درجة خطيرة جداً ، ولم تعاني منه دول الخليج الصغيرة منذ نشأتها !0 علماً بأن معظم وسائل إعلام المجلس مازالت تحتفل وتتباهى بالإنجازات التي حققها المجلس ، وسؤالنا هنا ما هي الإنجازات التي حققها المجلس ؟ هل تحويل الريع الهايدروكاربوني الناضب إلى هياكل خرسانية يعتبر إنجازاً مثلاً مع نسياننا أو تناسينا للملف الأمني ؟ هل نعتقد بأن الأجنبي سيكون دوره مطلق لتوفير الأمن للمجلس حتى لو تعارض ذلك مع مصالحه ؟ 0

            نحن نعتقد بأنه لن يتحقق أية إنجازات حقيقية عندنا إذا لم نعالج الملف الأمني بشفافية وجرأة من جميع دول المجلس الخليجي ، وبالتعاون مع أشقائنا في إيران ، وفي العراق 0 فالسيناريو الأجنبي القادم هو تصوير إيران بأنها تمثل الغول القادم لالتهام المنطقة ، وذلك لأن إيران ستستغل الفراغ الأمني بعد انهيار الجيش العراقي ، وانهيار مؤسسات الدولة العراقية ، ومن هنا على دول المنطقة من التعاون مع الأجنبي للقضاء على الغول الإيراني ، وطبعاً الهدف في هذه الحالة ليس الكيانات الخليجية الصغيرة ، وإنما هدف أجنبي أكبر منه موضح في دراسة لنا تحت عنوان : ( هل تستثني الاستراتيجية الأمريكية إيران ؟ ) 0

            ولكن نحن كخليجيين لماذا لا نستلم ملفنا الأمني بأنفسنا ؟ ولماذا لا ننسق مع دول الجوار الإقليمي ؟ ولماذا نعتقد أن إيران إذا ضعفت فإن ذلك سيوفر الأمن لنا ؟0

            الاستراتيجية الأمنية تقول بأن الضعيف يبقى ضعيفاً ، وحتى إذا ساهم في إضعاف الأقوياء 0 ومن هنا لماذا لا ندير اللعبة بطريقة أخرى ؟ وهو أن يتم تنسيق إقليمي وأن تكون جميع الكيانات الإقليمية قوية ، ونعني هنا بأن تكون إيران قوية ، وتكون دول المجلس قوية ، وتكون العراق قوية ، وتكون اليمن قوية ، وتكون دول غرب آسيا الأخرى قوية 0 ومن هنا يمكن لهذه الكتل أن توقع معاهدة أمنية مثلاً احترام السيادة القطرية لكل كيان ، وكذلك في حالة اعتداء أية كتلة على الكتلة الأخرى يعتبر اعتداءها اعتداء على جميع الكتل ، وكذلك الكتل الإقليمية المختلفة في حالة تعرض أياً منها لاعتداء أجنبي  يعتبر اعتداء على جميع الكتل 00 إلخ 0

            من هنا ربما يعتقد البعض بأن ذلك يمثل السياسة الأخلاقية ، وبأنه لا يوجد أخلاق في السياسة 0 ولكن ما قلناه يمثل السياسة الواقعية في العالم ، فأوربا لكي تحافظ على توازن القارة الأمني ولتتحاشى الكوارث التي مرت فيها من خلال الحربين العالميتين ؛ فنجد الاتحاد الأوربي يسعى دائماً على أن تكون جميع دوله قوية ومتوازنة ، ويوجد تنسيق أمني فيما بينها ، وبعد أن نجحوا في إنجاز ذلك أصبح تفعيل الملفات الأخرى بالنسبة لهم أمراً سهلاً 0 وهذا ما كان يحدث على مر التاريخ، إذا كانت العلاقات البشرية ( القبائل ) أو الدولية متوازنة ، فالإقليم يمر بسلام ، ومتى ما اهتزت علاقات ميزان القوى ، حدثت الكوارث 0 أما الطريقة الثانية التي كانت تمر فيه العلاقات البشرية ( القبائل ) أو الدولية بسلام ، هو حل القوة الأحادية والجميع يدور في فلكها ، وهذا الوضع بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية الآن وتحاول أن تحافظ عليه على مستوى الكوكب 0 وهذا ما نرفضه جميعاً أن تدور دول الإقليم في فلك قوة إقليمية أحادية ، إذاً أعتقد بأن الأغلبية ستتفق معنا بأن الحل هو نظرية توازن النظام الإقليمي لغرب آسيا 0 وإذا استطعنا أن ننجز نظامنا الأمني الإقليمي سيعتبر ذلك حجر الزاوية بالنسبة لنا للانطلاق إلى التنمية القطرية والإقليمية الشاملة ، وفي جميع المجالات السياسية ، والاقتصادية ، والتعليمية ، والثقافية ، والفنية ، والاجتماعية ، والبنيوية , والرياضية 000إلخ 0

            أما كل ما نفعله الآن يعتبر هباءً منثورا ، لأن لو أمريكا اعتدت لا سمح الله على إيران ، فذلك سيعتبر الشرارة التي ستشعل حرباً إقليمية ، ونتيجة ذلك تحطيم كتلنا الخرسانية التي نتباهى بها , وما يتبقى منها سيتحول إلى مدن أشباح 0 وبعد نهاية هذه الحرب ستتحول المنطقة إلى حالة سيولة أمنية كما هو حادث في العراق وأفغانستان الآن ! 0

            ولكن هل نتعظ ونعيد قراءة التاريخ ؟ فما حدث لفلسطين قبل نصف قرن من الزمان ، وما حدث للأندلس منذ عدة قرون هو ما يحدث لنا الآن 0

            ولنتعظ جميعاً ونتذكر ، بأننا للوطن خلقنا ، وفي الوطن نعيش ، وفي الوطن نموت 0 وليتذكر الجميع بأن الأنظمة الدكتاتورية السابقة في العالم تقول الشعوب تفنى 00 وتبقى الأوطان ، ولكن التعديل الحديث في القانون الدولي يقول الأوطان صنعت لإسعاد الشعوب 0 أما من يعتقدون أنه في حالة الكوارث ستنفعهم المليارات المهربة ، فأرجو أن يتذكروا دائماً ، بأن مجرد انهيار وطنك سيصادر الأجنبي جميع أملاكك عنده سواءً كان مكسبك لها مباحا أم غير ذلك !! 0

            وما يهمنا هنا لابد لنا من إعادة قراءة التاريخ ، لأنه سيفيدنا في تخطيطنا للحاضر والمستقبل 0

والى اللقاء دائماً إنشاء الله 0

د فهد بن عبد الرحمن آل ثاني

باحث قطري

www.df-.althani.com

df_althani5@hotmail.com

إمكانية تفعيل دور المجلس البلدي

بسم الله الرحمن الرحيم

24/3/2007

لابد لنا أن نقر بأن هناك جدلية بشكل عام ، حول أدوار المجالس البلدية على مستوى العالم ، فمنهم من يرى أن دور المجلس البلدي استشاري ، ومنهم من يرى أن دوره مشترك استشاري وتنفيذي ، ومنهم من يرى أن دوره تنفيذي ، ولكن هذا يقودنا لعنصرين أساسيين لمعرفة الأدوار المنوطة للمجالس البلدية هما : أولاً : نوع الدولة : هل هي دولة موحدة أو بسيطة ، أم هي دولة مركبة ؟. ثانياً: ما هي الأيديولوجية التي تنتمي لها الدولة ؟


مقدمـــة :

 لابد لنا أن نقر بأن هناك جدلية بشكل عام ، حول أدوار المجالس البلدية على مستوى العالم ، فمنهم من يرى أن دور المجلس البلدي استشاري ، ومنهم من يرى أن دوره مشترك استشاري وتنفيذي ، ومنهم من يرى أن دوره تنفيذي ، ولكن هذا يقودنا لعنصرين أساسيين لمعرفة الأدوار المنوطة للمجالس البلدية هما :

أولاً : نوع الدولة : هل هي دولة موحدة أو بسيطة ، أم هي دولة مركبة ؟.
ثانياً: ما هي الأيديولوجية التي تنتمي لها الدولة ؟

 وكذلك لابد لنا من معرفة نوع النظام الذي يمارس السلطة في الدولة، هل هو نظام ديمقراطي ، أو نظام شمولي ، أو نظام أرستقراطي ، أو نظام قبلي ؟ !.

 طبعاً من خلال استقراء وتحليل العناصر المذكورة أعلاه ، يصبح ومن السهل علينا معرفة الوظائف المنوطة للمجالس البلدية .

 ومن هنا قبل أن نتطرق للتحليل المقارن ، لوظائف المجلس البلدي المركزي القطري ، مع بعض المجالس الإقليمية الأخرى ، نرى بأنه لابد لنا من وضع بعض التعاريف ، لتوضيح الأدوار الحقيقية للبلديات وللمجالس البلدية في قطر ، وفي بعض الدول الأخرى ، وخاصةً محاولة تحليل التالي: هل كل المجالس البلدية أدوارها استشارية في المنطقة ، أم هناك مجالس بلدية أدوارها مشتركة ما بين استشارية وتنفيذية ؟ . وكذلك سنحاول توضيح الفارق ما بين مصطلحي الوظيفة المركزية ، والوظيفة اللامركزية ؟ .

تعريف المجالس البلدية :

 أولاً : البلدية ( نخله ص 9 ) : هي إدارة محلية ، تقوم ، ضمن نطاقها بممارسة الصلاحيات التي يخولها القانون . وتتمتع البلدية بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي والإداري في نطاق هذا القانون .

 ثانياً : ( الهيدوس ص 19 ) : عرفت د. غادة الجاسم البلدية ، بأنها امتداد لولاية الحسبة المعروفة في تاريخ المسلمين ، فمهام البلدية لا تختلف عن مهام ولاية الحسبة . وقد عرف الماوردي والغراء الحسبة فقال كل منهما : الحسبة هي أمر بالمعروف إذا ظهر تركه ، ونهي عن المنكر إذا ظهر فعله . وتضيف د. الجاسم حول تعريف الحسبة نقلاً عن ابن خلدون أنها وظيفة دينية من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي هو فرض على القائم بأمور المسلمين ، ويعين لذلك من يراه أهلاً له . فيتعين فرضه عليه ، ويتخذ الأعوان على ذلك ، ويبحث عن المنكرات ويعزر ويؤدب على قدرها ، ويحمل الناس على المصالح العامة في المدينة ، مثل المنع من المضايقات في الطرقات ، ومنع الحمالين وأهل السفن من الإكثار في الحمل ، والحكم على أهل المباني المتداعية للسقوط بهدمها وإزالة ما يتوقع من ضررها على السابلة ، والضرب على أيدي المعلمين في المكاتب وغيرها في الإبلاغ عن ضربهم للصبيان المتعلمين ( الهيدوس ص 19 ) . أما بالنسبة لمصطلح مركزية واللامركزية ، فذلك يذكرنا بطريقة مقتضبة ممارسة الوظائف الإدارية ، ومدى الصلاحية التي تحصل عليها المؤسسة ومنها البلديات في القانون الإداري في حالة المركزية واللامركزية :

أولاً : تعريف المركزية ( نخلة ص 23 ) :

 يمكن تعريف المركزية بأنها حصر السلطة وتمركزها بيد حكومة ، تتولى بواسطة إدارتها في عاصمة البلاد ، القيام بالمهام المطلوبة من الدولة في جميع الحقول والنشاطات ، التي تتعاطاها الدولة في الوقت الحاضر . ولا يعني هذا ألا يكون ممثلين في مختلف أنحاء البلاد ، بل أن يكون ممثلو الحكومة في الأقاليم مرتبطين تسلسلياً بالسلطة المركزية ، التي تكون في هذه الحالة مصدر الأوامر والتعليمات ، ومرجع البت في الشئون الإدارية بما في ذلك السلطة الرئاسية وسلطة التوجيه والمراقبة وتقويم الاعوجاجات وفرض العقوبات .

 وتتركز في السلطة المركزية ، جميع الاختصاصات الإدارية ، وهي تنتقل منها بإرادتها إلى الهيئات الأخرى الأدنى منها ، في سلم الهرم الوظيفي.

ثانياً : تعريف اللامركزية :

 وتعرف اللامركزية الإدارية بأنها توزيع للسلطات الإدارية بين الحكومة وهيئات محلية أخرى ، تقوم بممارسة صلاحياتها تحت إشراف السلطة المركزية ورقابتها ، بمعنى أن الوظيفة الإدارية هي وحدها التي تكون موزعة بين الحكومة والسلطات الإدارية الإقليمية ، التي تتمتع في هذا المجال ، سواء كانت منتخبة أو معينة من قبل السلطة المركزية ، مع ما سيستتبع ذلك من نتائج قانونية ، ولاسيما وجود ذمة مالية مستقلة عن الذمة العامة للدولة ، وخضوع موظفي الهيئات لأنظمة خاصة غير نظام الموظفين الحكوميين ، إلا إذا نص النظام الخاص على تطبيق النظام العام ، أو إذا نص القانون على ذلك .

 فاللامركزية هي إذن على نقيض المركزية ، تعطي للأقاليم صلاحية البت في كثير من الشئون الإدارية ، وتسلم بحق هذه الأقاليم إقامة أجهزة محلية لتأمين المصالح الإقليمية ، وبالتالي تسلم بوجود مصالح محلية مختلفة عن المصالح الوطنية ، كما أنها تعطي للسلطات المحلية الشخصية المعنوية والاستقلال الإداري والمالي ، تحت إشراف ومراقبة السلطة المركزية . فالاستقلال إذاً ليس تاماً ، وألا لقامت دول متعددة ضمن الدولة الواحدة .

 وتقوم اللامركزية على توزيع السلطة بين الحكومة وهيئات محلية منتخبة . ولا تمثل هذه الهيئات السلطة المركزية ، التي لا تملك حق توجيه الأوامر إليها ، أو اتخاذ القرارات النافذة تجاهها ، والملزمة لها ، إلا في حالات عينها القانون حصراً . ويمكن للبلدية مثلاً أن ترفض تنفيذ قرار رئيس الوزراء بطلب إعادة التخطيط ، لصدوره عن مرجع غير صالح ، على اعتبار تنفيذ الاستهلاكات والتخطيطات في الطرقات البلدية هو من اختصاص البلديات .

 ومن هنا يجب أن نحدد ، بأن مصطلح المركزية واللامركزية أعلاه من المستحيلات تطبيقهم بحذافيرهم ، ولكن يمكننا من خلال رقابتنا للأسلوب الإداري ، في الدول المختلفة ، أن نضع معايير معينة لمعرفة هامش الإدارة المركزية واللامركزية ، وإذا كان أحدى الأسلوبين الإداريين مستخدمين بشكل كلي أو جزئي . فمثلاً في دولة قطر نجد مسمى المجلس البلدي كالتالي : المجلس البلدي المركزي ، فهذا يعطينا تحليل مباشر آلية مركزية لهذا المجلس ، ولكن عند مراجعة التعريف أعلاه للمركزية نجد المقصود بالمركزية هو تسلسل القرار من قمة الهرم الإداري ، فليكن رئيس الحكومة مثلاً إلى أدنى ، وكل رئيس أدنى له الحق في إصدار القرار إلى مرؤوسيه ، وعلى المرؤوسين التنفيذ ، وذلك طبعاً لا يتوفر للمجلس البلدي المركزي في قطر ، لأنه المجلس البلدي الوحيد في دولة قطر ، وذلك يعطيه مركزية لأن الـ 29 عضو المنتخبين من 29 دائرة في دولة قطر ، يجتمعون في مجلساً واحد يقع في مدينة الدوحة العاصمة القطرية ، وذلك اصطلاحاً أعطى المجلس اسم المجلس البلدي المركزي . ولكن عندما نقارن ما بين المركزية واللامركزية بين المجلس البلدي القطري والمجالس البلدية في مملكة البحرين ، نجد التالي :

دراسة مقارنة للمجلس البلدي القطري :

أولاً :  قام المشرع في قانون البلديات بمملكة البحرين ، بتقسيم المملكة إلى خمس بلديات ، وحدد نطاق اختصاص كل بلدية بحدود المحافظة التي تقع فيها ، وجعل لكل بلدية مجلس بلدي يتألف من عشرة أعضاء ، يمثلون الدوائر الانتخابية المختلفة للمنطقة البلدية ، وينتخبون بطريقة الاقتراع المباشر . على حين المشرع القطري في قانون المجلس البلدي المركزي بدولة قطر ، قام بتقسيم الدولة إلى 29 دائرة ، على أن تمثل كل دائره بعضو واحد في المجلس البلدي المركزي . ومن ثم يتألف المجلس البلدي المركزي من 29 عضواً يمثلون المدن والقرى والمناطق المختلفة في الدولة . وينتخبون بطريق الاقتراع المباشر .

 ثانياً : جعل المشرع في قانون البلديات بمملكة البحرين لكل بلدية شخصية اعتبارية ، وتتمتع بالاستقلال المالي والإداري ، على حين خلا قانون المجلس البلدي المركزي القطري رقم 12 لسنة 1998 من مثل هذا النص .

 ومن خلال ذكر الدراسة أعلاه للمجلس البلدي القطري، أصبح واضحاً بما أن المجلس البلدي في قطر ، هو المجلس الوحيد ، فذلك أعطاه مصطلح المركزية ، وخاصة عندما نقارنه مع مملكة البحرين مثلاً التي يوجد بها خمسة مجالس بلدية مستقلة ، لكل مجلس شخصية اعتبارية .

مقارنة ما بين اختصاصات المجالس البلدية :

 نجدها في نفس دراسة المجلس البلدي القطري أعلاه : توضح بأن بلديات البحرين تملك قوة التنفيذ ، والبلدي المركزي القطري دوره استشاري فقط .. دليل قوة الشخصية الاعتبارية لبلديات البحرين هو ، أن يمثل الرئيس المجلس أمام القضاء ، في مواجهة الغير . على حين أن المشرع في قانون المجلس البلدي المركزي القطري نص على : يمثل الرئيس المجلس في علاقاته مع الغير فقط ، دون أن يمثله أمام القضاء ، وهذا أمر خطير ويوحي لنا برسالة غير مباشرة هي :

 أولاً : لم يفقد المجلس قوة القرار فقط ، بل فقد عضو المجلس قوة صوت الناخب الذي رشحه لهذا المجلس .
ثانياً : فقدان الشخصية الاعتبارية للمجلس ، حوله إلى إحدى الإدارات العادية في وزارة البلدية ، يكون دورها الرقابة وتقديم المشورة لوزارة الشؤون البلدية والزراعة .

 والدليل على ذلك في ( دراسة البلدي المركزي ) : جعل المشرع في البحرين مجلس الوزراء كجهة مرجعية في حالة اعتراض الوزير المختص بشئون البلديات على قرارات وتوصيات المجلس البلدي . على حين جاء قانون المجلس البلدي المركزي القطري خالياً من مثل هذا النص .

 ويقول المهندس حمد المري رئيس المجلس البلدي المركزي القطري الدورة الأولى 1999م – 2003م :

 العمل بموجب قانون 12 لسنة 1998م ، جعل دور المجلس استشاري ويضيف بأنه تعامل مع ثلاثة وزراء خلال دورته الأولى ، وحاول المري مع زملائه في المجلس ، إيجاد علاج ناجح للمعوق الرئيسي للمجلس ، وهو القانون رقم 12 ، المذكور أعلاه ، والذي يحدد صلاحيات المجلس ، ورفع توصية باسم المركزي طلب فيها تعديل القانون لمنح المجلس مزيداً من الصلاحيات ، ولكن كما يضيف السيد المري ، بأنه للأسف الشديد لم يؤخذ بها في حينه ، والأمر مازال سارياً ، ويختم المري قوله أملاً أن يتعامل مع هذه التوصية بجدية أكبر ( مجلة البلدي ص 30 ، 31 ، فبراير 2007م) .

 الغريب في الأمر حتى قبل صدور قانون رقم 12 لسنة 1998 والذي يوضح اختصاصات المجلس البلدي المركزي القطري ، حذر القسم القانوني في مجلس الشورى القطري بأن المادة (8) في القانون أعلاه تجعل مسئوليات المجلس البلدي على شكل توصيات غير ملزمة فقط ( تعليق الشورى على المادة (8) هو التالي :

 هذه المادة الوحيدة دون غيرها الحاوية لصلاحيات المجلس ومسئولياته المناطة والتي تحوي 27 بنداً إلا أننا نجد أن مشروع القانون قد ذيل هذه المادة بعبارة ( ويعبّر المجلس عن آرائه ) في شكل توصيات ، وهذا مما لا يتماشى مع جوهرية الكيفية التي يتم بها اختيار أعضائه وهي (الانتخاب المباشر ) فلا يمكن بحال أن ينص على مجلس منتخب انتخابا حراً على أن يدلي بآرائه في شكل توصيات ، بينما يجب أن يكون أداة فاعلة ورائدة فيما أوكل إليه من مهام ، علماً بأننا نجد في بعض البلدان التي بها أمثال هذا المجلس ، تلغي تماماً وزارة الشئون البلدية والزراعة لأن دوره وفاعليته أكبر بكثير ، وتفوق تلك التي لدى وزارة البلدية والزراعة ، ومثال ذلك دولة الكويت حيث أنه ، ومن الأولى أن يعبّر المجلس عن آرائه على شكل قرارات لها آلية تنفيذ معتبرة . علماً بأن المادة (9) ، ( أصبحت المادة “10”  بعد صدور القانون ) ، قد أعطت المجلس صلاحية إصدار أوامر محلية مثل فرض رسوم معينة على بعض الخدمات ، وخولت للوزارة تنفيذ هذه الأوامر بالطريق المباشر . مما يصب في مصلحة أن تكون آراء المجلس صادرة في شكل قرارات ( القسم القانوني ، مجلس الشورى ) .

 وكذلك من خلال مراجعتنا لمداولات مجلس الشورى ، لاحظنا أن مجلس الشورى بالنسبة للمادة (9) ( العاشرة بعد صدور القانون ) كان حريصاً على تدخل مجلس الوزراء ، لاعتماد المواد التي فيها صيغة تنفيذية على المواطن مباشرةً ، كالتالي : حرصاً من المشرع على تفعيل نشاط المجلس البلدي المركزي في أداء الصلاحيات المناطة به ، نص المادة (9) (العاشرة بعد صدور القانون ) على تخويل المجلس إصدار أوامر محلية في الأمور التي لا تتناولها تشريعات قائمة ، بفرض رسوم معينة على بعض الخدمات البلدية والزراعية ، ولا تسري هذه الأوامر إلا بعد اعتمادها من الوزير ، وتقوم الوزارة بتنفيذها بالطريق المباشر . ويُعاقب على أي مخالفة لها بالحبس مدة لا تتجاوز أسبوعاً ، والغرامة التي لا تزيد على خمسمائة ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين ، مع مضاعفة الغرامة يومياً بحد أقصى قدره عشرة آلاف ريال في حالة استمرار المخالفة . وهنا تدخل مجلس الشورى باقتراح التعديل :

 وإذا كانت الأوامر المشار إليها تعتبر من قبيل التشريعات الضرائبية المقرونة بطبيعة جنائية ، ومراعاة لاحتمالات التجاوز في إصدارها بما يرهق كاهل المواطنين مالياً وعقابياً . فإنه من المناسب أن يكون اعتماد تلك الأوامر بقرار مجلس الوزراء . وخاصة وأن المادة (8) تنص في فقرتها (ثانياً : بند 14 ) على أن من بين صلاحيات المجلس البلدي ( اقتراح ) فرض الضرائب والرسوم والعوائد المحلية ، وأن يعبر عن آرائه في شكل توصيات ( مواضع التعديلات المقترحة ، مجلس الشورى القطري ) .

 نلاحظ هنا كأن مجلس الشورى في مقترحاته أعلاه ، عن المادة (9) (العاشرة بعد صدور القانون ) له رأي أو لبعض أعضائه رأي يختلف عما تقدم به قسم الاستشارات لمجلس الشورى القانونية عن مادة (8) . حيث أن قسم الاستشارات القانونية مشكوراً ، قدم دراسة توصي بمنح آراء المجلس البلدي المركزي القطري ، شكل القرارات وليس شكل التوصيات ، ونحن نوافقه على هذا الرأي من ضمن ضوابط دقيقة يحددها القانون ، على أن يكون لمجلس الوزراء حق النقض لبعضها ! .

 وهنا نستغرب لماذا لا تكون معظم آراء المجلس البلدي المركزي على شكل قرارات ، لأنها ليست بتشريعات ، وإنما هي أمور لتسيير الحياة اليومية بالنسبة للعامة ، وسنوضح لاحقاً دراسة لاحظنا من خلالها كلما يكبر حجم الدولة طردياً من الناحية المساحية ، وحتى السكانية ، كلما تزيد صلاحيات المجلس البلدي ، وكلما تقل مساحة الدولة أو سكانها عكسياً ، تتناقص صلاحيات المجلس البلدي :

أولاً : المملكة العربية السعودية :

 نظام البلديات مرسوم ملكي رقم م/5 في 21/2/1397هـ المبني على قرار مجلس الوزراء رقم 130 بتاريخ 6/2/1397هـ : هذا المرسوم رغم قدمه ، إلا أنه يوضح صلاحيات تنفيذية ذات هامش كبير للمجالس البلدية في المملكة العربية السعودية ، فالملاحظ في المادة 23 : بأن قوة نافذية آراء المجلس تصل إلى 56% من قراراته بحيث مصطلح وضع من المادة 23 والذي يعطي صلاحيات للمجلس ذكر في البندين 2 و 13 ، وعقد القروض ذكر مرة واحدة في البند رقم 12 ، وهذه المصطلحات واضحة وصريحة بأنها ذات نافذية أقوى من الاقتراحات ، والتي تكون غالباً على شكل توصيات ، ربما يؤخذ بها أو لا يؤخذ بها . فمثلاً مصطلح بند 4 يقول التالي : وضع اللوائح التنفيذية الخاصة بالشروط التخطيطية والتنظيمية والفنية الواجب توافرها في المناطق العمرانية . أعتقد أن هذا المصطلح واضح وضوحاً صحيحاً نافياً للجهالة ، قوة السلطة التنفيذية التي تتمتع بها المجالس البلدية في المملكة العربية السعودية .

ثانياً : المملكة الأردنية الهاشمية :

 في المادة 41 (أ) لعام 2005م لقانون البلديات ، يوضح القانون أن البلديات تملك قوة اتخاذ القرار فيما يقارب 56% من المادة المذكورة ، وذلك من ضمن ضوابط وضحتها المادة 41 (ز) . فمثلاً قوة قرارات المجالس البلدية في المملكة الأردنية الهاشمية توضحها المادة 41 (أ) بند (1) تخطيط البلدة والشوارع : تخطيط البلدة وفتح الشوارع وإلغاؤها وتعديلها وتعيين عرضها واستقامتها وتعبيدها ، وإنشاء أرصفتها وصيانتها وتنظيفها وأنارتها وتسميتها أو ترقيمها ، وترقيم بناياتها وتجميلها وتشجيرها ، ومنع التجاوز عليها ، ومراقبة ما يقع على الشوارع من الأراضي المكشوفة ، وتكليف أصحابها بإقامة الأسوار حولها .

 ومن هنا أعتقد أن هذه المادة واضحة وصريحة للقوة التنفيذية التي تمتلكها المجالس البلدية في الأردن ومن ضمن ضوابط قانونية ! .

ثالثاً : دولة الكويت :

 النموذج الكويتي بالطبع هو الأقرب منا ، لأنه يمثل أنموذج المدنية الدولة (City State)  ، فالقانون رقم (15) لسنة 1972 معدل بقانون 122/1977م واضح وصريح ، ففي المادة (20) من القانون أعلاه والتي تمثل اختصاصات المجلس ، نجد أن قوة اتخاذ القرار تصل إلى 61% من بنود المادة الثمانية عشرة . فمثلاً البند ثانياً من القانون أعلاه يقول : تقرير المشروعات ومواقعها في شئون العمران وتجميل المدن والقرى والجزر والطرق والشوارع والميادين وتوسيعها والمجاري والحدائق والتشجير ووضع النظم الخاصة بالإعلانات وكل ما يؤدي إلى تجميل المدينة وحفظ رونقها .
والبند الثامن عشر تنظيم رخص البناء والمكاتب الهندسية . وهنا نلاحظ المشرع الكويتي أعطى للمجلس البلدي صلاحيات لاتخاذ القرار ! .

رابعاً : مملكة البحرين :

 قانون البلديات مرسوم بقانون رقم (35) لسنة 2001م : عندما نراجع المواد 12 ، 13 ، نجد من ضمن القانون أعلاه ، بأنه أعطى للمجالس البلدية في مملكة البحرين ، قوة اتخاذ القرار تصل إلى 55% تقريباً ، عند المقارنة بين المواد أعلاه ، فمثلاً مادة 13 بند (ب)  وضع الأنظمة الخاصة بأشغال الطرق العامة وكذلك الأنظمة المتعلقة بالباعة الجائلين ، ومراقبة تنفيذ هذه الأنظمة في الحالتين .

 ومادة 13 (ز) تقرير المنفعة العامة للأراضي والعقارات الخاصة اللازمة لتنفيذ المشروعات البلدية أو الاستيلاء المؤقت على الأراضي لذات الغرض ، وذلك وفقاً للأوضاع التي يقررها قانون استملاك الأراضي للمنفعة العامة . وذلك يوضح لنا أن المجالس البلدية تملك من ضمن صلاحياتها القانونية ، نسبة تصل إلى 55% من اتخاذ القرار .

خامساً : سلطنة عمان :

 قانون بلدية مسقط الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (8/92) الباب الثالث مادة (17) ، توضح اختصاصات المجلس البلدي ، الصورة واضحة بالنسبة للمجلس البلدي بأن 67% من آرائه تصدر على شكل قرارات . فمثلاً بند (4) اتخاذ التدابير اللازمة للمحافظة على الصحة العامة ، بند (8) من المادة والقانون أعلاه : تسمية الشوارع وترقيم المباني .

سادساً : بلدية إمارة الشارقة :

 المرسوم الأميري رقم (30) لسنة 1980م ، الملاحظ في نظام اختصاص المجلس البلدي ، تصل قوة اتخاذ القرار إلى 40% ، فمثلاً مادة (16) تقسيم الأراضي الحكومية المخصصة للبلدية وتوزيع قسائم المناطق السكنية والصناعية والزراعية والتجارية على مستحقيها ، طبقاً للقوانين واللوائح والأوامر المنظمة لهذا الأمر ، وكذلك سحبها ممن وزعت عليهم في حالات مخالفتهم شروط التوزيع . ومادة (22) تقرير إنشاء الأسواق والمذابح والمدافن ووضع النظام الخاص بكل منها .

سابعاً : المجلس البلدي في إمارة أبو ظبي :

 نظام المجالس البلدية رقم (17) لعام 1972م ، لاحظنا من خلال المادة (3) في النظام أعلاه ، وهي تمثل اختصاصات المجالس البلدية في إمارة أبو ظبي ، استخدم مصطلح اقتراح في بداية بنود 1 ، 2 ، 3 ، 4 ، 6 وذلك يمثل 56% من بنود المادة أعلاه ، ومصطلح مناقشة استخدم مرتين في البنود 7 ، 8 وذلك يمثل 22% من بنود المادة أعلاه ، والمصطلحين الأخيرين المستخدمين هم بند (5) التوصية بمنح أراضي بالمناطق السكنية والتجارية والصناعية والزراعية للمستحقين لها ، وفقاً للقوانين واللوائح . والبند (9) بحث أية موضوعات أخرى يرى وزير البلديات والزراعة عرضها على المجلس لاستطلاع رأيه بشأنها . وهنا الصورة واضحة وجلية بأن دور المجالس البلدية في إمارة أبو ظبي حسب القانون أعلاه دورها استشاري بحت .

ثامناً : دولة قطر ( المجلس البلدي المركزي ) :

 من خلال مراجعتنا لقانون رقم (12) لسنة 1998م ، المادة (8) ثانياً البحث في النواحي التخطيطية والبرامجية والاقتصادية والاجتماعية والمالية والإدارية ، للشئون البلدية والزراعية ، لاحظنا التالي : وبعد استبعاد البنود 24 ، 25 ، 26 لأنها تختص بتنظيم شئون الإدارات الداخلية للمجلس البلدي ، والمتبقي 24 بنداً للمجلس البلدي المركزي ، ليقدم الخدمات العامة للمجتمع وللوطن ، نلاحظ صلاحيات المجلس تتوزع على التالي : مصطلح مراقبة ذكر في البنود 6، 8، 10، 11، 12، 15، 16، 19، 23 ، وذلك يمثل ما مجموعه تسعة بنود من المادة (8) ثانياً ، ونسبتها 38% من اختصاصات المجلس في هذه المادة ، فمثلاً البند (11) مراقبة تنفيذ قوانين رخص الإعلانات ومنع الإزعاج العام ، إذاً هذا الدور الرقابي سحب من المجلس أي دور تنفيذي ، وبالتالي ستكون آرائه تصدر على شكل توصيات .

 أما مصطلح اقتراح ، فتكرر في البنود 7 ، 13 ، 14 ، 17 ، 20 ، وبلغ مجموع استخدام مصطلح اقتراح خمسة مرات ، وذلك برهاناً ثانياً أن المجلس يصدر آرائه على شكل توصيات ، ومجموع استخدام مصطلح اقتراح يصل إلى 21% من بنود المادة الثامنة ثانياً . أما ما تبقى من بنود المادة (8) ثانياً ، جاءت كالتالي : بند (1) دراسة ، (2) النظر وإبداء الرأي، (3) تقديم التوصيات ، (4) طلب أي بيانات … لإبداء الرأي ، (5) بحث العرائض ، (9) الإشراف , (8) تقديم مقترحات ، (22) توعية المواطنين، وهذا البند سنذكره كاملاً وهو رقم (27) : أي صلاحيات أو اختصاصات أو مسئوليات أخرى يقررها القانون للمجلس . ويعبر المجلس عن آرائه في شكل توصيات ، وقرارات تعتمد من الوزير . وأضيف أن هذا البند مطلق : توصيات وقرارات ، وعلى الوزير يقرر عند اتخاذ القرار.. إذاً يضاف هذا البند إلى التوصيات أعلاه ، إلا إذا كان هناك لائحة داخلية تنظمه .

 والبند الوحيد الذي أعتقد أن المجلس ممكن أن تصل آرائه فيه على قوة القرار هو البند (21) تنظيم القواعد والشروط اللازمة لإيواء الحيوانات في المساكن المأهولة بالسكان ، ومراقبة تنفيذ القانون الخاص بالحيوانات المهملة . إذاً عند اعتبارنا أن هذه المادة تنفيذية يكون قوة اتخاذ القرار عند المجلس البلدي تصل إلى 4% من اختصاصاته فقط !! .

 الغريب في الأمر ، عندما نراجع القانون رقم (1) لسنة 1990م الفصل الثاني لاختصاصات المجلس البلدي ( غير منتخب ) مادة (8) ثانياً، وعندما نلغي البند 26 من هذا البحث ، لأنها تختص بالشئون الإدارية والمالية داخل المجلس ، ولا تختص بالخدمات العامة المقدمة للمجتمع القطري بشكل خاص ، ودولة قطر الحبيبة بشكل عام ، نلاحظ قوة اتخاذ القرار في آراء المجلس المعين في قانون 1990م ، أقوى من قوة اتخاذ القرار في قانون المجلس المنتخب في قانون عام 1998م .

 فعند اختبارنا للبنود التالية في مادة (8) ثانياً قانون رقم (1) لسنة 1990م ، نجد البنود التي يوجد بها قوة القرار لآراء المجلس ، تصل إلى خمسة بنود ، علماً بأن المجلس المنتخب قوة اتخاذ القرار لآرائه في بند واحد فقط . فالبنود التالية واضحة وصريحة لقوة القرار في مجلس عام 1990م : 6– التصديق على إنشاء الحدائق العامة وصيانتها ومراقبتها ، 14 – مكافحة التسول وإدارة دور العجزة ومساعدة الفقراء ، 15- إغاثة منكوبي الحرائق والكوارث الطبيعية ، 20- تنظيم القواعد والشروط اللازمة لإيواء الحيوانات في المساكن المأهولة بالسكان وتنفيذ القانون الخاص بالحيوانات المهملة رقم (9) 1974م ، بند 23التوقيع على عقود المشتريات والمبيعات المرخصة بالميزانية أو بتخويل الوزير .

 الخلاصة قوة اتخاذ القرار عند المجلس البلدي المعين تصل إلى 19% ، وقوة اتخاذ القرار عند المجلس البلدي المنتخب لم تتعدى 4% !!.

مدى استجابة الوزارة لتوصيات المجلس البلدي المركزي :

 قمنا بعمل رسالة على شكل استبيان ، وأرسلناها في مارس 2007م إلى المجلس البلدي المركزي القطري ، وإجابة الأخوة على هذا الاستفسار، والسؤال الدقيق في هذه المراسلة كان يعتمد على التالي : ما هو مدى استجابة وزارة البلدية والزراعة ، أو الجهات المختلفة ، لتوصيات المجلس المنصوص عليها في المادة (8) ثانياً من القانون رقم 12 – 1998م ؟.

 وكانت إجابة المجلس مشكوراً كالتالي :
البند 1-  دراسة الرغبات أو المقترحات التي يتقدم بها أعضاء المجلس ، بشأن أية مسألة تدخل في مجال الشئون البلدية والزراعة . كانت استجابة الوزارة تصل إلى 50% .

 البند 2-  النظر وإبداء الرأي في المسائل والموضوعات المتعلقة بالشئون البلدية ، والتي تحال إلى المجلس من الوزارة أو الجهات الحكومية الأخرى . كانت استجابة جهات الاختصاص للمجلس البلدي 50% .

 البند 3- تقديم التوصيات بشأن القوانين ، أو اتخاذ أي إجراءات أو تدابير ، يراها المجلس ضرورية أو نافعة للمصلحة العامة . كانت نسبة الاستجابة للمجلس تصل إلى 25% .

 البند 4- طلب أي بيانات أو دراسات أو تقارير ، تتعلق بإدارات الوزارة والبلديات واقتراحاتها ، وذلك لبحثها وإبداء الرأي فيها . كانت نسبة الاستجابة تصل إلى 50% .

 البند 6- مراقبة تنفيذ القوانين والأنظمة الخاصة بالأغذية المعدة للاستهلاك الآدمي . كانت نسبة الاستجابة للمجلس البلدي تصل إلى 70%.

 البند 7- اقتراح إنشاء الحدائق العامة ومتابعة صيانتها . كانت نسبة الاستجابة للمجلس تصل إلى 50% .

 بند 9- الإشراف على النقل العام للركاب . كانت نسبة الاستجابة 25% .

 بند 10- مراقبة تنفيذ قوانين الرخص التجارية والفنادق وأماكن الترفيه والمتنزهات والمهن البسيطة والباعة المتجولين . كانت نسبة الاستجابة 25% .

 بند 11- مراقبة تنفيذ قوانين رخص الإعلانات ، ومنع الإزعاج العام. كانت نسبة الاستجابة للمجلس البلدي من جهات الاختصاص 25% .

 بند 12- مراقبة الأنظمة الخاصة بإدارة المدافن وتحديد أماكنها . كانت نسبة الاستجابة لهذا البند 25% .

 بند 13- اقتراح الأسماء التي تطلق على المدن والقرى والأحياء والشوارع والميادين والأسواق والحدائق العامة والمتنزهات . كانت نسبة الاستجابة لهذا البند 70% .

 بند 14- اقتراح فرض الضرائب والرسوم والعوائد المحلية . كانت نسبة الاستجابة لهذا البند تصل إلى 50% .

 بند 15- مراقبة فعالية أعمال مكافحة التسول وإدارة دور العجزة ومساعدة الفقراء . كانت نسبة الاستجابة لتوصيات هذا البند تصل إلى 50%.

بند 16- مراقبة كفاءة أعمال إغاثة منكوبي الحرائق والكوارث الطبيعية . كانت نسبة الاستجابة لهذا البند تصل إلى 25% .

 بند 17- اقتراح الخطوات الكفيلة بمكافحة الحرائق والوقاية منها . كانت نسبة الاستجابة لهذا البند 50% من جهات الاختصاص .

 بند 18- تقديم مقترحات ميزانية المجلس السنوية . كانت نسبة الاستجابة 25% من جهات الاختصاص .

 بند 19- مراقبة الأنظمة الخاصة بالأسواق والمحال التجارية وتنظيمها . كانت نسبة الاستجابة من جهات الاختصاص 70% على توصية المجلس .

 بند 20- اقتراح السبل الكفيلة بتحسين عمليات تحصيل الإيرادات الخاصة بالوزارة . كانت نسبة الاستجابة للمجلس 25% من جهات الاختصاص .

 بند 21- تنظيم القواعد والشروط اللازمة لإيواء الحيوانات في المساكن المأهولة بالسكان ، ومراقبة تنفيذ القانون الخاص بالحيوانات المهملة . كانت نسبة الاستجابة لهذا البند 25% .

 بند 22- توعية المواطنين والرد على الشكاوى المتعلقة بالشئون البلدية والزراعية . كانت نسبة الاستجابة من الجهات المختصة تصل إلى 70% .

الخلاصة :

 مجموعة الاستجابة مع توصيات المجلس ، من خلال البنود المذكورة، عدد 9 بنود 25% ، وعدد سبعة بنود 50% ، وخمسة بنود 70% . ولو أخذنا كمتوسط مدى تعاون وزارة البلدية والزراعة ، وجهات الاختصاص مع المجلس البلدي المركزي ، نجد النسبة في الاستجابة لتوصيات المجلس المركزي ، أقل من الثلث (33%) ، وذلك يعني إحراج دائم لممثلي الدوائر 29 المنتخبين في المجلس المركزي امام ناخبيهم الذين أعطوهم الثقة ، لكي يمثلوهم في المجلس .

 ولاحظنا في التقرير الأول ، عن توصيات المجلس البلدي المركزي الصادرة إلى جهات الاختصاص ، في الفترة مايو 1999م وحتى مايو 2003م ، كان مستوى رد الوزارة على التوصيات 60% ، أما في الدورة الثانية مايو 2003 وحتى ديسمبر 2006م ، انخفضت ردود الوزارة بشكل مرعب إلى 42% ، ولو استمر هذا الهبوط على نفس المعدل ، ربما يكون ردود الوزارة على توصيات المجلس بنسبة 20% ، في الفترة 2007 – 2011م ، وهنا ستثار نقطة وهي : ما هو الهدف من وجود المجلس أصلاً ، إذا كان الجهاز التنفيذي المرتبط به لا يأخذ بتوصياته ؟ .

 ويجب أن نشير هنا ، بأن هذه الردود من الوزارة أعلاه ، ليست بالضرورة تنفيذاً للتوصيات ، ولكن بعضها إشعار المجلس ، بأن الوزارة استلمت الردود ، وأنها محل نقاش أو دراسة أو إحالة لجهات الاختصاص!.
ومن هنا نجد الشارع القطري في بعض استطلاعات الرأي ، لا يطالبون فقط بزيادة قوة تخصصات المجلس البلدي ، بل 69% من الذين استطلعت آراءهم ، يؤيدون إشراف المجلس البلدي المنتخب ، على مشاريع الهيئة العامة للأشغال ، والهيئة العامة للتخطيط ، و 31% متحفظين ، وتحفظهم هذا لا يعني أنهم ليسوا مع المجلس البلدي ، بل يطالبون بزيادة صلاحيات المجلس البلدي ، وإيجاد الآليات لتفعيل دوره ( مجلة البلدي فبراير 2007م ، ص 20 ، 21 ، 22، 23، 24 ، 25 ) .

الهيئات العامة من ضمن تخصص المجلس البلدي :

 يثار جدل الآن في الشارع القطري ، هل الهيئات العامة وبالتحديد الأشغال والتخطيط من ضمن إشراف البلدي ؟ .

 في رأيي لابد من الذهاب إلى روح القانون ، مرسوم بقانون رقم (20) لسنة 1993م ، بتنظيم وزارة الشئون البلدية والزراعة ، وتعيين اختصاصاتها مادة (2) ، وذلك يوضح أن إدارة الأشغال وهيئة الأشغال لاحقاً ، وإدارة التخطيط ( هيئة التخطيط لاحقاً ) ، كانتا من ضمن وزارة البلدية ، وبالتالي كانتا من ضمن اختصاصات المجلس البلدي المركزي ، كما هي واضحة في اختصاصات المجلس البلدي المركزي ، لو راجعنا المادة (8) قانون رقم (12) لعام 1998م ، فمادة (8) ( أولاً ) اختصاصات المجلس البلدي ، مراقبة تنفيذ القوانين والقرارات والأنظمة المتعلقة بصلاحيات واختصاصات الوزارة والمجلس ، بما في ذلك القوانين والقرارات والأنظمة المتعلقة بشئون تنظيم المباني ، وتخطيط الأراضي والطرق ، والمحال التجارية والصناعية والعامة وغيرها ، من الأنظمة التي ينص فيها على تخويل المجلس ، سلطة مراقبة التنفيذ .

 بشكل عام المجالس البلدية من أهم أدوارها : الرقابة على كيفية سير الخدمات العامة ، والمرافق العامة والآداب والأخلاق والسكينة العامة ، من ضمن لوائح وضوابط محددة ، حتى لا يحدث تداخل بين تخصصات المجالس البلدية ، والمؤسسات العامة الأخرى .

 ومن هنا ضمن ما ذكرناه أعلاه ، في حالة التقييد أو الإطلاق ، نجد أن هيئتي الأشغال العامة  والتخطيط ، من ضمن تخصصات المجلس البلدي المركزي ، وإذا كان هناك جدل قانوني بعد انفصال هيئة الأشغال العامة في قانون رقم (1) سنة 2004م ، وانفصال هيئة التخطيط العمراني في قانون رقم (15) لسنة 2004م ، عن وزارة البلدية والشئون الزراعية ، فبإمكان الجهات التشريعية ، في دولة تدارك هذا الجدل ، وإصدار تشريع جديد مباشر وصريح ، يخول المجلس البلدي المركزي ، حق الرقابة والإشراف والمناقشة على مشاريع هيئتي الأشغال العامة ، والتخطيط العمراني ، وخاصةً لأن من خلال ذلك سيساهم في ترسيخ المحافظة على المال العام .

تفرغ أعضاء المجلس البلدي :

 ففي دراسة للمجلس البلدي المركزي القطري ، قارنت ما بين تفرغ العضو في المجالس البلدية في البحرين ، وفي المجلس البلدي القطري ، وتقول الدراسة : أخذ المشرع في قانون البلديات بمملكة البحرين ، بمبدأ تفرغ العضو ، حيث نص على منح كل موظف مرشح في الانتخابات ، إجازة خاصة بدون راتب ، ابتداء من اليوم التالي لقفل باب الترشيح ، حتى انتهاء عملية الانتخاب . أجاز للعضو أن يعود إلى مثل وظيفته ، بعد انتهاء عضويته . على حين المشرع القطري ، لم يأخذ بمثل هذا المبدأ في قانون المجلس البلدي المركزي . وكذلك الملاحظ على القانون البلدي البحريني (المادة 14) لحماية العضو من أية شائبة أو تشويه لسمعته : حظر عليه المشرع أن يقوم بذاته أو بالواسطة ، بعمل أو مقاولة أو توريد لحساب البلدية. كما حظر عليه أن يحضر جلسات المجلس أو لجانه ، ولا أن يشترك في مداولاته إذا كانت له أو لزوجه أو لأحد أقاربه إلى الدرجة الثالثة ، مصلحة شخصية في المسألة المعروضة ، على حين خلا قانون المجلس البلدي المركزي القطري رقم 12 لسنة 1998م من مثل هذا النص.

 والمادة البحرينية رقم (14) ، أعتقد لو ضمها المشرع القطري للمجلس البلدي ، ستكون من صالح الأعضاء أنفسهم ولنزاهتهم ، وذلك سيسهل عليهم القيام بأدوارهم على أكمل وجه ، وكذلك مازلنا نطالب لو المشرع القطري طبق على الموظف ، كشف الذمة المالية عند تقلده المنصب ، على أن يقدم كشف سنوي للذمة المالية إلى أن تنتهي مدة ولايته، سواء كان في المجلس البلدي المركزي ، أو مجلس الشورى ، أو مجلس الوزراء ، أو أياً من هيئات القطاع العام والمختلط ذات الشخصية الاعتبارية المستقلة ، وذلك سيحفظ سمعة الموظف ، من أية شكوك أو تشهير، وهذا الأمر أيضاً سيسهل على الموظف العام أداء دوره بكل شفافية ونزاهة ، وهذا ما نتوقعه في جميع إخواننا القطريين من خلال ظاهرهم ، أما الغيب فيعلم به الله سبحانه وتعالى . مع مراعاة واحترام في حالة تدقيق الذمة المالية ، المادة الدستورية من الباب الأول مادة (17) ( المخصصات المالية للأمير ، وكذلك مخصصات الهبات والمساعدات ، يصدر بتحديدها قرار من الأمير سنوياً).

 ونجد في ملفات مجلس الشورى ، حول حيادية العضو في المجلس البلدي المركزي القطري ، وللمحافظة على سمعته ونزاهته ، كانت (مقترحات الشورى حول تعديل مشروع قانون بتنظيم مادة (32) : فإن من المناسب تضمين التالي : بالنسبة للأعضاء العاملين بالحكومة والهيئات والمؤسسات العامة ، فيتقاضون إما مكافأة العضوية أو رواتبهم ومخصصاتهم الحالية من وظائفهم ، أيهما أكبر ، وذلك حرصاً على ألا يضار العضو في مصدر رزقه ، الذي قد يتجاوز مكافأة العضوية ، مما قد يصرفه عن المشاركة في نشاط المجلس البلدي المركزي .

 كانت مقترحات الشورى ( مادة 33 ) ، على أن يتفرغ أعضاء المجلس من العاملين بأجهزة الدولة لعملهم بالمجلس ( أي حظر الجمع ) ويحتفظون بوظائفهم ورواتبهم ومخصصاتهم المالية طوال مدة العضوية .. وإذا كان ذلك يستتبع احتساب مدة العضوية في الترقية والمعاش ومكافأة نهاية الخدمة ، فإنه من المناسب تضمين ذات المادة النص على هذا الحكم .

 كما أنه من ناحية أخرى ، يتعين على استقلالية وحيّدة عضو المجلس والنأي به عن مواطن الخضوع والتأثير ، وذلك بالنص على حظر تقرير أية معاملة خاصة له في وظيفته الأصلية ، أو فصله منها أثناء مدة العضوية.

الملاحظ هنا مناقشات المشرع القطري ، اقتربت من المادة (14) في قانون بلديات البحرين ، وهو من خلال تفرغ العضو في المجالس البلدية في البحرين ، في فترة عضويته في المجلس البلدي ، في إجازة غير مدفوعة الأجر من جهة عمله ، إذا كان موظف في القطاع العام ، وبعد انتهاء عضويته يعود إلى عمله السابق . ولكن المشرع القطري هنا كان اقتراحه أفضل وهو التالي : تفرغ العضو الذي يعمل في القطاع العام وعضو في المجلس البلدي في فترة عضويته ، على أن تكون إجازته مدفوعة الأجر ، مع احتفاظه بجميع حقوقه الأخرى ، التي يقرها القانون وكأنه على رأس عمله ، وبعد انتهاء عضويته ، يحفظ له القانون الحق في أن يعود لممارسة عمله العام .  ولكن لم يؤخذ بمقترحات المشرع القطري أعلاه .

 ويعزز ما ذكر أعلاه ، هو رأي السيد إبراهيم الهيدوس نائب رئيس المجلس البلدي في الدورة 1999 – 2003م ، والرئيس في الدورة 2003 – 2006م قال ( مجلة البلدي ، فبراير 2007م ، ص 14 ، 15) : قضية غياب الأعضاء لها أبعاد مختلفة ، حتى لا نحمل دائماً العضو المسئولية ، نحن تحدثنا كثيراً في الدورتين الأولى والثانية عن قضية تفرغ الأعضاء ، وتحدثنا بشدة وبقوة في الدورة الأولى عن مقار للأعضاء ، وتحدثنا في الدورة الأولى بالتحديد ، ويمكن حاولنا في الدورة الثانية ، أن يكون للعضو مثلاً مساعد واحد أو اثنان كموظفين مخصصين له ، وهذه الإمكانيات تسهل له وتساعده . ورأى السيد الهيدوس بالنسبة لتفرغ العضو، لابد من دراسة الموضوع بشكل منطقي وعلاجه ، ويضيف : لا أستطيع أطالب بشكل مطلق تفرغ العضو ، دون وجود الضمانات بالنسبة له ولوظيفته ولعمله ، سواء في الحاضر أو في المستقبل . ويضيف السيد الهيدوس بأنه لابد من تفرغ العضو في حالتين :

 الأولى : في حالة تكليف العضو بمنصب في المجلس ، بأن يكون رئيساً أو نائب رئيس المجلس أو رئيس إحدى اللجان الدائمة في المجلس هنا يرى السيد الهيدوس أن يلزم العضو بتفريغه لهذا العمل ، مع وضع الضمانات والضوابط الخاصة به ، سواء في وظيفته الحالية أو وضعه فيما بعد .

 ثانياً : فهي عندما تتعارض عضويته مع وظيفته ، أو ما يعرف عنه اصطلاحاً موضوع تضارب المصالح أو ازدواج المصالح ، في هاتين الحالتين يجب أن يتفرغ العضو للعضوية ولمهامه في المجلس . أما غير ذلك فيمكن أن يترك للاختيار .

 والخلاصة : في حالة تفرغ العضو ، لابد من مراجعة مرسوم رقم (66) لسنة 2003م ، مادة (1) والذي ينص على أن يمنح أعضاء المجلس البلدي المركزي مكافأة شهرية بالفئات التالية : رئيس المجلس 9000 ريال، ونائب رئيس المجلس 8000 ريال ، وعضو المجلس 7000 ريال ، أعتقد عند مراجعة هذه المادة ، لابد من النظر بالنسبة للموظف العام في حالة تفرغه ، أن يحسب له الأجر الأكبر مثلاً ، فإذا كان أجر وظيفته أكبر فيحسب له أجر وظيفته ، وإذا كانت المكافأة أكبر فتحسب له المكافأة ، وأن كنا نميل أكثر على أن يفرغ الموظف العام لأداء مهامه في المجلس ، ويحصل على أجره كاملاً من القطاع العام ، ومكافأته كاملة من المجلس من ضمن ضوابط محددة ، أما بالنسبة للأعضاء الذين يعملون في القطاع الخاص ، إمكانية الاستمرار في عملهم ، على شرط أن لا يتعارض مع مصالح المجلس . انظر المادة (14) من قانون بلديات البحرين ذكرت سلفاً، وأن لا يؤثر على أداء مهامهم في المجلس ، وحصولهم على المكافأة في المرسوم رقم (66) مادة (1) لسنة 2003م كاملاً .

الخاتمــة :

 في عهد حضرة صاحب السمو والدنا الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر المفدى ، شهدنا انتخاب غرفة تجارة قطر ، وانتخاب المجلس البلدي المركزي ، وقريباً انتخاب ثلثي أعضاء مجلس الشورى ، والانتخاب في حد ذاته إنجاز ، وسيتبعه إنجازات إن شاء الله ، وأعتقد أن أهم الأعمال المطلوبة منا كقطريين الآن ، هي بحث الآليات لتدعيم دور هذه المجالس وتفعيله ، تحت ظل القيادة الحكيمة لأميرنا المفدى وولي عهده الأمين .

 أخيراً هذا رأيي ، فإذا كان خيراً فهو من الله ، وأن كان غير ذلك فهو من نفسي ، ومن كان له أية تعليقات على هذا البحث ، فأرجو أن يرسله لنا على موقعنا الإلكتروني ، وله الوعد منا ، أن يكون رأيه محل احترام ، سواء اتفق أو اختلف معنا ، وللعلم سنقوم بنشر هذا البحث في المستقبل القريب في الراية إن شاء الله على شكل سلسلة مقالية ، وأية تعليقات أو آراء أحصل عليها ، أو ردود منا عليها ، سألحقه من ضمن السلسلة المقالية.

 شكر وتقدير لسعادة الأستاذ إبراهيم عبد الرحيم الهيدوس المحترم نائب رئيس المجلس البلدي في الدورة 1999 – 2003م ، ورئيس المجلس البلدي 2003 – 2006م ، وكل من ساعدني على إنجاز هذا البحث في فترة قصيرة جداً !! .

  وإلى اللقاء دائماً إن شاء الله 0

د0 فهد بن عبد الرحمن آل ثاني
أستاذ الجيوبولتيكس المشارك        وباحث قانوني ومحامي
www.df-althani.com
df_althani5@hotmail.com

المراجع

1- إمارة أبو ظبي ، نظام المجالس البلدية ، رقم (17) لعام 1972م .
2- إمارة الشارقة ، النظام الداخلي للبلديات ، قانون البلديات رقم (1) لسنة 1971م والقوانين المعدلة وعلى المرسوم الأميري رقم 30 لسنة 1980م .
3- بلدية الكويت القانون رقم (15) لسنة 1972م ، وأدخل عليها تعديلات آخر يونيو سنة 1984م .
4- بلدية مسقط ، قانون بلدية مسقط الصادر بالمرسوم (8/92) .
5- بيشام ، ديفيد ، البرلمان والديمقراطية في القرن الحادي والعشرين ، الاتحاد البرلماني الدولي ، بيروت ، 2006م .
6- التقرير الأول عن توصيات المجلس 1999 – 2003م .
7- التقرير الثاني عن توصيات المجلس 2003 – 2006م .
8- دراسة قانونية مقارنة للمجلس البلدي المركزي القطري .
9- قانون رقم (1) لسنة 1990م .
10- قانون رقم (12) لسنة 1998م .
11- قرار وزير الداخلية رقم (4) لسنة 1998م .
12- مجلة البلدي العدد الخامس فبراير 2007م .
13- مجلة البلدي العدد السادس مارس 2007م .
14- المجلس البلدي المركزي ، من الفكرة إلى الواقع ، المجلس البلدي ، 2003م .
15- مجلس الشورى : حول تعديل مشروع قانون بتنظيم المجلس البلدي المركزي .
16- مجلس الشورى ، قراءة في مشروع قانون تنظيم المجلس البلدي المركزي .
17- ( مراسلة استبيان مع المجلس البلدي ) .
18- مرسوم رقم (17) لسنة 1998م .
19- مشروع لقانون البلديات المملكة الأردنية الهاشمية .
20- مملكة البحرين ، قانون البلديات ، مرسوم بقانون رقم (35) لسنة 2001م .
21- المملكة العربية السعودية ، بإصدار نظام المناطق ، الرقم أ/92 التاريخ 27/8/1412هـ .
22- المملكة العربية السعودية ، نظام البلديات والقرى ، المرسوم الملكي رقم م/5 في 21/2/1397هـ .
23- نخلة ، الوسيط في شرح قانون البلديات ، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت ، 1998م .
24- الهيدوس ، إبراهيم ، أول بيت للديمقراطية في قطر ، المجلس البلدي، الدوحة ، 2001م .

النفط ما بين الاحتواء والنضوب

بسم الله الرحمن الرحيم

24/6/2004

أولاً : الاحتياطي النفطي 0 ثانياً : التضخم العالمي 0 ثالثاً : دور العملاق الصيني 0 رابعاً : أين مجلس التعاون من اللعبة ؟


 لنا الكثير من الدراسات عن الهايدروكاربون ( النفط والغاز الطبيعي ) وربما من أشهر هذه الدراسات ( هل النفط سلاح ، ولماذا لا نستخدمه ؟ ) ، وهذه الدراسة تدرس في بعض أقسام العلوم السياسية في بعض الجامعات العربية المشهورة ، كما أنها نشرت في مجلة المستقبل العربي العدد 299 في يناير 2004م 0

 وربما يلاحظ من اطلع على هذه الدراسة بأننا تجنبنا التركيز على بعض المواضيع الاستراتيجية التي لها علاقة مباشرة وغير مباشرة بالنفط ، مثل تأثير العناصر التالية على أسعار النفط : اللعبة السياسية ، والأمن ، والصراع ما بين القوى العالمية على النفط 0 وبالفعل تجنبنا هذه المواضيع لأنه سبق لنا معالجتها بالتفصيل في الكثير من المناسبات وربما من أهمها : (أ) ندوة قدمتها في مركز الدراسات الاستراتيجية في طهران تحت عنوان ( جنوب غرب آسيا ، هناك الضوء في آخر النفق ) 2002م ، (ب) ندوة قدمتها في جامعة قطر تحت عنوان ( جدلية الاستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط ) 2003م ، (جـ) ندوة قدمتها في مركز الدراسات الاستراتيجية والدبلوماسية الفرنسي تحت عنوان ( الشرق الأوسط الكبير ) 2004م ، بالإضافة إلى الكثير من الأعمال التي تطرقنا إلى الهايدروكاربون فيها وتمثلت في شكل بحوث ودراسات ومقالات منها ما نشر ، ومنها ما هو في طريقه إلى النشر إن شاء اللّه تعالى، وللمهتمين بجميع المواضيع أعلاه سنقوم بنشرها جميعاً في الموقع الالكتروني الخاص بنا والذي سنعلن عنه قريباً إن شاء اللّه 0

 أما موضوعنا هذا فيركز على ثلاثة محاور رئيسية هي :

أولاً : الاحتياطي النفطي 0
ثانياً : التضخم العالمي 0
ثالثاً : دور العملاق الصيني 0
رابعاً : أين مجلس التعاون من اللعبة ؟

الموضوع الأول : الاحتياطي النفطي في العالم

 توجد دراسة قيمة للجيولوجي ديفيز من خلال تطبيق المنحنى الجرسي على التوسع في الاكتشافات النفطية ، ومن صفات المنحنى الجرسي أنه في نهاية المطاف يبلغ الذروة ، ثم سرعان ما يبدأ الانحدار ، وعندما طبق النظرية الإحصائية عام 1989م على امدادات النفط العالمية صعق لرؤيته أن نقطة الذروة لم تعد على بعد عدة عقود كما كان يعتقد ، بل مجرد سنوات قليلة ( في الفترة ما بين عامي 2004م و 2008م) (آل ثاني ، فهد ، المستقبل العربي ، ص 108 ، 109) 0 الميزة في هذه المعادلة أنها أجريت قبل 15 سنة ، وتوقعت أن امدادات النفط ستصل إلى الذروة في عام 2004م وهذا ما حدث بالفعل فقد وصلت امدادات النفط إلى ما يقارب 90% في أبريل 2004م ، ويتوقع أن يزيد الطلب إلى ما يفوق الامدادات الفعلية للنفط في المربع الأخير من هذا العام 0

 وفي المقابل فإن السيد علي النعيمي وزير البترول السعودي له رأي مغاير عن ما يقوله هذا المنحنى ، فالسيد النعيمي يطمئن الأمريكان قائلاً : إن مخزون السعودية من النفط كان يقدر في السبعينيات بحوالي 88 مليار برميل ، أما الآن فإن المخزون يقدر بحوالي 261 مليار برميل ، وأن السعودية يمكنها أن تزيد الإنتاج بدون صعوبة تذكر من 5ر10 مليون برميل في اليوم إلى 12 و 15 مليون برميل في اليوم بل وتستطيع أن تحافظ على هذا المستوى من الإنتاج لمدة خمسين عاماً ( الشرق الأوسط العدد 9283) 0

 ولكن الجيولوجي البريطاني كولن كامبل المتخصص في الشؤون النفطية له رأي علمي مختلف بشكل كلي عن ما قاله السيد النعيمي ، فالسيد كامبل يقول في (Daily Star, March 17th 2004) : إن الاحتياطيات النفطية المؤكدة في دول الخليج أقل من الكميات المؤكدة المعلن عنها ، فالاحتياطي السعودي المؤكد 210 مليار برميل وليس ما قيل أعلاه ، والاحتياطي العراقي 90 مليار برميل وليس المعلن الآن 112 مليار برميل من النفط ، والاحتياطي الكويتي 55 مليار برميل وليس 94 كما هو معلن ، والاحتياطي الاماراتي 60 مليار برميل وليس 98 برميل من النفط كما هو معلن 0 ويضيف كامبل قائلاً بأن المستخدم من الطاقة النفطية الآن أكثر من 90% ومع نمو الطلب 2% سنوياً على النفط فإنه في عام 2010م ستكون الأسواق امتصت جميع الامدادات النفطية ، وستكون أسعار النفط تشكل أرقاماً فلكية 0

 وكذلك بول كروجمان في (Harald Tribune May 15th 2004) : أن الاحتياطي النفطي في العالم 5ر2 مليون برميل والمتوقع في عام 2004م أن يزيد الطلب على النفط في العالم بمعدل 2 مليون برميل أكثر من عام 2003م 0 وبالفعل زاد معدل إنتاج النفط في العالم أبريل 2004م بمعدل 2 مليون برميل ، ويتوقع أن يحتاج السوق العالمي 2 مليون برميل إضافية أخرى في الربع الأخير من عام 2004م ( الوطن القطرية العدد 3173) بمعنى آخر سيكون الطلب الإضافي على النفط في عام 2004م (4) مليون برميل بدلاً من (2) مليون برميل ، وكما ذكرنا أعلاه إذا كانت أقصى طاقة إضافية للامدادات النفطية 5ر2 مليون برميل كما تؤكد الدراسات العالمية ، فذلك يعني إذا حدث فعلاً طلب امدادات نفطية إضافية تعادل 4 مليون برميل هذا العام فذلك يعني أن الدول النفطية ستنتج أقصى حد لديها من الامدادات النفطية وسيبقى عجزاً في العرض يعادل 5ر1 مليون برميل من النفط وذلك سيدفع النفط إلى أرقاماً فلكية أو انهيار النظام الاقتصادي العالمي ، أو تغييراً جذرياً في موازين القوى العالمية ربما سيؤدي إلى حرباً عالمية لا سمح اللّه  0

 الملاحظ أن تحليل الدراسات العالمية أعلاه يتنافى مع ما يقوله وزراء النفط في كلا من السعودية والكويت والإمارات من خلال محاولة زيادة الامدادات النفطية في الربع الثالث من 2004م ، وذلك كما يبدو لرفع المخزون الاحتياطي الأمريكي من النفط الذي وصل إلى أدنى من 38% (الشرق العدد 5686) وذلك ربما يمثل أحد الأسباب الرئيسية لأرتفاع أسعار النفط ، ولكن المشكلة الحقيقية التي سببت أرتفاعاً في أسعار النفط ، ليس الزيادة في العرض مع ثبات الطلب ، بل هي الزيادة في العرض إلى أن وصلت إلى أقصى حد ممكن في مقابل زيادة في الطلب تفوق زيادة العرض 0 وهنا نسجل استغرابنا من الدول النفطية الرئيسية في العالم لماذا تريد تخفيض سعر البرميل من النفط ؟ 0 فسعر النفط الذي وصل إلى 41 دولار في مايو 2004م ، قيمته الحقيقية تعادل 20 دولار ، إذا ما عدنا 25 سنة للوراء إلى عام 1979م ، وإذا ما قسنا التضخم العالمي ما بين 2 و 4% سنوياً في الفترة 1979م – 2004م ، علماً بأن سعر النفط وصل إلى 40 دولار في عام 1979م والقيمة الفعلية لــ 40 دولار آنذاك 80 دولار اليوم ، إذاً ذلك يعني أنه إذا استمر سعر النفط في عام 2004م 40 دولار للبرميل ، فنحن نتقاضى فقط 50% من القيمة الحقيقية لأسعار النفط عندما نقارنها مع أسعار عام 1979م  0

 أما بالنسبة للاحتياطيات التي تقدرها الشركات العالمية ، فآخر دراسات لها تؤكد بأن هذه التقديرات قابلة للتلاعب ، فهناك عدة فضائح حدثت لشركة شل العالمية ، واحداها مشروع ( اورمن لانج ) للغاز بين النرويج وبريطانيا تم بتقدير احتياط الغاز فيه بحدود 400 بليون م3 ، ثم جرت انقاص الاحتياط بنسبة 20% ( الوسط العدد 637 ) 0 وكذلك ذكرت (Daily Star March 17th. 2004) : بأن شركة شل بالغت في ذكر الاحتياطي العماني بأكثر من 40% ، وكذلك حدثت صدمة أخرى للاحتياطيات النفطية العالمية عندما اثبتت الدراسات الحديثة عدم جدوى الحفر الأفقي في الآبار النفطية القديمة لاستخراج كميات من النفط أكثر من الحفر الرأسي في الآبار النفطية  0

 وخلاصة القول بأن طريقة حساب الاحتياطيات النفطية يخضع إلى ثلاثة أنواع من المعايير ( الوسط العدد 637 ) :

 الأول : الاحتياطي المثبت : وهو نفط يمكن استخراجه بمعدل 95% ضمن الشروط الاقتصادية الحالية وضمن امكانات التكنولوجيا الموجودة ، والغريب هنا بأن السيد كامبل شكك حتى في الاحتياطيات النفطية المثبتة في العالم ، بحيث قال السيد النعيمي أن الاحتياطي السعودي 261 بليون برميل ، في حين أن كامبل أكد على أن الاحتياطي السعودي لا يزيد على 210 بليون برميل كما ذكر سلفاً  0

 الثاني : الاحتياطي المرجح : ونسبة استخراجه والحصول عليه تصل إلى 50% 0

 ثالثاً : الاحتياطي الممكن : ونسبة الحصول عليه تصل إلى 5% 0 والنسبتين الأخيرتين الثانية والثالثة نعتقد بأنه من الصعب الاعتماد عليه في أي تصور استراتيجي للاقتصاد العالمي ، لأنه كمن يشتري السمك في الماء  0

ثانياً : التضخم العالمي

 مارتن وولف في (Financial Times April 12st. 2004) قال : أن زيادة الطلب على السلع يعتبر أمراً طبيعياً وذلك لأن الاقتصاد العالمي يمر في مرحلة انتعاش فمؤشر نمو الاقتصاد العالمي في أبريل 2004م وصل إلى 7ر3% وكان في السنة الماضية 6ر2% فقط 0 فنمو الناتج المحلي في دول المحيط الهادي الآسيوية قفز من 8ر3% عام 2003م إلى 3ر4% في عام 2004م ، ومن ضمنها الصين التي يصل نمو الناتج المحلي فيها إلى أكثر من 3ر8% ، واليابان 3% ، والولايات المتحدة الأمريكية كان نمو الناتج المحلي فيها عام 2002م 1ر3% وقفز في عام 2004م إلى 6ر4% ، والاتحاد الأوربي بعد الركود المزمن في معدل النمو ، كان نمو الناتح المحلي في عام 2003م 4ر% قفز إلى 6ر1% عام 2004م 0 وهذا النمو انعكس على رفع مستوى الطلب على السلع الإنتاجية والاستهلاكية ، وارتفاع الطلب أدى إلى التضخم في الأسعار ، فمنذ عام 2001م قفزت أسعار السلع بنسبة تصل إلى 59% ، فمثلاً أسعار بعض المواد الخام الصناعية قفزت إلى 73% ، وسعر الغذاء بشكل عام قفز إلى 6ر5% ، وبعضها قفز بأرقام فلكية ففول الصويا قفز سعره خلال الثمانية أشهر الأخيرة إلى ما يقارب من 80% ، وأسعار بعض المعادن خلال الاحدى عشرة شهراً الأخيرة قفزت إلى 50% 0 أما بالنسبة للنفط فيعتبر أقل السلع التي شهدت أرتفاعاً في السعر مقارنةً مع السلع الأخرى ، فبرميل النفط كان في ديسمبر 2001م أقل من 20 دولار ، ووصل سعره في مايو 2004م إلى 41 دولار وذلك يمثل أرتفاعاً في سعره بنسبة 100% ، ونحن لا نستغرب هذا الأمر لأنه من الطبيعي أن يرتفع سعر سلعة مثل النفط في ظل الارتفاع في أسعار معظم السلع الاستراتيجية في العالم خلال الثلاث سنوات الأخيرة 0 فقد أرتفعت أسعارها بنسبة تصل إلى أكثر من 100% ولم يحتج العالم على ذلك ، في حين أنه عندما ارتفع سعر النفط الذي يوجد أكثر من 70% من احتياطياته في العالم الإسلامي ، قامت أمريكا بأمر الدول النفطية الرئيسية في العالم بإعادة النظر في الأسعار ، ولن نستغرب إذاً ما أتى يوماً على العالم الإسلامي يقوم فيه بعمل سعرين لنفطه الأول سعر مخفض لأمريكا ، والثاني سعر حسب العرض والطلب في الأسواق الدولية يباع على باقي دول العالم  0

ثالثاً : دور العملاق الصيني

 رغم أن قيمة الناتج المحلي الصيني لا يصل حتى إلى 15% من قيمة الناتج المحلي في الولايات المتحدة الأمريكية (Financial Times March. 31st. 2004) ، إلا أن نمو الناتج المحلي الصيني وصل إلى أكثر من 3ر8% سنوياً انعكس إلى زيادة الطلب الصيني على كثير من السلع ، مثلاً الطلب الصيني على فول الصويا قفز من 11% من الاستهلاك العالمي عام 1997م إلى 19% عام 2003م ، واستهلاك الصين من القطن في العالم قفز من 25% عام 1999م إلى 32% في عام 2003م ، واستهلاك الصين من النحاس قفز من 11% عام 1999م إلى 20% في عام 2003م0 وبعد أن كانت الصين دولة مصدرة للنفط إلى عام 1993م ، تحولت إلى دولة مستوردة للنفط ، واستهلكت عام 1998م ما يقارب 5ر5% من الإنتاج العالمي وقفز ذلك إلى 8% في عام 2004م 0 والأخطر من ذلك كله بالنسبة للولايات المتحدة هو بأن الصين جيوبوليتيكياً اخترقت أماكن كانت تعتبرها أمريكا حكراً عليها وعلى حلفائها من دول الناتو ، فنجد الصين في عام 2004م تستورد 17% من حاجياتها النفطية من المملكة العربية السعودية ، و 10% من وارداتها النفطية من عُمان و 6% من روسيا ( الشرق الأوسط العدد 9282) 0 والأكثر من ذلك بأن الصين بالفعل يمثل نصيبها من النفط العالمي 8% فقط الآن ، ولكنها في الأربع سنوات الأخيرة ساهمت بـ 37% من نمو الطلب العالمي على النفط ، وإذا استمرت الصين في هذا النمو إلى عام 2025م فذلك يعني أن حصتها من النفط العالمي ستتجاوز نسبة الولايات المتحدة الأمريكية من الاستهلاك العالمي من النفط ، بل لو حافظ الناتج المحلي الصيني على نفس معدل النمو الذي يوجد عليه الآن فمن المحتمل أن يتوازى الناتج المحلي الصيني في عام 2020م مع الناتج المحلي الأمريكي ، لكن السؤال الذي يطرح : هل الولايات المتحدة ستترك الصين على نفس معدل النمو من دون أن تفتعل كارثة تعيق النمو العملاق لدى الصين؟ 0

 وكذلك نلاحظ أن الولايات المتحدة الأمريكية والصين قد وصلوا إلى عنق زجاجة في التنافس على النفط ، فأمريكا في عام 2001م تستهلك 25% من النفط العالمي وكانت تعتمد على استيراد 52% منه ، وكانت قبل ذلك المملكة العربية السعودية تمد   الولايات المتحدة بــ 25% من نفطها المستورد وانخفض ذلك كثيراً بعد أحداث سبتمبر 2001م ، والآن أصبحت الصين أكبر مستورد للنفط السعودي ، وبدأ النفط السعودي يتجه إلى الصين كما ذكر أعلاه ، وتعتمد الولايات المتحدة على 48% من استهلاكها على إنتاجها المحلي ، أما في عام 2020م فيتوقع أن تحتاج الولايات المتحدة إلى استيراد ما يقارب 66% من احتياجاتها من النفط ، ويوفر لها إنتاجها المحلي 34% من النفط فقط  ( الوسط العدد 67 ) 0

رابعاً : أين مجلس التعاون الخليجي من اللعبة ؟

 دول مجلس التعاون الخليجي رغم الأجيال التي تخرجت فيها من الدول المتقدمة إلا أن اقتصادها مازال يدار بأسلوب الاقتصاد الريعي ، وذلك ربما كنا نتفق معه في جيل الآباء والأجداد ، وهو قائم على أن المصدر الرئيسي لايرادات الدول من خلال الريع النفطي ، والإدارة المحلية للاقتصاد من خلال الوكالات التجارية والشركات العائلية ، والعملة مربوطة – مع إحدى العملات العالمية مخافةً من تقلب الأسعار العالمية ، وجميع عملات مجلس التعاون الخليجي مربوطة بالدولار الأمريكي ، وأسعار النفط في العالم مربوطة بالدولار الأمريكي  0

 وخلال عامي 2003/2004م انخفض سعر الدولار بنسبة 20% أمام اليورو ، وما يقارب 15% أمام الين الياباني 0 وفي كتابنا للتنمية الاستراتيجية ص 125 : نجد بأن معظم تجارة المنطقة مع دول الاتحاد الأوربي واليابان وهاتين الكتلتين الأولى تعتبر مستقلة عن الدولار ، والثانية تسمى خارج نطاق الدولار 0 ونجد أن 5ر42% من الواردات الخليجية تأتي من أوربا واليابان ، وعملتنا الخليجية مربوطة بالدولار ، والدولار خسر ما يقارب من 20% من قيمته أمام عملات الكتلتين المذكورتين وذلك يعني أننا سندفع خلال سنة واحدة بطريقة غير مباشرة 20% من قيمة إضافية لوارداتنا من أوربا واليابان ، وفي النهاية تقتطع هذه المبالغ من نفقات المواطن الخليجي العادي الذي هو أصلاً أصبح يعاني من ضائقة مالية بعد تضخم الأسعار ما يقارب 100% خلال العشرين سنة الماضية ، ومستوى دخله بقي كما هو تقريباً  0

 وكذلك الصادرات الخليجية إلى اليابان وأوربا تبلغ 33% من مجموع صادرات دول مجلس التعاون الخليجي ومعظم هذه الصادرات من النفط ، وتسعيرة النفط في الأسواق الدولية تحسب بالدولار ، والدولار خسر ما يقارب 20% من قيمته أمام اليورو والين في عام 2003/2004م ، وذلك يعني أن دول مجلس التعاون الخليجي تخسر ما يقارب 20% من القيمة الفعلية للنفط ، وهذه الخسارة تنعكس على ريع دول مجلس التعاون الخليجي ، وذلك أيضاً انعكس سلباً على المواطن الخليجي 0

 وإلى جانب الضائقة المالية الكبيرة التي يعاني منها المواطن الخليجي فإن نسبة البطالة بين الشباب في دول مجلس التعاون الخليجي أصبحت ما بين 25% إلى 15% في أحسن حال ، علماً بأن بعض الدول الخليجية التي تعاني من بطالة المواطنين نسبة العمالة الأجنبية فيها تصل إلى أكثر من 95% من جملة الأيدي العاملة  0

 ومن هنا نعتقد بأن هناك أمانة تاريخية تقع على عاتق المسؤولين عن الاقتصاد الخليجي سواءً كانوا محافظين البنوك المركزية أو وزراء مالية وتجارة واقتصاد أو الجهات الرسمية للتخطيط للاقتصاد الخليجي ، لمراجعة جدوى عنصرين رئيسيين الأول منهما : ربط العملات الخليجية بالدولار ، وربما يقفزر البعض ويقول بأن السيد مهاتير محمد نجح في هذه العملية ، ولكن نقول لهم بأن الاقتصاد الخليجي يختلف عن الاقتصاد الماليزي ، ومصادر الدخل الخليجي تختلف عن ماليزيا ، ولذلك ما يصلح لماليزيا ليس بالضرورة أن يعتبر الوصفة السليمة لدول مجلس التعاون الخليجي 0

 كما أن دول مجلس التعاون الخليجي تملك ما يقارب 45% من احتياطيات النفط العالمي ، فلذلك لابد لها من التحرك لتحرير تسعيرة النفط عن الدولار ، وترك هذا الأمر مرناً لفترات زمنية محددة ، ويكون خاضعاً لتقلب أسعار العملات الدولية ، وذلك لكي نحمي أنفسنا من الخسائر التي تحدث لنفطنا 0

 وفي الختام يجب أن يتذكر الأخوة وزراء النفط الخليجيين بأن أرتفاع أسعار النفط لن يؤدي إلى هزة أو انهيار في الاقتصاد العالمي ، وذلك لأن معظم السلع الرئيسية في العالم خلال الخمس سنوات الأخيرة أرتفعت أسعارها بنسبة 100% تقريباً ، ولم يحدث انهيار للاقتصاد العالمي ، وكما ذكرنا أعلاه عندما وصل سعر البرميل في النفط إلى 41 دولار ، فذلك يعني أن سعره خلال 26 سنة أرتفع بنسبة 50% فقط ، وذلك لأن القيمة الحقيقية 41 دولار اليوم تعادل أقل من القوة الشرائية لــ 20 دولار عام 1979م، مع ملاحظة أن تلك السنة قفز سعر النفط فيها إلى 40 دولار أي ما يعادل 80 دولار بسعر 2004م إذا ما حسبنا أسعار التضخم ما بين 1979/2004م 0

 ونود أن نذكر القائمين على النفط الخليجي بأن من المتوقع عالمياً بأن أسعار السلع الاستراتيجية في العالم أيضاً ستتضاعف خلال الخمس سنوات القادمة ، ويعود ذلك لأن الاتحاد الأوربي توسع من 15 دولة إلى 25 دولة ، أي ضم 10 دول جديدة وفقيرة في البنية التحتية ، ولكي تتواكب هذه الدول العشر الجديدة مع ميكانيزم السوق الأوربية المشتركة لابد من توجيه مئات المليارات من اليوروات لدعم بنيتها التحتية 0 والسؤال الذي يطرح نفسه : هل إذا حدث تضاعفاً في أسعار السلع الاستراتيجية في العالم ستسعى دول مجلس التعاون الخليجي لتخفيض سعر نفطها ؟  0

 نعتقد بأن المسؤولية التي تقع على عاتق الدول النفطية جسيمة ، وبدلاً من الاستمرار في حرق أسعار النفط لإرضاء هذه الكتلة أو تلك ، علينا الاستفادة بأقصى حد من ثروتنا النفطية الناضبة وتوجيهها لتأسيس البنية التحتية في دولنا ، والفائض من هذا الريع يتم توجيهه من خلال عمليات مدروسة لتأسيس البنية التحتية في دول العالم الإسلامي وذلك لانقاذ ما يقارب 50% من البطالة التي يعاني منها العالم الإسلامي  0

 وإلى اللقاء دائماً إن شاء اللّه ،،،
د0 فهد بن عبد الرحمن آل ثاني
باحث قطري
df _ al thani 5 @ hotmail. com

قائمة المراجع

أولاً : المراجع العربية :

1- آل ثاني ، فهد ، مجلة المستقبل العربي ، العدد 299 ، 2004م ، بيروت 0
2- آل ثاني ، فهد ، استراتيجية التنمية ، دار الثقافة ، 2001م ، الدوحة 0
3- جريدة الشرق القطرية ، الاعداد : 5806 ، 5686 ، 5798 0
4- جريدة الوطن القطرية ، العدد 3135 ، 3173 0
5- جريدة الراية القطرية ، العدد 7981 ، 8035 0
6- جريدة الشرق الأوسط الدولية ، العدد 9283 0
7- جريدة الخليج الإماراتية ، العدد 9130 0
8- الوسط ، العدد 637 ، تابع لجريدة الحياة اللبنانية 0

ثانياً : المراجع الأجنبية :

1- Al-Thani, Fahd, The Spatial Impact of the Hydos Carbon Industry on Land 2 Sea USE of Qatar. Ph.d. Thesis, Durham University 1992.
2- Financial Times, March 31st. 2004 & April 21st 2004.
3- International Hearld Tribune, May, 8th. 2004 & May 15th. 2004.
4- The Daily Star March 17th. 2004.

 وإلى اللقاء دائماً إن شاء اللّه ،،،

القيادات الخليجية في القرن الواحد والعشرين

بسم الله الرحمن الرحيم

6/6/2004

السؤال الأول :

 إدارة الصراع في الأنظمة السياسية قبل الحرب الباردة ؟

الاجابة :

 بالنسبة لإدارة الصراع وإدارة الأمة في الأنظمة السياسية في العالم الثالث ، وخاصةً دول مجلس التعاون الخليجي ، كانت تعتمد بشكل كبير على الأسلوب التقليدي لفلسفة

إدارة الصراع السياسي ، وهذا من خلال المحاور التالية :

1- أسلوب الإنكار : وذلك بالتظاهر بأنه لا يوجد مشكلة ولا توجد مطالب شعبية ، أي وضع القضايا المزعجة للأنظمة في الظل 0 وبعض الأنظمة يلجأ لأسلوب افتعال أزمة

مصطنعة ما بين أركان النظام نفسه ، وفي هذه الحالة يستطيع النظام أن يحول أنظار الشارع من النزاع الأصلي إلى نزاع مصطنع ، ولكن الآن بدأت الشعوب تستوعب ذلك  0

2- التفاوض : كانت الأنظمة تلجأ لأسلوب التفاوض ، وهو أسلوب من يملك كل شيء ، يتفاوض مع من لا يملك ولا شيء ، وبالتالي تحاول الأنظمة أن توفر للمطالبين

بالإصلاحات الحد الأدنى من مطالبهم ، ويكون ذلك مؤقتاً وبعد ذلك حتى الأدنى يلغى  0

3- المواجهة : غالباً الأنظمة الديكتاتورية أو المركزية تلجأ إلى أسلوب القمع من المرحلة الأولى ، ورغم أن هذا الأسلوب أثبت فشله عالمياً ، وأكبر مثال على ذلك انهيار

المدارس ذات المذهب الشرقي أو الشيوعي 0 أما الأنظمة ذات الطابع الديمقراطي أو الاجتماعي تناور بطريقة كبيرة قبل توصلها إلى أسلوب القمع ، ولكن يبقى خار لها ، ولكن دائماً

النظامين الأخيرين يتحاشان الأسلوب القمعي في بعض الأحيان حتى لا يخلق من الشخص زعيم وطني ، ولكن من الممكن أن تستخدم هذه الأنظمة للخصم سياسة للاستدراج ، وهو من خلال

استدراج الخصم إلى أرتكاب جريمة أخلاقية أو سياسية يعاقب عليها القانون ، ففي هذه الحالة يعاقب الشخص بطريقة شرعية بمسمع ومرأى من الجميع 0

4- أسلوب القتل بالزمن : وهو من خلال أعطاء الخصم وعود ويليها وعود ، ويليها وعود ، إلى أن يقابل صاحب الوعود والخصم اللّه سبحانه وتعالى ، أو تدور ساعة الزمن

ويحدث اللّه ما يشاء

السؤال الثاني :

 في السؤال أعلاه تكلمتم عن الوضع السياسي في العالم الثالث قبل نهاية الحرب الباردة 0 ولكن سؤالنا الحقيقي : ما هو تصوركم للقيادات الموجودة في دول مجلس التعاون

الخليجي في عام 2001م ؟

الاجابة :

 القيادات الخليجية الموجودة الآن ، هي نفس القيادات الخليجية الموجودة قبل الحرب الباردة 0 وإن حدث تغيير في دولة قطر عام 1995م ، وفي دولة البحرين عام 1999م

0 ولكن في الحقيقة بالنسبة لنا كمواطنين كنا نعرف بأن قائدنا في قطر منذ بداية السبعينيات هو حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة ، وبالنسبة لاشقائنا في دولة البحرين كان معروفاً

لديهم أيضاً ربما حتى من الستينيات بأن قائدهم هو حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن عيسى 0 بمعنى آخر في الأنظمة الملكية الخليجية ، ولي العهد يكون هو الشخص الثاني في قوة

إتخاذ القرار ، وفي بعض الأحيان يصبح الشخص الأول في إتخاذ القرار 0 ولكن حتى نكون صريحين مع أنفسنا ، في حقيقة الأمر العالم تغير خلال عقد واحد من الزمان بعد انتهاء الحرب

الباردة 0 وأصبح كل نظام سياسي خليجي يبحث عن الآليات المناسبة التي تتواكب مع روح العصر ، وفي نفس الوقت تحاول الأنظمة أن لا تفقد خصوصيتها الخليجية من ناحية اجتماعية

وسياسية 0 ربما لو ينظر المهتم بالتغير العالمي وأثره على الأنظمة السياسية الخليجية ، يستطيع أن يستشف بعض النقاط من خلال دراستنا عن استراتيجية الاقتصاد العالمي التي سوف

تنشر في جريدة الراية قريباً إن شاء اللّه 0

السؤال الثالث :

 ماذا عن ملف الديمقراطية الخليجي ؟

الاجابة :

 بعد عام 1991م ، بدأت الأنظمة الخليجية في إعادة النظر في أسلوب إدارة إعطاء الشعوب حقوقهم في المشاركة الشعبية ، ولكن هذا الأسلوب يختلف من دولة إلى أخرى ،

فالمملكة العربية السعودية شكلوا مجلس شورى معين ، والمجلس الوطني في دولة الإمارات العربية المتحدة معين ، ومجلس الشورى القطري معين ، ومجلس الشورى البحريني معين ،

ومجلس الشورى العماني على ما أذكر نصفه منتخب والنصف الآخر معين ، أما دولة الكويت فعادت لها الحياة النيابية الطبيعية من خلال دستور المنحة لعام 1961م وأن تعرض البرلمان

للحل مرة واحدة ، ولكن التزمت الحكومة بالانتخابات في موعدها 0

 وفي الفترة الأخيرة نلاحظ بأن دولة قطر والبحرين بعد إجراء بعض التعديلات الدستورية ، سوف يوافقون على إجراء الانتخابات للسلطة التشريعية في كلٌ منهما ، وكلٌ

بأسلوبه 0 ونجد في الوقت نفسه كلٌ من قطر والبحرين والإمارات أصبحوا يميلون أكثر إلى الانفتاح على العالم الخارجي ، وتحرير التجارة ، وإنشاء قاعدة لتقديم الخدمات ، والخصخصة ،

ودعم الترابطات الأمامية للتنمية 0

السؤال الرابع :

 في رأيكم ما هي الملفات التي يجب أن تعطى الأولية في الإدارة السياسية لدول مجلس التعاون الخليجي ؟

الاجابة :

 أولاً : الديمقراطية : نطالب من دولنا أن توضح ما هي الديمقراطية التي سوف تعطى للمواطن الخليجي ؟ ربما تتصور بعض الأنظمة بأن النموذج الكويتي هو الأنسب، ونحن

نقول هنا بأن النموذج الكويتي هو الأنسب ربما في البداية ، ولكن الديمقراطية هي بداية ولها حلقات متصلة منها : (1) الأسر الحاكمة الخليجية في الحقيقة الآن لم تعد أسر ، بل أصبحت

تشكل عشيرة ، فالمؤثرين من هذه الأسر في القرار السياسي ربما لا يصلون حتى إلى عدد أصابع الكفين ، فبالتالي لابد لهذه الأسر من المشاركة في الحياة النيابية المستقبلية في الخليج 0

(2) ما هو المفهوم الخليجي بالنسبة لتشكيل الأحزاب السياسية في المستقبل ، وتشكيل النقابات واتحادات الطلاب وجماعات الضغط بشكل عام 0 (3) لابد من وضع آلية مناسبة لتطوير

النظام التعليمي الخليجي على أن يبدأ ذلك من الحضانة إلى الجامعة ، ويجب أن يكون ذلك يتواكب مع العصر 0 (4) لابد من معالجة ملف البطالة ما بين المثقفين الخليجيين ، ونحن هنا

نستغرب ، أين دور الإدارات المعنية إلى أن وصلنا إلى هذه المشكلة التي تعاني منها شريحة كبيرة من الشباب الخليجيين ، والذين هم أصلاً يعتبرون أقلية من أوطانهم 0 (5) لابد من معالجة

مشكلة الخلل السكاني الخليجي ، وإلا سوف تواجه أزمة بل كارثة من النظام العالمي الجديد والتصورات الحديثة لمنظمات حقوق الإنسان ، وأنبه هنا ، بأن ملف التوطين العالمي بأنه ليس

تصوراً ، ولكنه في حقيقة الأمر كما يقول أهلنا في الخليج الذيب ما يهرول عبث ، أي بمعنى آخر بأن هذا الملف إذا لم نتدارك أنفسنا فسوف يطبق والمقصود به دول مجلس التعاون

الخليجي ، وإن قامت هذه الدول بإصدار لوائح ومراسيم للتعامل مع هذا السيناريو ، ولكن في الحقيقة عندما يعدل القانون الدولي ، تكون الدول التي وافقت على هذا التعديل الاسمي ملزمة

بالتطبيق ، وألا سوف نتعرض لعقوبات وضغوط دولية ، وسيناريوهات أكبر من حجم هذه المنطقة 0

 وتفضلوا بقبول التحية والشكر والاحترام ،،،