في تأبين الجبل القطري

 المقصود “بالجبل القطري” شقيقي الشيخ مبارك بن عبد الرحمن آل ثاني رحمة الله عليه الذي وافاه الأجل يوم 13/5/2014م الساعة الثانية فجراً تقريباً.
 وعند الساعة الثانية وستة وخمسون دقيقة فجراً سمعت رنين الهاتف، فحملت الهاتف ونظرت إلى إسم المتصل، فوجدته ابن الجبل القطري خالد بن مبارك!،فأدركت بأن هناك مصيبةً ما. فسألت خالد هل توجد مصيبةً ما!؟. قال لا، فقط الجبل القطري شعر بأزمة وتم نقله إلى الطوارئ، والآن في حالة حرجة في الطوارئ. فسألت خالد مرةً أخرى هل توفي الجبل القطري!؟ فأجاب خالد بهدوء، نعم توفي الجبل، فصمت للحظة، وبعدها ببرهة كأن وحياً من السماء خاطبني، وقرأ علي الخطاب بين كليم الله موسى عليه السلام والمولى عز وجل في القرآن الكريم سورة الأعراف آية رقم (143).
“ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن أنظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكاً وخر موسى صعقاً فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين”.
وبعد أن انتهيت من الآية الكريمة، فنظرت حولي، فشعرت أن هناك جبل معنوي اختفى، فأدركت بأن الجبل القطري قد توفى، فقلت إنا لله وإنا إليه راجعون، وأدركت أن الحقيقة قد أتت لأن في عالمنا هذا لا توجد حياة بدون موت، وإنما البرزخية فقط في الآخرة.
والدليل على ذلك أن سيدنا إبراهيم عليه السلام آمن بوجود الحياة والموت ولكن شكك في الحياة البرزخية، فخاطب المولى عز وجل سورة البقرة، آية (260) “وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيى الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي قال فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزءاً ثم ادعهن يأتينك سعياً واعلم أن الله عزيز حكيم”.
والخلاصة جميع الأديان والمدارس الفلسفية آمنت إيمان مطلق بالحياة والموت، ولكن الجدال كان على الحياة البرزخية. ونحن كمسلمين نؤمن إيمان مطلق بالحياة البرزخية بعد الموت، ونسأل المولى العلي القدير الحياة البرزخية للجبل القطري في الفردوس الأعلى وجميع موتى المسلمين.
وبعد الفكرة أعلاه بلحظات وجدت نفسي في المشرحة في مستشفى حمد بجوار الجبل القطري، وخرجت من المشرحة وجلست في الممر مقابل باب المشرحة وشعرت أن كل شئ في العالم قد مات وانتهى، ولكن عندما كان يراودني هذا الفكر سمعت صوت إحتجاج عنيف وكأنه محتجاً علي إحتجاجاً صارخآ لماذا أفكر بأن كل شئ قد مات!؟. وهذا الإحتجاج العنيف كان خارجاً من غرفة حديثي الولادة والخدج في مستشفى حمد، وكان صراخ الرضع وحديثي الولادة كأنه يحتج علينا قائلاً جبلاً واحدا مات، وأنجبت قطر في نفس اللحظة مجموعة من الجبال. فأدركت بأنني قد أخطأت في حقهم، وأذعنت لهم، قائلاً، وقلت نعم إن شاء الله ستحملون المشعل القطري بشرط أن تحافظوا على دينكم الإسلامي متتبعين مسيرة جدكم محمد بن عبد الوهاب التميمي بعدم إدخال آية من الشوائب في دينكم، والإتصاف بالأخلاق الحميدة، والشهامة، والكرم،والشجاعة, والعلم، والعمل الجاد، وإن فعلتم ذلك فأنتم جبالاً واعدة إن شاء الله، ألستم بأبناء وأحفاد جبال سالفة، تنأى بأنفسها عن جميع صفات الرذالة، مثل قذف المحصنات، والبحث عن عيوب الرجال، والغيبة والحسد!.
وتتصفون بصفات سيد البشر محمد (ص) وصاحبه الصديق أبو بكر رضي الله عنه. فسيد البشر (ص) في أول مقابلة مع الوحي جبريل عليه السلام في غار حراء، عاد إلى منزله مرعوباً “زملوني زملوني” فزملوه حتى ذهب عنه الروع، فقال لخديجة وأخبرها الخبر، وقال (ص) “خشيت على نفسي” فقالت أم المؤمنين خديجة عليها السلام “كلا والله ما يخزيك الله أبداً، إنك تصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق”.
وصفات الصديق عليه السلام في الجاهلية، صفات عظيمة، ولكن بعد أن أعلن إسلامه وابتلي بعنت المشركين أذن الرسول (ص) للصديق في الهجرة للحبشه، فغضب الأكرمون من القوم وهم على جاهليتهم، ولكن العرب الشرفاء ذو أخلاق حميدة، ولحقة ربيعة ابن فهيم المعروف بإبن الدغنة فقال له “أن مثلك يا أبا بكر لا يخرج ولا يخرج، أنك تكسب المعدوم، وتصل الرحم، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق، فأنا لك جار ارجع واعبد ربك ببلدك”.
ذكرت ماسلف نصائح للأجيال القادمة بما فيهم الخدج الذين أزعجنا منامهم الساعة الثالثة فجراً من يوم 13/5/2014 بكثرة حركتنا بالقرب من الجبل القطري في المشرحة في مستشفى حمد.
لربما هنا نواجه بهجوم شرس لماذا استخدمتم مصطلح الجبل القطري, وبالتالي بطريقة إستباقية لابد لنا من تقديم مجموعة من الإجابات الإستباقية لإثبات بأن صاحبنا يستحق لقب الجبل القطري ومنها، أولاً العفو عند المقدرة، ثانياً صلة الرحم، فأخوتي بما فيهم الجبل القطري ثمانية رجال حفظهم الله، وسبعة من النساء، ومن الرجال شقيقي الوحيد فيهم هو الجبل القطري، وأسلوبي أنا الشخصي منذ ولادتي هو التحليل السياسي، والسياسة الواقعية، تقول أصدقك ولكن عليك تثبت (I trust but verify), وأسلوب الجبل القطري (أقدم لك كل ما أملك من حب ومشاعر وأعمل فيهم ما شآت وسوف أبحث عن أعذار لك إذا أخطأت في حقي).
والدليل على ذلك لم أشعر ولايوم واحد بأنني شقيقه الوحيد, وإنما السبعة أخوة جميعهم أشقائه, والست أخوات الباقيات شقيقاته.
وعند وفاته وبعد غسله وقبل أخذه إلى المقبرة جاءت مودعتا له أرمله والدي وفي مقام والدتي وأم أخواني مودعه له, ورأيت في عينيها من الحزن ما لم أره في عيون الأم على جنينها وضربت ملحمه صادقة بأن هناك من يبادلون الجبل القطري مشاعر حب جارفة كما يقدم لهم ومنهم أرملة أبي حفظها الله.
أسف قصدي والدتي مريم بنت سلطان الطوار البوكوارة المشرف التميمية, فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يغفر ويرحم الجبل القطري ويرفعة في حياه برزخية في الفردس الأعلى, ويصبر والدتنا ويطيل في عمرها ويبارك لها في جميع أبنائها وبناتها العبد الرحمن بن حمد, ويحسن خاتمتنا وإياها في الدنيا والأخرة.
والصورة الثالثة, جائني إتصال هاتفي من شخصية قطرية محترمة ومعروفه, وهو العميد متقاعد محمد مبارك النابت نائب قائد سلاح الدروع في القوات المسلحة القطرية سابقاً حفظها الله من كل مكروه, والدعاء هذا أقوله لأن الجبل القطري جعلني أحفظه منذ نعومة أظافري, إن الجيش القطري هو حصن قطر الحبيبة إن شاء الله, بشرط أن يحافظ عليه,ومن أقوالة (اذا ارادت الامة تحافظ على كرامتها فلابد لها من جيش قوي لأن كرامة الاثنين مترابطين ببعضهما البعض).
فأجبت على الإتصال وكانت الساعة السادسة والنصف مساءاً 13/5/2014, وهو صديق قريب من الجبل القطري منذ مراحل شبابهم المبكرة, وزميل دراسة وعمل إلى أن قابل الجبل القطري ربه, وشعرت أن صوت محمد مبارك في تلك اللحظة وكأن عندة كارثة ويطلب النجدة, لأن صوتة كان عالياً, وكان يقول لي تكفى يا فهد,تكفى يا فهد,تكفى يا فهد, وطبعاً لن أتردد إطلاقاً عن طلب محمد مبارك, لأنه هو شخصياً لو طلبت منه الفزعه لن يقصر إطلاقاً, ولكن وقت الإتصال كنا مقررين بعده بنصف ساعه نأخذ الجبل القطري إلى مسجد الريان, ومن ثم الى مثواه الأخير في مقبرة الريان, وفاجأني محمد مبارك عندما نعتني تكفى يا فهد, قلت يا محمد ما الذي دهاك!؟.
قال (أنا في مجلس الجبل القطري, وطلبي هو أن أودع صديقي الجبل القطري وهو داخل بيتة, وكل المتواجدين في المجلس يقولون لن نسمح لك بالدخول إلى البيت لرؤية الجنازة , لأن عندها أهل الجبل القطري رجال ونساء).
فسألت محمد هل هذة مصيبتك فقط!؟.
فأجابني بكلمة نعم!.
فقلت أبشر كارثتك قد وجدنا لها حلاً, سوف آتي عندك في الجفلس وأصطحبك عند الجبل القطري داخل البيت.
وفعلاً أتيت وأصطحبتة عند صديقة مع أنني مدركأً , كان بإمكان محمد مبارك أن يجلس بالقرب من الجبل القطري في سيارة الجنازة, وفي المسجد , وحتى في المقبرة قبل وأثناء الدفن ويودعه.
ولكن شعرت عندما نخاني محمد مبارك لكي يودع الجبل القطري في خلوة بأن هناك ملحمة أسطورية أخرى ستسجل في تلك الليلة, ربما تكون من صنع الخيال, وربما تكون حقيقية, فقدمت إلى المجلس وأصطحبت محمد مبارك إلى داخل منزل الجبل القطري, في المكان الذي كان مستلقياً فيه الجبل القطري في صمتاً رهيباً, وقلت لمحمد مبارك هذة خلوتك أنت وصاحبك, وحرصت على مراقبة الموقف,وفعلاً حدثت المفاجأة عندما بدء محمد مبارك يتمتم بصوت منخفض والجبل القطري مستمعاً له ولكن كأنني شعرت أن الجبل القطري مدركاً ما يقول محمد مبارك, وكان إستيعابي أن محمد مبارك قال, يا جبل قطر اعاهدك على التالي (أحافظ على العهد الذي بيننا, وهو ديننا, وخلقنا, وشهامتنا,وكرمنا,وشجاعتنا, وصدقنا, وأمانتنا إلى أن نقابل بعضنا بعضاً).
وبعد أن تركت محمد مبارك يتحدث مع الجبل القطري لبرهة, طلبت من محمد أن نغادر المكان لكي يلقوا النساء النظرة الأخيرة على الجبل القطري, ومن ثم نصطحبة إلى مثواه الأخير, وتوقعت أنني سوف أجد صعوبة لإخراج محمد مبارك من عند الجبل القطري, ولكن صدمني بأنه وافق مباشرة وكان هادئاً وحزيناً بدون أي توتر أو غضب كما رأيتة في البداية, فأدركت أنه وصل الرسالة, وإذا لم تصدقوني فاسألوه!.
والصوره الرابعة, نظرت في عين عبد الله سعود عبد الله الخاطر, فرأيت في عينه من الحزن مالم أره قط رغم أنني حضرت معه جنازات لأقاربة من الدرجة الاولى, وأخرهم المغفور له إن شاء الله شقيقة علي بن سعود الخاطر المتوفي منذ عدة أسابيع فقط, كان عبد الله حزيناً على شقيقة ولكن لم أرى الحزن الذي في عيون عبد الله الخاطر على الجبل القطري على أيه انسان كان ما كان سواء قريب أو بعيد!.
الصورة الخامسة المغفور له إن شاء الله والدنا خالد بن عبد الله العطية كان صديق ومستشار والدنا,وكان والدنا يحترم خالد العطية احترام الاخ الاكبر, وكان ابو عبد الله ذو خلقاً حميد وشهم وكريم, وكنت دائماً أتردد عليه, لأنني كنت أتمتع عندما أزورة, الم يقل الرسول (ص) صاحب المسك ونافخ الكير, فابو عبد الله كان صاحب المسك, وكان عند ابو عبد الله عبارة واحدة متكررة, أتتوقعون بأنة كان يقول أنه خائف على أبنه عبد الله!, أو خائف على أبنه عبد العزيز !, أو على أحفادة!, لا والله شهادة للتاريخ بأن ابو عبد الله كان يقول (أني خائف علي ابني الجبل القطري من كثر طيبتة وشهامتة وكرمه, من غدر الزمان).
وبما أن الصالحين تتنزل عليهم كرامات وإن شاء الله أن ابو عبد الله واحد منهم, سألته السماء, من سوف تصطحب معك يا خالد إلى الفردوس الأعلى إن شاء الله!؟.
فخالد العطية قبل وفاتة رحمه الله كان مطمئناً على الجميع في الدنيا على أقل تقدير.
وكان خائفاً من غدر الزمان على الجبل القطري, فلربما طلب خالد العطية من المولى عز وجل أن يصطحب معاه ابنة الجبل القطري إلى الفردوس الأعلى إن شاء الله.
فسبحان الله وافى القدر والدنا خالد العطية 9 مايو 2014م, وما كدنا ننتهي من مراسم العزاء لوالدنا خالد العطية, إلا ولحق به ابنه الجبل القطري بعد أربعة أيام فقط, نسأل الله أن يغفر لهما ويبلغهما الفردوس الأعلى.
سادساً من صور كرم الجبل القطري, دعونا نقارن هنا مقارنة مدوية كسرت رقم قياسي عمرة أكثر من ستة عشرة قرنآ ,(من أكرم الجبل القطري أم حاتم الطائي!؟).
من الروايات أن حاتم الطائي كان أكرم رجال زمانه وربما كافة العصور, ومن أقوى الأمثلة التي يضرب بها كرم حاتم الطائي, هو عندما قدموا عنده ضيوف في بيتة ولم يكن عنده من الطعام مايقدمة لهم, ولايوجد عنده إلا فرسه التي كانت تعتبر وسيلة حياته الوحيدة في التنقل وربما لكسب العيش, وعندما أضطر ضحى بفرسه ونحرها للضيوف.
والجبل القطري اطاح بالرقم القياسي الذي كان يملكة حاتم الطائي في الكرم, لأن أذكر منذ عدة سنوات كنا جالسين معه وكان حاضراً في الجلسة صديق عمره عبد الله سعود الخاطر,وجاء ضيفاً إلى المجلس وطلب من الجبل القطري أن يقدم له مساعدة, فطلب الجبل القطري من الضيف أن يأتي يوم الغد لكي يستلم المساعدة, وبعد ذهاب الضيف أمر الجبل القطري عبد الله الخاطر أن يذهب الى البنك ويطلب منهم أن يسلموه كمبيالة بقيمة قرض وسوف ينزل مبلغ لتغطيتة بعد 20 يوم من حساب الجبل القطري, وذهب عبد الله إلى البنك وتم عمل الكمبيالة, وأحضر عبد الله القرض نقداً, وعند المساء حضر الضيف الذي طلب مساعدة مادية, فأمر الجبل القطري, عبد الله, أن يسلم الضيف مبلغ القرض كاملاً, فذهب عبد الله وهمس للجبل القطري هذا مبلغ كبير على الأقل نسلم الضيف نصف المبلغ, ونصف المبلغ احفظة عندك لا تدري عن الظروف, فأمر الجبل القطري أن يسلم عبد الله الضيف القرض كاملاً!!.
إذا ً دعونا نقارن من أكرم هنا الجبل القطري أم حاتم الطائي!؟.
حاتم الطائي عندما نحر جوادة, نحر جوادة فقط, بدون أية إلتزامات أخرى, لكن الجبل القطري عندما دفع مساعدة للضيف بقى عليه إلتزامات بنكية للغير وهو قيمة الكمبيالة!!.اذآ الجبل القطري عندما نحر جوادة قدمة كاملآ للضيف وتحمل ماترتب على هذا الكرم من التزامات للغير.اما حاتم الطائي لم يترتب على كرمة أية التزام تجاة الغير,(فاأيهما أكرم!؟).
ومن لم يصدق ذلك فليسأل عبدالله بن سعود بن عبدالله الخاطر أطال الله في عمرة.
وهذا كله غيض من فيض.
هل أستوعبتم الأن, لماذا والدنا خالد العطية, كان خائفاً على أبنة الجبل القطري من غدر الزمان!؟.
ألم أقل أن الجبال القطرية فيها صفات سيد البشر وصاحبة (كلا والله مايخزيك الله أبداً, إنك تصل الرحم, وتحمل الكل, وتكسب المعدوم, وتقرى الضيف, وتعين على نوائب الحق)0
وبعد الإنتهاء من مراسم تشييع ودفن الجبل القطري كان ينتابني شعور أن أهلي الذين في المقبرة ومنهم على سبيل المثال لا الحصر عبد الله بن جاسم, وحمد بن عبد الله, وعلي بن عبد الله, وأحمد بن علي, وعبد الرحمن بن حمد, وسارة بنت محمد, ولولوة بنت أحمد, ومريم بت عبد الرحمن, ووردة بنت خميس, وحمد بن خالد, يأمرون الجبل القطري, أن يوصي الذين مازالوا على قيد الحياة بالتالي (أختلفوا على كل شئ مادياً, ولكن تعاهدوا على شئ واحد وهو قطر بما فيها من كيان مادياً ومعنوياً فوق الأرض, وتحت الأرض, وغلافها الجوي, ومياهها, وأهل قطر مواطنين ومقيمين, وفي الصف الأول نساء قطر, وثانياً أطفال قطر, وثالثاً كبار السن في قطر, وأخيراً جميع أهل قطر).
ومن ثم أدركت أن الأمانة كبيرة ففررت هارباً من المقبرة, وكأنني أسمع صوتهم جميعاً, هل وصلت الرسالة!؟.
قطر أولاً, وقطر ثانياً, وقطر أخيراً, سلموها من جيل إلى جيل, ومن هنا أوصي نفسي و أخواني مواطنين ومقيمين (نختلف كما نشاء, ونتحفظ كما نشاء, إلا على قطر لا يوجد إختلاف نهائياً, فمن مد يد الخير لقطر نمد له أيدينا جميعاً, ومن حاول أن يعتدي على قطر سيجدنا كالمخلب السام في نحره ,فنصيحتنا الأخيرة لا احد يضيع أهله وديرتة وزعامتة بمحاولاته الفاشلة للإساءة لقطر).
فالتاريخ دائماً يقول إن القطريين قليلين العدد, ولكن الجبال القطرية تتناسل من جيل إلى جيل أخر, وجميعها كالمخلب السام في نحر أعداء قطر, ولعدم إثارة الفتنة أرجوا من يهمه الأمر مراجعة تاريخ قطر في 26,25 مارس 1893م , و3 أبريل 1893م, ومن يراجع ذلك سوف ينصدم من شجاعة الجبال القطرية, وهذ كله غيض من فيض.
وإلى اللقاء دائماً إن شاء الله…

د.فهد بن عبد الرحمن آل ثاني
أستاذ الجيوبوليتيكس المشارك والمحامي. www.df-althani.com
@drfahdalthani
Fahd.althani.3

إيران على حافة الهاوية

 أثار هذا الموضوع قوة الشد والجذب ما بين جمهورية إيران الإسلامية من ناحية، والقوى العالمية “الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها في الناتو وأحياناً تدخل مجلس الأمن” من ناحية أخرى، وهذا لا يستطيع أي محلل ينكر بأنه موجود منذ قيام الثورة الإيرانية منذ أكثر من ثلاثة عقود من الزمن ولكن أصبح واضحاً وجلياً للعيان منذ إحتلال العراق أبريل 2003م، فكانت الصورة واضحة للملأ بأن هناك فراغ إستراتيجي إقليمي وإيران تحاول بكل ما أوتيت من سلطان لكي تملأ هذا الفراغ، ومن هنا انطلق المحللين منهم من أسماه الصفويين الجدد، ومنهم من أسماه الهلال الشيعي… إلخ.
 وعندما بدأت فكرة البحث في هذا الموضوع قلنا لابد من فحص عينة عشوائية تمثل منطقة الخليج العربي والجزيرة العربية، لمعرفة، هل تشكل إيران خطراً على المنطقة أم لا؟.
 من خلال الإستفسارات التالية:- هل إيران تتدخل في شؤون المنطقة أم لا!؟ هل إيران تهديدها لإغلاق مضيق هرمز جادة أم غير جادة!؟ هل إيران في برامجها لإستخدام الطاقة النووية ملتزمة بتعليمات منظمة الطاقة الدولية لعدم الإنتشار النووي أم عندها نية أن تتحول إلى دولة تملك الأسلحة النووية!؟ ما هي السيناريوهات المحتملة أن تحدث للمنطقة جراء التصعيد من الطرف الإيراني!؟.

 ومن خلال نتائج هذا البحث رأينا أن إيران بالفعل تقود المنطقة إلى حافة الهاوية، وحافة الهاوية “هو تكتيك تفاوضي يلجأ إليه طرف أو أكثر في مفاوضات، يندفع الأطراف فيها للحصول على تنازلات بشدة إلى حد الهاوية والإنهيار، فالذين يلجأون إلى هذه السياسة يعولون- بل يقامرون- على تراجع الطرف الآخر” (بيلي فرانك ص62).
 فالأسلوب الإيراني في تصعيد المطالب ومن ثم تهدئة المطالب بات جلياً للعيان أيضاً ولن أضيف أي شئ جديد عندما أقوله، ولكن للأسف غالباً ما يقود إلى كارثة مفاجئة، لأن درجة التصعيد الذي يقبلها الطرف المقابل لا تستطيع أن تقامر عليها، لأن كل فترة لديه إلتزامات، إلتزامات محلية وإقليمية وعالمية، هي التي تتحكم في قراراته، وفي كل مرحلة إلتزامات توجد عند الطرف الآخر نقطة صفر، وخلال التصعيد ليست بالضروري أن الطرف الإيراني يكون متأكد من مرحلة الصفر الكارثية لدى الآخرين، التي ممكن أن تنتقل فيها المنطقة من مرحلة الحرب الباردة، إلى الحرب المدمرة لا سمح الله.
 أولاً: أسلوب إيران في التصعيد والتهدئة:-
 في 13 يوليو 2012، أعلنت الولايات المتحدة عقوبات على الشركة الوطنية لناقلات النفط الإيرانية، وكانت في المقابل لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بمجلس الشورى الإيراني وضعت مشروع قانون يدعوا طهران إلى منع مرور شحنات النفط الخام من مضيق هرمز إلى الدول التي تدعم العقوبات المفروضة على إيران، وذلك غداة سريان الحظر الأوربي الإقتصادي على إيران 1/يوليو/2012م “هذا يعتبر تصعيد إيراني” غير أنه بعد مرور أيام قلائل خفف رئيس أركان القوات الإيرانية الجنرال (فيروز أبادي) التهديدات بإغلاق مضيق هرمز، قائلاً إنها تعني أنه إذا ما تعرضت إيران لهجوم أو منعت عن تصدير نفطها. بينما نفى علي لاريجاني رئيس مجلس الشورى أن يكون قد تم إعداد مشروع قانون لإغلاق مضيق هرمز، (هذا في رأينا تهدئة في الإحتجاج الإيراني). (التصعيد الآخر لاحظناه) عندما قال الأميرال علي فدوي القائد البحري في الحرس الثوري الإيراني الإسلامي في 14/يوليو/2012م إن طهران يمكنها أن تمنع مرور قطرة واحدة من النفط في مضيق هرمز إذا تعرض أمنها للخطر.
 وفي يوم 20/يوليو/2012م، صوت 50% من أعضاء مجلس الشورى الإيراني (البرلمان) تأييداً لمشروع قانون يهدد بإغلاق مضيق هرمز أمام ناقلات النفط رداً على العقوبات الغربية على الخام الإيراني. ولا يملك البرلمان سلطة تذكر في السياسة الدفاعية والخارجية حيث يرجع القول الفصل للزعيم الأعلى آية الله خامنئي.
 عموماً عندما يصوت البرلمان الإيراني بنسبة 50% تأييداً لإغلاق مضيق هرمز هذه النسبة تعتبر في التحليل السياسي أن الشعب الإيراني ليس مع التصعيد، لأن نسبة 50% من النخبة السياسية في البرلمان عادةً ما تكون من نخبة السلطة الحاكمة، وهذه النخبة عادةً تؤيد القرارات الحكومية، والدليل على ذلك غالباً المشرعين في العالم لا يعتمدون على نسبة الـ 50% في القرارات المصيرية وإنما يذهبون إلى أكثر من ذلك، وحتى الفقهاء الذين صاغوا الدستور الإيراني انتبهوا إلى هذه النقطة، فرأوا عند القرارات المصيرية في الدستور الإيراني، وعندما ترجع الحكومة للبرلمان لأخذ تشريع لإصدار قرار مصيري تتم الآلية بهذه الطريقة، المادة التاسعة والخمسون من الدستور الإيراني ((يجوز ممارسة السلطة التشريعية بإجراء الإستفتاء العام والرجوع إلى آراء الناس مباشرةً بعد مصادقة ثلثي أعضاء مجلس الشورى الإسلامي حول القضايا الإقتصادية والسياسية والإجتماعية والثقافية المهمة جداً)).
 إذاً القضايا المهمة جداً للأمن القومي والسيادة الوطنية كما أقرتها معظم دساتير العالم وأقرها كذلك فقهاء الدستور الإيراني يجب أن يصوت عليها في البرلمان أكثر من 66% من أعضاء البرلمان، وكما ذكر سلفاً أن تصويت 50% من البرلمان الإيراني تعتبر نسبة ضعيفة، ولو كان هناك خطراً يحيط بالسيادة الإيرانية لا سمح الله لصوت 100% من أعضاء البرلمان الإيراني لإغلاق مضيق هرمز إذا كان ذلك من صالح الأمن القومي الإيراني.
 الخلاصة التي نريد أن نصل إليها من خلال سياسة التصعيد والتهدئة، بأننا راقبنا الداخل الإيراني خلال شهر من الزمن “يوليو 2012” ولاحظنا خلال ثلاثة أسابيع صعدت الجمهورية الإسلامية الإيرانية في خطاب التهديد مرتين، وهدأت في خطاب التهديد عدد مرتين أيضاً!! والأمر الأهم من التصعيد والتهدئة، هو أن هذا الأسلوب يقود المنطقة إلى أين!!؟.
 ثانياً: مدى إلتزام إيران بسياسة حسن الجوار:-
 ومن هنا اضطررت أن أقتبس من آراء مجموعة الإعلاميين والمفكرين وعلماء الدين والسياسيين على شرط أن يكونوا منتمون إلى أيدلوجيات مختلفة وقوميات مختلفة وثقافات مختلفة وليست طوائف دينية مختلفة مثل الكاثوليك والبروتستانت بل ينتموا أيضاً إلى ديانات مختلفة، ووجدتهم جميعاً يتفقون على أن إيران عندها طموح لغزو المنطقة من خلال جيوبوليتيكا خاصة بالنظام الإيراني، حسناً، هل هذا يحافظ على سياسة حسن الجوار الإسلامي!!؟.
• ومن الآراء المقتبسة:-
1- أ. علي الظفيري:- ((اليوم تغير كل شئ لم تعد له في إيران قدرة على التلاعب والمناورة فقدت كل أوراقها في المنطقة، لقد تورطت تورطاً مباشراً في مواجهة مع الشعب العربي في كل مكان، وما تحاول فعله في تونس ومصر والمغرب والسودان لم يعد مجدياً، إن كل قطرة دم نزفت في سوريا كانت بدعم سياسي ومالي وعسكري وبشري إيراني.. إلخ)).
2- د.فيصل القاسم: ((إن إيران لا تمانع من تقسيم سوريا ودعم المتحالفين معها سياسياً ومذهبياً لإقامة دويلة تحفظ لها طريق مرور إلى لبنان، حيث تدعم هناك دويلة داخل دولة في لبنان… حتى بلدان المغرب العربي البعيدة لم تسلم من التدخل الإيراني الذي يتخذ من التشييع طريقاً لتفتيت الدول العربية)) .
3- د. إبراهيم النحاس:- (( أن إيران خسرت كثيراً لأن التدخل الإيراني أتى عكسياً عليها من الرأي العام العربي، ونسفت التعاطف الذي كان يكنه لها العرب بسبب رفع شعار المقاومة، والآن ثبت للرأي العام العربي أن كل هذا إفتراء وكذب، وأنها تريد زعزعة التقارب العربي وليس خدمة للقضايا العربية)).
4- الشيخ د.يوسف القرضاوي:- ((نختلف مع إيران بطريقة التبشير للمذهب الشيعي في المناطق السنية الفقيرة بإستغلال نفوذهم المالي، وضد الشيعة في رأيهم عن الصحابة وأمهات المؤمنين وفهمهم للقرآن الكريم)) (الجزيرة الفضائية 7/أبريل/2012).
5- والجفاء والفجوة الكبيرة ما بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والشعب العربي، واضح من خلال إستطلاع للرأي، أجراه في المملكة الأردنية الهاشمية، المركز العربي للدراسات، حول تنحي الرئيس السوري بشار الأسد، وكان 79% من العينة المستطلع رأيها مع تنحي الرئيس بشار الأسد.
 يعني أن إيران تختلف مع توجهات 80% من العرب تقريباً. ونلاحظ كذلك دول الجوار لإيران الإسلامية دائمين الشكاوي من التدخلات الإيرانية الضارة في شؤونهم الداخلية، فالسعودية والكويت ما بين كل فترة وأخرى يعلنون عن تدخلات إيرانية ضارة، أو كشف عن شبكات تجسس إيرانية للإضرار بالأمن الداخلي عندهم، والبحرين أعلنت أكثر من مرة عن محاولات إنقلابية تدعمها إيران في المملكة، والإمارات تطالب بحل سلمي لجزرها المحتلة من إيران طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، والرئيس اليمني منصور هادي قال:- ((أشقاؤنا في إيران لا يعجبهم أن يحل اليمن مشكلته بالصورة التي يريدها، ولديهم أساليب وطرق مختلفة. وقد قبضنا على سفنهم وعلى أسلحتهم وطلبنا منهم مساعدة اليمن في حل مشاكله وألا يصدروا له مشاكل)).
 وما تبقى من دول الخليج العربي يديرون مشاكلهم مع إيران بمبدأ، استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان!!.
 طبعاً نحن نستغرب من كل هذه التصرفات من الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وهذا حتى يخالف الأسس التي قامت عليها إيران الإسلامية، ويخالف حتى دستور إيران الإسلامية، بحيث أن المادة الحادية عشرة من الدستور الإيراني تقول:-
((من خلال إقتباس الآية الكريمة، إن أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون))، ((يعتبر المسلمون أمة واحدة، وعلى حكومة جمهورية إيران الإسلامية إقامة كل سياستها العامة على أساس تضامن الشعوب الإسلامية ووحدتها، وأن تواصل سعيها من أجل تحقيق الوحدة السياسية، والإقتصادية، والثقافية، في العالم الإسلامي)).
* إذا كان ما ذكر سلفاً صحيحاً، فهل تصرفات حكومة الرئيس نجاد تجاه الشعوب العربية والإسلامية سوف تساهم في وحدة المسلمين!؟.
* وأيضاً أين تطبيق قاعدة حق الجار على الجار وحق الجار ثابت في الإسلام، حتى لو لم يكن مسلماً، والدليل رسولنا الكريم محمد (ص) وصحابته الكرام رضي الله عنهم، كان يقيم معهم في يثرب “المدينة المنورة” اليهود، وكانت جميع حقوقهم مصانة، والأدلة موجودة من كتاب الله سبحانه وتعالى، ومن أحاديث الرسول (ص) عن حق الجار:-
أ‌- القرآن الكريم في حق الجار ((واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب))
صدق الله العظيم
ب‌- ومن أحاديث الرسول (ص) في حق الجار كثيرة، ومنها عن ابن عمر وعائشة رضي الله عنهما أن الرسول (ص) قال ((ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه)).
ج‌- وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن الرسول (ص) قال ((والله لا يؤمن، والله لا يؤمن)) قيل من يا رسول الله؟ قال ((الذي لا يأمن جاره بوائقة)).
 وإيران تعهدت دستورياً بخدمة الإسلام والمسلمين، وأول الناس الذين يجب على إيران مساعدتهم والمحافظة على أمنهم ومصالحهم الدنيوية والدينية، هم دول الجوار الجغرافي لجمهورية إيران الإسلامية، حتى لو كانوا غير مسلمين. ولكن كيف إذا كانوا مسلمين يجب أن تقدم لهم جميع المساعدات لأن ذلك قبل المادة الحادية عشرة في الدستور الإيراني، ثابت حق الجار على الجار في محكم كتاب الله سبحانه وتعالى، وفي سنة رسوله محمد (ص).
* الصدمة الكبرى:- هو عندما حرفت إيران كلمة الرئيس المصري محمد مرسي في قمة عدم الإنحياز، حيث المترجمين الفوريين الإيرانيين استبدلوا كلمة سوريا، بالبحرين، خلال ترجمتهم لكلمة الرئيس مرسي التي قال فيها ((أن الثورة في مصر كانت جزءاً من الربيع العربي وبدأت بعد أيام من قيام الثورة التونسية، لتأتي بعدها ثورتا ليبيا واليمن، واليوم تقوم في سوريا هدفها محاربة نظام قمعي)) والصدمة الكبرى هو إستبدال كلمة الرئيس مرسي في الترجمة الفورية الفارسية للتليفزيون الإيراني الرسمي بشكل علني ومكشوف إسم البحرين بدلاً من سوريا في الكلمة أعلاه!
 ذلك ليس من صالح السلطة الإيرانية على الإطلاق، بحيث من حقها أن تختلف أو تتفق أو تتحفظ على كلمة الرئيس مرسي حسب رؤيتها السياسية، ولكن تزوير الحقيقة يترتب عليها أشياء معنوية ومادية من الناحية السياسية كثيرة، هل ذلك يعني أن السياسة تصاغ في الشارع الإيراني بالأسلوب الذي يريده النظام في الداخل فقط!؟ أم أن هناك ديمقراطية وتعددية سياسية!؟.
 هل النظام الإيراني الحالي في علاقته الخارجية قائمة على إزدواجية في التعامل!؟.
6- برنار أوركاد قال “إيران همشت ما يقارب 15% من سكان بلادهم وهم يشكلون أكثر من 13 مليون نسمة من المسلمين السنة (مذاهب أهل السنة الحنفيين، والشافعيين، والمالكيين، والحنابلة…. إلخ)”.
 ووصل الأمر بأنه لا يوجد أي مسجد للمسلمين السنة في طهران، وأما المسجد الوحيد الذي تم تشييده في مدينة مشهد عام 1994م، فقد تم إحراقه، والدستور حرم عليهم الدخول في وظائف الدولة العليا)) (برنار أوركاد ص 96).
 ما قاله برنار أوركاد يخالف المادة الثانية عشرة في الدستور الإيراني ((الدين الرسمي لإيران هو الإسلام والمذهب الجعفري الإثنى عشر، وهذه المادة تبقى إلى الأبد غير قابلة للتغيير)) ((وأما المذاهب الإسلامية الأخرى والتي تضم المذهب الحنفي والشافعي والمالكي والحنبلي والزيدي، فإنها تتمتع بإحترام كامل، وأتباع هذه المذاهب أحرار في آداء مراسمهم المذهبية حسب فقهم، ولهذه المذاهب الإعتبار الرسمي في مسائل التعليم والتربية الدينية والأحوال الشخصية… إلخ)).
 كما نعلم كمتخصصين في هذا المجال، ومن خلال الدراسة التي قام بها برنارد أوركاد، نجد أن إيران الإسلامية هي دولة متعددة المذاهب والأديان والقوميات، فكان من المفروض أن تدار فيها الأمور بطريقة توافقية تعددية، فمن ناحية القوميات نلاحظ القومية الفارسية تمثل 32% فقط من الشعب الإيراني، وما تبقى سبع قوميات أخرى وهم ينتمون للقوميات التالية، التركية، والأزرية والكردية، واللورية، والقزوينية، والعربية، والبلوشية. (برنار أوركاد ص36).
 وبالإضافة للمذاهب الإسلامية المختلفة، هناك أيضاً ديانات مختلف، وهم من أصحاب الديانات التالية النصارى بطوائفهم المختلفة، والزرادشتيين ، واليهود…. إلخ. (برنار أوركاد 97).
 والميزة التي تحسب لفقهاء الدستور الإيراني بأنهم لم ينكروا حقوق الأقليات ومنحوهم حتى مقاعد في البرلمان مخصصة لكل أصحاب ديانة غير الإسلام من الأقليات.
 فالمادة الثالثة عشرة من الدستور الإيراني:-
تنص على ((الإيرانيون الزرادشتيين واليهود والمسيحيون هم وحدهم الأقليات الدينية المعترف بها، وتتمتع بالحرية في آداء مراسمها الدينية ضمن نطاق القانون ولها أن تعمل وفق قواعدها في الأحوال الشخصية والتعاليم الدينية)).
 وبما أن الأقليات صعب تمثيلهم في البرلمان إذا دخلوا في الإنتخابات العامة، فخصص لهم المشرع مقاعد في البرلمان، وذلك كما تنص تكملة المادة السابعة والثمانون في الدستور الإيراني:- ((وينتخب الزرادشت واليهود كل على حدة نائباً واحداً، وينتخب المسيحيون الأشوريون والكلدانيون معاً نائباً واحداً، وينتخب المسيحيون الأرمن في الجنوب والشمال كل على حدة نائباً واحداً)).
 بالنسبة للأقليات السنية في إيران، نحن نتعجب من الإضطهاد الذي يتعرضون له في بلد حاملة لواء المسلمين من خلال دستورها في المادة الحادية عشرة المذكورة سلفاً في الدستور الإيراني، الذي ينص على أن الأمة الإسلامية أمة واحدة، ويقول برنار أوركاد أن المسلمين السنة يتعرضون للإضطهاد فيها، علماً بأن المسلمين السنة في العالم يشكلون 95% من إجمالي مسلمي العالم وما تبقى للفرق الإسلامية الأخرى، ولكن نحن نحترم كل الفرق الإسلامية، لأن ما قاله رسولنا الكريم (ص) ((افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على إثنتين وسبعين فرقة، وتفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة)).
 ويقول فضيلة الشيخ د. يوسف القرضاوي بأن الرسول (ص) أقر بأن هذه الأمة أمته رغم إفتراقها إلى ثلاثة وسبعين فرقة. (آل ثاني، فهد، العالم الإسلامي ص 89).
 وحدود إيران الجغرافية تكاد تصل إلى 99,5% مع العالم الإسلامي العربي السني. (برنار أوركاد ص246). وبالتالي الذي نراه لابد لصناع القرار في طهران من المحافظة على علاقة ممتازة مع إخوانهم المسلمين في الخليج العربي والجزيرة العربية ودول الهلال الخصيب بما فيهم العراق والأردن وفلسطين وسوريا ولبنان!.
7- د.عبد الله النفيسي، في ندوة منشورة في (Youtube) قال:- ((صالحي وزير خارجية إيران عرض على الرئيس المصري السيد محمد مرسي مبلغ وقدره 30 مليار دولار، و 5 مليون سائح إيراني سنوياً، وفتح سفارة مصرية في طهران، وفتح سفارة إيرانية في القاهرة، مقابل قبول الرئيس مرسي أن تستقبل طهران في قم كل عام 20 ألف شاب مصري لتعلم المذهب الجعفري الإثنى عشر، وأن تقوم إيران بصيانة مساجد الفاطميين في مصر والإشراف عليها)).
* أعجبت بالعرض الإيراني وهو يشكل نوع من الصراع الثقافي المذهبي الغير مستحب، ولكن هل الإمكانيات الإيرانية مؤهلة للقيام بذلك!؟ أم ذلك سوف يأتي على حساب الشعب الإيراني الشقيق!؟.
* فاضطررنا لعمل مقارنة إقتصادية بين إيران ومصر الشقيقتين. فبيانات البنك الدولي تقول:-
1- نصيب الفرد من الناتج المحلي في إيران 4562 دولار، وفي جمهورية مصر العربية 2371 دولار عام 2009م، ولكن التضخم في إيران يصل إلى 30%، وفي مصر لا يتجاوز 6%.
إذاً بالقيمة الفعلية لنصيب الفرد، نجد الوضع الإقتصادي للمواطن المصري أفضل من المواطن الإيراني.
2- معدل البطالة في إيران 14,6% عام 2010م، ما يعادل 10,220,000 نسمة عاطلين عن العمل، وفي مصر معدل البطالة أقل من إيران بكثير 11% عاطلين عن العمل في مصر عام 2009م.
3- سكان تحت خط الفقر، في إيران 18% من جملة سكان إيران تحت خط الفقر وذلك ما يعادل “12,600,000 نسمة” عام 2007م، وفي مصر أقل بكثير من إيران بحيث تصل النسبة 10,5% وذلك ما يعادل “8,500,000 نسمة” في مصر.
4- مقارنة في التنمية ما بين إيران ومصر، حيث أن مصر بمساحة أرض زراعية تبلغ سدس نظيرتها في إيران، وبموارد مائية وثروة حيوانية تقل عن نصف نظيرتها في إيران، تنتج مصر 22 مليون طن من الحبوب مثلها مثل إيران بالضبط، وتنتج مصر 24,1 مليون طن من الفواكه والخضراوات مقابل ما تنتج إيران على إمكانياتها الضخمة التي تبلغ ستة أضعاف مصر 26,6 مليون طن من الفواكه والخضراوات، وتنتج مصر 1,5 مليون طن من اللحوم سنوياً، مقابل ما تنتج 1,7 مليون طن سنوياً.
* والسبب أن مصر تعتمد على السلالات المحسنة، وإيران تعتمد على الزراعة التقليدية!!.
* كل ما عرض من مساعدات إيرانية للدول الجوار العربي من إيران لا أكاد أصدقه، لأن الدستور الإيراني واضح وصريح ففي المادة الثالثة والأربعون، البند 6، ((منع الإسراف والتبذير في الشؤون الإقتصادية كافةً سواء في مجال الإستهلاك أو الإستثمار أو الإنتاج أو التوزيع أو الخدمات)).
* والمادة الثمانون في الدستور الإيراني كان فقهاء الدستور واضحين وصريحين ((عمليات الإقتراض والإقراض أو منح المساعدات داخل البلاد أو خارجها التي تجريها الحكومة يجب أن تتم بمصادقة مجلس الشورى الإسلامي)).
* وتعليقنا هنا مصادقة مجلس الشورى الإسلامي يجب أن يعلن رسمياً على جميع وسائل الإعلام المختلفة، ونحن لم نسمع عن ذلك، إذاً كيف تم هذا العرض السخي على مصر!؟.
* وأكرر إستغرابي هنا على ما عرض من هبات إيرانية سخية على مصر، ومصر تستحق من الجميع الكثير، ولكن في هذه الحالة وضع الواهب ليس أفضل من وضع الموهوب له، لأن الشعب الشقيق في إيران هو أحوج لهذه الأموال من الدولة الموهوب لها، والآية الكريمة تقول ((رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمناً وللمؤمنين والمؤمنات ولا تزد الظالمين إلا تبارا)).
صدق الله العظيم
* وحتى إخواننا في مصر سواء كانوا مسلمين أم أقباط أو أي طائفة أخرى عندهم مثل شعبي، ذو حكمة عالية وينطبق على معنى الآية الكريمة المذكورة أعلاه (( ما يحتاجه البيت يحرم على الجامع)).
* كل الآراء السابقة توضح أن النظام الإيراني الحالي في طهران يبشر بالمذهب الشيعي الجعفري الإثنى عشر، وذلك على غرار ما قامت به الدولة الصفوية عندما حكمت أرض إيران الإسلامية في الفترة 1501م- 1736م وحولتها من دولة إسلامية سنية، إلى دولة ذات غالبية سكانية شيعية جعفرية.
* ولكن لا أعتقد أن الحكماء والمفكرين الإستراتيجيين في طهران يتجه فكرهم إلى هذا المنحنى، لأنه وبكل بساطة، لا المكان، ولا الزمان، والإنسان المعاصر يقبل بهذا التبشير. ومازلت معجب بما اتجه إليه فقهاء الدستور الإيراني في المادة الحادية عشر، بأن المسلمين أمة واحدة، والمادة الثانية عشر بإحترام جميع المذاهب الإسلامية.

 ثالثاً: تهديد إيران بإغلاق مضيق هرمز:-
* يفصل مضيق هرمز بين إقليمي دولتين هما عمان وإيران، ويتراوح إتساعه ما بين 20 إلى 30 ميلاً، لذلك فإن مياهه تعتبر بحراً إقليمياً لكل من عمان وإيران مناصفةً. وهو من الناحية القانونية يدخل في نطاق المضائق الدولية التي تصل جزئين من أعالي البحار أو منطقتين إقتصاديتين خالصتين، لذلك فهو يخضع لنظام المرور العابر وفقاً لإتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار 1982م، وليس لنظام المرور البرئ. وبالنسبة للمرور العابر تعريفه واضح، في الفقرة الثانية من المادة 38 من إتفاقية المرور العابر بأنه ((ممارسة حرية الملاحة والتحليق لغرض وحيد هو العبور المتواصل السريع في المضيق، وبموجب هذا النظام تتمتع جميع السفن والطائرات دون تمييزسواء كانت تجارية أو غير تجارية أو حربية بحق المرور العابر الذي لا يجوز أن يعاق، بمعنى أن المرور العابر هو أن تمارس السفن والطائرات حرية الملاحة والتحليق لغرض وحيد هو العبور المتواصل السريع في المضيق، ولا يمنع ذلك من الدخول إلى الدولة الساحلية المطلة على المضيق أو مغادرتها أو العودة منها مع مراعاة شروط الدخول إلى تلك الدول، ولا يمس نظام المرور من خلال المضيق النظام القانوني للمياه التي يتشكل منها ولا ممارسة الدول الساحلية المطلة على المضيق لسيادتها وولايتها على هذه المياه وحيزها الجوي وقاعها وباطن أرضه… إلخ)).
* يتبين أن إتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار التي اعتمدت في 30 أبريل 1982، دعت إلى ممارسة حرية الملاحة للسفن في الممرات المائية المستخدمة للملاحة الدولية، وحقوق الدولة الساحلية المطلة على المضيق. وأن الدولة التي تخالف هذه الأحكام تتعرض للمسئولية الدولية خاصةً إذا ترتب على تصرف الدولة المطلة على المضيق إعاقة الملاحة في هذه الممرات المائية الدولية، وقد يؤدي ذلك إلى تدخل مجلس الأمن الدولي المنوط به الحفاظ على الأمن الجماعي الدولي. وتهديدات إيران المستمرة بإغلاق مضيق هرمز والتي قد تهوى بالمنطقة إلى كارثة خاصة إذا قامت إيران بإغلاق مضيق هرمز، وذلك سيعرض إيران لعقوبات دولية من مجلس الأمن وربما تصل إلى الفصل السابع من مادة 39 إلى 51.
* فمثلاً نص المادة (45) ينص ((على أن يكون مجلس الأمن لدى أعضاء الأمم المتحدة، لتمكين هذه المنظمة من إتخاذ التدابير الحربية العاجلة، وحدات جوية وطنية إستخدامها فوراً لأعمال القمع الدولي المشتركة. ويحدد مجلس الأمن قوة هذه الوحدات ومدى إستعدادها والخطط لأعمالها المشتركة، وذلك بمساعدة لجنة أركان الحرب وفي الحدود الواردة في الإتفاق أو الإتفاقات الخاصة إليها والمواد الأخرى))، ((وتشكل لجنة أركان الحرب من رؤساء أركان الحرب في الدول الخمسة الكبار الدائمين العضوية في مجلس الأمن)).
* إذاً في حالة إغلاق إيران مضيق هرمز كممر دولي، تكون ارتكبت التالي:-
1-الإخلال بحق الجوار لأن المضيق تنقسم مياهه الإقليمية ما بين دولتين هما سلطنة عمان، وجمهورية إيران الإسلامية، 2- إنتهاك للقانون الدولي في حق المرور العابر، وذلك يعرضها لعقوبات من مجلس الأمن، 3- الإضرار بالمصالح العالمية بحيث يمر من المضيق ما يزيد على 40% من الطاقة المستخدمة في العالم، غير السفن التجارية الأخرى ما بين دول الخليج العربي ودول العالم أجمع ذهاباً وإياباً، 4- ذلك سيعرض إيران إلى الإعتداء عليها من تحالف دولي تحت غطاء وتشريع الأمم المتحدة ضمن الفصل السابع، وممكن أن تراهن هنا إيران على علاقتها العالمية مع بعض الدول في مجلس الأمن، لكن هذا الرهان لن يستمر طويلاً، لأن كل الدول العالمية تبحث عن مصالحها، ونعتقد أفضل دليل واضح للعيان، هو عندما راهن الرئيس العراقي صدام حسين من خلال إتصاله بحلفائه لخرق التحالف الدولي، وراهن الرئيس الليبي من خلال حلفاؤه في مجلس الأمن لخرقه التحالف الدولي، ولكن كلا الرئيسين رهانهما انتهى بكارثتين عليهما وعلى دولهما يعلم بها القاصي والداني!!.
* أما بالنسبة لدول الخليج العربي والجزيرة العربية، فلن يتأثروا بشكل خطير عند إغلاق مضيق هرمز لا سمح الله، لأن النفط الخليجي العربي في العراق ودول مجلس التعاون الخليجي العربي واليمن بالإمكان تصديره بعد التنسيق مع الدول المعنية من خلال موانئ البحر الأحمر فمثلاً نجد المملكة العربية السعودية من خلال موانئ البحر الأحمر للعالم الغربي، ومن خلال ميناء الفجيرة في الإمارات العربية المتحدة إلى الشرق، وفي الشمال عبر أراضي العراق الشقيقة ممكن تصدير النفط من خلال ميناء جيهان التركي، وفي المستقبل بعد إنتهاء الأزمة السورية واللبنانية ممكن تصدير النفط من خلال الموانئ السورية واللبنانية، وبالإمكان التوسع في ذلك أكثر وعمل إستثمارات مشتركة والإستفادة من الموانئ اليمنية والعمانية، وبنفس الطريقة التي يصدر بها النفط ممكن أن يصدر بها سوائل الغاز الطبيعي، ومن المفروض على دول الخليج العربي والجزيرة عمل شبكة سكك حديد تربط موانئ جميع الدول ومدنها، وهذه الشبكة سوف تسهل الإستفادة من جميع موانئ الإقليم الخليجي العربي والجزيرة العربية في الإستيراد والتصدير دون التفكير في إستخدام مضيق هرمز، إلى أن تصل الشقيقة إيران لحل مع مجلس الأمن بشأن مضيق هرمز لو تطورت الأوضاع إلى الأسوأ لا سمح الله.
* ومن هنا اضطررنا أن نقوم بإستطلاع للرأي بشأن مضيق هرمز، وكان إستطلاعنا كالتالي ((هل تعتقد أن التهديد الإيراني المستمر بإغلاق مضيق هرمز والتدخل في الشؤون الداخلية لدول الخليج العربي من صالح التقارب التكاملي والتنموي ما بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجي العربي؟))، فأجاب مجموعة كبيرة من المواطنين والمقيمين في المنطقة بإجماع ساحق بكلمة (لا) ووصلت النسبة التي تقول أن إغلاق إيران لمضيق هرمز ليس من صالح العلاقات الإيرانية العربية في الخليج من جميع النواحي الإقتصادية والتنموية إلى 84,2% من العينة المستطلع رأيها، إذ لو صدر القرار من النظام الإيراني بإغلاق مضيق هرمز، فيعتبر ذلك مخالف للمادة 11 من الدستور الإيراني ومخالف لحق الجار في القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة التي ذكرت سلفاً!!.
 رابعاً: سباق الطاقة النووية في الخليج العربي:-
* أعلن الرئيس الإيراني أحمدي نجاد في 9 أبريل 2013م أن إيران أصبحت دولة نووية، وأجابه مباشرةً وزير الخارجية الأمريكية الذي كان متواجداً في إسرائيل آنذاك ((بأن الولايات المتحدة الأمريكية ترفض أن تكون إيران نووية وذلك ليس لأمن إسرائيل فقط، بل لأمن العالم أجمع)).
* وسبحان الله رافق هذا الإعلان هزة أرضية بقوة 6,3 على قياس ريختر تبعد ما يقارب 85كم عن مفاعل أبو شهر النووي الإيراني على الخليج العربي، وقوة هذه الهزة الأرضية الإرتدادية شعر بها مواطنوا أربع دول خليجية عربية هي الكويت والبحرين وقطر والإمارات على التوالي، وذلك آثار الرعب في منطقة الخليج العربي إذا ما تواجد أي تسريب إشعاعي من المفاعل النووي الإيراني في أبو شهر وإيران نفت أن يكون مفاعل أبو شهر تأثر ((علماً بأنه لو وصلت قوة الهزة الأرضية 8 درجات لا سمح الله إحتمال كبير أن يحدث تسريب إشعاع نووي لا سمح الله))، وفي 14 أبريل 2013، أعلنت دول مجلس التعاون الخليجي العربي من خلال الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي العربي في الرياض ((بأن الهزة الأرضية بالقرب من مفاعل أبو شهر النووي، أثارت قلقاً بالغاً في دول المجلس والمجتمع الدولي من إحتمال تعرض المفاعل النووي الإيراني لأضرار قد تتسبب في تسرب إشعاعي، ونادى بضرورة أن تبادر الوكالة الدولية للطاقة الذرية بإرسال فريق فني متخصص لمعاينة المفاعل النووي في أبو شهر والوقوف على الأضرار المحتملة، والتأكد من سلامته)).
* البرنامج الإيراني النووي أفقد إيران توجهها الأممي الموجود في المادة 11 من الدستور الإيراني، وهو لتوحيد جميع المسلمين، وهو ما يتمناه كل مسلم على وجه الأرض، فاضطررنا للقيام بعمل إستطلاع رأي لمعرفة مدى تأييد المواطنين والمقيمين في الخليج العربي في التوجه لبناء مفاعلات نووية، وخاصةً أن إيران في بعض الفترات من السنوات الماضية كانت تحظى بتأييد وإحترام من المواطنين والمقيمين في الخليج العربي، ولكن من خلال هذا الطموح الإيراني في بناء المفاعلات النووية ونزاعها المستمر من خلال تدخلاتها في شؤون دول الإقليم العربي، وصراعها مع المنظمة الدولية للطاقة ومع المجتمع الدولي بعدم إلتزامها بشروط المنظمة الدولية للطاقة وذلك عرضها لكثير من العقوبات الإقتصادية الدولية، وتهديدها بإغلاق مضيق هرمز، أردنا أن نعرف، هل ما زال المواطن الخليجي والمقيم في الخليج العربي يكن نفس المحبة والتأييد لجمهورية إيران الإسلامية!؟. وذلك من خلال إستطلاع الرأي التالي:-
1-هل تعتقد لو امتلكت إيران أسلحة نووية من صالح الأمن القومي العربي والإسلامي؟.
كانت الإجابة بكلمة (لا) مرعبة، بحيث قال 82,5% من العينة لا يرى ذلك من صالح الأمن القومي العربي والإسلامي.
2-هل تعتقد وجود المفاعلات النووية على سواحل الخليج العربي تمثل خطر بيئي على كامل المنطقة بشقيها العربي والفارسي؟.
* أبدت العينة المستطلع رأيها خوفها ورعبها الشديد من وجود المفاعل النووي الإيراني على مياه الخليج العربي وذلك مخافةً من أية تسريب نووي لا سمح الله بإمكانه أن يدمر النظام البيئي الخليجي العربي بأكمله، لأن المسافة الفاصلة ما بين أبو شهر والمدن الخليجية العربية ما بين 200كم إلى 700كم أبعدها، وذلك جغرافياً يعني إقليماً بيئياً جغرافياً واحداً، ولو حدث تسرب فذلك سيؤثر لا سمح الله على الماء والأرض والهواء، وأعتقد لا نحتاج لبراهين كثيرة فكارثة التسريب الإشعاعي حدثت في تشرنوبل الروسية منذ ما يقارب من ثلاثة عقود من الزمن تقريباً، وذلك ما زال مؤثراً إلى يومنا هذا على الإنسان بأمراض وسرطانات وتشوهات خلقية خطيرة، وعلى الحيوان، والأسماك، والنبات، والماء، والهواء…. إلخ، وربما لعقود قادمة.
* فكانت الإجابة عن العينة المستطلع رأيها 91,6% أجابوا بنعم أن وجود المفاعل النووي على الخليج العربي خطر على المنطقة بشقيها العربي والفارسي.
3-وكان السؤال الآخر في إستطلاع الرأي للمواطنين والمقيمين في الخليج العربي ((هل تعتقد أن لو تقوم إيران بنقل مفاعلاتها النووية إلى منطقة داخلية في إيران أفضل للسكان في إيران وأشقاء إيران في الخليج العربي؟)).
* وكانت إجابة العينة أيضاً ضخمة ومرعبة ومذهلة، لإحساسهم بخطورة قرب المفاعل النووي الإيراني من المناطق الحيوية في الخليج العربي، فأجاب 73,4% من العينة المستطلع رأيها يفضلون أن تقوم الحكومة الإيرانية بنقل مفاعل أبو شهر الإيراني من مياه الخليج العربي، إلى منطقة داخلية في إيران، وذلك يمثل أمناً بيئياً أفضل لأهل الخليج العربي بشقيه في الدول العربية غرباً وإيران شرقاً.
4-واستطلعنا رأي العينة إذا امتلكت إيران سلاح نووي، هل ذلك سيغير شيئاً في توازن القوى العالمي!، وكان السؤال كالتالي ((للتذكير باكستان الإسلامية تملك سلاح نووي ولم يتغير شيئاً في الإستراتيجية العالمية، والإتحاد السوفيتي كان يملك أكبر ترسانة نووية في العالم وانهار دون أن يتغير شيئاً في الإستراتيجية العالمية وانتهى بإنهياره، هل تعتقد إذا امتلكت إيران سلاح نووي سوف يتغير شيئاً في توازن القوى العالمي؟)).
* هذا السؤال شكل إرباك للعينة المستطلع رأيها، فكانت غالبية صغيرة قالت إذا امتلكت إيران سلاح نووي لن يتغير شيئاً في توازن القوى العالمي تصل نسبتهم إلى 50,8% وأقل من نصف المستطلع رأيهم، قالوا بأنه سوف يصبح هناك تغير في التوازن العالمي.
* والذي نراه كباحثين أن السلاح النووي يستخدم كسلاح ردع لقوى متوازنة في جميع المصادر وذلك من خلال معيار القوة السياسية والعسكرية والإقتصادية وتحالفاتها الدولية ودورها في المجتمع الدولي, ومن الممكن أن يضيف السلاح النووي نوع من توازن القوى في العالم، وذلك غير متوفر إطلاقاً في دولنا النامية الآن!!.
* والدولة التي تملك سلاح نووي دون مقومات القوة المتوازنة المذكورة سلفاً، يصبح السلاح النووي وبال عليها وليست إضافة إيجابية لها، بحيث يصبح عامل ضغط عليها من المجتمع الدولي ويؤدي ذلك إلى تهميشها وإضعافها وحصارها إقتصادياً إلى أن تذعن الدولة أو تنهار من الداخل أو يسهل الإعتداء عليها مثل ما حدث مع العراق الشقيقة ما بين الفترة 1990م إلى عام 2003م.
* والدليل على ذلك دول في وضع أفضل من دولنا في مجتمعها الإقليمي، وفي المجتمع الدولي بشكل عام، صنعت السلاح النووي وعندما لاحظت بأنه عامل ضعف وليس قوة لها انسحبت من النادي النووي، وتخلصت وفككت أسلحتها النووية، وعادت إلى مجموعة الدول التي ضد الإنتشار النووي، والتي تستخدم الطاقة النووية للأغراض السلمية فقط، وهذه الدول هي جنوب أفريقيا، والأرجنتين، والبرازيل.
* وتوجد دولة عالمية تعتبر هي الأساس في الصناعة العالمية، ولولا هزيمتها في الحربين العالميتين الأولى، والثانية، لأصبحت هي القطبية الأحادية في العالم، أو لأصبحت هي قائدة العالم لوحدها إلى عدة قرون من الزمن في المستقبل، وهي ألمانيا، وهي تستخدم الطاقة النووية للأعمال السلمية فقط، وتخطط ألمانيا الآن لتفكيك جميع منشآتها النووية السلمية في المستقبل، وحددوا آخر تاريخ للتخلص من آخر منشأة نووية هو 2020م. وتخطط بإستبدالها بمصادر أخرى من الطاقة المتجددة كما سنوضح لاحقاً. علماً بأن ألمانيا هي أول من قام بتشييد أول مفاعل نووي إيراني في مدينة أبو شهر في سبعينيات القرن الماضي في عهد الشاهين شاه الإيراني، وبعد الثورة الإيرانية في عام 1979م توقفت عن إكمال العمل في المحطة النووية في أبو شهر.
* لذلك لو امتلكت إيران سلاح نووي فذلك لن يصبح عامل قوة لها، بل سوف يصبح عامل تهميش وضغط وتشديد العقوبات الدولية عليها إلى أن تعلن تخلصها من السلاح النووي.
* والدليل على ذلك أن المجتمع الدولي لن يسمح لأية دولة تملك سلاح نووي سوى الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن “كما سنذكر لاحقاً”، وهي التي تتفاوض مع إيران للكشف بشفافية كاملة عن برنامجها النووي من أنه يستخدم لأغراض سلمية فقط من خلال مفاوضات 5+1 ويقصد بالخمسة الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن بالإضافة إلى ألمانيا وذلك للتفاوض مع إيران الإسلامية.
* حسناً، يجب أن نتوقف لبرهة ونختبر ما هي الآلية التي يضغط بها المجتمع الدولي على إيران لكي لا تحوز أسلحة نووية!؟.
• ذلك بالطبع من خلال معاهدة منع إنتشار الأسلحة النووية:-
وقعت هذه المعاهدة في يوليو 1968م. مادة (2) تم تمديد المعاهدة إلى أجل غير محدود، في مؤتمر إستعراض المعاهدة وتحديدها لعام 1995م، وتحظى المعاهدة بعضوية عالمية ما عدا إسرائيل والهند وباكستان، ويقتضي الإنسحاب من المعاهدة توجيه إشعار مسبق في غضون ثلاثة أشهر، ومادة (3) تميز المعاهدة بين الدول الحائزة للأسلحة النووية والدول الغير حائزة للأسلحة النووية، وتحدد الدول الحائزة على الأسلحة النووية في الدول التي فجرت جهازاً نووياً قبل 1/يناير/1967م، وتشمل الإتحاد السوفيتي (روسيا) والصين وفرنسا والمملكة المتحدة البريطانية والولايات المتحدة الأمريكية، والمادة (4) في بند (1) يحظر على الدول الحائزة للأسلحة النووية نقل أو مساعدة الدول الأخرى على حيازة الأسلحة النووية والتكنولوجيا المتصلة بها، أو مراقبتها، ويحظر على الدول الغير حائزة للأسلحة النووية أن تتلقى الأسلحة النووية أو تستحدثها، وبند (3) تعترف المعاهدة بحق جميع الأطراف في البحث في مجال الطاقة النووية.
* لكن السؤال الذي يطرح نفسه، هل برامج إيران النووية سلمية أو ذات أهداف عسكرية!؟.
* يجمع الخبراء بأن مفاعل أبو شهر يعتبر مفاعل مدني بالكامل، أما مفاعلات ناتانز، وقم، وأراك، ذات برامج مزدوجة مدني، ويمكن أن تستخدم المواد الناتجة كوقود نووي، كما يمكن في حالة تخصيبها بدرجة عالية، كمادة عسكرية ويقول الخبراء أن معاهدة منع الإنتشار للأسلحة النووية حالياً، لا تحظر عملية تخصيب اليورانيوم 235 إلى 20% تقريباً.
* ولكن الرئيس الإيراني أحمدي نجاد قبل أن يعلن على العالم بأن إيران أصبحت دولة نووية 9/أبريل/2013م، لم يكن متحفظاً على الإطلاق، عندما أشار إلى أن إيران قادرة على تخصيب اليورانيوم 235 لدرجة 80%، مع الحديث عن النوايا بإمتلاك ما يقرب من 100 جهاز طرد مركزي، وهو ما يعني فنياً وجود خيار عسكري.
* هنا يجب أن نتوقف، ونتسائل، إذا كانت المعاهدة الدولية تسمح للدول لإجراء البحوث في مجال الطاقة النووية، وبناء مفاعلات، لماذا إيران لا يسمح لها وتتعرض لعقوبات!؟.
* نعم مفاعل أبو شهر مطابق للقرارات الدولية، حيث قامت روسيا ببنائه، والتعاون الروسي الإيراني في مجال الطاقة النووية لا يخالف القرارات الدولية، ولا العقوبات الدولية المفروضة على إيران خاصةً أن قرار مجلس الأمن 1737 و1747 سمحا بشكل إستثنائي لموسكو بإنهاء تجهيز مفاعل أبو شهر، على أن يتم ذلك تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومن شأن تزويد روسيا المحطة بالوقود النووي على أن يشكل ذلك دافعاً لإيران لوقف نشاطاتها النووية الحساسة، وفقاً لما تقتضيه القرارات الدولية السابقة، خاصةً القرار الأخير رقم 1929 في 7 يونيو 2010م الذي يحظر على إيران إستخدام وقود غير الوقود الروسي في مفاعل أبو شهر، ولذلك يعلق الخبراء ((إن إيران لا يمكن أن تزعم بأنها في حاجة إلى إنتاج وقود ليتم إستخدامه في محطة أبو شهر)).
* ولكن كما ذكرنا سلفاً بأن الرئيس الإيراني اعلن في 9/أبريل/2013 بأن إيران أصبحت دولة نووية، وقال قبل الإعلان أعلاه بمدة ((أن إيران قادرة على تخصيب اليورانيوم 235 لدرجة 80%)) وهو ما يعني فنياً وجود خيار عسكري!!.
* لذلك لا نستغرب تعرض إيران لمجموعة من العقوبات ومن أخطرها قرار مجلس الأمن 1929 لفرض حزمة جديدة من العقوبات على إيران أشد من سابقتها، تنوعت بين عقوبات إقتصادية وعسكرية.
* ولكن هل ستبقى إيران تتحدى المجتمع الدولي إلى أن تصل إلى عقوبات مجلس الأمن القمعية في الفصل السابع من 39 إلى 51 لا سمح الله!!.
* نحن نتعجب من إصدار الحكومة الإيرانية بقيادة الرئيس أحمدي نجاد بأن بإمكان إيران أن تصل إلى تخصيب اليورانيوم 235 لدرجة 80%، مما يعني ذلك وجود خيار عسكري، علماً بأن إيران الإسلامية لن تستخدم السلاح النووي حتى لو امتلكت التكنولوجيا الخاصة بالسلاح النووي، وذلك لأن الإمام آية الله خامنئي أصدر فتوى ((بتحريم تصنيع الأسلحة النووية)).
* هل توجد حرب باردة ما بين دول مجلس التعاون الخليجي وإيران؟.
* طبعاً التدخلات الإيرانية في شؤون دول الخليج العربي والدول العربية الأخرى، ومخاطر إيران في إنطلاقها في برنامجها النووي على مياه الخليج العربي، وأقل تقدير خطورة هذا البرنامج على البيئة الخليجية، والتهديد الإيراني المستمر بين حيناً وآخر، وإحتلال إيران الجزر الإماراتية، كل هذا يسبب قلق وتوتر شديد في دول مجلس التعاون الخليجي، ولكن دول الخليج العربي دائماً تحاول أن تستوعب إيران بحكمة سياسية، ولكن الملاحظ أخيراً إصرار إيران على برنامجها النووي أدى ذلك إلى أن تبدأ دول الخليج العربي ببرامجها النووية السلمية ظاهرياً ولكن الأمر جلياً بأن بداية هذه البرامج ذلك يعني بداية تنافس نووي سلمي بين دول الخليج العربي وإيران، وربما يتحول في المستقبل القريب إلى سباق نووي عسكري بين طرفي الخليج، إلا في حالة إذا كانت البرامج النووية في الخليج العربي بشقيه العربي والإيراني بتعاون من الطرفين، والملاحظ بأن بالفعل قدمت دول مجلس التعاون الخليجي هذا العرض لإيران، عندما أعلن الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي في عام 2007م في خضم نقاش حول الملف النووي الإيراني والتي أعلن آنذاك ((أن دولاً خليجية عربية مستعدة لإقامة كونسورتيوم لكل مستخدمي اليورانيوم المخصب في الشرق الأوسط، يتم خلاله توزيع اليورانيوم طبقاً للإحتياجات، ويعطي كل محطة نووية الكمية اللازمة لها، يضمن عدم إستخدام هذا اليورانيوم المخصب في الأسلحة الذرية)).
 خامساً: أهمية الطاقة النووية كطاقة متجددة لدول مجلس التعاون الخليجي العربي:-
* بتشجيع من أوربا والولايات المتحدة الأمريكية بدأت بعض دول الخليج العربي بتأسيس رؤية الطاقة النظيفة، في ظل الدعوة العالمية لتخفيض الوقود الأحفوري ((النفط، والغاز الطبيعي، والفحم))، بحيث يؤثر هذا الوقود على البيئة والمناخ العالمي.
* ولكن هناك بعض الباحثين ضد هذا التوجه ومنهم د.عبد الحفيظ محبوب ((بأن هناك ترويج في دول الخليج لإستخدام الطاقة النووية في الإستخدامات السلمية بسبب القلق من الإحتباس الحراري لكن لابد أن تكون دول الخليج حذرة من تسيس هذا الترويج ومن أن يكون مجرد مخرج لهذه الدول (أوربا والولايات المتحدة) من أزمتها المالية لتقليص العجوزات في الميزانية من خلال بيع محطات نووية جاهزة بمبالغ خيالية)).
* سبحان الله ومن خلال بحثنا في هذا الموضوع لاحظنا ما يصدق على ما قاله د. عبد الحفيظ محبوب، عندما صرحت رئيسة الطاقة الدولية النووية بدعوتها لدول الخليج العربي بما أنكم تملكون أموال كبيرة، لماذا لا تستثمرون في الطاقة النووية!؟. وهذا ما قالته بالتحديد ((بأن دول الخليج العربي الثرية قد تقود النهضة في مجال الطاقة النووية لأنها تمتلك السيولة النقدية لتمويل المصانع، ولا تواجه المعارضة السياسية التي غالباً ما تحبط أعمال البناء)).
* صراحةً عندما قرأت ذلك لاحظت دليل كبيربأن هناك جهات ما تخطط للتخلص من بعض المحطات النووية الموجودة في الغرب، وذلك لعدة أسباب منها:-
1-تحقيق عوائد كبيرة للدول الأوربية المتعثرة إقتصادياً، 2- معظم الدول الأوربية تواجه معارضة سياسية محلية لتقليص أو إنهاء العمل بجميع المحطات النووية الموجودة عندهم، فعينها على دول الخليج العربي يحقق للغرب مجموعة عناصر الأول الإنتهاء من المعارضة السياسية في الدول الأوربية، والثاني المحافظة على بيئتهم، والثالثة تحقيق أموال ضخمة من خلال بيع هذه المحطات وإعادة بنائها في دول الخليج العربي، رابعاً ستبقى التبعية الإقتصادية لهذه المحطات تابعة للدولة المنتجة لوسائل الإنتاج الأصلية، خامساً يعتبر بداية سباق نووي على طرفي الخليج العربي وذلك سيحقق مصالح إقتصادية كثيرة للدول الصناعية!!.
* وحتى نكون موضوعيين في هذا الأمر لابد لنا من معرفة مزايا ومخاطر الطاقة النووية، وذلك من خلال تحليل الرؤيتين التاليتين:-
أ‌- مزايا الطاقة النووية:-
* نرى من الناحية العلمية لابد من وجود مراكز أبحاث للطاقة النووية في دول مجلس التعاون الخليجي العربي بطريقة مصغرة وذلك لتجهيز جيل للتعامل مع هذه التكنولوجيا عند الحاجة القصوى لها.
* وبالفعل بدأت دول الخليج العربي بدراسة إمكانية الدخول في الإستخدامات السلمية للطاقة الذرية منذ أن وجه مجلس التعاون الخليجي في البيان الختامي عام 2006م بإجراء دراسة مشتركة لدول مجلس التعاون الخليجي العربي لإيجاد برامج مشتركة في مجال التقنية النووية للأغراض السلمية، طبقاً للمعايير والأنظمة الدولية.
* وتعتبر دولة الإمارات العربية المتحدة هي أكثر الدول توسعاً في إستخدام الطاقة النووية، ففي 5/سبتمبر/2010م أعلنت كوريا الجنوبية أن كونسورتيوم برئاستها سينفذ مشروع لبناء أربعة مفاعلات نووية في الإمارات العربية ومن المقرر الإنتهاء من أولها الذي يقدر بطاقة 1400 ميجا وات عام 2017م، ثم يكتمل إنشاء المفاعلات الثلاثة الأخرى عام 2020م، ومن جانبها وقعت دولة قطر مع فرنسا إتفاقاً قانونياً بهذا الشأن، وفي بداية 2010م أعلنت دولة الكويت عن نيتها إنشاء أربعة مفاعلات نووية ولكنها واجهت معارضة محلية في الكويت للقيام ببناء محطات نووية على الأراضي الكويتية.
* وسيقام أول مفاعل نووي في دول الخليج العربي في إمارة أبو ظبي على الخليج الغربي، على بعد 53 كيلومتر جنوب غرب مدينة الرويس في منطقة البراكة.
* لكن السؤال الذي يطرح نفسه كنا سابقاً خائفين من مفاعل أبو شهر الإيراني الذي يقع شرق الخليج العربي، والآن قابله مفاعل البراكة في إمارة أبو ظبي على الخليج، والخليج العربي منطقة نشطة زلزالياً، وأي زلزال تكون قوته 8 درجات مهما بلغت التكنولوجيا المستخدمة في المفاعل هناك إحتمال كبير للتسرب الإشعاعي، ولا أعتقد أياً من الطرفين يملك تكنولوجيا أفضل من روسيا واليابان اللتين حدثت عندهم حوادث تسريب إشعاعي مؤلمة.
* ومن هنا الملاحظ بأن إستثمار إيران في الطاقة النووية أدى إلى تنافس نووي بين دول الخليج العربي وإيران، والمخاوف الكبيرة أن يتحول ذلك إلى سباق نووي في المستقبل في منطقة الخليج العربي لا سمح الله.
* في إقليم توجد عنده أكبر إحتياطيات الطاقة الهايدروكربونية، بحيث ما يوجد في دول مجلس التعاون الخليجي من إحتياطيات النفط يصل إلى 44,5% من الإحتياطيات العالمية، وما يوجد في إيران 10,2% من الإحتياطيات النفطية المؤكدة في العالم، وما يوجد من إحتياطيات الغاز الطبيعي في دول مجلس التعاون الخليجي تصل 15% من إحتياطيات العالم، بمعنى دول مجلس التعاون وإيران مجتمعين يملكون أعلى إحتياطي للنفط والغاز في العالم (آل ثاني، فهد، إستراتيجية التنمية، ص87، 89)، والغريب هنا تركيز إيران الإسلامية على الإستثمار في الطاقة النووية مما أدى إلى إنزلاق المنطقة في سباق من التنافس النووي لا ندري إلى أين سينتهي!!.
* عموماً ما زال هناك من يبرر مزايا إستخدام الطاقة النووية بحيث أن الطاقة النووية أحد أهم مصادر إنتاج الكهرباء في العالم في الوقت الراهن، حيث 20% من الطاقة الكهربائية في العالم تنتج من الطاقة النووية. ولأغراض المقارنة فإن طناً واحداً من اليورانيوم يعطي طاقة تعادل الطاقة الناتجة عن ملايين الأطنان من الفحم أو ملايين البراميل من النفط.
* وكذلك هناك من يقول، أن دول الخليج العربي تدرك حاجتها الماسة إلى الطاقة النووية والمتجددة في الوقت نفسه بسبب إستنزاف مخزونها النفطي، إذ أنها تستهلك أكثر من 2 مليون برميل يومياً لتحلية مياه البحر، والتي يمكن أن يرتفع إلى 15 مليون برميل يومياً بعد 15 سنة وهو ما يعادل 40% من الإنتاج الإجمالي للنفط، ما يعني أن عائدات النفط للدول الخليجية من الصادرات النفطية ستنخفض إلى حدود النصف بحلول عام 2025م ما يتطلب البدء فوراً في توفير بدائل للنفط اللازمة لتوليد الكهرباء وتحلية المياه. ويرى البعض أن توجه دول الخليج العربي نحو الطاقة النووية جاء نتيجة مبررات إستراتيجية وإقتصادية قوية أهمها إنتاج الكهرباء وتحلية المياه بتكاليف أقل 7% من إستخدام النفط والغاز الطبيعي.
ب‌- مخاطر الطاقة النووية:-
1-تكلفة بناء المحطات النووية أعلى 3 إلى 4 مرات من تكلفة بناء المحطات التقليدية، وأن تكلفة بناء مفاعل واحد تصل إلى 20 مليار دولار، وهناك تكلفة تشغيلية وصيانة باهظة تصل إلى 15 مليار دولار.
2-المفاعل يجب أن يحظى بحراسة أمنية مشددة ورقابة دولية وموارد بشرية متخصصة في الهندسة النووية والفيزياء النووية والطب النووي وفنيين ذوي تأهيل عالي، بحيث لا يقل عدد العاملين المؤهلين عن 400 شخص.
3-تفكيك المفاعل النووي عند الرغبة في إزالته يتطلب ميزانية لا تقل عن 70 مليار دولار، رغم أن مفاعلاً ذو طاقة 1000 ميغاوات يكلف 5 مليار دولار، وأن الأرض التي استخدمت للمفاعل لا يمكن أن تستغل إلا بعد مرور 50 سنة.
4-مشكلة التخلص من النفايات النووية الناتجة عن المفاعلات، حيث عادةً ما يوضع اليورانيوم المستهللك في أحواض مائية كبيرة لمدة عشرات السنين لغرض تخفيض إشعاعها النووي إلى حد معاملتها صناعياً بعد ذلك.
5-مهما تطورت الدول في إستخدام التكنولوجيا النووية إلا أن ما حدث في أكبر دول متقدمة في إستخدام الطاقة النووية ينذر بالخطر، وذلك ما حدث في الولايات المتحدة الأمريكية من تسريب إشعاعي في محطة ثري مان أيلاند عام 1978م، وما حدث في الإتحاد السوفيتي (روسيا) من تسريب إشعاعي قاتل في محطة تشرنوبل عام 1986م ، وما حدث من تسريب إشعاعي في محطة فوكوشيما اليابانية عام 2011م.
 سادساً: الإستثمار في الطاقة المتجددة الغير نووية:-
* نحن نتعجب من الأشقاء في الخليج العربي دول مجلس التعاون الخليجي وإيران لماذا لا يتعاونوا على الإستثمار في الطاقة المتجددة الغير إشعاعية الأخرى والإبتعاد عن السباق في البرامج النووية الضارة بحيث إتجاه العالم الآن بالفعل نحو ذلك.
* حيث يجمع الخبراء بأن الشرق الأوسط بإمكانه أن يصبح إحدى أكبر مراكز العالم للطاقة الشمسية، وهيلين بيلوسي المديرة العامة للوكالة الدولية للطاقة المتجددة قالت ((كل كيلومتر مربع من أراضي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يتلقى قدراً من الطاقة الشمسية سنوياً يعادل 1,5 مليون برميل من النفط)).
* وبالفعل هناك دول شرق أوسطية قطعت شوطاً متقدماً في الإستفادة من الطاقة الشمسية فالمغرب يتوقع أن 38% من الكهرباء مصدرها سيكون الطاقة الشمسية عام 2020م، وكذلك مصر تتوقع 20% من الطاقة الكهربائية المولدة ستكون مصدرها الطاقة الشمسية عام 2020م، والأردن وأبوظبي 7% من الكهرباء سيكون مصدرها الطاقة الشمسية بحلول عام 2015م، والكويت يتوقع 5% من الكهرباء المولدة لديهم بحلول عام 2020م سيكون مصدرها الطاقة الشمسية.
* الخلاصة نحن في دول الخليج العربي وفي إيران إلى أين نتجه، إذا كان أصحاب التكنولوجيا النووية الأصليين يريدون التخلص منها، لماذا نحن نصر على تطويرها!؟. والأمثلة على ذلك كثيرة ومنها:-
أ‌- الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا الإتحادية وقعا إلى الآن إتفاقيتين ستارت (1) وستارت (2) لخفض مخزون الأسلحة النووية.
ب‌- ألمانيا قررت حظر محطات الكهرباء التي تعمل بالطاقة النووية بعد كارثة فوكوشيما اليابانية عام 2011م، وأغلقت 8 محطات على الفور، وستغلق التسع محطات المتبقية بحلول عام 2022م. وتحصل ألمانيا على 4% من طاقتها الكهربائية من مصادر الطاقة الشمسية.
ج‌- أسبانيا والدنمارك 20% من الطاقة الكهربائية عندهم مصدرها طاقة الرياح.
 سابعاً: السيناريوهات المتوقعة للمنطقة:-
1- سيناريو تحسن العلاقات الأمريكية الإيرانية، هناك آراء كثيرة حول ذلك وربما من أبرزها، ما قالته د. فاطمة الصمادي، بعنوان الصفقة ((تسوية أمريكية إيرانية، قد لا يقود إلى مصالحة، وإنما قد يقود لتفاهمات تشمل مناطق النفوذ والترتيبات الأمنية والحصص الإقتصادية والملف الإسرائيلي. والربح الإيراني في الصفقة إذا تمت الصفقة بالفعل، الإقرار بحقها النووي، ورفع العقوبات الدولية عنها، والربح الأمريكي ستعود للتواجد الدبلوماسي في إيران وستحظى بمساعدات إيرانية لتعزيز نفوذ أمريكا في آسيا الوسطى على حساب روسيا)).
* وتعليقنا هنا ذلك صعب، لأنه سبق وأن بحث ذلك الخيار، ووجد أنه صعب التنفيذ أمريكياً، حيث قال هنري كيسنجر ((عند بداية حرب الخليج عام 1980م لم يكن للولايات المتحدة أي مصلحة سوى منع سيطرة أي من المتحاربين على المنطقة. ونظراً لكون إيران تتميز بموارد أعظم وشعب أكبر وأصولية راديكالية، فقد اعتبر التهديد الأهم. استأنفت إدارة ريغان علاقتها الديبلوماسية والإقتصادية مع العراق وشجع حلفائها الأوربيين على تزويده بالمعدات العسكرية)) (كيسنجر، هل تحتاج، ص188، 190).
إذاً هذا السيناريو صعب إحتماله.
2-السيناريو الثاني تحسن العلاقات العربية في الخليج العربي، هو أن يفعل نوع من الإتحاد الكونفدرالي والفيدرالي بين دول مجلس التعاون الخليجي العربي، وبعدها يتم التفاوض مع العراق واليمن للإنضمام لكتلة خليجية بنوع من الإتحاد الكونفدرالي، أو التعاون الإقليمي في المجالات المختلفة، ولو نجحت فكرة هذه الكتلة بإمكانها تتفاوض مع إيران لإقامة نوع من التكتل الإقتصادي في مجالات التنمية المختلفة، وهذا أمر مستبعد حالياً، لا أوضاع دول المجلس الخليجي ناضجة ومهيئة لإقامة نوع من الوحدة بينها، وأوضاع اليمن والعراق الآن لا تسمح بذلك، وأوضاع إيران الداخلية والخارجية أيضاً لا تسمح بذلك.
* ومن هنا على دول مجلس التعاون الخليجي أن تفكر في مستقبلها في حال لأي من الأسباب انتهى تحالفها مع الولايات المتحدة الأمريكية، برجنسكي وضع تصور لذلك، عندما أطلق على دول مجلس التعاون الخليجي بالمناطق الهشة ((هشاشة دول الخليج العربي المدعومة أمريكياً هي الأخرى مرشحة للتفاقم. فمع تراجع نفوذ الولايات المتحدة في المنطقة ومواصلة إيران لحشدها العسكري مع ممارسة قدر أكبر من النفوذ في العراق الذي كان قبل الغزو الأمريكي 2003م سداً منيعاً في وجه التوسع الإيراني، فذلك ولد كثيراً من القلق والإحساس بالخطر في كل من السعودية، والكويت، والبحرين، وقطر، وعمان، والإمارات العربية المتحدة. وقد يتعين على هذه الدول أن تحاول البحث عن حماة جدد أكثر فاعلية لأمنها، وقد تكون الصين مرشحة صريحة وذات دوافع إقتصادية محتملة لمثل هذا الدور، بما يؤدي إلى إحداث إنقلاب دراماتيكي مثير في صيغة الشرق الجيوسياسي)) (بريجنسكي، رؤية، ص118).
3-سيناريو حرب إقليمية لا سمح الله، إذا وجهت ضربة لمنشآت إيران النووية، أو قامت إيران بإغلاق مضيق هرمز، وتم ضرب إيران من خلال تحالف دولي تحت غطاء الأمم المتحدة.
* هناك إحتمال كبير من أن إيران تعتدي على المصالح الغربية في دول الخليج العربي لا سمح الله، ويعني ذلك الزج بدول الخليج العربي في الحرب، وهذه الحرب ستكون أسوأ من الحرب العراقية الإيرانية لا سمح الله، وستدمر كل ما تم بناؤه في دول الخليج العربي غرب وشرق الخليج العربي من ثروة البترودولار، التي تم إستثمارها في هذه الدول منذ إكتشاف الهايدروكربون (النفط والغاز الطبيعي) وسيكون تمويل هذه الحرب من أموال الصناديق السيادية الموجودة في الدول الصناعية أصلاً وتقدر هذه الأموال لدول مجلس التعاون الخليجي العربي في الدول الصناعية 2 تريليون دولار ((2000 مليار دولار)) موزعة كالتالي 55% في الولايات المتحدة، و18% في أوربا، و11% في الشرق الأوسط، و11% في آسيا، و4% في دول أخرى. وذلك سيعالج الأزمة المالية الموجودة في العالم الصناعي، وسيساعدهم على التخلص من مستودعات الحديد والنار الموجودة عندهم وانتهى تاريخ إستخدامها ((Expire Date)).
* وستحل أزمة الديون العالمية، علماً بأن الولايات المتحدة الأمريكية أكبر دولة مدين في العالم بنسبة تصل إلى 50% من الديون العالمية، ونسبة الدين تعدت حاجز الخطر حيث وصلت إلى أكثر من 62% من قيمة ناتجهم المحلي، وبريطانيا حجم الديون السيادية المترتبة عليها تصل إلى 11% من مجموع الديون السيادية العالمية، ونسبة ذلك من الناتج المحلي البريطاني يصل إلى 85,5% وهذا يعني أن بريطانيا قريبة من الإنهيار الإقتصادي، وديون فرنسا 9% من الدين العالمي ويبلغ ذلك 76,4% من قيمة ناتجها المحلي، وإيطاليا 11% من قيمة الدين العالمي وما يعادل 109% من قيمة ناتجها المحلي، وألمانيا 8% من الدين العالمي، وللعلم الدين يبقى في حدود آمنة طالما لم يتجاوز نسبة 60% من الناتج المحلي الإجمالي للدولة، وأغنى دول في العالم تجاوزت أعلاه بكثير (الوطن الكويتية 25 يونيو 2012).
* وللعلم مبلغ 2 تريليون دولار قيمة الصناديق السيادية لدول مجلس التعاون الخليجية العربية سوف تساهم في تسديد فواتير الحرب، وتغطي قيمة جزء من الفوائد المترتبة على الدول الرأسمالية المدينة فقط.
* وبعد سيناريو الحرب لا سمح الله ستخرج المنطقة مثل ما انتهت عليه حرب الثمان سنوات بين إيران والعراق، حرب لا غالب ولا مغلوب، وستكون دمرت جميع البنية التحتية لجميع الدول المشاركة في الحرب، وسيتم إعادة بناء منطقة الخليج العربي بشقيها الشرقي “إيران”، والغربي “الدول العربية” من خلال رهن الإحتياطيات النفطية الموجودة في المنطقة وتصل إلى 54,7% من إحتياطيات النفط في العالم، وأكثر من 30% من إحتياطيات الغاز الطبيعي في العالم لمدة 50 سنة قادمة لإعادة بناء إقليم الخليج العربي، تحت نظام إقليمي جديد يتناسب مع الأوضاع العالمية آنذاك ومن هنا ينطبق علينا المثل العربي ((يداك أوكتا وفوك نفخ)).
 ثامناً: نتائج الإستبيان:-
* وزع الإستبيان بواسطة مجموعة من الأخوة الموثوق بهم، وكانوا حريصين على تنوع المواقع الجغرافية والثقافية للمشاركين لتغطية أكبر مجموعة من المجتمع، وكانوا حريصين على أن تتم الإجابة على الإستبيان بإشرافهم دون تدخل منهم، وحصلنا على 177 نسخة، أي 177 مشارك، وكان عنوان الإستبيان ((بحث خاص بتقارب دول الخليج العربية مع إيران)) لذلك سوف أعرضه ليستفيد منه الأخوة والأخوات الآخرين كلاً في مجاله، وتقبل الله منا ومنكم طيب الأعمال.
1-هل تعتقد وجود المفاعلات النووية الإيرانية على سواحل الخليج العربي تمثل خطر بيئي على كامل المنطقة بشقيها العربي والفارسي؟.
فأجاب 91% (بنعم)، و8,4% (لا).
2-هل تعتقد أن لو تقوم إيران بنقل مفاعلاتها النووية إلى منطقة داخلية في إيران نائية أفضل للسكان في إيران وأشقاء إيران في الخليج العربي؟.
فأجاب 73,4% (بنعم)، و26,6% (لا).
3-هل تعتقد أن التهديد الإيراني المستمر بإغلاق مضيق هرمز والتدخل في الشؤون الداخلية لدول الخليج العربية من صالح التقارب التكاملي والتنموي ما بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجي العربي؟.
فأجاب 15,8% (نعم)، و 84,2% (لا).
4-للتذكير باكستان الإسلامية تملك سلاح نووي ولم يتغير شيئاً في الإستراتيجية العالمية. والإتحاد السوفيتي كان يملك أكبر ترسانة نووية وانهار دون أن يتغير أي شئ في الإستراتيجية العالمية وانتهى بإنهياره. هل تعتقد إذا امتلكت إيران سلاح نووي سوف يتغير شيئاً في توازن القوى العالمي؟.
فأجاب 49,2% (نعم)، و 50,8% (لا).
5-هل تعتقد لو امتلكت إيران أسلحة نووية من صالح الأمن القومي العربي والإسلامي؟.
فأجاب 17,5% (نعم)، و82,5% (لا).
وإلى اللقاء دائماً إن شاء الله.

رؤيتي سيادة الشعب

بسم الله الرحمن الرحيم

3/7/2006

مصطلح رؤيتي اقتبسته من حضرة صاحب السمو الشيخ محمد المكتوم حاكم دبي ونائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة ، ولكن رؤية أبو راشد في كتابه كانت تركز على التحديات في سباق التميز ، أما رؤيتي أنا والعياذ بالله من كلمة أنا ، وأفضل عليها ( نحن ) تركز على سيادة الشعب ، وحتى تكون أكثر وضوحاً وصراحةً ، نقصد سيادة الشعب كما يعرّفها القانون الدستوري : وسيادة الشعب يقصد بها ، أن السيادة مجزأة على أفراد الجماعة ، بحيث يملك كل فرد منها جزء من السيادة . والنتائج المترتبة على ذلك ، السيادة تكون مجزأة بين الأفراد ، والانتخاب يعتبر حقاً لا وظيفة ، النائب في البرلمان لا يعتبر ممثلاً عن الأمة بأسرها ، وإنما ممثلاً لناخبيه فقط ، والقانون يكون تعبيراً عن إرادة الأغلبية ، ولذلك لاحقاً سنركز على أهمية الحياة النيابية في سيادة الشعب !! .

أما الآن ، فسنركز على تصورات بعض زعماء الأمة العربية في بناء الأمة .

أولاً : سمو الشيخ محمد بن راشد ، فخلال رؤية أبو راشد (البنيوية) استطعنا أن نستشف ثلاثة محاور استراتيجية (أ) تصور جيوبوليتيكي استراتيجي وهو من خلال اقتباسه للتصور الأمريكي للشرق الأوسط الكبير، وأعطاه مصطلحاً مختلفاً ، حيث سماه أبو راشد منطقة العالم الأوسط الاقتصادي ، وهذه المنطقة تمثل في رؤية أبو راشد ، مجلس التعاون الخليجي وشبه القارة الهندية ، وشمال الخليج ، وآسيا الوسطي ، وبلاد الشام ، وتركيا ، وقبرص ، وشرق أفريقيا وشمالها .

(ب) استخدم أبو راشد في التحدي أسلوباً براغمتياً وهو من خلال ، إذا أردت التحدي في سباق التميز ، لا يهم إن كنت أسداً أو غزالاً فمع كل صباح عليك أن تعدو أسرع من غيرك حتى تحقق النجاح .

(جـ) تصور أبو راشد للمستقبل من خلال استخدامه كلمة ( يجب ) ، فيجب تطوير التعليم ، وتنمية الكوادر البشرية ، وتعميق المشاركة الشعبية، وتطوير المؤسسات البرلمانية التمثيلية ، ودعم الدور القيادي للقطاع الخاص ، وتفعيل القطاع العام ، وتعزيز الشفافية في كل القطاعات ، وتوسيع دائرة الحوافز الاستثمارية لتتعدى المناطق الحرة ، ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة وتطوير برامج تمويل المشاريع الناشئة ، ومحاربة الفساد ، وتبسيط الإجراءات ، ومتابعة الإصرار على تقديم الجودة والامتياز في كل شيء .

أما بالنسبة لرؤيتنا نحن ( العبد لله ، فهد بن عبد الرحمن ) من خلال تصور سمو أبو راشد للمستقبل ، فنرى أن تنمية المشاركة الشعبية ، وتطوير المؤسسات البرلمانية التمثيلية ، وتعزيز الشفافية في كل القطاعات، هو الدواء الناجح لإخراج الأمة العربية والإسلامية من التخلف والفساد المتفشي في كل نقطة في أحشاءها ! .

ثانياً : رؤية فخامة علي صالح رئيس اليمن لتداول السلطة في العالم العربي . عندما أعلن السيد صالح تنازله عن السلطة في صيف عام 2005م ، اعتبرنا ذلك إنجازاً ، وكتبنا مقالة منشورة في الموقع تحت عنوان (قراءة في التنازل عن الحكم بتاريخ 25/7/2005م ) ، ووضعنا تصورنا صعوبة أن يتنازل السيد صالح عن الحكم ، ولكن السيد صالح استطاع أن يحافظ على وعده إلى يونيه 2006م ، وهنا بدأنا نعد العدة بأن مبدأ تداول السلطة من الممكن أن يتحقق في العالم العربي ، وحتى لا أخفيكم أمراً ، بدأنا نجمع معلومات عن السيد صالح لكي نكتب عنه مؤلفاً كرمز من رموز الأمة العربية ، وكنا نرى أن لو السيد صالح حافظ على وعده بأنه سيكون إحدى رموز القرن الواحد والعشرين ، مثل غاندي وتاتشر ومانديلا رموز القرن العشرين ، ولكن السيد صالح فاجأنا وعاد ورشح نفسه مرةً ثانية علماً بأنه في عام 2000م ، قد أصبح يقترب من إغلاق العقد الثالث من الزمن في الحكم في جمهورية اليمن الديمقراطية ،أن الجماهير العربية لم تصدق وعد السيد صالح بأنه سيتنازل عن الحكم ، ففي استطلاع للرأي في الجزيرة شارك فيه 24975 شخص وكان يركز على : هل تؤيد تراجع السيد صالح عن قرار عدم الترشيح لولاية جديدة ؟ فكان 80.4 % من عينة الاستطلاع تؤيد تنازل صالح عن الحكم ، و 19.6% مع صالح للاستمرار في الحكم ، ولكن الرئيس صالح أخذ برأي الأقلية وتمسك بالحكم ، وأنهى الحلم الذي كان يراودنا كعرب أن يتحقق في عام 2006م وهو تداول السلطة ! .

لاحظنا في استطلاع مفهوم البطل الزعيم في السياسة العربية ركز على هزيمة العرب عام 1967م ، وإعلان الرئيس المصري الراحل عبدالناصر بمسئوليته عما حدث ، وأعلن تنحيه ، لكن الجماهير خرجت باكية نائحة تطالبه بالعدول عن قراره والاستمرار في الحكم ليعبر بها كما قالت وسائل الإعلام آنذاك بحر الهزيمة الذي سقطت تائهة ضائعة في أعماقه إلى شاطئ النصر الذي تستعيد على رماله العزة والكرامة .

ويفسر علماء النفس والاجتماع أن مفهوم البطل لا يزال يلعب دوره في التاريخ قديماً وحديثاً ، وأن الوجدان الجماهيري يعاد تشكيله في مصانع الدعاية الثابتة للسلطة التي تكرر على مسامع هذه الجماهير صباح مساء أن حاكمهم هو الزعيم الملهم ، والقائد الفذ ، والربان الماهر .. إلخ . وهو وحده ومن بين الملايين القادر بحكمته وبصيرته على توجيه دفة السفينة للنجاة بالبلاد من بحر الظلمات !! .

وهذا يذكرنا عندما كنا طلبة في بريطانيا ، واحتل صدام حسين الكويت في أغسطس 1990م ، فكانت وسائل الإعلام الغربية آنذاك ، تتساءل بعد أن تذهب القوى الأجنبية بقيادة الولايات المتحدة ، وتدحر جيش صدام وتهزمه وتحرر الكويت ، هل الشعب العراقي سيثور على صدام ويعزله بعد الهزيمة ؟ .

وكانت إجابة إحدى أكبر أساتذتنا آنذاك في بريطانيا هي كالتالي : كل الأمم تعشق البطل المنتصر ، إلا الأمة العربية تنهار أمام الزعيم المهزوم ، وتتعاطف معه !! .

السؤال الذي يطرح نفسه : ما هو السبب الذي أوصل الشعوب العربية إلى عشق الزعيم المهزوم ؛ أو الزعيم المستبد ؟ . يفترض أن أترك الإجابة لكم لكي تشاركو بها من خلال الموقع ! .

أما بالنسبة للسيد صالح فيرى بعض المحللين أن إعلانه عن انسحابه من ترشيح نفسه صيف 2005م ، واستمراره إلى يونيو 2006م ، استطاع من كسب تعاطف الجماهير معه ، والسنة كانت كافية لتعبئة الجماهير اليمنية نفسياً وعاطفياً إلى يونيه 2006م ، وبعدها خرجت الجماهير اليمنية تناشد زعيمها البطل العدول عن قرار الانسحاب ، وترشيح نفسه مرةً أخرى ، وفي هذه الحالة فوتت الجماهير اليمنية الشقيقة علينا كعرب نظرية تداول السلطة ، مما جعل السيد صالح يعدل عن انسحابه ويرشح نفسه مرةً أخرى ، رغم وعوده لمرشحين آخرين بأنه سيساندهم لترشيح أنفسهم للرئاسة ، فمثلاً : إحدى الأشخاص الذين كان عندهم طموح ترشيح أنفسهم يدعى إبراهيم الحمدي ، فكان يقول أن برنامجه : القضاء على الفساد ، وبناء دولة النظام والقانون ، والعمل على تخفيف المعاناة عن الشعب ، وتحقيق تكافؤ الفرص ، وبناء الأمن بناءً صحيحاً !! . ويقول الحمدي أن الرئيس صالح عرض عليه دعماً مالياً لحملته الانتخابية لكنه رفض ، وقال للرئيس بأنه يكتفي بما يقدم من دعم للمرشحين بموجب الدستور ، كما يقول الحمدي أن الرئيس وعده بأنه سيقف إلى جانبه للحصول على تزكية 5% من أعضاء البرلمان من أجل خوض الانتخابات الرئاسية . ويقول الحمدي بأنه قال للرئيس صالح ، إذا ما تمسك الرئيس صالح بعدم ترشيح نفسه في الانتخابات الرئاسية القادمة ، فإنه سيدخل التاريخ من أوسع أبوابه !! .

ولكن السيد صالح عدل عن وعده بالانسحاب من الانتخابات الرئاسية، وعاد ورشح نفسه ، وأقول لكم ونحن نكتب هذا الموضوع في 2/7/2006م بأن السيد صالح شبه المؤكد أو 99.9% بأنه سيفوز بالرئاسة، لأننا كما قلنا للسيد مبارك حاكم مصر ، سنقوله لصالح ، بأن الرئيس بعد أن يحكم أمة أكثر من عقد من الزمن ، يصبح رمزاً وليست حاكم أو رئيس ، ومن سابع المستحيلات أن يقف أمامه أية مرشح آخر ، لأن نفسية معظم الشعب من سابع المستحيلات أن يعطوا صوتهم لمرشح يقف أمام رمز الأمة !! ( راجع موقعنا عن نظرية الرموز ) .

طبعاً نحن عندما نقول ذلك ، لا يعني هذا بأن هناك قصوراً في السيد صالح ، أو السيد مبارك ، وحتى لو كان هناك شيء من هذا ، ففي رأيي من الناحية الأدبية ، بأنه لا يحق لنا نحن كمحايدين ، نقد هذا القصور أو امتداح تلك الإيجابيات ، وإنما ذلك في رأيي من حق شعوبهم ، أما بالنسبة لنا فنكن لهم كل تقدير واحترام ، أما تحليلنا للنقاط أعلاه هو : كيف نستطيع إيجاد آلية تداول للسلطة في عالمنا العربي ورؤساء الجمهوريات يمكثون في مناصبهم أكثر من ثلاثة عقود من الزمن ؟ ! .

أذكر في مقابلة مع المذيعة المتميزة د. إلهام بدر في تلفزيون قطر في برنامج ( حيث أن ) قلت بأن الرئيس الذي يمكث فترة قصيرة في السلطة لا يعني ذلك بأنه سيئاً ، فمثلاً تاتشر تعتبر إحدى أهم شخصيات النصف الأخير من القرن العشرين ميلادي ، وتعتبر المجدد لنظرية الدولة الحارسة، أعطت الدور الأكبر للقطاع الخاص ، فالسيدة تاتشر فازت في الدورة الانتخابية الأولى والثانية والثالثة ( مدة كل دورة أربع سنوات ) ، وفي نصف الدورة الثالثة ، حدثت ثورة عليها في حزبها ( حزب المحافظين ) ، وخلعوها دستورياً من السلطة ، وتم الاتفاق ما بين المحافظين على أن يكمل المرحلة كرئيس للوزراء إحدى تلامذتها السيد ماجور ، استلم ماجور مكان تاتشر ، واستمر على نفس النظرية التاتشرية ، وترشح ماجور مرة أخرى وقدم برنامجه على نفس النظرية الثاتشريه، وفاز في الانتخابات ، وفي منتصف التسعينيات حدثت ثورة في العمال ، ورشح بلير نفسه ضد المحافظين ، وقدم برنامج للدولة الحارسة والقطاع الخاص ، مقتبساً النظرية الثاتشرية ، وكسب الانتخابات ثلاثة دورات أي من عام 1996م إلى الآن 2006م !! .

وسوف يستغرب البعض عندما يعلم بأن القرن الواحد والعشرين ، أو كما يسمى القرن الأمريكي ، فأمريكا تطبق فيه النظرية المعدلة لثاتشر تحت مسمى الدولة الحارسة ، والقطاع الخاص ( الخصخصة ) ، وتريد الولايات المتحدة أن تعمم هذه النظرية على العالم من خلال منظمة التجارة العالمية للعولمة ، هل تعلمون من هو وراء كل هذا ؟ . طبعاً البارونة مارجريت تاتشر ، ولكن الشعب البريطاني الحر لم يتحمل أن يحكمه حاكم واحد لأكثر من ثلاث دورات ، لأنه أعطى كل ما عنده ، وعلماً بأن بريطانيا والعالم مازال محتفظاً بالإنجازات الثاتشرية ! .

فهل نتفق كعرب بأن الإنجاز الحقيقي للزعيم ليست المدة التي يقضيها جاثماً على قلوب ونفوس شعبه .. ولكن بإنجازاته ؟ !! . كما نضرب المثال بإنجازات سياسيين معاصرين ، مثل : غاندي ، وتاتشر ، ومانديلا ! .

ما هو الحل للواقع العربي المرير ؟

الحل ، لابد من وجود مجتمع مدني قوي مستقل استقلالاً تاماً عن السلطة ، حتى لا يتأثر بما يحاك داخل الدولة ، لأن المجتمع المدني من أهم أدواره أنه يعطي الإنسان المعرفة الكافية ، بالآليات التي من خلالها يستطيع أن يكرس مشاركته السياسية ، ويوضح للمواطن بأن السيادة مجزأة ما بين جميع المواطنين ، وأهم ما ينبثق من المجتمع المدني القوي آلية إيصال النواب إلى السلطة التشريعية .

عندما أذكر السلطة التشريعية ، ربما يحتج علينا بعض زملاءنا القانونيين والسياسيين لأن دساتير المنحة العربية غير ديمقراطية أصلاً ، والنائب عندما يصل إلى البرلمان يجد صلاحياته محدودة . ومن هنا من المفترض أن نستوعب أصول اللعبة ، إن الوضع الذي نعيشه في العالم العربي يعتبر واقعاً مريراً ، ولكن ذلك لا يعني بأننا لا نستغل الفرص إذا جاءتنا حتى ولو كانت أنصاف الفرص ، أو عشرها ، أو جزء من أعشار الفرص ، لأن الميزة من وجود مجتمع مدني ، ووجود نواب منتخبون من المجتمع المدني في السلطة التشريعية ، سيساهم تدريجياً في صناعة الرأي، وصناعة الرأي ستساهم في تثقيف المجتمع ، وتثقيف المجتمع سيساهم في إعطاء الشعوب معرفة دورها الاجتماعي والسياسي في خدمة أوطانها ، وعندما تصل هذه الرسالة إلى الشعوب .. ستطالب الشعوب نوابها في السلطة التشريعية من المساهمة في إصدار القوانين التي تتناسب مع آمال وطموحات الشعوب ، وتحفظ حقوقها وواجباتها .

وبالتدريج حتى إذا ما وصلت السلطة التشريعية إلى مرحلة النضج ، سنلاحظ بداية تكريس مبدأ الفصل ما بين السلطات ، والمراقبة الشديدة التي تمارسها كل سلطة على الأخرى ، وفي النهاية الفائدة تصب لصالح المواطن والوطن !! .

ربما يتساءل البعض عن نماذج ناجحة تمثل سيادة الشعوب : في حقيقة الأمر على المستوى الشخصي ، لم يبهرني في الخليج العربي ، لا أبراجه ، ولا شوارعه ، ولا ملاعبه ، ولا مجمعاته التي استطعنا أن نصنعها من عائدات البترودولار بفضل الله سبحانه وتعالى . بقدر ما أعجبني بفضل الله سبحانه وتعالى ، في حركة الثورة البرتقالية في الكويت، ومساهماتها في دعم الإصلاحيين ، وذلك يرسخ اعتزازي بأنني في يوماً ما، كتبت مقالة منشورة في الموقع أسمها ( إنها الكويت ) ، نعم إنها الكويت، وأعتبرها دائماً وأبداً القلب النابض للخليج العربي ! .

ففي الكويت ، عندما أصبح هناك نزاعاً بين الحكومة ومجلس الأمة ، على عدد الدوائر الانتخابية ، بحيث تقترح الحكومة أن يكون عدد الدوائر الانتخابية عشرة بدلاً من 25 دائرة ، ويقترح النواب الإصلاحيين أن يكون عدد الدوائر خمس دوائر فقط ، وبعد نزاع ما بين السلطتين ، واستخدام حضرة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد أمير الكويت حقه الدستوري ، وقام بحل مجلس الأمة ! .

وأستطاع النواب الإصلاحيين من إعادة تنظيم أنفسهم ، والفوز بغالبية مقاعد مجلس الأمة الكويتي ، بحصولهم على 35 مقعد من أصل 50 مقعد في البرلمان ، مقابل 29 مقعد في البرلمان السابق ، وبالمقابل تراجع عدد النواب الموالين للحكومة إلى 13 مقابل 19 في المجلس السابق!.

ولكن لماذا يتنازع الكويتيون على الدوائر الانتخابية ؟ . فتقسيم الدوائر إلى 25 دائرة ، يرى الإصلاحيين ، بأنه يمثل محاربة القيم الديمقراطية بوسائل ديمقراطية ، ويقول الإصلاحيين أن تقسيم الكويت إلى 25 دائرة عزز عند المواطنين الولاءات العائلية والقبلية والطائفية ، وذلك كله يأتي على حساب الوطن والمواطنة ! .

أما نظرية الخمس دوائر تساهم في إجبار المرشح أن يتصارع مع قاعدة أكبر من المرشحين ، وكذلك إجباره على إقناع أعداد أكثر من الناخبين في الدوائر الصغيرة التي غالباً ما كانت تمثل عائلة الشخص أو قبيلته أو طائفته ، أما عندما يكون المرشح يتصارع في دائرة يشارك فيها خمس السكان تقريباً ، فلابد من تقديم برنامج انتخابي قوي لكي يقنع أكبر شريحة من المواطنين ، بأنه يملك برنامج ، من الممكن أن يساهم في خدمة الوطن والمواطن ، وليست مصالح شخصية لهذا أو لذاك !! .

ومن هنا نرى بأن دولنا الخليجية الصغيرة ، لا تحتاج إلى دوائر انتخابية كثيرة ، ويعود ذلك لقلة عدد السكان ، لصغر المساحة ، فمثلاً في لبنان ، محافظة مدينة بيروت تمثل دائرة واحدة ، ويوجد بها 19 مقعد ، ومحافظة الجنوب والنبطية دائرة واحدة ، ويوجد بها 23 مقعداً ، وهاتان الدائرتان تمثلان 33% من مقاعد البرلمان اللبناني ، أي عدد الناخبين بهم ما بين 700 ألف إلى مليون ناخباً ، ولاحظوا الشيء الغريب ، الكويت التي مجموع الناخبين فيها لا يزيدون على 120 ألف ناخب قبل مشاركة المرأة، وينقسمون إلى 25 دائرة !! .

ولكن الشيء المميز ، هو إبداع الإصلاحيين الكويتيين في المطالبة بتغيير الدوائر الانتخابية لصالح الكويت وأهلها ! . أرجو أن يكون هذا الدرس الكويتي أنموذجاً إبداعياً يحتذي به في دول الخليج العربي !! . لكي نبدأ الخطوات الحثيثة لسيادة الشعب ، ونود أن نذكركم بأن الحقوق لا تعطى ، وإنما تؤخذ !! .

والى اللقاء إن شاء الله

خلاف الناتو لا يمنع حرباً

بسم الله الرحمن الرحيم

6/6/2004

الصراع الذي يوجد الآن ما بين دول الناتو ، وكذلك ما بين الدول الأوربية ، من الناحية الظاهرية هو في صالح القضية العراقية ، والقضية الفلسطينية ، وإعادة التشكيل الجيوسياسي للشرق الأوسط ، ولكنه في الحقيقة صراع ذو ثلاثة محاور :

المحور الأول : جيوبوليتيكي ، وله تركيز على الاستراتيجية الجغرافية للمنطقة ، وبلغةٍ أسهل نقصد بأنه صراع على الكعكة الشرق أوسطية ، وحتى لا تنفرد الولايات المتحدة لوحدها بإلتهامها   يشرح لاحقاً في الجزء الثاني  0

المحور الثاني : يوجد صراع مبطن ما بين القوى الأوربية ، أو كما تسميها أمريكا الآن أوربا القديمة ، بقيادة فرنسا وألمانيا ، ويساندهم معظم الشعوب الأوربية على نزع أسلحة الدمار الشامل العراقية بطرق سلمية ، ولكن الولايات المتحدة تحاول أن تقفز من فوق الفصلين السادس والسابع في ميثاق الأمم المتحدة ، وهو الذي يقول عدم جواز استخدام القوة من خلال الأمم المتحدة وتحت رايتها إلا بقرار من مجلس الأمن   الخليج العدد 8679  ولو تجاهلت الولايات المتحدة الفصلين المذكورين ، فذلك يشكل من ناحية قانونية ، لا من ناحية سياسية كما تدعي الإدارة الأمريكية ، خرق واضح وصريح للتنظيم الدولي ، والقانون الدولي العام ، ويمثل ذلك من ناحية نظرية انهيار الأمم المتحدة ، مثل عندما خالف هتلر قرارات عصبة الأمم قبل الحرب العالمية الثانية ونتج عن ذلك الحرب العالمية الثانية  0

المحور الثالث : النزاعات التي نشأت في الناتو في فبراير 2003م :  لمنع التكرار ، راجع آل ثاني ، فهد ، في كلا من : الراية العدد 7546 ، ومجلة الإنسانيات ، جامعة قطر ، العدد 24  0

من أقوى النزاعات التي شهدها الناتو بعد الحرب الباردة الفيتو الذي استخدمه محور باريس – برلين ، ويساندهم في ذلك بلجيكا ، عندما تقدمت تركيا طالبةً من دول الحلف وفق المادة الرابعة التأسيسية للناتو التي تنص على إجراء مشاورات بين الحلفاء إذا ما اعتبر أحدهم أن سلامة أراضيه ، أو أمنه مهدد  0  الراية العدد 7585  ، وكانت تركيا مستندةً على هذه المادة لتوفر لها قوة دفاعية من دول الناتو في حالة حدوث هجوم على العراق  0 وكانت نتيجة ذلك الاحتجاج الفرنسي الألماني البلجيكي ضد هذا الطلب ، وكان يساند طلب تركيا دول الناتو الستة عشر المتبقية متزعمتها الولايات المتحدة 0 وهذا الطلب التركي أكثر الاحتمالات بأنه سياسي وليس قانوني ، وربما بإيحاء من الولايات المتحدة الأمريكية  0 ونقصد هنا إلزام فرنسا وألمانيا بقرارات الناتو ، حتى عندما تقدم واشنطن مشروع قرار جديد في مجلس الأمن يكون سبق السيف العذل بالنسبة للقوى الأوربية لأنهم لا يستطيعون مناقضة أنفسهم بعد موافقتهم على القرار الرابع للدفاع عن تركيا في حالة قيام الحرب 0 ومن خلال هذه اللعبة للولايات المتحدة استطاعت مع تحالفها الأنجلو أمريكي عمل شرخ في جدار دول الاتحاد الأوربي ، بحيث بواسطة بريطانيا استطاعت أمريكا أن تجر وراء قراراتها العدوانية كلٌ من ايطاليا وأسبانيا والبرتغال وأربعة دول أوربية أخرى ، وذلك جعل محور باريس – برلين وحيداً في أوربا ، وفي الناتو ، ولكنه قوياً في مجلس الأمن بحيث تدعمهُ كلٌ من روسيا والصين ومعظم الدول ذات العضوية الغير دائمة في مجلس الأمن  0

ولكن هذه المعارضة القوية الفرنسية الألمانية في الناتو وأوربا ومجلس الأمن من الناحية السياسية لا تعني بأن هذه الدول إذا روعت مصالحها ستمانع قيام الحرب ، والأمثلة على ذلك كثيرة ومنها حرب القرم في القرن التاسع عشر ميلادي  0

أما بالنسبة للمدرسة الأتاتوركية التركية كانت تلعب لعبة استدرار مصالح الحرب ودرء سلبياتها بالأساليب التالية : فاللعبة التركية بدأت بإثارة المادة الرابعة التأسيسية للناتو المذكورة أعلاه ، ونشأ بسبب المادة الرابعة نزاعات في الناتو كادت تعصف به 0 وبعد فترة وجيزة استطاعت تركيا أن تحقق مطالبها الدفاعية من الناتو ، وقال جورج دو برتسون أمين عام حلف الناتو : ” استناداً للمادة الخامسة سنرسل طائرات مراقبة من طراز اواكس وبطاريات صواريخ لتركيا وهي حليف مهدد ” ويضيف ” لهذه الغاية يستخدم حلف الناتو بين الدول الديمقراطية ”  0  الوطن العدد 2728  والمرحلة الأخيرة من المطالب التركية من المنظمة الدولية والناتو هو ما قاله الرئيس التركي أحمد نجدت سيزر: ” يجب صدور قرار عن الأمم المتحدة يجيز استخدام القوة قبل أن تدرس تركيا فتح أراضيها للجنود الأمريكيين ” ، أما بالنسبة لشروط تركيا لتقديم التسهيلات اللوجستية للناتو هي  أن يدفع لتركيا 25 مليار دولار ، وشطب ديونها العسكرية ، وكذلك الموافقة على رفع نسبة حصة الصادرات من المنسوجات التركية ، وتسهيلات لدخول الحديد والصلب التركي للسوق الأمريكية   الخليج العدد 8676 0

ومن الناحية الجيواستراتيجية تمانع تركيا قيام دولة كردية مستقلة عند حدودها الجنوبية الشرقية  الخليج العدد 8676 0 وبعد كل هذه الشروط ، ربطت الحكومة التركية موافقتها على هذه الشروط بقرار تصويت البرلمان التركي ، وهنا تعطي الحكومة التركية نفسها المرونة الكافية لتحقيق هذه الشروط أو أقصى حد منها ، وحتى تبرهن للأمريكان في حالة الضغط عليهم بأنهم دولة ديمقراطية والأمور الاستراتيجية يحسمها البرلمان ، علماً بأن الحكومة التركية ، والبرلمان ، وأمريكا ، يعلمون جيداً من هي الجهة ذات القرار الأخير في تركيا ؟  0

وعندما واجهت أمريكا معارضة ضخمة من محور باريس – برلين في الناتو وأوربا ومعظم الشعوب الأوربية معهم ، ومن محور باريس – برلين – روسيا – الصين، في مجلس الأمن ، مما شكل تحالف أوراسي في مجلس الأمن ، هذا جعل الولايات المتحدة تلعب لعبةً خطيرة بالنسبة لهيمنتها العالمية وهي ما قاله الرئيس بوش : “الولايات المتحدة مستعدة لخوض الحرب من خلال تحالف من الدول التي تتخذ موقفاً مماثلاً سواءً أيدت الأمم المتحدة ذلك أم لا ”  الخليج العدد 8665  0 نعتقد بأن هذه مناورة من بوش لأن التنظيم الدولي الحالي ممثلاً بالأمم المتحدة ، ومنظمة التجارة العالمية ، وصندوق النقد الدولي ، والبنك الدولي للإنشاء والتعمير ، يمثل أفضل الآليات لتسهيل الهيمنة الأمريكية على هذا الكوكب إلى فترة زمنية غير قصيرة  0

من هنا نرى النقد المبطن والخلافات الفكرية بين الجيوبوليتيكيين الأمريكان على التهور الذي تقوم عليه استراتيجية بوش الابن 0

أولاً : ذبيغنيو بريجنسكي : الطريقة التي تعاملت بها الولايات المتحدة مع التحفظات بشأن العراق ، خلقت انطباعاً بأن بعض زعماء أمريكا خلطوا بين حلف الناتو ومعاهدة وارسو 0 والأسوأ من ذلك ، أن ابتهاج واشنطن لانقسامات الأوربيين تجاه موقفها ، عزز موقف الأوربيين الذين يؤمنون بنظرية المؤامرة 0 فالولايات المتحدة ، يعتقد الأوربيين بأنها باتت تخطط لوضع استراتيجيات كبرى بشأن التحالفات ، مثلاً كالهند ، وروسيا ، وإسرائيل ، بدلاً من الناتو ، وكل هذه الدول يكن عداء ما لبعض بلدان العالم الإسلامي 0

ويرى كذلك بريجنسكي أن على أمريكا أن تمنح عمليات التفتيش والتدقيق الدولية شهور عدة ، مطلوبة للتأكد بشكل أوضح ، مما إذا كان العراق قد أذعن مرغماً أم أنه يواصل التحايل المتعمد 0

ويرى بريجنسكي بأن الرأي الذي يقول إن نشر القوات الأمريكية في المنطقة يستلزم إشعال الحرب عاجلاً ليس بالضرورة رأياً موثوقاً به : فالقوات الأمريكية الجاهزة للحرب ، والتي تجاوز عددها مئات الآلآف ظلت منتشرة في أوربا لعقود طويلة ، وقدرة أمريكا على نشر قواتها اليوم باتت أعظم من أي وقت مضى 0

ويختم قائلاً إذعان العراق المتواصل سيتطلب قبول الولايات المتحدة أن يكون نزع الأسلحة كمحصلة ، والتحدي خلال أية مرحلة قد يعني حرباً تدعمها الأمم المتحدة ، ويترتب عليها تغيير النظام  الشرق الأوسط العدد 8850  0

ثانياً : نرى التناقض لتصورات بريجنسكي ، من خلال ما قاله هنري كيسنجر : إذا انتهت الأزمة من دون تغيير النظام في بغداد ، وإذا أرسلت الولايات المتحدة مائتي ألف من قواتها إلى المنطقة  الشرق الأوسط  لتعيدهم من دون تحقيق أكثر من احتواء ضبابي لنظام أخل بقرارات الأمم المتحدة لأكثر من عشر سنوات ، فإن مصداقية القوة الأمريكية في الحرب ضد الأرهاب ، وفي الشؤون الدولية عموماً ، سوف تتضرر بشدة، وربما بلا إمكانية لإصلاح الضرر 0

أما بالنسبة للناتو فيرى كيسنجر بأنه لن ينتعش هذا التحالف إلا عبر تفعيل المشاعر والروح المعنوية بعيداً عن قيود القانون والمواثيق 0 إن الحلفاء الذين يشعر شركاؤهم أن بوسعهم الاستفادة من فشلهم على المدى الطويل ليسوا حلفاء 0 وإذا أريد لحلف الناتو أن يبقى مؤثراً في مواجهة تحديات المرحلة الجديدة ، فإن على قادته أن يعثروا على تعريف جديد لتطلعاتهم  الشرق الأوسط العدد 8839  0

الملاحظة هنا بأن الرأي الأول لبريجنسكي يميل أكثر لتطبيق القانون الدولي العام واحترام الميثاق الدولي ، أما الرأي الثاني لكيسنجر فهو رأي سياسي ويحمل في طياته حلم إقامة إسرائيل الكبرى  0

السؤال الذي يطرح نفسه إذا لم يستطع الأمريكان تنفيذ الاستراتيجية الشرق أوسطية : هل ستقوم أمريكا بحل المنظمات الدولية ؟ 0

كل كما ذكرنا في الجزء الأول مجرد مناورات ، فالمنظمات الدولية المعاصرة هي أفضل من يخدم الاستراتيجية الأمريكية الكونية 0 ولكن ذلك لا يمنع أن تقيم أمريكا تحالفات توازن مع أقطاب أوراسية متنافسة فيما بينها ، وكل منهم له مشاكل مزمنة مع المسلمين ، مثل روسيا ، والهند ، وإسرائيل ، وخاصةً بعد إعادة تشكيل الشرق الأوسط تحت القيادة الإسرائيلية ، وذلك لا يمنع أن تبقي أمريكا تحالفها مع أوربا من ضمن الناتو ، ولكن تحقيق ذلك كله يعتمد على التكتيك الذي سوف تستخدمه أمريكا، وتوزيع الأدوار على القوى المتناحرة بعد الحرب الباردة  0

ولكثرة النزاعات على توزيع الأدوار ما بين الدول العظمى ، أصبحت كل من روسيا وفرنسا وألمانيا والصين ، تبدي استيائها من الأحادية القطبية الأمريكية وتبحث عن عالم متعدد الأقطاب ( الوطن العدد 2734 ) 0

فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين يقول : ” الحقيقة المطلقة أن روسيا بلد أوروبي من الناحية الجغرافية والفكرية والثقافية 0 وموسكو ترحب بطرق التكامل في أوربا ولا يتخيل تطوير روسيا من دون تطوير أوربا الخالية من الخطوط التقسيمية ” ( الخليج العدد 8679 ) 0

وهذا مؤشر خطير بالنسبة لأمريكا فعندما تتم إعادة تشكيل العالم الأوراسي ، سواءً تشكلت الكتل المذكورة أعلاه ككتلة واحدة ، أو مجموعة من الكتل المتحالفة ، فذلك سيشكل عالم التوازن خارج الإشراف الأمريكي  ، وفي هذه الحالة ، ربما تتمكن أوراسيا من منافسة القطبية الأحادية لأمريكا 0

ونجد حتى الاستراتيجيين الروس مثل الكسي كيينا يقول : ” إذا بدأت أمريكا بالعراق ، فستذهب بعدها للسعودية ، وبعد ذلك إيران ، وبعد السيطرة على هذه الدول الغنية بالنفط ، ستذعن تلقائياً منظمة الأوبك للمطالب الأمريكية ، وذلك سيؤدي إلى تخفيض حاد في أسعار النفط ” 0

ويقول كيينا : ” ولنفترض أن أسعار النفط انخفضت تحت (10) دولار للبرميل الواحد فإن روسيا ستعود إلى وضع 1998م ولن يكون الوقت كافياً لديها للشراكة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة وستجري عملية السباق النووي ، وعلى الأرجح فإن الاستراتيجيين الأمريكان لا يفكرون بذلك ” ( الخليج 8629 ) 0

إذاً الاستراتيجية الضاغطة من الممكن أن تولد عالم توازن خارج السيطرة الأمريكية ، أو من الممكن أن تعيد الحرب الباردة ما بين أمريكا وروسيا ، أو ربما أمريكا واوراسيا 0

أما بالنسبة للولايات المتحدة فقاتلت ما يقارب عقداً من الزمن ، منذ انتهاء الحرب الباردة ، لكي تطبق استراتيجية عولمة العالم بالطريقة الأمريكية ، ولكن هذه الاستراتيجية فشلت فشلاً ذريعاً في العالم وخاصةً الشرق الأوسط ( راجع آل ثاني ، فهذ ، كتاب العالم الإسلامي ، ودراسات في الجغرافيا السياسية ) 0

وبسبب فشل أمريكا في استراتيجية العولمة قفز العجز في الميزان التجاري الأمريكي من 100 مليار دولار عام 1990م ، إلى 450 مليار دولار عام 2000م ، والأخطر في العجز التجاري في عام 2000م هو بأن الواردات النفطية لا تشكل إلا 18% من الواردات الأمريكية ، أما 82% الباقية فهي سلع صناعية مستوردة  0

ومن الأدلة على الفشل الأمريكي في إدارة عولمة العالم بأن أمريكا أصبحت في موقع التبعية لا موقع التحكم ، والدليل على ذلك بأن العجز التبادلي مع الصين في عام 2001م مليار دولار ( الشرق العدد 5364 ) 0

ويقول الكاتب الفرنسي ايمانويل تود : أن الأمبراطورية الأمريكية ، شبيهة بالأمبراطورية الرومانية التي كانت تعتمد على الاستيراد الخارجي ، منها إلى الأمبراطورية السوفيتية التي كانت تعتمد على الاكتفاء الذاتي 0 فأمريكا امبراطورية للإستهلاك لا للإنتاج ، وحاجتها إلى العالم في استهلاكها أشد من حاجة العالم إليها في إنتاجه 0 ولكن الوقت الذي بات فيه العالم ضرورياً لها لتحافظ على مستوى استهلاكها الأمبراطوري ، فإن هذا العالم نفسه لا يقع تحت سيطرتها الاستراتيجية ، فالقطبان الندان لها في مجال الإنتاج الصناعي وهما الاتحاد الأوربي واليابان العجز التجاري الأمريكي يبلغ مقابلهم 60 مليار دولار ، و 68 مليار دولار على التوالي 0 فبالتالي لا تجمعهم مع أمريكا علاقة تبعية ، كما يقضي المنطق الأمبراطوري 0 كذلك فإن القطبين الكبيرين الآخرين في العالم ، وهم الصين وروسيا يقفان خارج مجال سيطرة واشنطن الاستراتيجية ، لاسيما أن روسيا تتمتع باستقلالية نووية تامة ( الشرق العدد 5364)0

وكما ذكرنا سابقاً بأن أمريكا عندما شعرت بعجزها التجاري الكبير مع الصين ، وكذلك مخافةً من أن تطور الصين تكنولوجية الأسلحة الذكية ، أصبحت الولايات المتحدة تحارب تصدير التقنية إلى الصين ففي عام 2001م مثلاً تسلمت وزارة التجارة الأمريكية 1294 طلباً فيما يتعلق بتصدير التكنولوجيا إلى الصين ، 72% من الطلبات حصلت على موافقة ، بينما رفضت وزارة التجارة الأمريكية تصدير 28% من الطلبات ( الخليج العدد 8679 ) إذاً أين العولمة التي تطالب بها أمريكا من ذلك ؟ 0

أمريكا ستحاول تطبيق سيطرتها العالمية من خلال محاولة المحافظة على تفوقها في عالم الجنوب ، وخاصةً الشرق الأوسط لأن ذلك سيعطي أمريكا سيطرة مباشرة على 72% من احتياطيات النفط في العالم ، و 35% من احتياطيات الغاز الطبيعي        (آل ثاني، فهد ، عالم إسلامي ، ص 101) 0

ولكن إذا فشلت ، لن تغامر أمريكا مغامرةً غبية في إلغاء المنظمات الدولية أو بعضها ، أو إجراء مواجهة مباشرة مع القوى الموجودة في العالم الأوراسي ، ولكن أكثر المخاوف في ذلك هو على توزيع الأدوار في الشرق الأوسط ، من خلال إتفاقية سرية تعقدها أمريكا والدول الأوراسية المنافسة لها لتوزيع الأدوار في الشرق من تحت الطاولة 0 والأمثلة على ذلك كثيرة ومنها الاتفاقية الثلاثية السرية التي جرت في 22 أكتوبر 1956م ما بين بريطانيا وفرنسا وإسرائيل ، وكانت تنص هذه الاتفاقية على محورين : الأول : الاستفادة من محاولة الرئيس عبد الناصر عندما أمم قناة السويس كذريعة لضرب مصر ، وإعادة قناة السويس إلى الشركة الفرنسية ( الأهرام العدد 18 فبراير 2003م ) ، علماً بأن مجموعة من الاستراتيجيين ومنهم أمين هويدي قالوا سواءً قناة السويس كانت عند الشركة الفرنسية أو عند مصر صاحبتها الأصلية ، فلا يوجد وسيلة عند المصريين للاستفادة من القناة إلا عندما تؤدي وظيفتها لعبور السفن ، وخاصةً السفن الأجنبية والطرف المصري يحقق ريعاً كبيراً من وراء ذلك 0 فبالتالي العدوان الثلاثي على مصر كان الهدف منه تجريد مصر من السلاح الذي استوردته من أوربا الشرقية ، وإسقاط عبد الناصر من السلطة ، وأخيراً إعادة قناة السويس إلى السلطة المصرية  ( الأهرام 18/2/2003م ) 0

المحور الثاني : الاتفاقية السرية أعلاه ألغت البيان الثلاثي لعام 1950م الذي فرضت بواسطته كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا توازن قوى إقليمياً لمصلحة إسرائيل 0 بمعنى آخر التفاف من القوى الاستعمارية ( فرنسا وبريطانيا ) لإخراج القوة الامبريالية الحديثة ( الولايات المتحدة ) من الشرق الأوسط ( الأهرام 18/2/2003م ) 0

ولكن أمريكا قابلت هذه الدول بغضب شديد ، فالسرية وحجم العدوان لم يغضبان أمريكا ، وإنما أغضبتها محاولات فرنسا وبريطانيا العودة إلى المنطقة ، وهذا يعني فشل سياسة ملء الفراغ وإفشال حلف بغداد ودفع العرب نحو الأتحاد السوفيتي ( الخليج العدد 8679 ) 0

فكما ذكرنا أعلاه فأمريكا سوف تضغط لإبتلاع الكعكة كاملةً لوحدها ، ولكنها إذا فشلت ، ستضطر لعقد اتفاق من تحت الطاولة مع القوى المنافسة لها لإعادة توزيع الكعكة الشرق أوسطية 0 وذلك ليس بجديد على القوى الاستعمارية ، فعندما تصارع الحلفاء المنتصرين في الحرب العالمية الأولى على الكعكة ( الامتيازات النفطية ، الشرق أوسطية اضطروا في النهاية لتقسيم الكعكة فيما بينهم ، فانشأت ما يسمى شركة نفط العراق وأعطيت امتياز الشرق الأوسط بأكمله ، تحت اتفاقية تسمى اتفاقية الخط الأحمر ، وكان تقسيم الحصص في شركة نفط العراق كالتالي : 75ر23% لكل شركة من شركات الدول التالية أسماؤها : بريطانيا ، وهولندا ، وفرنسا ، والولايات المتحدة الأمريكية ، وأرمني يدعى سركيس نحو لبيكان اعطى 5% لدوره في التأسيس وتنسيق إدارة الشركة ( Al-Thani.F.Phd. PP. 41 – 64) 0

والآن لا نستغرب أن تعيد أمريكا توزيع الحصص في الشرق الأوسط حتى لو كان لفترة مؤقتة ، ونعتقد ربما يكون توزيع امتيازات الهايدروكاربون الشرق أوسطي كالتالي : 40% للشركات الأمريكية ، و 10% للبريطانية ، و 10% للفرنسية ، و 5% لكل من : روسيا وإيطاليا وألمانيا وكندا والصين ، وما تبقى يقسم بالطريقة الأمريكية قسمة غرماء ما بين الشركات العالمية  0

أما بالنسبة للعرب فكالعادة سيخرجون من جميع السيناريوهات خاليي الوفاض ، وأكبر دليل على ذلك المعارضة العراقية ، منذ ثمانية سنوات وأمريكا تعدهم بأنها ستحرر العراق من قبضة الرئيس صدام ، وستسلمهم السلطة في بلدهم ، وعندما اقتربت ساعة الصفر لكي تقوم أمريكا بتنفيذ عدوانها على العراق قالت للمعارضة بعد خلع صدام سيكون دوركم استشاري فقط في إدارة العراق ، أما حاكم العراق سيعين بالطريقة الأمريكية  0

ويقول أحمد جلبي أشهر زعماء المؤتمر الوطني العراقي ( يجب أن لا تكون هناك فجوة في سيادة العراقيين على العراق ) ( الوطن العدد 2728 ) 0

وفي اجتماع أنقرة الذي عقدته المعارضة العراقية في فبراير 2003م ( قالت امريكا بصريح العبارة أن على زعماء المعارضة ألا يتوقعوا دوراً أكثر من تقديم المشورة إذا احتاجها الأمريكيون في معالجتهم للقضية العراقية ) ( الخليج العدد 8676 ) 0

وما يحدث للمعارضة العراقية الآن هو ما حدث لزعامات عربية في القرن التاسع عشر والعشرين عندما عقدوا تحالفات مع المستعمرين ، على أنه بعد أن يسيطر المستعمر على الموقف ، يسلمهم السلطة ، ولكن بعد أن ينتصر المستعمر يغرر بهذه الزعامات ، أو ينفيها ، أو يصفيها جسدياً ، أو يسلمها سلطة لا تزيد على كومةً من صخر ، بعد أن كان يواعدها بأن يسلمها سلطةً تعلو على قمة ايفرست في جبال الهمالايا 0

وفي الختام هل نستوعب الدرس ونضع استراتيجية شرق أوسطية لهذه الأمة ؟0

وإلى اللقاء دائماً إن شاء اللّه ،،،