البعد الإستراتيجي لتنظيم كأس العالم في قطر

بسم الله الرحمن الرحيم

24/10/2011

تحول هذا التشريف إلى إهانة لنا من خلال الفضائيات الكاتالونية وبعض الأسبانيه والإعلام بأشكاله المختلفة، وبعدها لكي يقبلوا الهبة المقدمة من مالنا العام، قالوا لابد من التصويت، ولسخرية القدر أيضاً الذين قبلوا المليار ريال هبة 86% من المصوتين فقط، و14% رفضوا الهبة,كم يستفيد المواطن من هذه الملاعب؟، أليس من الأجدر أن يوجد خمسة أو ستة مستشفيات، تخفف العبء عن مستشفى حمد؟، الذي إذا أردت أن تطلب موعد، يأتيك بعد أربعة شهور أو أكثر. إذاً مجموع الأموال المستقطعة من رأس المال المستثمر أعلاه 1,8 تريليون ريال للفترة 2012-2021م، 720 مليار ريال وذلك يعادل 40% من قيمة الأموال المستثمرة في قطر في الفترة 2012-2021م ستلاقي طريقها إلى الخارج وستقتطع منن الناتج المحلي القطري!!.

البعد الإستراتيجي لتنظيم كأس العالم في قطر

* وزعت هذه الدراسة على مجموعة من المحاور وذلك لتسهيل تحليل الظاهرة، وكان المحور الأول دراسة مفهوم المشاريع الكبيرة في النظرية الميكيافيلية، والمحور الثاني في إعادة توزيع الثروة، والمحور الثالث دراسة مقارنة لآخر أربع بطولات، أقيمت لكأس العالم 1998-2010م، والمحور الرابع مدى إستفادة العمالة المحلية والناتج المحلي القطري من توزيع الثروة، والمحور الخامس إزدواجية تنظيم الأولمبياد وكأس العالم، والمحور السادس تحليل الإستبيان الموزع على المواطنين والمقيمين القطريين.

  • § المحور الأول: مدى تطابق كأس العالم مع نظرية المشاريع الكبيرة الميكيافيلية:-

* عندما استضافت دولة قطر كأس العالم 2022م، أدى ذلك إلى تساؤل الكثيرين حول هل ينطبق ذلك على مفهوم المشاريع الكبيرة التي سبق أن كتبنا عنها في تحليل النظرية الميكيافيلية!؟.

* من خلال المشاريع العظيمة، يكتسب الزعيم الشهرة وفي الوقت نفسه إستهلاك طاقة الشعب، ويرى مكيافيلي بأن هذه المشاريع العظيمة ليس بمهم حتى لو تحولت إلى فيلة بيضاء أو أطلالاً، لأنه خلال عملك لهذه المشاريع العظيمة يكون شعبك مذهولاً، وتكون متسلطاً على عقولهم، تجعلهم مشغولين دائماً بالتطلع إلى النتائج!، وبمجرد إنتهائك من مشروع فعليك أن تكون جاهزاً لتشغلهم بمشروعاً آخر حتى لو كان عديم الفائدة على المدى البعيد.. وهلمجرا، وهذا سيشغل الشعب عنك في معظم فترة سلطانك!!.

  • § ولكن هنا نحن نستبعد تطابق النظرية الميكيافيلية على الوضع القطري والأسباب هي كالتالي:-

1- عدد السكان صغير جداً ومتقارب بشكل كبير ثقافياً ومستوى الدخل من أعلى مستويات الدخل في العالم.

2- تنظيم كأس العالم يعتبر أمل كبير للمستثمرين داخل قطر وخارجها بأنه سوف يساهم في عملية تنمية إقتصادية عملاقة في قطر وجذب الكثير من رؤوس الأموال، والدليل على ذلك عندما قمنا، بإستطلاع الرأي عن تنظيم كأس العالم في قطر، وكانت إحدى الأسئلة، هل تعتقد تنظيم كأس العالم يساهم في دفع عجلة التنمية؟. كانت نسبة الإجابة بنعم على هذا السؤال نسبة مذهلة تصل إلى 73% من سكان قطر يتوقعون أن تنظيم كأس العالم سوف يساهم في دفع عجلة التنمية، ويجعل قطر تخرج من الركود الاقتصادي,أو عنق الزجاجة التي وجدت نفسها فيه لاعادة أستثمار مشاريع الأسياد الخدمية(مثل الركود في العقارات) بعد إنتهاء بطولة الأسياد 2006م، وتلتها الأزمة الإقتصادية العالمية التي هزت أركان الاقتصاد العالمي عام 2008م!.

3- هناك من المتفائلين بما أن قطر استضافت كأس العالم في عام 2022م، ووضعت خطة تنموية لعام 2030م، فاستضافة كأس العالم 2022م، سوف تساهم في إنجاز الخطة قبل موعدها بثمانية سنوات، أي عام 2022م متوافقة مع موعد تنظيم كأس العالم، طبعاً الخطة بالتأكيد سيطرأ عليها بعض التعديلات. ومن خلال إستطلاعنا للرأي وضعنا سؤال كالتالي، هل تعتقد أن تنظيم كأس العالم 2022م، يساهم في إنجاز البنية التحتية قبل موعدها في خطة 2030م؟. فكانت الإجابة، مذهلة أيضاً وبكل تفاؤل، بحيث أجاب 86% من المستطلع رأيهم بنعم يتوقعون بسبب إستضافتنا لكأس العالم سوف تنجز البنية التحتية لخطة 2030م قبل موعدها بثمانية سنوات، أي على موعد تنظيم كأس العالم 2022.

4- توافق كبير بين المجتمع القطري وقيادته، وسبق لنا بأن أشرنا في أكثر من دراسة أو ندوة أو مقابلة إعلامية، بأن ثقافة معظم المجتمع القطري ثقافة عربية قبلية كلاسيكية، الدليل على ذلك عندما تم الإستفتاء على الدستور القطري عام 2004م كانت الإجابة بنعم ضخمة جداً وتمثل معظم المصوتين، بحيث كان المصوتين بنعم على الدستور القطري الدائم تصل نسبتهم إلى 96.64% من القطريين المشاركين في الإستفتاء الدستوري، وعندما استطلعت رأي سكان قطر عن إمكانية تصويتهم بنعم، أو لا، على تنظيم كأس العالم، كان توقعي في هذا السؤال أن معظم سكان قطر سيكون مطلبهم بأنه كان يفترض أن يكون هناك تصويت من خلال مجلس شورى منتخب، أو إستفتاء شعبي على تنظيم كأس العالم في دولة قطر، ولكن النتائج المذهلة في إستطلاع الرأي كانت التالي، هل كان يفترض أن يتم الإستفتاء الشعبي على تنظيم كأس العالم؟ فكانت الإجابة بنعم غريبة جداً، بحيث المصوتين بنعم لم يتجاوزوا 48% من المصوتين، والذين لا يريدون إستفتاء شعبي تصل نسبتهم 52%، أي أن الغالبية من المستطلع رأيهم مقتنعين بقرار الحكومة منفردة لتنظيم كأس العالم بدون الرجوع للشعب!.

* وكان إستطلاع الرأي الذي يليه، هل كان يفترض أن يتم التصويت من خلال مجلس تشريعي منتخب لتنظيم كأس العالم؟.

* صراحةً كنت أتوقع الإجابة بنعم هنا تصل إلى أكثر من 90% من الذين استطلع رأيهم، ولكن كانت الإجابة بنعم 62% من المستطلع رأيهم بأنه كان يفترض تنظيم كأس العالم في قطر أن يتم التصويت عليه في مجلس تشريعي منتخب، ولكن بقيت نسبة لا بأس بها مع الحكومة وتصل 38% ترى بأن تنظيم كأس العالم في قطر لا داعي التصويت عليه في مجلس تشريعي منتخب!.

  • § المحور الثاني: نظرية إعادة توزيع الثروة:-

نعتقد أن هذه النظرية الأكثر إحتمالاً، لأن الحكومة القطرية هي المالك المنفرد للموارد الطبيعية وبالتحديد للهايدروكربون والنفط والغاز الطبيعي، وبالتالي نحن دولة ذات إقتصاد ريعي يعتمد على الموارد الطبيعية بشكل مباشر وغير مباشر تصل نسبته إلى أكثر من 95%، ولذلك على الدول الريعية توفير المرافق والخدمات وبرامج التنمية في القطاعين التنمويين الأول والثاني، ولكن هذا يعمل ثنائية كبيرة بين الدولة “الحكومة” والمجتمع بحيث تصبح الدولة تملك كل شئ والمجتمع فقير لا يملك أي شئ، إلا من خلال مشاريع ضخمة تساهم في إعادة توزيع الريع على المواطنين، وذلك يجعل المواطنين، يعيدوا توظيف هذه الأموال في القطاعات التنموية المختلفة سواء في قطاع المرافق والخدمات، أو القطاعين التنموييين ذو الأنشطة الأولية، أو قطاع الأنشطة الثانوية وخاصةً في الصناعات المتوسطة والصغيرة، وفي هذه الحالة، ذلك سيساهم في الدورة المالية ما بين القطاعات الإقتصادية القطرية العام “الذي يملك الهايدروكربون” والقطاع المختلط والقطاع الخاص الذي هو مستهدف أصلاً.

* ولذلك قطر لتنظيم كأس العالم، ولبرامج التنمية الأخرى عندها مضطرة لضخ مبالغ ضخمة في فترة قصيرة جداً لا تتجاوز عشر سنوات ما بين عامي 2012م-2021م، تزيد على 500 بليون دولار “تعادل 1,8 تريليون ريال قطري” وهذا الرقم بالنسبة لدولة صغيرة جداً في حجم قطر يعتبر خرافي بشكل كبير، ولكن الحمد لله الأمر حقيقة ومتوفر، ونحن نعتقد بأن المبلغ سيكون أسلوب من أساليب إعادة توزيع الريع على القطريين إذا استغل الإستغلال السليم ، وإن يكن له سلبيات خطيرة جداً من حيث الغزو الأجنبي سنتكلم عنه لاحقاً!.

* فأسلوب إعادة توزيع الريع استخدم في الخليج العربي، منذ بداية ريع الهايدركاربون في دول الخليج العربي، وسماه البعض بالنموذج الكويتي!.

  • § في كتابي إستراتجية التنمية صـ 27 ذكرت التالي:-

((في توزيع الثروة، بشكل عام هناك تشابه كبير في النماذج الخليجية، وبطريقة أو بأخرى يجب أن نعترف بأن معظم دول الخليج وخاصةً الصغيرة منها تأثرت بالنموذج الكويتي، ففي الكويت من التدابير التي اتخذتها الحكومة لتوزيع الثروة وتحريك القطاع الخاص للمساهمة في دفع عجلة التنمية، إذا قامت الحكومة بإنفاق أكثر من ربع ريعها على شراء العقارات من المواطنين بأسعار مرتفعة، ومن ثم عادت لبيعها عليهم بقيمة لا تتعدى 4% من ثمن الشراء وذلك في الفترة (1950- 1980) وهذا النموذج وجد تطبيق كبير بالنسبة له في دول مجلس التعاون الخليجي العربي، وبخاصةً في فترة الطفرة النفطية ما بين عامي (1973-1980) )).

* وهذا النموذج نفسه طبق أيضاً على توزيع وكالات الخدمات التجارية والصناعية، وهو أحد الطرق الجيدة لعملية تحريك الدورة المالية، ولكنه يتطلب المراقبة بكل دقة وحذر، لأنه سوف ينتج عنه ثنائية في توزيع الدخل، والثنائية سوف تخلق طبقية بحيث يتركز رأس المال في أيدي القلة، ويبقى الأغلبية يدورون في حلقة مفرغة، ويقضي على الطبقة الوسطى التي يعتمد عليها في برامج التنمية، وذلك سوف يؤدي إلى فشل أي برامج للتنمية. وإن بدأت دول المجلس الآن تستوعب هذه المعضلة جيداً من خلال الإتجاه إلى طريق الخصخصة، ولكننا نكرر ونقول بأن الطريق مازال طويلاً وشائكاً!.

* ولكن السؤال الذي يطرح نفسه، هل دولة قطر يوجد عندها العمالة الكافية والبنية التحتية القطرية والقاعدة الإنتاجية الكبرى، لكي تضاعف الدخل القومي القطري، وميزان المدفوعات القطري،والميزان التجاري, وذلك كله يصب في مضاعفة قيمة الناتج المحلي القطري!؟.

* لكي نتأكد من ذلك الخطوة الأولى لابد لنا من مقارنة قطر مع دول سابقة نظمت كأس العالم، ولابد لنا من معرفة مدى إستعداد البنية التحتية القطرية البشرية والخدمية والإنتاجية لإستقبال ملايين البشر أثناء كأس العالم، ومدى تأثير ذلك بعد نهاية كأس العالم، والفوائد التي تعود منه على الإقتصاد القطري!!.

  • § المحور الثالث: دراسة مقارنة مع بعض الدول التي نظمت كأس العالم:-

* صراحةً لا يوجد وجه للمقارنة ما بين دولة قطر وآخر أربعة دول نظمت كأس العالم، بإستثناء جنوب أفريقيا لأنها دولة نامية وإن كان عدد سكانها أكثر من عدد سكاننا بأكثر من 50 مرة.

* فالدول التي نظمت كأس العالم سابقاً منذ عام 1998م فرنسا عدد سكانها 66 مليون نسمة ونسبتها 1,3% من سكان العالم، واليابان وكوريا الجنوبية مشتركتين ومجموع سكانهما 177 مليون نسمة 2,7% من سكان العالم، وجنوب أفريقيا 51 مليون نسمة ونسبتها 0,7% من سكان العالم، أما دولة قطر المستضيفة لكأس العالم 2022م فعدد سكانها 1,7 مليون نسمة ونسبتهم من سكان العالم 0.03%.

* الإحصائيات أعلاه تعطينا بأن جميع الدول أعلاه نسبة الأشغال في المنشآت تصل إلى 100% من العمالة المحلية، وإن يكن جميع هذه الدول تقريباً بنيتها التحتية مكتملة بإستثناء جنوب أفريقيا.

* فعلى سبيل المثال فرنسا يمثل القطاع الخاص فيها أكثر من 2,5 مليون شركة مسجلة، وتحتفظ الحكومة بالتأثير الكبير على القطاعات الرئيسية البنية التحتية مثل شركات سكك الحديد، والكهرباء، والطائرات، والإتصالات، وجميعها ذات منشأ محلي وتديرها كوادر وطنية.

* وكأس العالم خلق وظائف جديدة في اليابان وكوريا الجنوبية لـ 220 ألف من مواطني الدولتين، وخلق 50 ألف فرصة عمل جديدة في ألمانيا لـ 50 ألف ألماني، وخلق فرص عمل جديدة في جنوب أفريقيا لـ 130 ألف جنوب أفريقي، ولكن ماذا عن كأس العالم في دولة قطر!؟، هل الـ 500 ألف وظيفة جديدة لـ 500 ألف أجنبي!؟.

* جنوب أفريقيا استثمرت أكثر من أربعة مليارات دولار على إنشاء الملاعب والبنية التحتية من شبكات الطرق والمواصلات والقطارات التي أنجزتها جنوب أفريقيا لكأس العالم والتي ستخدم أجيال قادمة، كما أن هذه البنية ستعمل كجاذب للإستثمار وتحسين مستوى معيشة المواطنين وذلك فضلاً عن التدريب والأمور الثقافية.

* وقسم الفيفا في جنوب أفريقيا الشركات الراعية لكأس العالم إلى ثلاث فئات، الفئة الأولى شركاء، من الشركات العالمية العملاقة، مثل كوكاكولا,وتدفع كل شركة 107مليون دولار أمريكي، والفئة الثانية فئة شركات عالمية تتمتع بحقوق أقل من الأولى، وقد دفعت كل منها 28,5 مليون دولار، ومنها شركة سييرا البرازيلية، والفئة الثالثة الشركاء المحليين، التي تضم خمسة شركات تعمل في جنوب أفريقيا يحق لها ربط منتجاتها بكأس العالم داخل الدولة المضيفة فقط وقد دفعت مجتمعة 142 مليون دولار وحصلت مقابل ذلك على حقوق إعلان في السوق المحلية خلال المباريات.

* النتيجة أعلاه تعطينا بأن جنوب أفريقيا لتنظيمها لكأس العالم 100% من الوظائف استفاد منها أبناء جنوب أفريقيا وذلك يعد إضافة للناتج المحلي في جنوب أفريقيا، وإستفادة من جذب الإستثمارات الخارجية، ومن هنا أعلن وزير إقتصاد جنوب أفريقيا أن العائد الإقتصادي على جنوب أفريقيا من تنظيم كأس العالم خمسة مليارات دولار، وذلك يفوق ما أنفقته حكومة جنوب أفريقيا على كأس العالم وهو أربعة مليارات دولار، وصافي الربح من التنظيم مليار دولار، وأكد وزير الإقتصاد الجنوب أفريقي أن ما تم إنجازه من البنية التحتية وقطاع السياحة والصناعة والتسهيلات الأخرى عامل جذب للكثير من المستثمرين في المستقبل كما أنه سيساهم في تقديم خدمات كبيرة لمواطني جنوب أفريقيا!!.

* ورغم ذلك النجاح كله للبطولة في جنوب أفريقيا، إلا أنها لم تسلم من نقد بعض المحليين الجنوب أفريقيين، فالرأي الآخر في جنوب أفريقيا يرى، أنه كان من الأجدى بناء مئات المدارس والمساكن التي تحد دون شك من الفقر وهو السبب الرئيسي للجريمة في جنوب أفريقيا وبناء الملايين من المنازل الجديدة لتكون بديلاً عن مدن الأكواخ التي تعود إلى حقبة الفصل العنصري، والتصدي لأعداد الإصابات المتزايدة بمرض الإيدز، حيث قال المواطن أكين لواندا، أن الحركة التجارية والإقتصادية في جنوب أفريقيا ازدهرت قليلاً خلال فترة البطولة متسائلاً، لكن ماذا سنفعل بإستادات تكلفت المليارات من الدولارات وتقف بعد البطولة بلا عائد ولا إضافة!؟.

* من سخرية القدر هذا ما قاله شخص عدد سكان بلده يفوق الواحد والخمسون مليون نسمة!!.

* إذاً ماذا نقول نحن القطريين!؟.

* عندما يخرج لنا السيد/حسن الذاودي من اللجنة المنظمة لكأس العالم 2022، ويقول من خلال تصميم الملاعب سوف نتبرع بـ 170,000 مقعد للبلدان التي تحتاج البنية التحتية، طيب السؤال الذي يطرح نفسه هذا العدد من المقاعد المذهل القابل للتفكيك وجدت له حل وهو التبرع، والغريب في الأمر بأننا سنتبرع قبل أن نضمن المكسب من البطولة أولاً، ثانياً الكتل الخرسانية التي ستبقى في مكانها بعد تفكيك هذه المقاعد ماذا سنفعل بها وهي تعادل المليارات من الدولارات، هل ستهدم!؟ ,أم ستبقى عديمة الفائدة ودورها تشويه المنظر الجمالي للمنشآت الرياضية؟, و170,000 مقعد كيف سيتم توزيعها!؟, علماً لو افترضنا قيمة المقعد الواحد منهاواصل ومركب للجهة المتبرع لها يكلف 1000 ريال فذلك سيكلفنا من مالنا العام 170 مليون ريال قطري تقريباً.

* ثالثاً الدول النامية تحتاج منشآت وليست مقاعد، وإذا كان عندنا 170.000 مقعد، فذلك يعني هذه المقاعد سوف توزع على أربعة ملاعب رياضية سعة الواحد منها 42,500 مقعد، من الذي سيقوم ببناء هذه أربعة ملاعب!؟.

* طيب لقبول هذه الدول لكي نقوم ببناء ملاعب لها بعشرات المليارات من الريالات، ونثبت فيها المقاعد، إذا قالوا لنا لن نقبل هبتكم إلا بعد عمل إستفتاء شعبي، هل نقبل هبة قطر أم لا!؟.

* هل سنقبل هذه الإهانة منهم!؟.

* لأن الذي يقدم الهبة يكون صاحب معروف وصاحب المعروف يكرم لا يهان!!. ونحن القطريين خضنا تجربة مريرة مع بعض سفهاء برشلونة، عندما قلنا لهم سوف نشرفكم بوضع إسم دولة قطر على صدوركم وسوف ندفع لكم مليار ريال مقابل هذا التشريف.

* تحول هذا التشريف إلى إهانة لنا من خلال الفضائيات الكاتالونية وبعض الأسبانيه والإعلام بأشكاله المختلفة، وبعدها لكي يقبلوا الهبة المقدمة من مالنا العام، قالوا لابد من التصويت، ولسخرية القدر أيضاً الذين قبلوا المليار ريال هبة 86% من المصوتين فقط، و14% رفضوا الهبة، ونحن نقول لهم يا ليتكم رفضتوا الهبة بنسبة 100%، لأنكم لا تستحقونها أصلآ، ولم تشكروا صاحب المعروف عندما أكرمكم، وكان الأولى من الإخوة في مؤسسة قطر، بقيادة د.سيف الحجري، عندما قالوا لهم سنعمل تصويت لقبول هبة قطر، أن يردوا عليهم بالإنسحاب، ومنح هذه الهبة لمن يستحقها!؟.

* وكان من المفروض من برشلونة أن يشكروننا على الهبة، وأن يساهموا في تأهيل الكفاءات القطرية الرياضية من تدريب الإدارات القطرية، والمدربين القطريين، واللاعبين القطريين، هذا أدنى رد للمعروف كان يفترض أن يقدموه لنا برشلونة وأهلها!!.

* ولكن المثل قال “إذا أكرمت الكريم ملكته، وإذا أكرمت اللئيم تمرد!!”.

  • § وهناك بعض الآراء شاركت خلال إستطلاعنا للرأي عن كأس العالم نقدمه للجنة المنظمة للبطولة:-

* الرأي الأول: نتمنى من قطر أن تجعل هذه الإحتفالية الدولية التي يجتمع فيها محبي كرة القدم في شتى أرجاء المعمورة على إختلاف إنتماءاتهم السياسية والدينية والعرقية والجغرافية،سوقاً لترويج المفهوم الصحيح عن الإسلام على إعتبار أن قطر من الدول الإسلامية التي تتعامل بمنتهى الإعتدال فيما يتعلق بالدين الإسلامي السمح. ولتكن تلك التظاهرة حلمآ للوفاق بين الدول ولتسعى قطر من خلالها إلى تقريب وجهات النظر التي فشلت طاولات المحادثات السياسية في تقريبها وتنجح من خلال أرضية ملاعبها الخضراء، وأن تجعل الرياضة سبباً، كما كانت سبباً من قبل في إنهاء حالة الحرب الباردة بين الصين والولايات المتحدة من خلال مباراة في تنس الطاولة…إلخ.

* الرأي الثاني: من الذين اشتركوا في إستطلاع الرأي لكأس العالم، هل يستاهل هذا الحدث الرياضي لمدة أيام هذه التكلفة الباهظة!؟. أما كان من الأجدى والأجدر أن تصرف في خدمة المواطنين، فهل يعقل أن يكون في مدينة الدوحة عشرة ملاعب؟، كل ملعب تكلفته تفوق المائة مليون ريال؟، ولا يوجد إلا مستشفى واحد!!. كم يستفيد المواطن من هذه الملاعب؟، أليس من الأجدر أن يوجد خمسة أو ستة مستشفيات، تخفف العبء عن مستشفى حمد؟، الذي إذا أردت أن تطلب موعد، يأتيك بعد أربعة شهور أو أكثر. لماذا لا يكون هناك مستشفى عسكري أسوةً بالدول الأخرى خاص بالعسكريين الذين يتعالجون في “بورت كابين” أو مباني آيلة للسقوط كما هو الحال في مستشفى إحدى الجهات الأمنية!!.

  • § المحور الرابع:مدى إستفادة العمالة المحلية من تنظيم كأس العالم:-

* حقيقةً لا أكاد أرى هامش كبير من الفائدة للعمالة المحلية من تنظيم كأس العالم، لأنها أصلاً محدودة، فالتقديرات تقول إن العمالة المحلية لا تتجاوز 5,8% عام 2010م من مجموع النشيطون إقتصادياً في دولة قطر “علماً بأن نسبة القطريين النشيطون إقتصادياً عام 1970م 17% من جملة العاملين”,أي نسبة القطريين النشيطون أقتصاديآ أنخفضت بنسبة كارثية تصل الى 65,8% خلال أربعين سنة، ولكن ممكن أن تكون فائدة كبيرة لبعض المواطنين القطريين الذين عندهم إستثمارات في القطاع الخاص مثل الوكالات والشركات والعقارات والمضاربة في الأسهم، وحتى الذين عندهم شركات ظاهرية (تستر) ولكن هذه الفائدة أعتقد مرتبطة بفترة الإعداد لكأس العالم ومرحلة تنظيم كأس العالم 2012 – 2022م، وبعدها نتوقع ركود إقتصادي. ومن خلال إستطلاعنا للرأي، هل تعتقد بأنه بعد نهاية كأس العالم 2022م، يحدث ركود إقتصادي في قطر مثل ماحدث بعد الأسياد ؟ .كانت الإجابة كما اعتقدنا، بحيث أجاب 61% من الذين استطلع رأيهم، بأنهم يتوقعون حدوث ركود إقتصادي في قطر بعد نهاية كأس العالم، وبقيت نسبة لا بأس بها تتوقع أن لا يحدث ركود إقتصادي في قطر بعد نهاية كأس العالم، وتصل هذة النسبة إلى 39% من الذين استطلع رأيهم.

* إذاً لو عدنا مرة أخرى، ونظرنا بدقة لحجم العمالة القطرية في القطاعين الوظيفيين العام والخاص لوجدنا العمالة القطرية في عام 2010 تشير بعض التقديرات بأنهم لا يتجاوزون 5,8 % في القطاع العام، وأقل من 1% في القطاع الخاص ويتوقع أن تتلاشى العمالة القطرية بشكل كلي من القطاع الخاص وخاصةً بعد رفع الحكومة الأجور في عام 2011 م 120% للعسكريين و60% للمدنيين في القطاع العام والمختلط,وبعض القطاعات الخاصة شاركت بتطوع تلقائي مع القطاع العام.

* والنسبة أعلاه في طريقها إلى التناقص بحيث في الفترة 2004 – 2010 كان النمو السكاني في قطر خرافي بحيث وصل إلى 13,7 % سنوياً.

* ولنقل النمو الطبيعي لسكان قطر 3% كحد أقصى ، إذاً 10% الباقية لعمالة أجنبية، مما أدى إلى تضاعف سكان قطر 128% خلال ستة سنوات فقط.

* ويتوقع أن يتضاعف سكان قطر خلال الفترة 2010م – 2016م وذلك للإعداد لكأس العالم 2022م، معنى لو تضاعف سكان قطر في الستة سنوات القادمة سوف يصبح مساهمة القطريين 2,5 % في القطاع العام النشيطون إقتصاديا تقريبآً، وتكون نسبة معدومة في القطاع الخاص، ويصبح القطاع الخاص أكثر من 99,99 % العمالة النشيطة إقتصادياً فيه عمالة أجنبية!!.

* طيب الأمر المحير، لو زادت العمالة الأجنبية في الفترة 2016م-2022م ولنقل هذه المرة إلى النصف عن تقديرات 2010-2016م، ذلك يعني بأن العمالة القطرية ستصبح 1,25% تقريبآ، والعمالة الأجنبية في قطر تفوق على 98,75%. ماذا يعني ذلك؟ وهل هذه تنمية!؟ وأين الفائدة من تنظيم كأس العالم!؟ وأين الفائدة من خطة 2030م!؟.

* ناهيك عن نسبة ما تصدره العمالة الأجنبية من قطر إلى البلد المنشأ، وتأثير ذلك على الدخل القومي القطري، وميزان المدفوعات، والناتج المحلي القطري.

* والتسونامي الضخم للعمالة الأجنبية ليس ذو تأثير سياسي أو إجتماعي فقط، بل له أيضاً تاثير إقتصادي أيضاً، فحجم تحويلات العمالة الأجنبية لذويهم عام 2007م 7,2% من قيمة الناتج المحلي القطري، البالغ 70,8 مليار دولار، وذلك يعادل 5 مليار دولار، وفي عام 2009م بلغ 9,18% من قيمة الناتج المحلي القطري البالغ 96 مليار دولار، وذلك يعادل 8,8 مليار دولار، وفي عام 2010م بلغ 7,8% من قيمة الناتج المحلي القطري البالغ 128 مليار دولار تقريباً، وذلك يعادل 10 مليار دولار قام بتحويلها العمالة الأجنبية لذويهم خارج قطر، وهذا يعطينا كل ما نقوم بعمل مشاريع أكبر ونضخ نقوداً اكثر طردياً نحتاج لعمالة أجنبية أكثر ويرتفع قيمة الإحصائية المطلقة من حوالات العمالة الأجنبية لذويهم، أولاً من الناحية الأخلاقية هذا حق مشروع لهم، ولكن ثانياً، هل نحن نسير في الطريق السليم للتنمية!؟.

* لو افترضنا أن المبلغ المستثمر في دولة قطر في الفترة 2012-2021م 1,8 تريليون ريال، وقلنا 10% من هذا المبلغ سوف يكون على شكل تحويلات العمالة الأجنبية إلى ذويهم في بلدانهم الأصلية، فالمبلغ المقتطع من الناتج المحلي القطري والمصدر للخارج 180 مليار ريال، وكما نعرف جميعاً أن 95% من التكنولوجيا والمواد الأولية ووسائل الإنتاج، مستوردة من الخارج وتديرها شركة أجنبية، وإذا افترضنا أن أرباح الشركات الأجنبية لا يقل عن 30% من رأس المال المستثمر أعلاه 1,8 تريليون ريال، إذاً أرباح الشركات الأجنبية كإحصائية مطلقة لا يقل عن 540 مليار ريال، وهذا معظمه سوف يلاقي طريقه إلى الخارج، إذاً مجموع الأموال المستقطعة من رأس المال المستثمر أعلاه 1,8 تريليون ريال للفترة 2012-2021م، 720 مليار ريال وذلك يعادل 40% من قيمة الأموال المستثمرة في قطر في الفترة 2012-2021م ستلاقي طريقها إلى الخارج وستقتطع منن الناتج المحلي القطري!!.

* إذاً بعد كأس العالم ما هو مكسبنا!؟.

1- عشرة ملاعب رياضية اعتقد إحدى المشاركين في إستطلاع الرأي سلفاً قال رأيه في الملاعب.

2- قدم جهاز الإحصاء دراسة في 2010م تفيد بأن عدد الوحدات السكنية المشغولة والمغلقة والخالية بلغ مجموع الوحدات 259,66 ألف وحدة منها 81,4% مشغولة، و 18,6 % مغلقة او خالية. وطبعاً بعد نهاية كأس العالم الوحدات المتوقعة ضعف العدد أعلاه يعني العدد المطلق المتوقع في عام 2022م بعد نهاية كأس العالم 518,123 وحدة سكنية، وطبعاً بما أن هناك توقعات ركود إقتصادي بعد نهاية كأس العالم، فدعونا نكون غير متشائمين، ونضع توقعنا على ما هو موجود في عام 2010م، أي نسبة الأشغال في 2022م 81,4%، يعني الوحدات السكنية المشغولة ستكون 421,759 وحدة سكنية، والوحدات السكنية المغلقة أو الخالية 96,372 وحدة سكنية وذلك ما يعادل 18,6% في أحسن الأحوال، هذا ما هو متوقع بعد نهاية كأس العالم، هل نحن أعددنا أنفسنا لذلك!؟.

* والمشكلة الكبيرة التي خطرها الإستراتيجي أكبر من المشكلة الإقتصادية، هي المشكلة السكانية، المواطنين القطريين من جملة سكان قطر فحدث ولا حرج.

* في تعداد عام 1970م كان نسبة القطريين من جملة السكان 40.5%، ومنذ عام 1970م توجد تقارير وثائقية تحذر أن المجتمع القطري يمر في أخطر المراحل من الناحية السكانية “ديموغرافياً وحضارياً” واستمرت هذه التقارير في فترة الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي والعقد الأول من الزمن من القرن الحالي، ولكن الصدمة الكبرى هو عندما نلاحظ أن نسبة القطريين من جملة سكان قطر الآن ما بين 15% إلى 10%،أي انخفضوا بنسبة تصل مابين 63% الى 75 % خلال أربعين سنة من جملة سكان قطر,ويتوقع خلال الفترة القادمة للإعداد لكأس العالم أن يدخل قطر أكثر من ضعف الأجانب الموجودين حالياً، إذاً ذلك ماذا يعني، هل من المتوقع أن تنخفض نسبة المواطنين القطريين ما بين 7,5% إلى 5% من جملة سكان قطر!!.

* لن أعلق هنا، سؤالي فقط إلى أين نحن متجهين!؟.

* وهل هذا أعلاه يتطابق مع رؤية قطر الوطنية لعام 2030م!؟.

* وما تقوله رؤية قطر الوطنية لعام 2030م:-

1- التحديث والمحافظة على التقاليد.

2- إحتياجات الجيل الحالي وإحتياجات الأجيال القادمة.

3- النمو المستهدف والتوسع الغير منضبط. “نعتقد ما يحدث الان التوسع الغير منضبط”.

4- مسار التنمية وحجم ونوعية العمالة الوافدة والمستهدفة.

5- التنمية الإقتصادية والإجتماعية وحماية البيئة وتنميتها.

* وكان سؤالنا في إستطلاعنا للرأي، بالنسبة للعمالة الأجنبية، هل تعتقد أن قدوم 200 ألف عامل أجنبي لإنجاز البنية التحتية لكأس العالم يوجد فيه تأثير سياسي وإقتصادي وإجتماعي…إلخ!؟.

* وبما أننا في مجتمع متعلم ومثقف، كانت إجابة الجميع صارخة وقوية بانهم يعتقدون دخول أعداد كبيرة من العمالة الأجنبية يمثل خطراً كبيراً عليهم فالعينة التي أجابت بنعم تصل إلى 83% من العينة المستطلع رأيها.

* وفي إستطلاع الرأي سألنا المستطلع رأيهم، هل تعتقد قدوم الملايين من البشر كضيوف لكأس العالم يوجد لهم تأثير على الدين والعادات والتقاليد؟.

* وبما أننا في مجتمع مثقف ومتعلم وملتزم دينياً وخلقياً، كانت الإجابة قوية جداً ومتفقة مع الرأي القائل أن قدوم أعداد كبيرة من الأجانب لكأس العالم سيكون له تأثير على الدين والعادات والتقاليد، وكانت الإجابة بنعم تمثل 74% من المستطلع رأيهم!!.

* أعتقد من حيث الدين والعادات والتقاليد، يكفينا النزاع الدائر الآن بين الفيفا والبرازيل حول شرط الفيفا على البرازيل في عام 2014م، السماح للجماهير بتناول المشروبات الكحولية في الملاعب الرياضية أثناء إقامة كأس العالم، والتشريعات البرازيلية تمنع تناول المشروبات الكحولية في الملاعب، وذلك حسب رأي الجهات الرسمية في البرازيل حفاظاً على سلامة الجماهير واللاعبين والمنشآت.

* أما بالنسبة لتلاشينا السكاني المتوقع بحيث يصبح الموطنين بعد عام 2022م إذا بقينا على مانحن عليه الأن ما بين 7,5% إلى 5% من جملة سكان قطر ، ويصبح الأجانب مابين 92,5 % إلى 95%من جملة سكان قطر ، فسوف نعطيكم مثال على المملكة المتحدة.

* فالتوقعات في المملكة المتحدة في عام 2030م أن يصل عدد السكان 70 مليون نسمه، ويبلغ نسبة المواطنين منهم 90% ،و الأجانب 10% و سربت صحف بريطانية بعض المعلومات السرية من مكتب رئيس الوزراء توني بلير آنذاك، وكانت الأوامر من مكتب رئيس الوزراء، إلى جميع الوزارات للإستعداد لزيادة السكان!؟، وبالذات زيادة نسبة الأجانب بين السكان التي من المتوقع أن تصل الى 10% عام 2030م!؟، وكيف ستتعامل وزارة الداخلية والوزارات الخدمية مع التغيير في التركيبة السكانية لبريطانيا!؟، وما هي الآثار السلبية والإيجابية لزيادة الأجانب في بريطانيا بحيث من المتوقع أن تصل نسبتهم الى 10%!؟، وما هي الأخطار التي تهدد الهوية البريطانية من 10% من الاجانب في المستقبل!؟ وما هي الضغوط المتوقعة على الخدمات المقدمة للمواطنين,اذا وصل عدد الاجانب الى 10% من سكان المملكة المتحدة!؟.

* للذكرى قبل أن يصل مايسمى بالرجل الأبيض الأنجلو ساكون(الشعوب الأرية) منطقة الولايات المتحدة الأمريكية ، كانت مناطق سيادية للهنود الحمر وكانت تصل نسبتهم فيها100 % ! هل تعلمون كم نسبة الهنود الحمر في الولايات المتحدة الأمريكية الأن ؟ 1,5 % من جملة السكان فقط !!.

ومن هنا صرخ هنتنغتون الخائف من الإنحسار السكاني للمواطنين البيض في الولايات المتحدة الأمريكيه ، ويحدث لهم مثل ما حدث للهنود الحمر!، فمن المتوقع هبوط نسبة الغالبية السكانية ذات البشرة البيضاء(الانجلوساكسون) والبالغه حالياً 70% من سكان الولايات المتحدة الأمريكية إلى مادون 50% بحلول عام 2050م ، ومخاوف هنتنغتون بأن تنمو جالية الهيسبانك من 11,5 % الأن إلى 25% في عام 2050م وبالتالي ينتهي حلم البيض الأروبين وخاصة الإنجلوساكون الأمريكيين، لأن الولايات الأمريكية ستتحول تدريجياً إلى سيادة الشعوب ذوي الأصول الاتينيه!!.

هناللعلم ستبقى الولايات المتحدة ، كما هي ، ولكن مخاوف هنتنغتون أثنية وعنصرية بحتة!! إذا ماذا عنا نحن هنا في قطر ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى !؟.

  • § المحورالخامس: إزدواجية تنظيم الأولمبياد وكأس العالم:-

* نعتقد أن الأولمبياد وكأس العالم حتى في الدول الكبرى أو المتوسطة ، يصحبه الأستعداد لتنظيم أيآمن البطولتين ثوره نبائيه كبرى ، فتخيل عندما ننظم نفس البطولتين في دولة صغيرة واحدة ناميه مثل ظروف دولة قطر المذكوره أعلاه ، فكل السلبيات المذكورة أعلاه سوف تتضاعف. ولكن بالنسبة لقطر لوارجئت تنظيم الاولمبياد إلى عام 2038م مثلاً ، أي بعد الأنتهاء من تنفيذ الخطة التنموية لعام 2030م، لأن ذلك سيساهم بشكل كبير في تخفيض الركود الإقتصادي المتوقع بعد كأس العالم 2022م، وسيوجه الأنظار الإستثمارية بأمل كبير إلى أولمبياد 2038م، وفي نفس الوقت سيعطي المخططين المجال الكافي للتخطيط الإستراتيجي من الناحية السكانية، والسياسية، والبيئية، والبحث عن الأسلوب الأمثل لمعالجة أزمة الركود الإقتصادي المتوقعة بعد كأس العالم 2022م، وبداية التسويق لخطة تنموية جديدة تبدأ من 2031م إلى 2050م مصحوبة بأكبر بطولة عالمية على الإطلاق وهي الأولمبياد!!.

  • § المحورالسادس: نتائج الإستبيان:-

* رأينا في دراسة موضوع عميق يخص الشعب القطري من الناحية الإستراتيجية حالياً ومستقبلاً لابد من إستطلاع الرأي، فقمت بإعداد إستبيان لإستطلاع رأي القطريين والمقيمين إقامة دائمة الذين يؤثر فيهم الشأن القطري، وركزت على أن يكون المشارك في الإستبيان أن لا يقل عمره عن 17 سنة.

* واستعنت بفريق من الإخوة المحترمين والذين أظهروا تعاوناً منقطع النظير في توزيع الإستبيان وإحضار نتائجه في الوقت المناسب، وحرصت أن يكون الإستبيان يوزع على مناطق جغرافية مختلفة من دولة قطر، وكذلك على ثقافات مختلفة في الدولة، لكي يشمل عينات من مختلف الآراء وفي التفريغ وجدت مجموع الإجابات على الإستبيان 89 إجابة، ونعتقد هامش الخطأ فيها بسيط وأقل من 5%، لأن جميع الأخوة المشاركين في توزيع الإستبيان، كما عرفت حرصوا، في معظم الأوقات على أن يكون أي مشارك أن يملأ الإستمارة أمامهم، وسوف نعرض عليكم الإستبيان كاملاً الآن متمنين من الله سبحانه وتعالى أن يعود بالفائدة على الجميع، وكذلك بإمكان الأخوة الباحثين الآخرين الإستفادة منه، وحتى الجهات الرسمية وغيرها إن أرادت ذلك.

1- هل تعتقد تنظيم كأس العالم يساهم في دفع عجلة التنمية؟.

الإجابة بنعم 73%، ولا 27%.

2- هل تعتقد أن تنظيم كأس العالم 2022م، يساهم في إنجاز البنية التحتية قبل موعدها في خطة 2030م؟.

الإجابة بنعم 86%، ولا 14%.

3- هل تعتقد أن قدوم 200 ألف عامل أجنبي لإنجاز البنية التحتية لكأس العالم يوجد فيه تأثير سياسي وإقتصادي وإجتماعي..إلخ؟.

الإجابة بنعم 83%، ولا 17%.

4- هل تعتقد قدوم الملايين من البشر كضيوف لكأس العالم يوجد لهم تأثير على الدين والعادات والتقاليد؟.

الإجابة بنعم 74%، ولا 26%.

5- هل تعتقد بأنه بعد نهاية كأس العالم 2022م، يحدث ركود إقتصادي في قطر مثل ما حدث بعد الأسياد 2006م؟.

الإجابة بنعم 61%، ولا 39%.

6- هل كان يفترض أن يتم الإستفتاء الشعبي على تنظيم كأس العالم؟.

الإجابة بنعم 48%، ولا 52%.

7- هل كان يفترض أن يتم التصويت من خلال مجلس تشريعي منتخب لتنظيم كأس العالم؟.

الإجابة بنعم 62%، ولا 38%.

* وفي الختام أعجبتني عبارة لسمو الأمير حسن بن طلال ولي عهد الأردن السابق، في إحدى مقالاته، قال:-

* ألا لو نطقت زرقاء اليمامة مرة أخرى، وآه لو صدقها قومي هذه المرة أكثر مما صدقوها المرة الأولى!.

* الأمير حسن يمثل الزعماء العرب بمعنى أن الزعماء العرب عارفين جميعاً أين المشكلة!؟ والشعوب العربية الـ 300 مليون عربي عارفين أين المشكلة!؟.

* إذاً لماذا لا نقدم حلول إستراتيجية للمشكلة!؟.

الخليج ما بين الثورة والأنظمة الأبوية

بسم الله الرحمن الرحيم

14/5/2011

أولاً: القاعدةالدينية والنظرية التي انطلقت منها الثورات العربية:

*  كما ذكرنا في موضوع “بو عزيزي السابق”، “حادثة بو عزيزي” كانت أيقونة الثورة الشعبية التونسية، وبعد ذلك انتقلت روح الثورة إلى الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج العربي.

*  والثورة التونسية كأنها الأيقونة التي أعادت إنعاش الذاكرة الدينية والثقافية العظيمة التي تملكها الأمة العربية والإسلامية، التي تثبت أن هذه الأمة تراثها وقاعدتها التاريخية تقول بأنها شعوب حرة ولا تقبل الإستبداد والذل والأدلة على ذلك كثيرة، فمن الناحية الدينية الأحاديث الشريفة التي تدعو الأمة للحرية كثيرة ومنها على سبيل المثال لا الحصر:-

حديث شريف لرسول الله (ص) “والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً منه، ثم تدعونه فلا يستجاب لكم”.

والحديث للرسول (ص) “من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع، فبقلبه وذلك أضعف الإيمان”.

والحديث الثالث للرسول (ص) “أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر”.

*  وأيضاً من المراجع المهمة والتي تعتبر ملهمة للثورة العربية، ما كتبه عبد الرحمن الكواكبي عن طبائع الإستبداد ومصارع الإستعباد في 13/يونيه/1903، أي قبل مائة سنة، ومن الجمل المحرضة في هذا المؤلف على سبيل المثال لا الحصر:-

*      طريقة الحاكم المستبد في توزيع الوظائف:-

*  وذلك فيما يسمى في المراتب بالطريقة المعكوسة، وهي أن يكون أسفلهم طباعاً وخصالاً أعلاهم وظيفة وقرباً، ولهذا لابد أن يكون الوزير الأعظم للمستبد هو اللئيم الأعظم في الأمة، ثم من دونه دونه لؤماً، وهكذا تكون مراتب الوزراء والأعوان في لؤمهم حسب مراتبهم في التشريفات والقربى منه.

*  والنتيجة أن وزير المستبد هو وزير المستبد، لا وزير الأمة كما في الحكومات الدستورية الصالحة، كذلك القائد يحمل سيف المستبد ليغمده في الرقاب بأمر المستبد لا بأمر الأمة، بل هو يستعيذ من أن تكون الأمة صاحبة أمر، لما يعلم من نفسه أن الأمة لا تقلد القيادة لمثله.

*      وكذلك قال الكواكبي أن الحاكم المستبد يقتل الناس وهم أحياء وذلك من خلال قتل الطموح عندهم:-

وذلك من خلال ما سماه الكواكبي الترقي الحيوي الذي يتدرج فيه الإنسان بفطرته وهمته هو أولاً: الترقي في الجسم صحة وتلذذاً، ثانياً: الترقي في القوة بالعلم والمال، ثالثاً: الترقي في النفس بالخصال والمفاخر، رابعاً: الترقي بالعائلة إستئناساً وتعاوناً، خامساً: الترقي بالعشيرة تناصراً عند الطوارئ، سادساً: الترقي بالإنسان وهذا منتهى الترقي.

*  ويرى الكواكبي أن السلطان المستبد هو قاتل الترقي، وذلك لأن الإنسان يسعى ورائها ما لم يعترضه مانع غالب يسلب إرادته، وهذا المانع إما هو القدر المحتوم، المسمى عند البعض العجز الطبيعي، أو هو الإستبداد المشؤوم. على أن القدر قدر يصدم سير الترقي لمحة ثم يطلقه فيكر راقياً. أما الإستبداد فإنه يقلب السير من الترقي إلى الإنحطاط، من التقدم إلى التأخر، من النماء إلى الفناء، ويلازم الأمة ملازم الغريم الشحيح.

ثانياً: مجموعة نصائح تقدمنا بها للحكام العرب منذ عام 2005م:-

أولاً: في عام 2005 أعلن الرئيس علي عبد الله صالح رئيس جمهورية اليمن عدم ترشحه للإنتخابات، وكتبت مقالة مباشرة ورحبت بهذه المبادرة، وتمنيت من الرئيس صالح أن لا يغير قراره لأن تنازله يمثل قمة الإيثار والعطاء من الرئيس لشعبه، وسيساهم في تداول السلطة بطريقة ديمقراطية في جمهورية اليمن، وهذه المبادرة ستنتقل إلى الدول العربية الأخرى، وذلك سينهي عصر الإستبداد في الحكم في العالم العربي، ولكن للأسف الشديد الرئيس صالح عدل عن قراره قبل موعد الإنتخابات بلحظات وأعاد ترشيح نفسه، وبعد هذا الترشيح بستة سنوات جميعكم تلاحظون ما يحدث في اليمن في النصف الأول من عام 2011م.

ثانياً: في عام 2005م قبل الإنتخابات المصرية كتبنا في مقالة أن الرئيس مبارك رمز نظام عمره أكثر من نصف قرن، وقلنا يفترض بأن مبارك يبقى رمزاً ولا يدخل الإنتخابات ويعطي السلطة لأصحاب البرامج المتحمسين، وخاصةً الشباب منهم، وبعد عمر طويل لا سمح الله وحدث للرئيس مبارك شيئاً، من الممكن أن يتم الإستفتاء على رمز مصري آخر من خلال المجالس التشريعية المصرية، أو إستفتاء شعبي على شخص أو شخصين ترشحهم السلطات التشريعية المصرية لإختياره أو إختيار أحدهم رمزاً لمصر بإسم رئيس الجمهورية.

*  أما رئيس الحكومة يبقى منتخباً ولفترة زمنية محددة، ذلك لضمان المشاركة الشعبية في إختيار السلطة وتسهيل عملية تداول السلطة، وقلنا لو حدث ذلك لمصر سيكون بشائر خير لكل العرب ولمسلمين، ولكن للأسف رشح الرئيس مبارك نفسه، وحدث ما حدث لنظامه بعد ست سنوات من المقالة أعلاه!!.

ثالثاً: وكتبنا عن مجلس التعاون الخليجي العربي مقالة في 2008، وقلنا من أفضل نماذج البيعة في الأنظمة الخليجية موجودة في نظامين خليجيين، وهم السعودي، والكويتي:-

أولاً: نظام هيئة البيعة في المملكة العربية السعودية:-

أ‌-           الدعوة لمبايعة ولي العهد ملكاً على البلاد في حالة وفاة الملك.

ب‌-    ودور الهيئة في إختيار ولي العهد، وذلك، بعد مبايعة الملك، يقوم الملك بالتشاور مع أعضاء هيئة البيعة ويقترح عليهم واحد أو أكثر ممن يراه الملك مناسباً لولاية العهد ويعرض هذا الإختيار على الهيئة وعلى الهيئة بذل الجهد في الوصول إلى ترشيح واحد من هؤلاء بالتوافق لتتم تسميته ولياً للعهد وفي حالة عدم ترشيح الهيئة لأي من هؤلاء، فعليها ترشيح من تراه مناسباً لولاية العهد، وفي حالة عدم موافقة الملك على من رشحته الهيئة، فعلى الهيئة التصويت إما لمن رشحته، أو لمن اختاره الملك، وتتم تسمية الحاصل من بينهما على أكثر الأصوات ولياً للعهد.

ثانياً: نظام تعيين ولي عهد في دولة الكويت:-

*  يختار الأمير ومجلس العائلة الحاكمة ولي العهد، وبعد ذلك يصادق عليه الأمير ويعرضه على مجلس الأمة ويخضع لنظام تصويت، إذا حصل على ثلثي الأصوات المطلوبة ثبت ولياً للعهد، وإذا لم يحصل بات الأمر كأن لم يكن. ويعود الأمر إلى مجلس العائلة الحاكمة مرة أخرى، ويتم ترشيح ثلاثة لولاية العهد، وبعد ذلك يتم التصويت عليهم في البرلمان، والذي يحصل على أكثر الأصوات يصبح ولياً للعهد.

*  ومن هنا أرى أن أفضل نموذجين للبيعة في دول مجلس التعاون الخليجي، هما النموذج السعودي، والنموذج الكويتي، أما بالنسبة لدور السلطات الباقية، فأرى أفضل طريقة لإدارتهم هو الإقتراح الذي كتبته في خامساً “بعض الحلول المقترحة” في مقالة “ابن عزيزي حرر العرب من المحيط إلى الخليج”.   ((راجع الموقع)).

ثالثاً: الموقف السياسي والديني الخليجي من الثورات العربية:-

أولاً: الأمر المتوقع من القيادات الخليجية في رد فعلها على الثورات الشعبية العربية المطالبة بحق تقرير المصير  هو التحفظ، والمراقبة عن بعد للأحداث إلى أن تتبلور النتائج النهائية في كل إقليم سياسي، ولكن الملفت للنظر هو مشاركة القيادات الخليجية في الأحداث، وأغلب المشاركات هي دعم الثورات الشعبية لتقرير المصير، فعلى سبيل المثال لا الحصر:-

1-     في اليمن شارك مجلس التعاون الخليجي بتقديم مبادرة وساطة ما بين الرئيس علي عبد الله صالح  والثوار اليمنيين، وتنص هذه المبادرة على نقل السلطة من الرئيس صالح إلى حكومة إنتقالية مؤقتة، على أن تقوم هذه الحكومة بعمل الإجراءات القانونية اللازمة لتمكين الشعب اليمني من تقرير مصيره.

2-     ليبيا، عند بداية الثورة شاركت معظم دول مجلس التعاون الخليجي بدعم الثورة معنوياً وإعلامياً، ومن ثم انتقل ذلك إلى مساعدات مادية، وبعد صدور قرار مجلس الأمن عام 1973م ضد الحكومة الليبية، شاركت دول الخليج عسكرياً في تنفيذ الحظر الجوي على قوات الرئيس القذافي ويقود هذه المشاركة قطر والإمارات، وكذلك أرسلت دول الخليج مساعدات مالية وطبية ((قطر قدمت 500 مليون دولار ووعدت بمثلها، والكويت قدمت 180 مليون دولار…. إلخ)) ومصادر تقول مساعدات عسكرية!! للثوار الليبيين وحكومتهم الإنتقالية، واعترفت بعض دول الخليج بقيادة دولة قطر عربيآ بالحكومة الإنتقالية الليبية. وذلك يمثل جدل قانوني حول مبدأ سيادة الدولة ,

 وذلك “الدول ذات السيادة التامة هي التي لا تخضع في شؤونها الداخلية والخارجية لسيادة أو رقابة دولة أخرى. إنها مستقلة في الداخل والخارج. وقد نصت المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة على أن تقوم هذه الهيئة على مبدأ المساواة بين جميع أعضائها، وعلى أنه، ليس في الميثاق ما يسوغ للأمم أن تتدخل في الشؤون التي تكون من صميم السلطان الداخلي لدولة ما”.

وتمارس السيادة عبر ما يأتي:-

أ‌-           السلطة المطلقة لإدارة شؤونها الداخلية.

ب‌-           سلطة قبول وإستبعاد الأجانب.

ج‌-            الحصانات ومزايا مبعوثيها الدبلوماسيين في الدول الأخرى.

د‌-         إختصاصها المطلق على الجرائم التي ترتكب على أراضيها.

علماً بأن دول الخليج العربي هي أكثر دول العالم على الأرض قاطبةً تتمسك بمبدأ السيادة الوطنية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، ومن هنا لا أدري، ماذا ستقول دول الخليج إذا أحداً اخترق سيادتها الوطنية أو تدخل في شؤونها الداخلية، علماً بأن ذلك قبل التدخل في الشأن الليبي كان يعتبر عندنا خليجياً من المحرمات!.

ربما يثار جدل بأن منذ عام 1992 كانت هناك مطالبة بإعادة تعريف مبدأ السيادة في ظل العولمة والتعاون الدولي مقترحاً التدخل الدولي لمنع الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان على أن يكون ذلك مبنياً على الشرعية الدولية والمبادئ الدولية، ونتيجة أحداث 11 سبتمبر اكتسب منطقة تقييد السيادة دفعة قوية ومبررة من منظري الولايات المتحدة الأمريكية بمبررات ثلاث هي:- وقف الإبادكة الجماعية, ومحاربة الإرهاب, ومنع إنتشار أسلحة الدمار الشامل ,وقد أصبح التدخل الإنساني أحد المبادئ التي أقرتها الأمم المتحدة في قمتها 2005م ومع كل ذلك فإن التدخل في إستخدام القوة أو التهديد بإستخدامها المنصوص عليه في الفقرة الرابعة من المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة من المبادئ الآمرة ويعد أساساً للنظام الدولي المعاصر ومن ثم تعارض أغلبية الدول اللجوء إلى الفقرة إلا في حالة الدفاع الشرعي وفقاً للمادة (51) وفي حالة إستخدام القوة بقرار من مجلس الأمن وفقاً للفصل السابع من الميثاق().

ولكن في حقيقة الأمر دائماً تتحاشى الدول التدخل في شؤون الدول الأخرى حتى لو كان هناك قرارات من الامم المتحدة أومجلس الأمن، بإستثناء الدول العظمى في إذا كان لهم مصالح, أو الإنتهاك القانوني يمس بإستراتيجيتهم العالمية، أو مخاوف من الدول الأخرى وخاصةً الصغرى والصغيرة جداً من حدوث خطر محدق على كيانهم كدولة, إذا لم تتدخل في شؤون الدولة التي صدر ضدها قرار من مجلس الأمن لإستخدام القوة ضدها.

 ومن الأمثلة على ذلك تصريح دولة الكويت للقوات الأمريكية عام 2003 للهجوم على العراق من أراضيها، وخلع نظام الرئيس صدام من السلطة وإنهاء نظام الحزب الواحد (حزب البعث) في العراق، ومن هنا السبب واضح وصريح بالنسبة للكويت، فمن مصلحة الكويت , التخلص من نظام الرئيس صدام حسين الذي كان يشكل خطر وتهديد مستمر بالنسبة للكويت.

وأصبح بالنسبة للكويت التعايش الجيوسياسي مع العراق في وجود الرئيس صدام حسين من سابع المستحيلات,لذلك أذنت لامريكا للاعتداء على العراق من أراضيها,علمآ بأن الولايات المتحدة لم تحصل على قرار تفويض من مجلس الأمن لاأحتلال العراق وتغيير نظام الحكم فيها!.

3-     المطالب الشعبية في مملكة البحرين، دول مجلس التعاون تقول ليست مطالب شعبية، وإنما مطالب طائفية وهناك أيدي خارجية مشاركة في إشعال الفتنة في البحرين ودعمها مادياً ومعنوياً.

4-     المطالب الشعبية في سوريا، الحكومة السورية تقول أن هناك أيدي خفية تريد إشعال الفتنة في سوريا، وأقرب المصدقين للرواية السورية الجمهورية الإسلامية الإيرانية!.

5-     موقف الخليج العربي من نجاح الثورة في مصر، ممكن نقتبس ذلك من خلال التقرير الذي تقدم به د.عصام شرف رئيس مجلس الوزراء المصري للرئيس الإنتقالي لمصر بعد زيارته لمجلس التعاون الخليجي عندما قال “أكد على إحترام وإعجاب دول مجلس التعاون الخليجي بثورة 25 يناير وحق الشعب المصري في تقرير مصيره وأملهم أن تخلق الثورة مناخاً جديداً للشعب المصري والعربي في بناء مستقبل جديداً للشعب المصري والعربي… إلخ”.

*  إذاً أعلاه يؤكد أن دول الخليج العربي تدعم مبدأ تقرير المصير، ومبدأ تقرير المصير هو “من حق كل مجتمع ذات هوية جماعية متميزة، مثل شعب أو مجموعة عرقية أو غيرهما، بتحديد طموحاته السياسية وتبني النظام السياسي المفضل عليه من أجل تحقيق هذه الطموحات وإدارة حياة المجتمع اليومية، وهذا دون تدخل خارجي أو قهر من قبل شعوب أو منظمات أجنبية”.

*  وهذا المبدأ الذي تؤمن به القيادات الخليجية يعطي الحق لكل شعب بطريقة سلمية المطالبة بحق تقرير مصيره في كافة مجالات الحياة!!.

ثانياً: الموقف الديني الخليجي من الثورات الشعبية العربية،.

1- شن الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين هجوماً شرساً على بعض الأنظمة المتسلطة، ومشبهاً سقوط الأنظمة العربية منذ بداية 2011م بتهاوي الأصنام، وبالتحديد الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي قال “الأمة تمردت على الخوف من الحكام واصفاً الرؤساء، المصري حسني مبارك، والتونسي زين العابدين بن علي، والسوري بشار الأسد، والليبي القذافي بأنهم أصنام”.

*  السؤال الذي يطرح نفسه، المتبقين من الملوك والسلاطين والأمراء والرؤساء العرب 18 زعيماً تقريباً، هل يوجد بين هؤلاء أصنام أم لا؟. لأن الآية الكريمة تقول “يأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإذا تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول…”(صدق الله العظيم)

*  والقسم الأخير من الآية “فإذا تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول” وفي هذا القسم من الاية (وأسألوا أهل الذكر) ومن هنا يأتي دور علماء المسلمين في رأيي لكي يصدروا فتوى، (من هم الأصنام من 18 زعيم المتبقيين؟) ولو صدرت هذه الفتوى ولقيت إجماع، أصبح من واجبنا إتباع الفتوى، ومقاطعة الصنم الذي صدرت عليه الفتوى، وإذا كان من الذين يستحقون البيعة,أستخدمنا ألية دينية وقانونية لسحب البيعة منه، واذا كان من الذين اعطيناة اصواتنا ، علينا إستخدام الآلية الدينية و القانونية لسحب أصواتنا عنه!!.

2- والشيخ صالح اللحيدان عضو هيئة كبار علماء السعودية دعا للجهاد بإسقاط بإسقاط الرئيس السوري بشار الأسد، داعياً إلى تنحي الرئيس اليمني علي عبد الله صالح وتسليم سلطاته، وبالنسبة لسوريا قال الشيخ اللحيدان “أرجوا الله أن يوفق السوريين إلى أن يجدوا ويجتهدوا في مقاومة هذه الدولة الخطيرة ، ويرى في مذهب مالك أنه يجوز قتل الثلث ليسعد الثلثان، فلن يقتل من سوريا ثلثها إنشاء الله”.

*  الممتاز في الأمر أعلاه، دائماً القرارات الحاسمة في دول مجلس التعاون الخليجي تصدر سياسية دينية، وفي حالت صدورها بهذه الطريقة يعتبر القرار الخليجي حاسم ولا رجعة فيه، وهنا نرى أن الزعامة السياسية الدينية في الخليج العربي اتحدت في دعمها للثورات العربية في عام 2011م، وخاصةً أن المدرستين اتحدت في دعم مبدأ تقرير المصير للشعوب!!.

رابعاً: صدى رد فعل الثورات العربية على الشارع في الخليج العربي:-

*حاولنا أن نرصد ذلك من خلال بعض الكتاب المعتدلين في الخليج العربي, وبعض الكتاب والدول التي يهمها شأن الخليج العربي.

أولاً: من قطر أ.محمد بن فهد القحطاني (كاتب قطري) قال في أحدى مقالاته ((نتمنى على هذه القيادات التي هبت لنصرة هذه الشعوب العربية وتأييد مطالبها المشروعة في الحرية والكرامة والمشاركة السياسية أن تلتف للداخل وتتبنى عبارة بيدي لا بيدي عمرو، وتقوم بما هو ضروري لتفعيل نصوصها الدستورية التي تقرر حق المواطنين في الحريات العامة وتقرر تساويهم في الحقوق والواجبات العامة وأحقيتهم في المشاركة السياسية، وذلك لأن ما يحتاجه البيت الخليجي يحرم على الجامع، ولأن الإصلاح الداخلي أولى من الإصلاح الخارجي وحماية الحصون من الداخل فريضة على هذه القيادات وضرورة لشعوبها)).

ثانياً: عبد الله الشايجي (كاتب وأكاديمي كويتي) قال في أحدى مقالاته “على دول مجلس التعاون الخليجي أن تتفاعل وترتقي لخطورة وحراجة الأوضاع ويكون المجلس على قدر الأخطار المحدقة والمتربصة بنا وبمجتمعاتنا وأمننا. الموقف الخليجي يجب أن يكون جماعياً وحماسياً. والإستراتيجية القديمة التي اتبعتها دول المجلس في التعامل مع الأخطار والكوارث لم تحمي دولنا أو تروع خصومنا. علينا أن نغير النهج ليكون أكثر واقعية وأنجح في التعامل مع جميع هذه المخاطر والتي للأسف لا يبدو أنها ستتحسن قريباً!!”.

ثالثاً: من الإمارات العربية د.سعيد حارب كاتب وأكاديمي إماراتي، قال في أحدث مقالاته ((نظرية الرفاة مقابل الحقوق لم تعد مناسبة وكذلك نظرية العصا والجزرة لم تعد مناسبة للمرحلة القادمة فقد أثبتت التجارب القريبة أن القوة وحدها ليست السبيل لمواجهة الثورات العربية، وربما أدخلت الأمة في مواجهات عنيفة وشقت صفها وأشاعت الفوضى، فالقوة وحدها لا تكفي لمعالجة كل الأمور، أما القول بأن الشعب في منطقة الخليج ليس مسيساً فذلك قول يخالفه الواقع، فالمتتبع للمواقع الإجتماعية على الشبكة الإلكترونية يجد أن الشباب في المنطقة على وعي تام بالقضايا السياسية في منطقته وأنه يتفاعل معها من خلال هذه المواقع، وإذا علمنا الثورات العربية إنما بدأت من خلال المواقع الإلكترونية في مجتمعات كان حظها من التكنولوجيا قليلاً فإن منطقة الخليج العربي من أكثر مناطق العرب إستخداماً لهذه التكنولوجيا)).

رابعاً: ما قال رئيس الأركان للقوات المشتركة الإيرانية، الجنرال حسن فيروزبادي ((دول الخليج جبهة الديكتاتوريات العربية، وأن الخليج ملكاً لإيران، وأدان مؤامرة الدول الخليجية لتشكيل هوية لها على حساب الهوية الإيرانية، وأن الخليج الفارسي انتمى وينتمي وسينتمي دائماً لإيران)).

*      ومن هنا لابد لنا من تعقيب:-

أ‌-    نحن نستغرب أن يصدر هذا التصريح من رئيس هيئة الأركان المشتركة الإيرانية، لأن في هيراكية الأمر العسكري، رئيس الأركان لا يصدر تصريحات وإنما ينفذ أوامر، وإذا كان ينفذ أوامر، فالأمر أدهى وأمر، لأن معنى ذلك بأن رئيس الأركان الإيراني تلقى الأوامر من السلطات العليا في إيران لينفذ أقواله والتي هي أصلاً أوامر من رؤسائه، وإذا كان هذا صحيح فمعنى ذلك أن التنافس في الخليج العربي انتقل من الدبلوماسية الناعمة (الحرب الباردة) إلى الدبلوماسية الصلبة (الحرب لا سمح الله)، والسبب هنا لأن الذي صرح رئيس أركان إيران، وليس سياسي إيراني يمثل رأيه، أو نائباً في البرلمان يمثل صوت المجموعة التي ينتمي إليها، أو حتى لو من الرئيس أحمدي نجاد نفسه ربما نعتبرها تمثل دبلوماسية العصا والجزرة، أو بسبب تنافس داخلي بينه وبين المعارضة ويحاول أن ينقل الأزمة للخارج.. إلخ، أما أن يصرح رئيس الأركان فهذا يعتبر قرار دولة لأن الأوامر وصلت للعسكر!.

ب‌-    ومن هنا لابد لدول مجلس التعاون الخليجي العربي من الإستفسار من الجمهورية الإيرانية الشقيقة في الطرف الثاني من الخليج العربي، الهدف من الأوامر التي صرح بها رئيس الأركان الإيراني، على أن يتضمن هذا الإستفسار إحتجاجاً!.

خامساً: باتريك سيل، كاتب بريطاني مهتم بشؤون المنطقة، ما قاله في أحدث مقالاته ((سقوط الأسد يعني إنهيار كافة التحالفات في المنطقة، والعراق وإيران اللتان خاضتا حرباً دموية في الثمانينات، تشهدان حالة تقارب في ظل قيادة شيعية، ومصر بعد الثورة مرشحة للنأي بنفسها عن إسرائيل والعودة للمعسكر العربي، أما الوحيد الذي لم يتغير على الأغلب فهو إستمرار الجهود التركية لكسب ود سوريا بغض النظر عن من سيحكم دمشق في المرحلة القادمة، بإعتبار أن سوريا هي بوابة تركيا للعالم العربي. وقد تحل تركيا محل إيران كحليف إقليمي رئيسي لسوريا في المرحلة الجديدة)).

تعقيبنا الجيو إستراتيجي على باتريك سيل هو:-

*  من المتوقع بشكل كبير وجود تحالف يشكل محور ذو مذهب سني يشمل تركيا وسوريا والأردن واليمن مع بقاء لبنان محايدة بطبيعة موقعها الجيوسياسي لسوريا وإسرائيل إقليمياً وفرنسا والمعسكر الغربي عالمياً، ومحور التحالف الثاني إيراني عراقي، ولكن ذلك لا يعني بأنه سيكون هناك خطر مواجهة بين المحورين السني بقيادة تركيا، والشيعي بقيادة إيران، لأن هذه المعسكرات التي يفترض أن تكون ذات برلمانات منتخبة ديمقراطياً ستلتزم بالتالي:-

أولاً: القرارات ليست قرارات أفراد مستبدين، وإنما قرار برلمان يمثل كافة أطياف الشعب:-

*  وفي هذه الحالات غالباً الأعضاء المنتخبين يفضلون الصالح العام على المغامرات الفردية الغير محسوبة، وفي إعتقادي أنه سيكون هناك تعاون كبير بين المحورين الديمقراطيين الشيعي واليمقراطي السني، لأن المحور الشيعي يوجد به ما يقارب 35% من السنة أصلاً وممثلين في البرلمان، والعراق بالتحديد نسبة السنة أكثر من 50% عند إضافة سنة كردستان مع سنة العراق بشكل عام، والمحور السني يوجد به ما يقارب 8% من الشيعة وممثلين أيضاً في البرلمانات المنتخبة.

ثانياً: جيوبوليتيكا إيران والعراق وتركيا وسوريا لا تسمح لهم في خوض أية مغامرات غير محسوبة، لأن المجال الجيوسياسي لهذه الدول يوجد به حيز جيو سياسي كبير للقومية الكردية، وفي حالة أية صراعات بين هذه الدول ذلك سيؤدي إلى إستقلال أجزاء من أراضي كردستان وأول المرشحين فيهم كردستان العراق التي تتمتع بحكم ذاتي، وهذا سيشكل عامل جذب للمناطق الجيوسياسية الفروع إلى الجانب الجيوسياسي الأم الذي أسس دولته، وذلك لتشكيل دولة واحدة مستقلة للقومية الكردية.

 علماً بأن بعض القوى العالمية بما فيها إسرائيل إحدى إستراتيجياتهم للمنطقة هو تشكيل دويلات ذات قوميات ومذاهب وأديان مختلفة وذلك على غرار إسرائيل، وهذا الأمر يسهل التواجد الإسرائيلي في المنطقة كدويلة صغيرة ذات قومية وديانة مستقلة مشابهة لدويلات ذات التركيب الحضاري المختلفة التي يفترض إنشائها,وسيعطي هذا الأمر اسرائيل زعامة المنطقة اقليميآ.

ثالثاً: الديمقراطيات لا تحارب بعضها بعضاً وإنما تدعم بعضها بعضاً، والدليل على ذلك مسيحيين أوروبا تحاربوا لعدة قرون، ومن القرن السابع عشر إلى القرن العشرين حروبهم قضت على نصف سكان أوروبا تقريباً ، وهذه الحروب تخوضها قوميات مختلفة ذات مذاهب مسيحية مختلفة فيما مابينها البين ، فالبروتستانت في شمال وشمال غرب أوروبا، والكاثوليك في جنوب أوروبا,والأرذوثكس في شرق أوروبا ، وبعد تحول هذة الدول إلى ديمقراطيات أصبح معظمها تحت مظلة إتحاد كونفدرالي واحد بمسمى الإتحاد الأوروبي وتجاوزا الخلافات الحضارية سواء كانت دينية أو قومية أو مذهبية أو سلالة أو لغة ….إلخ .

 بل أصبحوا يدعمون الدول الأوروبية الشرقية من أجل أن تتحول إلى ديمقراطيات ، إلى أن تحولت إلى ديمقراطيات، وقاموا بإعادة تأهيلها، ومن أصبح جاهزاً منهم كدولة ديمقراطية ويملك بنية تحتية مناسبة للإنضمام, تم ضمه للإتحاد الأوروبي.

    ثالثاً: ماهو موقف دول مجلس التعاون الخليجي في حالة تحول جميع دول المنطقة إلى دول     ديمقراطية وذات برلمانات منتخبه!؟.

*  هل سنبقى نلعب دور دبلوماسيات الصفقات نساعد هذا ونقطع المساعدة عن هذا!؟     ونعطي صوتنا لهذا في منظمة دولية بأشكالها المختلفة ونسحب صوتنا عن هذا!؟ وسنقوم بتنظيم مهرجان ضخم لإرضاء هذا، ونحجب عن المشاركة في المهرجان الضخم الآخر إغضاباً لهذا!؟ …….إلخ.

*  كل ذلك لايفيد عندما تكون القيادات في الجوار الخليجي منتخبة وتمثل أصوات وتطلعات شعوبهم 100%، لأنه لن يصبح هناك أية قرار مع حاكم مستبد يعقد كصفقة تحت الطاولة وبعد مرور خمس أو عشر سنوات تفاجأ الشعوب بهذا القرار المصيري الذي تم إتخاذه، ومن يعارضه يزج به في السجون وينكل به ….إلخ.

*   إنما أية مشروع قرار مصيري يريد أن يتخذه الرئيس أو الحاكم المنتخب، لابد أن يعرضه على البرلمان أو اللجان الشعبية المختصة ويتم التصويت عليه، لذلك سيعتبر عصر الصفقات مات ودفن مع الحكام الديكتاتورين المخلوعين. لذلك لابد لنا في دول مجلس التعاون الخليجية، الواقعة في الخليج العربي من إعادة مراجعة ترتيب البيت من الداخل والمحافظة على اللحمة الخليجية والتركيز على شؤوننا الداخلية، وترك عنا فرقعات الصيف من خلال شد الأنظار للخارج وهو من خلال مشاركتنا لمساعدة الإنسان في جزر الوقواق البرموديه والمواطن الخليجي يعاني من الديون، أو من خلال مساعدتنا لتطبيق الديمقراطية في الجمهورية الغبرى، وأبناء دولنا لايوجد عندهم ليس ديمقراطية فقط وإنما لا يوجد عندهم أي نوع من أنواع المشاركة الشعبية، وخليجنا يشارك في تغير رؤساء وحكام الدول، ونحن عندنا لا نستطيع أن نغير حتى رئيس وزراء أو وزير.

*   بحيث يقبعون في مناصبهم حتى يتوفاهم الله، وانتبه هنا يتوفاهم الله سبحانه وتعالى لأن عندنا بعض المسؤولين إذا فقد الأهلية يوضع قيم يدير شؤون الأمة ويصدر قرارات بإسمه، وطالبنا ومازلنا نطالب أن أية موظف في سلطة تنفيذية وخاصةً رئيس وزراء أو وزير إذا مكث في مكانة أكثر من ثمان سنوات تصبح هذه المصلحة كأنها ملكاً له يفيد منها من يشاء، ويقصي عنها من يشاء، علماً بأننا كأبناء مجلس التعاون الخليجي في الخليج العربي من أسعد سكان الأرض من حيث الهبة التي منحنا الله سبحانه وتعالى أياها,وهي كنوز الأرض المتمثلة في الذهب الأسود (النفط) والغاز الطبيعي، وهذه الكنوز لو استثمرناها بصورة صحيحة لأصبحنا أغنى سكان العالم قاطبةً، ولأصبحنا عزوةً وسند لجميع أخواننا في محيطنا العربي والإسلامي, ولأصبحنا من أكثر الأقاليم العالمية مساهمةً في الأمن والسلام والتنمية في العالم و (لكن في الختام)….!

*  هل نستفيد من هذة الفرص!؟ . أم نستمر في غينا ونرسل مساعدات اقتصادية وقوات عسكرية لحماية كوكب زحل (وذلك للأسف لتصدير الأزمات وشد الأنظار للخارج)!.

وإلى اللقاء دائماً إنشاء الله.

إبن عزيزي حرر العرب من المحيط إلى الخليج

بسم الله الرحمن الرحيم

10/4/2011

أولاً: حلم طلبة العرب إلى المجهول:

*  عندما كنا طلبة في المملكة المتحدة في الفترة 1988م : 1992م تقريباً، وكنا في أحدى السيمنارات التي تعقد أسبوعياً وكان الموضوع في ذلك السمينار عن (Willpower) قوة الإرادة، وكان المحاضر يقول قوة الإرادة ممكن تنشأ مع الإنسان من الناحية المعنوية والنفسية منذ نعومة أظافره، إما بسبب عقيدة دينية ينتمي لها، أو بسبب مذهب ما تنتمي له أسرته إلخ.

*  ولكن لتحقيق قوة الإرادة لابد من هدف ممكن الوصول إليه ويسعى له الإنسان، وبعد ذلك المحاضر استخدمنا نحن الطلبة الموجودين في المحاضرة آنذاك كنماذج لمحاضرته قائلاً ] مثلاً أنتم الطلبة موجودين هنا الآن لكل منكم هدف في المكان الذي أتى منه[ولتحقيق هذا الهدف لابد من ميكانزم “الآلية” لإيصالكم له، وهذا الميكانزم هو الدراسة ولتحقيق الدراسة لابد من إرادة، ولكن مع عدم وجود الهدف إستحالة وجود الإرادة القوية لترفع معنوياتكم لإنهاء الدراسة، وبعد ذلك بدأ يسألنا بعض الأسئلة لكي يربطها بموضوع السمينار!!، مثلاً:-

فهد، ما هو الهدف الذي تتعلم من أجل أن تحققه في وطنك؟.

الإجابة، أريد أن أخدم وطني في أي مجال ولا يوجد هدف محدد!.

محمد، ما هو الهدف الذي تتعلم من أجل أن تحققه في وطنك؟.

الإجابة، لا يوجد هدف محدد، ولكن أريد أن أأمن مستقبلي المادي فقط!!.

سعد، ما هو الهدف الذي تتعلم من أجل أن تحققه في وطنك؟.

الإجابة، لا أدري، عايز أعيش فقط داخل أو خارج وطني!.

*     بعد ذلك طرح نفس السؤال على بعض الطلبة الأجانب:-

جون، ما هو الهدف الذي تتعلم من أجل أن تحققه في وطنك؟.

الإجابة، أعمل في أحدث المراكز الإستراتيجية، ومنتمي لحزب العمال ويوجد لي دور فعال في المرحلة السنية.

ديفيد، ما هو الهدف الذي تتعلم من أجل أن تحققه في وطنك؟.

الإجابة، مرشح للعمل في أحدث القطاعات الحكومية، ومنتمي لحزب المحافظين.

كريستين، ما هو الهدف الذي تتعلم من أجل أن تحققه في وطنك؟.

الإجابة، سؤال جيد، ولكن أنا أكاديمية أصلاً وعندي تصور أكاديمي أريد أن أحققه في فترة زمنية محددة، وإذا لم يتحقق أرى أن مؤسسات المجتمع المدني التي تمثلني وتمثل طموحات كثيرة، وسأنتقل لإحدى هذه المؤسسات عندما أجد الفرصة المناسبة.

*  ومن هنا تعقيب عن المحاضر، بحيث قال:- بالنسبة للثلاثة الأخيرين “الطلبة الأجانب” أرى أن عندهم بعض الأهداف وذلك سيقوي عامل الإرادة لديهم للوصول إلى أهدافهم.

*  ولكن بالنسبة للطلبة الثلاثة الأوائل في العينة “الطلبة العرب” أعتقد بأنهم يملكون إرادة خارقة، بحيث يستخدمون الآليات كاملة وبنجاح، والهدف هو الوصول للمجهول!!.

*  فأجبناه نحن الطلبة الثلاثة العرب بأن إرادتنا نستمدها من الله سبحانه وتعالى، ومن يتوكل على الله فهو حسبه!!.

ثانياً: إبن عزيزي طيب الله ثراه أجاب على المجهول:-

*     هل تعلمون أين وجدنا هذا المجهول بعد عقدين من الزمان!؟

الإجابة:- وجدناها عند الشهيد إنشاء الله إبن عزيزي التونسي، بعد عقدين من الزمان، بعد أن حصل إبن عزيزي على الشهادة الأكاديمية، ذهب ليطرق جميع الأبواب باحثاً عن عمل، فصدت جميع الأبواب في وجهه!. فكان عنده أحدث الخيارين:- إما يشحت في الشوارع! أو أن يعمل في أية حرفة شريفة تأمن له قوت يومه!.

*   فكان الخيار الثاني أفضل بالنسبة له كعربي شهم وكريم، فاختار أن يعمل على عربة خضار ليأمن لقمة العيش اليومية، ومن هنا ثارت غيرة المنافسين، فوشوا عليه عند السلطات!!.

*  وجاءتة الشرطة، فسألوه، هل يوجد عندك ترخيص؟. قال إبن عزيزي لا يوجد عندي، وتمت مصادرة العربة، وضرب إبن عزيزي!!. ومن هنا ما كان من إبن عزيزي إلا أن ذهب وأحضر لتر من الجاز، وسكبه على جسده الكريم، وسحب عود ثقاب وأشعله في جسده الكريم، والنار التي اشتعلت في جسد إبن عزيزي، أصبحت كعود الثقاب الذي أشعل العالم العربي من المحيط إلى الخليج العربي!!.

*  طبعاً من هنا الأنظمة ستتهم إبن عزيزي بأنه تنظيم كامل ومدسوس بين الجماهير العربية، فإذا كان النظام حليف للإشتراكية سوف يتهم إبن عزيزي بأنه إمبريالي رأس مالي، وإذا كان النظام حليف للرأسمالية، فسيتهم إبن عزيزي بأنه مدسوس من النظام الشيوعي الإشتراكي!.

*  طيب، طيب، طيب، ولنتوقف لبرهة فالنظام الإشتراكي سقط وتلاشى,والنظام الرأسمالي أصبح الجميع إما حليفاً معه أو يتملق عنده، ولكن القرن الواحد والعشرين له فزاعة أخرى، وهو القاعدة، إذاً ربما يتهم إبن عزيزي هو تنظيم القاعدة كاملاً، ولكن يمثل فرقة القاعدة التحت أرضية المتمثلة بالجن، وتنظيم إبن عزيزي يشمل فريق من الجن مكون من الزجاجة التي فيها لتر من الجاز، والجني الثاني عود الثقاب الذي أشعل الوقود، والثالث جسد إبن عزيزي الطاهر الذي أشعلت فيه النار، وهؤلاء الثلاثة الجن القاعديين وسوسوا لشعوب الأمة العربية المغلوب على أمرها أن تنقلب على الأنظمة الديناصورية وتطالب بحقوقها!!.

ثالثاً: إلى أين يا ديناصورات السلطة العربية:-

*  كانت الأمة سابقاً تبتلى بواحد ويبقى جاثماً على أنفاسها إلى أن يتوفاه الله، أو يخلع، أو يصاب بالجنون ويفقد الأهلية!. ولكن كارثة القرن الواحد وعشرين، أصبح الواحد نظام  جيني يشتق منه ألف واحد، فالواحد هذا أصبح ديناصور ذو حمض نووي متجدد وذلك يمثل أبنائه وبناته وزوجاته، وقام هذا النظام الجيني الديناصوري بخطف كل شئ وتحويله إلى إنجاز عالمي، وذلك على سبيل المثال لا الحصر:-

*  من أحسن سياسي؟ (النظام)، من أحسن إقتصادي؟ (النظام)، من أحسن أكاديمي؟ (النظام)، من أحسن باحث إجتماعي؟ (النظام)، من أحسن باحث بيئي؟ (النظام)، ومن أحسن باحث زراعي؟ (النظام)، من أحسن باحث في الآثار والفنون والموضة والأزياء؟ (النظام)، من أحسن من يقوم بالأعمال التطوعية والإنسانية؟ (النظام)، من أحسن ديمقراطي؟ (النظام)، من أحسن منظم لمنظمات المجتمع المدني المستقلة عن الحكومات إستقلالية كاملة؟ (النظام!!)، من أحسن من يدير أموال الأمة في الداخل والخارج ممثلة بصناديق الأجيال القادمة (علماً بأن الأجيال المعاصرة هلكت من الجوع وتفتقد لأدنى أساسيات الحياة، ولكن نظرة النظام الثاقبة كانت حريصة على المستقبل)؟ (النظام)، من أحسن من يقوم بالأدوار التجارية؟ (النظام)، من أحسن من يشتري من معارض المجوهرات بعشرات وأحياناً بمئات الملايين؟ (النظام)، من أحسن شاعر وأديب؟ (النظام)، من أحسن سائق خفيف وثقيل وشاحنة؟ (النظام)، من أحسن سائق سيكل (عجل)؟ (النظام)، من أحسن من تكلم لغات؟ (النظام)، من أحسن من يحمل الجوائز العالمية بما فيها نوبل يفترض لجميع المجالات؟ (النظام)، من أحسن من ركب الدواب؟ (النظام)، من أحسن من عمل كل شئ علمنا عنه, أم لم نعلم عنه؟ (النظام).

*  طيب السؤال الذي يطرح نفسه ما دامت هذه الأنظمة اختطفت جميع الأدوار لنفسها:- نحن الشعوب العربية لماذا متواجدين؟.

*     الحل هو المجهول، والمجهول عند القاعدي الجني إبن عزيزي!!.

*  من سخرية القدر، قال رجل محترم طاعن في السن من البادية كنا دائماً نسمع عن السلطة المحيطة (الرجل الذي يستطيع أن ينفذ كل شئ بنفسه)، ولكن لم نراها في الواقع ولا نعتقد بأنها موجودة، والسبب في القبيلة الواحدة أو الأفخاذ القبيلة يشتهر كل خمسين سنة أو مائة سنة رجل بإنجاز واحد، ويتناقل هذا الإنجاز إلى آلاف السنين وربما إلى يوم يبعثون، فمثلاً عندما يسألك شخص عن فخيذة ما ويطلب منك أن تميزها، تقول له هذه الفخيذة ينتمي لها الشاعر الفلاني مثلاً، فيقول لك السائل نعم عرفت هذه القبيلة الآن.وفي بلاد الشام رجل آخر قال لكي نعرف المناطق الجغرافية المختلفة في الشام، كنا نقول هذه القرية الفلانية التي استشهد فيها الفارس فلان، وهاذي القرية الفلانية التي ولد فيها الأديب فلان، وهلمجرا…….. إلخ. ولكن الآن في القرن الواحد والعشرين نجد رجل ديناصوري واحد يخطف جميع الإنجازات، (هل ذلك يعقل) !؟.

رابعاً: توزيع الأدوار:-

أولاً: العبد لله كاتب هذه المقالة الهواية الأولى عنده الصيد بالصقور، وقمت بإستئجار شخصاً وصف لي بأنه مدرب صقور ممتاز، لكي يقوم على تدريب الصقور الخاصة بي شخصياً، وذهبنا في رحلة صيد، ولكن لسوء الحظ الأجير الغلبان لم يوفق في تدريب الصقور، والنتيجة لم تكن صقورنا في بداية الرحلة جيدة في الإنقضاض على الفرائس، فعرفت أن عند الصقار مشكلة ما، فقمت شخصياً بمساعدته في تدريب الصقور إلى أن أبلت صقورنا بلاءاً حسناً في الصيد، فصدم الصقار الأجير لأنه كان يعتقد بأنني لا أجيد تدريب الصقور؟ فقال لي أنت مدرب صقور جيد، إذاً لماذا لا تدرب صقورك بنفسك؟. فأجبت الأجير، إذا خطفت عنكم جميع الأدوار، إنتهى الهدف الأسمى من رحلة الصيد، أهم ما في هذه المرحلة كل واحد منا يقوم بدور ما، مثل إحدانا دورة تدريب الصقور، والثاني دورة قيادة العربة (السيارة) وصيانتها، والثالث دورة الإشراف على التموين وتحضير الطعام، والرابع دورة الإشراف على المخيم وإدارته، والخامس دورة القيام بعملية الإمداد والتجهيز… إلخ.

*  ومن هنا كلاً منا له دور فعال ومهم لإنجاح الرحلة، وهذه المتعة الحقيقية من تنظيم هذه الرحلة، علماً بأنه بإمكان واحد منا خطف جميع الأدوار وتهميش الجميع مثل ما تفعل بنا الأنظمة الجينية الديناصورية!!.

ثانياً: سيدنا محمد (ص) نبي ورسول قبل أن ينزل عليه الوحي:-

*  ومن هنا أضرب لكم مثلاً عن العرب في الجاهلية وقبل نزول الإسلام، وإيمانهم بتوزيع الأدوار، لأن وظائف السلطات معظمها- وفلسفاتها المعاصرة، والحديثة، والقديمة، تناولتها في موقعي الإلكتروني وبإمكانكم قرائتها!.

*  والموضوع هنا بناء الكعبة قبل أن ينزل الوحي على محمد (ص) بخمس سنوات تقريباً، قامت القبائل العربية بإعادة بناء الكعبة وترميمها، ولما بلغ البنيان موضع الحجر الأسود اختلفوا فيمن يمتاز بشرف وضعه في مكانه، واستمر النزاع أربع ليال أو خمساً، واشتد حتى كاد يتحول إلى حرب ضروس في أرض الحرم، إلا أن أبا أمية بن المغيرة المخزومي عرض عليهم أن يحكموا فيما شجر بينهم أول داخل عليهم من باب المسجد فارتضوه، وشاء الله أن يكون ذلك رسول الله (ص)، فلما رأوه هتفوا: هذا الأمين، رضيناه، هذا محمد. فلما انتهى إليهم، وأخبروه الخبر طلب رداء، فوضع الحجر وسطه، وطلب من رؤساء القبائل المتنازعين أن يمسكوا جميعاً بأطراف الرداء، وأمرهم أن يرفعوه، حتى إذا وصلوه إلى موضعه أخذه بيده فوضعه في مكانه، وهذا حل حصيف رضي به القوم!!.

*     الحكمة هنا في فن القيادة وتوزيع الأدوار عند محمد (ص):-

أولاً: وضع الآلية لتحقيق الإستراتيجية.

ثانياً: وزع الأدوار.

ثالثاً: أشرف على نهاية العمل وتحقيق النتيجة.

*  وهنا الحكمة من رسولنا وحبيبنا محمد (ص) في توزيع الأدوار ولم يخطف كل الأدوار له لوحده وإمتداده الجيني والباقي إلى الجحيم إلى أن يأتيهم إبن عزيزي!!.

خامساً: سنعرض بعض الحلول:-

*  ربما تتفقون معنا فيها أو لا تتفقون ولكن أرجو أن من يشارك في الرأي أو يختلف معنا، أن يرسل رأيه في موقعي، أو موقع الصحيفة إذا قامت بنشر المقالة بالفعل، وكالعادة أكن كل إحترام لمن يتفق معنا في الرأي، ومع من يختلف معنا في الرأي:-

أولاً: يفترض أن لا يبقى موظف في المناصب العليا في السلطة التنفيذية وخاصةً منصب رئيس وزراء، أو وزير أكثر من دورتين، وكل دورة 4 سنوات، ومجموع الدورتين 8 سنوات.

ثانياً: تداول السلطة.

ثالثاً: عدالة توزيع الوظائف.

رابعاً: الشفافية في إدارة المال العام والثروات الطبيعية.

خامساً: المشاركة الشعبية في صنع القرار من خلال مؤسسات شعبية منتخبة.

سادساً: الفصل التام بين السلطات، وإعطاء دور رقابي وتشريعي لسلطة تشريعية منتخبة شعبياً، لمراقبة جميع السلطات من خلال قنوات قانونية محكمة.

سابعاً: تقديم كشف ذمة مالية لجميع موظفي السلطات، على أن يتجدد سنوياً، بشرط أن يطبق ذلك بشكل رجعي على أي موظف موجود في السلطة قبل تطبيق كشف الذمة المالية، وللعلم لإجراء الفحص بشكل رجعي سهل جداً، وبإمكان أية مكتب قانوني مع مكتب محاسبي إجراء كشف بالذمة المالية بأثر رجعي حتى لو أصبح الشخص ديناصور في السلطة، بمعنى آخر منذ 30، 40، 50 أو حتى 100 سنة، بالإمكان إجراء هذا الفحص بأثر رجعي(فقط للذكرى ولكي نطمئن قدامى الموظفين بذلك)!!.

ثامناً: عدم تولي المناصب القيادية الأجانب حتى لو تم تجنيسهم، لأننا كعرب أصبحت منتخباتنا الرياضية مجنسة، ولا نريد أن ينتقل ذلك إلى قياداتنا!!.

وإلى اللقاء دائماً إنشاء الله.

 

الدور السياسي للمجالس الأهلية في الكويت وقطر

بسم الله الرحمن الرحيم

13/12/2009

للبحث فى موضوع كالموضوع هذا لابد من تغطية محورين رئيسيين

المحور الأول ما كتب حول الموضوع:- ولاحظنا ما كتب حول هذا الموضوع مجموعة دراسات لا بأس بها مثل: الديوانية رمز الكويت وأسهم في وحدة الصف وزيادة التعارف، و المعارضة السياسية في الكويت، و فيلم وثائقي (الديوانية)، و دوري الديوانيات الثقافي 1430هـ فى الكويت، و المادة 139 من قانون العقوبات رقم 11/2004 القطري، و تاريخ المجالس في قطر ودورها في الحياة العامة، و الأثر السياسي للديوانية في الكويت، و الديوانيات.. من هنا بدأت الكويت، و البقاء للديوانية وستاربكس، و هل تنشأ أحزاب سياسية بدول الخليج , و جريدة العرب القطرية 25/10/2009.

المحور الثاني توزيع إستبيان عن المجالس في دولة قطر:- وزعنا إستبيان على المجالس في دولة قطر، وكان الإستبيان يتكون من تسعة إستفسارات إستراتيجية كما سنعرف النتيجة لاحقاً، وإستعنت في هذا العمل بعد الله سبحانه وتعالى , بفريق عمل من الأخوة الفاضلين، بحيث ركزنا علي توزيع الإستبيان في المجالس القطرية من ناحيتين إستراتيجيتين وهما، الأولى التوزيع الجغرافي العشوائي للمجالس في دولة قطر، والثاني ركزت على أن تكون المجالس ذات إختلافات عائلية وعشائرية وثقافية وحضارية، وحصلت على 125 إجابة، وكانت النتائج مبهرة وملفتة للنظر بشكل كبير.

أما البحث الرئيسي عملت علي تقسيمه إلي خمسة محاور رئيسية وهي

المحور الأول تعريف الديوانية:-

1-   فى الكويت، تعرف الديوانية بإسم العائلة أو الأسرة وليس بإسم كبيرها، ويشار إليها بإعتبارها نظاماً إجتماعياً يرمز إلي مكانة الأسرة الإجتماعية، وهي تمثل إحدى العادات الموروثة بل والمتأصلة في التركيبة الإجتماعية الكويتية ]رجب الدمنهوري[.

2-   في قطر، المجالس، عبارة عن مجلس كبير للرجال ملحق بمنازل الأسر الكبيرة، وهي بمثابة إمتداد لمجلس القبيلة، وهذه المجالس معدة لإستقبال الضيوف في تكوين معماري منفصل عن منزل صاحب المجلس، حيث يقع المجلس في الغالب على يمين أو يسار المدخل الرئيسي للمنزل، وتختلف مجالس العلم عن مجالس رجال القبائل برغم أن تلك المجالس في كلتا الحالتين تعتبر بصفة عامة نظاماً إجتماعياً يرمز إلى قيمة ومكانة معينة لصاحب المجلس وعشيرته (خضراوي).

المحور الثاني أيدلوجية الديوانية:-

لعدم وجود الأحزاب السياسية في دول الخليج العربي لاحظنا إن الديوانيات والمجالس لها دور كبير على النزعة الأيدلوجية وتأثيرها على التوجه السياسي بالنسبة للمواطن الخليجي، ففي الكويت هناك ديوانيات مؤيدة للحكومة وهي عادة ديوانيات كبار موظفي الحكومة ووزرائها، وغيرهم من التجار والوجهاء الذين يوجهون النقاش في ديوانياتهم لتوعية الحضور بمبررات بعض القرارات والمواقف السياسية للحكومة، وبالمقابل هناك ديوانيات بعض الناشطين السياسيين وبعض أعضاء مجلس الأمة ممن إتخذوا من ديوانياتهم منابر للتوجيه السياسي المعارض والتوعية السياسية بأهمية المشاركة في القرارات المصيرية.

والواضح في الأمر أيضاً بأن ثقافة أصحاب الديوانية في التوجه الأيدلوجي للديوانية، فإذا كان صاحب الديوانية فقيهاً أو عالماً جلب إليها الفقهاء والعلماء والمهتمين بهذه الجوانب، وغلبت هذه الجوانب على الحوار داخل الديوانية، وإن كان صاحب الديوانية من التجار كان معظم جلسائه منهم وإنساق الحديث بالطبع إلى التجارة والإقتصاد، وإن كان صاحب الديوانية أديباً كان النقاش كذلك، وإن كان سياسياً أو وزيراً أو برلمانياً كان النقاش حول السياسة والأمور والأحداث السياسية المحلية والعالمية. إلا أن الديوانيات عموماً يطغى على نقاشها التوجه السياسي في أوقات الإنتخابات أو الأزمات السياسية التي تمر بها البلاد، في ظل عدم وجود أحزاب سياسية في الكويت، ثم لا يلبث الدور الإجتماعي للديوانية الذي لا ينقطع إلى أن يكون الأكثر أثراً.

المحور الثالث دور الديوانية السياسي:-

في دراسة في الكويت أثبتت إن الديوانيات تؤثر على الرأي العام ودرجة الوعي السياسي، خاصة في أوقات الإنتخابات البرلمانية، إذ تشير بعض الأبحاث إلي إن حوالي 64% من مرتادي الديوانيات تأثر توجههم الإنتخابي عن طريق العلاقات الشخصية داخل الديوانية، كما توصل بعض الباحثين إلى أن الإقبال على الديوانيات المهتمة بالشؤون السياسية سواء المعارضة للحكومة أو ديوانيات أصحاب النفوذ والمراكز السياسية في الدولة تلاقي إقبالاً أكثر من الديوانيات التي يقتصر اللقاء فيها على السمر والجوانب الترفيهية، ولكن الديوانيات، بلا شك تتفاوت فيما بينها بشكل كبير في درجة تأثيرها على القرار السياسي في الكويت تبعاً لقوة أصحابها ودرجة نشاطهم ونفوذهم.

وكذلك بدأت الحياة التشريعية في الكويت من الديوانيات، ففي عام 1920م، إجتمع وجهاء الكويت في ديوانية ناصر البدر، وإتفقوا على تقديم عريضة للحاكم تتضمن آرائهم ومطالبهم، والتي قام على أساسها أول مجلس إستشاري في الكويت عام 1921م.

ولم يمر وقت طويل حتي نشبت الخلافات بين أعضائه، ومن هنا كانت بداية ظهور المعارضة السياسية والفكرية، فبرزت المطالبة بقيام مجلس تشريعي، وتشكلت لجنة نزيهة لمراقبة العملية الإنتخابية، وإنتخاب أعضاء مجلس تشريعي.

ومن هنا ظهر أول مجلس تشريعي في الكويت عام 1938م، وكان يعد أول برلمان شعبي يشارك في الحكم، وفي العام نفسه تأسست كتلة الشباب الوطني، وتم إجراء إنتخابات أعضاء مجلس إداراتها في ديوانية الشيخ يوسف بن عيسي القناعي، إلا أنه بعد أن دبت الخلافات بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، تم حل المجلس بعد مرور 6 أشهر على قيامه وألغيت الكتلة.

وكما تذكر المصادر بأن الديوانيات ساهمت في إنتخابات أول مجلس أمة منتخب في الكويت عام 1963م، وتذكر المصادر الكويتية بأن معظم أعضاء مجلس الامه المنتخبين كانوا أصحاب ديوانيات في الكويت عام 1963م.

وأثبتت الديوانيات الكويتية في حالة غياب مجلس الأمة، بأنه بإمكانها تجميع القرار الوطني إذا لم يكن صناعته، والدليل على ذلك إن معظم أعضاء أول مجلس تشريعي منتخب في الكويت كانوا أصحاب الديوانيات، ومما يدل على عمق وقوة أثر الديوانية في التركيبة الإجتماعية الكويتية أن القانون رقم 65 الصادر سنة 1979م بعد حل مجلس الأمة سنة 1976م  والقاضي بمنع تجمع الأفراد في الأماكن العامة دون إذن قد إستثنى في المادة الثالثة منه الديوانية بإعتبارها عرفاً إجتماعياً لازماً ومتأصلاً في عادات الناس. وقد أعطى ذلك الإستثناء للديوانية دفعة سياسية قوية لأنها باتت المتنفس الوحيد لأفراد الشعب للإجتماع وتجاذب أطراف الحديث، بل والضغط على الحكومة لإعادة الحياة النيابية إلى البلاد.

وفي دولة قطر أثيرت نقطة منع تجمع الأفراد، بين أصحاب المجالس القطرية، عندما صدر قانون منع التجمع القطري، ومادته 139 من قانون العقوبات رقم 11/2004 والتي تنص على:-]مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد، يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز ثلاث سنوات وبالغرامة التي لا تزيد على خمسة عشر ألف ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من إشترك في تجمهر، مؤلف من خمسة أشخاص على الأقل في مكان عام، بغرض إرتكاب جريمة، أو الإخلال بالأمن العام، وبقي متجمهراً بعد صدور أمر رجال السلطة العامة بالإنصراف[.

وطبعآ القانون أعلاه لا ينطبق على المجالس القطرية، لأن إجتماعها أولاً ليست بجريمة وإنما للبناء وليست للهدم، وثانياً كما ذكر أعلاه، المجالس القطرية تعتبر عرفاً إجتماعياً لازماً ومتأصلاً في عادات الناس وتقاليدهم، وتعتبر المتنفس الوحيد لأفراد الشعب القطري وخاصة لعدم وجود مجتمع مدني قطري، أو أحزاب سياسية لصناعة الرأي والمشاركة الوطنية في دولة قطر!.

والدليل على ذلك فإن الديوانية في دولة الكويت إلى اليوم تؤدي دوراً سياسياً بارزاً في الإنتخابات والأنشطة السياسية الأخرى. بل إن البعض ينظر إليها لإستطلاع رأي الشعب حول أي قضية من القضايا على أنها مخبار أو مجس لمعرفة توجهات الرأي العام. كما يرى بعض الباحثين أن الديوانية تمثل جانباً سلبياً في العملية الديمقراطية في الكويت حيث تكرس فكرة الإنتخابات الفرعية القائمة علي الروابط الأسرية والتي تجري قبل الإنتخابات العامة.

وتعقيبنا على إن الديوانيات والمجالس الأهلية هي التي تساهم في تكريس الدور السياسي الأول للقبيلة، أي إن من خلال المجالس، كل قبيلة تعطي أصواتها للمرشحين من أفراد نفس القبيلة في المجالس الخاصة بالقبيلة!. نحن نرى بأن هذا الأمر طبيعي لأن التجمع القوي الوحيد لأفراد المجتمع الخليجي وخاصة في السعودية والكويت وقطر ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى هو من خلال المجالس، وهذه المجالس معظمها عائلي، فتلقائياً تذهب الأصوات في المجالس إلى المرشحين من أفراد نفس المجالس، وفي هذه الحالة تصبح أصوات كل قبيلة أو عائلة محصورة بين أفرادها، وذلك لعدم وجود مجتمع مدني قوي في الخليج العربي لصناعة الرأي العام وتوجيهه نحو الأفضل والصالح الوطني، وقد أعجبني إستطلاع للرأي نشرته جريدة العرب القطرية بتاريخ 25/10/2009م عن مدى الإرتباط بالقبيلة في دولة قطر فكانت النتائج كالتالي:-

76% من العينة يعتبر المجتمع القطري مجتمع قبلي، و70% من العينة يري أن القبيلة تحدد مسارات الوظائف والإنتخابات والزواج والعلاقات الإجتماعية، و60% من العينة يري إن القبيلة صلة رحم (إذاً من هنا نرى بأن القبيلة (مربوطة بالعقيدة الإسلامية بالنسبة لمفهوم المستطلع رأيهم)) و56% من المستطلع رأيهم يرى إن التمسك بالقبيلة عنصر إيجابي، وما يقارب نصف العينة (48%) يقيمون الناس حسب قبائلهم.

لذلك نرى من الطبيعي في حالة عدم وجود مجتمع مدني قوي، كما ذكرنا أعلاه، بأن أصوات القبائل سوف تذهب للمرشحين من نفس القبيلة، وذلك من خلال المجالس التي تجمع أفراد القبائل مع بعضهم، وكذلك الأحياء ]الفرجان [الخليجية وخاصة الحديثة النشأة قامت على أساس قبلي، وذلك دعماً من بعض الحكومات الخليجية نفسها!!.

 وعلى ضوء أعلاه، من الطبيعي أن تدرك الحكومات الخليجية، وبالتحديد في دولة الكويت، كما أدرك المرشحون والناشطون الإجتماعيون والسياسيون في المجتمع الكويتي ما للديوانية من أثر وأهمية في حياة المجتمع الكويتي الصغير. فهي من أبلغ الطرق وأقصرها للوصول إلى قلوب الناس، فعلاوة على الوزن الإجتماعي، والسياسي، والإقتصادي الكبير للقائمين على الديوانيات،فا لداني, والقاصي, والمتعلم, والأمي،يذهبون للديوانية, كما يطرح النقاش في الديوانيات بأسلوب مفهوم للجميع ومحبب إلي قلوبهم لدرجة أن الديوانيات نافست الصحافة بشكل كبير، وذلك لأن قراء الصحف من المثقفين فقط، بينما ترتاد الديوانيات جميع الفئات كما ذكر اعلاة.

وعندما حلت الحكومة الكويتية مجلس الأمة الكويتي عام 1986م، توجه الناشطون السياسيون في المجتمع الكويتي إلى مناقشة الحكومة، في محاولة منهم لإعادة الحياة النيابية، عن طريق النقاش مع أمير البلاد آنذاك، وعن طريق الخطابات والرسائل الموجهة إلي أمير الكويت بهذا الشأن، ولما أعيت الحيله الناشطون السياسيون أعلاه، لجأوا لمخاطبة أفراد المجتمع، وتوضيح وجهة نظرهم للناس من خلال الديوانيات، وبدأت سلسلة من اللقاءات الدورية الأسبوعية في عدد من الديوانيات، وكانت اللقاءات تعقد في الديوانيات في مواعيد محددة في عام 1986م لمناقشة حل مجلس الأمة.

 ومن خلال إستطلاع للرأي أجريناه في دولة قطر لمعرفة الدور السياسي للمجالس في دولة قطر كان النتائج مبهرة وأكثر قوة عن ما توقعت، فلاحظت الإجابة علي النقاط التالية:- أجاب 84% من العينة بنعم، بأن المجالس لها دور في تنمية الروح الوطنية، وأجاب 59% من العينة بأن المجالس لها دور في صناعة القرار السياسي القطري، وأجاب 67% من العينة بأن المجالس تساهم في صناعة القرار الوطني بشكل عام، وأجاب 75% من العينة بأن المجالس مكان علم وثقافة وأدب.

المحور الرابع هل الديوانيات بديل عن الأحزاب السياسية:-

صراحةًًًًً لم أستطع أن أرصد رأي خليجي رسمي صريح بالنسبة لدعم تكوين الأحزاب السياسية في دول الخليج العربي، بإستثناء تلميحات غير مباشرة من بعض المسؤولين الخليجيين، فنلاحظ هنا:-

أولاً: السيد عبد الرحمن العطية أمين عام مجلس التعاون الخليجي في عام 2006م، طالب بإقامة نوع من المنابر السياسية في منطقة الخليج لإستقطاب التيارات والقوى السياسية في المجتمعات الخليجية، مضيفاً أنه، ليس بالضرورة أن تتخذ المشاركة السياسية أشكالا نمطية أو حزبية وقد تكون جمعيات سياسية أو حقوقية.

ثانيا: في 8/3/2006م قال السيد جاسم الأخرافي رئيس مجلس الأمة الكويتي لصحيفة الدستور، الأحزاب ضرورة في الكويت لإستمرار النهج الديمقراطي، ولكن رئيس مجلس الأمة الكويتي ما لبث إلا أن عدل من تصريحه أعلاه، بحيث قال في 30/3/2006م لصحيفة السياسة الكويتية، لسنا مستعدين للأحزاب، حيث إن تنظيم العمل الحزبي لا يأتي بين يوم وليلة ويحتاج إلي وقت وإعداد وتحضير قد يستغرق سنوات، إلا أنه لا ديمقراطية مكتملة من دون قانون ينظم عملها !.

 وبإستعراض للدساتير والنظم السياسية لدول مجلس التعاون الخليجي يلاحظ أنها وإن لم تنص مباشرة علي قيام أحزاب سياسية، فإنها سمحت بقيام الجمعيات، ففي الكويت نصت المادة 43 من الدستور الكويتي الصادر 1962م علي ]حرية تكوين الجمعيات علي أسس وطنية وبوسائل سلمية مكفولة وفقاً للشروط والأوضاع التي يبينها القانون[، ونصت المادة 44 علي أنه ]للأفراد حق الإجتماع دون حاجة لإذن أو إخطار سابق، ولا يجوز لأحد من قوات الأمن حظر إجتماعاتهم الخاصة، والإجتماعات العامة والمواكب والتجمعات متاحة وفقاً للشروط والأوضاع التي يبينها القانون، على أن تكون أغراض الإجتماع ووسائله سلمية ولا تنافي الآداب[.

وفي دولة الإمارات المتحدة نصت المادة 33 من الدستور الدائم علي أن ]حرية الإجتماع وتكوين الجمعيات مكفولة في حدود القانون[. أما دستور مملكة البحرين فقد نص في المادة 27 على أن ]حرية تكوين الجمعيات والنقابات على أسس وطنية ولأهداف مشروعة وبوسائل سلمية مكفولة وفقاً للشروط والأوضاع التي يبينها القانون[.

كما نص الدستور القطري الصادر عام 2003 في المادة 45 على أن ]حرية تكوين الجمعيات مكفولة وفقاً للشروط والأوضاع التي يبينها القانون[.

ولكن لابد أن نقر بأن مفهوم الجمعيات يختلف عن الوظيفة التي تأديها الأحزاب السياسية، فدور الجمعية الوظيفي مهني أكثر منه سياسي، وهي هجين ما بين الأحزاب السياسية والنقابات المهنية المتعارف عليها فى الدول الديمقراطية، ولكن ممكن أن نعتبر إن الجمعيات هي البداية الأولى لبلورة تشكيل التجمعات الخليجية لأداء الوظائف االمختلفة وممكن أن ينبثق منها في المستقبل الأحزاب السياسية والنقابات المهنية!.

 ولكن في الفترة التي يغيب فيها الأحزاب السياسية والنقابات المهنية في دولة الكويت ودول الخليج الأخرى، ذلك ساعد على بروز دور الديوانية، وهي المؤسسة التقليدية التي تلتقي فيها فئات المجتمع دون أن تكون لها صفة رسمية، وهي ميدان العمل السياسي، وربما إزداد الأثر السياسي للديوانية وأصبح أكثر وضوحاً خلال الأزمات السياسية، وإن كانت بعض الديوانيات تحافظ على توجها السياسي تحت كل الظروف. بل ذهب بعض الباحثين إلى أبعد من ذلك حين قال إن الديوانية تمثل برلماناً ولكن دون التمتع بشرعية البرلمانات الرسمية بالطبع!.

المحور الخامس هل المقاهي بديلا عن المجالس:-

 الغريب في الأمر فعلاً بأن المقاهي لها دور في تكوين الرأي العام والحس الوطني عند المواطنين، فمثلاً مدن العراق والشام، فقد عرفت هذه الدول منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر تجربة الحكم الدستوري للدولة العثمانية، وكانت هناك مجالس برلمانية تجتمع دورياً في إسطنبول، بعضوية ممثلين عن بغداد، والموصل، والبصرة، ودمشق، وحلب، ونابلس، وبيروت، والقدس، ومع ذلك إزدهرت المقاهي في هذه المدن، وكانت الأكثر حضوراً في المشهد السياسي، ولما كان جمال الدين الأفغاني يتجول بين المدن العربية، مبشراً بمشروعه ]الجامعة الإسلامية[ فإنه كان يجلس في المقاهي، تحت ظلال دخان النرجيلة التركي، وليس تحت قبة البرلمان.

ولما بدأ العثمانيون يستوردون الشاي من الهند، والقهوة من اليمن، أصبحت جلسة المقاهي أكثر إمتاعاً، وبدأت تستقطب الفنانيين، والأدباء، والشعراء، لدرجة أن السياسيين إعتبروا رواد المقاهي هم أهم شريحة من شرائح قواعدهم الإنتخابية. وبدأ العثمانيون ينظرون إلى المقاهي بتوجس، بإعتبارها، على عكس مجالس البرلمان، فضاءات شعبية غير منضبطة، مما يؤهلها للتحول إلي مراكز تعبئة وشغب، وفيما كان السلاطين العثمانيون يبثون عيونهم للتجسس على ما يقوله رواد المقاهي، فإن العراقيين في العصر الحديث يرجعون تقلص فضاءات المقاهي إلى وصول البعث إلى السلطة في عام 1968م حيث لم يكتفوا بحل الأحزاب، ومصادرة الصحف، وإنما أغلقوا المقاهي بالشمع الأحمر.

وعندنا في دول مجلس التعاون الخليجي بدأ دور المقاهي يبرز الآن، وربما في فترات مستقبلية يتحدث الأفراد مع بعضهم البعض في شؤون حياتهم وخاصة السياسة في المقاهي أكثر جراءة من المجالس، لأن المجالس غالباً صاحب المجلس لا يسمح بالتمادي في القضايا السياسية الحساسة، وذلك خوفاً على مصالحه الذاتية وغيرها، ولكن المقاهي تعتبر مكان عام، ولقاء الأفراد سهل وبإمكانهم تناول النقاش في شتى الأمور المختلفة.

والملفت للنظر من خلال إستطلاعنا للرأي في المجالس القطرية طرحنا الإستفسار التالي:-

هل تعتقد أن المقاهي ممكن أن تؤدي دور المجالس!، فكانت الإجابة علي هذا السؤال وصلت إلي 23% بنعم، وهذه النسبة تمثل أكثر من خمس رواد المجالس، فأعتبرها في مجتمع صغير ومحافظ كالمجتمع القطري بأنها كبيرة!.

الخاتمة تحليل لإستبيان دور المجالس التنويري في دولة قطر:-

لقلة المادة التحليلية المكتوبة عن دور المجالس في دولة قطر حاولت أن أغطي هذا الجانب بإجراء إستطلاع للرأي، وأعتقد بحمداً من الله سبحانه وتعالى، ومن ثم بتعاون فريق لا بأس به من الأخوة الصالحين وفقت في هذا الأمر، وفي وقت قياسي أيضا، وكانت النتائج كالتالي:-

1-      هل المجالس ساهمت في زيادة معارفك وعلاقاتك الشخصية؟.

فكانت إجابة العينة 98% بنعم، وهذا يدل على أن المجالس لها دور أساسي في العلاقات الشخصية في دولة قطر، ويعطينا دليل قوي في ظل غياب مؤسسات المجتمع المدني القوية، أصبح للمجالس دور لأداء الوظائف الإجتماعية المختلفة مثل السياسية والإقتصادية والعلاقات الشخصية!.

2-      هل للمجالس دور لتنمية الروح الوطنية؟.

فكانت إجابة 84% من العينة بنعم، وهذا يعطينا بأن المجالس ممكن أن تكون مراكز إيجابية لتعبئة الروح الوطنية وتوجيه الرأي العام.

3-      هل تعتقد المجالس للتسلية ولقتل وقت الفراغ فقط؟.

فأجاب بنعم 31% من العينة بنعم، وأنا شخصياً أعتبر هذه الإجابة إيجابية، لأننا كنا نتوقع الإجابة بنعم علي هذا السؤال تفوق النسبة أعلاه!.

4-      هل تعتقد ممكن أن تساهم المجالس في صناعة القرار السياسي؟.

فكانت الإجابة بنعم 59%، وحتى لا يحدث لبساً هنا للبعض، فأن مساهمة المجالس في القرار السياسي بطريقة غير مباشرة، وهو من خلال مراقبة النخب السياسية للمجالس في خلال فترة صناعة القرار السياسي، وخاصة في حالة عدم وجود مؤسسات وطنية تساهم في صناعة القرار السياسي!.

5-      هل تعتقد ممكن أن تساهم المجالس في صناعة القرار الوطني بشكل عام؟.

أجاب علي هذا السؤال 67% من العينة بنعم!.

6-      هل تعتقد المجالس مكان للوجاهة الإجتماعية فقط؟.

أجاب علي هذا السؤال ما يقارب 33% من العينة بنعم، مع العلم كنت متوقع الإجابة بنعم أكبر من النسبة المذكورة بشكل كبير!.

7-      هل تعتقد أن المقاهي ممكن أن تؤدي دور المجالس؟.

فكانت الإجابة بنعم تصل إلى 23% من العينة، وهذه النسبة أعتبرها كبيرة لمجتمع محافظ وصغير كالمجتمع القطري!.

8-      هل تعتقد أن المجالس مكان علم وثقافة وأدب؟.

فكانت الإجابة بنعم 75% من العينة، وهذه الإجابة تعطي صورة إيجابية كبيرة للمجالس في دولة قطر، وتؤكد أن المجالس لها دور كبير إذا إستثمرت الإستثمار الصحيح لفائدة المجتمع وتوعيته!.

9-      هل تعتقد أن المجالس مكان للهروب من المسئوليات الإجتماعية؟.

للأسف كنت أتوقع الإجابة بنعم أقل من النسبة التي أجابت بنعم فعلاً، وهي تصل إلي 29% التي أجابت بنعم، ولن أعلق على هذه النسبة إطلاقاً، ولكنها مفاجأة بالنسبة لي شخصياً!!.

وإلى اللقاء دائماً إنشاء الله.

 

من يحكم من فى النظرية الويلسنية

بسم الله الرحمن الرحيم

4/10/2009

النظرية الويلسنية، قصدنا بها مبادئ الرئيس الأمريكى ويلسون سنة 1918م  حق تقرير المصير (أى بمعنى إن من حق الشعوب أن تحكم نفسها بنفسها).

وهذا المبدأ ركز عليه جميع القيادات الأمريكية وهو العمل على نشر الرأسمالية والديمقراطية على مستوى العالم، وكان من أبرزهم الرئيس بوش الثانى وخاصة بعد أحداث سبتمبر 2001م كان جل إهتمامه:-

(هو إن من مشاكل العالم الإسلامى نقص الديمقراطية، واعتبر التحول الديمقراطى هدفاً رئيسياً للسياسة الخارجية الأمريكية، بناء على أسباب جيدة. فالديمقراطيات أكثر إستقرارا من الديكتوريات. والديمقراطية المستقرة تقلل الظروف التى تؤودي الى الصراع السياسى والراديكالية والعنف والإرهاب).

ولكن المتابع لتاريخ الولايات المتحدة المعاصر والحديث يرى عكس ماذكر أعلاه بشكل يكاد يكون كلى.

يقول الباحث جون سبوريتو:- (إن إستراتيجية بوش الثانى فى الشرق الأوسط هو تدعيم التحالفات التاريخية للولايات المتحدة مع الأنظمة العربية السنية الإستبدادية التى كانت سياستها القمعية مدعاة للوم فى التشجيع على التطرف،أمثال القاعدة، والآن تصف حكام مصر والأردن والإمارات الست الخليجية- وهم من أصحاب الحكم المطلق بأنهم ((زعماء مسئوولون))، لأنهم ينشؤون القوة الدافعة فى التحالف ضد إيران فى المنطقة.

 طبعاً بالنسبة لنا نختلف مع السيد سبوريتو فى ما قاله أعلاه فيما يخص الدول الخليجية الست، بأنها أنظمة مطلقة، لأن هذا أصلاً النظام التقليدى القبلى السياسى الأبوي فى دول الخليج، ونحن كأجيال متعلمة جديدة فى القرن الواحد والعشرون لا نختلف مع أنظمتنا أعلاه ولكننا نحاول أن نطور آليات معاصرة للنظام الخليجى ليتواكب مع روح العصر ويساهم فى توسيع دائرة المشاركة للقاعدة الشعبية، وهو فى رأيى سيساهم فى إحياء روح الديمقراطية تدريجياً مابين النخب والقاعدة والعكس صحيح، وذلك أعتقد سيسهل إستيعاب الجميع للديمقراطية بطريقة سلمية إلى أن تصبح عندنا ديمقراطية ناضجة:-

 وكنت فى عام 2007م فى برنامج وطنى الحبيب صباح الخير فى إذاعة قطر فى مقابلة مع مذيعتنا القطرية المميزة د.إلهام بدر، قلت آنذاك (إن حلقات الحوار التى تعقد فى المملكة العربية السعودية) مابين خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وكوكبة من أبناء شعبه المتعلم تعتبر من أفضل السبل لإرساء الديمقراطية فى المنطقة، لأن ذلك سيقضى على الحواجز المادية والمعنوية مابين السلطة والقاعدة، وسيساهم فى تبادل الثقة والتفاهم مابين الطرفين وبعد ذلك إن شاء الله سيكون الطريق نحو الديمقراطية فى دول مجلس التعاون الخليجى!. وتمنيت فى تلك المقابلة لو تطبق سياسة الباب المفتوح التى انتهجها الملك السعودى حفظه الله في جميع دول مجلس التعاون الخليجى!.

 ولكن دعونا نعود مرة أخرى لمبادئ الويلسنية هو مبدأ تقرير المصير للشعوب فى العالم العربى. هل الولايات المتحدة الأمريكية جادة فى ذلك!؟.

يقول الصحفى اللبنانى ميشيل يونج:- (إن جدول الأعمال الأمريكي قد تغير تماماً، فالذى كان مفروضاً للعراق أن تتحول إليه قد حل محله جدول أعمال جديد كلياً، يحتوى على إيران وحلفاء إيران، لقد إنتهت المناقشة حول الديمقراطية اليوم!!).

الغريب فى الأمر إن حتى الشعوب الإسلامية لا تثق فى الولايات المتحدة الأمريكية بأنها جادة لتطبيق الديمقراطية فى العالم الإسلامى، ففى إستطلاع قام به (غالوب) فى العالم الإسلامى، شكك معظم المستطلع آرائهم (أن الولايات المتحدة جادة فى التشجيع على النظم الديمقراطية للحكومة فى هذه المنطقة).

 ونحن هنا نحاول أن نختبر مدى جدية الولايات المتحدة الأمريكية فى تطبيق الديمقراطية فى العالم، من خلال دراسة تعامل الولايات المتحدة مع بعض النظم الديكتاتورية فى العالم، فمثلا بيريز جيمينيز رئيس فنزويلا عام 1954م، قلدته الولايات المتحدة الأمريكية، أرفع وسام مدنى فى الأمة، (وسام الاستحقاق الأمريكى).

ولكن من هو بيريز جيمينيز!؟.

 كان ديكتاتوراً متوحشاً وفاسداً، حيث أصبحت الرشى والأفعال الإنتقامية والإغتيالات أمراً مألوفاً فى عهده. كما قام بتحديث أساليب قمعية، مستخدماً التنصت على الهواتف والمراقبة اللاسلكية والصدمات الكهربائية على المساجين من المعارضين السياسيين، كما قام الديكتاتور وبطانته بنهب الثروات العامة وإنفاقها على ملذاتهم. ففى عطلة نهاية الأسبوع، كان الديكتاتور يطير إلى جزيرة كاريبية صغيرة تدعى لا أورتشيلا ليمرح على شواطئها برفقة حسناوات فنزويليات عاريات.(وعندنا أمثلة كثيرة على ذلك حتى من العالم العربى والإسلامى,وتهتم الولايات المتحده بدعمهم!!).

 ولكن الأمر المدهش هو عندما تقوم الولايات المتحدة الأمريكية بمحاربة أنظمة منتخبة ديمقراطياً والأمثلة على ذلك كثيرة ومنها:-

أولاً: الجمهورية الإسلامية الإيرانية:-

فى الإنتخابات الإيرانية عام 2005م، حصل الرئيس محمود نجاد 17.248.782 صوتاً أى نسبة 61.69% من أصوات المقترعين مقابل حصول الرئيس رافسجانى على 10.034.489 صوتاً أى نسبة 35.92% من أصوات المقترعين الذين بلغ عددهم 27.959.254 مقترعاً يشكلون بدورهم نسبة 59.7% من عدد الناخبين البالغ عددهم 46.8 مليون ناخب وناخبة.

–  إذاً النتائج أعلاه تمثل إرادة شعب، وهذا يمثل جزء من مبدأ تقرير المصير الويلسنية (الأمريكية).

ثانياً: فنزويلا:-

فى عام 1998 فاز هوغو تشافيز فى الإنتخابات على منافسته بفارق كاسح 56% من الأصوات مقابل 40% من الأصوات لمنافسته. وفى سنته الرئاسية الأولى، دعا تشافيز لعقد إجتماع دستورى وساعد بنفسه فى إعادة كتابة الدستور ثم راقب المصوتين وهم يوافقون عليه بنسبة 72% مقابل 28% من الأصوات.

وعند محاولة خلعه، فاز تشافيز بفارق واضح فى إستفتاء 2004م بنسبة تصل إلى 59% من الأصوات مقابل 41% فى تصويت حر ونزيه امتلك فيها المقترعون فرصة غير عادية لخلعه عن منصبه قبل إنتهاء مدة ولايته الدستورية. وأتبع ذلك بنصر كبير آخر فى عام 2006م الذى منحه 6 سنوات أخرى كرئيس لفنزويلا.

–   إذا النتائج أعلاه تمثل إرادة شعب، وهذا يمثل جزء من مبدأ تقرير المصير الويلسنية (الأمريكية).

–   ومن هنا نحن نستغرب، لماذا الولايات المتحدة الأمريكية تدعم تقرير المصير للشعوب (الديمقراطية)؟. وفى نفس الوقت تتهم بمحاربة أنظمة تمثل إرادة الشعوب!؟. وتدعم أنظمة ديكتاتورية!؟ هل يعقل ذلك!؟.

–        الإجابة سأتركها لمشاركتكم الكريمة إذا رغبتم فى ذلك!!.

وإلى اللقاء إن شاءالله

هل تنج أمريكا في إنشاء دولة كونية ؟

بسم الله الرحمن الرحيم

6/6/2004

طبعاً لإنشاء دولة كونية أمريكية ، فأمريكا لابد لها من سيطرة مطلقة على رأس الحربة الأمريكي للولوج في العالم القديم ، ورأس الحربة هذا كما سماها بريجنسكي بطريقة

أكثر دبلوماسية قال ( تكفي نظرة واحدة لخارطة الكتلة الأوراسية المترامية لتأكيد الأهمية الجيوبوليتيكية لرأس الجسر الأوربي بالنسبة لأمريكا ، كما تكفي النظرة نفسها للكشف عن تواضع

الجسر من الناحية الجغرافية 0 ترتبط المحافظة على رأس الجسر ذاك وتوسيعه ليكون منصة انطلاق للديمقراطية ارتباطاً مباشراً بالأمن الأمريكي ) ( بريجنسكي ، ص 96 ) 0

وتجنباً للتكرار ، كما ذكرنا سابقاً ، فالاستراتيجية الأمريكية الأنية تقوم على محورين ، الأول : تمييع دور الاتحاد الأوربي 0 والثاني : استخدام الناتو والأمم المتحدة كآليات

أمريكية لنشأة الدولة الكونية الأمريكية  0

ويرى الاستراتيجي الجيوبوليتيكي الفرنسي بيير ماري جالو بأن الاستراتيجية الأمريكية فيما بعد الحرب الباردة قائمة على فئتين أساسيتين هما :

الأولى : مناطق صلبة : وهي الدول القادرة على المحافظة على سيادتها واستقلالها والتي لها إرادة ترفض الهيمنة الأمريكية 0

والولايات المتحدة للسيطرة على هذه الدول ، تهتم كثيراً بما يحدث فيها ، ( الخليج ، العدد 8562 ) ونحن نضيف لما يحدث حولها أيضاً ( راجع آل ثاني ، سايكس بيكو

والجيوبوليتيكا الميتافيزيقية نُشر في الراية في أغسطس ونوفمبر على التوالي ) 0

الفئة الثانية : مناطق دخولا : وتشمل الأمم أو مجموعة الأمم ضعيفة السيادة أو التي لا سيادة لها ، وقوة اقتصادية وسياسية وعسكرية مؤثر ( أفريقيا وأمريكا اللاتينية )

وتتدرج فيها أيضاً قوى وحضارات أوربية وإسلامية ضعيفة 0 لكن يضاف إلى ذلك بُعد آخر يتعلق بالمناطق التي قد تندرج – في ظروف معينة – ضمن المناطق الصلبة إذا توافرت لها شروط

القوة ( الخليج ، العدد 8562 ) 0

بمعنى آخر أن الاستراتيجية الأمريكية قائمة على التناقض الموجود في العالم ، وذلك كما نرى يُسهل على أمريكا إقامة دولتها الكونية  0

ونلاحظ الاستراتيجي الفرنسي الكسندر ديل فال يلخص الاستراتيجية الأمريكية بأنها قائمة على أربعة مبادئ أساسية هي :

1- المحافظة على أمريكا الشمالية وأمريكا اللاتينية كممارس لها ، وتمنع تشكيل قوى مستقلة في العالم الثالث 0 ونضيف على ذلك بأنه شبيه من ( مبدأ مونرو) 0
2- تمنع دول آسيا من أن تصبح قوى عظمى قادرة على معارضة السيطرة الأمريكية ، وذلك لحفظ توازن ( المنطقة الصلبة ) الآسيوية ، وعدم السماح بظهور أي قوى فيها ،

وذلك نستطيع أن نشبهه بمبدأ ترومان  0
3- تمنع الدول المحورية في الاتحاد الأوربي ( فرنسا ، وألمانيا ) من أن تزداد قوةً ، وتحرص على أن يكون الاتحاد الأوربي رأس حربة لأمريكا في المنطقة الاوروآسيوية 0 (

وذلك تناولناه بالتفصيل في الجزء الأول من هذه الدراسة ) 0
4- تقوية ودفع اعتماد الدول الإسلامية على أمريكا ، والحيلولة دون دخول دول أخرى مثل روسيا وأوربا في هذه المنطقة ( الخليج ، العدد 8562 ) 0

ويعتبر الكسندر ديل فال : ( أوربا بأنها من المناطق الرخوة ، ففي عام 1995م كانت الاستثمارات الأمريكية في أوربا تبلغ نسبتها أكثر من 51% من إجمالي الاستثمارات

الأمريكية في الخارج وخصوصاً في ألمانيا وبريطانيا وهولندا 0

ويضيف كما أكدنا سابقاً ، بأن أوربا حسب الاستراتيجية الأمريكية تحكمها أمريكا عبر الناتو ( الخليج ، 8562 ) 0

أما بالنسبة لآسيا فيقول ديل فال : ( فهي مرشحة لتكون صلبة في المستقبل باعتبار أن عوامل القوة موجودة بالفعل – ولكن في حالة كمون – فمنذ الآن وحتى عام 2040م

سيقفز عد سكانها من 7ر3 مليار نسمة إلى 1ر5 مليار نسمة ، بينما أوربا ( بما فيها روسيا ) لن تتجاوز 680 مليون نسمة 0 والخطير أن أغلبية سكان أوربا سيكونون من العجزة والشيوخ

0 وللتأكيد على ذلك انظر مقالة ( آل ثاني ، ماذا بعد عصر الهايدروكاربون ، نشرت في الراية ، نوفمبر 2002م ) 0

وهنا نصل إلى نقطة خلاف كبيرة مع ديل فال من خلال ما يطلق عليه استراتيجية الحزام الأخضر في مواجهة العالم الغربي 0 ويقصد هنا أن تحيط الولايات المتحدة خصمها

السابق روسيا – مع دول البلقان بهلال إسلامي يضم تركيا والدول الإسلامية القريبة من توجهات تركيا ، وإيران ودول آسيا الوسطى الإسلامية 0 وهذا الحزام تنطلق محاوره من الجزيرة

العربية ، وتركيا ، وأفغانستان ، وباكستان 0 وليس هدفه أن تتعاون وتستهدف الاستراتيجية الإسلامية تقويض دعائم الامبراطورية السوفيتية 0
تعليقنا نعم استطاعت أمريكا وتحالفها الإسلامي في انهيار الاتحاد السوفيتي ، ولكن ذلك لا يعني ولاء المجاهدين الإسلاميين لأمريكا ، ولكن كما تقول لغة السياسة كانت تربط

فيما بينهم مصلحة مشتركة ، وهو القضاء على المد الشيوعي السوفيتي في المناطق الإسلامية على المدى القصير ، ولكن يؤسفنا أن نقول بأن الأمريكان كان لهم استراتيجية على المدى

البعيد ، وهي القضاء على الاتحاد السوفيتي لتحقيق احاديتيها القطبية كما يحدث للعالم الآن ، والتصور الثاني على المدى البعيد هو تطبيع قيادات المجاهدين على الليبرالية الديمقراطية

الأمريكية في نطاق يسمى الخط الأخضر الإسلامي ، ومن يرفض من هذه القيادات يتم تهميشه ، وإذا تمادى تتم تصفيته ، ومن نتائج هذه التصفيات الحرب العالمية على الأرهاب التي

تشاهدونها الآن ، وجميع قيادات العالم الإسلامي يبصمون لأمريكا على شرعيتها  0

ويرى باول ديل فال الآن ، ما قاله الحديث الشريف قبل 15 قرناً ولا أذكره بالنص ( تناكحوا تناسلوا فإن اللّه يباهي بكم الأمم يوم القيامة ) 0 ويسمى ذلك بالتبشير الإسلامي

للكوكب ، وأن الاستراتيجية الأمريكية تقوم على هذا التبشير ، فيرى ديل فال : أن المسلمون يحتلون 18% من إجمالي سكان الأرض في عام 1990م ، علماً بأن المسلمين هم أكثر من

20% من سكان هذا الكوكب في عام 1980 في دراسة خاصة بنا ( آل ثاني ، عالم إسلامي ، ص 70 ) ، ويقول ديل فال بأن المسلمين في عام 2000م بلغوا 20% من إجمالي سكان

الكوكب ، ونؤكد لكم بأن نسبتهم في دراستنا المذكورة بلغت 25% من جملة سكان الكوكب 0 ويتوقع ديل فال بأن نسبة المسلمين ستصبح 30% من جملة سكان الكوكب عام 2025م ، ونحن

نبشر من ضمن إسقاطات خاصة بنا بأن نسبتهم ( المسلمين ) ستصل ما بين 33% إلى 35% من سكان هذا الكوكب 0 ( راجع آل ثاني ، العالم الإسلامي ، ص 70 ، وجريدة الخليج ، العدد

8562 ) 0

خلاصة ذلك بالنسبة للعالم الإسلامي ، وللقضاء على النمو السكاني الإسلامي الكبير ، نعتقد بأن أمريكا ستستخدم بعض الأقاليم الإسلامية ضمن استراتيجية افتعال الأزمات ما

بين الأقاليم الإسلامية والمناطق المحاذية لهم ، مثل : استمرار التوتر ما بين الباكستان والهند ، وما بين دول آسيا الوسطى وعلى رأسهم الشيشان وروسيا الاتحادية ، وما بين الدول

الإسلامية المحاذية لأوربا والاتحاد الأوربي ، وما بين مسلمي شرق آسيا الاقصى في الداخل والجوار الجغرافي مع الصين 0 وبهذه الطريقة تستطيع الولايات المتحدة السيطرة على المناطق

الرخوة والصلبة في العالم ، كما ذكرنا سلفاً ، وربما سوف تقيم الولايات المتحدة مع جميع هذه القوى المتناحرة في العالم علاقات ثنائية كلٌ على حده ، وذلك سوف يعطيها سيادة عالمية

كاملة لنشأة دولتها الكونية  0

ثانياً : يجب أن ننبه متخذي القرار في العالم الإسلامي بأن تصبح نسبة المسلمين 35% من جملة سكان هذا الكوكب ، ذلك مرفوض عالمياً ، فالعالم الغير إسلامي وعلى

رأسهم الولايات المتحدة يجهزون برامج تبشيرية متعددة لامتصاص أعداد كبيرة من المسلمين إلى الديانات الأخرى ، والغزو العالمي الآخر لتغيير مفاهيم الدين الإسلامي ، وإذا لم ينجحوا في

ذلك ، فلا تستغربوا أن يفتعل الناتو حرباً كونية في العالم الإسلامي ، تؤدي إلى فناء جماعات كبيرة من المسلمين ، وذلك ليس بغريباً فهو حدث بالفعل في أوربا ما بين القرن السابع عشر

إلى القرن العشرين  0

وإلى اللقاء دائماً إن شاء اللّه ،،،

هل أمريكا تقبل الرأي الآخر ؟

بسم الله الرحمن الرحيم

6/6/2004

القضايا التي سنتحدث عنها أدناه ، ليست وليدة الساعة ، ولكنها في الحقيقة مجموعة مواضيع سابقة كتبناها عن الشرق الأوسط ، ومعظمها قمنا بمناقشتها من خلال محافل مختلفة ، على سبيل المثال  مؤتمرات ، ومقالات منشورة ، ومقابلات تلفزيونية وإذاعية 0 لذلك أعتقد أدناه هو خلاصة مجموعة أعمال عن أزمة الشرق الأوسط في عام 2003م 0

طريقة اللعبة الأمريكية في الشرق الأوسط من خلال اصطناع مصطلحات جديدة لبعض الدول الشرق أوسطية مثل  محور الشر ، والدول المارقة ، ومبدأ المحافظين الجدد في الإدارة الأمريكية بعد أحداث 11 سبتمبر ، وهو ما يسمى بالضربة الاستباقية 0

الأثر السلبي للمصطلحات أعلاه نستطيع أن نراه في الفوضى التي نشأت في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، والعراق ، وأفغانستان ، وهناك بعض الدول الشرق أوسطية تنتظر قدرها الذي ستخططه لها الإدارة الأمريكية مثل  إيران ، السودان ، وسوريا 0 الأسوأ من ذلك هو بروز دول شرق أوسطية مستسلمة للمخطط الأمريكي في المنطقة ، وذلك جعل هذه الدول تبدو معوقة من الناحية الإدارية ، وذلك لأنها تنازلت عن سيادتها مقابل الحصول على الدعم السياسي الأمريكي 0 وهذا النموذج الأخير يذكرنا بالعصور البائدة للاستعمار البريطاني في المنطقة من خلال مصطلح ما يسمى بالمحميات البريطانية . 0

الانحلال والفوضى الذي تعيشه الدول الشرق أوسطية شجع إسرائيل لاستخدام المصطلح الأمريكي المعاصر الضربة الاستباقية ، وذلك عندما اعتدت إسرائيل على إحدى ضواحي دمشق في سوريا 0 ولكن السوريين على دراية كاملة بضعفهم وضعف الدول الشرق أوسطية أمام إسرائيل وحليفتها الاستراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية0 وذلك جعل السوريين يبحثون عن أدنى أساليب المقاومة ، وذلك من خلال ما يسمى باصدار قرار شجب من مجلس الأمن ضد الاعتداء الإسرائيلي على سوريا ، ولكن لسوء حظ السوريين كانت الولايات المتحدة لهم بالمرصاد حيث تمت إعاقة قرار الشجب ضد إسرائيل قبل صدوره 0

الأمر المدهش هو أنه بدلاً من أن تقدم إسرائيل وحليفتها الاستراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية اعتذاراً لسوريا على أقل تقدير بدلاً من اعتداءها عليها ، أقر الكونجرس الأمريكي مشروع قرار ضد سوريا وذلك باتهامها بأنها ترعى الأرهاب ، وتبحث عن تطوير أسلحة دمار شامل ، ومحتلة لبنان عسكرياً 0

مشروع القرار المذكور أعلاه ينص على عقوبات دبلوماسية واقتصادية ضد سوريا0 أعتقد بأن هذا القرار بعد أن أجازه الكونجرس ، فالإدارة الأمريكية بطريقة ما أو بأخرى ستفرضه على مجلس الأمن 0 نستطيع أن نقول ، لا سمح اللّه ، ما يحدث لسوريا الآن هو نفس الإجراءات التي حدثت للعراق قبل الاحتلال الأمريكي ، وخاصةً بأن الولايات المتحدة بدأت تحتضن بعض الانفصاليين والمعارضين السوريين الآن ، حتى يعطيها الشرعية ضد الحكومة السورية المهزوزة بسبب الأسلوب الأمريكي الضاغط عليها ، ووجودها بين فكي كماشة من الأعداء  الولايات المتحدة الأمريكية شرقاً في العراق المحتل ، وإسرائيل جنوباً ، بالإضافة إلى القواعد الأمريكية المنتشرة كمرض الجدري في الشرق الأوسط . 0

ولكن المصيبة الأكبر من المذكور أعلاه ، هو مصطلح الضربة الاستباقية ، بدأت بعض الدول الكبرى تلمح بأنها تحتفظ بحقها في استخدام مصطلح الضربة الاستباقية ، فمثلاً وزير الدفاع الروسي سيرجي ايفانوف قال  ” روسيا تحتفظ بحقها في شن أي ضربة استباقية ضد الدول الأخرى ” 0 لو استخدمت روسيا هذا المصطلح ، فذلك يعني بأنه من حق جميع الدول النووية الكبرى في استخدامه مثل  بريطانيا ، فرنسا ، الصين ، والهند 000 إلخ 0

لكن السؤال الذي يطرح نفسه  لو أن هذه الدول الكبرى استخدمت مصطلح الضربة الاستباقية ، ماذا تتوقعون المستقبل الذي ينتظر كوكبنا العجوز ؟ 0 لو استخدم مصطلح الضربة الاستباقية 00 هل تعتقدون بأن كوكبنا في حاجة لمنظمات دولية مثل الأمم المتحدة ؟ 00 إلخ 0

الاستفسار الذي يفترض على الولايات المتحدة الأمريكية أن تجب عليه هو عن الاعتقاد الروسي من خلال وزير دفاعها  يعتقد بأن الولايات المتحدة ستنسحب من الجمهوريات السوفيتية في أفغانستان ، ويضيف الوزير الروسي ، بأن روسيا تحتفظ بحقها في التدخل في الجمهوريات السوفيتية السابقة في آسيا الوسطى ، عندما يحدث انتهاك لحقوق الإنسان للقوميات الروسية المقيمة في الجمهوريات المذكورة أعلاه.0

اعتقادنا الحقيقي بأن التواجد الأمريكي في آسيا الوسطى ليس لغرض الحرب على الأرهاب فقط ، بل لثلاثة أهداف أخرى هي

1- السيطرة على الحركات الإسلامية في آسيا الوسطى لكي تجهض أي نظرية لقيام حزام أخضر إسلامي يمتد من باكستان خلال آسيا الوسطى ، ماراً بتركيا والبلقان إلى دول شمال أفريقيا . 0
2- الهدف الثاني للسيطرة على مصادر الثروة الهايدروكاربونية في آسيا الوسطى .0
3- وأخيراً لاحتواء روسيا بعد أن تسترد عافيتها بعد الانهيار المدوي للاتحاد السوفيتي السابق . 0

القضية الحقيقية التي يجب علينا كشرق أوسطيين أن ندرسها ، هي أن العالم أعاد تشكيل نفسه في القرن الواحد والعشرين على شكل كتل إقليمية كبرى 00 فمثلاً الصين مع عدد سكانها البالغ 3ر1 بليون نسمة ، وناتجها المحلي الذي أصبح حوالي 9% سنوياً ، والهند مع عدد سكانها الضخم الذي يزيد على واحد بليون نسمة، وخططها الطموحة لاقتباس التقنية المعاصرة وتطوير قطاعها الخاص ، والاتحاد الأوربي الذي يتوقع أن يصل عدد سكانه إلى 450 مليون نسمة في عام 2004م بعد أن تنضم إليه 10 دول أوربية أخرى معظمها من شرق أوربا ، وروسيا مع رئيسها البراجماتي الذي ينظر بكل طموح إلى المستقبل من ناحية اقتصادية ، وتقنية ، واستراتيجية ، وأمنية.0

ومن الممكن أن نضيف إلى الكتل أعلاه العملاق الجنوب شرق آسيوي القادم الذي يسمى آسيان مع عدد سكانه البالغين 500 مليون نسمة . 0 فآسيان في آخر قمة لها في أندونيسيا كانوا مركزين على دراسة التالي  1 دراسة الإجراءات الجمركية 2 تأسيس معايير للتحكيم التجاري 3 دراسة أسباب انخفاض الاستثمارات الأجنبية بنسبة 18% عام 2002م عن عام 2001م .0

الموضوع المزعج هو  أن جميع الكتل العالمية اعادت تشكيل نفسها ، بما يتناسب مع روح العصر ، باستثناء الشرق الأوسط الذي ما يزال مصيره مجهول . 0 والسبب الرئيسي في ذلك هو أن الولايات المتحدة لم تدع الإقليم الشرق أوسطي يعيد نفسه ، وفي الوقت نفسه الأمريكان لا يملكون الشجاعة الكافية للتعاون مع المؤهلين وشعوب المنطقة لإعادة تشكيلها . 0

ولكننا ما زلنا نرى بأن هناك بصيص من الضوء في آخر القناة ، وذلك عندما قامت الإدارة الأمريكية بوضع بعض المنظمات الصهيونية من ضمن قائمة الأرهاب مثل كاخ وكاهانا 00 وهذه المنظمات متهمة بالتحريض والقيام بعمليات إرهابية ضد المواطنين الفلسطينيين العزل في الأراضي المحتلة . 0

لو استمرت الولايات المتحدة في استصدار عقوبات ضد الحركات الارهابية الصهيونية ، فذلك بدون أي شك سيولد شيئاً من الثقة في الإدارة الأمريكية في الشرق الأوسط ، ونمو هذه الثقة سيسهل على الإدارة الأمريكية التعامل مع الشعوب الشرق أوسطية . 0

النقطة التي يفترض أن نتفق عليها جميعاً هي أن الإدارة الأمريكية تمتلك السيطرة الكاملة على حكومات الشرق أوسطية بالعصا ، أو بالجزرة ، أو بالسحق 0

ولكن لا توجد سيطرة أمريكية على شعوب الشرق الأوسط ، وهذا مما يجعل المقاومة تنتقل من الحكومات إلى الشعوب الشرق أوسطية ، وهي ما نسميها مقاومة القطاع الخاص . ، والأمثلة على هذه المقاومة كثيرة مثل  الجهاد ، وحماس ، وأنصار الإسلام ، وكتائب الأقصى في فلسطين المحتلة ، وجماعات المقاومة الأخرى في لبنان ، والعراق ، وأفغانستان 00 إلخ 0

الهدف الرئيسي لحركات المقاومة أعلاه هو لتحرير أراضيهم ، فلذلك لا نتفق مع الولايات المتحدة بأن هذه الحركات إرهابية ، لأننا إذا عدنا إلى التاريخ القديم في عصر الاستعمار البريطاني لأمريكا ، فكان المواطنون الأمريكيون يقاومون البريطانيون بكل ما أوتوا من قوة ، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا  هل نستطيع أن ندعي بأن الحركات التحررية الأمريكية كانت إرهابية ؟ . 0

أعتقد كمتخصص في الشؤون الشرق أوسطية 00 أن الولايات المتحدة تتجاهل حقوق شعوب الشرق الأوسط ، وتتعاون مع بعض الطغاة والحكومات الفاسدة في الشرق الأوسط . 0

أعتقد بأن المذكور أعلاه 00 خطأ أمريكي استراتيجي في الشرق الأوسط ، ولكننا ما زلنا ننظر بكل تفاؤل كشعوب شرق أوسطية للتعاون مع أمريكا ؛ لأن هناك قواسم مشتركة كثيرة بيننا وبين أمريكا والغرب بشكل عام ، طالما كانوا عقلانيين للاستماع لنا ولمطالبنا كشعوب شرق أوسطية . 0

أعتقد بأنه لكي توجد بيننا علاقة ممتازة مع الغرب لابد من التالي

أولاً  الاحترام المتبادل للثقافات والمبادئ 0 ثانياً  القاسم المشترك الذي من الممكن أن يلتقي فيه الشرق الأوسط مع الغرب هو التالي  اقتباس المناسب من الديمقراطية الغربية ، واستيعاب المفهوم الغربي للتعددية السياسية ، ومحاولة إعادة مفهوم الدولة المعاصرة للشرق الأوسط ، والاستخدام الأمثل لمواردنا الطبيعية ، واستيعاب التكنولوجيا الغربية ، ومحاولة تطبيق المناسب من النظريات الاقتصادية والتجارية الغربية . 0

أخيراً ، يفترض المذكور أعلاه أن لا يفرض على شعوب الشرق الأوسط ، لأن النتيجة ستكون بلا شك هي الفشل . 0 وتوجد أمثلة شرق أوسطية ، عندما يحاول المستعمر أن يفرض نظريته على الشعوب المحتلة . ، ففرنسا قبل 40 سنة فشلت في تحضير الشعب الجزائري على الطريقة الفرنسية ، وكانت نتائج هذا الفشل مأساوية للجانبين ، وخاصةً الجزائر بلد المليون شهيد ، وللأسف مازال جرحه ينزف ، والولايات المتحدة ستفشل في أفغانستان والعراق عندما تحاول من خلال عملاؤها فرض النموذج الديمقراطي الأمريكي بالقوة على هذه الشعوب . 0

إذاً على أمريكا أن تتعاون مع المتخصصين في شؤون الشرق أوسطية وبحسن نية، لكي ينقلوا المناسب من الفكر الغربي لشعوبهم كما ذكر أعلاه . 0

في الختام ، إذا كانت أمريكا تريد أن تطور الشرق الأوسط بطريقتها ، فعليها أن تراجع موضوعين أساسيين هما  1 العدالة 2 مشاركة الشعوب .. 0

وإلى اللقاء دائماً إن شاء اللّه ،،،

هل العالم يتجه للأوربة الاقتصادية أم للعولمة الامبريالية ؟

بسم الله الرحمن الرحيم

6/6/2004

للولوج في هذا الموضوع ، لابد لنا من توضيح مفهوم اللعبة السياسية ، فاللعبة السياسية من ناحية قُطرية ، وخاصةً في الدول الاوتوقراطية ، تعتمد على الإمكانيات الفردية

، وقوة التنظيم ، ومستوى المشاركة الشعبية 0 أما من الناحية الإقليمية فتعتمد على مدى التنسيق الإقليمي ، ومستوى قوة الترابط لصيانة المصالح المشتركة0 في حين أنها على المستوى

العالمي تعتمد على مراقبة الهزات السياسية العالمية ، ووضع استراتيجية إقليمية لاستغلال قنوات الصراع العالمي ، وتوظيف استراتيجيات وسلوكيات هذا الصراع من قِبل الأقاليم الغير

معنية بطريقة مباشرة فيه ، حتى يتسنى لهذه الأقاليم الغير مشاركة في الصراع من الاستفادة من نتائجه ، أو بعض نتائجه 0

هذه المقدمة كشرق أوسطيين أو مواطنين من العالم النامي نقصد منها وبطريقة مباشرة أن جميع الصراعات التي تدور في عالم الشمال ، ويضاف لهم الكتلتين الأكبر سكاناً

في العالم الصين والهند على التوالي ، وخاصةً الصراع الذي يدور ما بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي ، هل العالم يتجه فنجد هذا الصراع يدور حول محورين عالميين 0 فالولايات

المتحدة تريد أن تسيطر سيطرة مطلقة على جميع إمكانات العالم النامي من ناحية ، ومن الناحية الأخرى فالولايات المتحدة تحافظ على تدخل مباشر لها في جميع التكتلات العالمية ، التي

يوجد عندها طموح لمنافسة القطبية الأحادية الأمريكية العالمية ، ومن هذه التكتلات العالمية من الشرق إلى الغرب الصين والهند وروسيا الاتحادية ، وأن يكن المنافس الحقيقي لقطبية

الولايات المتحدة العالمية ، هو حليفها الاستراتيجي الاتحاد الأوربي  0

ونجد بروز صورة الصراع الحقيقي ما بين حليفي الحرب الباردة ، هو بعد انتهاء الحرب الباردة مباشرةً ، وأول شرارة اشعلت هذا الصراع المبطن ، هو بعد أن اجتمع

الأوربيين بعد انتهاء الحرب الباردة مباشرة في روما ، وذلك لوضع استراتيجيتهم الأمنية بعد الحرب الباردة ، وكان اقتراحهم كالتالي  ( المطالبة بحل حلف الناتو ، لأن العدو الشيوعي قد

زال ولم يعد للناتو أي مبرر للاستمرار 0 في حين الأوربيين يتحدثون فيما بينهم عن ضرورة إنشاء منظومة أوربية للدفاع مستقلة عن الولايات المتحدة الأمريكية )  0

وكذلك روسيا الاتحادية لم تعد ترى أن هناك مبرراً لاستمرار حلف الناتو ، وخاصة بعد انتهاء الحرب الباردة ، وانحلال حلف وارسو 0 وقدمت روسيا احتجاجاً على انضمام

دول شرق أوربا للناتو لأن ذلك يشكل خطراً عليها ، وخاصة أن هذه الدول كانت من ضمن رابطة الكوميكون وحلف وارسو السابقين  0 وقدمت روسيا احتجاجاً على الحرب التي شنها الناتو

بقيادة الولايات المتحدة ضد صربيا ، وخاصة بأن العرب تجمعهم مع الروس عرقية واحدة ممثلةً بالسلافيين ، ومذهب ديني واحد ممثلاً (بالارثوذكس المسيحي)  0

ويضاف إلى ذلك بأن هناك آراء أتت من أمريكا تؤيد تفكيك حلف الناتو ، وربما من أشهرها رأي المؤرخ الأمريكي الشهير جورج كنان يقول بأن  ” استمرار الحلف يعتبر أسوأ

خطأ أمريكي بعد الحرب الباردة ”  ( آل ثاني ، البلقان ) 0

ولكن كل الصراعات لتقليص دور الاتحاد الأوربي ، أو دور حلف الناتو باءت بالفشل ، فنجد بأن الحصانين يتسابقان في نفس الميدان ، بل وفي نفس خط السباق ، وتصورنا

لذلك هو استراتيجية التمييع التي تحاول أن تنفذها الولايات المتحدة ضد الاتحاد الأوربي ، ويقابل ذلك استراتيجية الإصلاح والوحدة التي يمارسها الاتحاد الأوربي لبلورة هدفه الاستراتيجي

وهو الولايات المتحدة الأوربية  0

بالنسبة للاتحاد الأوربي ، نجده تجاوز مرحلة مفهوم اتحاد اقتصادي ، رابطة سياسية ، سوق موحدة ، منطقة تجارية 0 المذكور كله يمثل الكونفدرالية الأوربية 0 ولكن الحلم

الأوربي الحديث الذي بدأ يقترب من الحقيقة هو أن أوربا بدأت تقترب من شخصية اعتبارية واحدة 0 وذلك من خلال الهيكل الدستوري الذي يكلف عليه جيسكار ديستان الرئيس الفرنسي

السابق 0 وهذا الهيكل الدستوري المقترح هو كالتالي

1- أن يكون هناك رئيس موحد لأوربا من المجلس الأوربي ليحل محل الرئاسة بالتناوب المتبعة حالياً 0
2- أن يكون هناك سياسة خارجية وأمنية موحدة لكل أوربا 0
3- إنشاء مجلس نيابي لشعوب أوربا يلتقي فيه مندوبي البرلمانيات الأوربية الوطنية مع مندوبي البرلمان الأوربي 0
4- أن يُسمح للدولة العضو أن تترك الاتحاد الأوربي متى شاءت ، وهو بند لم يتوفر من قبل في الاتفاقيات السابقة ، وهذا البند يقضي على آراء المشككين في قدرة أوربا على

الصمود على جانبي المحيط الأطلسي ( الوطن ، العدد 2627 ) 0

وحتى قبل هذا الدستور المقترح ، ما حققه الاتحاد الأوربي الآن يفوق كثيراً ما حققته دولاً قُطرية صغيرة ، فدول الاتحاد الأوربي الخمسة عشر ( بإستثناء بعض البنود لم

تنطبق على بريطانيا ) يوجد فيما بينها الآن عملة موحدة ، وآلية موحدة للاتحاد الجمركي ، وتنسيق اقتصادي ، وحرية حركة لرؤوس الأموال ، واحترام لحقوق الإنسان، والديمقراطية

الليبرالية ، والتنسيق الأمني ، وفوق ذلك كله حرية التنقل في الاتحاد الأوربي 0

وفي أكتوبر 2002م تنفس الأوربيون الصعداء ، فبعد الموافقة الايرلندية الواسعة على اتفاقية نيس بات بتوسيع الاتحاد الأوربي من 15 إلى 25 دولة ، إلا في حال إنسحاب

أحد المرشحين في اللحظة الأخيرة ، أمراً محسوماً ( الوطن ، العدد 2606 ) 0 وذلك يعطي احتمال كبير للسماح بمشاركة الأعضاء الجدد في الانتخابات الأوربية في يونيو 2004م كدول

كاملة العضوية في الاتحاد الموسع ( الوطن ، العدد 2606 ) 0

الوحدة الأوربية تمثل الاقتراب من حلم السلف الفرنسي لأوربا ، وخاصة في عهد الجمهورية الخامسة ( الديجولية ) حيث كان يحث ديجول على بناء أوربا أوربية تماماً ،

والتقرب من ألمانيا الاتحادية ، ورفض ديجول بريطانيا في المجتمع الاقتصادي الأوربي، لأنه كان يعتبرها الفرس الذي تمتطيه الولايات المتحدة ( الخليج ، العدد 8559 ) وبالفعل بريطانيا

الآن في الأتحاد الأوربي من أكثر المعرقلين لمضي الأتحاد الأوربي نحو الوحدة ، لأن استراتيجيتها السياسية الخارجية قائمة على محورين  الأول  المحافظة على شخصيتها السيادية

القطرية 0 والثاني  المحافظة على تحالف ثنائي خاص مع الولايات المتحدة الأمريكية 0 وذلك يعتبر إحدى أهم العراقيل التي تساهم في تمييع الأتحاد الأوربي  0

أما بالنسبة للمشككين في إمكانية تحقيق أية وحدة أوربية وعلى رأسهم كيسنجر ( وزير الخارجية الأمريكي السابق ) فيقولون بأن أوربا منذ القرن السابع عشر الميلادي وهي

تعيش ويلات الحرب ما بين القوى الأوربية المتناحرة ، وحسَب رأيهم بأن أوربا خاضت حرب 100 عام ، وحرب 30 عام ، وحرب 7 أعوام ، وحرب الطموح الفرنسي والنمساوي

والعثماني ، والبسماركي ( الألماني ) ، وانتهت بحربين عالميتين في القرن العشرين الميلادي ، وحسب رأيهم لم تنعم أوربا بالسلام إلا بعد تدخل الولايات المتحدة الأمريكية في الحرب

العالمية الأخيرة مع دول الحلفاء ، وساهمت في النصر الأوربي على دول المحور 0 وكذلك استطاعت أمريكا بدعمها لأوربا من ناحية أمنية من خلال حلف الناتو ، ومن ناحية اقتصادية من

خلال مشروع مارشال إلى ايصال أوربا إلى ما وصلت إليه الآن  0 وفي رأينا بأن هذا العرض يرافقهُ شيء من الصواب ، ولكنهُ لا يمثل الحقيقة كاملةً ، فساعة الزمن متحركة بالنسبة للأمم

، والدولة القطرية ، وحتى الكتلة الإقليمية تمر بعدة مراحل زمنية متعاقبة مثل  الطفولة والمراهقة والشباب والنضج والشيخوخة أو التجديد ، ونحن نرى بأن أوربا وصلت إلى مرحلة

التجديد في الألفية الثالثة تعتمد على قيام التكتلات بأنواعها المختلفة ، أو حتى قيام دول كبرى جديدة متحدة ، وبالنسبة لأوربا يجب أن لا ننسى بأنها سبق أن توحدت أو توحد اجزاء منها في

عصور مختلفة ، وربما من أهمها الوحدة الأوربية في عهد شارلمان قبل 1000 سنة تقريباً 0

ولكن الولايات المتحدة لها رأياً آخر ، ونرى بأن أكثر من يمثل هذا الرأي تطرفاً هنري كيسنجر عندما يقول  ” يتعين على أولئك الذين يسعون إلى الوحدة عبر مواجهة مع

أمريكا ، أن لا يخدعوا أنفسهم بالاعتقاد بأن أمريكا سوف تظل سلبية عندما تتعرض سياستها للتحدي بوصفها قضية مبدأ ، وعاجلاً أم آجلاً سوف تجبر على الدفاع عن مصالحها ، وعندئذ

ستعود دول الغرب مجدداً إلى الطريق التي أدت إلى تدميرها مرتين في جيل واحد ” ( كيسنخر ، ص47 ) 0

ونعيد القارئ الكريم إلى النقطة التي نبهنا لها في بداية الموضوع ، فمع النمو المتسارع لأوربا كما ذكرنا سلفاً ، نجد بأن حلف الناتو ينمو بوتيرة متوازية معه 0 ففي براغ

العاصمة التشيكية نوفمبر 2002م اختتمت أعمال أول مؤتمر للناتو يعقد هذا القرن ( 21 ميلادي ) ، وكان من أبرز قرارات هذا المؤتمر ضم سبع دول أورببية شرقية إلى أسرة الحلف مما

يرفع عدد الأعضاء إلى 26 عضواً بدلاً من 19 عضواً سابقين ، وهذه الدول هي نفسها الدول التي يخطط الاتحاد الأوربي لضمها إليه 0 وكذلك أوصى الناتو ببناء قوات الانتشار السريع

وذلك يشكل ازدواجية مع التصور الأوربي لقوات الانتشار السريع ، وحتى لو سمحت أمريكا للاتحاد الأوربي بتأسيس قوة أوربية للانتشار السريع ستجد أوربا نفسها في ازدواجية مقيتة تميع

الدور الأوربي في أوربا ، لأن نفس الدول الأوربية الموجودة في الناتو لقوة الانتشار السريع ، ستكون نفس الدول الموجودة في الاتحاد الأوربي للانتشار السريع تقريباً  0 ونلاحظ بأن

المؤتمر فتح الباب لجميع الدول الأوربية الراغبة والقادرة على الالتزام بمسؤوليات العضوية بموجب المادة 10 من معاهدة واشنطن ، أما بالنسبة لغير الأوربيين فيرى المؤتمر أنه لابد من

ايجاد حلول مقنعة من كل الحلفاء على قضية الاشتراك من قبل الحلفاء الغير أوربيين لانجاز شراكة استراتيجية أصيلة  0 نلاحظ هنا بأن الناتو يهتم أولاً بجميع دول أوربا لكي تصبح تحت

مظلة الناتو ، وبمعنى آخر تحت المظلة الأمريكية بطريقة مباشرة ، ويُصَعب الانضمام بالنسبة للدول الغير أوربية ، ولكن ذلك لا يعني بأن الناتو لن يسعى في المستقبل القريب إلى ضم دول

أخرى غير أوربية ، ففي إحدى بنود البيان الختامي يقول ” نؤكد على أن الأمن في أوربا ، مرتبط بشكل وثيق بأمن واستقرار منطقة البحر المتوسط ، ولذا نحرص بشكل كبير على مراعاة

الأبعاد السياسية والعلمية لجوار البحر المتوسط كعنصر مكمل للحلف وموقفه التعاوني في مجال الأمن ” 0

ولدينا ملاحظة فنية دقيقة على بيان الناتو ، فقد اختار حلف الناتو بلجيكا لكي تكون مقر القيادة الاستراتيجية للحلف ، والمقر الآخر في الولايات المتحدة ( 0 ونفس المقر هو

مقر للاتحاد الأوربي ، وذلك سوف يؤدي إلى ازدواجية مكانية في وظيفة بروكسل  هل هي مدينة تؤدي وظيفة فيدرالية للاتحاد الأوربي ؟  ، أم هي مدينة تؤدي وظيفة كونية لحلف الناتو ،

علماً بأن معظم أعضاء الاتحاد الأوربي هم أيضاً أعضاء في الناتو ؟  ( الشرق الأوسط ، العدد 8761 ) 0

وأيضاً من بنود هذا البيان النقاط التالية  أن التزامات الحلف تتضمن المهام للأمنية الأساسية ، والقيم الديمقراطية المشتركة وفقاً للشرعية الدولية وميثاق الأمم المتحدة ( 0

وكذلك اشتمل البيان الختامي على التنسيق ضد الارهاب وأسلحة الدمار الشامل ) ( الشرق الأوسط ، العدد 8761 ) 0

نظرتنا الشمولية لهذه النقاط تعطينا الصورة بأن الولايات المتحدة تريد تمييع دور الاتحاد الأوربي كوحدة سياسية أولاً ، وثانياً سوف تسعى إلى عولمة العالم كله تحت فيدرالية

واحدة ذات جناحين رئيسيين

1- الناتو ويمثل الحزام الأمني لعولمة العالم 0
2- الأمم المتحدة ومعها ( منظمة التجارة العالمية ، وصندوق النقد الدولي ، والبنك الدولي للإنشاء والتعمير ) وتمثل النظام الدستوري والإداري والفني لإدارة العالم0 على أن

تكون عقلة الحطام لهذين الجهازين العالميين موجودة في البيت الأبيض في واشنطن ، وذلك يمثل استراتيجية عولمة العالم الامبريالية  0

وللمحافظة على استراتيجية عولمة العالم وتمييع الاتحاد الأوربي ، نلاحظ بأن الولايات المتحدة مارست ضغوطاً متنوعة على الدول الأوربية في كوبنهاغن لحملها على تحديد

موعد لقبول تركيا من ضمن الاتحاد الأوربي ( الشرق الأوسط ، العدد 8767 ) ويبدو بأن الضغوط الأمريكية بدأت تأتي بأكُلها ، وذلك عندما قرر الأوربيين ( أن يبدأ الاتحاد الأوربي

المفاوضات لإنضمام تركيا في عام 2004م ) ( الوطن ، العدد 2659 )0

ولكن هناك شكوك كبيرة في قبول تركيا في الاتحاد الأوربي ، وربما من أقوى الجهات الرافضة لإنضمام تركيا للاتحاد الأوربي هو عراب السياسة الأوربية ( جيسكار ديستان

الرئيس الفرنسي السابق ) في حديثه للوموند الفرنسية قال ( انضمام تركيا يعني نهاية الاتحاد الأوربي ، وحسب قوله بأن تركيا ليست بلداً أوربياً ، وعند انضمامها ستصبح أكبر دولة في

الاتحاد ، وسوف تتمتع بأكبر كتلة برلمانية ، والأهم من ذلك أن عاصمة تركيا ليست في أوربا ، و 95% من سكانها يعيشون خارج أوربا جغرافيا ، إن الاتفاقية حول مستقبل أوربا تركز على

25 عضواً زائد اثنين ، ويقصد بالاثنين بلغاريا ورومانيا ) ( الوطن ، العدد 2624 ) 0 ويضيف ديستان قائلاً ( في غداة بدء المفاوضات مع تركيا ستتلقون طلباً مغربياً 00 إلخ ) ( الوطن ،

العدد 2624 ) 0

طبعاً ديستان ما لم يستطع ذكره هو بأن تركيا 99% من سكانها هم من المسلمين، وذلك يختلف مع استراتيجية الوحدة الأوربية 0 وما قاله ديستان في نوفمبر 2002م هو ما

قلناه في دراسة سايكس بيكو 2002 ( نشرت في الراية أغسطس 2002 ، وفي الاهرام العربي سبتمبر 2002م ) 0

والهدف الأمريكي من الاصرار على إقحام تركيا في الاتحاد الأوربي ، هو لتمييع استراتيجية نشأة الولايات المتحدة الأوربية ، ونجد أن بريطانيا الحليف الاستراتيجي للولايات

المتحدة ، هي الدولة الكبرى الأوربية الوحيدة التي تسعى بطريقة دؤوبة لانضمام تركيا للاتحاد الأوربي 0

وتوجد مقولة مشهورة لإحدى عمالقة السياسة الأوربية ، المستشار هلموت كول عام 1999م قال ” الاتحاد الأوربي لابد أن يظل مسيحياً ” ( الشرق الأوسط ، العدد 8705 )

0

وإلى اللقاء دائماً إن شاء اللّه ،،،

هل التنظيم الدولي يواكب القرن الواحد والعشرون ؟

بسم الله الرحمن الرحيم

6/9/2004

المفهوم الحديث للسياسة الدولية برز بعد نهاية حرب الثلاثين عام في أوربا ، وذلك منذ صلح وستفاليا عام 1948م ، وهو من خلال – احترام سيادة الدول ، ومبدأ المساواة ، ومفهوم التوازن الأمني ( سليم ، ص 60 ) 0

وانهار هذا المفهوم ، بعد هزيمة نابليون الثانية ، وفي عام 1815م ، أصبح هناك تنظيم جديد للعلاقات الدولية ، وذلك من خلال مؤتمر فيينا ، عندما اجتمعت الدول المتحالفة آنذاك – بريطانيا وروسيا والنمسا وبروسيا ، لوضع أسس التسوية في أوربا0

والمرحلة الثالثة خضع التنظيم الدولي للتعديل ، وذلك بناءً على نتائج حرب القرم 1856 / 1871م ( سليم ، ص 109 ) 0

والمرحلة الرابعة للسياسة الدولية وذلك من خلال المرحلة البسماركية عام 1871/ 1890م ( سليم ، ص 189 ) 0

والمرحلة الخامسة للسياسة الدولية منذ سقوط بسمارك حتى الحرب العالمية الأولى ( سليم ، ص 189 ) 0

وبعد الحرب العالمية الأولى كانت هناك منادات فردية ، تلتها منادات حكومية لتشكيل تنظيم دولي ليحمي البشرية من وقوع كارثة مثل الحرب العالمية الأولى – وكان مهام العصبة ضمان السلم العالمي ومنع الحروب ، وتنظيم التعاون الدولي ، وتوثيق عراه ( سليم ، ص 113 ) 0

وأنشأ هذا التنظيم عام 1919م وانتهت شخصيتها الاعتبارية عام 1939م والأسباب هي –

1/ عدم انضمام جميع الدول الكبرى والمقصود الولايات المتحدة ، بالرغم من إنها من ضمن المؤسسين حسب النظرية الويلسونية 0 وهو ما يحدث الآن بالنسبة للأمم المتحدة بحيث هناك بعض الأصوات الأوربية تنادي فرنسا وروسيا وألمانيا ، والأتحاد الأوربي وروسيا الاتحادية بإعادة تشكيل التنظيم الدولي بسبب الانتهاكات الأمريكية المستمرة له 0

2/ الطابع الأوربي الذي غلب على العصبة ، وخاصةً أنه كان مسيطر عليها الحلفاء المنتصرين في الحرب العالمية الأولى 0 وذلك نفس الطابع الذي يسيطر على الأمم المتحدة الآن ، وذلك من خلال عدم اعطاء الهند واليابان وألمانيا مقاعد دائمة في مجلس الأمن 0

3/ ترد العصبة في إتخاذ المواقف الحازمة عند الملمات وذلك يمثل الغزو السوفيتي لفنلندا ، وسقطت عضوية الدولتين ، واعتداء اليابان على الصين ، والاستراتيجية التي لعبها الفاشيين في ايطاليا عندما سمح الألمان النازيين باحتلال الحبشة مقابل مباركة الايطاليين احتلال ألمانيا لكل – من التشيك والنمسا ، وذلك لا يعني نهاية العصبة فقط ، بل بداية إضاءة أول شعلة للحرب العالمية الثانية 0 ولو لاحظنا نفس هذه الانتهاكات تقوم بها الولايات المتحدة الآن ، عندما غزت كوسوفو دون تفويض أممي ، وتلى ذلك حديثاً غزو العراق دون أي تفويض من مجلس الأمن 0

4/ احتواء ميثاق العصبة على عيوب كثيرة شلت حركة المنظمة العالمية وقضت على الكثير من إمكاناتها ، ولعل أشهر العيوب التصويت الجماعي لإصدار القرارات في المسائل المهمة 0 وذلك يختلف مع آلية إتخاذ القرار في الأمم المتحدة ، حيث أن التصويت في الجمعية العمومية بالأغلبية الموصوفة الثلثين ، أو بالأغلبية النسبية أكثر من 50% ، أما في مجلس الأمن فالتصويت في المسائل الإجرائية بأغلبية تسعة أعضاء ، أما في المسائل الموضوعية بأغلبية (9) على أن يكون فيما بينهم الخمسة أعضاء الدائمي العضوية في مجلس الأمن ( تنظيم ص 120 ) 0

نشأة هيئة الأمم المتحدة

تعتبر الأمم المتحدة الوريث الشرعي لعصبة الأمم ، وتم إنشائها عام 26 يونيو 1945م 0 ومن قراءة ميثاق الأمم المتحدة نلاحظ التالي ؛ إنه يشتمل على المبادئ التالية – (1) حفظ السلم والأمن الدوليين (2) تنمية العلاقات بين الدول على أساس المساواة في الحقوق ( تنظيم ص 132 ، 133 ) 0 أما مبادئ الميثاق فمنها – (1) قيام هيئة الأمم على مبدأ المساواة في السيادة بين جميع أعضائها (2) امتناع الأعضاء عن استعمال القوة والتهديد باستعمالها (3) عدم تدخل هيئة الأمم في الشئون الداخلية للدول الأعضاء 0 ( حاول تراجع الآن مدى التزام الولايات المتحدة بهذه المبادئ ) ( تنظيم ص 136 ، 138 ، 140 ) 0

وأعتقد أن الذي يهمنا في هذا الموضوع هو آلية تنفيذ تطبيق الأمم المتحدة للعقوبات القسرية ، ونجد بأن الميثاق أفرد الفصل السابع للعقوبات القسرية ( المواد 39 / 51 ) ( تنظيم ص 163 ) 0 فنجد مواد العقوبات تطبق بطريقة تدريجية –

1/ المادة (39) – إن مجلس الأمن يقرر أن ما وقع هو تهديد للسلم ، أو إخلال به ، أو هو عمل من أعمال العدوان ويقدم في ذلك توصياته 0

2/ المادة (41) – تنص على أن لمجلس الأمن أن يقرر ما يجب إتخاذه من التدابير التي لا تتطلب استخدام القوات المسلحة لتنفيذ قراراته ، وله أن يطلب إلى أعضاء الأمم المتحدة تطبيق هذه التدابير 0 ويجوز أن يكون من بينها وقف العلاقات الاقتصادية والمواصلات الحديدية والبحرية والجوية والبريدية والبرقية واللاسلكية وغيرها وقفاً جزئياً أو كلياً ، وكذلك قطع العلاقات الدبلوماسية 0

3/ المادة (42) – تنص على أنه يجوز للمجلس ، إذا رأى أن التدابير المنصوص عليها في المادة 41 لا تفي بالغرض ، أو إذا ثبت أنها لم تف به ، أن يتخذ بواسطة القوات الجوية والبحرية والبرية أي عمل يراه ضرورياً كحفظ السلم والأمن الدوليين أو لإعادتهما إلى نصابهما 0 ويجوز أن يشتمل هذا العمل على الاستعراضات وتدابير الحصار والعمليات الأخرى التي تقوم بها القوات الجوية أو البحرية أو البرية التابعة لأعضاء الأمم المتحدة 0

ونلاحظ هنا أن العقوبات القسرية لا تُنزل بالدول بسبب خرقها للالتزامات التي نص عليها الميثاق الأممي ، بل بسبب قيامها بأعمال عدوانية ، أو بأعمال تهدد السلم أو تخل به ( سنحاول تعريف ذلك لاحقاً ) 0

4/ المادة (43) – على أعضاء الأمم المتحدة أن يضعوا تحت تصرف مجلس الأمن ، بناء على طلبه ، وطبقاً لاتفاقات خاصة ، ما يلزم للقوات المسلحة من المساعدات والتسهيلات ومنها حق المرور لحفظ السلم والأمن الدوليين 0

5/ المادة (45) – على أعضاء الأمم المتحدة ، تمكين المنظمة من إتخاذ التدابير الحربية العاجلة ، وتشكل لجنة أركان حرب من رؤوساء أركان الحرب في الدول الخمس الكبار 0

الخمسة بنود التي ذكرناها أعلاه نرجو أن تتفقوا مع واحدة منها تشرع اعتداء الولايات المتحدة على العراق ، أو التهديد الدائم للولايات المتحدة لكلُ من إيران وسوريا  0

فروع الأمم المتحدة

تضم الأمم المتحدة ستة فروع هي الجمعية العمومية ، ومجلس الأمن ، والمجلس الاقتصادي ، ومجلس الوصاية ، ومحكمة العدل الدولية ، والأمانة العامة 0 وذلك يختلف عن فروع عصبة الأمم حيث كانت ثلاثة فقط 0 ويرى الفقهاء بأنه من الممكن أن نعتبر الجمعية العمومية برلمان عالمي ، والدليل على ذلك بأن الخصائص الدستورية أوكلت إلى الجمعية العمومية – وهي بعد أن يقترح ثلثي أعضاء الجمعية وموافقة تسعة من أعضاء مجلس الأمن ، أن توصي بتعديل أحكام الميثاق ، أو أن تجمع مؤتمراً لإجراء هذا التعديل ، على أن التعديلات لا تصبح نافذة إلا بعد تصديق ثلثي أعضاء الهيئة بما فيهم الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن ( تنظيم ص 175 ، 176 ) 0

مجلس الأمن –

من الممكن اعتباره الجهاز التنفيذي ، ويتكون مجلس الأمن من (15) عضواً منهم خمسة دول دائمة ، ونلاحظ أن ذلك شبيه بعصبة الأمم حيث سيطر على العصبة الحلفاء المنتصرون ، فمجلس الأمن الأعضاء الخمسة الدائمون هم الحلفاء الرئيسيون المنتصرون على دول المحور ، ويشاركهم في ذلك الدول المتضررة من دول الحرب والدول هي – الولايات المتحدة الأمريكية ، وبريطانيا ، وفرنسا ، والاتحاد الروسي ، والصين)0 وتملك هذه الدول حق النقض وخاصة في القرارات الاستراتيجية التي نسميها بلغة القانون موضوعية ، واستخدمت جميع الدول الخمس حق النقض وأكثر من استخدمه الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي ، وإن كان ذلك يهز كيان مجلس الأمن مما ينعكس على التنظيم الدولي ، ولكن بسبب وجود توازن الرعب النووي ما بين القطبين آنذاك الأمريكي والسوفيتي فكان خيار الابقاء على التنظيم الدولي كمجلس سياسي واستراتيجي للقاء ما بينهما خياراً استراتيجياً ، وذلك ربما يعتبر من العوامل المساهمة في إبقاء الأمم المتحدة في الفترة ما بين عام 1945 / 1990م إلى نهاية الحرب الباردة 0

أما الأعضاء العشرة الآخرون فيتم انتخابهم عن طريق الجمعية العامة لمدة عامين0 ويحرص على توزيعهم كما تنص اتفاقية الجنتلمان كالتالي – هو اتفاق عقد في لندن عام 1946م ، اقر قاعدة توزيع المقاعد غير الدائمة ( وكانت ستة قبل تعديل الميثاق ) ، بين المناطق الجغرافية التالية – مقعدان لأمريكا اللاتينية ، ومقعد لكلاً من- أوربا الشرقية ، والشرق الأدنى ، والكومنولث البريطاني 0 وفي عام 1973م قررت الجمعية العامة توزيع المقاعد غير الدائمة على الشكل التالي – خمسة مقاعد للدول الأفريقية والآسيوية ، ومقعدان لأمريكا اللاتينية ، ومقعدان لأوربا الغربية ، ومقعد لأوربا الشرقية 0 وتوجد ملاحظة يجب أن نثيرها بأن ميثاق الجنتلمان لا يطبق بدقة ، لقد أدخل عليه بعض التعديل بسبب المساومات والأحداث وزيادة عدد الدول 0 بل إن الدول أخذت في الآونة الأخيرة ، تتنصل منه أو تتنكر له 0 إن ليبيريا مثلاً انتخبت عام 1961م لتشغل المقعد المخصص لدول أوربا الغربية 0

المذكور أعلاه يعطينا إمكانية تعديل الميثاق ، لأن التعديلات الدستورية موجودة ما بين الجمعية العمومية ومجلس الأمن ، ومن الأمثلة على ذلك زيادة عدد أعضاء المجلس الغير دائمين من 6 إلى 10 دول ، وتعديل التوزيع الجغرافي للدول الغير دائمة العضوية في مجلس الأمن 0 ونذكر في مقولة مشهورة لبطرس غالي الأمين العام السابق للأمم المتحدة وذكرتها في إحدى مقالاتي ( الراية العدد 7672 ) – ( إن الأمم المتحدة ما هي إلا أداة لخدمة السياسة الأمريكية ، تستخدمها عندما تحتاج إلى معالجة متعددة الأطراف ، وعندما لا تحتاج إليها تتصرف خارج إطار هذه المنظمة ) 0 ونلاحظ كوفي أنان الأمين العام الحالي للأمم المتحدة ، في سبتمبر 2003م في كلمته في افتتاح الجمعية العمومية – قدم دعوته إلى المجتمع الدولي لكي يبادر بصورة عاجلة إلى توسيع عضوية مجلس الأمن ، بحيث تصبح هيئة صنع القرار الدولي أكثر فاعلية ، وتعكس حقائق اليوم الجغرافية السياسية ( الخليج العدد 8894 ) 0

مجلس الوصاية –

وهو يعتبر الوريث الشرعي لمناطق الانتداب في عهد العصبة ، وغير اسمه لمجلس الوصاية مرتبطاً بوجود نظام آخر يتلاءم والأفكار والمبادئ التحررية التي نادت بها الأمم المتحدة 0 وهي كاونصت المادة 78 على أن نظام الوصاية لا يطبق على الأقاليم التي أصبحت أعضاء في هيئة الأمم المتحدة 0 ولذلك كان يفترض على أمريكا أن تحترمه قبل غزو العراق ، ولكن للأسف غزت أمريكا العراق دون تفويض من مجلس الأمن ، واحتلت العراق في 9/4/2003م ، وبعد ذلك عادت الولايات المتحدة إلى مجلس الأمن واستصدرت القرار رقم 1483 الذي أعطى الاحتلال الأمريكي الشرعية في العراق 0 وهذا القرار يخالف نظام الوصاية الأممي ، لأنه قضى على وظائف وصلاحيات مجلس الوصاية لتالي –

1/ فحص التقارير التي ترفعها السلطة المفوضة بالإدارة 0
2/ قبول عرائض السكان وفحصها بالتشاور مع السلطة المفوضة 0
3/ تنظيم زيارات دورية للأقاليم المشمولة بالوصاية في أوقات يتفق عليها مع السلطة القائمة 0
4/ وضع مجموعة أسئلة عن مدى تقدم سكان إقليم الوصاية في الميادين الاقتصادية، والاجتماعية ، والسياسية ، والتعليمية 0

السؤال الذي يطرح نفسه ما هو التفسير القانوني الذي تمارسه الولايات المتحدة في العراق – هل هو احتلال استعماري جديد ؟ أو نظام وصاية معدل ؟ 0

ما يحدث في العراق الآن احتلال وليس نظام وصاية ، فآخر تصريح لكولن باول وزير الخارجية الأمريكي في 26/9/2003م قال – بأن أمريكا لن ترضخ للطلب الفرنسي ، وهو بتولي الأمم المتحدة المسؤولية عن الاحتلال الأمريكي في العراق 0 والأسوأ من ذلك يقول باول – ستحدد ستة أشهر للقادة العراقيين الذين يعملون تحت الاحتلال الأمريكي ( مجلس الحكم ) لصياغة دستور جديد للبلاد ( الشرق الأوسط العدد 9069) 0 في هذه الحالة رأينا هو بأن يصبح الدستور غير قانوني لأن لجنة الدستور يجب أن تنتخب بكل حرية ونزاهة بواسطة الشعب العراقي وليس بالتعيين الأمريكي مع كل الاحترام للجنة الحالية ، وحتى بعد أن تقوم اللجنة المنتخبة بإعداد الدستور يجب إجراء استفتاء شعبي عام على هذا الدستور ، وبعد ذلك تتشكل الدولة الجديدة ، وإذا تم إعداد الدستور بآلية اللجنة المنتخبة واجري عليها استفتاء دستوري وأقره أغلبية الشعب العراقي فيصبح ذلك دستور البلاد الشرعي ، ومن يخرج عليه بعمليات عنف ، فنستطيع أن نعتبر ذلك ارهاباً لأنه ضد الإرادة الشعبية ، أما ما يحدث الآن بتفويض مجلس الحكم المعين أمريكياً وتخضع قرارته لفيتو بريمر ( الحاكم الأمريكي للعراق ) بتشكيل دستور، فذلك غير شرعي ، وأي أعمال تنشأ الآن ، أو بعد عمل الدستور الصوري يعتبر مقاومة في القانون الدولي  0

ولكن يؤسفني أن أقول لكم بأن القرار الأمريكي هناك احتمال قوي لقبوله في مجلس الأمن ( طبعاً إذا نشرت هذه المقالة قبل صدور القرار ) 0 فأمريكا استطاعت أن تخترق محور باريس 00 برلين 00 روما 0 فآخر لقاء لشرودر المستشار الألماني مع الرئيس بوش في 24/9/2003م قال – ( انهما تجاوزا خلافاتها السابقة بشأن العراق واتفقا على العمل معاً من أجل استقراره ) ( الراية العدد 5579 ) 0 أما بوتين الرئيس الروسي قال – ( موقف روسيا واضح وثابت وحدها المشاركة المباشرة للأمم المتحدة في إعادة إعمار العراق تعطي شعبه فرصته لتحديد مستقبله بشكل مستقل 0 وكانت الملاحظة المباشرة على تعليق بوتين بأنه لم يشر إلى نقل فعلي للسيادة من التحالف الأمريكي البريطاني إلى سلطة عراقية ، مميزاً موقفه عن موقفي فرنسا وألمانيا ، اللتين كانتا مع موسكو أشد معارضي الحرب ( الشرق العدد 5580 ) 0 والاستراتيجية الأمريكية تسعى من خلالها لعزل فرنسا في الجمعية العامة ، وذلك سينعكس على مجلس الأمن0

فإذا وصل المجلس إلى هذا المستوى ، فهل ما زالت الأمم المتحدة تستطيع أن تحافظ على الأمن والسلم الدوليين ، والمساواة بين الدول في السيادة وتقرير المصير ؟0

اذكر في مقالة نشرت لنا في الراية العدد ( 7644 ) بتاريخ 12/4/2003م قلنا بأن ما قامت به أمريكا في العراق يعتبر انتهاكاً كاملاً للقانون الدولي وللتنظيم الدولي بشكل كلي وذلك لأنها لم تستخدم الطرق السلمية في النزاع ، والتهديد باستخدام القوة ، بل واستخدامها دون تفويض من مجلس الأمن 0 وكذلك استخدمت الولايات المتحدة الأسلحة المحرمة دولياً كالقنابل العنقودية والانشطارية والقنابل التي تزن أكثر من سبعة أطنان من المتفجرات والقنابل المساحية 0

ومن الانتهاكات الأخرى التي قامت بها الولايات المتحدة للقانون الدولي العام هو التدخل في الشؤون الداخلية للدول ، وضرب المناطق المدنية ، وتحطيم التراث الحضاري للأمم 0 وأنهيت هذه الفقرة قائلاً التصرف الأمريكي أعلاه اعلان وفاة للأمم المتحدة والقانون الدولي العام 0 وقلنا أيضاً – لابد من إعادة صياغة التنظيم الدولي والقانون الدولي العام 0 وما ذكرناه في أبريل 2003م ، قاله كوفي أنان في سبتمبر 2003م وبطريقة دبلوماسية 0

نعم أمريكا القطب العالمي الأوحد في القرن الواحد والعشرون –

لكن السؤال الذي يطرح نفسه ، هل أمريكا تستطيع إعادة صياغة العالم ؟ 0

الاستراتيجية الأمريكية قائمة على العولمة ، والعولمة تعريفها – العولمة تعني تحول العالم إلى سوق وقرية عالمية واحدة تنتقل فيها عناصر الانتاج دون قيود ( سليم ص 650 ) 0 وتسعى أمريكا لتطبيق هدفين في العالم العولمة الاقتصادية والليبرالية الثقافية وينتج عن ذلك نهاية سيادة الدول 0 كما قال فوكياما – أن المنظومة الفكرية والنظامية الرأسمالية الليبرالية ستسود تطور السياسة الدولية حتى نهاية التطور التاريخي حيث اثبتت هذه المنظومة بعد انهيار المنظومة الشمولية ، أنها الوحيدة القادرة على تحقيق التقدم الإنساني ( سليم ص 648 ) 0

ولكن لتحقيق ذلك لابد من عنصرين رئيسيين الأول إنهاء سيادة الدول ، ثانياً – الاختراق الثقافي للشعوب 0 وآخر دراسات لــ F.P أثبتت فشل هذين العنصرين فعدد يوليو وأغسطس لــ F.P. يقول بأن الولايات المتحدة في الفترة من عام ( 1898 / 2003م ) تدخلت في (16) دولة لتطبيق الديمقراطية ولم تنجح إلا في (4) دول فقط أي نسبة النجاح 25% فقط ، إذاً الاستراتيجية الأمريكية في تطبيق الديمقراطية فشلت 0 ثانياً النزعة القومية في تقرير F.P. مايو / يونيو ، هو بالفعل انخفض في دول مثل – فرنسا إلى 40% وبريطانيا 49% ، والولايات المتحدة نفسها إلى 72% ، ولكن مازالت النزعة القومية موجودة عند شعوب العالم النامي ، فنسبة النزعة القومية في إيران أكثر من 92% ، وفي مصر 81% ، وكلما يرتفع مؤشر الشعور القومي للشعوب ، كلما زادت النزعة القُطرية للشعوب ، ويزداد كذلك طردياً الجوانب الثقافية القُطرية مثل – الدين ، اللغة ، العادات والتقاليد 000 إلخ 0 وعلى الولايات المتحدة الانتظار قرناً كاملاً لإنهاء هذه النزعة ، وربما تنتهي أمريكا وتبقى هذه النزعة على حالها  0

وكيف لأمريكا أن تطالب بالتغيير الثقافي للعالم والتعددية العالمية ؟ وهي نفسها تدخلت في عنصر الولاء لموظفين الأمانة العامة في الأمم المتحدة ، بحيث كان مفروض ولاء الموظف للأمم المتحدة ويتناسى أية اعتبارات أخرى 0 ففي عام 1952/1953م أثارت الولايات المتحدة مشكلة الولاء على المنظمة العالمية 0 وطالبت واشنطن باعتبار الأمريكيين ، الشيوعيين واليساريين ، غير جديرين بالحصول على وظائف دولية أو البقاء فيها 0 وضغطت حكومة الولايات المتحدة على الأمين العام ليتخلص من هؤلاء الأمريكيين ، فأبدى بعض المقاومة ثم وافق وفصل الموظفين الأمريكيين الذين نشرت حكومة واشنطن حولهم الشبهات ( تنظيم ص 219 ، 220 ) 0

نحن اختبرنا اعلاه ما مدى تطبيق العولمة من ناحية الإصلاحات الديمقراطية ، والليبرالية الثقافية ، والآن سنختبرها أدناه من ناحية العولمة الاقتصادية –

1/ تقرير التنمية البشرية عام 2003 – قال التقرير بأن دول العالم المتخلف الذي يوجد به مليار جائع ، ولا يلاقي إلا 50 مليار دولار مساعدات ، علماً بأن أدنى مبلغاً يحتاجه العالم النامي 100 مليار دولار ( الوطن السعودية العدد 1013 ) ، آلا توافقونني أنه كان من الأفضل بدلاً أن تشن أمريكا حرباً على العراق ، وتدفع 50 مليار دولار الإضافية مساعدات للمليار جائع في العالم 0

2/ من أهداف منظمة التجارة العالمية تحرير تجارة السلع الأولية ، وايقاف الدعم عن السلع ، ونلاحظ الدول المفترض أن تتمسك بهذا لانجاح نظرية العولمة ، هي أول من ينتهك البنود المذكورة أعلاه ، بحيث يبلغ دعم منتج القطن الأمريكي ثلاث أضعاف مساعدات أمريكا للدول الأفريقية جنوب الصحراء ، ويبلغ الدعم الحكومي للزراعة في دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية 300 بليون دولار سنوياً ( الحياة العدد 14715 ) 0 ويقول تقرير التنمية البشرية المذكور أعلاه بأن كل بقرة أوربية تحصل على 3 دولار في اليوم ، ويعيش أكثر من 40% من سكان أفريقيا على دولار واحد للفرد يومياً ( الوطن السعودية العدد 1013 ) 0 هل هذه العولمة المطلوبة لإنقاذ البشرية من الهلاك ؟ 0

3/ صراع الولايات المتحدة الأمريكية ، ودول الاتحاد الأوربي ، وذلك يمثل وضع أمريكا تعريفات على واردات الصلب الأوربي لحماية المنتج المحلي ، وكذلك أوربا تمنع دخول الأغذية المعدلة وراثياً ( نيوزويك العدد 172 ) 0

4/ حرب أمريكا ضد الارهاب – أثر ذلك على التدفقات المالية ، فإن الحكومة الأمريكية تراقب التحركات النقدية من وإلى البنوك ، وهذا يؤثر على مرونة وسلاسة تحركات رؤوس الأموال وينعكس سلباً على العولمة ( نيوزويك العدد 172 ) 0

5/ كارثة الدولار – فأمريكا ترغب بدولار أكثر ضعفاً من أجل خفض صادراتها وابطاء نمو وارداتها بشكل تدريجي وفرض السيطرة على عجزها التجاري الذي يبلغ 500 بليون دولار 0 ولكن لكي يحدث ذلك يجب على عملات أخرى أن ترتفع مقابل الدولار ، في حين أن الصين واليابان وغيرهما من الدول الآسيوية تقاوم ذلك ، وواشنطن تضغط عليهما بقوة ( نيوزويك 172 )

ونضيف بأنه من كوارث ضعف الدولار وتسعيرة النفط بالدولار ، فالدول الإسلامية تخسر ما يقارب 137 مليون دولار يومياً ، ويعتبر ذلك دعماً مباشراً للاقتصاد الأمريكي 0 ولكن هل تستطيع الدول الإسلامية إعادة النظر في تغيير آلية تسعيرة النفط بالدولار ؟  0

6/ الاستثمارات الأجنبية المباشرة في العالم وصلت عام 99/2000م إلى 200ر1 مليون دولار ، وانخفضت بنسبة 50% في العالم عام 2002م 0

7/ الوجه الآخر للعولمة هو تنازل الدول عن هامش كبير من سيادتها للشركات المتعددة الجنسية ، ولكن الصدمة التي هزت أمريكا والعالم هو انهيار كبرى الشركات العالمية المتعددة الجنسية مثل انرون ، ووبلد دوت ، وتيكو ، وزيروكس ، بالإضافة إلى خسائر وول ستريت الفلكية ( مقالة منشورة لنا في الراية العدد 7658 ) 0

8/ جولات منظمة التجارة العالمية ، كانت الثمان سنوات الأولى منذ 1993م لصالح اليابان وأمريكا وأوربا ولكن بعد ذلك حدث الركود العالمي ، فجاءت جولة الدوحة وحققت بعض الانتعاش لمنظمة التجارة العالمية ، ولكن جولة كانكون هزت منظمة التجارة العالمية ، لأن الدول النامية كانت تسعى لبعض التسهيلات لبعض السلع مثل تخفيض الاصرار على براءة الاختراع وذلك ليسهل على الدول النامية صناعة الأدوية لمكافحة الأيدز وبعض الأوبئة الفتاكة ( نيوزويك العدد 172 ) 0

ونتيجة عدم تقديم الدول المتقدمة تسهيلات للعالم النامي أدى ذلك إلى تحالفهم ، وهو عندما تحالف الدول الـ 22 تحت قيادة البرازيل ، وهذا التحالف كان بين دول مصدرة للسلع الزراعية وهي البرازيل واستراليا والارجنتين وجنوب أفريقيا وأندونيسيا وتايلاند وجنوب أفريقيا والفلبين 00 إلخ 0 وعقدت تحالفات مع الهند والصين ، ومثلت الدول مجتمعة ثلثي مزارعي العالم ، و 60% من إنتاج العالم الزراعي ، ويقول تقرير نيوزويك وبدت مجموعة 22 وكأنها عودة مجموعة 77 0

هل الولايات دولة امبريالية ؟

1/ ميزانية السلاح في الولايات المتحدة لعام 2003م (470) بليون دولار ، وذلك يمثل 50% من ميزانية التسليح على مستوى العالم 0 وكذلك رفضت الولايات المتحدة التوقيع على تجديد معاهدة الحد من الأسلحة البلاسيتية ، ويوجد عندها برامج جديدة لتطوير أسلحتها النووية ، وتطوير حرب النجوم 0
2/ الولايات المتحدة رفضت التصديق على اتفاقية المحكمة الجنائية الدولية 0
3/ منذ نهاية الحرب الباردة خاضت عدة حروب دون تفويض من مجلس الأمن 0
4/ سابقة خطيرة تمارسها الولايات المتحدة وتعتبر انتهاك لاتفاقية جنييف حول الأسرى، وهو وجود معتقلي غوانتناموا 0

/ إحدى أهم دعائم العولمة الحديثة هو التوجه العالمي نحو البيئة – هل الولايات المتحدة من المساهمين في حماية البيئة العالمية ؟ طبعاً نستطيع أن نقول لا ، لأنها لم تصادق على اتفاقية كيوتو للبيئة العالمية  0

/ في الختام جميع زعماء العالم المؤثرين في القرارات الدولية اجمعوا بطريقة غير مباشرة على رفض التصرفات الأمريكية في العالم  خلال كلمتهم في الجمعية العمومية في سبتمبر 2003م –

1/ امبيكي رئيس جنوب أفريقيا – ويعتبر خليفة أحد أهم سياسيين الكوكب في   القرن العشرين ( نيلسون مانديلا ) وقال امبيكي – ( الفقراء لن يقبلوا   الحفاظ على الوضع القائم ، الذي يؤبد الفقر 0 وقال مليارات الفقراء في   العالم يطالبون أن تقوم الأمم المتحدة بعمل من أجل نقل الموارد إليهم ، ما   سيمكنهم من التحرر من ربقة الفقر ) ( الخليج العدد 8894 )  0

2/ ميجاواتي رئيسة أندونيسيا ، وأندونيسيا تمثل أكبر دولة إسلامية حيث أن   عدد سكانها 217 مليون مسلم تقريباً ، قالت – ( كثير من المسلمين في   أندونيسيا يعتقدون أنه عندما تتصرف القوى الكبرى بطريقة أكثر عدلاً   وتوضح حياديتها في الشرق الأوسط عندئذ فمعظم الأسباب الأساسية   للارهاب الذي يرتكب باسم الإسلام ، ستكون قد حلت ) ( الخليج العدد 8894 ) 0

3/ لولا رئيس البرازيل ويبلغ عدد سكانه 170 مليون نسمة ، والبرازيل هي   أكبر دولة في أمريكا اللاتينية يقول – ( على الرغم من اخفاقات الأنظمة   التي تريد تعميم الثروة من دون الحكم على آخرين بفقر مدقع ، فإن كثيراً   من الناس لا يزالون يصرون على جشعهم وقصر نظرهم ) ( الخليج العدد 4988 )0

وبعد ذلك سنطرح سؤال أخير ، الفقهاء عندما نشأت الأمم المتحدة استبشروا خيراً بالمنظمة الجديدة ، وكانوا فرحين بأن الأمم المتحدة حرمت الحرب إلا بتفويض من مجلس الأمن ، ويقولون ذلك أفضل مما كانت عليه العصبة التي يقول ميثاقها عدم جواز اللجوء إلى الحرب  0 هل تعتقدون لو هؤلاء الفقهاء مازالوا موجودين سيحافظون على نفس الرأي المذكور أعلاه ؟  0

* إذاً على الولايات المتحدة أن تتعاون مع العالم ، لإخراج العالم من هذا النفق المظلم الذي لا يعلم إلا اللّه سبحانه وتعالى نهايته 0

وإلى اللقاء دائماً إن شاء اللّه ،،،

هل الانثروبولوجي ستنتصر للجنوب على الشمال ؟

بسم الله الرحمن الرحيم

24/6/2004

منذ القرن السادس ميلادي إلى القرن التاسع ميلادي ، وهي خير القرون كما وصفها رسولنا الكريم محمد ص ، وفي هذه المرحلة تحقق المجال الجيوسياسي الإسلامي بأحد طرقه الثلاثة : الفتح ، أو الدعوة ، أو التجارة 0

وبعد هذه المرحلة بدأ الانحدار التدريجي للكيان الجيوسياسي الإسلامي إلى أن وصلنا إلى أواخر القرن التاسع عشر الميلادي كالكعكة المقسمة إلى قطع ما بين القوى الغربية وبالتحديد الأوربية 0 ونجد أوربا في الخمسة قرون الأخيرة من الزمن بنوا قوتهم من خلال برامج استراتيجية عالمية ، برز من خلالها الثورة الصناعية والتقدم التكنولوجي والاستثمارات الضخمة في الأنشطة الأولية ، واستثمارات أكبر اتجهت للبنية التحتية الخدمية مثل : التعليم والتجارة والنقل والمواصلات وتوفير المرافق المختلفة من كهرباء ومياه ونظافة 00 إلخ ، ووجهوا هامش ضخم جداً من دخلهم لدعم البحث العلمي ومازالوا ، حيث بلغ الانفاق العام على التعليم من الناتج القومي كمتوسط أكثر من 10% في دول أوربا ، وما بين 10% إلى 3% في دول علام الجنوب0

والأهم من ذلك في أوربا ، أنشأوا دولة المؤسسات التي تنبع عن إرادة شعبية ناضجة ، وبالتالي استطاعوا أن يصلوا إلى درجة عالية من السمو والرقي ، ومن ناحية عملية فإن الشعب هو مصدر السلطات ، وليس من ناحية صورية كما هو في عالم الجنوب 0 وهذه السلطات الناضجة استطاعت أن تراقب وبدقة انحرافات مؤشر التنمية المذكور أعلاه في أوربا  0

ولكن رغم التخطيط الضخم في أوربا ، إلا أن إرادة اللّه سبحانه وتعالى ستبقى فوق كل شيء 0 فمع الثورات التنموية والسياسية الضخمة التي حدثت في عالم الشمال ، إلا أن اللّه سبحانه وتعالى أوجد عند عالم الجنوب ( العالم الإسلامي ) الهبة الجيولوجية وهي ممثلة بالهايدروكاربون ( النفط والغاز الطبيعي ) وذلك يمثل 90% من الطاقة التي توفر الديناميكية والحركة لكل آلات التكنولوجيا التي صنعها عالم الشمال، وطبعاً لم يستفد عالم الجنوب من هذه الإمكانات الضخمة  ، بل تحول الهايدروكاربون إلى وبال على عالم الجنوب ، وأدى ذلك إلى فقدان عالم الجنوب لسيادته التي اكتسبها بعد الحرب العالمية الثانية ، وذلك إما من خلال الاحتلال المباشر كما في فلسطين وأفغانستان والعراق ، أو من خلال الحصار ، كما هو مطبق على إيران الإسلامية وغيرها ، أو التنازل وتقديم التسهيلات للقوى الأمبريالية العالمية 0 ولكن أبت الطبيعة إلا أن تنتصر لعالم الجنوب حتى ولو من خلال التكاثر الفطري (الديموغرافي )  0

فالمشكلة الديموغرافية الغربية تعود جذورها إلى التقدم الضخم الذي حدث مع الثورة الصناعية مما أدى إلى تقليص معدل الوفيات ، وزيادة عدد المواليد ، وأرتفاع معدل العمر عند الولادة ( أمد الحياة ) ، ونتيجة لذلك أصبح النمو السكاني وتضاعفه يتطور بشكل سريع في الغرب ، مما جعل بعض العلماء الغربيين مع بزوغ فجر الثورة الصناعية يحذرون دولهم من النمو السكاني الضخم ، فلنأخذ رأيين مثلاً :

الأول : القسيس الإنجليزي توماس مالتوس 1978م قال : السكان يتزايدون وفق متوالين هندسيين 0 بمعنى أن (1) يؤدي إلى (2) ، وهذه إلى (4) وهذه إلى (8) وهكذا 0

بينما الموارد الزراعية في عهده تزداد بمعدل حسابي 1 ، 2 ، 3 ، 4 ، 5 وهكذا0 الأمر الذي يؤدي إلى اتساع الفجوة بين عدد السكان والموارد 0 ولذلك نصح مالتوس أمته بإتخاذ عوائق مانعة مثل تأخير سن الزواج وإطالة العزوبية لإحداث التوازن بين العدد والموارد 0 وإلا قامت الطبيعة بهذا قسراً واجبارياً عن طريق الأمراض والأوبئة والزلازل والكوارث ( رضوان ص 546 ) 0

الثاني : ايموند بيرل من خلال نظرية الاسفنجة 0 قال : أن الاسفنج يظل يمتص الماء إلى أن يصل إلى حد التشبع ، ثم لا يحمل بعد ذلك شيئاً ، ويبدأ الماء في التساقط 0 وعلى هذا فأي مجتمع سيظل يتقبل أعداداً كثيرة من السكان حتى يصل إلى التشبع ، ثم يبدأ بلفظ الزيادات إلى الخارج لتبحث لنفسها عن الغذاء  والمأوى ، وفي رأيه أنه من هنا تبدأ الكارثة 00 أي بداية الانهيار ( رضوان ص 546 ) 0

والذي عزز الجانب النظري أعلاه ، لإمكانية حدوث كارثة ديموغرافية في العالم ، هو السرعة التي تضاعف بها عدد سكان كوكب الأرض ، ففي سنة 1650م كان سكان الكوكب 500 مليون نسمة تضاعف بعد 200 سنة ليصبح 1000 مليون نسمة ، وبعد ذلك تضاعف خلال 80 سنة ليصبح 2000 مليون عام 1930م ، أما التضاعف الرابع فتم خلال 45 سنة فقط 0 ففي عام 1975م وصل سكان العالم إلى 4000 مليون نسمة ( الخياط ص 165 ) 0

هذا التضاعف الكبير دق ناقوس الخطر بالنسبة لإمكانية الكوكب الاستيعابية لسكانه وخاصة إذا علمنا أن 9% من كوكب الأرض فقط هو الذي يجذب معظم السكان إلى الاستقرار به والتجمع فيه والانتفاع بخيراته ( رضوان ص 505 ) ، وذلك مهدد بشكل كبير بالتصحر والتلوث البيئي  0

ولكن شعوب الشمال ( أوربا ) انتبهوا لهذا الخطر الديموغرافي وقاموا بوضع البرامج التي تشجع على الإباحية الجنسية ، وتأخير سن الزواج أو عدم الحاجة للزواج ، وتقليص حجم الأسرة النووية ، وكان نتيجة ذلك في البداية إيجابية ، حيث نجد أن معدل صغار السن أقل من 15 سنة انخفض إلى أقل من 20% ( تقرير عام 2002م ص 165)، وأصبح معظم السكان 16 – 65 سنة ، ولكن المشكلة التي تنتظر أوربا مع عدم تغذية القاعدة من خلال المواليد الجدد ، هو عندما ينتقل الشباب إلى سن الشيخوخة ، وهذا ما حدث بالفعل لأوربا الآن ، فالشباب الأقل من 15 سنة يتوقع أن يصلوا عام 2015م إلى 3ر16% من جملة السكان ، والشيوخ كبار السن يتوقع أن تصل نسبتهم إلى 3ر17% من جملة السكان عام 1502م ، أي ما يقارب خمس السكان الأوربيين من كبار السن ، وهذه النسبة يتوقع أن تصل إلى 25% من سكان أوربا عام 2025م0

فأوربا أصبحت القارة العجوز في كوكبنا هذا ، وبدأت بالفعل بالانقراض السكاني ، فالنمو السكاني مثلاً في كلا من : ايطاليا 3ر0% ، السويد 2ر0% ، سويسرا 2ر0% ، النمسا 2ر0% ، وأسبانيا 2ر0% ، وألمانيا 1ر0% 0

ومن هنا بدأ ذلك يثير الكثير من التساؤل في أوربا ، ومن ناحية سلالية هل يعني ذلك بداية الإنحسار لسكان أوربا ، ومن ناحية سلالية وانثروبولوجية هل يعني ذلك بداية إنقراض السلالة ( الأوربية ) الألبية والنوردية أو الجنس الأري الأوربي بشكل عام 0 ويعتقد الأوربيون الأغنياء في غرب ووسط أوربا أنه بضم دول شرق أوربا العشر إلى الاتحاد عام 204م ، ستحل جزء من المشكلة ، فيرى أستاذ الاقتصاد في جامعة كنيت دوجي فيكرمان ” بأنه لن يغادر أكثر من 150 ألف شخص أوطانهم سنوياً من شرق أوربا إلى غرب أوربا ، وفي اتحاد يضم 500 مليون نسمة ، لا يمكن اعتبار ذلك تدفقاً ” ( نيوزويك العدد 165 ص 22 ) 0 وبالفعل إحصائية الهجرة المذكورة سلفاً لا تعني شيئاً بالنسبة لأوربا ، فمثلاً ألمانيا لوحدها ستحتاج إلى 300 ألف مهاجر سنوياً بحلول عام 2010م للحفاظ على تعدادها السكاني إلى ضعف المذكور أعلاه ، وبالنسبة للأوربيين يفضلون مهاجرين من داخل أوربا على وجود أفريقيين وآسيويين الذين يشكلون نسبة متزايدة من مستوطني أوربا الجدد ( نيوزويك العدد 165 ص 23 ) 0 وخلاصة القول حتى لو انفتحت أسواق العمالة الأوربية عام 2004م على بعضها فذلك لن يساهم في حل مشكلة الشيخوخة الأوربية ، ويتوقع أن تفقد أوربا خلال الخمسين سنة القادمة 40 مليون نسمة من سكانها ( نيوزويك العدد 159 ص 20 ) ، ويضاف إلى ذلك إذا استمر الوضع أكثر من 200 مليون نسمة من سكان أوربا من كبار السن ( 65 سنة فما فوق ) 0

ذلك يعني بأن أوربا ستحتاج خلال الخمسين سنة القادمة إلى ما يقارب من 200 مليون مهاجر سكاني في سن العمل ، ونحن نرى بأنه أفضل أماكن لتغطية هذا النقص الأوربي ، هو الدول التي تعاني انفجاراً سكانياً ، حيث نجد أن نسبة التضاعف السكاني عندها كمتوسط كل 25 سنة ، مثل دول العالم العربي والتي تبلغ نسبة النمو السكاني عندها ما يقارب من 3% سنوياً ، ويتوقع أن تصل نسبة الشباب في سن العمل 16 – 65 سنة في عام 2015 إلى 2ر63% من سكان العالم العربي وذلك يعادل 210 مليون عامل ، بما أن العالم العربي الآن 50% من القوى العاملة فيه تعاني من البطالة السافرة والمقنعة ، ولا توجد برامج تنمية تذكر الآن ، فيتوقع بعد أكثر من عقد من الزمان أن نسبة البطالة ستكون أكثر من الآن 0 بمعنى آخر ، سيكون العالم العربي في عام 2015م على استعداد لتغذية أوربا بما يقارب من 100 مليون عامل على أقل تقدير 0 وكذلك أفريقيا جنوب الصحراء سيكون لديها في عام 2015م ما يقارب من 330 مليون شخص في سن العمل ، ولا توجد لديهم برامج تنمية تذكر ، لاستيعاب هذا الانفجار السكاني الضخم ، ووضعهم الاقتصادي الآن أسوأ من العالم العربي ، ويتوقع أن يصبح أكثر سوءً في عام 2015م ، إذاً من الحلول لأفريقيا الزنجية وللاتحاد الأوربي العجوز ، أن يستقبل هذا الأخير ما يقارب من ثلث العمالة الأفريقية أي ما يعادل 110 مليون عامل 0 ولو حدث ذلك لأصبح العجز الأوربي الديموغرافي في الأيدي العاملة كما هو متوقع في عام 2050م أكثر من 200 مليون شخص ، مغطى بهجرة ما يعادل 210 مليون نسمة من العالم العربي وجنوب الصحراء الأفريقية0

السؤال الذي يطرح نفسه أولاً : هل ستسمح أوربا لسلالة غير السلالات الأوربية السائدة لتشكل ما يقارب ثلث سكان أوربا ؟ 0

ثانياً : هل ستسمح أوربا لكي يكون أكثر من ربع سكان أوربا من المسلمين ؟ 0

الإجابة كالعادة نتركها للقارئ الكريم  0

ولو لم تسمح أوربا هنالك حل ثاني أيضاً لأوربا ؛ وهو بأن تنقل التكنولوجيا والاستثمارات الأوربية إلى دول عالم الجنوب وذلك بسبب وفرة الأيدي العاملة ، وإذا وجهت الاستثمارات إليهم ستصبح مناطق الجنوب تشكل قوة شرائية وأسواق رائجة للبضائع الأوربية  0

المعضلة الديموغرافية التي يعاني منها السكان البيض انتقلت من الجزء الشرقي للأطلسي إلى الجزء الغربي للأطلسي 0 فكما ذكرنا سابقاً عن أوربا بأنه يتوقع أن يصل ما يقارب 25% من سكانها إلى فئة كبار السن سنة 2025م ، كما يتوقع أن تفقد أوربا خلال الخمسين سنة القادمة ما يقارب (40) مليون نسمة 0 والحل الذي قدمناه لأوربا ، هو بأنها تستطيع أن تغطي عجزها السكاني باستقدام ما يقارب (210) مليون نسمة إلى عام 2050م من العالم العربي وأفريقيا 0 وبالتالي سيصبح أكثر من ثلثي سكان أوربا من غير البيض 0

ولكن مخاوف ذلك بالنسبة للأوربيين هو انتماء الجنس الأبيض على حساب العناصر الأخرى ، ولكن الأوربيين لم يصرحوا بذلك 0 أما الحركات الصهيونية فنبهت إلى خطورة انتماء الجنس بالنسبة لليهود ، ففي دراسة منشورة لنا في عام 2002م قلنا بأن نسبة اليهود في العالم لا تزيد على 4ر0% ( آل ثاني ، عالم إسلامي ص 71) ؛ وذكرت الأهرام العربي في عددها (369) بأنه يوجد قلق إسرائيلي من انخفاض عدد اليهود في العالم بحيث وصلت نسبتهم الآن بأقل بعشر عن النسبة السابقة ، أي أن نسبتهم تعادل 3ر0% من سكان العالم  0 وبمعنى آخر بأن اليهود بدأوا يعانون من انتماء الجنس اليهودي  0

أما على الجزء الآخر للمحيط الأطلسي فقد فجر صامويل هنتنغتون قنبلته التقليدية ، التي دائماً تتسم بالمخاوف ، فقنبلته الأولى كان في عقد التسعينيات من القرن الماضي تحت مظلة صراع الحضارات ، وفيها حدد أن الإسلام يعتبر العدو الأول للعالم الليبرالي بعد انتهاء الحرب الباردة 0 أما الانفجار الفكري لهنتنغتون في القرن الواحد والعشرين هو مخاوفه من انحسار الجنس الأنغلو بروتستانتي والذي يعتبر نواة نشأة الولايات المتحدة الأمريكية ، وانحسار هذا الجنس الأبيض يعني انهاء حلم الأسطورة الأمريكية  0
فيقول هنتنغتون في (FP) أن الأمة الأمريكية تكونت على يد مستوطني القرن 17 ، 18 الذين كان غالبيتهم من البيض البريطانيين واتباع المذهب البروتستنتي ، ووفرت قيمهم ومؤسساتهم وثقافتهم الأساس للولايات المتحدة 0 إلا أنه بحلول أواخر القرن التاسع عشر تم توسيع الكون الاثني ليشمل الألمان والايرلنديين والسكندنافيين ، كما تمت إعادة تعريف الهوية الدينية للولايات المتحدة الأمريكية بصور أوسع من الديانة البروتستانتينية إلى الديانة المسيحية 0

غالبية الأمريكيين ينظرون إلى العقيدة ، على أنها العنصر الحاسم في هويتهم القومية 0 ولكن العقيدة كانت نتاج الثقافة الأنجلو بروتستانتينية المميزة للمستوطنين المؤسسين 0 وتتضمن العناصر الرئيسية لتلك الثقافة : اللغة الإنجليزية ، والمسيحية ، والالتزام الديني ، والمفاهيم الإنجليزية لحكم القانون ، ومسؤولية الحكام وحقوق الأفراد، والقيم البروتستانتينية المعارضة المتعلقة بالفردية وأخلاقيات العمل ، والإيمان أن لدى البشر القدرة وواجب محاولة إقامة الجنة على الأرض ( المدينة المرتفعة ) 0 ومن هنا نعلق على الجملة الأخيرة لهنتنغتون عندما حاول الجهاد بأن أمريكا تمثل اتلانتس الذي يمثل قمة الخيال الذي وصل إليه الأغريق في فلسفة أفلاطون ، وكان من شروط أفلاطون لاتلانتس هو سيادة الفضيلة  والتعليق على ذلك نتركه للقارئ الكريم0

مخاوف هنتنغتون من الانحسار السكاني للسكان البيض تعتمد على دراسة اصدرتها وكالة الإحصاءات الأمريكية الرسمية توضح مستقبل السكان في أمريكا (الوسط العدد 638) : وتوضح الدراسة بأن مستقبل السكان في الولايات المتحدة الأمريكية سيصل إلى 420 مليون نسمة عام 2050م ، بزيادة تصل إلى 33% عن عام 2000م، فيما ستهبط نسبة الغالبية السكانية من ذوي البشرة البيضاء والبالغة حالياً 70% من جملة سكان الولايات المتحدة إلى ما دون 50% بحلول عام 2050م 0
وإن الجالية الهسبانية ( اللاتينيين الناطقين بالاسبانية ) ستنمو بنسبة 88% ، وستبلغ نسبتهم 25% من جملة سكان الولايات المتحدة الأمريكية ، وذلك يمثل ناقوس الخطر بالنسبة للأنجلو بروتستانت في أمريكا  0

وستصبح الجالية الهسبانية في المرتبة الثانية ، وذلك لأن السود سينتقلون إلى المرتبة الثالثة ، بدلاً من الثانية التي يسيطرون عليها الآن في الأمريكا ، ستبلغ نسبة السود 5ر14% في عام 2050م ، والآسيويين تبلغ نسبتهم 8% 0

ويشير الإحصاء إلى أن نسبة كبار السن ستبلغ 21% من جملة سكان الولايات المتحدة في عام 2050م ، وذلك شبيه بالمؤشر الأوربي الذي ذكرناه سابقاً والذي يشير إلى أن المجتمع الأوربي في عام 2025م ستكون نسبة كبار السن فيه تبلغ 25% من جملة السكان الأوربيين ، ولقد أسمينا ذلك بالمجتمع الذي يمر في مرحلة الشيخوخة ، وسيشاركه ذلك كما ذكر أعلاه المجتمع الأمريكي في عام 2050م 0

مخاوف هنتنغتون هنا لأن معدل الزيادة الطبيعية بالنسبة للبيض الغير لاثينيين تصل 8ر1% سنوياً وذلك يعني معدل التضاعف كل 39 سنة مرة واحدة ، أما معدل التضاعف بالنسبة كل 33 سنة مرة واحدة ، أما بالنسبة للاثنيين سيكون معدل التضاعف كل 23 سنة (FP) 0 وذلك يعني ما بين 2050 و 2000م مرحلة التلاشي التدريجي للسكان البيض الغير اللاثينيين في أمريكا ، ويعود ذلك بسبب طول فترة التضاعف الديموغرافي مقارنةً مع الهسبانك ، وبالتالي سيصبح معظم البيض من كبار السن ، وتدعمهم قاعدة صغيرة من صغار السن مقارنة مع الهسبانك ، وذلك يعني بأن الولايات المتحدة ستصبح لاثينية بحلول عام 2100م 0

ومن هنا يصرح هنتنغتون قائلاً ( الوسط العدد 638) في فترة عام 2050م ( بحلول ذلك العام ستنشأ بلاد مختلفة عما نعرفه الآن ، إذ ستكون ولايات متحدة متنوعة بتركيباتها العرقية والديموغرافية وأكثر دولية في أسسها وطريقة تفكيرها ) 0

انظروا إلى الابداع في التخطيط الاستراتيجي الصهيوني للمحافظة على مكانتهم العالمية 0 فبعد صدور نتائج وكالة الإحصاءات الأمريكية عن الدور المتوقع للجالية الهيسبانية في الولايات المتحدة حذر ما يكل فرويند ( نقلاً عن الوسط العدد 638 ) المساعد السابق لوزير المالية الإسرائيلي قائلاً : إذا أراد اليهود الأمريكيون أن تبقى الولايات المتحدة على تأييدها الأعمى لإسرائيل عليهم تقوية صلات الصداقة مع الجالية اللاثينية0 فالمجتمع الهسباني اللاثيني هو أكبر المجتمعات العرقية في أمريكا تطوراً، فلديه قوة اقتصادية وإعلام ولغة أسبانية خاصة بهما ، وتأثيرهم السياسي يتنامى بصورة سريعة مع مرور الوقت 0

مخاوف هنتنغتون ليس سيادة الجالية اللاثينية في أمريكا فقط ، ولكن مخاوفه أيضاً من تفكك الولايات المتحدة الأمريكية على غرار الاتحاد السوفيتي السابق ، فيقول هنتنغتون : لم تقم أية مجموعة مهاجرة أخرى في الولايات المتحدة بتأكيد ادعاء تاريخي بملكية أراضي أمريكية 0

ولكن المكسيكيين والمكسيك الأمريكيين قادرون على ذلك ويقومون بذلك 0 فقد كانت غالبية أراضي ولايات تكساس ، ونيومكسيكو ، واريزونا ، وكاليفورنيا ، ونيفادا ، ويوتاه جزءا من المكسيك ، إلى أن خسرتها نتيجة حرب الاستقلال المكسيكية في عام 1835/1836م ، والحرب المكسيكية الأمريكية 1846/1848 (FP) 0

أما بالنسبة لجنوب شرق أمريكا فنموذج ميامي اللاتيني ، يمثل رعباً للوحدة في الولايات المتحدة ، فيقول هنتنغتون : إن النمو الاقتصادي لميامي ، الذي قاده المهاجرون الكوبيون الأوائل ، جعل المدينة منطقة جذب للمهاجرين من دول لاتينية وكاريبية أخرى 0 فبحلول عام 2000م كان ثلثا المدينة لاثينيين ، نصف هؤلاء كوبيون أو منحدرون من أصول كوبية (FP) 0

السيطرة اللاتينية على المكسيك جعل الانجلو ساكسونيين والسود ترك مدينة ميامي ، ومن غادر المدينة منهم ما بين عامي 1983 – 1993م ، وصل عددهم إلى 1400 ألف نسمة ، وقد تم التعبير عن هذا الرحيل الهائل في ملصقات السيارات يقول : هل لآخر الأمريكيين الذين يتركون ميامي أن يحضر معه العلم ؟ (FP) 0

طبعاً نحن لا نستغرب أن تتحول الولايات المتحدة إلى دولة لاتينية ، وخاصةً الجنوب الغربي ، والجنوب الشرقي الأمريكي يعتبر إقليمان ذوي غالبية لاثينية (هسبانية) ، فالأمة اللاثينية في الجنوب تشكلت بالفعل ، ولكن الأمر المنتظر هو وصولها إلى مرحلة النضج 0 إذاً بالنسبة للاثينية الأمة موجودة والباقي الدولة ، وذلك على عكس ما حدث لأوربا 0 فالدولة تنشأ أولاً ( كما في فرنسا وإيطاليا وألمانيا ) ثم يليها نشوء الأمة 0

والمثل الحي أمامنا هو نشأة ايطاليا ، فنسبة 4% من الطليان كانوا يتحدثون اللغة الإيطالية حين وحد غاريبالري البلاد ، وأن الفرنسيين لم يشعروا بانتمائهم إلى أمة واحدة سوى في القرن التاسع عشر ، أي بعد قرون طويلة من التطور الرأسمالي والفكري ( الوسط 636 ) 0

إذاً بالنسبة للهاسبانك الذين يشكلون أكثر من 70% من سكان الجنوب الأمريكي الأمة موجودة ، والمتبقي هو الدولة ، ونستطيع أن نستشف من مطالبة اللاثينيين بذلك: فأوزفالدو سرتر رئيس الرابطة الأمريكية الاسبانية لمناهضة التمييز بأنه ليس لدينا مجتمع متجانس ، يقول ديوك أرييل دورفمان أستاذ الأدب في جامعة ديوك دورفمان، هل ستتحدث البلاد لغتين أم واحدة ؟ وجوابه بالطبع هو أن عليها أن تتحدث اثنتين  (FP) 0

واستخدم هنتنغتون نموذج كوبيك الكندي ، فقال هل يصبح الجنوب كوبيك الولايات المتحدة ؟ 0 فالمنطقتان يعيش بهما كاثوليك ثم غزوهم واحتلالهم من قبل شعوب انجلو بروتستانتينية ، ولكن القليل سوى ذلك يجمع بين هاتين المنطقتين 0 فكوبيك تبعد 3000 ميل عن فرنسا ، ولا يحاول عدة مئات الآلاف من الفرنسيين الدخول إلى كيوبيك قانونياً أو بصورة غير قانونية كل عام كما يفعل المكسيكيون 0 وهنا نود أن ننبه بأن الهجرة المكسيكية السنوية بالإضافة إلى الهيسبانك الموجودين أصلاً في جنوب غرب أمريكا ، كل ذلك تلميح كبير من هنتنغتون إمكانية انفصال الجنوب الغربي للولايات المتحدة  0

وفي الختام اذكر نفسي واذكركم بأننا في القرن العشرين وهبنا اللّه سبحانه وتعالى مكرمة الهايدروكاربون الجيولوجية ولم نستغلها ، وفي القرن الواحد والعشرين مكرمة النمو الديموغرافي الهائل ، ولم يبق لنا إلا الإصلاحات في الإدارات الإسلامية لكي يكون لنا دوراً في هذا الكوكب 0

وإلى اللقاء دائماً إن شاء اللّه ،،،